قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الستون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الستون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الستون

((نظر شاهين الى كمال وجراد في شك وهو يقول: -اذن ملخص الأمر ان المشكلة قد حلت؟
اومأ كمال برأسه مما جعل شاهين يقول بدهشة: -كيف؟
رد هيثم مبتسما: -يبدو ان احدهم قد ادى عملنا
قال شاهين: -اتمزح؟ اتظن ان كيسارا فعلت هذا؟
قاطعهما جراد قائلا بسخرية: -لقد فعلت اكثر من ذلك في الواقع وبنتيجة افضل مما كنت ستخرج انت بها منا.

شعر شاهين بالغيظ لكنه يعترف انها الحقيقة. صمت للحظة ربما كيسارا تشكل لهم جميعا اهمية لم يتصورها ايا منهم. فابتسم للحظة قبل ان تختفي تلك الأخيرة ليحل محلها الجدية قبل ان يقول:
-ان تكرر هذا الأمر فسأعاقبكما معا ولولا اننا بالفعل لا نملك الوقت الكافي لكنت عاقبتكما فأمر كالذي حدث اليوم لا يمكن ان يمر بهذه البساطة لقد كدتا تقتلان بعضكما والأسوء انكما لا تريدان الإفصاح عن السبب.

اومأ كمال مرة اخرى بينما ابتسم جراد بوحشية وغمغم: -اريد رؤيتك تحاول
تجاهله شاهين وإن كان يتمنى خنقه في تلك اللحظة قائلا: -اكرر ان واجهنا اي مشاكل في مهمتنا التالية من اي منكما سأعاقب كليكما بمجرد عودتنا هل هذا واضح؟ والأن اخرجا من هنا انتما تضيعان وقتي
خرج كمال بهدوء بينما صفق جراد الباب خلفه بل كاد يكسره مما دفع شاهين لأن يقول في غل وهو ينتفض غضبا:.

-اذا انتهينا من كل هذا احياء فسأقتله بنفسي احيانا اتمنى لو لم تنقذه كيسارا وتركته ينتحر لأستريح
ضحك هيثم كثيرا وهو يتحرك نحو الباب: -اعلم ما الذي تعنيه. بمناسبة كيسارا ماذا تظن ستكون ردة فعلها عندما تعلم بموضعنا التالي؟

تنهد شاهين وهو يقوم من مكانه مغادرا مكتبه مع هيثم: -فقط لنأمل الا تحدث اي مشاكل خصوصا خلال هذه الفترة نحن لا نملك رفاهية الوقت لهذه الأشياء ففي كل لحظة نفوتها يقترب منا الخطر دون توقف وتزداد المسؤليات فوق اعتاقنا لمعرفتنا لتلك الحقيقة
لم يرد هيثم فقد كان يفكر في نفس الشيء فربما لن تتفهم كيسارا وغيرها الكثير الهدف من كل هذا لكن الكارثة التي تقترب منهم مع الوقت تكفي لتضحية بكل عزيز)).

بعد ان انتهيت من جراد وكمال اسرع كلاهما الى مكتب شاهين في حين اتاني انا طلب بأن سيد شداد يريدني فذهبت وانا اتسائل عن السبب، طرقت الباب وحين سمعت الإذن دخلت، وقفت امام سيد شداد الذي توقف عن الكتابة في شيء ما ونظر لي للحظة قبل ان يبدأ الحديث:
-سمعت ان تدريبك سار بشكل جيد مع القلب
اومأت برأسي وقلت: -اجل كان هذا مفاجئا بعض الشيء
رد بشيء من السخرية: -على الأقل احدكم تقدم.

-اتعني جراد وكمال؟، لا ادري ماذا حل بهما وهما لا يتكلمان لكني اعتقد ان المشكلة قد حُلت
رفع سيد شداد احد حاجبية في تساؤل فقلت: -لقد تحدثت اليهما ورغم اني لم افهم ما حدث بالضبط الا اني اظن انهما على وفاق الان
هنا رفع سيد شداد كلا حاجبيه لكنه لم يسأل بل تجاهل الأمر كله قائلا:.

-انت هنا لتعلمي انه بعد انتهاء هذا الأسبوع ستتلقين مهمتك التالية مع باقي افراد الفريق، فقد بلغنا منذ قليل انه تم تحديد مكان احد القلوب
قلت مستعجبة: -وهل يعلم الأخرون بذلك؟
-لقد تم اعلامهم، انت اخر من يعلم
حسنا اخر من يعلم؟! ماذا يعني بهذا ظللت صامتة في حين تابع هو: -في الأساس انا لم اكن انوي وضعك في الفريق لهذه المهمة لكن الوقت ينفذ منا ونحن لم نتوصل الى المكان بدقة وسنحتاج اكبر عدد ممكن.

قلت بتوتر: -لم تكن تنوي وضعي؟
اجاب ببرود: -اجل فالمكان الذي سيتم فيه البحث قد يجعلك عبئ علينا وانا لم اكن لأجعلك تأخرين تحركنا
عقدت حاجباي وحاولت السيطرة على مشاعري بعد سماعي لهذه الجملة. عبئ. قلت مخفية ما اشعر به:
-اين سيُرسلون؟
قال وهو ينظر الى عيني مباشرة: -الى باراديس
باراديس! المهمة التالية في باراديس؟ الا يعني هذا: -قلب باراديس؟

اومأ سيد شداد برأسه. ايعني ذلك مواجهة باراديس والحصول على القلب بالقوة؟ وجدت نفسي اقول في رعب:
-هم لن يسلمونا القلب بمنتهى البساطة اليس كذلك؟ انت. انت لا تنوي محاربتهم عليه؟
ليس باراديس لا يمكنني السماح لسيد شداد بقتل ابرياء لمجرد انه يريد القلب الخاص بأرضهم. لا يمكنني حتى تصور كم الدمار الذي قد نلحقه بهم، اجابني صوت ثالث:
-هم لا يعلمون مكانه اصلا.

نظرت خلفي فرأيت شاهين يغلق باب المكتب خلفه ويحمل في يده ملف فقلت:
-لا يعلمون مكانه بينما نحن نفعل كيف هذا؟
قال شاهين ببساطة وهو يقف بجواري: -الإجابة بسيطة ام انك نسيتي اننا نملك الأترولبرس؟
اه الكتاب الذي يصف باراديس حجرا حجرا لقد نسيت امره تماما، تابع شاهين:.

-لكن حتى مع وجود الكتاب معنا لم نستطع تحديد المكان بدقة كما حدث مع الأيزن جي سوريتيه واعتقادنا ان القلب ليس مستقرا في مكان واحد انه يتحرك في منطقة معينة في العاصمة استطعنا رسمها بصعوبة بالغة
ثم ابتسم قبل ان يقول: -وهذا يعني شيئا واحدا فقط. ان القلب قد اتخذ حامل يتحرك به وجود الحامل سيكون اكبر مشاكلنا
قلت بساؤل: -الحاضن هو المشكلة؟ ماذا عن البلد نفسها؟

رد سيد شداد: -انهم لا يهتمون بالقلوب لأنهم ان فعلوا فهم يعرضون جميع سكانهم الى الخطر وهذا اخر ما يريده حاكم باراديس
نظرت الى سيد شداد ويبدو ان القلق كان جليا على وجهي فقد قال بصرامة:.

-اسمعيني جيدا يا كيسارا انا لا اريد تكرار لم حدث من قبل وتصرفك بمفردك وقد كدت تفسدين مخططنا بالكامل، انت ستنفذين جميع الأوامر التي ستوجه لك دون تردد ولن تخرجي عنها اي خطأ هنا قد يعني ضياع القلب منا وانا لن اسمح بهذا ما دمت حيا افهمتي؟
لهجته قاسية لا تقبل النقاش ورغم اني لا اريد الا اني قلت بصوت مبحوح:
-حاضر سيد شداد
قال يهدوء: -يمكنك الإنصراف.

((تابعها شداد حتى خرجت من المكتب قبل ان يلتفت الى شاهين قائلا: -ماذا تظن؟
هز شاهين رأسه: -لست ادري لكني لا اثق في النتيجة
-هكذا ظننت ايضا اعتقد ان هيثم محق لا يمكن ان تُترك بمفردها ليس في باراديس
اومأ شاهين برأسه موافقا بينما قال سيد شداد: -انت تعلم ما يجب فعله
-اجل، هذا هو اخر ما وصلنا
ثم وضع شاهين الملف الذي كان في يده على المكتب امام سيد شداد فتفحصه شداد وهو يقول:
-ماذا فعلت مع كمال وجراد؟

-ليس الكثير في الواقع لم افعل شيئا يبدو ان كيسارا قد قامت بالمطلوب فقط حذرتهما وطبعا لم استطع معاقبتهما في ظل الظروف الحاليه
سأل شداد دون ان يرفع عينيه عن الملف: -ماذا عن هيثم كيف هو الأن؟
-بخير جروح غير خطرة ولم يفقد السيطرة هذه المرة
رفع شداد عينيه الى شاهين قائلا: -هو لابد ان يعاقب بمجرد عودتنا من باراديس
تنهد شاهين: -اعلم.

عاد شداد الى الملف وهو يقول: -هذا سيجعله يفكر اكثر من مرة قبل ان يدفع قواه مرة اخرى)).

سرت الى حيث غرفتي وانا غارقة في افكاري ما الذي ينوي سيد شداد فعله عندما نصل الى باراديس؟ هل اذا اضطره الوضع سيحرض حياة الأبرياء للخطر؟ كلامه يؤكد هذا انه يريد القلب بأي شكل فقط لو افهم لماذا؟ ما الذي تغير في الاربع سنين التي كنت هاربة فيها لقد اعتقدت انه حقق ما اراد بالفعل. احيانا اعتقد اني لن افهمه يوما ربما بسبب الماضي لكن رغم ما اعلمه اشعر ان هناك شيء ناقص شيء لم يخبرنا به سيد شداد شيء لم يخبر به احد من قبل ربما له علاقة بالماضي، امر قد لا يكون له علاقة بالقائد الأعلى الذي لو لم يمت حين تركه سيد شداد لقتله هو بنفسه، لماذا؟ ليس لكي تستقر ابيس كما قال من قبل بل لأنه اخبرني من قبل.

انا اعيش لأقتل هذا الرجل
كنت في الثامنة من عمري ولم يمض على تجنيدي شهرين، كان وجوده فقط يرعبني ففي تلك الفترة كانوا جميعهم بالنسبة لي واحد كلهم يريدون قتلي لسبب لم ادركه ربما لقواي فبعد ان تمكنت اخيرا من الفرار من اوراكل حتى اسرتني ابيس وبعد ان تم تجنيدي اصبح كل خطأ كاف لجعلي اتمنى الموت لهول فكرة العقاب الذي قد اتلقاه.

((رأيتهما يتشاجران بقوة من خلف الباب فقد تُرك مواربا. المفروض انه تم استدعائي. المفروض الا ارى ما اراه. ما اراه لست افهمه ولا اريد ان افعل. فقط اريد الهرب، لكن جسدي يأبى ان اتحرك من الخوف في تلك اللحظة فُتح الباب ثم اغلقه الخارج بعنف وكاد ان يتحرك مغادرا حين رأني فعقد حاجبيه ونظر لي والغضب مرتسم على وجهه بوضوح، خطى نحوي فتراجعت الى الخلف بعينين متسعتين وقلبي يخفق في عنف حين قال:.

-ما الذي تفعلينه هنا؟
ارتجفت خوفا وانا انظر بدقة الى الرجل الغاضب امامي، الجنرال شداد، يجب ان اجيب. يجب ان افعل ان كنت اريد العيش يوما اخر. قلت بصوت راجف وبكلمات متلعثمة:
-لقد. ت. م. استدعائي
قال بحده: -تحدثي بوضوح
فشهقت في رعب وتراجعت للخلف اكثر وانا اشعر بالدموع تتجمع في عيني فتنهد وقال بصوت هادئ:
-لا يجب ان تخافي مني الى هذه الدرجة.

لم يساعد هذا كثيرا في الواقع لقد تراجعت حتى اصطدمت بالحائط وقد بدأت الدموع تهبط من عيني وانا اقول:
-انا اسفة. لم اقصد ان. ان ارى ما حدث.
-ما حدث.
نظر الى الباب ثم لي وقال: -لقد رأيت ما حدث
اقترب من اكثر حتى اصبح على قيد نصف متر مني ثم قال: -اذن فقد سمعتي ما قال، انه صادق فيما قاله. اتعلمين ما صدق فيه؟
قلت بصوت مرتجف وقد ارتعد جسدي حين اقترب مني: -ال. الح. رق.

ابتسم بوحشية وهبط الى مستواي مستند على احدى قدميه وقال: -اجل هذا الرجل قام بحرق والداي واختي احياء امام عيني ولولا امتلاكي لقواي لقام بحرقي انا ايضا ولو استطاع لفعل هذا معك لكنك يا صغيرتي لا تمتلكين عائلة لكن هذا لا يعني انه عند اول مشكلة ستسببينها لن يقوم بحرقك حية ربما سيفعل ما هو اسوء، هو لا يرى اهمية طفرتك بعد وربما هذا افضل لك الأن لكنه خطر على حياتك، فحياتك لن تساوي الكثير لذا يا صغيرتي نحن متشابها لذلك لا داعي للخوف.

كان ما قاله مرعبا مريعا لكنه كذلك مؤلم وتلك المشاعر ليست جديد على لقد عشت عليها لقد ولدت بها ولها واصبحت دموعي كالسيل وانا اكتم شهقاتي قلت بعينين جاحظتين:
-انا. لا. لا اريد هذا. لا اريد
مد يده نحوي فأغمضت عيني خوفا لكني شعرت بها تتحس وجهي برفق: -اذن نفذي الأوامر ولا تقاومي حتى تملكي الفرصة وإن احسنت استغلالها ستحصلين على ما تريدين.

فتحت عيني لتقابلني عيناه لأرى فيهما مشاعر لا استطيع التعبير عنها لكني اعرفها. اعرفها جيدا. مشاعر اراها كل يوم في المرآه، كل هذا مألوف وقاس اكثر من الازم. لست ادري ما الذي دفعني لذلك لكني وجدت نفسي امسك بكم ملابسه بيد مرتجفة رغم اني لازلت خائفة بل مرتعبة منه. عقد حاجبيه وهو ينظر ليدي قبل ان ينتزع يده ويستدير راحلا لكني قلت:
-لماذا. انت هنا؟
توقف لحظة ثم استدار وقال بكل وحشية وقسوة: -انا انتظر فرصتي.

نظر الى الباب واكمل: -. انا هنا لأقتل هذا الرجل. )).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة