قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السابع والعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السابع والعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السابع والعشرون

حين يفتح الماضي صفحاته من جديد، صفحات لم تغلقها الايام، خيط رفيع يربط بعنف بين الماضي والحاضر والمستقبل، خيط دم يجمع الروح والجسد.

صدمة كلمة حقا قليلة عن ذلك الشعور الذي عصف بقلبه لا يصدق من سابع المستحيلات أن يصدق أن تلك الواقفة امامها بعد كل تلك السنوات هي شهد زوجته، شهد المظلومة الذبيحة، وحسام ذلك الفتي ابنه طفله من صلبه، صوت تحطم قوي جعل الجميع ينظر للخلف حيث يقف حسام وارضا صينية الكاسات التي كان يحملها ينظر لهم عينيه شاخصة مفزوعة، تقدم كالمغيب ناحية والدته وقف أمامها ينظر لها ضائعا للحظات طوال يحرك رأسه نفيا يتمتم بذهول:.

- ايه يا ماما اللي انتي بتقولي دا، انتي تعرفي خالد باشا منين، أنا مش فاهم حاجة، انتي ليه بتقولئ اني ابنه، ما تنطقي يا ماما، أنا ابويا مختار، حسام مختار عادل، ما تفهميني...
صرخ بكلمته الاخيرة لتخفض شهد رأسها أرضا
تحرك رأسها نفيا انسابت دموع عينيها تهمس بتشتت:
- دي الحقيقة يا حسام، عايز تعرف الحكاية كلها أسأل ابوك، واقف قدامك أهو.

رفعت وجهها إليه تنظر له بحدة كارهة غاضبة نافرة عينيها يقدح فيها شرر الانتقام للماضي البعيد شدت على اسنانها تهمس بحدة:.

- ما تقوله يا باشا احكي لابنك ازاي كنت عايز تموته قبل ما يشوف الدنيا، قوله ازاي إنت إنسان معدوم القلب والمشاعر، اتجوزت عيلة صغيرة ولما حملت منك قررت أنك مش عايز تخلف منها ووديتها غصب عنها عشان تسقط اللي في بطنها، لولا اني بوست رجل الدكتور وصعبت عليه كان زمانه نفذ جريمتك، فاكر يا باشا ولا نسيت زي ما نسيت الماضي ورميته من حياتك.

كل كلمة تخرج من فمها كسكين يمزق جزء من قلبه محقة هي حقا محقة كان مسخ ليس ببشر مجرد من المشاعر والأحاسيس، يتذكر كل ما مضي جيدا كشريط عرض سريع يمر أمام عينيه.

Flash back
« حكاية شهد»
في منزل محمود السويسي
يووووووه بقي يا أمي مش هنخلص قولتلك مش هتجوز مش هتنيل: صاح بها خالد بنزق امام سيل إلحاح والدته
لتقترب زينب منه وقفت امامه تقطب جبينها تنظر له محتدة تصيح غاضبة:
- لحد أمتي يا ابن زينب، ما كنتش واحدة زبالة ما تستاهلكش أنا ما كنتش حباها البت دي وأنت اللي صممت عليها عشان شبه لينا.

تهدجت أنفاس خالد غضبا يكور قبضته يشد عليها بعنف ليترك والدته يتجه ناحية أحدي الارائك يلقي بجسده عليها، يخرج سيجار من علبته يشغلها بالقداحة أخذ نفسا قويا يزفره بحدة يغمغم بغيظ:
- بقولك ايه يا أمي من الآخر جواز مش هتجوز، أنا اللي غلطان من الاول كنت بدور على اي مسكن يعوضني على غياب لينا، إنما دلوقتي أنا مش هتجوز غيرها لو استنتها 100 سنة.

اتجهت زينب ناحيته تجذب السيجارة بعنف من يده تطفئها بغيظ في الطبق الزجاجي الصغير تخصرت تصيح بحدة:
- بطل تحرق في صدرك بالقرف دا، افرض لينا رجعت بعد عشرة ولا عشرين سنة، وافرض رجعت متجوزة ومخلفة هتعمل ايه هتطلقها من جوزها، فوق يا خالد لينا مش هترجع، أنت عارف جاسم بيكرهك قد ايه وما صدق بعدك عن لينا.

قبض على علبه سجائره بعنف ليسحقها بين أصابعه بقوة، هب واقفا يتنفس بعنف وكلام والدته يخترق جسده كالرصاص مؤلم قاسي عنيف، شد على شعره بقبضة يده يغمغم بحدة:
- بردوا لاء يا أمي أنا مش هتجوز غير لينا، مش مستعد لصدمة تانية من نسخة كمان زي رحاب
اقتربت زينب منه تقف امامه ابتسمت باتساع تتمتم بثقة:
- المرة دي أنا اللي هنقيلك العروسة، نقاوة أمك بقي مش هتختارلك اي كلام.

حرك رأسه نفيا بعنق ليتجه ناحية باب المنزل يغمغم حانقا:
- ما فيش فايدة أنا غلطان اني جيت اساسا سلام
ما كاد يقترب من الباب سمع صوت اصطدام قوي، نظر خلفه سريعا بذعر ليجد والدته ارضا فاقدة للوعي هرول ناحيتها يصرخ باسمها ليحملها بين ذراعيه يضعها في غرفتها يتصل بالطبيب، الذي حضر بعد قليل، وقف ينتظره في الخارج اعصابه تغلي فوق صفيح ساخن إلى أن خرج الطبيب من غرفة والدته ليهرع اليه يسأله فزعا:.

- خير يا دكتور طمني عليها هي كويسة
حرك الطبيب رأسه نفيا ينظر له بأسي ليتمتم بصوت حزين ملكوم:
- لا يا بنتي مش كويسة والدتك كانت شبه هتدخل في ازمة قلبية بس الحمد لله لحقناها، والدتك مش حمل اي زعل اي كان، وياريت تهتموا بالاكل والادوية كويس عن اذنك.

أوصل خالد الطبيب إلى باب المنزل ليبعث احدي الخادمات تحضر الدواء صعد سريعا إلى غرفة والدته يفتح بابها بهدوء ليدخل إلى الغرفة، يمشي برفق حتى لا يزعجها جلس جوارها على الفراش يمسك بكف يدها وهي نائمة يلثمه بقبلة صغيرة يتمتم نادما:
- حقك عليا يا أمي ما كانش قصدي ازعلك قومي انتي بس وأنا هعملك كل اللي انتي عيزاه.

في تلك الاثناء بدأت زينب تتأوه بصوت خفيض تفتح عينيها شيئا فشئ بصعوبة ليقع عينيها على وجه خالد المبتسم ينظر لها نادما نظرت له بعتاب صامت للحظات لتشيح بوجهها بعيدا
لتسمعه يهمس سريعا بندم:
- أنا آسف يا امي حقك عليا، وحياتي عندك ما تزعلي مني، اللي انتي عيزاه كله أنا هعمله
عايزاني اتجوز، حاضر هتجوز واختاري العروسة اللي تعجبك.

لفت وجهها تنظر لوجه ابنها رأت بوضوح الألم والحسرة تقتل لمعة عينيه بلعت غصتها تقنع نفسها أن ذلك هو الصالح له لتهمس بشحوب:
- يعني خلاص هتسمع كلامي وتتجوز
اغمض عينيه يشد عليها ألما ليحرك رأسه إيجابا بخفة قلبه يرفض وعقله يرفض حكم قلبه، همس بصوت خفيض متألم:
- موافق يا أمي، بس لا شبكة ولا خطوبة كتب كتاب وفرح على طول، ويكون في أسيوط عند عمي.

عقدت زينب ما بين حاجبها لا تفهم سر رغبة والدها من ذلك الأمر ليتحرك رأسها ايجابا بلا تردد، اخيرا واقف على اي حال
مر اسبوع على تلك المناقشة بينهم، كان يجلس في مكتبه يكتب فقط اسمها على صفحات الأوراق امامه يتمني بحرقة قلبه الملتاع أن تتخرج من عقله وتتجسد امام عينيه ولو لدقائق تروي فيهم عطش قلبه لها
أخرجه من شروده صوت دقات هاتفه، نظر للمتصل والدته فتح الخط يضع الهاتف على أذنه ليجدها تبادر قائلة بسعادة:.

- لقيتلك حتة عروسة قمر يا خالد تقول للقمر قوم وأنا اقعد مكانك وبنت كويسة وطيبة و...
قاطعها وصلة مدحها المتواصلة بتلك العروس يغمغم مبتسما بألم لم تراه:
- خلاص يا أمي اي واحدة والسلام، حددوا ميعاد تسافروا فيه عشان اخد اجازة واجيلكوا
سمع صوت شهقة والدته المذهولة لتمتم بعدها بتعجب:
- طب تعالا حتى شوفها يمكن ما تعجبكش
غص فؤاده ألما لن ترضيه أي اثني طالما ليست هي، تنهد يزفر لهيب حرقة قلبه يغمغم بلامبلاة:.

- كفاية أنها عجبتك بلغوني بس الميعاد امتي عشان اجي، سلام
ودع والدته يغلق معها الخط ليخفي وجهه بين كفيه يشد على شعره بعنف قلبه يرفض يصرخ يثور، قلبه في كفة ووالدته المريضة في كفة اخري لن يكون ابدا سببا في إيذائها يكفي ما قاله له الطبيب.

مرت أيام طويلة كئيبة عليه هو خاصة تتجسد له في كل لحظة من لحظات عشقها مؤلم مرض ينهشه بلا رحمة، ( نهاية الشهر ) رسالة وصلته من والدته أنهم سيسافروا جميعا مع عروسه المنتظر نهاية الشهر الحالي اي بعد أيام فقط، لم يهتم حتى لمعرفة شكل العروس، سنها، اسمها، اي معلومة عنها لم تكن لتهمه ابدا...

شريط سريع يمر أمام عينيه وصل لاسيوط قبل الزفاف بعدة ساعات قليلة عتاب وصراخ من والدته أن ما فعله لا يصح، مر وقت قصير ليجد حاله يرتدي جلباب ابيض يضع فوق كتفيه عباءة من الصوف الاسود لا يعرف حتى متي ارتداهم، يجلس على يمين اريكة في المنتصف المأذون رجل عرف مصادفة أنه خال العروس وحقا لم يهتم، وضع يده في يد ذلك الرجل لتتبدل الصورة امام عينيه، جاسم أمامه يضع يده فئ يده يردد كلاهما خلف المأذون، لتتوسع ابتسامته يهتف بتلهف:.

- قبلت زواج موكلتك لينا جاسم الشريف
اجفل من شروده السعيد على صوت المأذون يقول متعجبا:
- لينا مين يا ابني شهد، شهد محروس
اختفت ابتسامته، انطفأت لمعة عينيه يردد بصوت باهت خامل ما قاله المأذون، وقع على عقد زواجه من أخري بأحرف حزينة متألمة، انتهي فقام متجها إلى أعلي خلفه صوت أعيره نارية تتصاعد صوت جده يهتف فيه:
- ما تنساش المنديل يا ولدي.

حرك رأسه ايجابا ينظر له بخواء، اتجه ناحية غرفته يفتح بابها ليجد على الفراش جسد صغير يوليه ظهره بفستان زفاف، ابتسم ساخرا وقلبه يعتصر ألما يا ليتها هي، اقترب يجلس جوارها لتبتعد عنه قليلا خجلة ابتسم متهكما يرفع « طرحة » الزفاف من فوق وجهها ليقطب جبينه متعجبا ينظر لقسمات تلك الفتاة جميلة لا ينكر بشرتها سمراء عينيها خضراء قسماتها بريئة إلى حد انها تشبه الاطفال، هب واقفا امامها يسألها مذهولا:.

- انتي عندك كام سنة
رفعت وجهها له تنظر لعينيه تبتسم خجلة لتمتم بصوت خفيض:
- 17
توسعت عينيه فزعا ليهرول من الغرفة كمن رأي وحشا فيها نزل يركض لأسفل لينظر الجميع له بذهول اقترب من والدته يصيح فيها غاضبا:
-17 سنة، جيبالي طفلة صغيرة وتقوليلي نقتلك عروسة، انتي ازاي حتى تعملي كدة دي عيلة صغيرة
كان غاضبا ثائرا مغتاظا ولكن ما اشعله أكثر نظرة البرود واللامبلاة التي ارتسمت على وجه والدته ابتسمت تتمتم بهدوء:.

- وفيها ايه يعني ما أنا متجوزة وأنا قدها لا عيب ولا حرام، وبعدين البنت كويسة ومحترمة وأهلها ناس غلابة
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي خالد ينظر لوالدته يتمتم باشمئزاز:
- فاشترتيها مش كدة، الجوازة دي لا يمكن تتم
شهقت زينب مصدومة تنظر له بذهول ليسمع صوت جده يصيح من خلفه بحزم:
- أنت ادبيت ولا ايه يا ابن محمود، العيلة كلها مستنية البشارة وأنت تقولئ الجوازة لا يمكن تتم.

وبما انها باتت مسرحية هزلية بنكهة الكوميديا السوداء تدخلت عمته أيضا تحاول إقناعه بتلك الجريمة:
- فيها ايه بس يا ولدي اصغر منيها وبيتجوزوا ويخلفوا كمان، اخزي يا حبيبي واطلع لعروستك
نظر لهم جميعا باشمئزاز ليتجه ناحية أحد المقاعد جلس عليه يضع ساقا فوق اخري يتمتم ساخرا:
- مش طالع انا حابب القعدة هنا، ومش هشارك في الجريمة دي، واعلي ما في خيلكوا اركبوا.

صمت قاتم حلق فوق رؤوس الجميع لينظر مندور لحفيده بحدة غاضبا من تصرفه الارعن كما يري، ليدق بعصاه الأرض يصيح غاضبا:
- بقي اكدة يا خالد، ومالوا خليك، رسمية وزينب خدوا معاكوا اتنين من نسوان العيلة ونخليها دخلة بلدي
توسعت عينيه فزعا ليهب سريعا وقف امام السلم يمنعهم من الصعود يصيح فيهم غاضبا خاصة حين وجد عمته بصحبة امه يشرعان في الذهاب:.

- انتوووا اييييه مش بني آدمين دي عيلة صغيرة، عمري ما هسامحك يا أمي على اللي عملتيه دا، دي مراتي ما حدش هيقربلها، أنا هجبلكوا اللي انتوا عايزينه
تركهم واتجه سريعا لأعلي يدخل غرفته يغلق الباب عليه من الداخل يبحث عنها ليجدها تقف في نهاية الغرفة تنظر له تبكي ترتجف خوفا ليكور قبضته يشد عليها يحاول إسكات صوت ضميره ولو قليلا اتجه ناحيته يغمغم بكلمة واحدة:
- أنا آسف يا شهد.

في نهاية تلك الليلة الطويلة بعدما اعطاهم ما ارادوا، تسطح على الفراش يحاول النوم قلبه يتفتت ألما خاصة وهو يسمع صوت بكائها الضعيف الخائف، مذنب شارك معهم في جريمة ذبح براءة تلك الصغيرة بلع لعابه الجاف ينظر لها نادما للحظات ليغمض عينيه يجبر نفسه على أن يغط في نوم عميق، لحظات ربما ساعات لتلتفت تلك النائمة جواره تنظر لقسمات وجهه وهو نائم بعينيها الحمراء الباكية نظرة غريبة مزيج من الخوف والعتاب والحب، تحبه وهو لا يعلم تراقبه منذ سنوات، تعشقه بقلب طفلة بريئة.

في صباح اليوم التالي سافر خالد لمؤمرية عاجلة لم تره العروس سوي بضع ساعات يوم زفافهم وسافر، شهر كامل وهي تمكث في منزل والدته تمنعها زينب حتى من الخروج للحديقة متحججة بأنها اوامر زوجها...

إلى أن جاء ذلك اليوم كانت في غرفته تجلس على فراشه تمسك صورته تنظر لها مبتسمة تتحسس بأصابعها ملامح وجهه لا تصدق حقا أنها تزوجته، لتجفل على صوت زغاريد عالية قادمة من أسفل وصوت زينب ترحب به بسعادة وصوته هو، أصفر وجهها تسارعت دقات قلبها تكاد تخترق صدرها وضعت صورته من يدها سريعا أرادت الهبوط لأسفل ولكنها حقا لم تجرؤ، لم تمر سوي دقائق وشعرت بحركة باب الغرفة نظرت سريعا ناحية الباب لتجده يدخل من الباب، اضطربت دقاتها خوفا تنظر له تبتسم متوترة لتقف سريعا جوار الفراش تهمس بصوت متلعثم خجول:.

- حححمد لله على السسلامة
ابتسم في جفاء يحرك رأسه إيجابا ليتوجه إلى دولاب ملابسه يفتحه لتتوسع عينيه غضبا حين رأي ما حل به، تقدم ناحيتها يقبض على رسغ يدها يصيح فيها غاضبا:
- كان في هدوم محطوطة جنب هدومي راحت فين
اصفر وجهها ذعرا بلعت لعابها تحاول السيطرة على دقات قلبها الهادرة تهمس مرتجفة:
- دي هدوم بنات، أنا شيلتها وحطتها في كيس تحت السرير.

دفعها بعيدا عنه بعنف لينحني أسفل الفراش يجذب تلك الحقيبة، أخرج الملابس منها يقربها من انفه يشمها بعنف كأنها جرعة هيروين فاخرة، وضع الملابس مكانه ليلتقط ثيابه متجها ناحية المرحاض، التفت لها قبلا يهتف بحدة:
- الهدوم دي ما تتشالش من مكانها تاني فاهمة.

حركت رأسها إيجابا سريعا بخوف تنساب دموعها رغما عنها ليزفر حانقا يدخل إلى المرحاض، تقدمت هي ناحية دولاب ملابسه تلتقط قطعة من تلك الملابس تنظر لها مغتاظة غاضبة تنساب دموعها تهمس في نفسها كارهة:
- طبعا دي هدومك لينا، بكرهك يا لينا وهفضل اكرهك طول عمري
مسحت دموعها سريعا حين سمعت دقات على باب الغرفة لتتقدم تفتح الباب طلت زينب تحمل صينية طعام كبيرة عليها ما لذ وطاب نظرت لشهد تبتسم باتساع:.

- الاكل، اكليه كويس بقاله شهر مسافر هتلاقي معدته نشفت من قلة الاكل
حركت رأسها إيجابا سريعا تأخذ من زينب صينية الطعام دخلت تضعها على الفراش تجلس على حافته تبكي في صمت من المؤلم أن تحب رجل قلبه مع أخري، خرج خالد بعد دقائق نظر ناحيتها ليجدها تبكي في صمت زفر حانقا يتمتم في نفسه بسخط:
- متجوز طفلة، ربنا يسامحك يا أمي
تقدم يجلس جوارها على الفراش بالقرب منها حمحم يضع يده على كتفها يتمتم بترفق:.

- ما تزعليش ما كنش قصدي ازعقلك
رفعت وجهها تنظر له تبتسم في عشق تحرك رأسها إيجابا تغمغم بخفوت ناعم:
- أنا ما اقدرش ازعل منك، الاكل بقالك كتير مسافر اكيد وحشك اكل البيت.

ابتسم بلا حياة ابتسامة جافة باردة ليقرب صينية الطعام منه يلتقط منها بعض اللقيمات وهي تجلس تراقبه مبتسمة بحب، دون وعي بحركة غير محسوبة مدت يدها تبسطها على جانب وجهه الأيسر تتحسه بنعومة تبتسم بحالمية ليلتوي جانب فمه بابتسامة ساخرة يتمتم متهكما:
- ايه يا شهد وحشتك، دا انتي ما شوفتنيش غير ساعتين ما لحقتيش تحبيني يعني عشان اوحشك.

سحبت يدها سريعا تنظر له متوترة مرتبكة ليبتسم ساخرا دون أن ينطق بحرف عاد يكمل طعامه اردف دون أن ينظر لها حتى:
- جهزي شنطة هدومك عشان هنمشي نروح شقتنا.

ابتمست بتوسع وكلمة ( شقتنا ) تدق في قلبها قبل أذنيها، منزل خاص منفرد لهما هما فقط دون تحكمات والدته شئ أكثر من رائع قامت سريعا تضب حقائبها ترغب في الهروب من ذلك السجن بأي شكل كان، ولكنها حقا خرجت من زنانة لاخري شقة خالد لم تكن سوي سجن حصين مخيف بارد، يغلق الباب عليها من الخارج بالمفتاح، لا هاتف لا خروج لا يسمح لها حتى بالحديث مع الجيران، تقضي يومها بأكمله تشاهد التلفاز حتى يأتي ليلا يتناول طعامه وينام.

كانت كالعادة تنتظره على الاريكة المقابلة لباب شقتهم تشاهد التلفاز انتفضت حين انفتح الباب بعنف ليدخل خالد نظرت ناحيته متعجبة خاصة حين رأته يترنح في مشيته غير متزن يتحرك بتوهان يحمل علبة كعكعة كبيرة في يده، وضع العلبة على الطاولة لينظر لها يبتسم باتساع ليقترب منها يعانقها بقوة انكمشت ملامحها مشمئزة من رائحة الخمر المنبعثة منه لتجده يتمتم بثقل:.

- كل سنة وانتي طيبة يا حبيبتى، عيد ميلاد سعيد يا لوليتا، وحشتيني اوي كل دا بعد، تعالي تعالي نطفي الشمع
جذب يدها خلفه رغما عنها يتجه بها ناحية قالب الكعكعة الكبير لتنظر له بألم تجسد بدموع حارقة تغطي وجهها ليخرج قداحته يشعل تلك الشموع، يغني بصوت ثقيل مبعثر:.

- يلا حلا بلا بلا حيوا ابو الفصااااد هيييه هيكون عيد ميلاده الليلة أسعد الاعياد، فليحي ابو الفصاد، هيييه، اخيرا رجعتي لحضنئ يا لوليتا، جبتلك الكيكة بالشوكولاتة زي ما بتحبيها
قطع جزء صغير يقربه من فمها لتغيم حدقتيها ألما تنظر له بجزع ليضع القطعة فئ فمها يبتسم باتساع، يعانقها بقوة يشتم رائحتها يقول بثمالة:
- رحيتك اتغيرت ليه، اوعي تغيري البرفن بتاعك، وحشتيني وحشتيني اوي.

انتحبت وعلا بكائها تحاول ابعاده عنها لتشهق فزعة حين حملها بين ذراعيه يتحرك بها ناحية غرفة النوم لتنتفض بين يديه تحاول تحرير نفسها تصيح باكية:
- فوق يا خالد أنا مش لينا، أنا شهد مش لينا
ألقاها على الفراش ينظر لها يبتسم باتساع يتمتم ضاحكا غائبا عن العقل:
- هششش انتي بتقولي كدة عشان تمشي زي كل مرة، المرة دي مش هسمحلك تسبيني ابداااااااااااا.

وكانت تلك. هي آخر كلمات سمعتها منه، حين حل الصباح وبدأ يستفيق ويفتح عينيه شيئا فشئ، يحرك رأسه للجانبين وقعت عينيه عليها تجلس بعيدا تضم ركبتيها لصدرها تبكي تضع يدها على فمها، مد يده يفرك رأسه صداع قاتل يفتك به، اعتدل بصعوبة ينظر لها متعجبا يحاول تذكر ما حدث، آخر ما يتذكره حقا هو أن بالأمس عيد ميلاد لينا، وأنه ظل يحتسي الشراب بكثرة ولا يتذكر اي شئ بعد ذلك، نظر لحالتها الخائفة، مد يده يلتقط عباءتها المنزلية الممزقة لم يكن من الصعب تخمين ما فعل، التفت برأسه لها لا يجد ما يقوله مد يده يسمك بكف يدها حاولت نزعه ليشدد عليه نظر لمقلتيها الخائفة يهمس بصوت خفيض يقطر ندما:.

- أنا آسف أنا ما كنتش في وعيي والله يا شهد، أوعدك أن دي هتبقئ آخر مرة اشرب فيها بالمنظر دا، حقك عليا
قالها ليخرج من الغرفة دون أن يسمع ردها حتى، ليمر اسبوعين بعدهما الحياة بينهما فاترة لا روح فيها تراقبه ليل نهار تنظر له خلسة بين كل لحظة واخري وهو حقا لا يبالي
في صباح يوم جمعة يجلس أمام التلفاز يتناول كوب قهوته حين رآها جاءت من العدم تقف امامه تحجب عنه الرؤية ليزفر يتمتم حانقا:
- اوعي يا شهد مش شايف.

وضعت علبة من البلاستيك صغيرة الحجم امامه على الطاولة لتتنحي جانبا، بينما قطب هو جبينه ينظر لتلك العلبة يقطب جبينه ينظر لها مستفهما خطين من اللون الأحمر ماذا يعنيان هو حقا لا يعرف تمتم مستفهما:
- ايه دا يا لينا، قصدي يا شهد
زفرت حانقة يناديها باسم لينا مئة مرة في اليوم نظرت له تبتسم ساخرة:
- دا اختبار حمل، مبروك هتبقي بابا.

توسعت عينيه فزعا ليهب واقفا يمسك بذلك الشئ ينظر له للحظات مذهولا مما تقول شلت الصدمة حواسه ينقل انظارها بين ذلك الشئ في يده وهي!، تحمل طفل منه لالالا لن يسمح بذلك لينا فقط من لها أن تحمل بطفل منه، قبض على ذراعها يسألها مذهولا:
- انتي متأكدة
ابتسمت متألمة من ضغط يده على ذراعها لتتمتم متهكمة:
- عندك الاختبار اهو اتأكد يا بابا
ساد غضب أعمي عينيه لتسود حدقتيه، غرز أصابعه في ذراعها يهزها بعنف يصرخ غاضبا:.

- دا على جثتي اللي في بطنك دا لازم ينزل، انتي فاهمة...
شهقت مذعورة مما يقول لتحرك رأسها نفيا تبكي بعنف تضع يديها على بطنها كأنها تحمي رضيعها من بطش والده تهمس متوسلة:
- لا يا خالد ابوس ايدك دا ابنك، ازاي عايز تموت ابنك...
القاها على المقعد خلفها مال ناحيتها يتمتم متوعدا:
- ابني مش ابني اللي في بطنك هينزل يعني هينزل، ودا آخر اللي عندي.

اعتدل واقفا يلتقط هاتفه استطاعت أن تعرف من مكالمته القصيرة أنه يتفق مع طبيب يعرفه على إجراء عملية إجهاض لها، اغلق الخط ينظر لها يبتسم متهكما ليتجه للداخل احضر جلباب اسود وحجاب من نفس اللون يلبسها إياهم قصرا، بينما هي تصيح فيه تتوسله باكية:
- لا يا خالد، والنبي يا خالد عشان خاطري ما تموش ابني، وحياة لينا عندك، حرام عليك أنت مش بني آدم.

لم يحرك قلبه كلمة واحدة مما قالت اركبها رغما عنها سيارته طوال الطريق تبكي تتوسله وهو يغض الطرف عنها كأنها غير موجودة من الأساس يفكر في شئ واحد أن عادت لينا ووجدت لديه طفل سترفض الزواج منه، وهو لن يسمح بذلك ابدا، وصل لعيادة الطبيب في منطقة شبه فارغة لينزل منها يجذبها رغما عنها إلى غرفة الطبيب القاها بداخلها ينظر للطبيب يتمتم ببرود قاسي:
- شوف شغلك وزي ما اتفقنا هديك اللي تطلبه.

تركها وخرج من الغرفة لتميل على قدمي الطبيب تقبلها تصيح باكية:
- ابوس رجلك، بلاش ابني، ربنا يخليلك عيالك
رفعت جسدها تمسك بيد الطبيب تقبلها تنتحب تتوسله باكية:
- ابوس ايدك، وحياة اغلي ما عندك ما تاخده مني...
رق قلب الطبيب العجوز لمشهد تلك الفتاة الباكية ليساعدها تقف نظر لها مشفقا على حالها يتمتم بصوت خفيض حذر:
- طب اهدي، وحياة ولادي ما هاخده منك، بس ساعديني نقنعه ان فعلا الموضوع تم.

حركت رأسها إيجابا سريعا تنظر له ممتنة تبتسم، تبكي أخذتها الممرضة تلبسها الثوب الخاص بالجراحة لتتسطح على الفراش، بدأ الطبيب يجهز الغرفة حولها كأنه اجري العملية بالفعل، مرت ساعة وهي تجلس تنظر حولها ليخبرها الطبيب بما عليها فعله تتصنع انها تفق من المخدر، لتجده جوارها ينظر لها بخواء بلا اي مشاعر بكت بحرقة صحيح انها لم تفقد الجنين ولكن فقدت قلبها للتو نظرت له بكره تتمتم كارهة:.

- طلقني مش عملت اللي إنت عايزه طلقني وابعد عني
تنهد يرفع كتفيه بلامبلاة ليقم من مكانه وقف بالقرب منها ينظر لها للحظات ليتمتم بهدوء قاسي:
- انتي طالق
ومن ثم غادر، رحل ولم يعد
Back.

تهاوي على الأريكة ذكرياته تمر أمام عينيه يراها جيدا يشعر بالخزي والاشمئزاز لما كان عليه، اخفي وجهه بين كفيه يغمض عينيه ألما ليشعر بيد تقبض على تلابيب ملابسه بقوة نظر للفاعل ليجد حسام يقبض على ملابسه ينظر له بكره يصيح فيه غاضبا:
- أنتي احقر بني آدم على وجه الارض!

توسعت عيني زيدان غضبا على ما قاله حسام للتو كاد أن يقترب منه ليشير له خالد بيده ليبقي مكانه، دقيقة اثنتات ثلاثة لتصدح صوت شهقة شهد الفزعة على ابنها حين هوي بعنف وقسوة يد خالد على وجه حسام، صفعة قاسية مدوية، توسعت عيني حسام في صدمة على إثرها ليقبض خالد بيسراه فقط على تلابيب ملابس حسام جذبه ناحيته ينظر لعينيه بقوة ابتسم يتمتم اسمه بتلذذ:.

- حسام خالد محمود السويسي، ايدك لو اترفعت تاني هقطعالهت ماشي يا ابن خالد!

يصفعه، بعد كل ما فعله بعد جرائمه التي لا تحصي في حق والدته يصفعه بتلك البساطة، ألم قوي يحرق فكه ولكنه لا يضاهي ذرة ألم واحدة من التي تحرق روحه
رفع وجهه بنظر له غاضبا عينيه كجمر نار متقد على مرجل قلبه المشتعل، تنفس بعنف يبتعد عنه خطوة للخلف ينظر له كارها ساخطا حاقدا، كور قبضته يشد عليها شد على اسنانه يردف بهسيس غاضب:.

- أنا مش ابنك ولا عمري هكون انت فاهم، كنت حاجة كبيرة اوي في عينيا، أنت مش متخيل أنا شايفك ازاي دلوقتي لولا بس أنك خال زيدان أنا كنت دفعتك تمن القلم دا غالي
قالها ليتركهم مندفعا إلى غرفته يصفع الباب خلفه بعنف وقوة.

صمت يطغي على المكان زيدان يقف مذهولا لا يصدق ما يحدث يشعر بأنه داخل أحد الأفلام الهندية، لا يجد ما يقوله فقط ينظر إلى خاله حزينا متألما، عقد جبينه يعقد الخيوط القديمة لتنفك العقد الجديدة حين رأي حسام لأول مرة.

كان كالعادة امام قبر والده يبكي تنساب دموعه كطفل صغير يشتاق لبعض الأمان، قام يقرأ الفاتحة لأبيه ليخرج من المقابر، يمشي بين طرقاتها ليلا الحزن يفتك قلبه، حين سمع صوت بكاء خفيض يأتي بالقرب منه، فضوله اخذه ناحية الصوت المكان مظلم ولكن أعمدة الإنارة أرته من يقف عند أحد القبور خاله! يقف هناك لما وما الذي جاء به إلى هنا، قرأ الاسم المكتوب على الشاهد ليقطب جبينه متعجبا يردد مع نفسه: ( مختار عادل )، مين دا وخالي يعرفه منين.

اقترب منه تلقائيا يسأله بدهشة:
- خالي إنت بتعمل ايه هنا
التفت الشاب بوجهه ليقطب زيدان جبينه متعجبا في دهشة اذهلته ملامح خاله بنسبة اكثر من تسعين في المئة تختلف عيني الشاب السوداء، ذقنه الحليق ملامحه الشابة، فغر فاهه ينظر لذلك الشاب حين بادر يسأله:
- خالك مين حضرتك.

اقترب زيدان اكثر يقف أمام ذلك الشاب بالقرب منه للغاية، ينظر لملامح الشاب أمامه مذهولا، ليحرك رأسه نفيا يغمض عينيه ويفتحهما بلع لعابه يسأله مذهولا:
- أنت مين، يا نهار ابيض على الشبه لولا اني عارف اني خالي ما عندوش غير بنت واحدة كنت قولت أنك ابنه
ابتسم الشاب ابتسامة باهتة ليمد يده يود مصافحة الواقف امامه يقول ببساطة:
- أنا حسام مختار، دكتور نسا وأنت.

لم يفق من صدمته حتى الان مد يده يضعها في كف الشاب يغمغم مذهولا:
- زيدان الحديدي، ظابط شرطة، أنت متأكد أنك ما تعرفش خالد السويسي
ضحك حسام بخفة يحرك رأسه نفيا يقول بمرح باهت:
- لا يا سيدي ما اعرفش خالد السويسي، أنا حسام مختار عادل، والدي كان بيشتغل مدرس في السعودية ورجعنا مصر من حوالي سنتين، والدي توفي بعد رجوعنا على طول، وعلى فكرة يخلق من الشبة اربعين، اي معلومات تانية يا حضرة الظابط.

حرك زيدان رأسه نفيا ليتركه ويخرج من المكان بأكمله، عقله يعجز عن تفسير ذلك الشبه العجيب، ترك سيارته على الجانب الآخر، اتجه يسير شاردا يفكر في كل شئ لينا حبيبته العصية، خاله ذلك الشاب والشبه الغريب بينه وبين خاله، اجفل على صوت زامور شاحنة التفت جواره ليجد شاحنة نقل كبيرة تتحرك مسرعة على وشك الاصطدام به، ربما الموت هو خير خيار لينتهي من حيرته يشتاق لابيه ويرغب فقط في أن يكون جواره اغمض عينيه يستقبل الموت برحابة، ليشعر فجاءة بيد تجذبه للخلف بعنف ليسقط على ظهره ارضا بعيدا عن الشاحنة، فتح عينيه ينظر جواره ليجد ذلك الشاب ملقي جواره ارضا يلهث بعنف نظر له يصيح حانقا:.

- الله يخربيتك أنت مجنون، كنت هتموت يا اهبل
ظل الاثنان ينظران لبعضهما البعض فترة قصيرة لينفجرا في الضحك هما حتى لا يعرفا لما يضحكان ولكن كل منهما يشعر بحاجة ماسة لتلك الضحكات، مد زيدان يده يود مصافحته تلك المرة كاصدقاء:
- زيدان
توسعت ابتسامة حسام ليصافحه سريعا بحرارة يقول مبتهجا:
- حسام.

عاد من ذكراه القصيرة ينظر لخاله لم يكن ابدا يظن في ابعد أفكاره أن حسام سيكون ابن خاله وشقيق زوجته يال السخرية حسام لم يطق لينا يوما وها هو اليوم اخاها!
نظر لخاله يبلع لعابه الجاف، ليقم من مكانه متجها إلى غرفة حسام...
ليبقي شهد وخالد معا كل منهما صامت متجهم، نظر خالد لشهد الجالسة على مقعد بعيد عنه لحظات صمت ليردف بعدها:
- ليه، ليه خبيتي عليا أن عندي إبن ازاي تكتبيه باسم راجل تاني.

توجهت شهد بمقلتيها لذلك الجالس امامها لتبتسم ساخرة تقول في تهكم:
- تصدق فعلا أنا غلطانة ازاي اعمل كدة، ايه القسوة دي، احرم ابن من ابوة كان عايز يقتله قبل ما يشوف النور قمة الجحود
ابتلع غصته القاسية يضم قبضته يحرص يجبر فمه على الصمت ليسمع ضحكاتها المريرة ضحكات متألمة ذبيحة تلاها صوتها المسفوح ألما:.

- أبشع شعور في الدنيا أن تحب واحد ما عندوش قلب، أنا حبيتك، حبيتك حتى من قبل ما اتجوز، طبعا أنت ما تعرفش وما يفرقش معاك أنا كنت ساكنة في نفس الشارع اللي كنت ساكنين فيه زمااان كنت بشوفك كل يوم وأنت ماسك ايد لينا، بتخرجها بتفسحها كتير اتمنيت اني اكون مكانها اتعلقت حبيت ضحكتك وحنيتك اللي دايما بشوفك بتغرقها بيها، بس يا ريت الامنية دي ما تحققت ما هو اصل أنا مش لينا.

انا شهد البنت الغلبانة اللي ابوها مات وخالها باعها لجوازه غنية مهرها كتير
شهد اللي حبت واتجرحت.

العيلة الصغيرة اللي عندها 17 سنة اللي جوزها اغتصبها يوم فرحها وحماتها حبستها في بيتها أحسن تخرج وتخون ابنها، من سجن لسجن اترميت، لما عرفت اني حامل فرحت رغم كل اللي حصل وكل اللي عملته فرحت، تعرف يعني ايه ابقي في حضن جوزي وهو بيتكلم معايا على اني واحدة تانية، قولت يمكن يفرح لما يعرف أنه هيكون ليه ابن، بس كنت غلطانة، أنت ما بتشوفش غير نفسك ولينا وبس انما شهد تدوس عليها، شهد تدبحها، شهد مالهاش لازمة، ودلوقتي جاي تقولي ازاي اخبي عليك، ازاي اكتبه باسم راجل تاني، كنت عايزني اقولك عشان تموته، زي ما كنت عايز تموته وهو لسه ما شافش الدنيا...

وصمتت أخرجت كل ما يجيش في قلبها اعباء سنوات وسنوات ارتكزت فوق سطح قلبها المريض المتعب، انسابت دموعها في الأخير تنعي مآساتها ببكاء صامت، رفع وجهه اليها يغمض عينيه ألما يشعر بالاشمئزاز من نفسه، قام من مكانه يتجه اليها بخطي بطيئة جذب مقعد يجلس امامها اسند مرفقيه لفخذيه حين جلس لتبتسم ساخرة، حسام دائما ما يفعل تلك الحركة مين يجلس من شابه أباه فما ظلم كما يقولون الا يكفي أنه تقريبا نسخة تشبه في الملامح يتصرف الطباع ذاته دون أن يتطبع بها، تنهد خالد ألما ينظر لوجهه ليهمس بصوت مثقل قاتم:.

- أنا مش هبرر اللي عملتله يا شهد ما فيش اي حاجة تبرر بشاعة اللي تعرضتيله بسببي، بس صدقيني أنا اتغيرت وندمت دورت عليكي كتير عشان بس اطلب منك تسامحيني، ربنا خد حقك مني تالت ومتلت يا شهد بنتي الصغيرة ماتت وهي عندها 7 سنين، مراتي شالت الرحم وما بقتش تقدر تخلف، دي بس حاجات بسيطة من اللي حصلت، أنا اهو قدامك يا شهد مستعد اعمل اي حاجة عشان تسامحيني، اطلبي اي مبلغ مليون عشرة، لو عايزة ثروتي كلها أنا مستعد اتنازلك عنها، اي طلب كان أنا مستعد احققه.

أطالت النظر لقسمات وجهه وسيم لم تتغير ملامحه وكأن العمر يزيده تألقا لا ينقص منه شيئا، ولكن نيران الغضب والانتقام التي اشعلتها رؤيته من جديد، تريد فقط الثأر لما فعله بها قديما تثأر لشهد القديمة من شهد الآن
ركزت مقلتيها لمقلتيه تنظر لجوف عينيه العميق بئر لا نهاية له بلعت لعابها الجاف تتمتم بجفاء:
- عايزني اسامحك فعلا.

حرك رأسه ايجابا بهدوء ينظر لها قلبه مرتاب ولكنه بالطبع لن يظهر، لحظات صمت طووووويلة ليسمعها تقول بعد ذلك في هدوء اصابه بالصدمة:
- اتجوزني!

في داخل غرفة حسام يجلس على فراشه يخفي وجهه بين كفيه لا يعرف أيفرح يحزن يبكي، كذبة حياته باكملها ليست سوي كذبة
مصدوم مذهول مما عرف لتوه الآن فقط فهم سر تشتت مشاعره لما يشعر بأنه شخص وآخر مختار والده الذي رباه كان شخص مسالم هادئ سلبي في بعض الأحيان كان دائما يزرع فيه قيم لم تعجبه ابدا
- حسام ما تتخانقش مع حد
- حسام لو حد اتخانق معاك ما تضربوش
- حسام ما تعملش مشاكل من اي نوع.

- حسام خليك دايما جنب الحيط
- حتى لو حقك يا حسام سيبه
قيم يحاول والده زرعها في أرض ثائرة حانقة لا تهدئ لا تترك ثأرها، كرامتها فوق الجميع، كان الشئ ونقيضه في آن واحد.

وقف متجها إلى مرآة غرفته ينظر لملامح وجهه لتسود عينيه غضبا، يرغب في تشويه قسمات وجهه، بينما يجلس زيدان على احد المقاعد لا يجد ما يقوله هو إلى الآن على اتم يقين أنه نام وإن ما يحدث ليس سوي حلم غريب من نوعه، بلع لعابه يبتسم متوترا ليردف قائلا بمرح باهت:
- شوفت يا عم اديك طلعت اخو البومة، يعني أنت كمان بومة.

مزحة سخيفة هو يعلم ولكنه حاول فقط أن يخفف عن صديقه، اجفل على صوت الباب يفتح ليدخل خالد إلى الغرفة اشار بعينيه لزيدان ليخرج الأخير يغلق الباب خلفه، تقدم خالد إلى الداخل خطوة واحدة ليلتف حسام له يصرخ غاضبا:
- انت ايه اللي دخلك اوضتي، هتعيشلي بقي في دور الأب اطلع برة، برة
رماه خالد بنظرة ساخرة متهكمة ليتجه ناحية فراش حسام يجلس عليه ربت بيده على الفراش جواره ينظر للواقف بهدوء مغمغما بتهكم:.

- تعالا اقعد يا حسام، من ساعتين كنت بقولك لو كنت ابني كنت قتلتك وتطلع ابني فعلا، سخرية القدر أن محب البوم يطلع ابني
لم تتغير تعابير وجه حسام الكارهة الباردة فقط عقد ذراعيه امام وجهه يتمتم ساخرا:
- هو إنت ما بتسمعش ولا السن بقي امشي اطلع برة اوضتي وبيتي وحياتي، يا ريتني ما قابلتك يا أخي.

تجهم وجه خالد اشتعلت مقلتيه غضبا هو نفسه لا يصدق أن اصبح أب للمرة الثانية والاولي والثالثة مشاعره ثائرة حائرة مضطربة، ذلك الشاب اليافع الواقف امامه هو ابنه من صلبه يسهل للاعمي أن يلاحظ الشبه الكبير بينهما، ليضحك في نفسه ساخرا الشبه ليس في الشكل فقط، ذلك الاحمق سليط اللسان تماما كوالده، اسودت حدقتي خالد غضبا ليزمجر غاضبا:
- ولاااا اتزرع اقعد لقوم ارزع دماغك في الحيطة.

حسنا مهما علا زئير الشبل لا يعلو فوق زمجرة الأسد، انتفض قلب حسام مرتبكا لا كذب في قول خائفا من صوت خالد الغاضب اقترب من الفراش ينظر لخالد ساحظا ليجلس على حافته بعيدا عنه يشيح بوجهه للاتجاه الآخر، ليبتسم خالد شبح ابتسامة دقات قلبه تتقافز فرحا ولده طفله ابنه يجلس جواره، اقترب منه يجلس بالقرب منه مد يده يقبض على فك حسام يدير وجه الأخير اليه ينظر لقسمات وجهه يبتسم شبح ابتسامة صغيرة يغمغم:.

- شايف آخره الكوارع، أنت كنت باصص في اللقمة اللي ما كلنهاش صح، أنت ليه عينيك سودا مش عينيا ولا عينين شهد، غريبة دي.

ابتسم حسام ساخرا ليبعد يد خالد عن فكه قام متجها ناحية المرآة، يفتح الدرج الاول ليخرج علبة صغيرة بيضاء فتحها ليمد يده إلى عينيه ينزع عداسته الطبية اللاصقة يضعها في حافظتها الخاصة التفت إليه لتتوسع عيني خالد في ذهول، عينيه البنية لمعتها الخاصة قتامتها وهو غاضب نسخة هي الاصل تماما تتجسد في حدقتي ابنه، اجفل على صوت حسام يغمغم ساخرا:.

- دي عدسات طبية اصلي نظري ضعيف وما بحبش النضرات، اتأكدت اني ابنك ولا كنت شاكك عادي متوقعها منك
هب خالد واقفا يتجه ناحية حسام قبض على تلابيب ملابسه يهزه بعنف يصيح فيه بحدة غاضبا:
- بص يالا واسمعني أنا عارف انك مصدوم ومش مصدق حقك، وأنا ما اعترضتش، انما تطول لسانك اقطعهولك، هخليك اول دكتور أخرس في مصر، برضاك غصب عنك ورجلك فوق رقبتك أنا أبوك، ماشي يا دكتور يا حليوة يالي بتحط ليسنز أنت.

رماه حسام بنظرة غاضبة ساخطة كارهة التفت خالد ليغادر ليسمع صوت حسام يصيح من خلفه:
- أنا عمري ما هسامحك.
التفت خالد برأسه إليه يبتسم في تهكم دس يديه في جيبي سرواله يردف:
- أنت فعلا ابن أبوك...
في تلك الاثناء دخلت شهد إلى الغرفة تنظر له مستفهمة تبتسم في هدوء وكأن شيئا لم يحدث من الأساس اقتربت من خالد تقول مبتسمة:
- خالد أنا سخنت الأكل، يلا قبل ما يبرد يلا حسام، حصلني أنا وأبوك.

امسكت يد خالد تخرج معه لخارج الغرفة بينما توسعت عيني حسام في ذهول لا يصدق ما حدث توا.

حسنا حسنا حسنا هي الآن حقا على وشك الانفجار، أرادت اغظته ليتنهي بها الحال تكاد تنفجر من الغيظ، مساعدته الشخصية ( سكرتيرته ) الخاصة بأمر مباشر من ( على ) نائب رئيس مجلس إدارة الشركة تم نقلها لمكتب عمر تكاد تنصهر من الغيظ من معاملته معها يكاد يطلبها كل ثانية تقريبا لأجل اي سبب تافة لا أهمية له، اجفلت على صوت دقات هاتف مكتبها زفرت حانقة ترفع السماعة تهتف باصفرار من بين اسنانها ؛.

- خير يا مستر عمر
سمعت صوته المستفز يقول بغرور مصححا:
- عمر بيه أنا المدير التنفيذي ورئيس المهندسين في الشركة، تعالي مكتبي ضروري
ستصرخ في وجهه تشتمه بافظع الالفاظ وتغلق الخط في وجهه وتستقيل من العمل، اخذت نفسا عميقا تحاول أن تهدئ ولو قليلا لتقول على مضض:
- حاضر يا عمر بيه.

اغلقت الخط تلتقط دفتر الملاحظات الخاص بها لتتجه إلى غرفة عمر، دقت الباب لتدخل تغلق الباب خلفها تقدمت من مكتبه تقف بالقرب منه ترسم ابتسامة صفراء على شفتيها تغمغم بهدوء زائف:
- خير يا عمر بيه
نظر إلى ساعة يده الرقمية الحديثة يدقق النظر اليها يقول باهتمام شديد:
- أنا الساعة معايا خمسة و14 دقيقة، مش عارفة حاسسها مقدمة الساعة معاكي كام بالظبط.

توسعت عينيها في صدمة يأتي بها ليسألها على الساعة شدت على أسنانها تحاول الا تقتله:
- لا يا افندم ساعة حضرتك أي اوامر تانية
حرك رأسه نفيا يبتسم باتساع يغمغم ببراءة حمل وديع:
- لا يا مدام تالا اتفضلي على مكتبك
عقدت ذراعيها أمام صدرها تتمتم حانقة بجملة غبية ارادت بها فقط اغاظته:
- آنسة لو سمحت
رفع حاجبه الايسر ينظر لها متهكما لترتفع ضحكاته الساخرة ينظر لها يغمغم متهكما:.

- دا على أساس أن سارة وسارين دول ولاد خالتك صح
اصفر وجهها حرجا من سخريته اللاذعة، تنظر له حاقدة لتتوه للحظات في ضحكاته ترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيها لا تنكر انها قلبها اشتاق لذلك الأحمق وافعاله تلك، قاطع تلك اللحظات صوت دقات على باب الغرفة حمحم يستعيد جديته ليسمح للطارق بالدخول تقدم شادي أحد موظفي فرع الهندسة في الشركة ابتسم ابتسامة واسعة بلهاء ما أن راي تالا ليقترب يصافحها بحرارة يغمغم بابتهاج:.

- مدام تالا ازيك عاملة ايه، أنا استغربت بردوا لما ما لقتكيش برة
ابتسمت مجاملة لتلمح بطرف عينيها وجه عمر يكاد ينفجر من الغيظ لتتسع ابتسامتها، بينما حمحم عمر بحدة يصدم كفه بسطح المكتب يهتف حانقا:
- خير يا أستاذ شادي في ايه...
حمحم شادي حرجا ليقترب من مكتب عمر يضع أمامه ملف به بضع الأوراق يقول بجدية:
- حضرتك دا ملف مساحات الفندق والرسم المبدئي للهيكل الخارجي.

حرك عمر رأسه إيجابا يأخذ منه الملف رفع وجهه له يبتسم باصفرار مردفا:
- مش ادتهولي خلاص اتفضل على مكتبك
توترت ابتسامة شادي حرجا ليتجه لخارج الغرفة مر جوار تالا ليقول مبتسما:
- اشوفك بعد دقايق في البريك
قالها ليغادر مغلقا الباب خلفه بينما كور عمر قبضته يشد عليها ينظر لتالا غاضبا بينما تبتسم الأخيرة في مكر انثي وجدت نقطة ضعف ذلك المتعجرف الجالس امامها، نظرت لساعة يدها تبتسم تتمتم ببراءة:.

- عن إذن حضرتك ميعاد البريك
التفتت لتغادر لتسمع صوت عمر يصيح غاضبا:
- مع استاذ شادي مش كدة، أنا وشادي غنينا معا
التفتت تالا له تبتسم في خبث لتتمتم بمكر يقطر من بين شفتيها:
- أظن حضرتك كمالدير التنفيذي للشركة ورئيس قسم المهندسين مالكش دعوة ببريك الموظفين عن اذنك
قالتها لتغادر تغلق الباب خلفها لتسود عينيه غضبا يقسم أن يعيدها اليه مهما كلفه الأمر.

في غرفة أدهم في منزل عمها تقف أمام مرآه زينتها تلتف حول نفسها تنظر لفستانها الاسود القصير ذو الحمالات الرفيعة للغاية ينحت قوام جسدها برقة متناهية يتماشي مع شعرها الاشقر القصير عينيها الزيتونية تلتف حول نفسها تبتسم بسعادة، لتسمع صوت الباب يفتح التفت خلفها لتجد أدهم يقف عند باب الغرفة يبدو متعبا للغاية يحمل سترة حلته على ذراعه، تجمدت عينيه عليها ترفض تماما أن تنزاح عن صورة هي الفتنة بعينها، فتنة صحت من جديد لتبعثر ثوابته، ماذا تفعل في غرفته بذلك الثوب اقتربت منه تتحرك كالفراشة تلتف حول نفسها لتتباطئ الصورة امام عينيها كحركة غزالة امام أسد ضاري يشتاق لالتهامها، سمع أنغام صوتها تزقزق بسعادة:.

- أدهم ايه رايك في الفستان أنت عارف أنا بحب أخد رأيك اول حد في هدومي
بلع لعابه الجاف كالصحراء يحاول إبعاد مقلتيه عنها يتجنب النظر اليها بأي شكل يغمغم متوترا:
- كويس حلو اوي يا مايا...
تخضرت تضع يسراها على خصرها تتمتم حانقة كطفلة:
- أنت ما بتبصليش اصلا يا أدهم، في ايه، ايه رايك في الفستان.

كور قبضته يشد عليها، عقله يدور في محور افكار غير بريئة بالمرة جسده ينصهر في مرجل عشق تلك الفاتنة تجاوزها يود اغراق رأسه تحت الماء عله يطفئ نيران قلبه المتآججة، ليشعر بها تقبض على ذراعه باظافرها تصيح سريعا على عجل:
- استني يا أدهم رايح فين.

التفت وما كان قد كان اغتصب عذرية شفتيها نبيذه المحرم الذي طالما حلم به تلك المرة لم يكن حلما حقيقة والحقيقة الأكبر أنه كسر روابط الأخوة بينهما اجفل على من نشوته المحرمة حين شعر بها تتهاوي بين يديه فاقدة للوعي توسعت عينيه فزعا ينظر لجسدها الساكن بين ذراعيه يتمتم فزعا:
- نهار اسود أنا عملت ايه، مايا!

في غرفتها، تجلس على فراشها تمسك هاتفها تتصفح صور لفساتين الزفاف تبتسم بين حين وآخر هذا جيد، هذا أفضل، هذا يعجبها بكل المقاييس، تحتار في الاختيار بينهم، زوجته في نهاية الأسبوع ستصبح زوجته، لو أخبرها أحد تلك المعلومة قبلا لانهارت من الضحك، ولكنها الآن ستصبح زوجته، سعيدة ربما، مضطربة حائرة قلقة ولكنها سعيدة قطبت جبينها حين وجدت هاتفها يدق برقم غريب ليس مدون لديها فتحت الخط تجيب:
- ايوة مين معايا.

صمت قصير من الطرف الآخر لتسمع صوته الذي كادت على وشك نسيانه يغمغم في هدوء ما قبل العاصفة:
- ايوة يا لينا، أنا معاذ!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة