قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الثالث للكاتبة دينا جمال فصل خاص 2

رواية أسير عينيها الجزء الثالث للكاتبة دينا جمال فصل خاص 2

رواية أسير عينيها الجزء الثالث للكاتبة دينا جمال فصل خاص 2

في غرفة المكتب، ابتسم محمود بهدوء يحرك قطعة الشطرنج ليطيح بها قطعة الملك الخاصة بخالد:
- كش ملك يا عم خالد
ضحك خالد يعبث في شعره بحرج هاتفا:
- ماشي يا حج مقبولة منك
قام محمود يربط على كتف زيدان ناظرا لخالد مغمغما بهدوء:
- لاعب زيدان، وأنا هقوم اقرأ قرآن
هز رأسه إيجابا ينظر للصغير الهادئ، جلس زيدان مكان محمود بينما اعاد خالد القطع يرتبها مكنها ليسمع صوت زيدان يهمس بهدوء:
- أنت ليه خسرت نفسك.

ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي خالد ينظر لزيدان بطرف عينيه مغمغما:
- عشان ما ينفعش اخسر جدك، بس عادي جدا اخسرك، العب يلا
وجه زيدان نظراته الخاوية إلى لوح الشطرنج ينظر للقطع ينسج الكثير من الخطط في رأسه هدوء مريب مخيف لا يتناسب تماما مع فتي في عمره مد يده ليحرك اول قطعة، لتتوقف يده حينما سمع صوت الخالد يهمس بحزن على حاله:.

- أنت ليه عامل في نفسك كدة، ليه عايز تكبر قبل آوانك، ليه عايز تتعلم تدرب على السلاح في سنك دا، عيش طفولتك يا ابني دي الحاجة الوحيدة اللي مش هتقدر تعوضها
رفع زيدان وجهه ناحية خالد يناظره بأعين انحبس فيها الدموع لتمعنها بصعوبة من الانهمار هز رأسه نفيا يبلع غصته المريرة هامسا بمرارة:
- عشان مش عايز ابقي ضعيف، مش عايز حد يستضعفني تاني، عايز أخد حقي.

نيران الانتقام التي تنبعث من بين كلمات زيدان نيران حادة مخيفة تنتظر فرصتها لتحرق الجميع، حرك زيدان قطعة واحدة ليشيح بوجهها في الاتجاه الآخر يمسح دموعه التي على وشك السقوط بعنف، تنهد خالد يتحسر على حال الصغير، ليلفت نظره في تلك اللحظة أصوات عالية متداخلة يعلوهم صوت والدته تناهي إلى اسماعه اسم حمزة، هب سريعا متجها إلى الخارج يهتف في زيدان:
- تعالا ورايا يا زيدان.

خرج متجها إلى الصالون الواسع لترتسم ابتسامة واسعة سعيدة على شفتيه اخيرا بعد مرور ثلاث سنوات ويزيد قرر العودة، اتجه ناحيتهم ليقف حمزة سريعا متجها إليه هو الآخر نصفان اكتملا، عانق كل منهما الآخر بقوة عناق أخوي حار، لتتساقط دموع حمزة يهمس بألم:.

- وحشتني يا اخويا، سامحني طول السنين اللي فاتت وأنا مكسوف أجي مش عارف ازاي هحط عيني في عينيك، رغم كل الوقت اللي عدي بس أنا مش قادر اسامح نفسي على اللي حصلك بسببي
رفع خالد احدي يديه يربط بها على رأس أخيه يبتسم برفق سعيد بعودة اخيه
« في المطبخ »
اختلست تالا النظر للخارج لتعود للينا تصفق بحماس:
- واضح أن ابيه حمزة جه من السفر أنا ما شفتوش قبل كدة، هروح أسلم عليه.

تقدمت للخارج لتلفت برأسها للينا تنظر له بتعجب:
- مش هتيجي
بالكاد رسمت ابتسامة باهتة على شفتيها تحرك رأسها خرج صوتها بالكاد:
- هحصلك.

هزت تالا رأسها إيجابا لتخرج سريعا بحماس بينما وقفت هي في دوامة عاصفة من الإفكار والمشاعر، حمزة اياد كابوسها السابق الذي طالما ارقها ليلا يجلس خارجا تتعانق ضحكاته مع ضحكات زوجها، سامحته قالت ذلك سابقا انقذ حياتها دمه يسري بين اوردتها لولاه لكانت ماتت هي مدينة له ولكن لا تعرف لما شعرت بقبضة مخيفة تعتصر قلبها ما أن سمعت صوته، مسحت وجهها بكفيها لتخرج من المطبخ تجنبت غرفة الصالون التي يتواجدون فيها لتتجه مباشرة إلى غرفتها، دخلت إلى الغرفة واغلقت الباب تجلس على الفراش تتساقط دموعها بحيرة هي حتى لا تعرف لماذا تبكي، سمعت صوت دقات على باب الغرفة ظنته خالد مسحت دموعها سريعا تهتف بصوت جاهدت في جعله متزن:.

-ادخل يا خالد
تحرك مقبض الباب بهدوء لينتفتح جزء صغير للغاية يظهر صوت الصغير زيدان:
- أنا زيدان يا مرات خالي ممكن ادخل
رسمت ابتسامة واسعة باهتة على شفتيها تهتف:
- تعالا يا زيزو، تعالا يا حبيبي
دخل الصغير ينظر ارضا بحرج، اقترب من الفراش حيث تجلس جلس بعيدا عنها ينظر ارضا يفرك يديه بتوتر يهتف بارتباك: حضرتك كويسة اصل أنا شوفتك وأنتي يعني طالعة وكان شكلك بتعيطي.

ارتسمت ابتسامة صغيرة شاحبة على شفتيها مدت يدها تربط على شعره البني الناعم تهتف بمرح زائف:
- أنا كويسة يا زيزو، يمكن من البصل بيخلي عينيا تدمع
هز رأسه نفيا ينظر لها بعتاب يهتف بجد: -
-أنا مش صغير، ما تعاملنيش على اني صغير، انتي زعلانة مش البصل، وأنا أسف إني اتدخلت وسألتك عن إذنك يا مرات خالي
قام ليرحل ليسمع صوت لينا تهتف بتعجب: استني يا زيدان
التفت لها دون أن ينطق بحرف لتكمل هي بمرح:.

- طب يا سيدي ما تاخدش الموضوع على صدرك اوي كدة...
ربطت على الفراش جوارها تبتسم بحنو:
- تعالا يا حبيبي اقعد
تنهد الصغير بضيق ليقترب من الفراش جلس جوارها ينظر أرضا ينكس رأسه لأسفل جلست جواره تنظر للأمام تبتسم بشرود:
- تعرف كتير بشتاق لأيام طفولتي
رفع زيدان وجهه ينظر لها هامسا بمرارة:
- كانت سعيدة
رفعت كتفيها تبتسم بحنين هاتفة:.

- يعني من دا على دا، لما كنت مع خالك كانت جميلة صحيح خالك كان عصبي من صغره بس كانت أيام جميلة...
اندثرت ابتسامتها تتنهد بحزن:
- بس لما والدي خدني بعيد عنه غصب عني. شوفت أيام وحشة أوي، والدي كان قاسي عليا أوي وأنا صغيرة، بس تبقي في ذكريات جميلة بنفكرتها لما نكبر ونبتسم...
التفت برأسها ناحيته تسمح بيدها على شعره برفق تبتسم في مرح:
- ليه مش عايز تعمل لنفسك ذكريات...

اندثرت ابتسامتها تجمدت يديها على شعره حينما سمعت صوته الهامس الذبيح:
- أنا بقي ما شفوتش ولا يوم حلو في حياتي من ساعة ما بدأت اشوف الدنيا، وجودي معاكوا رحمني من اللي كنت بشوفه، مش عايز ابقي طفل
انسابت دموعه بغزارة يهز رأسه نفيا بعنف يكرر بحسرة: مش عايز، مش عايز.

لم تعي بنفسها سوي وهي تعانقه بقوة لينفجر هو في البكاء بكاء حبسه لأعوام تربط على رأسه، إلى أن شعرت به يهدئ، ابعدته عنها تمسح برفق دموع عينيه تبتسم بحنانها المعتاد:
- بص بقي احنا نفتح صفحة جديدة من اول سطر، مش هنتكلم من النهاردة أنت إبني
رفعت سبابتها تهتف بمرح: من النهاردة تقولي يا ماما فاهم يا استاذ زيزو، وبعدين بص عينيك زرقا زيي ازاي.

ابتسم الصغير ابتسامة باهتة شاحبة يهز رأسه نفيا يهمس بألم: ما اقدرش اقولك يا ماما
عقدت جبينها بتعجب تربط على كتفه برفق:
- ليه يا حبيبي
رفع وجهه ينظر لها يهمس بألم:
- عشان انتي أحسن منها، أنا عارف أنك بتحبيني زي لوليتا وما بتفرقيش ما بينا، أنك بتحاولي تعملي اي حاجة عشان تسعديني بس اللي هي عملته فيا دمرني.

أمسكت كتفيه برفق تعقد جبينها بجد تهتف بحماس: ما فيش اسمها دمرني، أنا مش هسيبك يا ابني للحالة اللي انتي فيها دي مهما عملت، مش عايز تقولي يا ماما خلاص براحتك إن شاء الله تقولي يا لينا، أنا وخالك هنبقي دايما جنبك مش هنسيبك ابدا، هتكبر وهتنجح، وهتبقي احسن واحد في الدنيا
وهتبقي عريس زي القمر وأنا اللي هخترلك عروستك يا سيدي، فكر في بكرة، اللي حصل مهما كان صعب هتقدر عليه...

هتفت بمرح مكملة: اضحك بقي يا عم فكها ما تبقاش قفوش زي خالك
ابتسم الصغير لأول مرة ابتسامة صافية طفولية بريئة لتعبث لينا في شعره بمرح تضحك بسعادة وقد نسيت تماما ما كان يقلقها...
دخلت الصغيرة في تلك اللحظة تنظر لزيدان بغيرة، لكونه يجلس مع والدتها تضحك معه، دخلت إلى الغرفة تصيح بحماس تحاول جذب انتباه والدتها:
- ماما، شوفتي عمو حمزة جاب ايه للوليتا.

اندثرت ابتسامة لينا ما أن سمعت اسم حمزة لترسم ابتسامة مصطنعة على شفتيها:
- جميل يا حبيبتي
نظرت لزيدان تربط على وجنته برفق:
- انزل يا حبيبي سلم على خالك عشان ما يزعلش منك
حرك الصغير رأسه ايجابا يهتف بهدوء:
- حاضر، يا ماما.

ابتسمت بسعادة بينما أحمر وجه الصغير خجلا خرج من الغرفة تحت نظرات لينا السعيدة ونظرات الصغيرة المشتعلة بالغيرة، هرولت ناحية والدتها لتلتقطها لينا تجلسها تزم شفتيها بضيق تعقد ذراعيها أمام صدرها قبلت لينا وجنتها الحمراء المنتفخة تبتسم بحنو:
- مالك يا ست لوليتا
قطبت الصغيرة جبينها غاضبة تهتف بضيق طفولي:.

- لوليتا زعلانة من ماما، عشان ماما قاعدة مع زيدان وبتضحك مع زيدان، لوليتا مش بتحب زيدان، وماما مش بتحب لوليتا
مدت يدها تسرح شعر الصغيرة البني الطويل تبتسم بحنو:
ماما بتحب لوليتا وزيدان الاتنين قد بعض ما ينفعش تغيري من زيدان لوليتا وزيدان أخوات
تفاجاءت بصوته يهتف بجد وهو يدخل إلى الغرفة:
- لينا وزيدان مش تخوات.

رفعت وجهها اليه تقطب جبينها بتعجب مما يقول، لتنسل الصغيرة من بين يديها تركض ناحية والدها التي حملها متجها بها ناحيتها جلس خالد جوارها على الفراش يداعب شعر الصغيرة هاتفا:
- لوليتا اجري يلا العبي مع عمو حمزة بيسأل على لوليتا
ضحكت الصغيرة بحماس لتفر راكضة إلى الخارج تضحك بطفولة، ابتسم خالد بهدوء ليلتفت برأسه إليها يطالع نظراتها الشاردة يهتف بجد: قاعدة لوحدك هنا ليه
حركت رأسها نفيا تحاول الابتسام:.

- لا ابداا أنا بس دروخت شوية من الصيام
قرص وجنتها برفق يعاتبها:
- بتكذبي وانتي صايمة...
تنهدت بضيق تحاول الا تنظر له حتى لا يكشف كذبها هاتفة:
- أنا مش بكذب أنا فعلا تعبانة من الصيام
قام ممسكا بيدها جذبها برفق لتقف هاتفا:
- طب قومي يلا انزلي تقعدي معانا تحت مش هتفضلي هنا لوحدك.

حاولت الاعتراض ولكنه شدد على يدها برفق يجذبها لتجاوره، يعرف ما بها يشعر بقلقها، اراداها أن تواجه لا أن تختبئ، جذبها مشددا على يدها كأنه يخبرها لن يجرؤ احد على إيذائك مهما كان، اما هي مشت جانبه تبلع لعابها بارتباك بين حين وآخر تود الهروب بعيدا تمر الذكريات القديمة امام عينيها ككابوس مخيف، ازداد وجيب دقاتها عنفا حينما دخلت بصحبته إلى غرفة الصالون اختطفت نظرة سريعة لوجوه الحاضرين لتتنهد براحة أنه ليس منهم، جلست جوار خالد، جلسة اسرية مرحة الجميع يضحك سعيد الا هي، تختلس نظراتها لمايا بين حين وآخر لتجدها صامتة تشارك بكلمات قليلة مع تالا زوجة عمر، تلك الفتاة المرحة التي تحب الجميع، محظوظ عمر بها، قامت فجاءة تنظر لخالد تبتسم بتوتر:.

- انا هروح اشوف الاكل عن اذنكوا
بخطي سريعة اتجهت للخارج كادت أن تخرج لتتنصم قدميها مكانها حينما رأته يدخل إلى الغرفة، تسارعت دقاتها خوفا، تنظر له بقلق ظاهر، بينما ابتسم هو ببشاشة مد يده يهتف بابتسامة واسعة:
- ازيك يا لينا عاملة إيه
هتف عقلها في تلك اللحظة يصرخ فيها:
- انتي سمحتيه يا لينا، انتي قولتي أنك سامحتيه، سامحتيه
ليصرخ قلبها بفزع مرددا: لااااا.

صرخ بها قلبها ولسانها صرخت بغضب تنظر له بكراهية: لاااااا، لاااااا
دفعته في صدره بعنف حتى أنه سقط أرضا ينظر لها بذهول، بينما شهقت زينب بفزع تضرب بيدها على صدرها:
- يالهوي ابني
خرجت لينا راكضة إلى غرفتها، اتجه خالد ناحية أخيه يساعده على النهوض كاد أن يخرج متجها اليها، يعرف انها خائفة غاضبة تحتاجه ليشعر بيد تقبض على ذراعه بقوة التفت ليجد والدته تنظر له عينيها تقدح منها الشرر صاحت بحدة:.

- جري ايه يا بيه ما بقتش قادر تحكم مراتك، شوفت عملت ايه في أخوك، سيبتها تتفرعن يا أبن زينب، مش كفاية اننا قابلينها على عيبها
لا يعرف كيف فعل ذلك ولكنه وجد نفسه فجاءة دون سابق انذار ينفجر صائحا، يكفي زوجته لاقت ما يكفي ويزيد طوال تلك المدة الماضية:.

- عييييب ايييه يا أمي حرام عليكي، مراتي مش معيوبة ومش هسمح لاي حد مهما كان أنه يعيب فيها، ليه يا أمي ليه بقيتي بتكرهيها عشان ذنب هي اصلا مالهاش ذنب فيه، زعلانة عشان زقت ابنك...
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه يهتف بتهكم: معلش حلاوة روح، اصل حمزة وقع عليها كوباية القهوة وسخ الفستان بتاعها.

قبضت والدته على ذراعه تصرخ غاضبة: أنت بتتريق عليا يا ابن زينب، خلاص بقيت زي خيبتها كلمتك من رأس مراتك، طب اسمع بقي يا ابن زينب، من بكرة هشوفلك عروسة تانية...
احمرت عينيه غضبا يشد على قبضته بعنف يجز على أسنانه بغيظ فهي اولا واخرا والدته كاد أن ينفجر غاضبا حينما نطقت جملتها الاخيرة، ليسمع صوت حمزة يهتف سريعا:.

- ايه اللي انتي بتقوليه دا يا ماما لينا ما تقصدش أنا عاذرها اللي حصل زمان مش قليل، حرام عليكي تقهريها كدة
في تلك اللحظة تحدث محمود اخيرا يهتف بهدوء:
- أمك معاها حق يا خالد
نظر الرجال لوالدهم بدهشة مذهولين مما قال بينما ابتسمت زينب بانتصار، ليبتسم محمود مكملا: - بس معلش يا زينب سيبي خالد يختار عروسته...
نظر لخالد بغموض يبتسم بخبث:
وابقي اخترلي عروسة معاك، عيلة صغيرة تدلعني كدة.

شهقت زينب بفزع تضرب بيديها على صدرها تصيح بذعر:
- أنت عايز تتجوز عليا يا محمود بعد العشرة دي كلها، هونت عليك يا راجل
قام محمود من مكانه متجها اليها وقف أمامها مباشرة يبتسم ساخرا:.

- العشرة ما تهونش زينب مش كدة، اومال ليه بقي هانت عليكي، مش كفاية كنتي السبب في تعاسة الغلبانة شهد زمان دلوقتي عايزة تقهري لينا، لينا يا زينب دا انتي شلتيها على ايديكي قبل ما حتى فريدة امها تشيلها لينا اللي من وهي صغيرة بتقولك يا ماما..

لينا اللي ولادك الاتنين جم عليها كتير اوي ولما اخيرا الدنيا ضحكتلها وخالد اتغير، وجاسم اللي كان كابوس ليها وهي صغيرة حاله اتصلح جاية انتي تقهريها، عشان إيه ذنب مالهاش ذنب فيه، لو ابنك ما كنش بيخلف، كنتي بردوا هتيجي عليها، عارفة لينا عيبها ايه يا زينب انها دايما طيبة وبتسامح، فلما تيجي تاخد موقف ما بيعجبش حد...
نظر خالد لابنه هاتفا بجد: اطلع يا ابني شوف مراتك زمانها مقهورة من العياط...

رمق خالد والدته بنظره عتاب قاسية ليتركها متجها إلى أعلي...
بينما اخذت تالا الأطفال إلى الحديقة منذ البداية، صعد خالد إلى غرفته سريعا، ليجدها متكومة جوار الفراش ارضا تضم ركبتيها لصدرها تغرق الدموع وجهها اخفاها اخذها بين ذراعيه دون أن ينطق بكلمة، لتتسمك به بقوة تصيح باكية:
- ما تسمعش كلامها عشان خاطري ما تتجوزش، أنا مش هستحمل العذاب دا تاني، مش ذنبي والله مش ذنبي.

شدد عليها بين ذراعيه يهتف بحدة: لحد ما تخرج روحي من جسمي انتي مراتي، لو وصلت اني اعادي العيلة كلها مش هعملك حاجة لا تجرحك ولا تأذيكي كفاية اللي حصل زمان كفاية أوي، أنا اذيتك كتير ومش هسمح لنفسي ولا اي من كان أنه يأذيكي تاني
ابعدها عن صدره يمسح دموعها هاتفا: قومي يلا غيري هدومك، أنا آسف اننا جينا هنا، ما كنتش اعرف أن كل دا هيحصل، يلا ما فضلش غير ساعة على المغرب نلحق نروح.

عشان خاطري ما تمشوش: همست بها والدته من خلفه تقف عند باب الغرفة المفتوح تنظر للينا بندم يفيض من نظراتها ليشيح خالد بوجهه بعيدا غاضبا مما فعلت، تقدمت زينب لداخل الغرفة، ليصدح صوت محمود ينادي على خالد
نظر لوالدته عدة لحظات ليغارد متجها إلى ابيه
بينما جلست زينب جوار لينا ارضا تنظر لها بألم، بلعت لعابها بتوتر تهمس بندم: سامحيني يا بنتي...
نظرت لينا لها نظرات حادة كاره غاضبة ابتسمت ساخرة تهتف بتهكم:.

- عيزاني اسامحك وانتي عايزة خالد يتجوز عليا، عيزاني اسامحك وأنا فجاءة لقيتك من غير ما يكون ليا ذنب بتكرهيني مش طيقاني، ليييه، لو ياسمين مكاني ترضي أن فاطيمة مرات عمي تعمل معاها كدة تعاملها كدة تخلي فارس يتجوز عليها
لاااا، نطقتها زينب سريعا بلهفة أم قلبها انقبض من مجرد فكرة حدوث ذلك لابنتها، ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي لينا متجهه ناحية دولاب ملابسها تخرج الملابس:
- كنت عارفة أنه لاء يا حماتي.

وقفت زينب خلفها تهمس بحزن:
- عمرك ما قولتيهالي يا لينا
التفت إليها تبتسم بألم:
- مش دي الحقيقة.

جذبتها زينب تعانقها بقوة تهتف بحزن: لاء مش الحقيقة انتي بنتي، انا اللي شيلتك على ايدي لما اتولدتي، كنت بغيرلك الحفضات وبحميكي وانتي صغيرة أمك ما كنتش بتعرف، يتقطع لساني لو عيبتك بكلمة تاني، او قولت لخالد كدة تاني، عمك محمود عرفني اد قد ايه كنت وحشة معاكي وانتي مالكيش ذنب في اي حاجة سامحي أمك يا قلب أمك وحياة الواد خالد عندك.

في الأسفل جلس خالد على المقاعد يخفي وجهه بين كفيه بينما يجلس حمزة جواره يحاول التخفيف عنه ومحمود وعمر صامتين تماما، إلى أن سمعوا صوت اقدام تنزل على السلم رفع وجهه سريعا ليجد والدته تنزل ممسكة بيد لينا اقتربت منه تبتسم بحزن:
- حقك عليا يا إبني، يتقطع لساني لو قولت في حق مراتك كلمة وحشة تاني
قبل جبينها ويديها يهمس برفق: بعد الشر عليكي يا امي
اقترب من لينا يبتسم بسعادة هاتفا بمرح:.

- سامحتيها يعني على طول اشمعني كنتي بتذلي أهلي على ما تصالحني
بعد قليل جلسوا جميعا على طاولة الافطار لينا وخالد وزيدان ووالدته على احد الجوانب والباقي على الجانب الآخر يترأسهم محمود
زينب تجلس جوار لينا تربط على يديها او رأسها بين حين وآخر كأنها تعتذر لها والصغيرة على قدمي والدها، مدت الصغيرة يدها تجاه احد اطباق الطعام تشير إلى ما فيه:
- ايه دا يا بابي
اتسعت عيني خالد بحرج يهتف سريعا:.

- يعني ايه، ايه دا، لحمة يا لوليتا، ايه مش عرفاها، اللي مامي بتقعد تجري وراكي كل يوم عشان تاكلي حتة
نظرت لوالدها تقطب جبينها بتعجب كأنها تري ذلك الشئ لأول مرة في حياتها:
- لحمة يعني ايه لحمة
أصفر وجه خالد حرجا ينظر للجميع يهتف سريعا:
- لا يا جماعة والله أنا بجيبلهم لحمة والله كل يوم
اقتطع قطعة يضعها في فم الصغيرة يهتف سريعا:
- لوليتا لحمة اللي انتي عرفاها يا حبيبتي دوقي كدة.

اكلتها الصغيرة تهتف بابتسامة واسعة:
- اللحمة حلوة اوي يا بابا انت ليه مش بتجبلنا منها
اتسعت عيني خالد بصدمة يضع يده على جانبه الأيسر يشعر بأنه سيصاب بذبحة صدريه، ليلقي لينا إلى والدتها:
- خدي بنتك دي هتجبلي ذبحة
القتها لينا عليه برفق تنظر بعيدا كأنها لا تعرفهم:
- ولا أعرفها دي مش بنتي، انتوا خطفني اساسا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة