قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والتسعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والتسعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والتسعون

ارتسمت ابتسامة سعيدة ممتنة علي شفتي أدهم ينظر لجاسر الجالس أمامه في امتنان يبتسم له سعيدا، مد يده يقبض علي كف جاسر يغمغم متلهفا:
- متشكر يا جاسر متشكر اوي...
قاطعه جاسر بإشارة من يده جذب يده من يد أدهم تجلدت نظرات عينيه يغمغم في جفاء قاسي:.

- العقل والمنطق يقول إن أنا ما اسامحش اخوك واسيبه مرمي في السجن زيه زي الكلب، دا حتي الكلب ما بيعضش الأيد اللي اتمدتله، وأنا دايما واقف جنب أخوك، أنا عارف إن مالكش ذنب، وعشان خاطرك أنت بس أنا هخرجه بس صدقني لو لمحته تاني في حياتي او في حياة اي حد قريب مني، مش هسجنه لاء هقتله، واضح يا أدهم
حرك أدهم رأسه في هدوء تام مد يده يصافح جاسر يغمغم في ثقة:.

- اوعدك أنه مش هيتعرضلك تاني ابدا لا إنت ولا اي حد يقربلك.

قام جاسر يتحرك لخارج المكان ليلحق به أدهم كل في سيارته أدهم يتحرك خلف سيارة جاسر، إلي أن وصلوا إلي قسم شرطة بعيد عنهم كثيرا، اوقف جاسر سيارته يترجل منها ليلحق به أدهم نظر أدهم في ساعة يده ليجدها الثانية والنصف صباحا، قطب جبينه متعجبا، هل سيستطيع إخراج شقيقه في تلك الساعة المتأخرة، تحرك للداخل يسير جوار جاسر إلي أن وصلوا إلي غرفة رئيس المباحث، تحدث جاسر مع العسكري، دخل الأخير لغرفة الضابط غاب للحظات ليخرج يسمح لهم بالدخول، دخل جاسر يتبعه أدهم اقترب جاسر من الضابط يصافحه ليقوم الأخير من مكانه يبتسم في توسع يصافحه يغمغم:.

- اهلا اهلا ازيك يا جاسر اخبارك واخبار جاسم باشا الشريف ايه، اقعد، اقعدوا يا شباب
جلست أدهم وجاسر متجاورين، نظر جاسر لحاتم ابتسم له يسأله مازحا:
- أنت بتطبق في الشغل ولا ايه، دي الساعة داخلة علي 3
ضحك حاتم بخشونة ضحكات عالية اقترب بجسده يستند بذقنه الي راحة يده زفر يغمغم يآسا:.

- اسكت دا الواحد اتنفخ من ساعة ما جه عندكوا الصعيد، خصوصا موضوع التار دا، في اي لحظة تلاقي الدنيا اتقلبت، الواحد بقي يخاف يتلفت كدة يلاقي مصيبة حصلت
ابتسم جاسر مجاملا يردف في هدوء نسبي:
- ربنا يعينك، بصراحة يا حاتم باشا أنا كنت جايلك في موضوع
حرك حاتم رأسه إيجابا سريعا ينظر له مهتما ليحمحم جاسر في فتور يردف:
- الواد اللي كان جاي هنا في القضية إياها حصل معاه إيه.

قام حاتم من مكانه ليجلس علي المقعد المقابل لجاسر، ابتسم يغمغم متهكما:
- اهو مرمي في الزنزانة، بجدلله 15 فئ 15 علي ما ترفع القضية، شهل شوية يا جاسر، دي قضية شروع في قتل مش سرقة موبايل
نظر جاسر لادهم ليراه ينظر ناحية حاتم نظرات غامضة غاضبة في آن واحد، تنهد حائرا عقله يرفض بكل المقاييس ما سيفعله، عاد ينظر لحاتم من جديد يغمغم في هدوء حذر:.

- لاء أنا هتنازل عن المحضر، ويا ريت لو تعرف تخلص إجراءات خروجه في أسرع وقت
نظر حاتم لجاسر متفاجاءً، بعد جدال طويل يحاول حاتم إثناء جاسر عن رأيه بينما أدهم يجلس صامتا يتابع ما يحدث في هدوء تام، انتهت المفاوضات اخيرا حين زفر حاتم يتمتم مستاءا:
- أنت يا جاسر أنا نصحتك وأنت مش عايز تسمع كلامي، النوع اللي زي الواد بيكره أي حد أحسن منه مش بعيد يإذيك تاني.

تحرك حاتم من مكانه ناحية مكتبه يضغط الجرس الصغير ليدخل العكسري ادي التحية لحاتم ليردف الأخير آمرا:
- هاتلي مراد وحيد مختار من الحجز يا ابني.

حركت العسكري رأسه إيجابا يؤدي التحية خرج من الغرفة يوصد الباب خلفه غاب بضع دقائق، ليصدر بعدها صوت دقات منظمة علي باب الغرفة سمح حاتم للطارق، دخل العسكري يمسك أدهم من ذراعه الأيسر دفعه للداخل يؤدي لحاتم التحية مرة أخري قبل أن يخرج من الغرفة يوصد الباب خلفه، في اللحظة التي دخل فيها مراد إلي الغرفة توقفت عقارب الساعة عن الدوران، توسعت عينيه الذابلة في دهشة لم يستطع إخفائها أدهم أخيه هنا، يجلس جوار من، جاسر، جاسر الذي القي به بين غياهب السجون، وها هو يجلس كملك ينظر له باحتقار كأنه خادم ذليل إليه، أما أدهم فكست الشفقة نظرات عينيه، ينظر لوجه مراد الشاحب عينيه الذابلة جسده الهزيل، لحيته التي طالت، أما السهم المسموم كان من نصيب جاسر، ها هو يقف أمام صديق عمر سنوات طوال مرت امام عينيه ذكريات كثيرة اغلبها ضحكات يركضان كالأطفال بين الأزقة، يتسابقان في العوم في عرض البحر، يتذكر أنه كاد يغرق في مرة حين اصر أن ينزل للمياه بعد منتصف الليل، وحين بدأ يغرق هرع مراد إليه هو من أنقذه من الغرق في تلك الليلة، كيف وصل بهم الحال لهنا، يشعر بألم بشع يجتاح صدره، صديق العمر ماهو الا خائن يسعي لطعنه في ظهره بكافة السبل، حتي شقيقته لم تسلم من أذاه لولا وجود غيث، عند تلك النقطة شعر بالدماء تفور في خلاياه كم رغب في أن ينقض عليه يمزق رقبته ثم يحتضنه ويبكي، خرج من أمواج ذكرياته العاتية علي صوت حاتم يصدح حادا:.

- تعالا هنا يالا
اقترب مراد من مكتب حاتم ليدفع حاتم له ورقة فوقها قلم يحادثه ساخرا:
- جاسر اتنازل عن المحضر فللأسف البيه هيغور، بس قبل ما تمشي تمضي علي عدم التعرض دا، عشان لو فكرت تتعرضله تاني هجيبك من تحت الأرض...

لم يفعل مراد شيئا سوي أنه امسك القلم بأصابع ترتجف من الضعف في المدة التي قضاها بالداخل لم يكن أحد يعرف أين هو لم يكن يزوره احدا، كان المساجين يعطفون عليه ويعطونه بعض الطعام، خط اسمه علي سطح الورقة، ما حدث بعدها شعر بيد أدهم تجذبه، وقام جاسر يصافح الضابط، جذبه أدهم للخارج وقف أمام سيارته ينظر لجاسر مد يده يصافحه ممتنا:
- متشكر يا جاسر حقيقي مش عارف أشكرك ازاي.

لم تتغير تعابير وجه جاسر الحادة فقط مد يده يصافح أدهم، في نفس اللحظة التي دق فيها هاتفه برقم والده فتح الخط يجيب ليسمع والده يصيح فيه:
- جاسر، شاهيناز بتولد، انا خدتها وطالع علي المستشفى اللي في البلد، حصلني
زفر جاسر حانقا يصيح محتدا:
- ما تولد ولا تغور في ستين داهية، لا هي مراتي ولا اللي في بطنها ابني...
اغلق الخط مع ابيه نظر لادهم يصيح ساخرا:
- عشيقة البيه بتولد، مبروك هيبقي أب...

قطب أدهم حاجبيه مستنكرا ما يحدث لا يفهم حقا ما يقول جاسر، ليخبره جاسر أن يتبعه بسيارته، وقد فعل استقل سيارته يتحرك خلف سيارة جاسر، التفت برأسه ينظر ناحية مراد ليراه ينظر للفراغ شاردا، عينيه منطفئة ذابلة لا يري فيهما نظرة السخرية الدائمة، تنهد يزفر أنفاسه تعبا ليسمع صوت ضعيف خرج من بين شفتي مراد فقط كلمة واحدة:
- شكرا.

وبعدها صمت ظل صامتا، لا ينطق بحرف وادهم ما يجد يقوله هو حقا لا يفهم ما يحدث من الأساس، وصلت سيارة جاسر إمام مدخل مستشفي نزل منها ليوقف أدهم سيارته، تحرك لينزل ليتحرك مراد معه، سارا معا خلف جاسر لاحظ أدهم أن مراد ينظر أرضا دائما، وكأنه لا يرغب في رؤية العالم من حوله، وصلت الخطوات أمام غرفة العمليات وقف جاسر يبتسم ساخرا الأمر برمته لا يهمه ولكنها اوامر أبيه، دقائق طويلة قبل أن يصدح صوت صياح طفل قادم من داخل الغرفة، صوت صياح الطفل جعل مراد يرفع عينيه ينظر لباب الغرفة المغلق ليجده يُفتح من الداخل وظهرت ممرضة تحمل طفل او طفلة صغيرة نظرت للثلاث رجال نظرة حزينة تغمغم بخفوت:.

- مين والد الطفلة
ابتسم جاسر ساخرا يشير بيده ناحية مراد لتتقدم الممرضة منه تعطيه الطفلة حملها بين ذراعيه ينظر لها مدهوشا، توسعت حدقتيه الذابلة ينظر لقسمات وجهها البريئة، نقاء العالم كله يحمله بين يديه، بينما في داخله السواد والشر والغيرة، اجفل علي صوت الممرضة تتمتم حزينة:
- البقاء لله والدة الطفلة تعيش أنت، ربنا يخليك ليها.

شخصت عينيه من جديد تلك المرة في فزع شاهيناز ماتت، ماتت هكذا فجاءة، شعر بقدميه ترتخي تمسك بذراعيه جيدا بتلك الصغيرة التي يحملها، ليتهاوي علي المقعد خلفه ينظر للفراغ ذاهلا، شاهيناز ماتت، ماتت في لحظات، ماتت دون أن تصبح تلك الثرية التي حلمت أن تكون، ماتت بعد أن أخطأت مئات المرات، ولم تسنح لها الفرصة للتوبة، لم يكن هناك وقت، انتشلها الموت فجاءة، صدق من قال أن الحياة ليست سوي ومضة، الحياة بكل زيفها عقدها تلك الحكبات الغريبة التي نتشابك ونتصارع فيها ما هي إلا ومضة سريعة تُجبرك علي فتح عينيك أو غلقهما، تصل بك للنهاية او تدفعك للبداية...

ومضة تري فيها حياتك كاملة عرض مسرحي سريع الحركة تراقب من بعيد تشاهد نفسك وأنت بطل الحكاية.

، ومضة تلفك بالكامل داخل نفق سرمدي تعلو بك لتطفو بعيدا بين الماضي والحاضر والمستقبل المجهول، أنت هنا الآن وربما غدا لا، انهمرت الدموع من مقلتيه بعنف، لا يعرف ايبكي عليها ام علي حاله، ام علي الزمان الذي أوصله لما هو عليه الآن، شهق يبكي بعنف يتمسك بتلك الرضيعة بين يديه، نظر أدهم له مشفقا، ليتحرك سريعا يجلس جواره يربت علي كتفه برفق، بينما توجه جاسر ناحية مراد وقف أمام مباشرة يطالعه بنظرات قاسية حادة:.

- مش عارف اقولك مبروك ولا البقية في حياتك، أنا مش عايز اشوف خلقتك تاني يا مراد، صدقني أنا طلعتك بس عشان أدهم، انما لو لمحتك تاني هنسفك...
اشار للطفلة الساكنة بين ذراعي مراد يحادثه ساخرا:
- ابقي ربيها كويس يا مراد وخد بالها عليها كويس، أحسن يجي عيل صيع يضحك عليها ويضيع شرفك، خد بالك الدنيا دوارة.

خفق قلب مراد هلعا ما أن جالت الفكرة برأسه، ليضم الطفلة لصدره يحرك رأسه نفيا سمع صوت بكائها الجائع في تلك اللحظات ليبعدها عنه يبسط كفه تحت رأسها الصغير ينظر لوجهها بأعين تنهمر منها الدموع بلا توقف يغمغم:
- ما تخافيش أنا مش هسيبك زي ما هما عملوا فيا زمان، هربيكي كويس، كويس أوي.

أدمعت عيني أدهم ينظر لشقيقه حزينا مشفقا وكانت فقط نظرة أخيرة التي ألقاها جاسر علي مراد قبل أن يغادر المكان بأكمله مع بداية شروق الشمس.

لا يصدق حقا لا يصدق أنه يقود سيارته الآن الرابعة فجرا عائدا الي منزل والدهم لأن شقيقته الحبيبة التي يود خنقها حالا أصرت علي السفر وهو لقلبه الطيب لم يكن ليرفض، سحقا لقلبه الطيب، التفت برأسه ينظر للجالسة جواره نظرة سريعة خاطفة ليراها تنظر من خلال نافذة السيارة المفتوحة عينيها شاردة تسبح في الفراغ البعيد، رأي دمعة تهبط من مقلتيها لترفع يدها سريعا تمسحها قبل أن يراها، تنهد حزينا علي حالها، لينا مرت حقا بفترة بشعة ولكنها الآن تتحسن، يعرف ما يؤلمها الآن، شعورها بالذنب والألم، قلبها الجريح، يعرف أنه من المستحيل أن يتجاوز زيدان بسهولة ما حدث ويعودا ولكنه فقط يتمني، رسم ابتسامة حانية علي شفتيه، ليمد يده يخرج قطعة حلوي من جيب سترته يعطيها لها ابتسمت له ابتسامة شاحبة تأخذها منه، ليسمع صوت يغمغم ساخطا:.

- وأنا فين الشوكولاتة بتاعتي، انا بتوحم وعايزة شوكولاتة
ضحكت لينا بخفة بينما حسام لسهيلة من خلال مرآة السيارة الأمامية رفع حاجبه الأيسر يردف ساخرا:
- لاء حضرتك أنا الدكتور مش جوزك، بتفكريني بواحدة بعتتلي رسالة قبل كدة علي الواتس بتسأل سؤال متخلف، دكتور معلش هو أنا ممكن ابلع شامبو عشان اغسل شعر البيبي، انا شوفت الرسالة وقومت اخد حباية الضغط، رجعت لقيتها بعتالي.

إنت ازاي تشوف الرسالة وما تردش عليا، أنا الدكتور يا امي مش جوزك
انفجرت لينا وسهيلة في الضحك حتي أدمعت أعينهم حسام حقا يملك حس فكاهي يُحسد عليه، قذف حسام قطعة حلوي ناحية سهيلة لتبتسم سعيدة فتحتها تأكلها بنهم، استمر الطريق ضاحكا خاصة مع حكايات حسام مع المرضي التي لا تنتهي ابداا...

علي صعيد آخر تتحرك هنا وهناك، حركتها مضطربة سريعة بين المطبخ وغرفة الطعام تخرج للصالة تنظر أن جاء أحدهم أم لا، نزل هو من أعلي في تلك اللحظات ليجدها تطل برأسها من غرفة الطعام تنظر ناحية باب المنزل المغلق تحرك بخفة يسير علي أطراف أصابعه الي أن صار خلفها ليغمغم فجاءة:
- بتعملي ايه يا لينا!
قفزت من مكانها تشهق مذعورة التفتت له ترميه بنظرة حانقة مغتاظة كورت قبضتها تصدمه علي صدره بعنف تصيح غاضبة:.

- مش هتبطل حركاتك دي جبتلي صرع
ضحك بملئ شدقيه علي منظرها الغاضب خاصة وجنتيها الحمراء، جبينها المعقود تشبه طفلة غاضبة، كتف ذراعيه أمام صدره يحرك حاجبيه عبثا:
- بصراحة ما قدرتش ما اخضكيش وانتي واقفة عاملة زي الجواسيس كدة، كنتي بتبصي علي الباب ليه
تنهدت حانقة من كلماته السخيفة كتفت هي الأخري ساعديها تحرك ساقها اليسري بسرعة متوترة:.

- كنت بشوف لينا جت ولا لسه، وحشتني اوي يا خالد مش مصدقة أن شهر كامل عدي من غير ما اشوفها وخصوصا وهي في حالتها دي
ابتسم لها برفق ليمد يديه يحتضن وجهها بين كفيها نظر لزرقائها الساحرة يغمغم مترفقا:
- بقت كويسة، صدقيني بقت كويسة، أنا متابع قاسم خطوة بخطوة، دلوقتي هتشوفيها.

اطمأن قلبها قليلا فقط قليلا لن تهدئ إلا حين تري ابنتها أمام عينيها، ارتسمت ابتسامة متوترة علي شفتيها تحرك رأسها بالإيجاب، ليميل هو برأسه يقبل قمة رأسها، ابتعدت عنه سريعا خجلة حين سمعا معا صوت زيدان يغمغم بصوت خبيث ماكر عند أسفل درجات السلم:
- جري ايه يا خالي، صباح التحرش.

نظر خالد لزيدان محتدا بينما ابتسم الأخير ابتسامة واسعة بريئة استفزازية للغاية، حين اقترب زيدان من خالد صفعه الأخير علي رقبته من الخلف يغمغم حانقا:
- عيل رخم
مسد زيدان رقبته من الخلف ينظر لخالد كطفل صغير غاضب ولينا تقف تضحك علي مشاحنتهم معا، قاطع تلك اللحظات صوت جرس باب المنزل، شهقت لينا فرحة لتهرول ناحية الباب تفتحه صرخت سعيدة باسم ابنتها لتضمها إلي أحضانها تبكي بلا توقف...

يقف هو كان كتمثال من حجر له قلب من نار!
، دقات قلبه تتصارع تفور كحمم بركانية تأكل صدره، لما لم يخبره أحد أنها ستأتي، كان سيرحل قبل أن تأتي، يكفي ذلك الشعور الذي يسلب لبه يسيطر علي كيانه كاملا ما أن يراها كأنها جنية خرجت من أعماق الجحيم لتؤرجحه علي لهيب العشق، يحبها بل يعشقها ولا يكره أحد في الدنيا سواها.

بعد عناق حار مع والدتها تركتها تنظر له، يقف بعيدا عنهم بضع خطوات فتح لها ذراعيه ما أن رآها لتهرول إليه ترتمي بين أحضانه تبكي بلا توقف:
- سامحني يا بابا أنا آسفة...
قاطعها قبل أن تكمل ما تقول حين ابعدها عنه احتضن وجهها بين راحتيه ينظر لها مبتسما يغمغم في ترفق:
- هششش، خلاص اللي فات هننساه مش هنتكلم عنه ولا هنتفكره حتي، كلنا بنفتح صفحة جديدة، خلاص.

صفحة جديدة ابتسم ساخرا ما أن خاله تلك الجملة، كيف يبدأ صفحة جديدة وصفحاته القديمة لا زالت تحرق جوا روحه كل حرف فيها كتبه بدماء عشقه، دماء ترفض الاحتراق تتجدد من جديد مثل العنقاء تحيي كلما احترقت، شعر بحرارة جسده تزداد حين رآها تتقدم ناحيته بصحبة والدها، يشعر بالاختناق انفاسه تحتضر داخل رئتيه وكأنه كان يركض في صحراء لاهبة شمسها كجمر في كبد السماء، توقفت أنفاسه في اللحظة التي وقفت فيها أمامه وتلاقت مقلتيها بعينيه للحظات بسيطة، قبل أن يشيح هو بوجهه يلتقط بأنفه إعصار هواء يخمد نيران قلبه، يمسك به زمام مشاعره، التفت لها يبتسم في هدوء مد يده ليصافحها يتمتم مبتسما:.

- حمد لله علي سلامتك يا لينا ، حسام اخيرا يا جدع رجعت.

تلك الجملة الصغيرة فقط هي من نطقها قبل أن يتركها ويغادر مهرولا ناحية حسام يعانقه بقوة، اختفت الابتسامة التي نبتت علي شفتيها، كان يرحب بها برسمية شديدة حتي ابتسامته كان فقط من باب المجاملة، نغز حاد مؤلم عصف بقلبها، شعرت بيد والدها تجذبها خلفه ببطئ ليتحرك بها ناحية غرفة أخري تلك ليست غرفتها فتح الباب دخل إلي الغرفة يجذبها معه نظرت للغرفة حولها في دهشة، الغرفة تشبه غرف الاطفال يكفي رسومات ديزني التي تملئ الحوائط، دولاب الملابس يشبه دولاب الملابس المتكلم في فيلم الجميلة والوحش، غرفة لطفلة لا تتعدي الخامسة، عادت تنظر لوالدها تسأله بعينيها عما يحدث، ليبتسم هو في حنو اقترب منها يمسك ذراعيها بكفيه يحادثها مبتسما:.

- احنا قولنا هننسي اللي فات كله حتي اوضتك القديمة أنا قفلتها علي كل الذكريات الوحشة اللي فيها ومش هتتفتح تاني ابدا...
ابتسمت للحظة واحدة فقط قبل أن تندثر ابتسامتها تختفي شيئا فشيئا توترت حدقتيها سؤال يتردد في عقلها تود النطق ويرفض لسانها فعل ذلك قرأ خالد حيرتها المضطربة في مقلتيها ليجذبه جلست علي حافة الفراش وهو جلس جوارها يسألها مترفقا:
- عايزة تقولي حاجة؟

حركت رأسها إيجابا تنهدت بحرقة قلبها الرافض لذكر ذلك الاسم من جديد رفعت حدقتيها المضطربة تنظر لوالدها تسأله بتوتر ظاهر:
- ههو فيين
استشف عن من تسأل ذلك الثعلب الخبيث الذي كاد يودي بحياة ابنته إلي الهاوية، بسط يده أسفل ذقنها ابتسم يردف بتروي:
- احنا مش قولنا مش هنجيب السيرة دي تاني، هو مش هيظهر تاني في حياتك خلاص، مرمي في السجن هو وامه تحت حراسة مشددة تحت عينيا، ما تخافيش.

أبيها ذكر فقط اثنين ذلك الرجل العجوز أين هو، قطبت ما بين حاجبيها تغمغم في عجب:
- والراجل اللي كان قاعد علي كرسي راح فين
رفع خالد كتفيه لأعلي علامة علي جهله ابتسم ساخرا يتمتم يآسا:
- والله يا بنتي ما اعرف، عمك حمزة خفاه تقريبا ما تفهميش عمل إيه، بس هو ما قتلوش دا اللي أنا أعرفه، عمل فيه ايه بقي، عمك حمزة دا عدي توب السفاحين فأنا حقيقي مش عارف.

خرجت ضحكة صغيرة للغاية من بين شفتي لينا سرعان ما تلاشت، ويحل محلها غضب قاسي ينخر في قلبها بعنف نظرت ناحية والدها تغمغم في شرود قاسي:
- أنا عايزة أشوفه يا بابا
حرك خالد رأسه نفيا بعنف يرفض مجرد الفكرة لن يجعلها تفعلها ذلك قريبا او بعيدا حتي، مد يده يقبض علي كف يدها يحادثها بصرامة:.

- لا يا لينا انتي لسه ما وصلتيش للمرحلة اللي تخليكي تشوفيه تاني، انتي لسه في اول العلاج وهو كائن مستفز كلامه هيرجعك لنقطة الصفر تاني، لما احس أنك هتقدري أنا بنفسي هخدك من أيدك، عشان تشوفيه مرمي زي الكلب، عشان يعرف أن بنت خالد السويسي ما فيش حاجة تقدر تكسرها، انما دلوقتي لا بكل المقاييس.

ابتسمت شاردة تحرك رأسها إيجابا، في لحظة دخول والدتها تحمل صينية كبيرة عليها الكثير والكثير من الأطعمة ابتسمت تنظر لابنتها تحادثها في حماس مشتاق:
- ايه رأيك في الأوضة أنا اللي مختارة كل حاجة فيها، يلا كلي، الواد حسام ما رديش ياكل وطلع ينام والله لاصحيه يروح العيادة بتاعته، وزيدان مشي بس قولتله لازم يجي علي الغدا، و جاسر جاي كمان لما عرف انكوا جيتوا اتصل وقال ج. مممممم.

صمتت تماما حين قام خالد سريعا يضع كفه علي فمها يمنعها من الاسترسال في حديث لا نهاية له، نظر لها مدهوشا يتمتم في ذهول:
- بسسسس، ايه كل الرغي، هي لينا اللي كانت وحشاكي ولا الرغي اللي كان وحشك...
نظر لابنته يردف مازحا:
- معلش يا حبيبتي ماما شكلها هنجت من الفرحة، كلي انتي وارتاحي من السفر...

لف ذراعه حول خصر لينا يجذبها لخارج الغرفة يسير بظهره بينما هي تحاول عض كفه باسنانها ليبعد يده عن فمها، خرج بها من الغرفة ليجذب الباب سريعا يغلقه خلفه، ضيقت لينا عينيها تنظر لزوجها حانقة رفعت حاجبيها في توعد تغمغم:
- بقي أنا رغاية وهنجت، طب اعمل حسابك بقي أنك هتنام في الأوضة التانية
قالتها لترفع رأسها بغرور انثي ومن ثم تركته ورحلت سريعا من أمامه لتتوسع عينيه في فزع مضحك يتمتم متحسرا:.

- يعني كان لازم اقول رغاية البس يا ابن السويسي!

مرت عدة ساعات طويلة الساعة الآن الثانية عشر ظهرا في منزل عمر، تحديدا في غرفة نومه هرولت تالا للمرة الخامسة تقريبا خلال عشر دقائق الي المرحاض تخرج كل ما في جوفها حتي لم يعد يسكن احشائها شي، اقترب عمر منها يسند جسدها برفق إلي الفراش ينظر لحالة الهذال التي تملكتها فجاءة مد يده يمسح علي خصلات شعرها يغمغم قلقا:
- مالك بس يا تالا من الصبح وانتي وشك أصفر وشكلك تعبان بجد.

حركت رأسها إيجابا تمسد بكفها علي بطنها انكمشت قسمات وجهها ألما تهمس بصوت ضعيف متألم:
- مش عارفة يا عمر تعبانة أوي، حاسة بوجع جامد
دقت سارة باب الغرفة في تلك الأثناء سمح لها عمر بالدخول لتدخل تمسك في يدها كوب عصير اقتربت من والدتها تنظر لها قلقة تحادثها بتلهف:
- أنا عملتلك عصير، يا ماما قومي نروح نكشف مش هينفع حالتك دي بجد.

حرك عمر رأسه إيجابا سريعا يؤيد فكرة ابنته بينما حركت تالا رأسها نفيا تهمس بنبرة خاملة:
- ما فيش دكاترة نسا بيبقوا فاتحين دلوقتي يا سارة، كلهم بيفتحوا بليل
تحرك عمر من مكانه يخرج ثيابه من الدولاب يغمغم سريعا في قلق:
- يا ستي هندور مش هنخسر حاجة، أنا هروح اغير في الاوضة التانية، سارة ساعدي ماما تلبس.

حركت سارة رأسها إيجابا سريعا بينما تحرك عمر لخارج الغرفة ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتي تالا، ها هو عمر الذي أحبت قديما يعود من جديد، قامت ببطئ تستند علي يد ابنتها لتبدل ثيابها بأخري.

تذمر حسام حانقا مع صياح زوجة أبيه الشريرة التي ظلت جوار رأسه ما يقارب نصف ساعة تصيح بجملتين فقط:
- اصحي يا حسام، والله لهتقوم تروح العيادة.

زفر حانقا يضحك ساخرا لينا الشريرة، اسم لا يليق عليها تماما، زوجة أبيه تحاول جاهدة أن تعامله كوالدته الراحلة ولكنه لن يسمح بذلك بالطبع، صحيح أنها قصيرة ولكن صوتها المزعج يفوق منزل أبيه في الارتفاع، لم يجد حلا آخر سوي أنه استيقظ ينظر لها حانقا كطفل صغير، لتبتسم هي ابتسامة لطيفة قرصت وجنته برفق تغمغم مبتسمة:
- شطور يا حسام صحصح بقي علي ما اعملك الفطار عشان تروح تفتح العيادة اللي مقفولة بقالها قرن دي.

ثم خرجت في هدوء تام وكأنها لم تحدث إعصار للتو، قام حانقا من فراشه يضرب الأرض تحت قدميه لا يرغب سوي في النوم، التقط هاتفه يحادث الممرضة يخبرها أن تذهب إلي العيادة وتخبر المرضي بأنه سيأتي اليوم، تثأب ناعسا يمط ذراعيه في الهواء تحرك الي المرحاض اغتسل وبدل ثيابه بقميص أسود وسروال من نفس اللون وضع نظارته الطبية علي عينيه يلتقط حقيبة جهاز « اللاب توب »، نظر لصورته في المرآة ليصدح في رأسه جملة والدته التي تقولها له دائما.

« بسم الله ما شاء الله، ربنا يحرسك يا ابني»
ادمعت عينيه حين تذكرها وهو لم ينساها أبدا، ازاح نظارته يمسح دموعه ليخرج سريعا من الغرفة توجه الي أسفل ليجد لينا زوجة ابيه تضع الطعام علي الطاولة، تحرك هو ناحية باب المنزل ليلحق به صوتها تغمغم متلهفة:
- مش هتفطر يا حسام...
التفت برأسه لها يرسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يحرك رأسه نفيا:
- معلش ماليش نفس مش جعان.

تنهدت حزينة علي حاله، ابتسمت تحرك رأسها إيجابا تحادثه برفق:
- طب يا سيدي ممكن ما تتأخرش عن الساعة 5 عشان هنتغدي كلنا مع بعض.

ابتسم لها من جديد يحرك رأسه إيجابا، تحرك للخارج منها الي سيارته يأخذ طريقه الي عيادته الخاصة، كان ينهي عمله في مستشفي الحياة ويذهب إليه ليلا مرتين او ثلاث علي الأكثر في الأسبوع، مر بعض الوقت إلي أن وقف بسيارته أمام العمارة السكنية التي تقع فيها عيادته، نزل من السيارة يلتقط حقيبته الخاصة، توجه الي اعلي لتتوسع عينيه في دهشة حين رأي العيادة مزدحمة لا موضع لقدم فيها تحرك بصعوبة بين الناس يلج الي غرفته الخاصة، نظر للمرضة قبلا يحادثها:.

- عشر دقايق وهاتيلي ورقة الكشوفات
حركت رأسها إيجابا سريعا، تنفذ ما يقول
بينما في الأسفل وللصدفة البحتة الغير مقصودة بالمرة!، وقفت سيارة عمر بعد بحث طويل عن عيادة لطبيب النساء تعمل الآن لم يجد للأسف سوي تلك، نظر لاسم الطبيب الذي يعلو لافتة العيادة ليبلع لعابه يغمغم في نفسه:
- يارب يكون تشابه أسماء.

نزل سريعا من السيارة يسند تالا يصعد بها إلي العيادة نظر مدهوشا لاعداد الناس الضخمة ليقترب من الممرضة سريعا يغمغم متلهفا:
- لو سمحتي معلش أنا مراتي تعبانة جدا ومش هتقدر تستني، لو في كشف مستعجل عاجل، حتي لو بعشر اضعاف السعر
حركت الممرضة رأسها بالإيجاب تأخذ منه البيانات تملئ بها الاستمارة أمامها، تحركت تأخذ الأوراق لمكتب حسام دقت الباب تدخل الي المكتب وضعت الأوراق أمام حسام علي المكتب تغمغم سريعا:.

- دكتور في واحد برة بيقول أن مراته تعبانة جدا، استمارته عندك اهي، ادخله الأول اصله جاي آخر واحد
نظر حسام للاستمارة الماثلة امام عينيه ليرتفع جانب فمه بابتسامة خبيثة عمه الحبيب هنا، يلا فرحته العارمة، رفع وجهه ينظر للممرضة يتمتم في هدوء تام:
- دخليه أول واحد، وما تستقبليش كشوفات تاني عشان أنا مش هطول النهاردة.

تحركت الممرضة للخارج لحظات فقط وسمع دقات علي باب الغرفة سمح للطارق بالدخول دخل عمر يُسند تالا زوجته، توسعت عينيه في دهشة حين أبصر حسام يجلس أمامه بينما ارتسمت ابتسامة كبيرة واسعة علي شفتي حسام يغمغم مرحبا:
- عمي حبيبي وجد عيالي، دا ايه الطلة البهية دي
احتقن وجه عمر غضبا الوقح ابن ابيه هنا، مال برأسه علي إذن تالا يهمس لها حانقا:
- تعالي نشوف دكتور تاني بدل الواد دا.

حركت تالا رأسها نفيا تهمس بصوت خفيض مرهق:
- يا عمر أنا تعبانة مش قادرة حقيقي.

زفر حانقا يحرك رأسه إيجابا التفت خلفه ليجد سارة تدخل إلي الغرفة تغلق الباب خلفه، نظر ناحية حسام سريعا ليجد عينيه علي وشك أن تخرج قلوب حمراء، حمحم عمر حانقا يتجه بزوجته جلست تالا علي المقعد المجاور لمكتب حسام وقف عمر مواجها لها لأن الكرسي الآخر مكسور، ذلك الطبيب المهمل لم يكلف خاطره ويصلح الكرسي المكسور، تحركت سارة بقلب يسمع صدي نبضاته في المكان ناحية والديها تحاول بشتئ الطرق أن تبعد عينيها عن ذلك الوسيم الذي يجلس هناك، لا مقاعد أخري لها وقفت جوار والدتها لتسمع صوته يحادث والدتها:.

- قوليلي بقي يا مدام تالا حضرتك بتشتكي من ايه
قطبت تالا جبينها متعجبة حين رأته يقوم من مكانه حمل مقعده الكبير يضع جوارها نظر لسارة للحظات يبتسم في ولة في ولة:
- اقعدي.

ليعاود النظر لتالا ينظر لها باهتمام بمعني اكملي أنا أستمع، بدأت تالا تقص عليه ما تشعر به من آلام هو يقف خلف مكتبه يحاول اختلاس النظرات بين حين وآخر لتلك التي تجلس تكاد تنصهر خجلا، عاد ينظر لتالا ما أن انهت ما تقول ليشير لها لفراش الكشف يغمغم مبتسما:
- طب اتفضلي حضرتك نعمل سونار نطمن علي الجنين
استندت تالا علي يد سارة تساعدها للتوجه إلي الفراش تحرك حسام يتجه ناحيتهم ليجد عمر يقف أمامه يحادثه حانقا:.

- أنت رايح فين يالا
ابتسم حسام في استفزاز يكتف ذراعيه أمام صدره يغمغم:
- رايح اعمل سونار
لكزه عمر في صدره بحدة يردف في غيظ:
- ما هي قالتلك ايه اللي تاعبها لزمتها ايه السونار، يا دكتور علي ما تفرج إنت
لم تتغير ابتسامة حسام الاستفزازية السخيفة فقط مال برأسه علي إذن عمر يهمس له مستمتعا:.

- ما تقلقش لما بيجي راجل غيران علي مراته بقوله ما تقلقش زي اختي، أمي، إنما مرات حضرتك أنا هعتبرها زي حماتي بالظبط، وبالعدين أنا البيبي دا يهمني جدا، دا هيبقي خال العيال
اشتعلت أنفاس عمر غضبا كم ود لو يمسك في عنق ذلك المستفز شبيه أبيه يخنقه حتي الموت، بينما توسعت ابتسامة حسام تحرك ناحية فراش الكشف، يوجه عينيه للشاشة أمامه يحرك رأسه إيجابا يهمهم في هدوء:.

- لاء تمام، تمام ما فيش اي مشاكل، هي عامة الأعراض دي طبيعية جدا بس ممكن عشان حضرتك ما حملتيش من مدة طويلة فحاسة الموضوع جديد عليكي
حركت تالا رأسها إيجابا بوهن تغمغم بخفوت:
- ايوة فعلا عندك حق ما حملتش من بعد سارة وسارين
وجدها حسام فرصة ذهبية ليلتفت برأسه ناحية سارة يبتسم في وله مراهق يغمغم لها:
- ينفع كدة يا سارة ماما تخضنا عليها وهي زي الفل.

خرجت ضحكة خافتة من بين شفتي سارة تشيح بوجهها بعيدا في خجل ليقبض عمر علي وجه حسام يدير وجهه بعنف ناحيته هو يصيح فيه:
- أنت مالك ومال سارة خليك في اللي بتعمله
حمحم حسام في حرج يعدل من وضع تلابيب ملابسه يغمغم مبتسما:
- عامة احنا محتاجين نعمل صورة دم كاملة، أنا ممكن اخليك تلف علي المعامل، بس أنا هاخد بنفسي العينة وابعتهى للمعمل
التفت برأسه مرة أخري ناحية سارة يغمغم مبتسما:
- شوفتي أنا حنين ازاي.

جذب عمر رأسه بعنف مرة أخري بعيدا عن ابنته، اعتدلت تالا في جلستها بينما قام حسام ناحية صيدلية غرفته الصغيرة يخرج ( سرنجة فارغة )، اقترب من تالا لتنكمش قسمات وجهها خوفا تختبئ بين أحضان زوجها:
- لا انا بخاف من الحقن
رفع حسام حاجبيه ساخرا ينظر للمشهد المبتذل أمامه، ليلتفت برأسه ناحية سارة من جديد يسألها بنفس النبرة الحالمة:
- انتي بتخافي من الحقن يا سارة.

عند ذلك الحد ترك عمر زوجته ليندفع ناحية حسام قبض علي تلابيب ملابسه يصيح فيه:
- لا بقئ ما أنا مش قرني قدامك اتلم يا ابن خالد بدل ما اطلعك في صفحة الحوادث، عم يقتل ابن أخيه ويمثل بجثته
ابتسم حسام في براءة يلتفت برأسه ناحية سارة يغمغم بحالمية:
- طب ما تيجي نغير عنوان الخبر، ويبقي عم يزوج ابنته لابن أخيه الطيب الغلبان وأنا أكشف عليكوا بالمجان، الله عليا في الشعر!

لما عادت، لما رآها من الأساس لما عاد ذلك الشعور البشع ينخر بقلبه، رؤيتها تقتله عشقا تحييه عذابا، لكم الجوال امامه بعنف لكمة اخيرة ليقف مكانه يلهث بعنف يحرك رأسه نفيا لا وألف لا لن يعود لتلك الدوامة المفرغة من الألم من جديد يكفي ما فعلته به، توجه سريعا إلي هاتفه يبحث عن رقمها لحظات فقط واجابت ليبادر هو يغمغم سريعا قبل أن يغير رأيه:.

- ايوة يا انجليكا، أنا عازمك علي الغدا النهاردة في بيت خالي، هعدي عليكي، سلام.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة