قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع والسبعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع والسبعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع والسبعون

في غرفتها تجلس علي فراشها تكاد تتميز من الغيظ تغرز أظافرها في قماش فستانها ترغب في تمزيقه من شدة غيظها، أنفاسها تتسارع في الخروج، تشد علي أسنانها بعنف تتذكر ما حدث قبل ساعات مرات وتكرارا.

Flash back.

نزلت خلف والده وقفت بعيدا تراقب ما يحدث في الغرفة بأعين حمراء تشتعل غضبا والدها تفتت بكل الطرق في إهانة معاذ، بالطبع سيفعل هو لا يريد لها زوجا سوي ابن صديقه التي تكاد تجزم أنه يحب زيدان اضعاف ما يحبها هي، أليست هي ابنته من دمه، لما لا يريد سعادتها، لما فقط يريد أن ينفذ ما يرغب فيه هو فقط، والبقية ينساقون خلف كلامه دون أدني اعتراض وكأنه حكيم القرية الذي يعرف صالح الجميع، شدت قبضتها علي قماش الستارة جوارها، وهي تري والدها يقبض علي تلابيب ملابس معاذ يهدده قائلا:.

- أنا لو وافقت عليك وطلعت بتلعب هدفنك حي، أنت لسه مش عارف أنت بتتعامل مع مين
كادت في تلك اللحظة أن تندفع لداخل الغرفة تصرخ في والدها أن ما يفعله لا يصح إطلاقا، وأنه يجب عليه أن يحترم معاذ كما يحترمه الأخير ولكن اوقفتها جملة معاذ:
- نقرا الفاتحة بقي
نظرت ناحية والدها تنتظر ردة فعله بفارغ الصبر لتجده يضع ساقا فوق أخري يضحك ضحكة عالية ساخرة يتمتم متوعدا:.

- اقرا يا حبيبي إنت دخلت برجليك عش الدبابير، استحمل بقي
اشتغلت أنفاسها تنظر لوالدها ناقمة لتراه ينظر ناحيتها مباشرة نظرات ساخرة مستهجنة، بينما رفع معاذ كفيه يقرأ الفاتحة ولم يفعل خالد، ركزت هي عينيها علي عيني والدها ترفع كفيها أمامه تعرف أن يراها تقرأ الفاتحة، انتهي معاذ من القراءة، ليعاود النظر لخالد يبتسم متوترا يردف:
- احم طب حضرتك تفضل نعمل خطوبة ولا كتب كتاب وفرح علي طول، أنا من رأيي.

قاطعه خالد رفع كفه يقبضه أمام وجه نعاذ يتمتم ساخرا:
- أنت كمان هتقول رأيك دي هزلت؟!
عند تلك النقطة لم تحتمل ما يفعل والدها، معاذ يجلس كمن تنهمر عليه الأعاصير في ليالي الصيف الحارة، اندفعت تدخل الي الغرفة وقفت بالقرب من والدها تقف بشموخ تعقد ذراعيها أمام صدرها تردف محتدة:
- وفيها ايه يا بابا لما يقول رأيه مش هو العريس بردوا ولا ايه...

نظر معاذ للينا يعاتبها بنظراتها علي ما تفعل بينما تجهم وجه خالد غضبا تحرك من مكانه يقف أمامها مباشرة يدس يديه في جيبي سرواله ينظر لها غاضبا لترتسم ابتسامة ساخرة واسعة علي شفتيها تتمتم متهكمة:
- ايه هتضربني تاني، اتفضل
شد خالد علي أسنانه يحاول أن يكبح زمام غضبه لا يرغب في أن يؤذيها أولا، ولن يرفع يده عليها أمام ذلك الشاب ثانيا، ابتسم ابتسامة سوداء غاضبة يتمتم متوعدا:.

- لميها يا بنت خالد، مش هنتخانق قدام الأستاذ
خرجت ضحكة خافتة ساخرة من بين شفتي لينا لتقترب برأسها من والدها تبتسم تتمتم ببساطة:
- ليه ما نتخانق، معاذ مش غريب، كلها كام يوم ويبقي جوزي، يعني من العيلة.

اشتعلت أنفاس خالد غضبا، يقبض علي يده بعنف حتي لا يصفعها، تسارعت أنفاسه ينظر له متوعدا أن تصمت وتغادر ولكنها بقيت تقف امامه تبتسم ابتسامة واسعة بريئة للغاية، توجهت ناحية أحد المقاعد تجلس عليه تتمتم ببساطة:
- انا مش عايزة خطوبة، ممكن نعمل كتب كتاب في حفلة بسيطة، seriously ذكرياتي مع الأفراح مش لذيذة.

حمحم معاذ متوترا، نظر ناحية لينا يبتسم ابتسامة صغيرة دافئة، ليعاود النظر لخالد الذي يقف يرميهم بنظرات نارية قاتلة، حمحم مرة اخري يبتلع لعابه الجاف يتمتم مرتبكا:
- اللي خالد باشا يشوفه، ايه رأي حضرتك يا باشا.

نظر خالد لابنته تلك الصغيرة تحتاج لإعادة تأذيب وصدقا هو لن يفعل ذلك، سيترك الأيام هي من تأدبها جيدا، رغم ما تفعل هي ابنته اولا واخرا، جميع المعلومات التي جمعها تثبت أن ذلك الشخص الجالس أمامه ذو صفحة بيضاء نقية، صادق في كل حرف قاله عن حياته...

مر أمامه في تلك اللحظة صورة زيدان، زواج لينا سيكون الضربة القاضية له، وبقائه جواره لم يكن سوي عذاب له، وتلك الصغيرة لو فقط أعطت لحياتهم فرصة لما كانوا هنا الآن، يعرف أن جل ما تفعل ينبع من شعورها البشع بالألم، تبحث عن اي مسكن كان ليسكت صوت الألم داخله، ولكنه يخشي عليها أن يكن للمسكن أضرار قادمة ستؤذيها أكثر مما تظن
عاود النظر لذلك الشاب الجالس أمامه ليشير الي باب المنزل ابتسم ابتسامة باردة يتمتم:.

- نورتنا يا دكتور، ردي هيوصلك قريب...
أصفر وجه معاذ حرجا، بينما اشتعل وجه لينا غضبا، والدها يطرد معاذ بطريقة مهينة قام معاذ من مكانه يبتسم متوترا حرك رأسه إيجابا سريعا التفت ناحيتها برأسه يتمتم مبتسما:
- سلام يا لينا
عاود النظر لخالد ليتمتم بصوت خفيض محرج:
- في انتظارك رد حضرتك.

تحرك لباب المنزل بخطي سريعة خرج يفر بذاته يغلق الباب خلفه في تلك اللحظة انطلقت عاصفة هوجاء اندفعت لينا ناحية والدها تصيح غاضبة:
- ايه اللي حضرتك عملته مع معاذ دا، نازل بالترنج، وبتكلمه بمنتهي الغطرسة وكل كلمة فيها ألف تهديد وتهديد، وطردته بمنتهي الإهانة، دا لو زيدان كان زمانك شيلته من فوق الأرض فراشناله الأرض ورد عشان خاطر عيون زيدان باشا مش كدة...

ارتسمت ابتسامة جافة علي شفتي خالد دس يديه في جيبي سرواله يتمتم ساخرا:
- كل واحد ومقامه بقي ومعاذ بتاعك دا مالوش مقام عندي
قال ما قال وتركها تقف مكانها تشتعل غضبا، توجه هو الي منزل البيت الضحم قبل أن يضع قدمه علي اولي الدرجات وجدها تندفع وقفت أمامه تنظر له للحظات تتنفس بعنف لتصرخ بشراسة:.

- مالوش مقام عندك، بس ليه عندي، كفاية بعد كل اللي عملتوه فيه، لسه واقف جنبي بيساندني، عايزني بس سعيدة انما انتوا لاء، انتوا عايزني مبسوطة من وجهه نظركوا انتوا، انتي شايف اني المفروض هكون سعيدة مع زيدان، انما أنا فعلا سعيدة ولا لاء مش مهم، بتعذب ولا لاء، المهم أن هو هيبقي سعيد، مرتاح، وبنتك تتعذب تموت تولع مش فارقة معاك.

أخرجت كل ما في جعبتها لتقف أمامه تتنفس بعنف تغشي عينيها الدموع، حمرة قانية تلهب وجهها الغاضب، ونظراته هو لم تتغير فقط رفع كف يده يربت علي وجهها برفق يتمتم بخفوت حزين:
- كل دا كنتي تقدري بإيدك تغيريه لو اديتي لحياتك فرصة تانية، بس انتي اخترتي أصعب طريق عليكي قبل ما يكون عليه، ربنا يعينك علي نفسك، تصبحي علي خير.

قالها ليتحرك ويتوجه الي أعلي، وقفت هي تنظر في أثره لحظات وبدأت دموعها تنهمر رغما عنها، امسكت طرفي فستانها تهرع سريعا إلي غرفتها، تلوذ بها كما اعتادت
Back.

اجفلت من شرودها الطويل الحزين علي صوت رنين هاتفها نظرت للهاتف الملقي لتجد رقم معاذ يضئ الشاشة، مدت يدها الي الهاتف اغلقته، تلقيه بعيدا، وضعت رأسها علي الوسادة تغمض عينيها رغما عنها في تلك اللحظة لا ترغب سوي في النوم.

علي صعيد آخر في غرفة خالد ولينا، يجلس علي فراشه يعقد ذراعيه خلف صدره ينظر لها وهي نائمة قلقا عليها، حين صعد إلي غرفتها رآها نائمة تضم ركبيتها لصدرها آثار دموه تغرق وجهها، تري ما حدث لتصبح بتلك الحالة...

تنهد قلقا خائفا عليها، ليجذبها لصدره يحاوطها بذراعه، يمسح علي شعرها بخفة، لحظات وتوسعت عينيه فزعا حين وجد جسدها يرتجف بعنف تدفن رأسها في صدره تصرخ بعنف، صرخات ذبيحة مقهورة مكتومة داخل صدره، جسدها يرتجف يتشنج بشكل مخيف، انتفض يحتضن جسدها يصيح فزعة مذعورا:
- لينا مالك يا لينا، لينا فوقي يا حبيبتي، فوقي يا لينا.

فتحت عينيها فجاءة تنظر له عينيها حمراء دموعها تنهمر بلا توقف، نظراتها ذبيحة معذبة، لا يعرف ما بها ولكن قلبه ينخلع خوفا علي حالها، ضمها لصدره سريعا يخبئها بين أحضانه يسألها مذعورا:
- في ايه يا حبيبتي مالك، لينا ما توجعيش قلبي عليكي، مالك يا حبيبتي...
كابوس، همست بها بصوت مرتجف بالكاد خرج من بين شفتيها ليبعدها عنه قليلا مسح علي رأسها تنهد يتمتم:
- حرام عليكي وقعتي قلبي، خدي طيب اشربي.

مد يده يجذب كوب الماء المجاور لهم يضعه أمام فمها التفت بعينيها ناحيته نظرة خاطفة معذبة لتشعر بالمياه تبلل شفتيها ارتشفت القليل فقط القليل لتبعد الكوب عن فمها، تنظر في نقطة بعيدة في الفراغ، سماء عينيها تكدرت حزنا، بالكاد تمنع دموعها من الا تهبط، اجفلت علي يده حين امتدت أسفل ذقنها يحرك رأسها ناحيته يبتسم قلقا:
- مالك يا لينا، أنا قلقان عليكي، فيكي ايه يا حبيبتي.

حركت رأسها بالنفي رفعت يديها تمسح وجهها بعنف خاصة عينيها تمحي منها إثر الدموع، حمحم تجلي صوتها المختنق تهمس بخفوت شارد:
- ما فيش، عملت ايه مع معاذ
تنهد يآسا يقص عليها سريعا ما حدث وما فعلت ابنتهم، فكان ردها آخر رد توقع أن يسمعه، حين اخفضت رأسها تشيحها بعيدا عنه تغمغم مختنقة:
- سيبها تعمل اللي هي عايزاه، مش دايما الحب بجنون بيبقي هو الصح، ما تعذبهاش زيي.

توسعت عينيها في فزع مما قالت انتفض يمسك بذراعيها يسألها جزعا:
- تتعذب زيك؟!، أنا بعذبك يا لينا، في ايه يا لينا، مالك، طلعت لقيتك نايمة وكان شكلك بتعيطي، وصاحية بتصرخي، ودلوقتي بتقولي ما تعذبيهاش زيي، أنا زعلتك في حاجة
رفعت وجهها تنظر لقسمات وجهه المتوترة القلقة، لترتسم ابتسامة معذبة علي شفتيها حركت رأسها نفيا تتمتم بخفوت:
- فاكر زمان مامتك كانت بتتخانق معاك قد إيه عشان تتجوز، وتخلف ولد يشيل اسمك.

عقد جبينه متعجبا ماذا بها الليلة حرك رأسه إيجابا يسألها متعجبا:
- ايوة فاكر، وأنتي عارفة اني رفضت وانها مقطعاني ورافضة تيجي تعيش معايا بسبب الموضوع دا، بس انتي ايه اللي فكرك دلوقتي
رسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تسأله ببساطة:
- ليه رفضت تتجوز، تخلف ولد يشيل اسمك، يقولك يا بابا
حسنا لينا جُنت، او ربما حدث شيئا هو لا يعرفه وهو حقا قلق من ذلك تنهد يزفر أنفاسه القلقة يتمتم متعجبا:.

- اتجوز!، اخلف! انتي بتتكلمي مالك يا لينا، انتي فاكرة أنه يفرق معايا انه يكون عندي ولد يشيل اسمك ولا لاء، طالما أنه مش منك، وبعدين ما لينا شايلة اسمي، هي صحيح بنت كلب مطلعة عين أهلي بس كفاية أنها بنتك، يخليني ابلعلها الزلط، الموضوع مش موضوع طفل يشيل اسمي، دي روح ترفض حتي انها تبعد عنك.

انهمرت دموعها تنظر له، نظرات تملئها الحسرة والألم، يد من نار تعتصر قلبها، اقترب مرة اخري يخبئها في صدره يسألها جزعا:
- مالك يا حبيبتي، لينا ما تعمليش فيا كدة...
حالتك دي بتقتلني، اتكلمي، اصرخي، قوليلي أنا مزعلك في إيه، عشان خاطري ما تعمليش كدة
اغمضت عينيها للحظات تحاول إستعادة رباطة جأشها الممزقة، بصوت خفيض مختنق همست له:
- أنا حلمت أنك اتجوزت عليا تالا مرات عمر عشان كدة كنت اتفزعت.

ابعدها عنه برفق يضحك عاليا مد يده يمسح دموعها يغمغم في مرح:
- صحيح من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، يعني أنا اقول كدة عشان اغيظ عمر، اقع أنا فيها في الآخر، تالا زيها زي ياسمين يا لينا عمري في يوم ما بصلتها بصة وحشة ولا عمري هعمل كدة دي مرات اخويا، شرفي زي ما هي شرفه.

رسمت ابتسامة زائفة باهتة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا، رفعت وجهها تنظر لعينيه، ملك الخداع، دايما ما يخدعها وهي دائما نا تنخدع ببساطة، رسمت الجدية علي قسماته تسأله:
- هتعمل ايه مع لينا ومعاذ
اتكئ علي الفراش يجذبها لتتوسد صدره شعر بجسدها يرتجف رجفة غريبة لم يعهدها، وضع رأسها علي صدره يمسح علي خصلات شعرها تنهد يهمس لها:
- انتي عيزاني اعمل إيه، وأنا اعمله.

ابتسمت ساخرة حقا يسألها منذ متي وهو لا ينفذ ما في رأسه هو دون أن يستشير اي من كان، كهرباء مؤلمة ترجف جسدها، ترغب في دفعه بعيدا، تمتمت بصوت خفيض مختنق:
- شوف لينا عايزة ايه، خد رأيها المرة دي، مش يمكن هي صح، أنا صحيح بحب زيدان دا ابني أنا اللي مربياه، بس وجودهم جنب بعض بيعذبهم هما الإتنين، عشان كدة بقولك شوفها هي عايزة ايه.

تنهد حائرا يحرك رأسه إيجابا، ربما لينا محقة، وابنته ايضا محقة وهو المخطئ الوحيد هنا.

توسعت عينيها في هلع تنظر له مذعورة جسدها يرتجف كأن كهرباء عنيفة ضربته، ابتسامته المخيفة قربه الزائد عن اي حد، يده التي تكمم فمها تنذرها بالاسوء بمشهد لم تنساه يوما، يوم اغتال ذئب مشابه برائتها بلا رحمة، تركها جثة هامدة تعاني العذاب الوانا، عذاب نبذ المجتمع لفتاة مغتصبة، عذاب كلمات الناس السامة التي تنهشها بلا رحمة، عذاب الخوف من القادم، عذاب الوحدة، جلد الذات، الاشمئزاز من ذاتها لذنب لا ذنب لها فيه، تلوت بجسدها بعنف لن تسمح لجريمة اخري أن تحدث في حقها يكفي ما لاقت، بينما ذلك الدنئ لم يكن سوي يبتسم ابتسامة واسعة شيطانية مخيفة يده اليسري تكمم فمها، ويده اليمني تضم رسغيها في قبضته تمنعها من الحركة، مال ناحيتها برأسه يهمس جوار اذنها بخبث:.

- أنتي ليه محسساني أن أنا جاي اغتصبك يا روحية، انتي مش عذراء يا ماما، عشان تخافي علي نفسك اوي كدة، اوعدك اني ما اقولش لحد، لا من شاف ولا من دري يا رورو
حركت رأسها نفيا بعنف تغرق دموعها كف يده تتلوس بجسدها بقوة تترجاه بنظراتها أن يبتعد عنها، ترك رسغيها وبدا يحاول بيمناه تمزيق ثيابها وهي تحاول بإستماته دفعه بعيدا عنها، رفع وجهه ينظر لها غاضبا ليهوي بكفه علي وجهها بعنف يهمس لها محتدا:.

- ما تهمدي بقي، انت هتعمليلي فيها شريفة...
في تلك اللحظة تحديدا انطلق صوت صراخ عالي، صوت يعرف صاحبته جيدا، جدته؟! صوتها يصدح كناقوس خطر يدق في جوف الليل يوقظ الجميع:
- يالهوووووووي يالهوووووي يالهووووووي الحقوني يا نااااااس يا أهل الحارة يا رجالة الحتة، ابن ابني اللي اويته في بيتي جاي يعتدي علي البت الغلبانة، ضربني، ودخل عايز يغتصبها.

توسعت عيني مراد في صدمة وهو يري جدته تقف داخل شقة روحية التي اغلق بابها بالمفتاح ترتدي جلباب منزلي، تفتح باب الشقة علي مصرعيه تصرخ بصوت عالي جهوري، انتفض هو بعيدا عن روحية ينظر لجدته بذعر، ما هي الا لحظات واندفع رجال المنطقة لداخل شقة روحية، لتصيح جدته ما أن رأتهم:.

- الحقوني يا رجالة، أنا كنت بايتة مع البت الغلبانة، يا عيني كانت تعبانة وبتفرفى من السخونية، لقيت البيه جاي ضربني وطردني من الأوضة وعايز يعتدي عليها، صوت هو صحيح ابن ابني بس البت غلبانة ومكسورة الجناح
انهت كلامها لتهرول الي غرفة روحية توجهت الي فراشها جذبتها تخبئها في أحضانها تربت علي رأسها برفق تنظر لمراد نظرات متوعدة متشفية:
- بس يا قلب أمك بس، أنتي تعبانة اصلا، منه لله ابن الحرام.

ومراد يقف كثمثال منحوت من صخر، ينظر لجدته مذهولا في تلك اللحظة اندفع ثلاثة رجال ضخام الجثة ناحيته يجذبونه من الغرفة، يتناوبون علي ضربه كل منهم يسبه بأبشع الألفاظ:
- بقي يا كلب، يا، يا، يا، جاي تعتدي علي البت الغلبانة.

بات الرؤية أمامه مشوشة حرفيا ايدي الرجال التي تتكالب علي جسده بالضرب لم تعطيه حتي فرصة الدفاع عن نفسه، في الصالة ملقي أرضا، يشعر بجسده مهشم من عنف ما يلاقي، يلمح ببصره المشوش جدته وهي تنظر له مشفقة للحظات لتعاود نظراتها إلي الجمود والحزم لحظات اخري...
دفعه أحد الرجال بقدمه بعنف في بطنه ليشعر بسيل دماء يندفع من فمه، تكور حول نفسه يكاد يبكي من الألم، في تلك اللحظة صدح صوت جدته تصيح فيهم:.

- خلاص كفاية هو خد جزاءه
رفع وجهه قليلا فقط ينظر لجدته نظرات ضعيفة مشوشة يعاتبها بنظراته التي تصرخ ألما، صدح صوت أحد الرجال:
- لا يا ست منيرة ما خدش جزاءه، احنا هنوديه القسم وهما هناك هيعرفوا شغلهم معاه، هو آه حفيدك، بس البت الغلبانة دي مالهاش غيرنا يجيبلها حقها
صدح شهقة قوية من منيرة لتضرب بيدها علي صدرها تصيح سريعا بفزع:.

- ونتشحطط البنت الغلبانة في الأقسام، نفضحها بين الظباط والمخبرين مش كفاية اللي هي فيه، لاء يا عم عبده لاء، اللي غلط لازم يتحاسب آه، بس مش كدة
صدح صوت ذلك الرجل الضخم صاحب البطن الممتلئ والشعر الخفيف صاحب محل الاقفال والمفاتيح:
- خلاص يبقي يتجوزها يا ست منيرة
ارتسمت ابتسامة منتصرة علي شفتي منيرة سرعان ما اخفتها سريعا توسعت عينيها تتمتم مدهوشة:.

- يتجوزها، وماله ما يتجوزهاش ليه، هي روحية تتعايب دي ست البنات كلهم
توسعت عيني مراد المكدومة في فزع، يتزوج من، جاهد في إخراج صوته يصيح معترضا:
- لاء طبعا، اتجوز مين، اااه
صرخ من الألم حين دفعه ذلك الرجل الضخم بقدمه في ظهره بعنف بصق عليه يصيح فيه بغلظة:
- أخرس ياض، دا أنت تحمد ربنا، دا عشان خاطر عيون الست منيرة بس
ابتسمت منيرة ابتسامة صغيرة تتمتم ممتنة:.

- تعيش يا عم عبدة والله، أنا هفضل مع روحية، اهديها يا عيني البت مفتورة من العياط
انحني عبده يقبض علي ملابس مراد يرفعه من الأرض يتمتم بغلظة:
- وأنا هاخد البيه ارميه، هيفضل عندي الليلة، والصبح يا يتجوزها، يا يتزف في الحارة ويترمي في السجن
نظرت روحية لمراد بتعاطف زائف تخفي خلفه ابتسامة واسعة سعيدة، علي ذلك الأحمق الذي يحركه الشيطان كلعبة أن يتعلم الدرس، عادت تنظر لعبده تقول بنبرة خافتة حزينة:.

- حقك يا اخويا
نظر عبدة للرجال معه يهتف بصوته الاجش الغليظ:
- يلا يا رجالة، فضيناها خلاص، ما ينفعش الوقفة دي في انصاص الليالي، عن إذنك يا ست منيرة
تحرك الرجال للرجال وعبده يجر مراد خلفه الذي ينظر لجدته يتوسلها بنظراته، اغلقت منيرة الباب خلفهم توصده بالمفتاح، وقفت خلف الباب المغلق ابتسمت تتمتم ساخرة:.

- فاكر نفسه ناصح ابن وحيد، اهو خد علقة ما خدهاش حرامي في مولد، بس والله صعب عليا، بس احسن يستاهل عيل قذر
تنهدت حزينة حين تناهي الي اسماعها صوت بكاء عنيف لتلك المسكينة من داخل الغرفة لتتوجه إليها سريعا، تحاول إقناعها بما خططت.

مع شروق شمس اليوم التالي كان يقف بسيارته امام عمارة سكنية ليست بكبيرة، استأجر فيها شقة صغيرة في الطابق الثالث، نصحه أحد زملائه بها، المكان هناك هادئ، بها.

نزل من سيارته يحمل حقيبته من صندوق السيارة توجه ناحية العمارة، اوقفه الحارس ليريه بطاقته الشخصية، ليفسح له دخل، شقته في الطابق الثالث، الطابق الثالث يحتوي علي شقتين، واحدة كبيرة لا يعرف من يسكنها، واخري صغيرة تكفي لأعذب مثله، صعد الي الطابق الثالث، توجه إلي الشقة الاقرب جذب مفتاحه يضعه في قفل الباب، يحاول فتحه، لم يُفتح، ربما تلك ليست شقته جذب المفتاح من قفل الباب في نفس اللحظة التي انفتح فيها الباب فجاءة بعنف ورأي فوهة مسدس تتوجه الي رأسه مباشرة، نظرات خاوية نظر بها الي من يحمل المسدس، ليجده شاب تقريبا في أواخر العشرينات يقبض علي المسدس ينظر له غاضبا نظرات حادة قاتلة، ليهتف فيه:.

- أنت مين وبتحاول تفتح شقتي ليه
ابتعد زيدان للخلف يرميه بنظرات خاوية تنهد يتمتم في خواء:
- أنا اتغلبطت في الشقة عن إذنك...
قالها ليتحرك متوجها الي الباب الآخر وضع المفتاح في قفل الباب، انفتح في لحظات، ما كاد يدخل وجد يد تقبض علي كتفه وصوت ذلك الشاب الأسمر يهتف محتدا:
- استني هنا أنت رايح فين.

تنهد زيدان غاضبا هو حقا به ما يكفي ويزيد في اللحظة التالية كان يجذب سلاحه من غمده يشهره أمام وجه الشاب يصيح فيه غاضبا:
- بقولك ايه أنا روحي في مناخيري اصلا، أنا المقدم زيدان الحديدي، أبعد بقي وارمي اللعبة اللي في ايدك دي لتعورك
جل ما حدث أن ذلك الشاب ابتسم واخفض سلاحه مد يده يصافح زيدان يتمتم باحترام:
- زيدان باشا معاك الرائد باسل مهاب نور الدين، نورت الغردقة يا افندم.

تنهد زيدان متعبا يعيد سلاحه لمكانه ابتسم شبح ابتسامة مجهدة يحرك رأسه إيجابا يتمتم:
- اهلا وسهلا، منورة بأهلها، عن إذنك
أراد سحب يده من يد ذلك الشاب الواقف امامه، ليشدد باسل علي يده ضحك يقول محرجا:
- اتمني أن حضرتك ما تكونش زعلت من الموقف اللي حصل، بردوا يعني إنت لو مكاني كنت هتعمل كدة ولا ايه
زفر زيدان أنفاسه المجهدة يرغب في بعض النوم، رسم ابتسامة مجاملة علي شفتيه يتمتم:.

- لا ابدا ما فيش حاجة حصلت عن إذنك
حاول جذب يده مرة أخري ليترك باسل كفه يمسك برسغ يده يتمتم مبتسما في إصرار:
- إذنك ايه بس، أنت أكيد جاي من سفر طويل، والله لازم تفطر معانا...

شد زيدان علي أسنانه غاضبا كم يرغب في لكم ذلك الفتي والفرار الي شقته التي لم يراها بعد، دخل خلف باسل الي شقة الأخير، كان يظنه هو الآخر مثله ولكن المنزل المرتب ذو الرائحة العطرة، خاصة رائحة الطعام التي تبعث أعملته أنه بالطبع يوجد سيدة بالبيت، اصطحبه باسل الي احد المقاعد في غرفة الصالون يجلس أمامه يقول مبتسما:
- نورتنا والله يا زيدان يا باشا
علا بصوته قليلا:
- مني حضري الفطار.

عاد ينظر لزيدان يتمتم مبتسما:
- ممكن أوراق النقل بتاعت حضرتك
رفع زيدان حاجبه الأيسر مستهجنا ما يقول، ليحمحم باسل بحرج يردف:
- أنا قصدي يعني عشان اعرف حضرتك اتنقلت انهي اقسم، اقول لحضرتك علي مكانه بدل ما تفضل تدور
تنهد زيدان متعبا يخرج الاوراق من جيب سترته يعطيها لباسل الذي فتحها سريعا، ارتسمت ابتسامة واسعة علي شفتي الأخير رفع وجهه لزيدان يردف:.

- يا محاسن الصدف، حضرتك في نفس القسم اللي أنا فيه، يعني احنا بقينا زملا، وجيران في نفس الوقت
ابتسم زيدان بإرهاق يحرك رأسه إيجابا أخذ منه الأوراق ليهب واقفا يتمتم بخمول ناعس:
- بما اننا بقينا زملا وجيران يبقي أكيد هنتقابل كتير فمالوش داعي للفطار دلوقتي، أنا تعبان ومحتاج أنام، عن إذنك.

قالها ليغادر منزل باسل يجذب الباب خلفه، في تلك اللحظات خرجت فتاة شابة في منتصف العشرينات، ملامحها هادئة نقية، تلف حجابها ترتدي جلباب بيتي واسع، قطبت جبينها متعجبة حين رأت باسل يجلس بمفرده لتسأله:
- أنت مش كنت بتكلم حد دلوقتي وقولتلي حضريلي الفطار
ابتسم باسل مشاكسا، ليتحرك ناحيتها وقف أمامها يتمتم مبتسما:
- معلش يا ستي خليها غدا عشان ضيفنا تعبان وعايز ينام دلوقتي...

مدت يدها تفك حجاب رأسها تنفض شعرها الاسود القصير تتمتم مبتسمة:
- طب كويس أنا كدة كدة كنت هظبط غدا النهاردة عشان انجيليكا جاية تزورني، بس صحيح مين ضيفنا دا
طوقها بذراعيه يلاعب حاجبيه مشاكسا يقول مبتسما:
- المقدم زيدان الحديدي زميلي في الشغل وجارنا، بس الصاروخ الاوربي جايلنا النهاردة...
احتقنت عيني مني غضبا لتكور قبضتها تصدمه علي صدره بعنف تتمتم حانقة:.

- اتلم يا باسل والا والله هقول لزميلك الجديد وجارنا علي الصدف المقصودة؟!

في منزل عثمان الصياد، فتح عينيه صباحا يبحث عنها، ليجد الفراش جواره فارغ قطب جبينه متعجبا أين ذهبت منذ الصباح الباكر، شد جسده ينتصف في جلسته بصعوبة يصيح باسمها:
سارين، سارين، انتي فين يا سارين
قطب جبينه متألما لا يعلم لما ولكنه يشعر بصداع يشع يكاد يفتت رأسه، وضع يده علي جبهته يمسدها برفق يتأوه بقوة يصدح بصوته ينادي عليها:
- ساااااارين.

فتح عينيه يمسد جبهته ينظر حوله باحثا عنها ليلمح بطرف عينيه شيئا لم تره عينيه في البداية ورقة صغيرة مطوية، موضوعة علي وسادة سارين، أكل القلق قلبه من أن يكن هناك من اختطفها، التقط الورقة سريعا يفتحها متلهفا حتي أن جزء منها تمزق وهو يفعل ذلك، ليقرأ ما خُط علي سطحها
« عثمان أنا نزلت اجيب حاجات من السوبر ماركت، مش هتأخر يا حبيبي، آه صحيح صباح الفل ».

احتدت عينيه غضبا ليكمش الورقة في يده يشد عليها بعنف تسارعت أنفاسه الغاضبة، تحرك بنصف جسده العلوي تحديدا يلقي بنفسه فوق مقعده المتحرك، شعرك بألم بشع إثر ارتطام جسده بعنف بالمقعد ولكنه لم يهتم تحرك للخارج يحرك مقعده بعنف، فتح باب غرفته خرج منها إلي صالة منزلهم الكبيرة يجلس مقابلا لباب المنزل المغلق ينظر له بأعين غاضبة تقدح شررا لحظات ربما، وسمع صوت مفتاح يدخل الي قفل الباب فعرف أنها أتت، لم تمر سوي ثواني قليلة وكانت تدخل من باب المنزل، ترتدي سروال جينز واسع وفوقه قميص أسود تجمع شعرها في جديلة طويلة، ارتسمت ابتسامة رقيقة علي شفتيها ما أن رأته لتقترب منه بخفة لثمت وجنته بقبلة صغيرة تتمتم مبتسمة:.

- صباح الفل يا عثعث صحيت امتي، أنا قولت هطلع الاقيك نايم، اااه
تأوهت بصوت عالي حين شعرت بكف يده يقبض علي معصمها بعنف مخيف، نظرت له بدهشة ممتزجة بألم معصمها لتجده يشد علي يدها وجهه أحمر، عرق ينفر بعنف جوار صدغه، لتسمع صوته الحاد:
- انتي ازاي تخرجي من غير ما تقوليلي يا هانم
جذبت معصمها من كفه بحدة احتلت الصدمة نبرتها المتألمة:.

- في ايه يا عثمان، أنت اتجننت، وبعدين أنت كنت نايم، وأنا روحت فين يعني، دا السوبر ماركت اللي في الشارع
مش من حقك، صاح بها بصوت جهوري عالي غاضب لتنتفض في وقفتها تعد للخلف بينما اقترب هو بمقعده الي أن صار بالقرب منها، شد بقبضتيه علي أطراف مقعده الحديدي يصيح غاضبا:.

- مش من حقك تنزلي كدة وتسيبلي حتة ورقة تقوليلي عثمان أنا نزلت بس من غير ما تقوليلي ولا تاخدي رأيي، مش من حقك حتي تفتحي باب الشقة من غير تعرفيني انا راجل البيت يا هانم، ولا عشان أنا عاجز
شخصت عينيها في ذهول تنظر له متعجبة مصدومة لا تصدق تلك الخرافات التي يقولها قاطعته تتمتم مذهولة:.

- عاجز، ومش من حقك، ايه الكلام الغريب اللي أنت بتقوله ده يا عثمان، هو حصل ايه لكل دا، نزلت السوبر ماركت وأنت نايم دي شايفها جريمة لا تغتفر
احتدت نبرته أكثر لم يهدئ غضبه بل ازداد اشتعالا وهو يصيح فيها:
- ايوة جريمة لما تتعاملي معايا علي اني هوا، شخص مالوش اي ستين لازمة سيبالي حتة ورقة بتفرضي بيها أمر واقع انتي نفذيته خلاص، تبقي جريمة ولا لاء.

حركت رأسها نفيا في هدوء تاام التقطت ما مشترياتها بيدها اليسري لتفك عقدة شعرها بيمناها رسمت ابتسامة باهتة علي شفتيها تتمتم بخواء:
- طالما أنت شوفتها جريمة يبقي أنا آسفة، عن إذنك.

قالتها لتتحرك إلي غرفة المطبخ وضعت المشتريات علي طاولة المطبخ لتتوجه الي غرفة نومهم لتبدل ثيابها، ظل هو بتابعها بعينيه الي أن اختفت من أمامه ليزفر أنفاسه الملتهبة لا يعرف حتي لما غضب لتلك الدرجة، ربما شعوره بالعجز الذي اشعره أنها لا تري لرأيه قيمة، او ربما هو خوفه من أن يكن أصابها مكروها، وهو لن يقدر علي إنقاذها وكيف سيفعل وهو قعيد ذلك المقعد المتحرك لا حول له ولا قوة، تنهد يلتقط أنفاسه يحاول أن يهدئ نفسه مرة تليها اخري وأخري، تحرك بمقعده إلي غرفة النوم وقف أمام بابها المغلق يرهف السمع ليصل إليه صوت بكاء منخفض، شعر بمدي حقارة نفسه وافكاره العاجزة وهو يسمع صوت بكائها الحار، تنهد حانقا من حاله ليدق الباب ويدخل بعدها بلحظة رآها تجلس عند نهاية الفراش تمسح دموعها المتساقطة بكفي يدها بعنف تشيح بوجهها بعيدا عنه، اقترب هو أكثر بمقعده، وصل امامها مباشرة حمحم في حرج ليردف بصوت خفيض متوتر:.

- سسارين، ما تزعليش، أنا ما كنش قصدي ازعقلك كدا
تنهد، تنهيدة طويلة حارة حزينة:
- أنا آسف يا سارين
في تلك اللحظة التفتت له برأسها ليري في عينيها نظرات لوم قاسية مسحت عينيها بعنف لتهتف بجمود قاسي:
- لازم تكون آسف يا عثمان عارف ليه لأنك كسرت كل الوعود اللي وعدتني بيها يوم جوازنا، و علي فكرة أنا لا غلطت ولا عملت جريمة عشان نزلت السوبر ماركت وأنت نايم
وقفت أمامه تعقد ذراعيها أمان صدرها تتمتم بخواء فارغ:.

- وكلمة آسف مش كفاية بعد كل اللي قولته يا عثمان عن إذنك.

قالتها لتتجاوزه وتغادر الغرفة بينما كور هو قبضته يدق بها علي يد مقعده بعنف يشعر حقا بالاشمئزاز من حاله، تحرك خلفها، شعر بالقلق في تلك اللحظات من أن ترحل وتتركه بعد أن اجتمع بها أخيرا، تحرك إلي خارج الغرفة يبحث عنها ليسمع صوت الموقد الاواني، رائحة الطعام الشهية، تحرك لغرفة المطبخ رآها تتحرك هنا وهناك تخرج الطعام من البراد تعده علي الموقد تتعامل مع الاواني بعنف كأنها تصرخ فيها، تنهد حزينا علي حالها مما قال هو، سمعها تهتف بخواء وهو تستدير له تحمل صحنين في يديها:.

- الفطار، كل كويس عشان دكتور العلاج الطبيعي قرب يجي
وضعت الطعام أمامه علي الطاولة تحركت لتغادر ليسرع بإمساك رسغ يدها يتمتم بتلهف نادما:
- سارين أنا اس.

قبل أن يكمل جمتله جذبت يدها من يده تتحرك للخارج دون أن تعيره انتباها، تنهد حزينا يخفض رأسه ارضا أحمق، رفع وجهه لتلمح عينيه كيس المشتريات التي احضرتها، وتلك الحقيبة الصغيرة المتدلية منه، تحرك ناحيتها التقطها يخرجها من مكانها ليكسو عينيه نظرة حزينة نادمة، دوائه قد نفذ بالأمس، وهي أحضرت غيره، بدأ يبحث بين الأغراض ليجد أن جميعها له، الحليب والخضراوات، جميع الاطعمة التي اوصي بها الطبيب له، شد علي قبضته يسب نفسه، في تلك اللحظات دق جرس الباب، جاءت سارين وقفت عند باب المطبخ تتمتم بخواء:.

- جرس الباب بيرن وأنت عارف انه مش من حقي طبعا اني افتح الباب، يا ريت ما تخليش الدكتور واقف برة كتير...
تنهد يحرك رأسه إيجابا لتسبقه هي الي الخارج، تبعها يحرك مقعده إلي باب منزلهم، فتح الباب ليطالعه وجه الطبيب الاربعيني البشوش ابتسامته الهادئة كلماته المرحة العفوية التي نطقتها ما أن رأي عثمان:
- اهلا اهلا بالعريس، ايوة كدة يا راجل، عيش حياتك مش عاملي فيها عم العميق المكتئب.

ضحك عثمان بخفوت يفسح المجال ليدخل الطبيب يغلق الباب خلفه اقتربت سارين منهم تصافح الطبيب بابتسامة صغيرة ليردف الأخير مبتمسا:
- انتي العروسة، ما شاء الله ايه القمر دا، لاء عرف يختار الصياد
حمحم عثمان بحدة يتمتم مغتاظا:
- ما خلاص يا دكتور أنا خيَّال مش قرني
ضحك الطبيب ضحكة عالية مجلجلة ليمسك بمقبضي المقعد الخاص بعثمان يتمتم ببشاشة:
- خلاص يا عم دا أنت غيور جداا، يا ابني دا أنا قد أبوها...

ابتسمت سارين في رقة تنظر للطبيب تتمتم بلباقة:
- تحب حضرتك تشرب ايه يا دكتور سامي
حرك الطبيب نظارته الطبية يعدل من وضعها علي عينيه ليدفع عثمان امامه نظر لسارين يتمتم:
- كوكتيل فراولة وموز ومانجا، واعمليه علي أقل من مهلك، علي ما أخلص مع الأستاذ اللي بيتدلع دا الجلسة.

للحظات رأت نظرة قلقة تضطرب في حدقتي عثمان قبل أن يغادر بصحبة الطبيب، تحركت للمطبخ تقف تعد ما أراد ذلك الطبيب، تسمع صوت ذلك الطبيب وهو يشجع عثمان بكلمات تحفيزية مشجعة ألا يستسلم ابدااا، بينما عثمان يصيح ياسا:
- كفاية أنا تعبت كل يوم ورا التاني بتأكد اني عمري ما هرجع امشي علي رجليا تاني
ادمعت عينيها مشفقة علي حاله، لتسمع صوت الطبيب يصيح فيه:.

- أنت ضعيف يا صياد، ما سمحتش لاي متسابق أنه يغلبك، وسيبت نفسك هي اللي تغلبك أنت اللي عايز تفضل كدة
ادمعت عينيها مرة أخري علي حاله خاصة حين سمعت صوت صياحه العاجز:
- لحد امتي لحد أمتي هفضل كدة، لحد أمتي هتقولي قاوم حارب اصبر، قولي أنت لحد أمتي
لحظات طويلة ساد بعدها الصمت قبا ان تسمع صوت الطبيب بتمتم في رزانة:
- لحد ما تلاقي نفسك ماسك كاس بطولة العالم اللي كسبتها.

حركت رأسها إيجابا تؤيد كلمات الطبيب داخل قلبها مرت ساعة تقرييا، قبل أن تسمع صوت باب غرفة عثمان يفتح هرعت سريعا من داخل المطبخ، وقفت سريعا تسأل الطبيب بصوت هامس متلهف:
- دكتور سامي لو سمحت طمني عليه، هو كويس وحالته في بجد أمل انه يرجع يمشي تاني
ابتسم الطبيب في هدوء ورزانة يحرك رأسه إيجابا يطمئنها قائلا:.

- طبعا في امل وفي عمر كمان، حالة عثمان من الحالات السهلة، ما تقلقيش في اقرب وقت هتشوفيه واقف علي رجليه، عن إذنك.

رحل سريعا لالتزامه بموعد آخر عند حالة طريقها بعيد، بينما وقفت هي تنظر لباب الغرفة المغلق، تصارع قلبها وعقلها في الذهاب إليه، حالته المجهدة صوته اليأس المتعب، جعلها تتحرك ناحية باب الغرفة، مدت يدها تفتح المقبض لتراه يتكأ علي فراشه يتنفس بعنف جسده متعرق يبدو مجهدا لأبعد حد، ارتسمت ابتسامة صغيرة مجهدة علي شفتيه بحثها بعينيه أن تقترب منه، لا يرغب في تلك اللحظة سوي أن يلفي بنفسه بين ذراعيها يبكي بلا توقف، تحركت ناحية الفراش ما أن اقتربت منه القي بنفسه بين أحضانها يشدد علي عناقها يتمتم بخفوت مجهد نبرة شبه باكية:.

- سامحيني يا سارين، أنا كنت خايف، خايف لأحسن يكون حد اذاكي وأنا مش هقدر ادافع عنك ابداا، أنا عاجز يا سارين، مشلول، مهما حاولتوا تخفوا الصورة دي من عينيكوا، بشوفها في كل مراية، بشوف عجزي كل ما ابص لرجليا بحس اني ناقص عاجز، أنا عارف اني زعلتك اوي بكلامي وأنا آسف اوي يا سارين...
ضمته بين أحضانها تمسح علي شعره بحنو كأنه طفلها الصغير، ابعدته عنها قليلا ترسم ابتسامة لطيفة علي شفتيها تتمتم برقة:.

- خلاص يا عثمان مش زعلانة منك، بس ارجوك بلاش توصل للحالة دي من اليأس أنا واثقة انك هترجع زي الأول وأحسن...
ارتسمت ابتسامة مطمئنة صغيرة علي شفتيه يحرك رأسه إيجابا ببطئ ليجذب رأسها يطبع قبلة حانية علي قمة رأسها.

في الحارة، في منزل روحية، تحديدا في غرفتها، تجلس علي فراشها ترتدي جلباب أسود وحجاب من نفس اللون الاسود القاتم تضم ركبتيها لصدرها تذرف دموعا بلا توقف، لا تصدق أن بعد قليل ستلم زمام أمرها لذلك الذئب الذي حاول إغتصاب برائتها لولا مجئ تلك السيدة لكان أكمل فعلته الشنيعة في حقها ليجعلها تتجرع بمرارة، علقم الاغتصاب للمرة الثانية، ولكن ما باليد حيلة، ماذا تفعل وقد وضعوها بين المطرقة والسندان، مسحت دموعها بكفي يدها بعنف تتذكر ما حدث بالأمس.

Flash back
لم تكد تصدق أنها نجت من بين براثن ذلك الشيطان وأنه لن يؤذيها لتسمع أحد الرجال يصيح أن عليه أن يتزوجها انكمشت في غرفتها تحتضن جسدها تبكي تحرك رأسها نفيا بعنف ترفض ما وافقوا عليه جميعا، لحظات واختفت أصوات الرجال من منزلها، لتجد السيدة، تدخل إلي الغرفة تجلس جوارها علي الفراش، تعانقها بحنان افتقدته منذ أن توفيت والدتها ارتمت بين أحضانها تصرخ بحرقة:.

- انتوا ازاي توافقوا علي كدة، أنا مش عايزة اتجوزه، كان عايز بغتصبني، كان عايز يدبحني زيه، حرام عليكوا ما كنش بإيدي اللي حصلي عشان ترموني كدة...
ادمعت عيني منيرة تشدد من احتضان روحية تزرعها بين فؤادها تمسح علي شعرها تهمس لها بحنان:
- بس يا حبيبتي اهدي يا قلب أمك، أنا عارفة يا بنتي إن اللي حصلك مش بإيدك، واللي كان عايز يعمله مراد فيكي، الكلب كان عايز يستغل ضعفك وخوفك، بدل ما يستغلك هو، استغليه انتي.

قطبت روحية جبينها متعجبة تبتعد عن منيرة تنظر له مستفهمة، لتبتسم منيرة في هدوء ماكر تتمتم:.

- اسمعيني يا روحية رغم أن اللي حصلك كان غصب عنك، بس الناس هتجيب الغلط كله عليكي ما حدش هيرحمك، الناس بقي منزوع من قلوبهم الرحمة، لما تتجوزي مراد وتتطلقي منه هيبقي معاكي ورقة طلاق يقول أنك كنتي متجوزة، رجالة اليومين دول ممكن يقبل بواحدة مطلقة، بس ما يرضاش بواحدة مغتصبة، رغم أن اللي حصل دا كان غصب عنها، استغلي انتي مراد يتجوزك، ويطلقك ويبقي معاكي ورقة طلاق، وسيبي الحتة كلها وامشي وأنا هساعدك وادويكي تشتغلي عند ناس معرفة وتبدأي من أول وجديد وبإذن الله ربنا هيبعتلك ابن الحلال اللي يعوضك عن كل اللي حصل.

كلام مرتب منطقي مقنع للغاية لفتاة بائسة مثلها، اضطربت حدقتيها ذعرا رغم اقتناعها بما قالت منيرة كاملا نظرت لمنيرة خائفة تهمس بارتجاف:
- وافرضي وافقت واللي ما عملوش فيا دلوقتي، عملوا بعد الجواز، ما حدش هيقدر يتكلم ولا يفتح بوقه، كله هيقول مراته
احتدت ملامح منيرة بصرامة لتمسك خفها في يدها تصيح متوعدة:.

- مين دا طب يبقي يفكر يأذيكي ابن وحيد وأنا اديله بشبشي علي خلقته، فكري يا بنتي صدقيني انتي محتاجة الفرصة دي
Back.

وافقت وهل كان لها حل آخر غير الموافقة، إن لم تفعل ستبقي الفتاة المنبوذة التي يحتقرها الجميع، ربما هي فرصة جيدة لها كما اخبرتها منيرة، اجفلت من شرودها علي صوت دقات علي باب غرفتها لترتعش في جلستها، دخلت منيرة تنظر لها تبتسم ابتسامة واسعة، اطلقت زغرودة عالية تحادثها بفرحة:
- يلا يا عروسة المأذون برة.

حركت رأسها إيجابا تبتلع لعابها الجاف، جسدها ملتصق بالفراش يرفض الحراك، توجهت منيرة إلي فراش روحية، تجذب يدها ليتوجها معا إلي الخارج في صالة المنزل كان ذلك الرجل المدعو عبده يجلس جوار مراد يرميه بنظرات نارية نافرة، بينما يجلس المأذون ومعه شاهدين، ارتجف جسد منيرة ذعرا ما أن رأت مراد بينما، ارتسمت ابتسامة متوعدة سوداء علي وجه مراد الذي لا يظهر من الأساس من عنف ما به من لكمات تخفي ملامحه، حمحم عبده بخشونة يكسر الصمت يتمتم:.

- مش نكتب بقي ولا ايه المأذون قاعد بقاله كتير
طبعا يا اخويا نكتب، نطقتها منيرة سريعا لتجذب يد روحية تجلس جوارها علي أريكة بالقرب منها، لحظات وسمعت صوت المأذون يسألها:
- موافقة يا بنتي علي الجوازة دي
قبل أن تبدي اي ردة فعل صدح صوت عبده يتمتم بغلظة:
- ما تخلص يا شيخ أحمد، ما هي أكيد موافقة.

بدأت إجراءات عقد القران وتطوع عبده أن يكن وكيلا للعروس، دوامة من الخوف اغرقتها بالكامل هي بعد لحظات من أن تصبح زوجته دوامة لم تفق منها الا حين وضعوا القلم في يدها وقربوا منها الدفتر لتخط توقيعها علي وثيقة إعدام فرضها المجتمع والناس، التقاليد التي لا تعرف سوي لوم الضعيف وضع الضحية موضع القاتل، والقاتل ما هو الا برئ حمل وديع لن يحاسبوه مهما كان وهل للحمل أنياب ليحاسبوه بها علي سفك الدماء، بأصابع مرتجفة كتبت أسمها وبصمت بإصبعها علي سطح الورقة، ليرحل المأذون والشهود بقي عبده ومنيرة ومراد وروحية، اقترب عبده من مراد يقبض علي تلابيب ملابسه يتوعده:.

- بص يا جدع أنت البت الغلبانة دي كانت في رقبتي أنا والست منيرة، لو فاكر انك بعد ما تتجوزها هتيجي عليها عشان مالهاش حد، لاااا، لو فكرت بس تدوسلها علي طرف هسحلك في الحارة، هزفك قدام العيال، ماشي يا بيه
اشاح مراد بوجهه بعيدا يتأفف حانقا ليلفظه عبده بعيدا بعنف، استأذن منهم وغادر لتبقي منيرة مع روحية ومراد، وقفت منيرة تمسك بيد روحية تنظر لمراد بإستيعلاء:.

- هات شنط مراتك من اوضتها وحصلنا علي البيت يا بيه...

قالت ما قالت لتمسك بيد روحية تخرج من المنزل بأكمله، بينما وقفت مراد ينظر في أثرهم ناقما غاضبا يكاد ينفجر، جدته العزيزة هي السبب في كل ما حدث له، أقسم علي الإنتقام، بخطي غاضبة دخل الي الغرفة ليجد عدة حقائب، حملها جميعا لينزل الي أسفل يتبعهم الي منزلهم في بداية الحارة، دخل ليجد روحية تجلس علي أريكة في الصالة بمفردها وجدته ليست هنا، رآها فرصة ذهبية لبث الرعب في قلبها، القي الحقائب من يده، ليجرع في خطواته إليها وقف أمامها مباشرة يرميها بنظرات مشتعلة حاقدة يهمس ناقما متوعدا:.

- أنا في الآخر أخد البقايا بردوا، ماشي يا روحية اتكي علي الصبر، بقيتي مراتي يا حلوة، وربي لاسود عيشتك، اصبري بس عليا، اما خليتك تقولي حقي برقبتي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة