قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والخمسون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والخمسون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والخمسون

في فيلا خالد السويسي، تحديدا في غرفة بدور
كلماته افزعتها زعزعت ثباتها المزعزع من الأساس كشجرة صغيرة في مهب ريح صلصال عاتية لا تقدر على مجابهتها، جف لعابها تسارعت أنفاسها وضعت يدها على فمها تكتم صوت بكائها، فكرة العودة إليه هي أسوء ما يمكن أن يحدث، تكرهه تمقته بعد كل ما فعل بها يريد أن يعيدها ليكمل حلقة تعذيبه لها، ارتجف نابضها خاصة حين سمعت صوته البغيض:.

- شيلي من دماغك فكرة أنك تتجوزي واحد غيري، ماشي يا بيدو
في تلك اللحظات شعر بدمائها تفور تغلي من الغضب، مر امام عينيها شريط طويل سريع لحياة بائسة خاوية حتى من المودة، الحب، تهدجت أنفاسها تشد أسنانها تهمس بشراسة:
- أنت ايه يا أخي شيطان عايز مني ايه تاني، ما كفش اللي عملته فيا سنين وجاي دلوقتي تهددني، أنا عندي اموت نفسي ولا ارجع على ذمتك تاني.

تعالت ضحكاته الساخرة، شعرت بأنه يستخف بكلامها يلقيه بعيدا في القمامة، ضحكاته كانت كسوط مشتغل يجلد روحها المنطفئة، لحظات وسمعته يهمس متلذذا:
- الله، دا احنا كبيرنا وصوتنا بقي بيعلي وبنهدد، اسمعي بقي يا بيدو، لو اتجوزتي هاخد عيالي حقي، المحكمة هتحكملي بيهم، وساعتها مش هخليكي تشوفيهم تاني لآخر يوم في عمرك.

توسعت عينيها ذعرا تسارعت دقات قلبها تشعر بجسدها تجمد من الخوف من مجرد فكرة أن يبتعد عنها الأطفال صمت هو للحظات قصيرة ليعاود همسه الخبيث:.

- بس لو عوزاني ما اخدهمش وما اردكيش لعصمتي، انا عايز فلوس، خالد باشا ما خلاش حيلتي حاجة، مش باقي غير اني اشحت في الشوارع، فشخللي جيوب الباشا وهاتلي 250 ألف جنية، دول يعتبر فكة عنده، معاكي أسبوع قبل ما العدة تخلص لو الفلوس ما جتش هردك يا بدور واطلبك في بيت الطاعة، وهاخد العيال واحرمك منهم صدقيني أنا اقدر ااذيكي بأبشع الطرق فخلينا حلوين، وهاتي الفلوس أحسن، سلام يا يبدو.

اغلق معها الخط لتتهاوي جالسة على الفراش تنظر امامها فزعة مرتعدة، من أين ستحضر له كل تلك الأموال، تعود إليه يأخذ طفليها، لالا لن يحدث، خالد هل تطلب منه تلك الأموال بأي سبب ستبرر له أنها تريد ذلك المبلغ الضخم...

انسابت دموعها ترثي حالها، تشعر بأنفاسها تختنق، توجهت إلى شرفة غرفتها عل هواء الليل العليل يسكن تلك النيران، لحظات وبدأت تسمع صوت بكاء خفيض قطبت جبينها متعجبة التفتت حولها لتري تلك الفتاة ابنه حمزة مايا، تجلس على أرض الشرفة المجاورة تنظر للحديقة تحديدا إلى باب المنزل المغلق، نظراتها متلهفة حزينة معذبة كأنها بانتظار أحد ما، وقفت تنظر لها تشعر بالشفقة قلبها يؤلمها، لما تبكي تلك الفتاة، حمحمت بصوت خفيض تجذب انتباهها، التفتت مايا برأسها تنظر لبدور للحظات لتتحرك من مكانها تدخل إلى غرفتها دون أن تنطق حرف واحد...

وقفت بدور في حيرة من أمرها، أتتغاضي عن الأمر فقط وكأنها لم ترى شيئا فيكفي ما بها على أي حال، أم ربما تلك هي عاطفة الأمومة التي جعلتها تخرج من غرفتها متوجه إلى غرفة مايا، وقفت أمام باب غرفتها حائرة مترددة تنهدت، رفعت يدها تدق الباب عدة دقات خفيفة متتالية لم تحصل على اجابة، لينخر القلق قلبها من أن يكن أصاب الفتاة مكروها، حركت مقبض الباب برفق أطلت برأسها لتراها هناك تجلس على الفراش تضم ركبتيها لصدرها تبكي، دخلت بدور إلى الغرفة تغلق الباب خلفها بهدوء، العجيب لم تنظر ناحيتها حتى، توجهت بدور ناحية فراش مايا، وقفت جوار فراشها للحظات بلعت لعابها تسألها:.

- مايا أنتِ كويسة
لم تجد اي استجابة من تلك الجالسة لتتنهد تسخر من حالها ومن ذلك السؤال الأحمق التي سألته توا، الفتاة تبكي بحرقة كأنها فقدت عزيزا للتو وهي تسألها هل هي بخير، جلست جوارها على طرف الفراش، لتمد يدها تمسد بحنو على خصلات شعرها، تسألها قلقة:
- مالك يا مايا، بتعيطي ليه طيب، قوليلي يمكن اقدر أساعدك.

بحركة بطيئة آلية حركت مايا رأسها نفيا تسابقت شهقاتها تسبق دموع عينيها ارتجف جسدها من عنف بكائها تتمتم بحرقة:
- تساعديني، مش هتقدري، هو بس اللي كان بيساعدني، هو كان دايما جنبي، بيحبني، زي ما انا بحبه، بس دلوقتي خلاص مشي، بابا مشاه بعيد، بيقولي عمره ما هيسامحه، طب ليه، ليه دخله حياتي من الأول، ليه علق قلبي بيه، أنا بحبه أوي، حاسة اني هموت من غيره.

انفطر قلب بدور على تلك الصغيرة الباكية كلامها التي تصرخ به بحرقة اوجع قلبها عليها، لم تشعر سوي وهي تجذبها إلى أحضانها تعانقها تسمح على رأسها لتنفجر مايا تبكي وتتعالي شهقاتها تمسكت بأحضان بدور تصيح بحرقة:
-أنا عايزة ماما، اشمعني أنا، كانت هتقوله ما تبعدوش، كانت هتخدني في حضنها وتبطبطب عليا، اشمعني لينا وسارة وسارين وكلهم، وأنا لاء، أنا عايزة أدهم خليه يرجعلي أدهم.

انهمرت دموع بدور تشدد على احتضان مايا تربت على رأسها كأنها طفلة صغيرة، لدقائق طويلة إلى أن بدأ يخبو بكاء تلك الصغيرة، تشعر بأنفاسها تهدئ ابعدتها عنها برفق لتجدها تغط فئ نوم عميق تنهدت حزينة على حالها، حانت منها التفاتة سريعة ناحية باب الغرفة لتجد حمزة يقف هناك يراقب ما يحدث في صمت، للحظات تقابلت عينيها مع عينيه رأت في مقلتيه الكثير، صمت لسانه وصرخت عيناه، تنهدت حزينة على حاله وحالها وحال تلك الفتاة الصغيرة، بلعت لعابها مرتبكة حاولت أن تمدد جسد مايا على الفراش لتشعر بها تشد بيديها على عناقها ترفض تركها، سمعت صوت الرخيم يهمس في تلك اللحظة:.

- معلش خليكي حولها النهاردة وأنا هاخد خالد وسيلا يناموا في أوضتي
حركت رأسها إيجابا تنظر له متوترة ليعطيها شبح ابتسامة متعبة خرج يجذب الباب خلفه، لتحتضن تلك الصغيرة تربت على رأسها برفق.

في الأسفل خرجت لينا من المطبخ تحمل صينية طعام عليها الكثير من الطعام تحركت لتصعد بها إلي أعلي لتسمع صوته يهتف من خلفها:
- استني عندك
شدت على أسنانها تتنفس بعنف، التفتت له لتسبل عينيها في دهشة ذلك الوقح لما لم يرتدي قميصه إلي الآن رأته يقترب منها التقط الصينية من يدها يرسم ابتسامة واسعة بريئة على شفتيه يتمتم في حزم:
- ازاي تشيلي حاجة تقيلة وانتي حامل، مش خايفة على اللي بطنك.

اخذ منها صينية الطعام ليحمر وجهها غضبا انفجرت تصيح فيه:
- أنت يا ابني ما بتفهمش قولتلك مش حامل مش حامل، اسجلهالك، يا رب اتسخط قرد لو كنت حامل
تعالت ضحكاته تشق المكان، تحرك خطوتين متجها إلى أعلي التفت لها توسعت عينيه في دهشة يتمتم سريعا في عجب:
- الحقي يا لينا طلعلك ديل.

توسعت عينيها فزعا ذيل! نظرت بهلع لملابسها ليحتقن وجها غيظا الأحمق كان يخدعها التفتت تنظر له في حقد خاصة حين بدأت ضحكاته تعلو أكثر فأكثر وهو يأخذ طريقه إلى غرفة والديها، توجهت هي إلى غرفتها، بينما اخذ هو الطريق المعاكس لغرفة خاله ترتسم على شفتيه ابتسامة حالمية صغيرة، هل يعقل أن تكن فعلا تحمل بطفله مجرد الفكرة تجعل أجراس الفرح تدق في قلبه تغزو كيانه كله، رجفة لذيذة تعصف بجسده وقف أمام غرفة خاله ليمسك الصينية بيد واحدة مد يده الأخري يدق الباب بهدوء، لحظات وفتح خالد الباب ابتسم زيدان ببراءة يردف:.

- الأكل يا خالي
توسعت عيني خالد ينظر للواقف أمامه في دهشة، قبض على يده يصيح فيه محتدا:
- كاك خوت في دماغك إنت يا حيوان فين قميصك ماشي كدة ازاي
توسعت ابتسامة زيدان ينظر لخالد بهدوء مستفز، قطب جبينه يحاول تذكر أين نسي القميص:
- هو القميص فين صحيح، آه في أوضة لينا.

في أوضة مين يا حبيب ابوك، أنت ايه اللي وداك اوضتها يلا، صاح بها خالد غاضبا، عروق يديه ورقبته نفرت غضبا، مما جعل زيدان يدفع الصينية لخالد يعود خطوتين للخلف وقف على بعد منه يردف مبتسما:
- الله يا خالي ما هي مراتي، أنا بقولك ايه اللي بيوديك أوضتك.

احمرت عيني خالد غضبا يرغب في الانقضاض على ذلك الأحمق وخنقه حتى الموت، كاد أن يلقي صينية الطعام أرضا في تلك اللحظة خرجت لينا من الغرفة تنظر لخالد وزيدان متعجبة:
- في ايه بتزعقوا ليه
دفع خالد لها الصينية شمر عن ساعديه يتمتم متوعدا:
- خدي دي، وحياة أمك لاخليك تحصل ابوك
فر زيدان يركض ليتبعه خالد يصيح فيه بأن سيقتله ليهتف زيدان ضاحكا وهو يركض بعيدا:
- الحق عليا يعني اني عايز اخليك جدو.

هرع زيدان إلى غرفة لينا دخل يغلق الباب خلفه بالمفتاح وقف خلف الباب يلهث بعنف بينما خالد خلفه يطرق على الباب بعنف يصيح فيه:
- افتح يا حيوان، والله لاطلع روحك في ايدي
خرجت لينا من المرحاض في تلك اللحظة وقفت تنظر لزيدان ترفع حاجبها الأيسر مستهجنة ما يفعل وصوت والدها يعلو، ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها، اقتربت من الباب إلى أن صارت قريبة منه لتصرخ بصوت عالي كأنها مذعورة فزعة:.

- الحقني يا باااااابااااااا، لا لا يا حيوان ابعد عني...
توسعت عيني زيدان مصدوما مما تفعل لتكمل هي تمثليتها المتقن:
- لا يا زيدان لا لا لا، حرام عليك أنت مش بني آدم
صمتت حين تناهي إلى اسماعها صوت والدها يقول ساخرا:
- ما تنسيش بقي تبقي تقطعي هدومك عشان لما اكسر الباب اصدق أنه اغتصبك ورا باب الاوضة
انفجر زيدان ضاحكا ليصفر هي وجهها حرجا، لما يجب أن يكون والدها ذكيا، لما لم تنطلي عليه خدعتها ببساطة...

ابتعد هو عن الباب يلتقط قميصه اقترب منها إلى أن صار أمامها مباشرة غامت عينيه بسحابة سوداء حزينة متكدرة يهمس:
- انتي ما كنتش بتمثلي انتي كنتي بتفتكري نفس الكلام اللي قولتيه في نفس الليلة، يا رتني ما سمعت كلامك ونزلت، كان يكفيني اشوف في عينيكِ كلمة بحبك، لو اللي حصل دا ما كنش حصل كان زمنا أسعد زوجين في الدنيا.

رفعت مقلتيها تقابل عينيه للحظات طويلة ليري الدموع تتجمع بسرعة وعنف تغزو مقلتيها، تنساب على وجهها مد يده يمسح دموعها يهمس لها بصوت خفيض حنون:
- قوليلي طيب أنا أعمل عشان تسامحيني وأنا مستعد أعلمه مهما كان، يا لينا والله العظيم كانت لعبة من حد عايز يآذيكي ويأذيني، تعالي ننسي اللي حصل نقفله خالص ما نفتكروش، ونبدأ أنا وانتي صفحة جديدة من أول السطر، قولتي إيه.

طال صمتها حتى بني قلبه الأمل انها قد تسامح تغفر تنسي ذنب ليس له فيه ذنب، رفعت يدها تبعد كفه عن وجهها اولته ظهرها تهمس بهدوء قاسي:
- امشي يا زيدان، أنا لا عمري هنسي ولا هسامح، ولا هعرف أبدا صفحة جديدة، احنا حكيتنا خلصت لحد كدة، أنا لولا أن بابا واقف على بعد باب بينا كان زمان قلبي وقف من الرعب أنا وأنت في أوضة واحدة، صدقني أنت عمرك ما هتتخيل العذاب اللي أنا حاسة بيه.

اغمض عينيه يشد عليهما بعنف قلبه يصرخ ألما، توجه إلى نافذة غرفتها يقفز للخارج، راقبته وهو يتوجه إلي سيارته لتدمع عينيها حين التقطت بمقلتيه قبل ان يرحل لتهمس بصوت خفيض متالم:
- صعب والله صعب مش هقدر انسي.

توجهت إلي باب الغرفة تفتحه لتجد والدها يقف امامه رأي خالد عينيها الدامعة وجهها الشاحب، فلم يعارض قلبه حين جذبها يحتضنها برفق بقيت صامتة جامدة لم تنطق بحرف ليتنهد هو يربت على رأسها برفق تنهد يهمس لها بحنو:
- لينا، زيدان بيحبك هو بس...
صمت حين خرجت من بين احضانه وقفت أمامه تنظر لعينيه تسارعت أنفاسها بقهر لتردف محتدة:.

- أنا مش ماما يا بابا، مش هسامح عشان بس هو بيحبني، ما حدش فيكوا حاسس بيا، أنا بموت بدل المرة ألف وما حدش حاسس ولا شايف، كلكوا شايفين أن زيدان بيحبني وأنه غلط غصب عنه وأن سامحيه يا لينا خلاص، طب وأنا، أنا الضحية هنا، أنا اللي اتعذبت واتقهرت، حسوا بيا بقي.

قالتها لتندفع إلى غرفتها تصفع الباب خلفها سمع صوت نشيجها الحار من خلف الباب المغلق، ليشعر بيد توضع على كتفه نظر خلفه ليجد حمزة يقف جواره، ابتسم الأخير له يشجعه ليرد خالد له الابتسامة تنهد يحرك رأسه إيجابا يهمس مع نفسه:
- كل حاجة هتبقي كويسة، فترة وهتعدي زي غيرها.

في منزل عمر السويسي، توجهت سارة وسارين إلى غرفتهم بعدها اطمئنوا على والدهم، ليعتدل عمر في جلسته ينظر لتلك الجالسة على تلك الأريكة بعيدا عنه ابتسم لها يردف بشوق:
- قاعدة بعيد ليه يا تالا، تعالي هنا، انتي وحشاني اوي حاسس اني ما شوفتكيش بقالي كتير.

رفعت وجهها تنظر له يريدها أن تقترب، لا عقلها ولا قلبها ولا جسدها يرغب في التواجد في نفس المكان الذي هو فيه بعدما رأت، ولكنه لن يتذكر، والطبيب حذرهم من اي ضغط، بصعوبة شاقة جرت ساقيها تتحرك ناحية فراشهم جلست جواره لتتوسع عينيها في دهشة حين شعرت به يعانقها، يضمها إليه يشدد على احتضانها، لتسمعه يردف بصوت خفيض راجي:.

- أنتي وحشاني يا تالا وحشاني اوي حاسس إني بقالي سنين ما شوفتكيش، عشان خاطري يا تالا ما تبعدنيش عنك وعن البنات، بحس إن أنا غريب بينكوا، دايما مركزة معاهم وسيباني خالص، أنا بحبك اوي وبحبهم اوي اوي...

كلماته كخناجر تنغرز في قلبها هي المذنبة الآن هي من فعلت ذلك حين ابعدته عن حياتهم فعلت به وبهم هذا، أغرقت الدموع وجهها شعورها بالذنب على حاله يقتلها، وشعورها بقلبها يتمزق من خيانته التي لا يتذكرها يحرقها حية، ابتعدت عنه تمسح دموع عينيها ترسم شبح ابتسامة مزيفة على شفتيها تردف:
- أنا هروح اجبلك تاكل اكيد جوعت.

تحركت تخرج من الغرفة لتراه يبتسم لها كطفل صغير، تحركت للخارج متوجهه إلى المطبخ لتصادف سارين فئ طريقها تحمل قنينة مياة من المطبخ، وقفت سارين تنظر لوالدتها للحظات نظرات حادة غاضبة لا مبالغة في كلمة كارهة، كادت والدتها أن تقتل والدها، تحركت سارين إلى غرفتها لتسمع تالا تهمس باسمها تناديها، التفتت سارين لوالدتها تهمس لها بصوت خفيض غاضب:.

- ممكن ما تتكلميش معايا خالص، كنتي عايزة تموتيه، عاجبك اللي حصله دا، بابا مش دايما هو الغلطان بس حضرتك اتعودتي ترمي الغلط عليه وهو يسكت وما يعترضش، بابا لو كان حصله حاجة كنت هكرهك وعمري ما هسامحك لآخر يوم في عمري.

القت ما القت لتتوجه إلى غرفتها تصفع الباب خلفها وقفت تالا في حالة صدمة لا تصدق ما قالته ابنتها توا استندت بيديها على حافة طاولة المطبخ خلفها لتنحني برأسها قليلا للأمام تبكي في صمت، هي ليست المذنبة، لما يتهمها الجميع، وقفت تسمح دموعها توجهت تعد طعاما سريعا له اخذته تعود لغرفتهم، وضعته أمام عمر على الفراش حمحمت تجلي صوتها من بحة البكاء التي سيطرت على نبرتها لتهمس بخفوت:
- الأكل.

كهرباء نافرة ضربت جسدها حين شعرت بيده تمتد يرفع وجهها لتقابل مقلتيها عينيه، ليمد يده الأخير يمسح بقايا الدموع من فوق وجهها يسألها قلقا:
- أنتِ كنتي بتعيطي ليه
حركت رأسها ايجابا بخفة تبتعد برأسها للخلف تسمح دموعها بعنف حمحمت تردف بخفوت:
- لا أبدأ ما فيش، الأكل اهو يلا كل
ابتسم كطفل صغير يتدلل، ربع ذراعيه أمام صدره اتسعت ابتسامته يردف ببراءة:
- اكليني
رفعت حاجبيها تسخر مما يقول لتردف متهكمة:.

- ما تاكل أنت هو إنت اتشليت
امتعضت ملامحه ينظر لها باشمئزاز ضرب كفا فوق آخر يردف متحسرا:
- مش هتتغيري يا روحي طول عمرك رومانسية فاكرة لما كنا مخطوبين حاولت ابقي رومانسي واقولك هتأكليني بأيدك امتي يا حبيبتي، فاكرة قولتيلي ايه لما ايدك تتشل ابقي اكلك بأيدي.

خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتيها رغما عنها تتذكر ذلك الموقف الذي حدث في فترة خطبتهم، ليت الحياة لم تنجرف بهم إلى ما هم عليه اليوم، اجفلت من شرودها على صوته يتمتم مصمما:
- بس بردوا انتي اللي هتأكليني
ربعت ذراعيها أمام صدرها تنظر له ساخرة لتردف مستهجنة:
- وإن ما اكلتش
توسعت ابتسامته يتذكر ذلك المشهد من الفيلم ليبتسم يقول بإجهاد أجاد تصنعه:.

- حيث كدة بقي أنا كدة عندي دوخة وزغللة وكرشة نفس وعايز اكلم مدير الأمن، مش الظابط كان اسمه خالد بردوا
توسعت عينيها تنظر له في دهشة لتخرج ضحكاتها رغما عنها، شخصية عمر المرحة كانت اهم الأسباب التي اوقعتها في عشقه وها هي تعود من جديد وهي حقا تخشي سقوطها من جديد
في غرفة الفتيات القريبة منهم تجلس سارة على فراشها تنظر امامها مغتاظة تكاد تنفجر من الغضب مما فعل ذلك الأحمق
Flash back.

خرجت من غرفة والدها متجهه إلى المطبخ لتضع لهم ذلك العصير المميز الذي صنعته اليوم الفراولة والتوت الأحمر والحليب والعسل، مرت في طريقها على غرفة استقبال الضيوف ( الصالون ) لتجده يجلس هناك ابتسم لها، ابتسامة واسعة بلهاء ما أن رآها لم تعره انتباها فقط رفعت رأسها قليلا للاعلي بإباء تحركت ناحية المطبخ ليضيق عينيه ينظر في أثرها مغتاظا، تلك الصغيرة تتجاهله هو الذي قضي ساعات طويلة ليعد لها ملخص سهل للمذاكرة وهي الآن تتجاهله، نظرت حوله هنا وهناك الجميع في غرفة عمه علت شفتيه ابتسامة ذئب مفترس، تحرك من مكانه بخفة متجها إلى المطبخ رآها تقف هناك تمسك دورق كبير به عصير أحمر اللون هتف فجاءة دون مقدمات:.

- حليتي كويس في امتحان الاحياء
اجفلت تشهق فزعة من صوته الذي جاء فجاءة دون اي مقدمات، قبضت بيدها على الابريق في يدها بعنف كاد يسقط منها بسببه نظرت له بحدة ابتسمت تردف باستفزاز:
- أنت مالك أنت حليت كويس ولا مش كويس هو إنت من بقيت عيلتنا، وبعدين التلخيص بتاعك زفت ويقرف أنا ما بصتش فيه اصلا، ولو سمحت يا دكتور ما تتدخلش في اللي ما يخصكش والا والله هقول لعمي..

قالت ما قالت لتعود تكمل صب العصير في الاكواب امسكت بالصينية لتتقدم ناحيته وقفت أمامه تمد له صينية الصغير بينم وقف ينظر لها في غيظ وهي تقف أمامه ترفع رأسها لأعلي في غرور تنظر له وكأنه شئ لا يذكر، مد يده يأخذ كوب عصير الفراولة من على سطح الصينية الممسكة بها ليميل برأسه ناحيته قليلا يهمس باستمتاع:
- ماشي يا سارة بس افتكري كويس العين بالعين والسن بالسن والبادي الاسود عليكي تحفة، تحفة اقسم بالله.

توسعت عينيها في ذهول مما يقول لتوجه انظارها سريعا لما ترتدي للحظات احمرت وجنتيها ضحكت بخفة على كلامه الغريب لتراه يبتسم في خبث يعاود الحديث من جديد:
- وهيبقي احلي بقي لو فيه تاتش احمر
قالها ليلقي ما في الكوب على ملابسها لتشهق في ذعر تتوسع عينيها على آخرهما تنظر له في دهشة مما فعل بينما ابتسم هو باتساع يلوح لها وداعا قبل أن يغادر، نظرت لملابسها فزعة لتصيح مذهولة:
- دا مجنون.

سمعت صوته من الخارج يغني بصوت شبه منخفض سئ للغاية:
- فكرته مجنون ما توقعته يكون حبيبي ونصي التاني اللي راح حبه بجنون
Back
عادت من شرودها لتخرج ضحكة خفيفة من بين شفتيها، لا تصدق أن ذلك الرجل طبيب في الثلاثينات من عمره، اختفت ابتسامتها يحلها محلها نظرات متوعدة برد الصاع صاعين على ما فعل.

بينما على الفراش المجاور لها كانت سارين تجلس تنظر امامها مباشرة عينيها حمراء تشعر بغضب عارم يجتاح جسدها، والدها كان جوارها منذ بداية انهيارها إلى ان بدأت تقف على قدميها، تحملها تفهمها احتواها في لحظات كانت فيها على وشك الانهيار، والآن تأتي والدتها تريد قتله!

عند ذلك الحد انفجرت دمائها لو لم تكن والدتها لا تعرف ماذا كانت ستفعل بها على أقل تقدير كانت قتلتها، ما حدث سبب شرخ كبير بين تالا شرخ لن يتادوي قريبا!

في صباح اليوم التالي في منزل رشيد الشريف في أسيوط، في باحة المنزل الكبيرة امام التلفاز تجلس شروق زوجة رشيد تقطع بعض الخضراوات تشاهد أحدي برامج الطبخ التي لن تعد مما يقولون شيئا ولكنها فقط ستشاهد بإندماج وتركيز شديد غير مبرر، خرجت شاهيناز من غرفتها، توجهت إلى غرفة جاسر لا أحد الغرفة فارغة توجهت إلى غرفة سهيلة لتجد بابها مفتوح والغرفة أيضا فارغة، أين ذهبا، توجهت تنزل إلى أسفل لتلمح شروق والدة تجلس هناك ابتسمت في خبث لتضع يدها خلف ظهرها تكمل طريقها ببطئ وملامح مجهدة، توجهت ناحية شروق لتجلس بجهد شاق جوارها، التفتت شروق تنظر لشاهيناز ابتسمت تنظر لبطنها المنتفخ لتمد يدها تربت عليه برفق تسألها بحنو:.

- عاملة ايه يا بنتي...
وكانت فرصة ذهبية لشاهيناز التي ادمعت عينيها نكست رأسها لأسفل تهمس بصوت خفيض مختنق:
- مش فارقة يا ماما، لا أنا ولا اللي في بطني نفرق مع حد..
نظرت شروق لشاهيناز بشفقة لتترك ما في يدها اعتدلت في جلستها تربت على كتفها تنهدت تردف برفق:
- ليه بتقولي كدة يا بنتي، لاء طبعا انتي واللي في بطنك تفرقي معانا كلنا.

حركت رأسها نفيا بخفة لتنهمر دموع التماسيح رفعت وجهها تنظر لوالدة زوجها تبكي بحرقة تردف بقهر:.

- لا يا ماما أنا ما افرقش مع حد حتى جاسر ما افرقش معاه، بيحاسبني على ذنب ماليش ذنب فيه، أنا ما قولتوش اتجوزني هو السبب، أنا كنت مروحة من شغلي زي كل يوم فجاءة لقيت حد بيحط ايدي على بؤي ورش على وشي حاجة اغمي عليا لما فوقت الصبح شوفت الكارثة واحد ما اعرفوش اغتصبني، عارفة يعني ايه اغتصبني، لو رجعت لاهلي هيدبحوني، كان اهون عليا اموت نفسي والا اني ارجع لأهلي بعد اللي حصل، جاسر قالي هتجوزك، وافقت ما كتش قدامي حل تاني، وعيشت معاه شهور زوجة في السر ما بشوفش غير كل كام شهر مرة، وكنت ساكتة وراضية، وبعدين جه فجاءة قالي أنا هطلقك عشان هتجوز، اتقهرت بس بردوا سكت ورضيت، في نفس اليوم اغتصبني تاني وحملت منه، أنا عارفة أنه مش طايقني وأنه مخليني على ذمته بس عشان خاطر اللي في بطني، بس أنا ذنبي إيه، قوليلي انتي أنا ذنبي ايه، ليه كلكوا بتكرهوني.

ادمعت عيني شروق حزنا وقهرا على ما لاقت تلك الفتاة المسكينة!، لتجذبها اليها تحتضنها بحنو تربت على رأسها برفق تحادثها:
- بس يا حبيبتي ما تقهريش نفسك عشان خاطر اللي في بطنك وأن كان على جاسر، أنا هشوفلي صرفة معاه على اللي هو بيعمله دا
توسعت ابتسامة شاهيناز الخبيثة لتخفيها سريعا تعاود البكاء بحرقة من جديد.

على مقربة منهم في تلك الحظيرة الصغيرة التي تضم الابقار وحيوانات الجاموس، كانت سهيلة تحاول إحضار بعض الحليب من احداهم ليقترب جاسر منها نظر لها بولة يتنهد بحرارة:
- اكتر جاموسة بحبها
رفعت سهيلة عينيها تنظر له بشراسة ليربط بيده على ظهر الجاموسة المجاورة له:
- الجاموسة دي اكتر جاموسة بحبها هنا
ما كاد ينهي جملته شعر بألم قوي حين صفعته الجاموسة بذليها بعنف نظر للجاموسة بغيظ ليصيح فيها:.

- هي حصلت تضربيني كمان، طب انتي طالق
اصدرت الجاموسة صوتا عاليا ليرفع حاجبيه مدهوشا يردد حانقا:
- ومش هامك كمان، طبعا ما دي غلطتي أنا اللي سايبلك الحبل
صمت للحظات لتتوسع عينيه فزعا يصيح مذعورا قبل أن يركض:
- يا نهار اسود دا حبلها سايب فعلا اجري يا سهيلة.

تحرك يركض فارا بنفسه بسرعة مدهشة كأنه احدي فائزي مسابقي الركض العالمية توسعت عينيها فزعا لتترك ما في يدها تركض خلفه، دخلت من باب المنزل الداخلي المطل على المطبخ لتجده يقف هناك يلتقط أنفاسه، اقتربت منه تصدمه على صدره بعنف تصيح فيه:
- بتسبني وتجري
تأوه متألما وضع يده مكان لكمتها يشعر بها تؤلمه بعنف ليتمتم مع نفسه بصوت خفيض حانق:
- دي بتنطح أكتر من الجاموسة.

نظر لها يبتسم باتساع برئ تحرك ناحية الثلاجة يخرج ما فيها يتمتم متحمسا:
- ايه رأيك اعملك صينية مكرونة بالسي فود
حركت رأسها نفيا لتنكمش قسمات وجهها تردف بإستياء:
- لا يا عم أنا حاسة انئ تخنت خالص، من كتر الاكل
توسعت ابتسامته ليلتقط السكين يقشر حبات البصل يتمتم ضاحكا:
- مين دي اللي تخنت انتي زي الفل، اقعدي كلئ طبق البطاطس دا على ما اخلص المكرونة.

توسعت ابتسامتها لتجلس على المقعد تلتقط طبق البطاطا المقلية تأكل باستمتاع تصيح فيه:
- ابقي زود البشاميل على المكرونة
ضحك باستمتاع يحرك رأسه إيجابا ليلمح بطرف عينيه شاهيناز تجلس مع والدته بالخارج لتسود حدقتيه غضبا، يرميها بنظرات نارية مشتعلة.

على صعيد آخر على سطح المنزل بعيدا عن الاصوات والزحام، مكتب ومقعد تجلس صبا تذاكر دروسها تنهدت شاردة شعورها تجاه مراد هو خاطئ بكل المقاييس ولكن ماذا تفعل، تشعر بقلبها يدق دقات غريبة سريعة جسدها يرتجف ما أن تراه، تنهدت مشتتة لتجفل على صوت دقات هاتفها نظرت لاسم المتصل لتجد غيث ابن عمها فارس، تنهدت تزفر أنفاسها حانقة غيث المتسلط يتصل، عمها فارس رجل عاقل عقلانئ متفاهم اما هو فرأسه يابس كالصخر مغرور يشعرها بأنه أكثر شخصية هامة في العالم، هي حتى لا تعرف لما يتصل بها الآن حتى، ظلت تنظر لهاتفها دون أن ترد، ليعاود الاتصال من جديد نفخت ضجرة تفتح الخط:.

- خير يا غيث بيه، اقدر اعرف سر مكالمة حضرتك الغالية ايه
سمعت ضحكات الخشنة تأتي من الطرف الآخر لتسمع صوته يردف مغترا بحاله:
- طبعا مكلمتي غالية، أنا مش اي حد بردوا، دا أنا غيث الشريف، المهم عشان وقتي الثمين ما يضعش، بتصل بجاسر ما بيردش وأنا عايزه ضروري هو فين
تنهدت تلجم لسانها بصعوبة من أن تمطره بوابل من السباب تنهدت تكبح غيظها:
- دور عليه وما تتصلش بيا تاني.

أغلقت الخط في وجهه تنظر للهاتف حانقة كان ينقصها بجوار الفيزياء المعقدة غيث أيضا، اجفلت تشهق فزعة حين سمعت صوته:
- كنتي بتكلمي مين
رفعت وجهها سريعا تنظر لمراد الواقف أمامها لتعود تلك الدقات الغريبة تقتحم قلبها تلعثمت تحاول تجميع جملة مفيدة:
- هااا، ددا ابن عمي، كان بيتصل بجاسر بس موبايله ما بيردش
حرك رأسه إيجابا ليجذب مقعد يضعه بالقرب منها ظل صامتا بضع لحظات تنهد يقول في حزن:
- أنا مسافر بكرة.

توسعت عينيها فزعا تنظر ناحيته سريعا تردف متلعثمة:
- هتساااافر، هتسافر ليه، مش هترجع تاني يعني
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيه اخفاها سريعا تنهد يهمس بحيرة:
- مش عارفة يا صبا هرجع أمتي، وهرجع لمين اصلا، أنا كنت جاي لجاسر عشان مشكلة في الشغل، واهي خلاص اتحلت، ماليش مكان هنا، أنا ضيف تقيل يا صبا.

قال ما قال بحزن دفين عميق تحرك ليغادر لتقف سريعا تهرول ناحيته وقفت أمامه لا تعرف حتى ماذا تفعل او تقول تفرك يديها المتعرقة متوترة خائفة بلعت لعابها الجاف تهمس متلهفة:
- ما تقولش كدة يا مراد، أنت مش ضيف تقيل ابدا، ما ينفعش تسافر وتسيبنا، صدقني جاسر هيزعل، وماما وبابا
توسعت ابتسامته ليمد يده يود ملامسة وجهها لتبتعد للخلف حمحم يهمس لها بشغف كاذب:
- وانتي من الناس اللي هتزعل.

اشتعلت وجنتيها خجلا لتخفض رأسها ارضا تحرك رأسها إيجابا ليبتسم ابتسامة واسعة اظهرت أنيابه التي تشبه أنياب ذئب مفترس يتنكر على هيئة حمل برئ لافتراس تلك الصغيرة، حتى إذا ما وجدوا دماء على فرائه الأبيض دافع عن نفسه قائلا هل للحمل أنياب ليسفك بها الدماء...

تركها وغادر يستعد ليكمل الجزء الثاني من خطته لتقف هي مكانها تتنهد في حالمية، لحظات وسمعت صوت دقات هاتفها تنهدت حانقة عادت لطاولتها لتزفر بغيظ غيث من جديد، فتحت الخط ترد بامتعاض:
- نعم في ايه تاني خير
لحظات صمت طووووويلة قبل أن تسمع ما جعل قلبها يتوقف من الفزع:
- مين مراد!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة