قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع والعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع والعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع والعشرون

وقفت أمام مرآه زينتها تخلع اقراط أذنيها الزرقاء اللامعة ابتسامة صغيرة تشق شفتيها تنظر لانعاكسها في المرآه مبتسمة ضحكت بخفة تفك رباط شعرها لينساب بنعومة كالشوكولاتة الذائبة، تنهدت حائرة تنظر لانعاكس عينيها في المرآة، بين ذراعيه تشعر بالأمان حضنه القاسي بعد عقد قرانهما كان كنسيم هواء عليل اثلج قلبها، صحيح انها وقفت متجمدة بين يديه ولكن لا تنكر شعورها بالأمان افلتت منها ضحكة خافتة حين تذكرت جملة والدها.

« زيدان شيل رجلك من على رجلي يا حبيبي عيب يا بابا!».

حين إذا توسعت عينيها تنظر له مذهولة ماذا تفعل قدميه فوق قدمي والدها لحظات وبدأت تفهم الامر ذلك المنحرف كان يود التحرش بها الآن فهمت لما همس لها والدها أن تربع ساقيها على المقعد دون أن تظهر، حدجته بنظرة غاضبة حانقة، لتجد ذلك المدعو حسام صديقه يغص في طعامه يسعل بعنف، بينما زيدان مصفر الوجه لا يقدر على رفع عينيه من مكانهما، فما مكان من ذلك الحسام الا ان هب سريعا يجذب زيدان من ذراعه يجذبه للخارج ابتسم يقول ببلاهة:.

- طب يا جماعة تصبحوا على خير الوقت اتأخر وأنا أمي عملالي جوافة بلبن الحق اشربها وأنام
جذب زيدان حرفيا كانا يفران من الغرفة تحت أنظار والدها الحارقة...
حسام صديق زيدان ذلك الغريب المرح الشبه في وجهه مخيف، سألت والدتها عنه لتقول لها ببساطة:
- يخلق من الشبة أربعين يا حبيبتي.

بالفعل تتذكر حين خرجت من الجامعة في أحد الأيام رأت شابا يشبه جاسر بشكل كبير حتى أنها راكضت ناحيته تعانقه كما تعودت أن تفعل، ليبعدها الرجل عنه يصيح فيها بأنها مجنونة او سارقة تود سرقة أمواله انتهي الموقف بتدخل حراس والدها وفض المشكلة
تنهد تجلس على فراشه تهمس بحيرة:
- على رأي ماما يخلق من الشبه أربعين.

قطبت جبينها غاضبة حين تذكرت صديقتها سهيلة، التقطت هاتفها تطلب رقمها لحظات تسمع صوت رنين هاتفها ما أن فتح الخط صرخت فيها بحدة غاضبة:
- تصدقي يا سهيلة إن أنا هقطع علاقتي بيكي نهائي، هروح ألبس واجي يا لينا وما شوفتش خلقتك، دي الصحوبية يا سهيلة
صمت طااال من ناحية صديقتها قاطعه صوت شهقة باكية من طرف سهيلة توسعت عيني لينا فزعا على اثرها لتنتفض واقفة تسألها بذعر:.

- سهيلة انتي بتعيطي، خلاص والله مش زعلانة منك، في ايه يا سهيلة ما تقلقنيش عليكي
وكانت القشة التي قطمت ظهر البعير انفجرت سهيلة باكية عبر الهاتف، جل ما سمعته من صديقتها من بين شهقاتها العنيفة:
- الحقيني يا لينا أنا في مصيبة.

على جانب آخر في شقة تالا، وقفت خلف الباب المغلق تستند بظهرها عليه تكور قبضتها تغرز اظافرها في لحم كفها تكاد تدميها من الغضب لا يحق له، لا يحق له بعد أن تركهم، بعد أن باعهم بأرخص الأثمان أن يأتي بكل بساطة يأخذ ابنتيها منها، رفعت وجهها تنظر لسارين الواقفة أمامها ليغص قلبها، نظرات عمر تتجسد في مقلتيها كأنها تري زوجها أمامها، طالعتها سارين بنظرات باردة لبضع لحظات قبل أن يعلو صوت هاتفها برسالة من رقم والدها محتواها.

« سارين حبيبتي أنا حطتلك الشنط جنب بابا الشقة، تصبحي على خير يا حبيبتي خلي بالك من نفسك ».

ابتسمت تقرأ محتويات الرسالة لتعاود النظر لتالا، اختفت ابتسامتها تتجه إلى باب منزلهم المغلق لتبتعد تالا عنه تنظر قلقة إلى ما تفعل ابنتها، هل ستتركها وتذهب لوالدها، تسارعت دقات قلبها حين فتحت سارين باب المنزل لتجدها تلتقط الكثير من الحقائب الموضوعة جوار الحائط، حملتهم متجهه إلى الداخل دون أن توجه لوالدتها نظرة واحدة عادت لصمتها من جديد لتنساب دموع تالا ألما راقبت ابنتها وهي ترحل تنظر لها بقسوة نفس نظرات عمر، تلك عينيه التي ورثتها ابنته وضعت يدها على فمها تكبح صوت بكائها، انتفضت حين علا صوت هاتفها اقتربت تفتح الخط تهمس بصوت متحشرج باكي:.

-ايوة يا خالد...
سمعت صوت شقيق زوجها الكبير يتحدث برزانة اعتادتها منه:
- أنا لاقيتلك شغل، هعدي عليكي بكرة ونروح، تمام
حركت رأسها إيجابا ربما العمل هو الوسيلة الوحيدة لتخرج مما هي فيه حمحمت تجلي صوتها لتهمس بهدوء:
- تمام، شكرا يا خالد.

ودعها يغلق معها الخط لتترك هاتفها اتجهت ناحية غرفة ابنتها لتجد الكثير والكثير من الملابس تغطي فراش ابنتها وسارين تقف أمام المرآه تنظر لانعاكسها بأحد ملابسها الجديدة تبتسم سعيدة، لتدهل تالا إلى الغرفة جلست على الفراش جوار تلك الملابس امتعضت ملامحها تهمس حانقة:
سارين انتي لما قولتيلي أنا خارجة مع بابا قولتلك لاء تعالي، ممكن اعرف ما سمعتيش كلامي ليه.

اختفت ابتسامة سارين لتلفت لوالدتها عقدت ذراعيها أمام صدرها تهتف في هدوء:
- وأنا قولت لحضرتك أن أنا خارجة مع بابا مش مع راجل غريب
هبت تالا واقفة تنظر لابنتها شرزا لتتجه ناحيتها قبضت على ذراعي ابنتها المعقدوين بكفيها تصيح غاضبة:
- بابا، بابا اللي طول عمره ما بيسألش فيكوا، بابا اللي عمره ما راح مع واحدة فيكوا في اي مشوار، بابا اللي باعنا بالرخيص أوي.

لم تتغير تعابير وجه سارين جل ما فعلت أنها انتزعت ذراعيها من كفي والدتها عادت للخلف خطوة تنظر لعيني والدتها تقول في هدوء صادم:
- عشان حضرتك طول الوقت منعاه، رافضة أنه يتدخل في اي حاجة تخصنا، كل الهدوم اللي قدامك دي ذوق بابا، شوفتي ذوقه حلو إزاي، النهاردة بجد حسيت يعني إيه فرحة، لو حضرتك ما كنتيش منعتيه من الأول ما كانش كل دا حصل، بابا مش غلطان لوحده، عن إذنك هروح أذاكر مع سارة.

قالتها لتغادر في هدوء تام تاركة خلفها عيني والدتها التي اتسعت في صدمة لا تصدق أن ابنتها تقول ذلك الكلام تهاوت على فراش ابنتها تنظر لقطع الملابس بغيظ شدت على أسنانها تهمس متوعدة:
- مش هسمحلك تاخدهم مني يا عمر، مش هسمحلك ابداا.

أنهت مكالمتها القصيرة مع صديقتها لترتمي بجسدها على الفراش تحدق في سقف حجرتها شاردة تفكر خائفة على صديقتها الوحيدة لن تسمح بحدوث ذلك ابداا ستخبر والدها وهو سيقوم بحل تلك المشكلة دون اي اضرار لصديقتها المقربة، قطبت جبينها قلقا ترفع رأسها قليلا حين وصل إلى اسماعها صوت حركة خفيفة قادمة من شرفة غرفتها المطلة على الحديقة بلعت لعابها لتهب من فراشها تتجه بخطي حذرة تمشي على أطراف أصابعها تجاه الشرفة دخلتها تنظر حولها هنا وهناك لتشهق بصوت مكتوم حين شعرت بأحدهم يلف ذراعه حول خصرها ويده الاخري انتفض فؤادها فزعا تلوت بين يديه بعنف تحاول الصراخ بصوت مكتوم قلبها كان على وشك التوقف من الخوف لتهدأ تماما حين سمعته يهمس لها بعشق:.

- اهدي يا لينا أنا زيدان..
هدأت حركتها بين يديه هدأت دقاتها المذعورة لتجده يبتعد عنها وقبل أن تقدم على النطق بحرف جذب يدها للداخل يغلف الشرفة خلفه، ابتعدت بقدر كافي تنظر له متوترة قلقة، لم تعتد على قربه بالقدر الكافي ليصبح في غرفتها لما آتي، بتلك الطريقة، في ذلك الوقت، بلعت لعابها متوترة حين رأته يجلس على طرف فراشها يربت على الجزء الفارغ جواره ينظر لها مبتسما لتسمع صوته يهمس بشغف:.

- تعالي يا حبيبتي ما تخافيش مني
بتوتر ظاهر تقدمت تجلس جواره بعيدة بقدر كافي عنه اتسعت عينيها فزعا تشهق ذعرا حين شعرت به يجلس ملتصقا بها حاولت القيام ليمسك يدها سريعا التفت له تنظر له بأعين جاحظة فزعة، ليمد هو يده يعيد خصلتها الثائرة خلف أذنها يهمس لها:.

- بلاش البصة دي بتموتني، ما تخافيش مني أنا وعدتك اني مش هأذيكي أنا بس مش مصدق نفسي أنك اخيرا بقيتي مراتي، ابوكي من غيرته عليكي أنا عارف ما خلنيش اشبع من فرحتي بيكي فقولت لازم اشوفك.

هدأت ارتجافة حدقتيها تتدفق مضختها الخاصة بعنف ليس خوفا او فزعا بل شعور رائع كلماته كموج هادئ يحرك مشاعرها، أطالت النظر لوجهه لأول مرة تنظر لزيدان بتلك النظرة تطالع قسماته عن ملامح وجهه وسيمة بشكل يعجز عن التغاضي عنه يكفي خصلات شعره البنية عينيه الزرقاء، رغبة غريبة لا تعرف لما تسربت إليها ترغب في عناق زيدان، قلبها يرغب وبشدة في طي صفحة معاذ للأبد والبدء من جديد بين ذراعي زوجها العاشق، لن تدع عقبة الماضي تقف في طريقها وعدها بحياته الا يؤذيها لم تفكر في اي شئ وهي تلقي بنفسها بين ذراعي زيدان تخبئ رأسها في صدره لتتوسع عينيه في ذهول للحظات جمدت الصدمة جسده بالكامل، ليسرع بضمها لذراعيه لن يضيع تلك الفرصة ابدااا، لينا تأتي لاحضانه بملئ ارادتها حدث يكتبه التاريخ، حرك يمناه على طول شعرها واليسري يضمها لها بها بقوة، زوجته حبيبته عشقه الأول والأخير بين ذراعيه، كيف يسيطر على زمام مشاعره وهي بين يديه القي حسابات العقل والمنطق وهو يدفعها ناحية الفراش وهو معها، تنصل عقله من العقل نفسه لا يرغب في اي في تلك اللحظة سوي بها حتى لو انتهت حياته بعد ذلك، كان على وشك أن تصبح زوجته قولا وفعلا ولكن دقات باب غرفتها ايقظهما من تلك الدوامة الغريبة التي جذبتها قبله، توسعت عينيها ذعرا تنظر لحالتها، لتدفعه بعيدا ابتعدت عنه تجذب الغطاء تحاول تغطيه ما يظهر من جسدها، تنظر له بذهول عينيها متسعتين من الصدمة لا تصدق أنها استسلمت لزيدان!، لولا دقات الباب لكان أكمل ما يفعل وهي لم تكن لتعترض بينما زيدان يحاول الا ينظر اليها خوفا من أن يري نظرة خوف او نفور في عينيها أحمق ولكنه أحمق عاشق التقط قميصه يرتديه يعدل هيئته جيدا، بلع لعابه يود قول شيئا ليسمع صوت باب الغرفة انفتح وصوت شهقة مصدومة يعرف صاحبتها، نظر سريعا للصوت ليجد لينا زوجة خاله تقف بالقرب منهم تنظر لهما في صدمة عينيها على وشك الخروج من مكانها تضع يدها على فمها، حركت رأسها نفيا ازاحت يدها تهمس لهما في ذهول:.

- ايه اللي انتوا عملينه دا وقعتكوا سودا، دا لو خالد اللي كان دخل كان ضربكوا بالنار
نظرت لابنتها لتجدها تنظر ارضا في خزي بينما زيدان لا يقدر على النظر إليها، لتبتسم ساخرة اشارت لزيدان تردف متهكمة:
- تربية خالد السويسي
اشارت لابنتها تكمل:
- وبنته، الحمد لله اني قولت لخالد خليك وأنا هروح اشوف لينا
قام زيدان متجها تاحيتها امسك بيديها يهمس في حذر:
- ماما صدقيني ااا، ما حصلش حاجة، أنا.

سحبت لينا يدها من يد زيدان تنظر له حانقة لتمتم في حدة:
- أنت ايه يا زيدان، إنت عارف خالد بيثق فيك قد إيه، صح ولا لاء وأنت بكل بساطة بتلف من الشباك، هي آه مراتك بس لسه ما بقتش في بيتك، شهور وأنا قاعدة في بيت عم محمود الله يرحمه وبابا مسافر بس خالد كان قد الأمانة وما فكرش ابدا يخون ثقة لا والدي ولا والده.

اخفض رأسه يشعر بالخزي مما فعل وكاد يفعل أحمق انجرف خلف مشاعره دون اي حساب تنهد في ألم ينظر لزوجته الصامتة ليعاود النظر لزوجة خاله يهمس في خزي:
- أنا آسف واوعدك اني هكون قد الأمانة، بس ارجوكي ما تقوليش لخالي، أنا مش خايف منه أنا خايف على زعله.

امتعضت ملامح لينا ضيقا منه وشفقة عليه، تعرف بحيرته، عشقه للينا من جهة واحترامه وتقديره لخالد من جهة، حركت رأسها إيجابا ليبتسم لها ممتنا، قبل جبينها ليتحرك بخفة يهبط من الشرفة راقبته لينا قلقة وهو يهبط لأسفل لتبتسم تتمتم ضاحكة:
- خليفة الفهد بصحيح نفس حركات خالك المجنونة.

أخفت ابتسامتها تعقد جبينها في حدة اتجهت لابنتها جلست جوارها على الفراش تربع ساعديها تنظر لها في حزم، لتبلع الصغيرة لعابها قلقا من نظرات والدتها، حمد لله أنه لم يكن والدها من دخل، الغريب في الأمر انها لم تشعر بالخوف من زيدان، أليس هو من حاول الاعتداء عليها قديما ولكن يد التي كانت تحتضنها تعزف على اوتار قلبها تختلف كل الاختلاف عن تلك اليد الآثمة التي حاولت اغتيال براءتها، اجفلت على صوت والدتها تعاتبها بحدة:.

- ممكن افهم بقي ايه حصل زيدان حاول يغتصبك، هدوءك ما بيقولش كدة
بلعت لعابها تحرك رأسها نفيا بعنف تهمس لوالدتها بارتباك:
- لاء، ممم، مش عارفة
ادمعت عينيها يليها انهيار دموعها لتلقي بنفسها بين ذراعي والدتها تبكي تخرج ما كل ما يجيش في قلبها:.

- مش عارفة يا ماما أنا مش عارفة، لسه بفكر في معاذ قلبي ما قدرش ينساه بالسرعة دي، وزيدان مش عارفة ايه بيحصلي ما بقتش اخاف منه، اقولك الحقيقة أنا اصلا ما كنتش بخاف منه كنت بحاول اوهم نفسي قبلكوا بكدة، زيدان ما حاولش يغتصبني أنا اللي اترميت في حضنه، أنا آسفة.

تنهدت لينا حزينة على حال ابنتها لترفع يديها تعانقها بحنو تربت على خصلات شعرها الطويل، تشعر بذلك الصراع الحاد الذي يدور داخلها، ابقتها بين أحضانها تربت على رأسها فقط دون كلام لدقائق طويلة لتهمس لها في حنو:.

- شوية شوية وقلبك هيخرج معاذ براه خالص، لما تفتكري أنه باع حبك، زيدان بيحبك بس اللي حصل دا ما يتكررش تاني يا لينا انتي مش رخيصة هو آه جوزك بس انتي لسه في بيت بابكي، لسه ما عملناش فرح كبير، لسه ما اشهرناش يا لينا...
حركت رأسها إيجابا لتبعدها لينا تمسح دموع ابنتها برفق، قبلت جبينها تقول مبتسمة:
- يلا يا حبيبتي غيري هدومك ونامي.

قامت لينا إلى غرفتها تفكر شاردة حائرة، اقتربت تفتح مقبض الباب لتجده ينفتح من الداخل ظهر خالد ابتسمت متوترة ما أن رأته ليبادر هو قائلا:
- ايه يا لينا كل دا عند البنت أنا كنت لسه جايلك
تنهد تحمد الله أنه لم يأتي، افسح لها المجال لتدلف إلى الغرفة وهو خلفها اغلق الباب ينظر إليها لتقترب منه تقول بابتسامة كاذبة:
- ابدا يا حبيبي كنا بنرغي شوية، قولي اجبلك العشا.

رفع حاجبه الايسر ينظر لها متهكما ليعقد ساعديه أمام صدره يتمتم ساخرا:
- واللي لسه واكله تحت، اللي واخد عقلك يا قمر
بلعت لعابه متوترة لما لا يجاريها فقط لما يجب أن تعش مع جهاز ردار يلتقط أدق الاشياء، ابتسمت ابتسامة مهتزة مرتبكة لتقول في مرح زائف:
- ايوة صح معلش فرحتي بلوليتا خلاص كبرت وبقت عروسة واتجوزت ملغباطاني.

اختفت الابتسامة من على وجه خالد لتري للحظات الحزن يسكن مقلتيه، تركها متجها ناحية الشرفة يقف فيها يتنفس الهواء القادم من الخارج بعنف عله يثلج نيران قلبه، لتقطب جبينها متعجبة من ردة فعله الغريبة، اقتربت من الشرفة تعانقه تضع رأسها على ظهره تلف ذراعيها حول بطنه تهمس له بحنو:
- مالك يا حبيبي اتضايقت ليه فجاءة
سمعت صوت زفرته الحادة لتسمعه يهمس حزينا:.

- حاسس أن لينا راحت مني، انتي عارفة اني ماليش في الدنيا غيرك انتي وهي مش سهل انها تتجوز وتبعد
التف لها ليصبح رأسها على صدره بينما يضم هو جسدها بين ذراعيه يكمل بهمس متألم حزين:
- مش سهل افتح اوضتها ما القيهاش، ما تستنيش وأنا جاي من الشغل عشان تاخد الشوكولاتة، مش سهل يا لينا والله ما سهل عليا.

ادمعت عينيها ترفع وجهها تنظر له تبتسم باكية لتشب على أطراف أصابعها قبلت وجنته تلف ذراعيها حول عنقه تهمس له برفق:
- بس هتبقي سعيدة، زيدان هيساعدها تكسر حاجز خوفها من الناس، هتعيش حياة طبيعي، مين قال انها هتمشي، بص أنا عندي فكرة لما يرجعوا من شهر العسل وتخلص من جلسات علاجها تقنع زيدان أنه يجي يعيش هنا هو ولينا وهو مش هيقولك لاء
قطب جبينه غاضبا ليحرك رأسه نفيا بعنف يتمتم غاضبا:.

- لاء طبعا، بقي أنا ابقي قاعد عادي وعارف أن الواد دا في اوضة بنتي دا أنا أقتله، هي تخلص جلسات علاجها وترجع بيتها وهو يبقي يجي يشوفها جمعة وسبت وساعة ويمشي
توسعت عيني لينا في ذهول للحظات قبل أن تنفجر ضاحكة على ما يقول خالد هو خالد لن يتغير ابدااا، نظرت له بعمق تترقب لحظة تحوله من حال لآخر كما يفعل دائما لتجده يقبل جبينها يتمتم ناعسا:
- تصبحئ على خير يا حبيبتي، أنا هنام عشان تعبان اليوم كان طويل اوي.

تركها متجها ناحية الفراش القي بجسده لينام بعد دقائق بينما تقف هي مكانها متجمدة من الصدمة حين ظنت انها فهمت تقلبات مزاجه فاجئها من جديد، توجهت لفراشها اقتربت منه تندث بين ذراعيه، ركزت مقلتيها على وجهه لتبتسم عاشقة لا تعرف إلى متي ستظل تسقط في عشق ذلك الرجل كل يوم لحظة دقيقة ساعة، تقع في عشقه من جديد كأنها لا تزال تلك المراهقة التي عشقت ابن جارهم تنهدت بحرارة تهمس بوله:.

- بحبك يا لودي، بحبك أوي، ربنا يخليك ليا وما يحرمني منك ابدااا، عمري ما هقدر انسي اللحظة اللي قالولي فيها أنك مت، بعد الشر عليك، كان إحساس بشع اوي يا رب ما يتعاد تاني
كانت تبكي دون تشعر لتجفل على يده تتحرك على وجهها تمسح دموعها، نظرت له سريعا لتجده ينظر لها يبتسم كعادته، مال يقبل جبينها يهمس لها:
- بحبك يا روح فؤادي، اوعي تعيطي اللي حصل زمان انسيه يا لينا عدي وقت طويل اوي.

حركت رأسها نفيا بعنف تدفن رأسها في عنقه تبكي بعنف تتمتم من بين شهقاتها:
- حاولت صدقني، ما تعرفش شعوري وقتها كان عامل ازاي مهما اوصفلك مش هيجي واحد في المية من وجعي ومحمد بيقولي وهو منهار البقاء لله يا لينا، شدي حيلك خالد بطل مات شهيد
ابتسم متألما تلك الحادثة لن تنساها بتلك السهولة لا يعرف ماذا يفعل ليخفف عنها موجة حزنها تلك، فقط يحرك يده على شعرها قبل جبينها يهمس له عبثا:.

- احكيلك حدوة الشاطر خالد والعيوطة لينا
ضحكة صغيرة شقت دموعها، ليبدأ في سرد حكايته الخاصة.

في صباح اليوم التالي كان لا يزال الوقت باكرا للغاية الساعة لم تتجاوز السادسة، كانت هي تجلس في الحديقة على أحد المقاعد تنظر للفراغ تبكي في صمت عشر سنوات من عمرها ضاعوا هباءا منثورا، مع زوج اناني قاسي لا يحب سوي نفسه، يتفنن في انتقادها وتجريحها وهي فقط تصمت لأجل حبها له ولكن ما تشعر به الآن هو الكره الخالص كره له ولقلبها الذي أحبه ولسنوات عمرها الضائعة في حبه الواهم، هي فقط خائفة من أن تكره اطفالها لأنهم منه...

بينما على صعيد بالقرب من فيلا كانت سيارة حمزة التي يقودها أدهم تشق الطريق لمنزل عمه، مايا تجلس بالخلص تأخذ لنفسها العديد من الصور بوضع « السلفي » أدهم يقود بنصف عقل والنصف الآخر بتابع كل حركة من معشوقته المجنونة أما حمزة فشارد يفكر في تلك المكالمة التي تلقاها من وهدان يشعر أن خلفها شيئا لم يقتنع بما قال ابدااا لذلك عليه أن يأخذ حذره جيدا، وقفت السيارة أمام فيلا خالد لتصيح مايا في حماس:.

- عمو خالد وانطي لينا وحشوني اوي، وهضايق عمو خالد وأنام في حضن انطي
ضحكت في شر طفولي لينظر حمزة لها يبتسم حزنا مايا تحب زوجة أخيه لأنها تعاملها كأنها ابنتها، تحب المجئ إليهم حتى تنام فقط بين أحضانها كأنها تعوضها عن حضن والدتها التي لم تعرف حنانه قط، حرك رأسه نفيا يقول لها في حزم:
- مايا خليكي مع أدهم احنا لسه هنسافر أسيوط، أنا هنزل لعمك خالد أخد منه حاجة وأرجع على طول، ولما نخلص أسيوط نبقي نرجع هنا.

تقصلت ابتسامة مايا تحرك رأسها ايجابا لينظر حمزة إلى أدهم يحادثه بهدوء:
- خلي بالك من اختك وما تخليهاش تيجي ورايا.

حرك الأخير رأسه إيجابا لينزل حمزة من باب السيارة ازاح نظراته الشمسية لتظهر عينيه الخضراء كغابات الزيتون، اغلق زر حلته السوداء ذات القميص الرمادي ليتحرك لداخل الفيلا، فتح الحراس البوابة سريعا ما أن رأوه ليخطو إلى الداخل يتحرك بهدوء ورزانة في طريقه لمنزل أخيه، سمع صوت بكاء خفيض نظر حوله ليجد تلك الفتاة ابنه أخيه كما يقول خالد دائما بدور، وقف بعيدا ينظر لها ليقطب جبينه قلقا لما تبكي، تلك الصغيرة تنهد يبتسم ساخرا يسخر من حاله، لم يشعر بنفسه وسوي وهو يقترب منها احتل المقعد أمامها يبتسم لها في خفة:.

- ايه يا درة بتعيطي ليه
اجفلت تشهق من وجوده المفاجئ لتنتفض من مقعدها واقفة مسحت دموعها سريعا تتمتم متعلثمة:
- أنا آسفة ما كنتش أعرف أن حضرتك هنا، ازاي حضرتك، على فكرة أنا أسمي بدور مش درة واضح أن حضرتك نسيت اسمي
ضحك بخفة ينظر لها للحظات يشعر بشعور لا يفهمه هو فقط يحب مشاكستها، قام من مكانه وقف ينظر لها ليتمتم لها بابتسامته الجذابة وهو يرحل:
- سلام يا درة!

اخذ طريقه لمنزل أخيه دق الباب لتفتح الخادمة التي رحبت به أشد ترحيب، عرف منها أن أخيه في مكتبه فأخذ طريقه لمكتب اخيه فتح الباب يستند بجسده على إطاره ابتسم في شراسة يتمتم متوعدا:
- جهزت اللي قولتلك عليه
ترك خالد كوب القهوة من يده يبتسم نفس الابتسامة التي ارتسمت على وجه حمزة حرك رأسه إيجابا يقول في خبث:
- جاهز يا دون ومستنيك.

في الخارج حاول ادهم أن يشغل عقله عن تلك المصيبة الجالسة خلفه بهاتفه قدر الإمكان دون فائدة رفع وجهه عن هاتفه ليجدها كالعادة تلتقط الصور لنفسها حمحم يسألها:
- بقولك يا مايا واحد صاحبي عايش برة بس هو عربي، المهم يعني هو بيحب بنت ابوة
قطبت مايا جبينها متعجبة مما قال لترفع وجهها عن هاتفها تهتف باشمئزاز:
- بيحب اخته يعني إيه القرف دا، دا مريض اقطع علاقتك بيه.

اصابته كلماتها في مقتل، يشعر بقبضة من نار تعتصر قلبه ليحرك رأسه نفيا يضحك بزيف:
- يا بنتي استني اكمل هو مش ابن الراجل دا متبنيه، هو يعرف انها مش اخته بس هي ما تعرفش يعمل ايه بقي عشان يوصلها أنه بيحبها هو سألني بس أنا ما عرفتش اقوله ايه فقولت اسألك
التقطت مايا لنفسها صورة من هاتفها ومن ثم بدأت تعبث بهاتفها تقول بهدوء دون أن تنظر لادهم:.

- بردوا شخص مريض لانهم المفروض متربيين مع بعض على انها أخته ليه بقي يحبها، خليه ينتحر أسهل
ابتسم ساخرا ينظر لها من خلال مرآه السيارة يحرك رأسه نفيا يهمس في نفسه بعذاب:
- هو فعلا مريض، يا ريت يقدر يعالج نفسه من المرض دا، يا أما ينتحر أسهل زي ما قولتي.

بعد قليل خرج حمزة اشار لادهم بالتحرك، ترافقهم ثلاث سيارات دفع رباعي ضخمة، لا أحد يفهم ما يحدث سوي حمزة فقط، بعد قليل ملت مايا من هاتفها لتلقيها جوارها اقترب من مقعد والدها تستند عليه من الخلف ابتسمت تقول في حماس:
- صحيح يا بابي احكيلك حكاية صاحب أدهم دا مجنون
توسعت عيني أدهم ذعرا ينظر لها فزعا ليس من الصعب أن يفهم حمزة مغزي الحكاية انتهي كل شئ يا أدهم!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة