قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثاني والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثاني والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثاني والسبعون

نظر الجميع الى شداد في ترقب الى ما سيقول. قابل شداد النظرات بفتور فهذا امر لم يكن ينوي ان يعرضه على الجميع. كان ينوي ان يحتفظ بهذا الأمر الى القبر وهم بالفعل لن يعرفوا سوى القليل لكن هذا القليل لم يكن يجب ان يُعلم. تنهد وقال ببرود تعمده وهو يضغط على كل حرف يقوله:
-شداد ليس اسمي الذي ولدت به بل هو اسم اتخذته، اسمي الذي ولدت به هو لووج.

نظروا اليه بأعين مدهوشة تحمل مئات الأسئلة فالفضول يكاد يقتلهم خاصتا سفريا فهذه المعلومة الجديدة لم يكن حتى شاهين او هيثم على علم بها فما الذي يدفع شداد لتغير اسمه والإحتفاظ بإسمه الحقيقي سرا لكن احد لم يجرؤ على السؤال. وقف شداد يتأملهم ببرود وهو يتخيل ان كانت كيسارا هنا لكانت قد سألت بالتأكيد حتى لو كانت تعلم انها لن تحصل على الإجابة. انتظر قليلا وحين لم يتفوه احد قال وهو يشير الى الحائط:.

-هلا تابعنا فلا وقت لنضيعه
قال هيثم بإرتباك: -أ. أجل اذن هذا ترتيب الأحرف التي تشير الى الأسماء فلو اننا قابلنا الأسماء بإسماء الدول بنفس الترتيب سنجد انها نفس الأحرف الملونة:
Alocarda=Rosia
Grad=Dragosan
Je sorteh=Rodos
Felib=Nowere
Sferia=Heaven
Loog=Abyss
Ray=Paradis
Camaal=Zareha
Ta trial=Hex
Shahen=England
Haitham=Thonos
Kisara=Oral
قال كمال: -إذن الكلمة هي RDRNHAPZHETO؟ ما الذي يعنيه هذا اصلا؟

رد شاهين: -ربما لغة مندثرة او شيء كهذا؟
عقدت سفريا حاجبيها وهي تقول: -هذا غريب لا توجد تقريبا لغة مندثرة لا اعرفها. ردرنهابزهيتو. ردرنهابزهيتو؟ لماذا تبدو الكلمة مألوفة مع اني لا استطيع ان اجدها في اي لغة اعرفها.
وصمتت للحظة قبل ان تتسع عينيها بذهول ثم في نفس اللحظة التي فتحت فيها فمها لتتحدث:
- رِدرِنهايزهيتو!
قلتها سفريا وراي في نفس اللحظة وهم ينظرون الى بعضهم قبل ان يقول راي:
-اللغة المحرمة.

واضافت سفريا: -اللغة الأصلية لباراديس لغة الأترولبرس
قاطعها شاهين: -لكن الكلمة تختلف
ابتسمت وقبل ان تجيب قال راي: -هذا لأن في تلك اللغة العديد من الحروف تتبدل وتنطق بطرق اخرى مما جعلها صعبة ومن السهل تحريمها كما فعلوا وهذا ما حدث لهذه الكلمة
كرر كمال سؤاله السابق: -اذن ماذا تعني؟

نظرت سفريا الى راي في توتر ثم الى كمال وقالت: -انها تعني الفناء. الهلاك. هي تشير الى الحرب. حرب لا تبقي ولا تذر. الحرب التي دمرت كل شيء منذ مئات السنين او اي حرب تشبهها. هكذا وصفها الكتاب
عم الصمت المكان لكن ليس لفترة طويلة فقد قال فيليب بلا مبالاه: -اذن هلا كتبنا هذا على اللوح؟
اجابت سفريا: -اجل لكن كيف؟
فقال هيثم مقتربا من الحائط: -ربما بلمس الأحرف؟

ثم جرب ما قال لكن شيئا لم يحدث حين قال شداد: -ربما لأنك الشخص الخطأ
ثم نظر الى سفريا واكمل مشيرا الى الحائط: -لما لا تحاولين انت؟

تحركت سفريا في صمت وتردد وحين لامست يدها اول حرف من الكلمة اضاء الحرف وكذلك الوشوم التي على يديها فإرتفعت امالهم بينما اكملت هي حتى انتهت من اخر حرف حينها اُنير الحائط قبل ان يختفي وكأنه لم يكن ليحل محله اعمدة من نور تصل يغلفها الضبابفي نفس الوقت الذي صدرت صرخة مدوية افزعتهم جميعا دون استثناءات وتسارعت لها دقات قلوبهم، ربما لإدراكهم بصاحبها. نظروا الى بعضهم في قلق وخوف يعتصر قلوبهم وقال شداد:.

-كيسارا!
بينما هتف راي بعينين متسعتين: -هذه كيسارا اليس كذلك؟ هذا صوتها!
بصعوبة قالت سفريا: -لكن اين هي؟
فرد شاهين: -الصوت يأتي من كل مكان لا استطيع تحديد اتجاه...
قاطعهم جميعا المزيد من الصرخات. صرخات تشي بأن صاحبتها ليست تتألم فقط بل تتعذب وكأنها تموت. فقط ما الذي يحدث هنا في هذا المكان؟ هكذا فكر شداد. وهكذا فكر الجميع. اغمض هيثم عينيه وغمغم:.

-انا لا اشعر بها مطلقا فكيف نسمع صوتها؟ هناك امر غير طبيعي في هذا المكان.
كاد شداد يتقد لكنه شعر بقبضة على رسغه تمنعه من التقدم فرمق صاحبها في تساؤل حاد ليعقد فيليب حاجبيه ويقول:
-هناك امر خطأ يحدث هنا هذا ليس ما توقعته الساعة. إن القلب يعبث بنا. وذاك الطريق.
اشار الى الأعمدة ثم تابع: -ذاك الطريق لا يؤدي الى كيسارا بأية حال
نظر اليه شداد بشك غاضب: -لو ان هذه لعبة من الاعيب الساعة يا فيليب فلن.

توقف حين رأى النظرة التي طالعه بها مالك الساعة فزمجر بخفوت ثم قال:
-حسنا ماذا تقترح؟
<<إن ما يقوله مالك الساعة حق>>
التفت كلاهما الى الجي سوريتيه وقد تحولت هيئته الى ادمية والذي رفع يده الى نحو الأعمدة ليهدمها بقواه وهو يقول:
-اظن انه يكفي عبثا ايها الأيزن تا تريال
اهتز المكان كله وكأن زلازال قد ضربه وقد ازداد الضباب بشدة جعلت الرؤية شبه مستحيلة قبل ان يسمعوا جميعا صوتا انثاويا يقول:.

-كيف تجرؤ على هدم ما بنيت يا جيسور؟ ))
شهقت بقوة وانا افتح عيني في فزع واحرك اطرافي بعنف مقاومة حين شعرت بالمحقن ينغرز في رقبتي ثم صوت اوركال قائلا:
-هذا سيُهدؤكي قليلا
نظرت اليه في ذهول وقلت: -لقد رأيتهم
رفع احد حاجبيه في تساؤل فقلت: -لقد رأيت سيد شداد وسفريا. رأيتهم جميعا يكتبون شيء ما على جدار عملاق. لقد رأيتهم.

تنهد بملل وقال بنفاذ صبر مصححا: -لقد حلمت بهم تقصدين، والأن هلا كففت عن هذه الأحلام والوساوس
بإرهاق قلت: -أ. أحلام؟
اومأ وقال مؤكدا: -هي كذلك. والأن اريدك ان تركزي هنا فالجلسة لم تنتهي بعد
غمغمت بتعب شديد: -لم. لم تنته بعد؟
اومأ مجددا واجاب مبتسما: -نعم فقد ابديت اليوم استجابة لترنيمة وانت تعلمين ماذا يعني هذا.

نظرت له بعينين زائغتين. ثم الى الرجال ذو المعاطف البيضاء من حولي. واغمضت عيني في الم وإرهاق. حقيقة لا يمكنني الفرار منها. لكني اعلم جيدا اني لن اتحملها كثيرا. اعلم اني سأنهار قريبا.
((احتمى كمال وهيثم وسفريا خلف درع شاهين في حين اهتز بهم المكان مجددا. فلعن كمال ثم قال:
-هل في كل مرة سيهاجم فيها القلب سيحدث هذا؟
رد هيثم: -من الواضح.

ثم عادوا بأبصارهم الحائرة الى المنظر الذي امامهم. هم لا يفهمون شيئا او حتى لماذا يتقاتل القلبان لكن كم الطاقة الناتج عن القتال كاد يودي بحياتهم على عكس شداد وفيليب الذين حاولا السيطرة على الموقف دون فائدة تذكر. الأيزن جي سورتيه والأيزن تا تريال. يتقاتلان بعنف مدمران كل ما حولهما. ثم اخيرا يبدو ان الجي سورتيه قد حاصر التا تريال الذي اخذ يتشكل الى امرأة شقراء قائلا:
-كيف تجرؤ؟

نظر لها الجي سورتيه بتحدٍ قائلا: -اين الفتاة؟
ارتسمت ابتسامة سوداء على وجهه المرأة وقالت: -تعني الروزين؟
اجابها الصمت فقالت: -لنقل انها في عالم اخر
في سرعة خاطفة كانت يد الجي سورتيه تلتف حول عنقها: -ماذا فعلتي بالفتاة؟
عقدت حاجبيها وقالت بصعوبة: -لماذا؟ لماذا تريد المعرفة؟ اليس هذا افضل للجميع؟ قبل ان يعيد ذلك الأحمق التاريخ من جديد.

اجاب بصرامة: -لقد بدأ كل شيء بالفعل وانت تعرفين هذا. فما الفائدة من منع ما سيقع بالفعل فأين الفتاة؟
اعتصر عنقها اكثر بين يديه فقالت بصوت متحشرج: -انت تعلم جيدا انك لا تؤذينني انما تُدمر الهيئة وربما حياة الفتاة إن لم تتركني
اتسعت عينا الجي سورتيه للحظة قبل ان يفلت عنقها ويتراجع للخلف مزمجرا:
-انت لن تفعلي
رفعت يدها امامها وقالت: -تحداني.

تقدم شداد في اللحظة التي تراجع فيها الأيزن جي سورتيه قائلا: -هذا يكفي، اين كيسارا؟
ضيقت المرأة عينيها واشارت اليه هاتفة: -انت. انت هو من يجمعهم. حامل الموت، يجب ان تُقتل
رد شداد بهدوء يحاول الحفاظ عليه: -اين كيسارا؟
ضحكت قائلة: -هل تظن انني سأسلمها لك بهذه البساطة؟ انها مفتاحك في جمعنا بدونها ينهار كل شيء، انسى الحاملة فلن تراها مرة اخرى.

وبمجرد ان انتهت من جملتها تعالت الصرخات من حولهم من جديد. فتوترت اعصاب هيثم وشاهين ونظرا الى بعضهم في انعدام حيلة ومزيج من الخوف والقلق يعتصر قلوبهم في حين ارتجفت سفريا في قلق ورعب:
-كيسارا!
وما زادها قلقا هو راي الذي وقف يرمق ما يحدث في خوف واضح وقد تكورت قبضتاه الصغيرتان حتى كادت تظن ان اصابعه ستنكسر انه يسيطر على نفسه بالكاد بينما قال كمال وقد بدأت حبات العرق تتشكل على جبينه بصوت مبحوح:.

-ما الذي تفعلينه بها؟
حتى مالك الساعة اعتصرت يده صولجان الساحة الذي يحمله في يده فلو ماتت كيسارا هنا والأن سينهار كل شيء وستكون النهاية محتومة قبل حتى ان تبدأ. هي املهم الوحيد في ألا يتكرر الماضي اما شداد فقد عقد حاجبيه وقال ضاغطا على كل حرف:
-اخبريني اين هي؟
نظرت له في تهكم وتحدٍ دون ان ترد وكانت هذه اجابة كافية لشداد الذي قال:
-انت من اردت هذا.

لم ينتهي من جملته إلا وقد ثقل الهواء فجأة وإمتلأ بضباب اسود. ضباب يحرق العيون ويجثم على الصدور. ضباب يملأه الرماد ويتلحفه الظلام حتى ليجعلك تتمنى انك لا تتنفس الهواء. وعلى الفور تذكورا متى شعروا بهذا من قبل وما الذي يعنيه هذا فقال شاهين بسرعة:
-يجب ان نبتعد عن هنا. هذا المكان لن يتحمل.

قاطعهم شهقة عالية انطلقت من بين شفتي سفريا التي وقفت متصلبة وفمها متدلي وعلى وجهها اعتى علامات الرعب وهي تهمس بصوت لا يكاد يُسمع:
-ما. ما هذا؟!
احتبست انفاسهم وهم يرونه يتشكل من الظلام، من الرماد. من الفناء. من الموت.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة