قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثالث والخمسون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثالث والخمسون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثالث والخمسون

تسمر مكانه ينظر لتلك الواقفة هناك، صفعته الصدمة بلا رحمة توسعت عينيها تسارعت ضربات قلبه جف لعابه، والقادم اسوء بالطبع شهد ستخبر لينا بزواجه منها، لينا بالطبع ستتركه، سيطر بجهد شاق على حالة الصدمة التي اصابته يدعو في نفسه أن يمر ذلك الموقف، خاصة حين رأي لينا تلوح لحسام تبتسم له، التفت له تردف مبتسمة:
- حسام أهو، هو بيعمل ايه هنا...

رسم ابتسامة كاذبة على شفتيه ليقبض على كف يدها يرغب في جذبها للخارج يتمتم سريعا:
- ما يعمل اللي يعمله احنا مالنا، يلا ورايا شغل ومستعجل كفاية العطلة دي
نزعت كفها من يده تعقد ذراعيها أمام صدرها تردف ساخرة:
- وهي العطلة مني عشان عايزة اطمن عليك ولا من البيه اللي قعد ساعة يرغي مع الدكتورة، ولا كأنه متجوز نجفة.

زفر حانقا يرغب في حملها فوق كتفها والنزول بها لتصمت، بينما كادت عيني شهد أن تشتعل غيظا، وهي ترى غريمتها التي لم تحبها يوما هناك جواره، نظرت لحسام الجالس جوارها يبدو متوترا هو الآخر، لتميل على أذنه تهمس مغتاظة:
- مش تقوم تسلم على ابوك يا حسام
ابتلع حسام لعابه الجاف ليميل ناحية والدته يهمس لها راجيا:
- ماما عشان خاطري وحياتي عندك عديها
في تلك اللحظة نظرت الممرضة ناحية حسام وشهد تردف في هدوء:.

- اتفضلوا حضرتك دورك
ابتسمت شهد في غيظ، لما لم تنطق تلك الممرضة اسمها كان من الممكن أن تسمعه لينا وتعرف من هي، قام حسام يمسك بيد والدته متجهين إلى غرفة الكشف التي يقف خالد ومعه لينا بالقرب منها، يتأفف حانقا من عنادها:
- يا لينا قولتلك ورايا شغل هتمشي ولا امشي واسيبك
شدت لينا على أسنانها في غيظ لتتركه وتغادر اصطدمت في كتف شهد في طريقها لتبتسم لها تردف معتذرة:
- سوري ما خدتش بالي.

ابتسمت شهد في اصفرار تحرك رأسها إيجابا تنظر للينا بكراهية لتقطب الأخيرة جبينها من تلك النظرات التي ترميها بها تولي حسام مهمة الرد ابتسم يردف في مرح:
- ازيك يا دكتورة معقولة دكتورة لينا الشريف صاحبة مستشفي الحياة رايحة تكشف عند المنافسين
ضحكت لينا بخفة تردف مبتسمة:
- طب ما أنت كمان عند المنافسين أهو، إنت بتعمل ايه هنا
ابتسم حسام يلف ذراعه حول كتف والدته يردف في هدوء:.

- والدتي بس تعبانة شوية قولت اطمن عليها
وجهت لينا عينيها تنظر لوجه تلك السيدة لتلاحظ أن عينيها تنظر هناك، مكان ما يقف خالد، التفت لخالد سريعا قادما ناحيتها، عاودت النظر لهم تقول مبتسمة:
- ألف سلامة عليكي، على فكرة لو كنت جبت ماما المستشفي يا حسام ما كناش هناخد منك حق الكشف.

يلا يا لينا، عندي اجتماع مهم في الإدارة ولازم امشي، اردف بها بنزق يحاول إخفاء توتره من الموقف برمته يتجنب قدر الإمكان أن ينظر ناحية شهد لتحرك لينا رأسها إيجابا تقدمته للخارج وقبل أن يتقدم هو خطوة واحدة شعر بيد شهد تمسك بكف يده، وجه لها نظرة سريعة ليري في عينيها عتاب صامت، تشعر بالإهانة مما حدث فالينا الزوجة التي يخاف الجميع على شعورها اما هي زوجة السر التي يجب أن تبقي في الخفاء، أليست هي من وافقت في البداية، جذب حسام يد والدته متجهين إلى غرفة الكشف، ليتنهد هو يغمض عينيه متحسرا، نزل إلى سيارته ليجد لينا هناك، التفتت له تسأله متعجبة:.

- اتأخرت ليه يا خالد مش عمال تقولي متأخر متأخر
استقل مقعد القائد يخرج هاتفه من جيب حلته يضعه في الشاحن الخاص به في السيارة يغمغم في رتابة:
- كنت بدور على الموبايل
أدار محرك السيارة لتنطلق بهم، اخذ هو دقائق طويلة ليهدئ مما حدث لا يصدق أن ما حدث مر هكذا دون أن تحدث كارثة، اجفل على صوت لينا تسأله متعجبة:
- الست والدة حسام كانت بتبصلك وكأنها تعرفك، ولا يمكن عشان أنت وحسام فيكوا شبه غريب من بعض.

التفت برأسها يلقي عليها نظرة خاطفة ليرتفع جانب فمه بابتسامة صغيرة ساخرة يردد متهكما:
- او يمكن الست ما كنتش بتبص عليا خالص، وانتي بس اللي بتجيبي اي مشكلة من الهوا عشان نتخانق
توسعت عينيها في دهشة تشير إلى نفسها تصيح ذاهلة:
- أنا بعمل اي مشكلة عشان نتخانق يا خالد، إنت بتتكلم بجد، مالك يا خالد فيك ايه النهاردة.

وقبل أن يجيب علقت السيارة في زحام السير حادث على الطريق اوقف حركة المرور، ترك المقود يلتفت لها ليرتسم على ثغره ابتسامة شاحبة فجائها بقوله:
- لينا هو انتي حبتيني زي ما حبيتك
قطبت جبينها تنظر له متعجبة ما باله اليوم ولما ذلك السؤال الغريب بعد سنوات طوال، التفتت بجسدها اليه تهتف في دهشة:
- حبيتك!، ايه السؤال الغريب دا يا خالد بعد السنين دي كلها، إنت اكتر واحد عارف أنا بحبك قد ايه، استغنيت.

كانت ترغب في أن تقول انها استغنت به عن الدنيا بأكملها ليقاطعها هو حين اردف في سخرية حادة:
- استغنيتي عن كرامتك عشان عيشتي مع واحد مريض ضربك واغتصبك، بس اللي نا تعرفيهوش أن المريض دا كان بيتعذب اضعاف عذابك، كان بيصارع نفسه، بيموت ألف مرة، لما يهزمه مرضه ويأذيكي، التربة القاسية دي انتي السبب فيها.

توسعت عينيها في ذهول تنظر لها مصدومة هل استمع إلى حديثها مع ابنتها رمشت بعينيها عدة مرات، الجمت الصدمة لسانها تسارعت دقات قلبها قلقا من نظرة عينيه الحزينة المعذبة اللي رأتها تصرخ في حدقتيه، اسبلت اهدابها تنظر له دون كلام ليردف هو ضحك في سخرية يردف بنبرة بائسة تتألم:.

- ما تقلقيش أنا ما كنتش بتجسس عليكوا، دي كانت صدفة، لما دخلتي اوضة لينا نسيتي الباب مفتوح، والكاميرا اللي جنب الباب لقطت صوت من غير صورة تعرفي أن أنا بقالي شهور طويلة ما فتحتش الكاميرا، فتحتها بس عشان اطمن على البنت، وسمعت...
التفت بوجهه لها ينظر لحدقتيها عينيها سحره الابدي لعنة حياته، رفع إصبعه السبابة أمام وجهها يردف بقهر:.

- ما افتكرتيلش ولا حاجة واحدة حلوة، سنين وسنين ما عملتش فيهم ولا موقف واحد كويس، تفتكريه، جبت كل السيئات اللي عملتها وأنا شخص غير سوي شخص مريض، طب بعد كدة، بعد ما اتعالجت لا عمري رفعت ايدي عليكي ولا نيمتك ليلة زعلانة، كنت بحاول على قد ما اقدر اعوضك عن اللي شوفتيه وصبرتي عليه، كنت شايل جميلك جوا قلبي، اي واحدة تانية ما كنتش هتقدر تستحمل، انتي صبرتي عليا فضلتي جنبي، دا مش ضعف ولا قلة كرامة زي ما كنتي بتقولي، انتي في عز ضعفك اقوي في عينيا مما تتخيلي، عارفة شعوري ايه وانتي بتقولي للينا، أنا استحملت عشان كنت خايفة من اي حل تاني، زي اللي بني قصر كبير، قصر بيهرب من الدنيا كلها فيه قصر بيلاقي فيه الأمان والراحة والحب، وفجاءة اتهد، بكلامك دا قدرتي تهدي جبل ما قدرتش تهده مصايب سنين، أنتِ قهرتيني يا لينا!

قال ما قال ليبتعد بوجهه عنها يمسح دموعه التي تمردت رغما عنه تغزو وجنتيه، بينما هي ساكنة مكانها تنظر له في فزع فقط تحرك رأسها نفيا انتفضت كمن لدغها عقرب ارتمت بجسدها عليه تعانقه تجذب وجهه إليه تصيح من بين شهقاتها العنيفة:
- لاء يا خالد اوعي تقول كدة أنا بحبك، بحبك اوي وأنت عارف كدا كويس، اوعي تفكر ولو لحظة انك ما حبتكش او اني بطلت أحبك، انت في دمي وروحي، إنت فهمت كلامي غلط خالص والله.

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه يحرك رأسه إيجابا يسخر من حاله قبل كلامها، لتنتفض جالسة أمسكت ذراعيه تنظر له في حدة تصيح بحرقة صاحبتها دموعها:
- ما تضحكش الضحكة دي، أنا بحبك، انا بس كنت خايفة، خايفة لبنتي تطلع مستسلمة سلبية زيي، عاطفتها بس اللي هتسيطر عليها وتبقي نسخة ضعيفة مني...
نزع يديه من يديها ينظر لها نظرات خاوية من اي مشاعر يشير لنفسه يتمتم متهكما:.

- بنتك عمرها ما هتبقي زيك، لانها مني واخدة دمي، جيناتي يا دكتورة، ما تقلقيش عليها، اقلقي منها، دي بنت السويسي
حركت رأسها نفيا بعنف تمسك بكفي يده تهتف سريعا بتلهف:
- بردوا بنتي ومن حقي أخاف عليها، وخصوصا وأنا شايفاك بتهمش دوري في حياتها، لينا محتجاني زي ما هي محتجاك.

قبل أن يتكلم سمع صوت زامور السيارة الواقفة خلفه ليدرك أن السيارات بدأت بالتحرك وهو لا يزال يقف جذب كفي يده يعيد تشعيل محرك السيارة ينطلق بها إلى وجهتهم، من الجيد أن زجاج سيارتهم لا يعكس ما يحدث بالداخل والا كانت مشحانتهم ملئت جميع صفحات التواصل الاجتماعي، وجه انظاره للطريق امامه يتمتم في خواء:.

- وأنا مش عايز حد يحتجاني بعد كدة، اعملوا اللي انتوا عايزينه، أنا غلطان لأني دايما خايف عليكوا، دايما حاطط خطط عشان بس احميكوا، اعملوا اللي يعجبكوا
وصمت لم يردف بحرف آخر، وهي لم تنطق بحرف فقط تنساب دموعها في صمت، وقف بالسيارة امام المستشفي الخاصة بها اشاح بوجهه بعيدا عنها يتمتم في هدوء:
- انزلي يلا
ابتلعت لعابها مدت يدها ناحية مقبض الباب فتحته لتعاود إغلاقه من جديد التفتت له تهمس مرتبكة:.

- أنا عايزة اروح البيت
رأت يديه وهي تشدد وثاقها على المقود لم يلتفت بوجهه حتى جل ما حدث أنه تمتم في برود وكأن الأمر بأكمله لا يعنيه:
- انزلي خدي عربيتك وروحي لو عايزة تروحي
توسعت عينيها في دهشة خاصة أنه مد يده يفتح الباب المجاور لها ظلت تنظر له في ذهول لا تصدق أنه يفعل ذلك، ليمر أمام عينيها ذلك العرض القصير الذي حدث بينهما مئات المرات
( - هوصلك البيت وأرجع شغلي يا لينا.

- يا خالد فرقت ايه يعني أنا هروح بعربيتي وبعدين جايلي مخصوص من شغلك عشان تروحني، كدة هتتعب يا حبيبي وأنت اصلا بتتعب من السواقة
- كلامك فيه إتهام صريح إني عجزت ودا لن ارضي بيه ابداا، وبعدين اي تعب عشانك راحة ليا، يلا اركبي بقي عشان ما اتأخرش )
كان يدعوها للدخول والآن يطلب منها الخروج بمعني آخر يطردها خارج سيارته، نظرت له للحظات لتمد يدها تصفع باب السيارة بعنف التفت له تهتف محتدة:.

- مش هنزل يا خالد ارميني برة العربية لو عايز بس أنا مش هنزل
لم ينطق بحرف واحد فقط ادار محرك السيارة وانطلق إلى وجهته.

على صعيد آخر، في كلية الطب، كانت تجلس على مقعد صغير في مقهي الجامعة ( كافيتريا ) تنتظره، أخبرها أن لديه قريب يعمل في شؤون الطلاب وسيساعدهم في استخراج الملف دون جهد يُذكر، وبالفعل لم تمر سوي ربع ساعة على الأكثر لتجده يقترب من طاولتها يمسك في يده مجلد به اوراقها وضعه امامها على الطاولة يردف مبتسما:
- اهو يا ستي الملف بتاعك...

ابتسمت في حماس تلتقط ذلك المجلد تحتضنه بقوة، لتندثر ابتسامته قليلا تنهد يسألها قلقا:
- أنتي متأكدة يا لينا أنك عايزة تسحبي الملف بتاعك، فكري تاني احنا ممكن نرجعه...
تنهد تأخذ نفسا قويا تحرك رأسها إيجابا تردد في اصرار:
- أيوة يا معاذ، أنا عمري ما حبيت الكلية دي، حتى الامتحانات كانوا تقريبا بينجحوني عشان خايفين من بابا، أنا نفسي أدرس إدارة أعمال، كفاية بقي أنا مش هخليهم يتحكموا في حياتي تاني.

تنهد قلقا عليها ابتسم يحاول تشجعيها لتندثر ابتسامته فجاءة نظر الجميع في لحظات ناحية تلك السيارة التي وقفت في فناء الجامعة، فُتح باب السائق لينزل زيدان بحلته السوداء قميصه الذي يماثلها سوادا، يضع نظارة شمس كبيرة فوق عينيه، يستند على كعاز طبي في يده اليسري، ابتلع معاذ لعابه خائفا ما أن رآه وكيف ينسي ما فعله به، حاول بإستماته رسم الشجاعة على قسماته، تقدم زيدان ناحية طاولتها لتتحرك من كرسيها وقفت تنظر تريد المغادرة ما كادت تتحرك خطوة واحدة شعرت بيه تقبض على رسغ يدها، يجذبها لتعود للخلف التفت له نزعت يدها من يده بعنف تنظر له بشراسة لتهمس بصوت خفيض غاضب من بين أسنانه المشدودة:.

- أنت ايه اللي جابك هنا، أنا مش قولتلك اطلع من حياتي مش عايزة اشوفك...
تدخل معاذ سريعا هب واقفا اتجه يقف بالقرب منهم يهتف سريعا يحاول تهدئة الوضع قبل أن يزداد سوءا:
- لينا اهدي بس، احنا في الجامعة وسط الناس
توجه بانظاره لزيدان في حركة شجاعة غير محسوبة وقف امام لينا حاجزا بينها وبين زيدان نظر لزيدان يتحداه بنظراته ليردف:.

- اعتقد بعد لعبة البيه مالكش الحق أنك تجبرها ترجع تعيش معاك تاني، لينا بتحبني أنا وأنا كمان بحبها...
لم يكد ينهي كلامه سقط أرضا على ظهره حين دفعه زيدان بقدمه السليمة في صدره بعنف ليسقط أرضا يتأوه من الألم، صرخت لينا باسمه هرعت إليه ليقبض زيدان على رسغ يدها يمنعها من التحرك، تقدم هو ناحيته يدني من جسده الملقي أرضا يبتسم ساخرا:.

- أنا قولتلها حد يسيب الأسد ويبص للمعز، الكلاب عمرها ما تعوي على السباع، يا معزة بيه
قالها ليجذب يدها خلفه يتجه بها إلى سيارته بينما هي تصرخ فيه أن يتركها تشتمه بكل ما تعرف من سباب، ليلتفت لها يصيح فيها محتدا:
- قسما بعزة جلاله الله، لو ما مشيتي على العربية لهرجع افرلغك مسدسي كله في دماغي، ضربوا الاعور على عينيه قال خسرانة خسرانة، أنا ما عنديش حاجة اخسرها، مستعد اقتله والبس البدلة الحمرا عادي جدا.

حسنا يبدو أن زيدان اصابه مسا من الجنون، خافت حرفيا من أن ينفذ تهديده ويقتل معاذ، تحركت معه في هدوء مشتعل، تحركت ترغب في أن تجلس على المقعد الخلفي ليعترض طريقها يفتح الباب الأمامي، توسعت عينيها تنظر له حانقة ذلك المجنون دفعها حرفيا لتجلس على المقعد رغما عنها، اغلق الباب عليها ليستقل المقعد المجاور لها، ينطلق خارج الجامعة ما أن اطمئنت انهم ابتعدوا بالقدر الكافي حتى لا يعد ويقتل معاذ كما هدد التفتت له تصرخ فيه:.

- نزللللني افتححح الزفت دا ونزلني
وحين لم يعيرها انتباهها من الأساس صرخت غاصبة تحاول بقبضتيها جذب مقبض الباب بعنف عله يُفتح، لهثت بعنف جراءا تلك الجذبات العنيفة ومن شدة غضبها ايضا التفتت له تصرخ فيه:
- يا مريض، إنت اكيد مش طبيعي بتهددني بيه عشان اجي معاك، افتح الزفت دا ونزلني أنت، بدل ما هصوت وألم عليك الناس.

انعطف بالسيارة فجاءة ليدخل إلى الصحراء توسعت عينيها هلعا وهي تراه يدخل بها إلى فيافي الصحراء النائية، لا منقذ لها من براثنه إن سولت له نفسه بإيذائها، توقفت السيارة في منتصف الصحراء، لتسيطر بصعوبة على خوفها لن تدعه ينتصر مرة أخري التفتت له رسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها تردد:
- طبعا جايبني هنا، عشان تعرف تعمل فيا اللي أنت عايزه، وانا مستنية ايه من واحد زيك، مريض، شيطان.

في تلك اللحظات كان هو يصارع نفسه بشراسة الا ينقض عليها ويخنقها حتى الموت، ابيضت مفاصل يده من عنف عصره للمقود تحتها، وقد طفح به الكيل صدح صوته عاليا غاضبا يتألم:
- كفاية بقي كفاية، اخرسي مش عايز اسمع صوتك، أنتي ايه يا شيخة ما عندكيش دم ما بتحسيش، قلبك دا حجر، أنا عمري ما اذيتك، طول عمري واقف جنبك وفي ضهرك، كانت غلطة وغلطة غصب عني...
جذب الأوراق القابعة امامه يلقيها على وجهها يردف صائحا:.

- الورق أهو، واسالي اخوكي، كان محطوطلي حبوب هلوسة، معاذ بيه بتاعك لو كان بيحبك بجد كان اتمسك بيكي مهما حصل دا باعك من اول قلم، سنين وأنا رافض افتح قلبي لاي واحدة غيرك، سنين وأنا عايش بس عشان أحبك، لكن انتي ما بتحبيش غير نفسك، مبروك يا لينا عرفتي ازاي تكرهيني فيكي، بس غدر بغدر بقي، مش هطلقك هسيبك متعلقة كدا لا طايلة سما ولا أرض ولو شوفت الكلب اللي اسمه معاذ دا جنبك تاني هقتله واقتلك...

في أسيوط تحديدا في منزل رشيد الشريف، في غرفة رشيد، تحسنت حالته قليلا بات يقدر على الاتكاء قليلا، ابتسم حين سمع دقات على باب الغرفة يأذن للطارق بالدخول لتدخل سهيلة تبتسم متوترة، تنظر أرضا حمحمت تهمس بصوت خفيض:
- ماما شروق قالتلي أن حضرتك عاوزني
ابتسم في حنو يحرك رأسه إيجابا ربط على الفراش جواره يهمس لها برفق:
- تعالي اقعدي يا سهيلة، عايز اتكلم معاكي كلمتين.

تقدمت تجلس على طرف الفراش جواره ليمد يده السليمة يربط بها على رأسها تنهد خرجت من بين شفتيه تنهيدة حارة مثقلة بالهموم ليردف نادما:.

- أنا اذيت يا جاسر من زمان، كنت دايما بفرض عليه كل اللي يعمله كنت برفض وهو عيل صغير يلعب مع أصحابه، كنت عايزه راجل من صغره، كنت عايزه سند يشيل حمل العيلة من بعدي زي ما انا شيلته من بعد ابويا الله يرحمه، لما خلص ثانوية عامة، لقيته بيقولي أنا عايز ادخل كلية سياحة وفنادق عايز ابقي طباخ، اتصدمت دا هيشيل حمل العيلة، دا كبيره يشيل الحلة من على النار.

ضحكت سهيلة بخفوت على ما يقول الآن عرفت من أين آتي جاسر بخفة دمه هذه، حمحم رشيد يكمل نادما:.

- أصر أنه يدخل الكلية اللي هو عايزها وزعق في وشي دي حياتي وأنا حر فيها، في لحظة غضب لطشته بالقلم مش هنسي نظرة عينيه ابدا، لكن مصلحة العيلة عندي كانت اهم من رغبات مراهق مش عارف مصلحته من وجهه نظري، خدت ورقه وقدمت في كلية الهندسة الزراعية، في القاهرة، الاربع سنين بتوع الكلية ما نزلش فيهم ولا مرة ما كنش عايز يشوفني كان بيرد على مامته وأخته ويتحججلهم أنه مش هيقدر ينزل، كنت بعرف اخباره اول بأول من خالد جوز عمته، واتخرج ومسك أرض العيلة، بس فضل حلمه جواه، تصدقي أنا فرحت اوووي لما عرفت أنه فتح المطعم اللي نفسه فيه، كل حاجة كانت في حياة جاسر كانت بالاجبار يا سهيلة حتى جوازه منك، أنا اجبرته عشان الصلح بين العيلتين، بس هو بيحبك.

رفعت وجهها تنظر لوالده سريعا عينيها دامعة حزينة حركت رأسها نفيا تنفي ما يقول ليبتسم لها يردف في مرح:
- انتي بتكذبيني يا بنت، صدقيني أنا عارفه كويس بيحبك، وبيحبك اوي كمان، شروق قالتلي أن بقالي اسبوع وزيادة في أوضتك ما بتخرجيش خالص، وجاسر نايم في أوضة الضيوف، لو ما بيحبكيش كان راح نام عند مش فاكر اسمها ايه دي، صدقيني يا بنتي جاسر بيحبك...

تنهدت سهيلة حائرة لتضطرب حدقتيها منذ أن رأت تلك الحية تقبله في غرفته وهي ترفض حتى الخروج من غرفتها لم تتحدث معه بأي شكل كان، قلبها ينزف ألما، شعرت انها كانت فقط لعبة يلهو بها، بين أحضانها قبل ساعات والآن تراه بعينيها بين أحضان اخري...
اجفلت من شرودها على صوت الباب يفتح ونبرته المميزة تصدح فئ مرح:
- لا لا لا سهيلة وبابا دا ايه العشق الممنوع دا.

توسعت عينيها في دهشة مما يقول، نظرت له في غيظ لتتوه عينيها في قسمات وجهه اشتاقت له، اشتاق قلبها فقط للنظر إليه، بينما صدحت ضحكات رشيد يحادث ابنه زاجرا إياه:
- اتحشم يا واد
لاعب جاسر حاجبيه مشاكسا ليجذب سهيلة من يدها بغتة لف ذراعه حول كتفيها يردف في مرح:
- أهو قلب على ذئاب الجبل
اخفت ضحكاتها بصعوبة تتلوي بين يديه عله يتركها ليميل على أذنيها يهمس لها في خبث:
- اتوحشتك جوي جوي يا جلجاسة.

لم تعرف اتضحك أم تخجل توردت وجنتيها تخرج منها ضحكة خفيفة ليتمتم رشيد حانقا:
- يا عصافير، لاء عصافير ايه يا عصفورة وغراب الحب، روحوا حبوا في اوضتكوا...
تعالت ضحكات جاسر المتلذذة بخجلها لتخفي هي وجهها بين كفيها خجلة من كلام والده، لتهشق فجاءة حين شعرت به يحملها بين ذراعيه أمام ابيه!، صاحت فيه أن ينزلها بينما نظر هو لوالده الذي تمتم ضاحكا:
- رايح فين يا خضر
رسم ابتسامة خبيثة على شفتيه يتمتم ضاحكا:.

- لا يا ابا أنت عارف اني مش جبان بس اني اعزل، لافيني سلاح وعد الجثث يا ابا
امسك رشيد الوسادة المجاورة له يلقيها عليه بيده السليمة يردف ضاحكا:
- امشي يا اهبل من هنا، مش كنت خلفت دكر بط كان نفعني عنك
توقف جاسر يعقد جبينه يفكر بعمق لا يتناسب تماما مع الموقف:
- تصدق صح دكر البط مع حلة ورق عنب وملوخية بالطشة، يا رتني كنت دكر بط يا جدع كان هيبقي طعمي حلو اوي.

انفجرت سهيلة ورشيد في الضحك على ما يقول ليأخذ جاسر سهيلة ويغادر إلى غرفتها، انزلها ارضا توجه ناحية الباب يوصده بالمفتاح عليهم من الداخل نظر لها في شر يتوعدها لتضطرب حدقتيها قلقا من نظراته الغير معتادة بالنسبة لها، ليرفع هو كفي جلبابه الصعيدي الأسود يتمتم متوعدا:
- اسبوع يا سوسو، اسبوع قافلة عليكي الباب، واقعد اتحايل عليكي تفتحيه ما ترضيش ابدااا، فاكرة لما قولتلك يوم فرحنا.

تخيلي كدة كان طلع العريس عتريس في نفسه، اللي هو بتاع عتريس محكم رأسه وحالف ما اخرج تاني من الدار دا، أنا بقي هوريكي دماغ عتريس لما تتربس
تقدم ناحيتها لتتوسع عينيها في هلع، يتقدم هو للامام لتعود هي للخلف تنظر له متوجسة من اي فعل مفاجئ منه، وكالعادة وكما يحدث في مثل تلك الحالات دائما، ارتطم ظهرها بالحائط خلفها، ابتلعت لعابها الجاف لتهمس بصوت متوتر خائف:.

- اااوعي تكون فاكر أنك كدا بتخوفني، او اني هنسي واسامحك على اللي شوفته، كانت في حضنك بتبوسها يا جاسر، كل كلامك عن حبك ليا كان كذب مش كداا
لانت تعابير وجهه كان يرغب فقط في مشاكستها كما يفعل دائما، تنهد حزينا ليقترب منها امسك كفي يدها، يشدد على احتضانهما دمج مقلتيه بعينيها يهمس بصوت خفيض عاشق:.

- والله يا سهيلة هي اللي اترمت في حضني، قبل ما انتي تيجي كنت بحاول ابعدها عني، أنا مش خاين يا سهيلة، ولا بلعب بمشاعر بنات الناس، عشان أنا عندي أخت اخاف عليها، صدقيني يا سهيلة أنا بحبك وما بلعبش بمشاعرك، وهي اللي اترمت في حضني تقريبا شافتك جاية قالت تغيظك، وانتي بتديها الفرصة كاملة بحبستك هنا، شاهيناز ما بتحبنيش يا سهيلة هي بس عايزة تغيظك وتقولك أنا خدته منك، أنا بحبك أنتي.

ادمعت عينيها لتنكمش قسمات وجهها ارتمت في صدره تنفجر باكية تشد بيديها على تلابيب ملابسه تصيح من بين شهقاتها العالية:
- طلقها يا جاسر، مش هقدر استحمل تشاركني فيك، طلقها عشان خاطري
ابتسم لها يحرك رأسه إيجابا دون كلام يسمح على شعرها برفق، ابعدها عنه يلثم جبينها بقبلة طويلة عاشقة ابعدها عنه يمسح دموعها يردف في هدوء:
- سهيلة ايه رايك في الحجاب، أنا عايزك تتحجبي.

قطبت جبينها متعجبة من طلبه رفعت كتفيها تغمغم في توتر:
- مممش عارفة، بابا دايما كان بيقولي براحتك...
صدم جبينه بجبينها برفق يغمغم في هدوء مرح:
- بابا حر يقول براحتك، انما أنا بغير على حرمة بيتي، شعرك القمر دا من حقي أنا بس اشوفه، وبعدين مش انتي بتصلي
حركت رأسها ايجابا، ليكمل مبتسما:
- ينفع تقفي تصلي من غير حجاب
حركت رأسها نفيا سريعا ليمسح على شعرها بكف يده يردف بهدوء رزين:.

- ربنا سبحانه وتعالي قال في كتابه العزيز.

«وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [النور: 31].

توسعت عينيها في دهشة تنظر لجاسر في ذهول لم تكن تعرف ابدا أن جاسر صوته عذب هكذا وهو يقرأ القرآن، اخرجها من صدمتها حين اردف هو بنفس النبرة الرزينة:
وليضربن بخمرهن على جيوبهن أمر إلهي من ربنا للنساء المؤمنات بضرب الخُمُر على الجيوب، والخُمُر يا ستي جمع خِمَار
وخمار المرأة لغة العرب هو مَا يُغطِّي رَأْسها، دا ببساطة، ها إيه رأيك.

هو في قول بعد قولك يا سي خضر، اردفت بها بابتسامة صغيرة مرحة لتتوسع ابتسامته يضمها إليه يشعر بارتياح وسعادة يغزوان كيانه، ابعدها عنه يتمتم بتلهف سعيدا:
- صبا عندها طرح كتير تقدري تاخدي منها اللي تحبيه على ما نروح أنا وانتي نشتري كل اللي تحبيه...
ارتسمت ابتسامة حانية على شفتيها تحرك رأسها إيجابا.

بينما في الخارج وقفت تحت ظل شجرة كبيرة تحميها من أشعة الشمس اللاهبة وقت الظهيرة في حديقة منزلهم الخلفية، تتلفت حولها هنا وهناك لتتوسع عينيها في تلهف حين رأتها قادمة هناك تمشي نحوها بخطي سريعة متلهفة، وقفت امامها تتلفت حولها هي الاخري تتأكد أن لا أحد يراهم لتخرج من تحت طيات ملابسها ورقة صغيرة اقتربت منها تهمس بصوت خفيض:.

- اهو يا ست شاهيناز، الشيخة مرجانة بتقولك تحطوله في اي وكل او شرب وهو هيبجي كيف الخاتم في صباعك ما هيرفضلكيش طلب واصل
ابتسمت شاهيناز تلتقط الورقة سريعة من الخادمة تقبض عليها بخفة لتضع في كف الخادمة مبلغ كبير من المال تهمس له بسعادة:
- خدي دول حلاوتك ولو طلعت صادقة هديكي قدهم عشر مرات.

توسعت ابتسامة الخادمة تدعو بتلهف أن يصيب السحر هدفه، التفتت تغادر سريعا بينما وقفت شاهيناز تنظر للكيس في يدها تبتسم في خبث تتمتم متوعدة:
- صبرك عليا يا جاسر إنت وست بتاعة بتاعتك، إن ما خليتك خاتم في صباعي ما ابقاش أنا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة