قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الخمسون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الخمسون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الخمسون

اجفلا كل من خالد ولينا على صوت سيارة وقفت بعنف في حديقة منزلهم وصوت زيدان يصدح بقوة من الخارج ينادي على زوجته، وخاله.

هرعت لينا ناحية النافذة لتري زيدان يقف هناك، يجذب شخصا من ملابسه لا يظهر وجهه فقط دماء تسيل من كل أنش فيه، بينما هرع خالد يركض إلى أسفل، توجه إلى الباب يفتحه سريعا ليندفع زيدان إلى الداخل يمسك في يسراه عصا يتسند عليها ويده اليمني تقبض على ملابس شخص يسحله ارضا، القي الرجل تحت قدمي خالد رفع وجهه له، يناظره بنظرات حادة بها من العتاب ما بها، يلهث بعنف عينيه حمراء دموية مخيفة، تحرك خطوتين للداخل يصدح بصوته العالي في ارجاء المكان:.

- لينااااااا، يا لولياااااا أنتِ فيييييين...

لم يعر خالد انتباها توجه إلى سلم البيت يستند على كعازه يصعد بخطي سريعة لأعلي توجه إلى غرفتها ليجد لينا زوجة خاله تقف هناك كانت على وشك النزول، ابتسمت، ابتسامتها مزيج من العتاب والشوق، اقتربت منه تبسط كفها على وجنته ادمعت عينيها تنظر لساقه وذلك العجاز الذي يستند عليه لتجذب رأسه تعانقه تربت على شعرها ليشعر للحظة أنه عاد ذلك الطفل الصغير كم رغب في أن يظل بين أحضانها يبكي بلا توقف يخبرها بكل ما يجثم على صدره من ألم، بجفاء ابعدها عنه يعطيها شبح ابتسامة شاحبة، ليتحرك إلى غرفة زوجته، فتح بابها دون سابق إنذار بحث عنها هنا وهناك لا اثر لها احتدت عينيه غضبا، لينزل إلى أسفل اقترب من خالد يصيح فيه محتدا:.

- بنتك فين يا خالد يا سويسي
ارتسمت ابتسامة مريرة على شفتي خالد ليردد في سخرية متألمة:
- خالد يا سويسي، ونعم التربية فعلا
تعالت ضحكات زيدان الساخرة ليتحرك ناحية ذلك الملقي ارضا لكمة بساقة السليمة في بطنه بعنف ليتأوه الأخير متألما تكور حول نفسه ينزف الدماء من فمه بغزارة، التفت زيدان برأسه ناحية خالد ليردف متهكما:
- ما أنا تربيتك بقي، صدمتك فيا معلش، أنا بردوا اتصدمت فيك...

تحرك زيدان ناحية خالد ليصبح أمامه مباشرة التحمت عيني خالد بعيني زيدان ليبتسم زيدان متألما يردف ساخرا:
- يا خالي اللي رباني وعارف سري، هو نفسه اللي عايرني بيه، عايرني بضعف طفل صغير، فضل يدافع عن نفسه لآخر نفس فيه، كان عنده يموت ولا يعيش موطي راسه بسبب كلب.

امسك خالد زيدان من ذراعيه بقوة يشد عليه شد على أسنانه قلبه يكاد ينفجر وهو يري تلك الحالة التي وصل لها زيدان بسببه، أدرك بعد أن قال ما قال إن كلماته ذبحت زيدان، قتله، آلمته اكثر بكثير من لكماته تجمعت الدموع في عيني خالد يهمس من بين اسنانه محتدا:
- والكلب دا أنا طلعتلك روحه في ايدي خليته يتمني الموت وما يطلوش، يعيش زيه زي الكلب، دا حتى الكلب عايش بكرامة عنه، ااااا.

وسكت لم يجد ما يقوله يعرف انه اذاه قتله بما قال اختنقت نبرته يحاول أن يستعيد ثباته يردف محتدا غاضبا:
- أنا عارف اني دبحتك بكلامي، بس دي بنتي لما اعرف أن بنتي حصل فيها كدة، مستني مني ايييييه اخدك في حضني واقولك ولا يهمك يا حبيبي اطلع اغتصبها تاني، دا أنت تحمد ربك اني ما طلعتش روحك في ايدي
ارتسمت ابتسامة ساخرة على جانب فم زيدان ينظر لخاله للحظات في تهكم:.

- حماك جاسم باشا الشريف بكل جبروته وهيلمانه قدر ياخد مراتك من بيتك رغم كل اللي عملته فيها
ابتلع خالد لعابه يحاول الا تلتقط عينيه بعيني زيدان شد على قبضته يحرك رأسه نفيا، ليصدم زيدان الأرض من تحته بعصاه الحديدية يصيح محتدا:.

- وأنت بكل بساطة خدت مراتي من جوا بيتي على غلطة حصلت غصب عني، لولا أنك خالي يا خالي، كنت قطعت رجلك قبل ما تفكر تاخدها وتمشي، دلوقتي الهانم فييين بنتك فييين، دا أنا جايبلها مفاجأة حلوة أوي.

توجه ناحية ذلك الرجل الملقي ارضا لينحني ناحيته بجذعه العلوي قبض على خصلات شعره يجذب رأسه بعنف ليظهر وجهه الذي لا يظهر فقط آثار عنف زيدان هو ما يظهر عليه، وجهه لا تظهر ملامحه فقط تغطيه بأكمله شد زيدان رأسه بعنف ليصيح الأخير خرج صوته ضعيفا متألما بينما اكمل زيدان فئ شراسة:
- دا أنا حتى جايبلها مفاجأة حلوة أوي، حامد بيه، البيه اللي حطلي حبوب الهلوسة في العصير...

اشتعلت عيني خالد غضبا ينظر لذلك الشاب ليندفع ناحيته قبض على تلابيب ملابسه يجذبه بعنف بالكاد وقف على قدميه من عنف ما به من ألم بينما زمجر خالد كالليث الذبيح:
- قسما بربي، لو ما قولت مين ال **** اللي قالك تعمل كدة لكون مطلع روحك في ايدي
توسعت عيني الشاب في هلع ليحرك رأسه نفيا يردف بصوت خفيض متألم:.

- ما اعرفش ما اعرفش، ما شوفتهاش ما اعرفش، قبض خالد على عنق ذلك الرجل حتى اختنقت أنفاس الاخير، استحال وجهه للون الازرق جحظت عينيه اختقنت انفاسه بالكاد يلتقطها بينما زيدان يشاهد في برود تام، همس الرجل اخيرا بصوت بالكاد يسمع:
- هقول، هموت
لفظه خالد من بين يديه ليلقيه أرضا بعنف ارتطم جسده بالأرض يسعل بقوة يحراول التقاط انفاسه المهدورة، انتفض حين سمع صوت خالد يصدح من جديد:
- ما تنطق يلا.

حرك الشاب رأسه إيجابا سريعا بهلع سيطر على جسده بأكلمه ليرتجف بعنف ابتلع لعابه الجاف يهمس متأوها من الألم:.

- مااا اعرفهاش، ااانا كنت شغال في الفندق دا من بسيطة ومن حوالي أسبوعين وأنا راجع من الشغل فجاءة طلع عليا مجموعة رجالة شكلهم ضخم جداا، رشوا حاجة في وشي ما حستش بنفسي لما فوقت، كنت مرمي في أوضة على أرض وقدامي واحدة ست ما شوفتش وشها كانت لابسة ماسك او قناع زي اللي بيجي في الافلام الاجنبي دا، اللي كان باين منها عينيها الزرقا، قربت مني وكانت ماسكة في ايديها صورة واحد وواحدة، خيرتني ما بين اني احط للراجل دا حاجات في العصير وأخد مبلغ كبير، قالتلي هموتك وما حدش هيسأل عليك، خوفت والله خوفت ما كنش قدامي حل تاني أنا مش عايز اموت، وهي اللي قالتلي على ميعاد التنفيذ بالظبط، وادتني موبايل مش مسمحولي اكلمها هي كانت بتكلمني منه، لما خلصت كلمتني وقالتلي اسيب الفندق الفلوس اللي هتدهالي هتعيشني ملك، رجعت بيتي لقيت فلوس كتير، قولت اكن يومين عند واحد صاحبي على ما الحكاية تخلص وابقي اسافر، والله هو دا كل اللي حصل، أنا كنت خايف أموت.

تعالت ضحكات زيدان القاسية ليركله بقدمه السليمة في ظهره بعنف ليسقط الشاب على وجهه أرضا ليردف زيدان متوعدا:
- وأنت دلوقتي مش هتموت، دا أنا هوريك العذاب ألوان هخليك تتحايل عليا عشان اموتك
انحدرت الدموع من عيني ذلك الشاب لتختلط بدمائه نظر لخالد يتوسله بنظراته أن ينقذه ليهمس بصوت ضعيف متألم:
- ااا، اانا عارف العنوان، عارف عنوان المكان اللي خطفوني فيه، ابوس ايدك ارحمني وأنا هقولك على المكان...

اقترب خالد من الرجل يجذبه ليجلس شد على اسنانه يهسهس غاضبا:
- فين!
حرك الرجل رأسه إيجابا سريعا يمسك يد خالد يود تقبيلها يردف بنحيب متوسلا:
- هقولك هقولك، بس ابوس ايدك اديني الأمان
رمي خالد الرجل بنظرة حادة ليحرك رأسه إيجابا يعطيه موافقة صامتة على حمايته ليلهث الرجل بعنف يلتقط أنفاسه يخبر خالد بالمكان الذي قابل تلك السيدة فيه، ما إن انتهي اقترب زيدان من الرجل يقبض على عنقه ابتسم في شراسة يقول متوعدا:.

- أنت خدت منه اللي أنت عاوزه دوري أنا بقي اخد حقي.

صاح خالد بعنف باسم زيدان يقترب منه يحاول تخليص عنق الرجل من يده، زيدان يتشبث بعنق الراجل وكأن حياته تعتمد على موت الاخير عينيه حمراء كالجمر انفاسه سريعة، لم يجد خالد بدا سوي انه صدم قدم زيدان محاولا عدم إيذائه، ليتأوه الأخير من الالم ترك عنق الرجل ارتد للخلف يصرخ وجهه من الألم، وقف خالد أمام الرجل يصيح في أحد رجاله الذي جاء مسرعا ليأمره الاخير في حزم:.

- حسن تاخد الواد دا وتتحفظ عليه ما تخليش حد يقرب منه حتى زيدان باشا نفسه
سريعا كان ينفذ حسن الأمر جذب الرجل سريعا خارج المنزل، في لحظة دخول لينا إلى منزل ترى رجل وجهه لا يكاد يري من الدماء يُسحب للخارج، آثار الدماء واضحة للغاية على يد زيدان التي يقبضها، اندفعت للداخل نظرات لكلاهما للحظات في كره ومقت شديد لتصيح فجاءة:
- دا انتوا عصابة بقي، ايييييه اي حد مش على مزاجكوا تموته.

وجهت انظارها ناحية زيدان تنظر له باشمئزاز لتعود بظهرها للخلف ترغب فقط أن تبتعد عنه قدر الإمكان، نقلت انظارها بين والدها وزيدان امتعضت ملامحها تهتف في غيظ:
- انتوا ايه للدرجة دي شايفيني لعبة في ايديكوا، تحركوها عشان تعمل بس اللي انتوا عايزينه، للدرجة دي مشاعري وجودي كياني مالهمش اي قيمة، المهم تنفذوا اللي انتوا عايزينه وبس.

في تلك اللحظات نزلت لينا تهرول إلى أسفل خاصة حين سمعت صوت ابنتها تصرخ بتلك الطريقة، هرولت ناحيتها تسألها قلقة:
- في اي يا لينا بتصرخي كدة ليه، حصل ايه
ارتسمت ابتسامة واسعة ساخرة على شفتي لينا لتشير إلى والدها وزيدان ضحكت عاليا تردف متهكمة من بين ضحكاتها المتقطعة:
- تعالي يا ماما اتفرجي على الفيلم دا، بابا كان بيتريق عليا عشان بحب الأفلام الهندي، وطلع هو اللي بيخرجها...

ليناااا، زمجر بها خالد بحدة يرمي ابنته بنظرات غاضبة قاسية
لترفع حاجبيها لأعلي تنظر له ببراءة إجادت تمثيلها أليست ابنته اشارت لنفسه تردف متهكمة:
- ايه يا بابا، أنا قولت ايه غلط، مش دا اللي حصل مش انتي يا ماما قولتيلي بالنص كدا أن بابا قالك ( هي بس تقول أنا بحب دا وأنا اجوزهولها )، أنتِ عارفة بابا عمل ايه لما عرف اني بحب معاذ، طبعا بعد ما اداني العلقة التمام.

وجهت انظارها ناحية زيدان ترميه بنظرات غاضبة كارهة تردف:
- زيداااان بيه راح خطفه، وهدده أنه لازم يسمع كل كلمة خالد باشا بيقولها، وعملوا علينا فيلم جميل، خلوا معاذ يكلمني ويقولي سوري يا لينا احنا بس أصحاب، ما عندوش اي مانع أنه يدوس على قلبي بجزمته المهم أنه ينفذ وصية صاحبه، انتوا اييييه مش بني آدمين.

اقتربت من والدها وقفت امامه ترميه بنظرات قهر، غضب، ألم تسارعت أنفاسها لتنساب دموع عينيها رغما عنها وهي تصرخ من ألم روحها:
- ليه يا بابا، لييييه تعمل فيا كدة، تكسر قلبي كدة، مين قال إن معاذ وحش، هو اللي هدده، أنت عارف هو عمل فيا ايه، قتلني، تخيل كدة وهو بيقولي انتي عاهرة جارية موجودة عشان مزاجي، مبسوط، اتمني تكون مبسوط، وراضي عن اللي عملته فيا.

لم يجد خالد ما يقوله فقط ينظر لعيني ابنته وهي تبكي بلا توقف، يري الألم، العتاب، الكراهية، ليتجمد جسده من أثر الصدمة ابنته تكرهه!

بخطي ثقيلة ابتعدت لينا عن والدها لتتوجه ناحية زيدان وقفت على مقربة منه تنظر له بشراسة، قلبها ينفطر، رغما عنها احبته يوما، أحبت حنانه معاملته كلماته، دفعها لها لتتقدم تقضي على خوفها اضطربت حدقتيها حين مر أمامها ذكري سعيدة من شهر عسلهم القصير، انهمرت دموعها تصرخ بشراسة ممتزجة بكراهية:.

- أنت اكتر شخص كرهته وبكرهه في الدنيا أنت تستاهل كل حاجة وحشة حصلتلك وأكتر، أنت شيطان لابس وش الملاك قدامهم، تعرف أنا بكره قلبي وروحي وجسمي عشان في يوم سلمتهم لشيطان زيك، طلقني أنا مش هقعد على ذمتك دقيقة واحدة.

قالت ما قالت القت ما في جوفها كله ليحل بعدها صمت مخيف كصمت القبور، لينا تنظر لخالد زوجها في صدمة عقلها يرفض استيعاب أن خالد كان يلعب بحياة ابنته كما كان يلعب بحياتها هي قديما، خالد هو خالد لم يتغير، مازال يعشق السيطرة على جميع من حوله، وقف خالد هناك بعيدا عنهم ينظر للفراغ عينيه حادة يقبض على كف يده يبتسم داخله ساخرا ابنته لم تفهم أبدا، أنه فقط أب!، أب على استعداد تام أن يضحي بحياته لأجلها، أب خاف أن يسلم ابنته لفتي خاف منه من اول لقاء فتي لم يدافع عن حبه لها، عكس زيدان تماما سنوات وهو متمسك لا يرغب في غيرها، حبه لها سلاح يدافع عنها به...

لم يكسر الصمت سوي صوت ضحكات زيدان العالية التي صدحت فجاءة تهشم حاجز الصمت الوهمي الذي احاط بهم، عقد ذراعيه أمام صدره يردف متهكما:
- مش عارف ليه حسيت فجاءة كدة أن أنا الجوكر في فيلم باتمان، اللي لما الناس عرفت قصة حياته حبته وكرهت باتمان، بس يا ترى بقي المعلومات القيمة دي عرفتيها لوحدك ولا حمامة طايرة هي اللي قالتلهالك.

نظرت له بمقت شديد بعد كل ما فعل وعرفت عنه لا يزال يسخر منها، تهدجت أنفاسها من الغضب ليتقدم ناحيتها خطوة واحدة دني برأسه بضع إنشات قليلة لحظات رأت في عينيه نظرة ألم صارخة لتتبدل في ثواني إلى نظرة اخري ساخرة متسلية توسعت ابتسامته الخبيثة يردف مستمتعا:.

- عيزاني اطلقك، عشان تروحي تتجوزي البيه، بقي بذمتك حد يسيب الأسد ويروح للمعزة، أنا كنت جاي جايبلك دليل برائتي بس يلا مش مهم، طلاق مش هطلق، أنا كنت ناوي بصراحة اطلقك بس رجعت في كلمي، هسيبك براحتك خالص تهدي وترجعي بيتك بمزاجك كان او غصب عنك، والا هطلبك في بيت الطاعة، وابقي خلي خالد باشا السويسي يجبلك عيش وحلاوة خلف القضبان، سلام يا زوجتي العزيزة.

قالها ليغادر المكان في هدوء تام يعاكس تماما تلك العاصفة التي دخل بها، لتلتفت لينا برأسها تنظر لوالدها في غيظ، تركتهم لتسرع إلى غرفتها تصفع بابها توصده بالمفتاح، تشعر بالغضب والقهر، الألم ينهش قلبها، كانت فقط لعبة، أحبت مالكها! وهو حين مل منها قرر تدميرها ببساطة، وقفت في منتصف الغرفة تتنفس بعنف قبضت كف يدها تشد عليه بعنف ليقطر منه الدماء، احتدت عينيها نفرت عروقها تشعر بالدماء تشتعل في رأسها اقتربت من أحدي التحف التي تملئ غرفتها لتليقها ارضا بعنف تصرخ من الغضب، تحركت في الغرفة تهشم ما تقابل تصرخ بكل ما تملك من جهد علها فقط تستريح ولو قليلا.

في الأسفل سمعت لينا تلك الأصوات لتهمس باسم ابنتها فزعة التفتت لتصعد اليها حين سمعت صوته يهتف من خلفها:
- سيبيها يا لينا، هي محتاجة تبقي لوحدها، ما تخافيش مش هتأذي نفسها
التفتت لينا تنظر لخالد في غيظ نزلت درجات السلم التي صعدتهم لتتوجه إليه وقفت امامه تصك اسنانها تهتف حانقة:.

- أنا بجد مش مصدقة كنت بقول ما حدش في الدنيا بيحب بنته قد خالد، مش كفاية بقي زمان كانت حياتي لعبة في إيدك، ودلوقتي بقت حياة بنتي وسعادتها، عمرك ما هتتغير يا خالد، السنين بتعدي على الكل الا إنت جبروتك بيزيد ما بيقلش...
انهت ما تقول لتصعد سريعا إلى غرفة ابنتها بينما وقف هو مكانه ابتسم يدس يديه في جيبي بنطاله ظل ينظر في اثرها إلى أن غادرت من أمامه ليتنهد حانقا ليخرج من المنزل بأكمله يتمتم مع نفسه:.

- الأهم فالمهم يا ابن السويسي
قالها ليستقل سيارته يستعيد سريعا ذلك العنوان الذي أخبره به الشاب يتوجه إليه...
في منزل خالد السويسي في غرفة بدور، جلست على فراشها تبكي في صمت وجودها هنا بات عبئا عليها قبل الجميع، الكوارث في المنزل تتفاقم، هي تحاول تجنب الخروج من غرفتها قدر الإمكان، يكفي خالد ليس بوالدها من الأساس ليتحمل عبئها فوق اعبائه، شردت عينيها تفكر مع نفسها حائرة:.

- اسافر لاسلام، لاء بلاش أنا عارفة أن إسلام مش هيرميني بس هو في الأول وفي الآخر موظف كفاية عليه مصاريف عياله ومصاريف علاج أمي، مش هبقي عبئ زيادة عليه، يا رب أنا عبئ على الكل، منك لله يا اسامة يا رتني ما سبتش شغلي، يا ريت سمعت كلام بابا من الأول وما اتجوزوتوش...

ليطرق عقلها فجاءة حمزة، عرض الزواج، بلعت لعابها تفكر متوترة قلقة توافق ترفض، فرق السن بينهما ليس بهين، تتعجب كثيرا أن السن لا يظهر عليه من الأساس ولكنها تلك من شيم الأثرياء ربما، ولكن كيف توافق هو اخو والدها، لتعد تسخر من حالها هل خالد والدها من الأساس، تنهدت حائرة تحاور نفسها:.

- أوافق، طب لو وافقت الناس هتقول عليا ايه، اتجوزت واحد أكبر منها عشان فلوسه، يا رب، هو طيب وحنين والولاد بيحبوه، هو قالي هيكون ليهم الأب، يااارب أعمل ايه.

اغمضت عينيها لتنساب دموعها شعور مؤلم بالعجز يغزو كيانها أجمع دقائق طويلة مرت قبل أن تسمع صوت دقات هاتفها يصدح بصوته العالي، فتحت مقلتيها لتبصر اسم حمزة على الشاشة، لم تتعجب فهو يتصل بها كثيرا منذ أن سافر مكالمة لا تتعدي دقيقة فقط يسأل على حالها وحال الأولاد ويغلق، تنهدت تفتح الخط ما أن وضعت الهاتف على اذنها تمتمت بجملة واحدة:
- أنا موافقة اتجوزك.

قالتها ليدوي بعدها الصمت للحظات كانت تتوقع أن تسمع صوته يصرخ فرحا على موافقتها، الا أنه فقط صمت لدقائق لتسمع صوته الهادئ الرزين يردف:
- أنتِ متأكدة من قرارك
أحست أنها فرصة منه للتراجع ربما هي فقط لحظة طيش منها ليس اكثر، الا أنها عادت تلتقط أنفاسها حركت رأسها ايجابا تتمتم بهدوء:
- ايوة، متأكدة!
لحظات اخري من الصمت لتسمعه يردف في هدوء تام:.

- مبروك يا درة، سلميلي على خالد وسيلا، وأنا هاجي في اقرب وقت يسمح بعد العدة عشان نكتب الكتاب
قالها ليغلق معها الخط جلست هي تربع ساقيها على الفراش وضعت يدها على قلبها الذي يطرق بعنف تلهث من اللاشئ، كلماته لم يكن بها شئ غريب الا انها ارجفتها، شردت عينيها في الفراغ تفكر مع نفسها بهلع هل فعلا اتخذت القرار الصحيح.

على صعيد بعيد للغاية، في دبي، منزل حمزة السويسي قبل مكالمة بدور بنصف ساعة تقريبا، دخل أدهم من باب المنزل وهو يصفر باستمتاع ترتسم على محياه ابتسامة واسعة متشفية، لماذا، لاشئ هو فقط فسخ عقد صفقة بملايين بين شركة والده المزعوم وشركة اخري للبرمجة، والشرط الجزائي كفيل لأن يجعل والده يشهر إفلاسه، ماذا فعل، عطل دون ان يدري أحد تلك البرامج الجديدة التي قام والده بتصميماتها والتي كانت ستباع بملايين الدولارات، ما إن دخل إلى المنزل سمع صوت والده يصرخ في الهاتف:.

- يعني ايه البرامج فجاءة دخل عليها فيرس نسف ال Data بتاعها، دي صفقة بملايين هنروح في داهية...
توجه إلى غرفة حمزة الابتسامة تشق ثغره بجهد شاق اخفي تلك الابتسامة يرسم الحزن دمعا على محياه اتجه إلى غرفة مكتب والده دق الباب ليدخل ينظر لأسفل حزينا مهموما الصفقة ضاعت من بين ايديهم، تقدم ناحية مكتب والده ليصيح الأخير غاضبا:.

- اهلا بأدهم بيه، كنت فين يا باشا، من بكرة الصبح تفتح تحقيق وتعرفلي مين المسؤول عن اللي حصل، قسما بربي ما هرحمه
حرك أدهم رأسه إيجابا سريعا يردف بخفوت حزين:
- حاضر يا بابا، اهدي بس حضرتك عشان صحة حضرتك ما ينفعش كدة
صمت للحظات ليرفع وجهه لوالده اضطربت حدقتيه خوفا ليردف بعدها قلقا:
- المشكلة دلوقتي في الشرط الجزائي دي مصيبة، احنا كدة هنفلس، هنعمل ايه يا بابا.

ما إن انتهي قطب جبينه متعجبا حين وجد حمزة يجلس على مقعده مرة اخري في استرخاء يبتسم في هدوء وكأن شيئا لم يكن:
- شرط جزائي ليه.

رفع أدهم حاجبيه متعجبا ألم يخسروا صفقة العمر منذ قليل لما تلك الابتسامة التي تغزو شفتي والدها توسعت عينيه في دهشة حين وجد حمزة يشير له ليجلس، ما إن جلس مد يده له بورقة بنكية ( شيك ) بمبلغ ليس بهين على الاطلاق، توسعت عينيه ينظر لتلك الأصفار على الورقة ليعاود النظر لوالده يسأله متعجبا:
- بتاع ايه الشيك دا
ابتسم حمزة في هدوء تام، ينظر لادهم مكملا:.

- عمولتك في الصفقة إنت ناسي أنك أنت اللي عرفتني على الشركة وكنت الوسيط في الصفقة، واهي عمولتك اهي
قطب أدهم جبينه متفأجاءا، عجز عن بلع لعابه الذي جف فجاءة ليتتمتم مدهوشا:
- صفقة ايه هي مش الصفقة باظت
ضحك حمزة بثقة ليستند بمرفقيه على سطح المكتب يقترب قليلا من ادهم يردف في ثقة:.

- أنت عبيط يلا ولا ايه صفقة ايه دي اللي تضيع، أنا عامل حسابي كويس ومعايا نسخ اصلية ما حدش يقدر يعملها غيري، بدل النسخة اتنين وتلاتة احتياطي، سلمتهم البرامج واستملنا الفلوس وادي عمولتك، أنا لو كنت متضايق دا بسبب الاهمال اللي حصل وأنا أبدا ما اسمحش إن يحصل إهمال في شركتي...

اشتعلت أنفاس أدهم غضبا بعد كل ما فعل نجح حمزة ونفذ من تحت يديه، ولكنها فقط البداية لن يتركه قبل أن يأخذ بثأر والده مهما كلفه الثمن، سريعا رسم ابتسامة واسعة سعيدة على شفتيه، قام سريعا يعانق حمزة يتمتم في سعادة:
- مبروك يا بابا ألف مبروك الحمد لله ربنا سترها، مش اي حد يبقي حمزة السويسي بردوا ولا ايه يا دون.

ضحك حمزة بخفة يصدم ابنه بخفة على رأسه، ينظر له مفتخرا به، استأذن بعدها أدهم ليغادر متحججا أنه يرغب في الاحتفال، توجه حمزة إلى هاتفه يحادث بدور، لتعصف الصدمة كيانه حين سمع جملتها الأولي، أراد فقط أن يتأكد من أنه لا يحلم فعاد يسألها مجددا عله فقط يهيئ له لتؤكد ما تقول، اليوم يوم سعده على الارجح الصفقة صباحا والآن بدور وافقت...

على صعيد ساخن حار يغلي، خرج أدهم من غرفة حمزة يكاد يتميز من الغيظ، ضاع الفخ سدي منذ أيام وهو يعد عدته للضربة القاضية، لتقضي عليه هو، توجه إلى غرفته ليمر في طريقه على غرفة مايا، سمع من خلال بابها الشبه مغلق صوتها تتحدث مع أحدهم في الهاتف ليقف يرهف السمع فسمعها تقول:.

- ايوة والله يا رعد، أدهم اعترفلي أنه بيحبني، وأنا كمان قولتله، فاضل بس يقول لبابا، مش عارفة امتي بصراحة، حقيقي شكرا يا رعد، وبجد أنت تستاهل انسانة تحبك حب الدنيا دي كلها، ماشي مع السلامة
اغلقت معه الخط، ليدفع هو الباب بخفة دخل إلى الغرفة يوصد الباب خلفه بالمفتاح، ابتسمت هي لتقف من فراشه توجهت اليه تردف فرحة:
- أدهم وحشتني، مبروك صحيح عرفت انكوا كسبتوا صفقة كبيرة...

رسم ابتسامة زائفة على شفتيه يحرك رأسه إيجابا ليتوجه إلى فراشها ارتمي بجسده عليه نظر لها يردف مبتسما:
- كنتي بتكلمي رعد ليه
ارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة لتجلس أمامه تحادثه:
- رعد عمره ما حبني ولا أنا حبيته يا أدهم، رعد عارف اني بحبك انت، وهو اللي قالي اصارحك وما امشيش ورا نصايح صاحبتي اللي هتوديني في داهية دي
توسعت بسمته الخبيثة ليعتدل في جلسته مد يده يمسح على وجنتها بكفه بلطف يردف:.

- دا على كدة لازم اتصل اشكره واعتذره على الضرب اللي ضربهولي دا
ضحكت بخفة تعيد خصلاتها الثائرة خلف أذنيها، لتتوتر ابتسامتها حين شعرت به يقترب منها للغاية يسحق الخطوط الحمراء الفاصلة بينهما، ابتلعت لعابها مرتبكة تشعر به يحط يده على خصرها لتنتفض تعد تلقائيا للخلف تردف متوترة:
- ففي اي يا أدهم، أنت بتقرب كدة ليه
عاد يقترب من جديد يبتسم في خبث اخافها، ليهسهس في خبث ناعم:.

- وحشتيني يا مايا وحشتيني اوي، عايز اخدك في حضني، ابقي ملكك وانتي ملكي، نبقي كيان واحد
توسعت عينيها في دهشة ما أن فهمت ما يرمي إليه أدهم بكلامه لتنتفض بعيدا عن الفراش عادت بظهرها للخلف تنظر له في فزع:
- أنت بتهزر يا أدهم ايه اللي أنت بتقوله دا، أنا بحبك آه، وبحبك اوي كمان، بس مستحيل اوافق على اللي أنت عايزه دا، دا بابا ممكن يموت فيها لو عرف اني عملت كدة.

شد على أسنانه يغتاظ قلبه يطرق بعنف كأنه يعاقبه يرفض كل ما يفعل ولكن عقله شيطانيه هي فقط من تحركه ناحية الهاوية، قام يتجه ناحيتها ليسمعا معا صوت حمزة يصدح من الاسفل ينادي عليهم، نظرت مايا له نظرة طويلة حزينة لتلتفت وتغادر، بينما وقف أدهم مكانه يتوعد له:
- وربي لاحسرك عليها يا حمزة يا سويسي زي ما حسرتني على ابويا
قالها ليصدم صدره موقع قلبه بعنف يردد بصوت حاد غاضب:.

- وأنت أخرس بقي، فرحان أنه كسب الصفقة يا مهزق، لاء يعني لاء هاخد حقي يعني هاخده!

وصل إلى العنوان المطلوب الطريق بالفعل كان طويل، ولكنه في النهاية وصل إليه، اوقف السيارة بعيدا عن ذلك المبني القديم المهجور، ليكمل طريقه في حذر سيرا على الاقدام اخرج سلاحه يشد أجزائه ليكن في وضع الاطلاق في اي لحظة، بخطي خفيفة وصل إلى الباب اطل برأسه من الباب ليشعر بحركة من الداخل، اشهر سلاحه أمامه يدخل من الباب، ليتنهد ساخرا ينزل سلاحه ارضا ينظر لذلك الواقف يتمتم متهكما:
- هو أنت!

التفت زيدان يستند على عكازه نظر لخالد للحظات يبتسم ساخرا ليشير إلى حائط كبير فارغ كتب عليه بخط أحمر عريض جملة بعرض الحائط بالكامل
( The game is not over yet)
اللعبة لم تنتهي بعد!
اقترب خالد من الحائط ينظر لتلك الكلمات ليمد يده يتحسس ذلك الطلاء ليشعر به لزج حديث، قبل أن ينطق بكلمة نطق زيدان متهكما:
- الكلام لسه مكتوب جديد البويا لسه طرية...

معني كدة أن اللي عمل كدة قصد أنه يعرف حامد مكان المخزن عشان عارف اننا هنلاقيه ويجينا هنا عشان يوصلنا الرسالة دي، دا احنا بنلعب مع مافيا بقي
كور خالد قبضته ليصدم الحائط بعنف، تحرك هنا وهناك بسرعة عله يعثر على دليل آخر بينما وقف زيدان مكانه عقد ذراعيه أمام صدره، يردف ساخرا:
- ما تتعبش نفسك أنا هنا بقالي ساعة ما فيش اي حاجة تدل على اللي كانوا موجودين هنا.

زمجر خالد غاضبا ليلتفت بجسده ناحية زيدان دون سابق إنذار كان يلكمه بعنف في وجهه ارتد زيدان للخلف ينظر لخالد غاضبا يردف حانقا:
- عايز تطلب البنت في بيت الطاعة
اشتعلت عيني زيدان غضبا ليكور قبضته كاد أن يسقط بها على وجه خالد لتتعلق في الهواء شد على أسنانه يردف في غيظ:
- أنا مش عايز امد ايدي عليك
طحن خالد اسنانه غاضبا ليدفع زيدان في صدره بعنف يردف ساخرا:
- لاء ياض مد ايدك عليا، ما أنت تربية زبالة.

ابتسم زيدان ساخرا يعقد ذراعيه يتمتم متهكما:
- والله دي تربيتك أنا مش جايب حاجة من برا
احتقنت الدماء في عيني خالد ليصدح صوته غاضبا:
- تصدق صح أنا اللي غلطان
رفع زيدان كتفيه لأعلي يتمتم في براءة زائفة:
- دي بقي تبقي مشكلتك مش مشكلتي، انت جاتلك الفرصة تربيني وما عرفتش...
رفع خالد حاجبه الأيسر ابتسم يردف متوعدا:.

- ومالوا يا حبيبي نعديها من اول وجديد احنا ورانا حاجة، قدامك نص ساعة وتبقي في الإدارة والا تعتبر نفسك متحول للتحقيق، هو كدة افتري، سلام
قالها ليخرج من ذلك المبني القديم، بينما ابتسم زيدان ساخرا متجها إلى سيارته...

مر ساعة على الأقل حين وصل خالد إلى الإدارة توجه مباشرة إلى مكتبه ما أن فتح بابه وجد زيدان يجلس على المقعد المقابل، نظر زيدان لخالد ما أن دخل ليعاود النظر في ساعته ابتسم يتمتم في براءة:
- اتأخرت ليه يا سيادة اللواء أنا هنا بقالي 38 دقيقة بالظبط، وتقدر تسألهم تحت
نظر خالد لزيدان في حدة لتتوسع ابتسامة الأخير، هب واقفا يؤدي له التحية يردف:
- اوامر معاليك يا افندم، تؤمرني بحاجة.

حرك خالد رأسه نفيا ليتحرك زيدان إلى الخارج ما أن اغلق الباب خلفه صدحت ضحكات خالد الساخرة، ظل يضحك حتى ادمعت عينيه ليردف متهكما:
- لاء تربيتي فعلا...

في غرفة لينا، جلست على فراشها بعد أن حطمت تقريبا كل ما يمكنها تحطيمه في غرفتها، جلست على فراشها تلهث بعنف، احتدت عينيها غاضبة لتلتقط هاتفها سريعا تفك الحظر عن رقم معاذ، تتصل هي به لحظات وسمعت صوته القلق يقول متلهفا:
- لينا أنتِ كويسة بحاول اتصل بيكي من بدري موبايلك مقفول
التقطت أنفاسها الهادرة تهتف في حدة:
- معاذ اسمعني، أنا عيزاك تسحبلي الملق بتاعي من كلية الطب، بليز يا معاذ من غير ليه.

سمعت يقول بترفق حاني:
- اكيد طبعا حاضر اللس تحبيه
صمتت للحظات تستعيد ثباتها لتردف بتلك الجملة:
- وعايزاك تتفق مع محامي كويس، عايزة ارفع قضية خلع على زيدان!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة