قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السادس والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السادس والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السادس والسبعون

استندت الى يد رجل الإسعاف الممدودة وهو يعاونني على الخروج من تحت الأنقاد ليس لأني احتاج المساعدة لكن لكي لا يسأل. وبعد ان التم شملي مع مجموعتنا علمت على الفور ان كمال مختفي وجراد في حالة غضب مستمر. ثم الخبر الذي هبط على كالصاعقة. كمال جاسوس؟ لا يمكن؟! جراد كاد يفتك بي عندما سألت، علمت فيما بعد انه كان مسؤلا عن مراقبته لفترة وانهم تأكدوا من كونه جاسوسا منذ ما يقرب من نصف عام لكن سيد شداد اراد إعطاءه فرصة. كنت انا لازلت في حالة صدمة وجراد يكاد يقتل كل من يقترب منه مما اخاف راي بشدة وهذا الأخير حالته غير مستقرة وقد اصبح قلب باراديس اكثر ظهورا اغلب الأوقات بل نادرا ما كنت ارى راي وسيد شداد. وسيد شداد لم يتحدث مطلقا منذ حادثة الفندق لا احد يجرؤ على الإقتراب منه وهو هكذا حتى انا، انه غاضب بشدة. هكذا كانت رحلة العودة الى ابيس على الطائرة صامته كالجحيم.

جلست احدق في نافذة الطائرة بعينين لا تريان شيئا مما امامهما غارقة في ذكريات قد فهمت معانيها الأن بعد ان كانت مبهمة مدلهمة. ما قاله لها كمال عندما تشاجر هو وجراد.
لا استطيع ان اخبرك وكذلك هو
لماذا؟
لأنك لن تفهمي
فعلا لم اكن لأفهم.
كمال ما الذي يقلقك بالفعل؟
لا شيء حقا فقط اردت ان اشكرك.

تشكرني يا كمال؟ حقا؟ خرجت من تأثير الصدمة الى حزن ممتزج بالغضب الأن افهم لم كان بينه وبين جراد خلاف لقد كان هذا الأخير يعلم ان كمال جاسوس لكنه كان يأمل ان يتوقف ان يتراجع عما يقوم به. ففي النهاية اقربنا الى كمال كان جراد.
((-عزيزي كمال سعيد بعودتك
تجاهل كمال ما قاله دومينو: -لماذا اخرجتموني بتلك الطريقة؟ هم بالفعل يعلمون ان جاسوس لكم منذ اكثر من نصف عام.

رد دومينو بسخرية: -وهل يصنع هذا فارقا؟ ثم ان الرئيس اريان في انتظارك
امتعض كمال من الفكرة: -لم لا تخبره انت الأمر لا يستأهل وجودي
ابتسم دومينو وهو يتقدم كمال: -بل يريدك شخصيا فقد انتهت التجهيزات يا كمال ولم يتبق سوى الإعلان
اتسعت عينا كمال وتجمد في مكانه وهو يسأل: -انتهيتم؟ اتعني؟
بخبث اجاب دومينو: -والكل وافق يا عزيزي.

لم يتمكن من الرد كان مزهولا. هذا لا يمكن ان يحدث. لا يمكن. : -لم انت متعجب. لقد كان هذا هدف اريان من البداية. يبدو ان بقائك هناك لمدة سنة ونصف في ابيس قد اثر عليك
عقد كمال حاجبيه وبغضب تابع التقدم: -لا لم يفعل
-لابد وان شداد سيجن الأن
قالها كريستوفر دومينو ثم ضحك وهو يزيح الباب. الباب الذي يقبع خلفه ارايان الفا. )).

بمجرد عودتنا الى القلعة ادركت ان هناك خطب ما لإننا وصلنا عند منتصف الليل لكن القلعة كانت كخلية النحل وسيد شداد لم يتوقف ليشرح بل انطلق يصدر الأوامر ثم اتجه الى حجرة الإجتماعات ومعه كلا من شاهين وهيثم تاركا اياي وسفريا وكذلك جراد وراي الذي كان يمشي نائما في الوضع الحالي لذا قررت ان اتوجه به الى غرفته وحين اطمئننت عليه جلست انا وسفريا نتحدث حين قالت:.

-كيسارا. من الأن فصاعدا سيتغير كل شيء يجب ان تعلمي اين موقعك من المأساة التي هي على وشك ان تقع.

انتظرت ان تكمل حتى افهم: -انا لا ادري ان كان شداد قد اخبرك بهذا ام لا لكن انت حامل الروزين وهذا. وهذا يجعلك مختلفة ليس عن البشر فقط بل حتى عن اي حاضن. ان القلوب تختار الحامل المناسب لها لإن اي جسد اخر لا يمكنه تحمل تلك الطاقة الهائلة مما يعني ان اي محصل قد ينتزع القلب هو غير قادر على حمله لذا عليه التحكم به هيئته الحقيقية وهذا صعب جدا لأنهم يمتلكون ارادتهم الحرة في حين ان الحامل يمكنه السيطرة على القلب وجعله يخضع لإرادته.

قلت بتعجب: -اتعنين؟ لكن الا ينطبق ذلك على كل قلب وحامل؟
اومأت برأسها واجابت: -اجل لكنك مختلفة. انت المفتاح لكل هذا. ما اعنيه هو انك تمتلكين القلب الذي يمكنه الشعور بكل فارس وبكل قلب اخر انت تنجذبين اليهم في حياتك دون ارادة منك كما حدث معي وهذا يجعلك حاملة مهمة فلا يمكن الحصول على ذلك من القلب لذا من يريدك يا كيسارا يريدك حية وهذا صدقيني اكثر ارعابا ان كان من يريدك هو اريان الفا.

تمسكت بمقعدي اكثر وانا اتذكر كم الرعب الذي شعرت به حين استجوبني كريستوفر دومينو في وجود اريان الفا. نظرت الى سفريا وقلت:
-انا لن اقع بيده مرة اخرى
هزت سفريا رأسها وغمغمت: -لنأمل هذا. هناك المزيد مما يجب ان تعلميه، انا لا اوافق على سياسة شداد في عدم اخبارك بشيء حتى اللحظة التي يراها مناسبة
قاطعتها في توتر: -سفريا. ما الذي يحدث بالضبط؟

-اما هذا فلا استطيع ان اخبرك به بنفسي. شداد سيخبرك قريبا جدا، لكن ما اريدك ان تعرفيه ان الروزين هو القلب الذي يستطيع تجميع القلوب على امر واحد وهذا يعني ان من يملك السيطرة عليكِ يملك السيطرة على اقوى مصدر للطاقة عرفها العالم
سيد. شداد. ان الأمر مثير للسخرية الى حد كبير اليس كذلك؟ لكن سفريا لم تتوقف هنا بل تابعت:.

-اخيرا يجب ان تعلمي انك لست مجرد حامل مناسب. ان الحاضن الذي يختاره التنين هو الإنسان الوحيد في هذه الحقبة القادر على استيعاب اي قدر من الطاقة وهذه ميزة لا يمتلكها احد فأنت وحدك يمكنك ان تحملي السبعة داخلك. لهذا قد لا يكون البحث عن القلوب الأخرى مهما قدر اهميتك انت. بقدر اهمية جسدك.

حدقت فيها بعينين متسعتين، فاغرة فاهي. هل ما تقوله صحيح؟ لقد كنت الحاضن لقلبين من قبل لكن. لما لم يخبرني سيد شداد؟ هل لهذا يريد الجميع القلب؟ نظرت لها غير مصدقة فقالت:
-انا اسفة اني لم اخبرك بهذا سوى الأن لكن هذه المعلومات خطيرة جدا وشداد كان سيقتلني لو اخبرتك قبلها
لماذا. لماذا انا؟ كل ما اريده هو امر واحد فقط هل هذا كثير؟
<<لإني اخترتك>>
م. اذا؟ التنين؟
<<انا سأحميك>>
لماذا انا؟

<<لإنك انت، ذاك قسمي لك>>
-كيسارا. كيسارا؟
عدت الى الواقع على صوت سفريا، وقفت وانا اترنح قليلا واضعتا يدي على جبهتي:
-اسفة لكني احتاج بعض الوقت لإستيعاب هذا
تجاهلت تساؤلتها وخرجت من الغرفة التي كنا بها لأصطدم بأحد الجنود الذي تراجع للخلف ثم ادى التحية بتوتر وهو يعتذر كدت اتركه لكنه قال:
-سيادة المقدم انت مطلوبة في غرفة الإجتماعات الأن.

الأن؟ تنهدت واخبرته اني سأذهب وبصعوبة تحركت حتى وصلت الى الحجرة وبتوتر وضعت يدي على مقبض الباب واخذت نفسا عميقا ثم دخلت، كانت شبه خالية وكان اول من وقع بصري عليه هو سيد شداد جالسا في مركز الطاولة العملاقة ثم من حوله، جراد وفيليب فقط. جراد لا يزال مشوشا بينما فيليب صامت كالقبر وهذا غير معتاد. تقدمت حتى اصبحت امامهم فانتفض جراد واقفا موقعا الكرسي من خلفه وهتف:
-اخبرها بنفسك.

ثم اسرع خارجا ليتبق ثلاثتنا فقط فنظرت الى سيد شداد منتظرة اي تفسير فحقا لم اكن في حال تسمح لي بالحديث ولله الحمد قال:
-ماذا بك؟
قلت بتعجب: -لا شيء
عقد حاجبيه وقال ببرود لكني شعرت بما فيه من غضب ان سيد شداد على حافة الإنفجار اشعر بهذا:
-لقد سألتك سؤالا فأجيبي
وانا حقا لم اكن في حالتي الطبيعية لذا وجدت نفسي اقول بعنف ونفاذ صبر:
-وانا اخبرتك انه لا شيء فهلا عدنا الى ما انا هنا لأجله.

سمعت فيليب يقول ولابد انه كان على شفتيه ابتسامة لزجة ساخرة: -لم اتصور اني سأعيش لأرى هذا
لكني لم انظر له ولم تفارق مقلتاي عينا سيد شداد الذي قال: -ما الذي قلته للتو؟
لكني لم اشعر بالخوف كما هو الطبيعي لم اشعر بشيء سوى الغضب الذي لم استطع الإفصاح عنه امام سفريا يطفو على السطح ويدعوني للإنفجار بشدة لذا اجبت بعند غاضب:
-ما سمعته يا شداد.

هب سيد شداد واقف ليقابلني ويشعرني بالضألة امام طوله لكن لم اتحرك من مكاني بل قابلته بتحد وهو يقول:
-هل جننت يا كيسارا؟
وياليتني توقفت قبل ان ارد: -لا انا لم اجن بل انا في اعقل حالتي بعد فهمت جيدا ما انا بالضبط وما لم تخبرني به، انت. انت.
عضضت على شفتي لأمنع نفسي مما كنت على وشك ان اقول. لكن سيد شداد قال وهو يضغط على كل حرف:
-انت تتجاوزين حدود يا كيسارا.

لا ادري ما حدث لي عندما سمعت هذه الجملة فقد صرخت: -نعم هذا ما افعله انا بينما انت لا حدود لك يمكنك فعل ما تشاء بمن تشاء تحركني في اي اتجاه تريد ولا تخبرني بإي شيء كأنك متأكد من امتلاكك لي. لماذا لم تخبرني؟ ما الذي تخافه بالضبط؟
انحنى سيد شداد على فجأة وفي حركة سريعة التفت يده على يدي يجذبني اليه بخشونة وقوة زائرا:
-اصمتي.

لكن امره لم يذني إلا غضبا وصراخا وانا احاول انتزاع يدي منه: -ابتعد عني. ابعد يديك عني!
اعتصرت قبضته معصمي بقوة منعت الدم ان يجري في العروق وهزني بعنف: -كيف تجرؤين؟ انت لا تعلمين شيئا ومع ذلك تتحدثين. الم اعطك امرا؟ اين طاعتك يا كيسارا؟
هل يتهئ لي ام اني اشعر بضعف. هناك شيء غير طبيعي يحدث لي. لكني لم اعر هذا اهتماما بل هتفت:.

-لأنك لا تخبرني بشيء. دائما ما تعتقد انه الأفضل. ان هذا للأحسن. حتى لو لم يكن امر يتعلق بك بل بمصير غيرك. هذا. هذا ليس من حقك يا شداد
كانت الدموع الأن تملئ عيني وبالكاد استطيع الوقوف. ماذا بي؟ لكن قبضة سيد شداد اشتدت حتى تأوهت من الألم وصاح وهو يدفعني لأصطدم بالطاولة ليختل توازني واسقط فوقها وهو يصيح:
-انت تقولين هذا الأن بعد كل ما فعلته لأجلك؟ بعد ان انقذتك من بين يدي اوركال؟ بعد قتلت لأجلك؟

الوهن يتزايد وقد اصبحت الرؤية صعبة لكني لم انتبه ولم انتبه لما يقوله سيد شداد فعلا بل اعماني الغضب لدرجة جعلت من المستحيل التراجع:
-ربما فعلت هذا لتحصل على القلب فقط اوليس هذا ما تريد؟ ما تبحث عنه لسنوات؟ ما قتلت لأجله بالفعل وستظل تفعل. اوليس هذا ما راخصت الكثير من الحيوات الأجله يا شداد؟ ولأجل ماذا؟ لأجل القوة؟ انا لا اعلم ولا اعلم ان كان الأمر يستحق فعلا.

يبدو ان جملتي الأخير قد قطعت اخر خيط تحكم في عقله لأنه في اللحظة التاليه قبضت يده الأخرى على قميصي وانتزعني من فوق الطاولة بحدة قبل ان يدفعني نحوها ليصطدم ظهري ورأسي بها بعنف مما جعلني اخرج صرخة مكتومة وانا احدق به متسعة العينين وحين ركزت بالقدر الكافي لرؤيته يجثم فوقي ورأيت عيناه سوداء تماما وغضب بلا حدود على وجهه وهو يقول بتوحش:
-امر لا يستحق؟ الجاهلة انت تخبرني بهذا؟

في تلك اللحظة شعرت بالخوف وقد جعلني الضعف والوهن افقد غضبي ببطء لكن ليس تماما لكنه كان كاف لأعرف ان هناك امر خطئ ان اكاد افقد الوعي مما اشعر به وسيد شداد فوقي يكاد يقتلني. كيف وصلنا لهذا؟ انه ينقل إلى طاقته دون ان يدري، نظرت الى عينيه لكنها لم تحوي شيئا سوى السواد قلت بخفوت:
-ش. شداد؟

كأنه لم يسمعني بل ضغطني اكثر الى الطاولة حتى شعرت اني سأعتصر بين يديه والطاولة وهذا اصابني بالذعر وعندما فتح فمه ليتكلم قال بسخرية:
-لكنك انت من تستحقين؟!
هذه شقت قلبي الى نصفين.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة