قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السبعون

لازلت لا استطيع ابعاد الصورة عن ذهني. كيف امتد المجال ليُغطي القلعة وما خلفها دون توقف. وكأنه بلا نهاية. كيف استطعت تغطية كل هذا. هذا مستحيل. لا يمكن لقوى على الأرض ان تفعل هذا فالمجال ليس عاديا انه مرتبط بي. مرتبط بقواي وهو يستهلكها لكي ينشأ فقط فكيف؟
انتزعني سيد شداد من شرودي قائلا: -كيسارا!

نظرت اليه في صمت وقد تذكرت اني اجلس امامه على إحدى الأرائك في مكتبه وعلى قدمي استقرت رأس راي الفاقد للوعي وشاهين وهيثم ينظران لي في ذهول. فقال سيد شداد:
-كيسارا ما الذي حدث؟
نظرت اليه بحيرة فقال: -المجال. كيف كونتي مجالا بهذا الحجم والقوة؟
قلت بتردد: -لا. لا ادري. لم اكن اعلم حتى.

تبادل كل من هيثم وشاهين النظرات ثم قال هيثم: -انه حتى لم يكن يتوقف في مكان بل ظل يتمدد مبتلعا الغابة ثم القلعة ثم ما حولهما. وهذا مستحيل يا كيسارا. انت حتى لم تدفعي قواك. شاهين يقول بأنك بخير
-انا كذلك فعلا.
تدخل شاهين قائلا: -هذا يتركنا نتساءل. ما مدى المجال بالضبط؟ بل ما مدى القوة التي يحتويها هذا الجسد الذي يمكن ان يُشكل شيئا كهذا.
تحرك سيد شداد من خلف مكتبه وسألني: -اتستطيعين فعلا مجددا؟

اخفضت بصري الى وجه راي النائم وتحسست وجهه وقلت بخفوت: -لا اظن. انا حتى لا ادري ما فعلت.
تنهد سيد شداد قائلا: -لا تخبري احد عنما حدث الليلة او عن المجال
اومأت برأسي بصمت فعقد حاجبيه وقال: -كيسارا هل انت بخير؟
صمت للحظة قبل ان اُجيب: -اجل انا فقط لم اجتز صدمة ما رأيت.
صمت الجميع للحظة ثم امرني بعدها سيد شداد بالذهاب والإستعداد للغد وهذا ما فعلت.

الثلج كثيف للغاية بالكاد استطيع الحراك لكني اتابع التقدم وسط هذه العاصفة الثلجية كما يفعل الجميع على اية حال. لم اتصور نووير ان تكون باردة الى هذه الدرجة والأسوء اننا في منتصف لا مكان، يحيطنا الثلج من كل مكان والفراغ حولنا. قد يتسائل احدهم ما الذي نفعله هنا؟ طبعا نتوجه نحو مكان القلب بقيادة سيد شداد ومالك الساعة وخلفهم قط اسود وهو القلب طبعا. وقد يتسائل البعض لم نسير ولا نستخدم وسيلة موصالات. الإجابة بسيطة في الواقع لا يوجد ما يمكن ان يتحرك وسط هذه العاصفة. شعرت بجذبة صغيرة فنظرت الى راي الذي كان يرتجف رغم وجوده بيني وبين سفريا. قال بصوت مرتجف واسنانه تصتك ببعضها:.

-ك. س. را. س. س. سنتجمد. هن. حتى. الموت
قلت بصعوبة: -لا. لن نفعل
ابتسمت سفريا بصعوبة وقالت بتهكم: -أشك في هذا.

وقبل ان نتابع الحوار توقفت المسيرة الصغيرة فنظرت الى المقدمة لأجد سيد شداد يحرك شفتيه قائلا شيئا لكن لشدة الرياح لم اسمع ما قال فقط رأيته يشير بيده الى الأرض قبل ان يتراجع كلا من راي وسفريا والجميع دون ان افهم السبب في نفس اللحظة التي رأيت فيها الصواعق الكهربية تهبط من يد سيد شداد الى الأرض لأسمع صوت تكسير يقترب مني وارى الأرض تنشق من تحتي وسفريا تصرخ قائلة:
-كيسارا ابتعدي!

قبل ان تنهار الأرض وتهوي بي ليبتلعني ظلام دامس وانا افهم للتو ما قاله سيد شداد
تراجوا للخلف
((نظروا الى الحفرة التي تشكلت في منتصف الثلج للحظات ثم اسرعوا نحوها وشاهين يهتف:
-كيسارا هل انت بخير؟!
لكن ما من مجيب فكرر النداء: -كيسارا!
فصرخت سفريا وهي تشعر انه لا إجابة ستأتيها. هي تعلم ان هذا المكان فيه شيء غريب. تشعر به منذ خطوا الى هذه البلد ولا تدري ما بها ولا ماهية هذا الشعور:
-كيسارا اجيبينا!

عندها ادركوا ان لن تكون هناك اجابة فنظروا الى بعضهم في توتر وقال هيثم وهو ينظر الى الظلام:
-كيسارا! لقد اختفى وجودها فجأة، لم اعد اشعر بها. ربما كان القاع بعيدا؟
رد جراد بسرعة وهو يقذف حجرا: -فقط طريقة واحدة لنتأكد
صمتوا في انتظارا الإرتطام، وطال الصمت من ثوان الى دقائق حتى ملوا فقال كمال:
-لقد مرت اكثر من دقيقتين! هذه مسافة طويلة جدا ما الذي يوجد بالأسفل؟

تنهدت سفريا بخفو وهي تقول: -فقط لنأمل ان كيسارا بخير
قاطعهم شداد قائلا: -هذا ما سنعرفه خلال لحظات
ثم قفز دون سابق انذار فتبعه الباقون حتى تبقى سفريا وراي وكمال فنظرت سفريا الى راي الذي كان يطالع الحفرة بذعر فقالت:
-هل انت خائف؟
نظر اليها وهو يعض على شفته السفلى ثم اومأ برأسه فأمسكت يده وهي تقول لكمال:
-انزلنا بهدوء.

قال راي بغيظ وهو ينتزع يده من يدها بخشونة ثم يعقدها حول صدره: -ليس من القفز بل على كيسارا...
رفعت حاجبيها في دهشة قبل ان تتنهد وتقول لكمال: -فقط انزلنا ارجوك
وكذلك فعل، هبطوا الى ظلام دامس حتى شعروا بالأرض تلامس ارجلهم في رحلة لم تستغرق الكثير من الوقت فقال هيثم وقد بدأ الخوف يتسلل اليه ومن يلومه فما يحدث لهم غير طبيعي وكأن احدا ما يعابثهم:
-هذا غريب! كيف لم نسمع صوت ارتطام الحجر؟

اتاه صوت شاهين من مكان ما: -انا لا ارى شيئا يا هيثم. الا يملك احدا مصباحا؟
لم تمض ثوان وقد رأي الجميع شعلة نار اضائت المكان، تنبعث من يد راي فاقتربوا منه في حذر من ايصطدموا بشيء وهو الذي يكاد قلبه ينفجر من الفزع. اين كيسارا؟ اين هي؟ في حين ظل مالك الساعة واقفا في مكانه وهو يهمس لشداد:
-ان كيسارا ليست هنا.
جز شداد على اسنانه وقال: -اعلم.

قام احدهم بإضاءة مصباحه فتبعه الباقون ليتفحصوا المكان عندما انطلقت صيحة سفريا فالتفت الجميع الى مصدر الصوت في تحفز لتقول صارخة:
-اريد ضوءاً. اريد ضوءاً في الحال
فاقترب منها راي بسرعة لتقول: -لا يكفي. اريد المزيد. احتاج المزيد
فازدات النار في يد راي قوة وهو يقول: -لا استطيع اكثر من هذا فلا اريد ان افقد السيطرة...

توقف عن الكلام وهو ينظر حوله فاغرا فاهه في ذهول فكل ما امامهم من حوائط او ارض مغطى بالرموز كأن هناك من قضى حياته كلها ينقشها بلا توقف او ملل، قالت سفريا بذهول ممزوج بالحنق:
-هذه النقوش. اعتقد اننا في المكان الصحيح. احتاج الى بعض الوقت لأترجمها. لحظة. اتبعوني.
فتحركوا خلفها بينما هي تغمغم لنفسها: -كل هذا التاريخ في مكان واحد.

توقفوا جميعا امام حائط عملاق يسد طريقهم فنظروا لسفريا التي قالت وهي تعقد حاجبيها:
-لا افهم. الرموز تشير الى هنا ربما.
تدخل راي صائحا: -انا لست مهتما بهذا ما يجب ان نبحث عنه فعلا هو كيسارا اين هي؟
هنا تدخل سيد شداد قائلا: -اين جراد؟
التفتوا حولهم ليدركوا انه ليس معهم فتراجعت سفريا برعب وهي تقول: -ما الذي يحدث في هذا المكان؟

بينما عدى الجي سورتيه نحو مالك الساعة ثم قفز ليستقر على كتفه الأيمن وهو يصدر فحيحا مرعبا ليقول فيليب:
-ارى انكم قد لاحظتم
حينها انطلقت صرخة مدوية كادت تهد اركان المكان فهتف كمال: -جراد!
فقال فيليب: -اتبعوا القلب
فقفز القط متقدما فأسرعوا يلحقونه بينما قال شداد وهو ينظر الى مالك الساعة بشك:
-ما الذي يحدث هنا يا فيليب؟

رفع الأخير يديه بمعنى انه لا يدري فازداد شداد غضبا وهو يقول: -لو علمت ان لساعة يدا في هذا فصدقنى يا فيليب لن اتركك هذه المرة.

اختفت ابتسامة فيليب على إثر ذكر الساعة ورمق شداد ببغض لكن ذلك الأخير تجاهله واسرع خلف جنوده ليجدوا انفسهم يعودون مرة اخرى الى حيث بدأوا لكن هذه المرة قادهم القلب الى باب جانبي لم يروه من قبل بل إن بعضهم متأكد انه لم يكن موجودا وحين دخلوا منه رأوا جسد جراد ملقى ارضا والدماء تنهمر من جرح في صدره فأنحنى عليه كمال على الفور وامسك ساعده ليتأكد من نبضه ثم يتهد ويقول:.

-انه على قيد الحياة لقد فقد الوعي وحسب.

فجلس شاهين بجواره يساعده وهو يفكر فيما يحدث. اولا تختفي كيسارا ثم الأن يحدث هذا لجراد. فقط في اي حفرة سقطوا. بينما وقف شداد في صمت يراقب ما يحدث وهو لا يعلم هل يعابثه مالك الساعة ام انه صدق؟ ان بينهم عقدا فلا يمكن ان يكذب. لكن الساعة مخادعة حتى فيليب لا يثق بها. فكيف يفعل هو؟ خرج عن شروده حين لاحظ بطرف عينيه حركة فالتفت ليرى سفريا تتحرك نحوى احد اركان الحجرة التي هم بها ثم ترفع يدها نحو احد الرمزو على الحائط ثم لامسته بيدها ليختفي كل شيء من حولهم.

فراغ ابيض ذلك الذي وجدوا انفسهم فيه، فراغ لا حدود له فسأل راي: -م. ما الذي حدث؟
وقال شداد لسفريا وهو يقترب منها: -ماذا فعلتي؟
رفعت رأسها اليه قائلة: -لا ادري. فقط شعرت انه يجب ان المس ذاك الرمز
ثم عادت تنظر الى يديها في ذهول فنظر لهما هو الأخر ليقول بدهشة: -ما هذا؟ ماذا حدث ليديكي؟
كانت كلتا يديها موشومتان بالرموز. رموز كتلك التي على الحائط فقالت بعصبية وهي تحاول السيطرة على نفسها:.

-لا ادري. انت جلبتنا الى هنا فأخبرني ما بي؟
نظر لها شداد بتعجب قبل ان يقول فجأه: -لا يمكن. انت الأخيرة؟ لكن كيف؟
لم تُتح لهم الفرصة لتساؤل حيث نشأت من العدم حولهم جدران زجاجية حبستهم داخلها. ثم ارتسمت عليها احرف وارقام. فقال هيثم:
-ما هذا؟
جاءت الإجابة من سفريا التي رمقت ما امامها بنظرات شاخصة وهي تقول: -مكتوب عليها. اثنا عشر دولة. إثنا عشر شخصا. سبعة قلوب هنالك. وخمسة فرسان سيكونون.

قال شاهين: -انا لا افهم ما معنى هذا؟
نظرت سفريا الى الأرقام والحروف ثم قالت: -هناك ما يخبرني ان نحل هذا إن اردنا الخروج، ))
ظلام. والمزيد من الظلام. ظلام دامس. اين انا؟ الى كم بقيت هنا؟ هل سأظل هنا للأبد؟ الن يبحث عني احد؟ سيد شداد. شداد. اخرجني من هنا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة