قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والسبعون

فتحت عيناي فجأه لأغلقهما على الفور حيث اعماني الضوء المعلق في السقف. بعد برهة اعتدت على الضوء ففتحت عيني لأرى سقف رمادي اللون كئيب المنظر فعقدت حاجباي وانا اعتدل لأجد انني بداخل حجرة صغيرة ذات جدران رمادية ولا يوجد بها اي اثاث سوى الفراش الذي انا عليه ومرآة صغيرة لكن ما لفت انتباهي او الجدار الذي على يساري لم يكن عاديا بل ينتصفه نافذة زجاجية بعرض الحائط لكنها تعكس صورتي وبجوارها باب. هذه الحجرة اقرب الى سجن. هذه الحجرة تبدو مألوفة. مألوفة جدا في الواقع. اين انا؟ الم اهوى عندما انهار الثلج؟ فأين انا الأن. ينتابني شعور سيء تجاه كل هذا. بهدوء تركت الفراش ووقفت ثم خطوت نحو الباب لكنه فُتح قبل ان اصل اليه ثم دخل رجلان يرتديان الأبيض لم تكد عيناي تقع على احدها حتى شهقت في رعب وانا اتراجع الى الخلف واهتف:.

-اوراكل!
لا عجب ان المغرفة بدت مألوفة. هذه الغرفة هي نفسها التي احتجزني فيها اوركال لأربع سنوات كفأر تجارب. لا. لا. هذا خطأ. ابتسم بسخرية وقال:
-ما الخطب يا كيسارا؟
صرخت: -ما الذي افعله هنا؟ كيف جلبتني الى هنا؟
عقد حاجبيه وقال: -ماذا بك؟ هل فقدت الذاكرة خلال نومك ام ماذا؟
مد يده نحوي فاتسعت عيناي في خوف وقلت وانا اتراجع اكثر: -لا تقترب مني انا لم اعد فأر تجاربك منذ اليوم الذي هربت فيه من هنا.

رفع احد حاجبيه في ذهول ثم نظر الى الرجل خلفه واشار اليه بشيء ما فخرج الرجل مما ارعبني اكثر فوجودي مع أوراكل وحدنا لم يكن ابدا ذا نهاية سعيدة ثم قال:
-يبدو اننا قد ضغطنا عليك كثيرا كنت قد بدأت اتسائل متى ستنهارين؟ فهل جننت اخيرا؟
ارتجفت شفتاي وانا اقول: -ما الذي تهذي به انا لم اكن هنا. لقد هربت منذ اعوام.

نظر لي للحظات قبل ان ينفجر ضاحكا ثم تحرك نحوي وانحنى بعض الشيء وهذه المرة لم اتحرك تصلبت في مكاني وانا ارى يده تمتد نحوي ثم تستقر على رأسي مربتا عليها وقال وكأنما يهدهد طفلا:
-عزيزتي انت لم تهربي من هنا ابدا
ارتجف جسدي في عنف وانا اسمع ما يقول واشعر بلمسته على رأسي فهتفت وانا احاول الإبتعداد لكن يده الأخرى قبضت على معصمي:
-لا لقد فعلت لقد انقذني سيد شداد!

ابتسم وقال بهدوء: -لا لم ينقذك احد يا كيسارا انت لم تخرجي يوما من هذه الحجرة منذ اربع سنوات
صرخت وانا احاول انتزاع يدي من قبضته فما يقوله جنون. جنون مطبق. فتابع:
-يبدو ان جلسة البارحة كانت شديدة على قوى احتمالك لتألفي كل هذا ام انك ربما حلمتي بما تهذين به الأن.

توقف كل شيء فجأة. جلسة البارحة؟ انا لم اكن هنا البارحة ما الذي يتفوه به هذا الرجل. هل جن؟ خانت مني لحظة نظرت فيها الى المرآة في تردد لأرى وجه طفلة دامعة العينين يحدق بي يملئ الرعب وجهها. لا. لا. هنا انتهى اخر خط اتزان في عقلي وصرخت صراخ مجنون غير عقلاني:
-لا. هذا مستحيل!

وحاولت المقاومة بعنف بشدة حاولت استخدام قوتي لكن وكأنه ليس لها وجود. لا يمكن ان اعود الى هنا مرة اخرى. لا يمكن ان تكون هذه هي الحقيقة. في هذه اللحظة دخل العديد من الأطباء وكبلوني بينما اشار لهم اوراكل اشارة ما فاقترب احدهم مني في يده محقن فازدادت مقاومتي وكأن حياتي تعتمد على ذلك لكن دون جدوى وبكل بساطة اقترب الرجل مني وغرز المحقن في يدي لتمر ثوانٍ قلال قبل ان تدور الدنيا من حولي واسقط ارضا بلا حراك.

ما هذا إلا كابوس يا كيسارا ستفيقين الأن وكل شيء سيعود لما كان لكني فتحت عيناي لأجد الجدران الرمادية تحدق بي. لا. لا. لا. قاطعني صوت اوركال الذي لم اعد اسمع غيرة الأن:
-هذه هي المرة الرابعة التي تكررينها لكن مهما اغلقت عينيكي يا كيسارا وفتحتيهما ستجدين نفسك هنا فأنت لم تغادري قط
رمقته بكراهية وممزوجة بالغضب والخوف فاتسعت ابتسامته المريضة ثم قال وهو يتحسس شعري:
-لقد كنت تحلمين يا عزيزتي.

قد يبدو للجاهل ان اوركال يهتم لأمري لكن الحقيقة هي انه يعاملني على انني ملكه. لعبة ثمينة يقتنيها يهتم لقيمتها لكنه يمكنه في اية لحظة ان يكسرها. لا يمكن ان يكون كل ذلك مجرد حلم استيقظت منه. سيد شداد لا يمكن ان يكون من تأليفي. كل هذه السنين. لا لا يمكن ان يكون اوركال محقا. لكن اليومين السابقين لم يحملا شيئا سوى هذه الغرفة سوى هذا الواقع. لقد اجرى اوراكل العديد من الفحوصات لي ثم اخبرني اني قد اصبت بإنهيار عصبي. خرجت من شرودي على صوت اوراكل يقول:.

-الفحوصات اعلنت انك بحال جيد بالقدر الكافي للعودة لمتابعة الجلسات
الجلسات؟ الجلسات! ارتعد جسدي بشدة وانا ارفع رأسي لأحدق بأوركال قبل ان اقول بصوت مبحوح:
-لا. لا. انا لن اعود لتلك الجلسات. لا اريد.
ثم اختلط الصراخ بالنحيب وانا اتقوقع على نفسي واضعة رأسي بين ركبتي ويدي واشهق بالبكاء وانا اردد:
-لا. لا.
شعرت بيد اوركال على كتفي وسمعته يقول: -الليلة سنستأنف.

مما زاد بكائي ونحيبي. ليس مجددا. ليس من جديد. لا اريد العودة الى كل هذا لا اريد. فهذه المرة لن اتحمل بالتأكيد. سيد شداد اين انت؟ اين انت؟
وفي تلك الليلة ادركت انه ربما كان اوركال محقا وربما انا لم اهرب منه قط...
لقد مر اكثر من شهرين على وجودي هنا. اعتقد ان هذا يكفي دليلا على كون اوركال صادقا لكن. لكن هل يمكن ان يكون كل ذلك مجرد حلم. لقد عشت حياة بأكملها. كيف يا كيسارا؟ كيف؟..

فُتح الباب دون انذار ليدلف منه اوركال كالعادة. اذن هو فقد حان الوقت. نظرت له بعينين مرهقتين زائغتين فقال:
-ارى اننا قد عدنا الى الواقع يا كيسارا
((حاولت سفريا تجاهل يديها وهي تقول: -لنرى ما لدينا
ثم نظرت الى الحائط هي وشاهين الذي قال: -بعض الأحرف مضاءة ربما كانت البداية من هنا.

اكمل من خلفه هيثم: -ان الأرقام العادية ترتيبها صحيح لذا لا اعتقد انها تؤثر على الجدول بشيء ربما تكون للتضليل اما الأرقام الاتينية فتلك اعتقد انها ما سيكون ما نريد
قالت سفريا وهي تقترب من الحائط الزجاجي: -وانا ايضا اظن هذا لكن هناك احرف مشتركة بين المضاءة والتي يوجد اسفلها ارقام لاتينية.

رمقهم شداد لفترة وهو مدرك انهم سيحلون الأحجية لا محالا لكنه لا يدري حقا الى اين يقودهم كل هذا. مما يراه امامه انهم سيسألون عما قريب وحين يعرفون سيوجهون المزيد من الأسئلة لكنهم لن يجرؤ على سأله هو الوحيدة التي كانت تستطيع ليست هنا لتعرف، ليست هنا لتسمع لكنها بالتأكيد ستعلم. فالنهاية تقترب.
قال فيليب الذي وقف جواره في هدوء: -الصبي سيُجن.

فنظر شداد الى راي الذي وقف بجوار كمال الجالس على الأرض بجوار جراد الفاقد للوعي. كان الفتى متوترا بشدة خائفا الى اقصى حد وإن حاول اظهار العكس لكن الفتى كان ينهار وفقدانه السيطرة هنا سيكون مشكلة عليهم ان يسرعوا. كما ان جراد لا يبدو بحال جيد على الإطلاق وهذا مقلق. وكيسارا في مكان لا يعلمه احد حتى هيثم لا يستطيع الإحساس بها وهذه كارثة في حد ذاتها ثم اخيرا سفريا التي تتصرف بغرابة والذي يبدو انهم قد ضربوا عصفورين بحجر واحد خلال هذه الرحلة فربما ان خرجوا احياء لن ينالوا القلب وحسب بل وربما الفارس الأخير. عاد بنظره اليهم ليسمع شاهين يقول:.

-لنقسمهم اذن الأحرف المضاءة هي (D-E-H-N-O-P-R-T-Z) والأحرف التي اسفلها ارقام لاتينيه هي (A-C-E-G-H-J-K-L-P-R-S-T)...
قال كمال بعد برهه: -ماذا بعد؟
فصمت الجميع فقال شداد بنبرة هادئة: -بعدها تبدأون في جمع الكلمة
قالت سفريا باستغراب: -ربما تكون من الأحرف المضاءة...
قاطعها هيثم قائلا: -اظنني قد فهمت...

نظر اليه الكل في شغف لم سيقول فتابع: -إن الأمر بسيط للغاية في الواقع ومما فهمت من الكتابة اعلى اللوح التي قرأتها سفريا ان هذه الأحرف لا تشير إلا لأول حرف من اسامينا وكذلك بالنسبة للدول الإثنى عشر، لنبدأ مثلا بحرف ال A هذا الحرف يشير الى الوكاردا والأرقام الاتينيه تشير الى الترتيب كما قلنا من قبل لذا لنتابع الترتيب الاتيني فيكون ما بعدها حرف ال G وهو يشير الى جراد (Gerad) ثم حرف ال J وهذا الأخير يشير الى الجي سورتية ثم بعد ذلك حرف ال F تي فيليب وهو الرابع ثم رقم خمسة P وهو يشير الى...

هتفت سفريا: -يشير إلى انا اليس كذلك؟ لأن معنى اسمي هو السلام (Peace) لكن لماذا؟ اعني انا لست منكم؟
قال كمال مشيرا الى يديها: -ما يحدث لك لا يبدو بشريا الى هذا الحد
بينما اضاف مالك الساعة بصوته الرخيم: -الم تتسائلي ابدا ما الذي ادى كيسارا الى اللجوء اليك منذ سنوات وهي التي لا تعرفك ان كيسارا تحمل المفتاح الى باقي الفرسان والقلوب وهي تنجذب اليهم بالطبيعة حتى إن لم تعلم السبب.

هزت سفريا رأسها غير مصدقة: -لا هذا مستحيل. فأنا لا املك اي قوة...
رد شداد: -لو نظرنا الى الأمر الأن فإنه كان غريبا جدا انك تستطيعين تعلم كل تلك اللغات بسرعة غير طبيعية قدرتك على قراءة الرموز حتى الأترولوبرس كان معك انت فكيف تسمين هذا بالطبيعي.
ثم تقد نحوها قائلا: -لقد كنت تتصرفين بغرابة منذ اللحظة التي وصلنا فيها الى هنا وهذا الحائط يؤكد كل شيء انت هي الفارس الأخير.

اومأ هيثم والتقت عيناه بعيني شداد قائلا: -هذا ما اظن، سأنتقل الى رقم سبعة ولنترك رقم سته للنهاية.

ابتسم شداد في صمت وهو يفكر لطالما كان هيثم ذكيا واكمل هيثم: -سيعة يكون R وهذا راي ثم رقم ثمانية وهو حرف ال C وذاك كمال ثم رقم تسعة وفوقه حرف ال T وطبعا يقصد به قلب التا تريال ثم رقم عشرة حرف ال S مشيرا الى شاهين ورقم احد عشر حرف ال H يرمز اليّ انا ثم اخيرا وليس اخرا لدينا الحرف الأخير وهو ال K وذاك الى كيسارا
قال راي وهو يتحرك بعصبية: -ماذا عن رقم ستة اذن؟

نظر شاهين وهيثم الى بعضهما قبل ان ينظرا الى شداد ثم يقول هيثم بصوت مضطرب:
-هذا ما لا افهمه فالحرف هو ال L والمفترض ان يكون.
وصمت في حذر وهو يرمق شداد فالمفترض ان يشير الرمز له لكنه لا يستطيع تفسير الحرف فما الذي يعنيه هذا؟ هنا تنبه الجميع فجأة على صوت ضحكة انطلقت من فم فيليب الذي قال لشداد:
-اعتقد انه حان الوقت لبعض الأجوبة يا شداد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة