قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع والسبعون

تصلبت في مكاني. كل شيء توقف عند هذه الجملة. تبخر غضبي كله في لحظة ورفعت عينان مغرورقتان بالدموع الى سيد شداد. وهمست:
-لا. انا لم اظن يوما. لكنني أملت. أملت ان. وليتني لم افعل.
عاد الألم الذي تناسيته للحظات فأدركت ان كفا سيد شداد سيكسران عظمي بالتأكيد وهو لا يكف عن إمرار طاقته لي عليه ان يتوقف لكن كلامي لا يزيده إلا غضبا وبصوت يقتُر سوادا قال:
-اجل لم يكن يجب ان تأملي. فالأمل مدمر.

انا اعلم هذا. اعلم لذا ليس عليك ان تخبرني. ليس عليك ان تجعله اكثر واقعيه. هذا لا يمكن ان يستمر. لكن كيف اوقفه، انه يزداد غضبا. لا ادري ما حل بي في تلك اللحظة او حتى ما جعلني انطق بالإسم. فأنا لم استخدمه قط:
-لووج.

عند هذه اللحظة توقف كل شيء. وبذلك اعني كل شيء حتى فقدان سيد شداد سيطرته على قواه. نظر لي وعقد حاجبيه وكأنه قد ادرك للتو ما يحدث ثم ببطء اعتدل من فوقي ثم اخذ خطوة للخلف بينما استندت على كلتا يداي كي استطيع التوازن مرة اخرى ليتجمد جسدي لدى سماعي لفيليب يقول:
-هذا. هذا كان مثيرا.

هو لا يزال هنا؟ لقد نسيته تماما وها هو قد شاهد كل شيء. كأن الوضع كان يحتاج ان يكون اسوء لاحظ نظراتي المندهشة بعض الشيء ونظرات سيد شداد الغاضبة لكنه تابع على اية حال:
-بقدر رغبتي في مشاهدة الموقف للنهاية إلا ان لدينا موقف من نوع اخر هنا ولا يحتمل المزيد من التاخير
سألت بصوت مبحوح: -ماذا تعني؟
-اعني سبب وجودك هنا من الأساس
صمت لفترة ثم حولت بصري لسيد شدا: -لماذا انا هنا؟

نظر سيد شداد الى فيليب قبل ان يقول: -انت هنا لتعلمي انه تم اعلان الحرب. الحرب العالمية الرابعة.
ماذا؟ هل سمعت ما قيل صحيحا؟ هل يمزحان؟ حرب عالمية؟ حرب عالمية رابعة؟ اهذا ما كانت تعنيه سفريا؟ :
-ح. ح. حرب عالمية رابعة؟
اجاب فيليب بسخرية: -اود ان ادعوها هكذا لكن مع اختلاف بسيط
-اختلاف؟
-اجل، ما يحدث هو ان عدد من الدول قد شكل تحالفا للقضاء على دولة واحدة، خمني اي دولة؟

ارتجفت قدماي وفي لحظة لم تعد قادرتان على حملي فانهرت على اقرب كرسي وهمست:
-ابيس.

عم الصمت المكان بينما حدقت فيهما بذعر. حرب؟ لقد مضي اكثر من خمسمائة عام على الحرب العالمية الثالثة. لقد نسي العالم ما تعنيه حرب عالمية. وتلك الأخيرة يقال انها دمرت اغلب الأرض حتى لم يعد هناك مكان لم تطئه القنابل بل يقال ان الإنفجارات النووية غطت الأرض كلها وانه لم يكن هناك مجال لأن ينجو احد ومع ذلك نجى عدد من البشر لا نعرف كيف او لماذا هم بالضبط ما نعرفه ان البشر للسبب تغيروا. تغيرت جيناتهم ثم ظهر ما يسمى الطفرات وبعدها توصل العلماء انه لابد ان الإشعاع النووي هو الذي غير الطبيعة البشرية وربما طبيعة الأرض للأسف لم يبق من التاريخ ما يخبرنا هل بالفعل الإشعاع هو السبب ام شيء اخر فقد كان يقال ان هناك سجلات وملفات وابحاث قد اجريت قبل زمن الحرب بكثير، قرابة الحرب العالمية الثانية على ما نظن لسنا متأكدين لكن الحرب الثالثة قضت على كل شيء تقريبا حتى سبب وقوع الحرب نفسها لا نعلمه. فلماذا نعيد التاريخ؟ نعيد الدورة؟ هل هذا ما كان يحذرني منه مالك الساعة؟ قاطع افكاري سيد شداد:.

-ريوس، اورال، دراجوسان، انجلاند، هكس. والدولة التي بدأت كل هذا رودوس
بصوت متردد قلت: -هذه هي الدول التي تعدت عليها ابيس من قبل كلهم إلا رودوس. ك. كيف؟ أ. أعني كيف علمنا بهذا؟
رد سيد شداد: -هيفين تلقت الدعوة من رودوس لكنهم رفضوا وسفريا هنا في مهمة الهدف منها تحذيرنا لذا حاولوا اغتيالها قبل وصولها الى هنا لكنها استطاعت نقل ما لديها من معلومات.

-لابد ان هناك ما يمكننا فعله لإيقاف هذا. لإيقاف هذه الحرب. الأمر لا يمكن ان يتم بهذه البساطة
اجاب سيد شداد ببرود: -لا هو لم يتم ببساطة هذا عمل تم التخطيط له لعقد كامل، الحرب لا مفر منها هي قادمة لا محالة
لماذا هذا البرود والامبالاة. وكأنه كان يتوقع هذا قبل حتى ان تخبره سفريا:
-انت لا تبدو متفاجأ.
جاءت الإجابة على لسان فيليب: -لإنه ليس كذلك، لقد علم بهذا منذ زمن طويل. زمن قد يتخطى الخمسة عشر عاما.

نظرت الى سيد شداد في تساؤل لعله يجيب لكنه لم يفعل وادركت من عينيه انه لن يفعل فقلت بشفتين مرتجفتين:
-ما. ما موقعنا بالضبط؟
رد بنفس البرود: -سيء، اكتشفنا منذ شهرين تقريبا ان دفعة الأسلحة الثقيلة التي سُلحت بها الجندية كلها معيبة مما يعني ان لدينا نقص شديد في الأسلحة التي قامت رودوس بتطويرها وتدريب جنودها عليها.

جحظت عيناي وفغرت فاهي في ذهول ورعب. هذه كارثة. كارثة بالمعنى الحرفي للكلمة. جيش بدون سلاح كجسد بدون اطراف. الأسلحة البيضاء لا فائدة لها امام الأسلحة الثقيلة حتى وإن كانت قليلة. نحن سنرسل الجنود الى حتفهم. ستة دول! هل يترك هذا لنا فرصة اصلا. عند هذه اللحظة فقط ادركت، ابيس ستتحول الى الجحيم الذي يعنيه اسمها قريبا. ستتحول الى انهار من الدماء. ستتحول الى اكبر مقبرة في التاريخ. ارتجفت للحظة ثم تذكرت امرا:.

-لكن. لكن نحن معنا القلوب اليس كذلك؟ يمكننا الصمود اليس كذلك؟
كانت مقولتي يائسة اعلم كذلك كان صوتي وكذلك كانت نفسي وحين تلقيت الإجابة التي قيلت بنفس النبرة الباردة تجمد قلبي معها:
-اجل القلوب ستؤخر النهاية قليلا لكن المشكلة هي يا كيسارا ان القلوب تكون في اعلى قوتها اذا كانت كلها معا بالإضافة الى الفرسان واحد هؤلاء ليس موجودا. لذا رغم انها املنا الوحيد فهي غير مضمونة امام جيوش ستة دول.

-انا. لا افهم. اوليست القلوب اقوى مصادر للطاقة وجدت؟ كيف يمكن ان تُهزم؟
جلس سيد شداد على كرسي بجواره وقال: -الهدف من هذه المصادر هو تكوين مجال يحمي المكان الذي يحتويه مجال لا تنضب طاقته ابدا. يقوم بتكوين هذا المجال صاحب الطفرة وحامل التنين. حاضن الروزين اي انت يا كيسارا
-لكن انا يمكنني تكوينه وحدي.

قاطعني قائلا: -بقواك الأن والقلب بداخلك يمكنك تغطية العاصمة لكن بالقلوب مع الفرسان سيمكنك تغطية القارة بأكملها اي ابيس. هذا كان الهدف
عقدت حاجباي وعقلي يسترجع ما حدث قبل دقائق ثم هذه المحادثة.
لإنه ليس كذلك، لقد علم بهذا منذ زمن طويل. زمن قد يتخطى الخمسة عشر عاما
ما تبحث عنه لسنوات؟ ما قتلت لأجله بالفعل وستظل تفعل. اوليس هذا ما راخصت الكثير من الحيوات الأجله يا شداد؟ ولأجل ماذا؟ لأجل القوة؟

هذا كان الهدف
والدولة التي بدأت كل هذا رودوس
امر لا يستحق؟ الجاهلة انت تخبرني بهذا؟
وضعت يدي على فمي في محاولة فاشلة لمنع الشهقة التي تفلتت من بين شفتاي وبعينين متسعتين اشرت الى سيد شداد:
-لقد علمت. لقد علمت ان هذا سيحدث. هذا هو السبب. لهذا كنت تجمع القلوب.
هببت من مقعدي وانا اصرخ: -لقد علمت بوقوع هذه الحرب لأكثر من عقد كامل لذلك جمعت القلوب. لكي تحمي ابيس حين يتم اعلانها.

عادت الدموع الى عيني من جديد: -ماذا فعلت يا شداد؟ ماذا فعلت؟ لم تكن لتعلم إلا لو كنت انت السبب.
اريان الا رئيس رودوس هذا الرجل لا يسعى فقط للحصول على القلوب بل ويتمنى تدمير ابيس حتى لا يبقى فيها حجر على مكانه او يبقى بين احيائها نفس يتردد سيبيدها عن اخرها لن يترك طفلا ولا امرأءة ولا شجر سيقضي على كل حي يسير بين اراضيها سيجعلها كأنها لم تكن قط على هذه الأرض
ل. لماذا؟

لينفذ قسمه ويتم عهده ان يقضي على كل ما امتلكه شداد يوما كما دمر شداد كل ما امتلكه فلهذا يعيش ومن اجل تلك اللحظة لا يزال يتنفس
ماذا فعلت؟
نظرت الى عينه مباشرة وهمست: -اريان الفا!
كسى عينيه ندم اختفى بأسرع مما ولد وقال وهو يكور قبضته بشدة حتى ابيضت انامله:
-معرفتك لن تغير شيئا مما حدث ما يهم الأن هو الحاضر.

المتني تلك النظرة في عينيه. المتني ليس لي بل لأجله هو. هذا الأمر الذي يعذبه ويأبى الأفصاح عنه. نظرت الى فيليب لعله يخبرني لكنه اغمض عينيه وهز رأسه أن لا. اردت ان اخبره اني اسفة. اسفة لم قلت للتو عن ان كان الأمر يستحق او لا يستحق فأنا ادرك الأن انه يستحق بل كان يجب ان تهدر الدماء لأجله. لقد كان دائما هدف شداد الأسمى هو ابيس انا فقط لم افهم حجم ما يمثله هذا الهدف بالنسبة له واليوم فهمت اخيرا. فهمت انه لا مكان لي في قلبه. فكيف يكون وقلبه كله مشغول بما يستحق. بملايين الحيوات. وبأرض هي اعز ما عليه من نفسه. كيف تصورت يوما اني قد اشغل ذلك المكان. لكن هذا لا يغير من الحقيقة شيء يا كيسارا اليس كذلك؟ ستظلين له حتى اليوم الذي تموتين فيه. وهذا يكفيكي. اخذت نفسا عميقا ومسحت دموعي:.

-ماذا سنفعل الأن؟
صمت سيد شداد للحظة وهو يرمقني من اعلى رأسي وحتى اخمص قدمي ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة غريبة:
-وأما الأن فالقتال حتى الموت.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة