قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والسبعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والسبعون

الإستعداد للحرب كان صعبا على الجميع خاصتا المدنين الذين هبط عليهم الخبر كالصاعقة فهو الهدوء قبل العاصفة. تم اعلان حالة الطوارئ في ابيس كلها وانتشرت وحدات الجيش في كل قرية ومدينة وتم تحصين القلاع التي على الحدود ووضع اصحاب الطفرات حتى المدنين منهم كخط احتياطي على جميع الحدود لكن هل هذا كاف؟ سألت نفسي عدة مرات. هل هذا كاف لإيقاف جيوش ستة دول منها جيش رودوس مسلح بالكامل بأسلحة نارية؟ لقد اكد سيد شداد ان رودوس فقط هي من ستحمل الأسلحة النارية فلا مجال ان يثق اريان الفا في دولة اخرى. لكن هل هذا كاف لحماية المواطنين؟ لحماية ذويهم؟ كم امرأة ستُرمل؟ وكم طفل سيُيَتم؟ وكم ام ستفقد فلذة كبدها في هذه الحرب؟ ثم وهذا سيحدث لا محالا ستنهار دفاعتنا عند الحدود فما مصير المدن التي ستكون امام العدو بلا حماية. هل سيرتكز العدو فيها فقط؟ ام. لا اريد حتى ان افكر ما سيكون مصيرهم. وما اريد ان انساه حقا هو كون سيد شداد سببا في هذه الحرب. ما الذي يفكر فيه الأن وقد وقع ما انتظره لأكثر من عقد؟ هل يشعر بالذنب؟ بالألم للأنفس التي لابد ستموت؟ كيف سيتحمل على عاتقه كل تلك الأرواح؟ هل هناك فعلا داع لهذه الأسئلة يا كيسارا وقد رأيت الإجابة في عينيه، رأيتها في غضبه، في تصميمه على جمع القلوب. انه يتعذب. انا اعلم هذا وادركه ولطالما ادركت لكني لم اعي الى اي مدي حتى كاد يقتلني بين يديه دون ان يشعر. ويبقى السؤال بلا جواب. هل يستحق صاحب الخطيئة العذاب؟ حتى وإن كان مظلوما وهو ظالم. حتى وإن كان هو الجلاد والبريئ. حتى وإن كان هو كل ما اريد؟

<<-كيسارا انهم هنا>>
نظرت الى شاهين وابتلعت بصعوبة قبل ان اقول: -هم هنا حقا؟
اومأ وقال وهو يزيح الباب اكثر: -اجل، انها على وشك ان تبدأ
ادرت وجهي للنافذة وتنهدت ثم قلت: -الحرب العالمية الرابعة
((إفيين-حدود ابيس الغربية
النيران تندلع في كل مكان وتكاد تأكل الجيش بأكمله ومن حولهم ابحر الدماء تراق في كل صوب وكأن القيامة قد قامت.

نظر الجنرال حوله غير مصدق لقد استعدوا لكل الخسائر الممكنة، استعدوا للأسلحة الثقيلة، للحصار، للأعداد المهوله لكن قنابل؟! هذا مستحيل. القنابل التي لم يسمعوا عنها إلا من كتب التاريخ. هل وصلت رودوس الى هذا التطور؟ على الأقل هو يعتقد انها قنابل فهو لم يرى تلك الأخيرة من قبل لكن الدمار والنيران لا توحي إلا بهذا.
-. يادة الجنرال. يا سيادة الجنرال.

بصعوبة انتزع الجنرال عينيه عن الدمار ونظر الى الجندي امامه، مجرد فتى لم يتجاووز العشرين بالتأكيد مما زاده غضبا وتعالى بداخله ذلك الشعور مجددا أنهم يرسلون الشباب الى الموت فلا فرصة ولا مجال للفوز في مثل تلك معركة إذ حتى مع تسليح نصف الجيش بالبنادق إلا انها لم تجدي نفعا. :
-سيادة الجنرال؟

الفتى يكرر ندائه الذي تحول الى تساؤل الأن. ليس من المفترض ان يكون هنا ليس من المفترض ان يخوض هذه الحرب في بداية عمره فقط ليموت لكن اغلب الجيش قد قُتل بالفعل، اخذ نفسا عميقا ثم اشار للشاب ان يتكلم فأسرع الفتى يقول:
-لقد رصدنا السفن على بعد ثلاثة اميال من الميناء الأن، سيحصروننا بحرا. سيدي لا يمكننا المتابعة هكذا
نعم لا يمكنهم لكن لا خيار امامهم، عقد حاجبيه وقال: -هل الدفاع الجوي مستعد.

هز الفتى رأسه بإنفعال اي نعم فقال: -اذن اقصفوهم في البحر لا تدعوهم يقتربون من الميناء وإلا فنحن هالكون لا محالة، اريد الحاملين للطفرات في الصفوف الإولى
اسرع الفتى مهرولا الى الخارج فأشار الجنرال الى احد السكرتير الذي وقف يرتجف في ركن الحجرة:
-صلني بالقيادة، شداد لابد ان يعلم بوجود القنابل وأننا لن نصمد اكثر من يومين على هذا الحال ))
العاصمة-ابيس.

عدوت خلال الممرات وانا اتخبط في الجنود من حولي ومن يعدون مثلي، إن الوضع سيء للغاية، وما وصلني للتو من إفيين كارثة. اخيرا وصلت الى غرفة المراقبة طرقت الباب مرة ثم فتحته لأجد المزيد من الضباط يهرعون في كل مكان بينما مجلس الوزراء يتابع ما يُعرض على الشاشات وفي مقدمة الحجرة يقف هيثم يعطي الأوامر والعرق يتصبب منه، بحثت بنظري عن سيد شداد فوجدته واقفا في ركن قصي يتحدث الى شاهين، اسرعت نحوهما وقلت بين انفاسي المتلاحقة:.

-لدي خبر سيء للغاية
قال شاهين بحنق: -منذ متى والأخبار التي تأتي ليست سيئة؟ اطربينا
من الواضح ان هذه الحرب قد ضغطت على اعصاب الجميع لذا غالبا ما اتلقى الكثير من هذه التعليقات لكني اتجاهلها لذا قلت:
-إفيين تنهار لقد بعث الجنرال بأنهم لن يصمدوا اكثر من يومين وهذا على احسن تقدير كما. كما ان.

تلعثمت فلا ادري كيف اخبرهم بهذا الخبر انا لم استوعبه بعد لكن الجنرال اكد اكثر من مرة بل وارسل بثا، نظرت للرجلين المنتظرين بفارغ الصبر فقلت:
-الجنرال يؤكد استخدام العدو لل. للقنابل.
اتسعت عينا شاهين بينما اضيقت عينا سيد شداد الذي قال: -قنابل؟
-اجل وارسل بثا ليؤكد كلامه
وضع يده اسفل ذقنه ثم قال: -اعرضيه على الشاشات الأن.

ففعلت لتتحول الغرفة التي ارتفع فيها صوت الأوامر والهرولة الى صمت مطبق وهم يشاهدون الإنفجار على الشاشة وعندما انتهى المقطع انفجرت الغرفة في التساؤلات التي خفتت بمجرد ان تكلم سيد شداد:.

-هذا بث مباشر من إفيين ارسله الجنرال ارسين قائلا انهم لن يصمدوا اكثر من يومين ولقد اتى تقرير منذ قليل من البنارا يفيد بوجود قنابل لم نستطع ان نتأكد لأن الإتصال انقطع بيننا. نحن لا نعلم الأن اي شيء عن البنارا او حتى مدى تغلل العدو في حدود الشرقية بالإضافة للحدود الجنوبية، نحن محاصرون يا سادة وباراديس اغلقت ابوابها مانعة الدخول او الخروج.

توقف للحظة راقب فيها تعبيرات وجوههم ثم تابع: -انتم تعلمون ماذا سيحدث ان سقطت إفيين
طبعا الكل يعلم فنحن نقع خلفها تماما. خلف إفيين تقع العاصمة. اكمل سيد شداد:
-لقد تم ارسال حاملوا الطفرات للصفوف الأمامية كما تم ارسال دفعة اسلحة قد وصلت من هيفين لكن هذا سيؤخرهم فقط ولكنه ليس كاف لفك الحصار علينا ايجاد حل قبل ان نجدهم عند موضع اقدامنا.

بعد صفقة الأسلحة التالفة استطعنا التواصل مع هيفين واستيراد اسلحة نارية لكنها عتيقة جدا ولا تكافئ اسلحة الدول الأخرى. الدول التي كسرت كل القوانين الدولية وطورت الأسلحة. الجميع يعرف الحل. الحل الذي كان لابد من استخدامه من البداية لكن سيد شداد اصر ألا نفعل. القلوب والفرسان. انا لا افهم اوليس لهذا جمعهم؟

فجأه شعرت برغبة ملحة في مغادرة الغرفة رغم اننا في منتصف إجتماع قد يحدد مصير ابيس. لست ادري لماذا لكني شعرت انه يجب على الخروج الأن من هنا وامام رغبتي بالرحيل تهاوت اهمية الإجتماع لذا ودون ان يلحظ احد تراجعت للوراء ثم استدرت نحو الباب وخرجت وبمجرد ان فعلت شعرت براحة غريبة وكأن وجودي في الغرفة كان يجثم على روحي، فقط تركني هذا الشعور في حيرة لكن ليس لوقت طويل حين رأيت تلك اليدين تتجسدان من العدم لتثبتني بين الباب وبين ذلك الجسد وقد غطت خصلات الشعر النحاسية وجه الرجل وهو الغني عن التعريف. فيليب دي اوتوكلوك؟ رفعت يدي لأزيح الخصلات عن وجهه لتقابلني عيناه. عينان تحملان كما هائلا من الغضب والقسوة و. الألم؟ خاليتان تماما من المزاح ولا علاقة لهما بشخصيته اللعوب. فقلت بإضطراب واضح:.

-فيليب؟ ما الخطب؟
-انها تحدث مجددا. الدورة تبدأ مجددا
قالها بصعوبة كأنه يعاني فأجبت بقلق: -انت من اخرجني من الغرفة اليس كذلك؟ الدورة؟ اية دورة؟
لكنه صرخ فيّ فجأه: -انا لا اريد ان اشهدها مجددا. لا اريد
جحظت عيناي في ذهول: -اتعني الحرب؟ تشهدها مجددا؟ أ. أشهدت الحرب الثالثة؟

هز رأسه اي نعم فشهقت في استنكار. هذا مستحيل. بينما قال فيليب: -كان يجب ان اقتله حين سمحت لي الفرصة لكني لم اعلم من هو، لقد قابلني قبل ان يصبح حاضن الموت ولو كنت اعلم لما قبلت العقد. العقد الذي يحمي حياته من الساعة
-سيد شداد؟

تابع فيليب وكأنه لم يسمعني: -لقد قابلت صبيا يريد الإنتقام لم اتصور ان هذا سيحدث. انا لا استطيع لمسه بسبب العقد بل على العقد يرغمني على مساعدته لكن انت يمكنك ان تصنعي فارقا، يمكنك ايقاف هذه المجزرة
-فيليب انا لا افهم. لكم عشت بالضبط؟
<<-لأكثر من نصف قرن>>
رن الصوت المميز في الممر فسرت بجسدي قشعريرة جعلت الشعر على ذراعي ينتصب:
-س. سيد شداد
ثم حين ادركت ما قال هتفت: -اكثر من نصف قرن؟!

رفع فيليب بصره عني لينظر الى سيد شداد: -فقط لو اني قتلتك ذاك اليوم لكن الماضي لا يمكن تغيره ربما الحاضر. ربما المستقبل.
نظر لي مرة اخرى وقال: -لا يمكنني ان احيا لأرى الحرب من جديد
قال سيد شداد: -لكن الحرب بدأت بالفعل يا مالك الساعة ولنفس الأسباب وهي تتجه في ذات الإتجاه
همست بخفوت: -انت تعلم اسباب الحرب الثالثة؟ انت تعلم الحقيقة خلف الطفرات؟ لكن كيف. كيف حييت لكل هذا؟

-الساعة هي السبب. انا لست من هذه الحقبة لقد ولدت منذ نصف قرن عندما وقعت الحرب العالمية الثالثة ما شهدته من موت ودماء ودمار قضى على اغلب البشرية ليترك من تبقى في جهل للسبب
-ما السبب يا فيليب؟ اخبرني.

بمرارة قال: -السبب بسيط يا كيسارا منذ نصف قرن اكتشف البشر مصدر جديد للطاقة اتعلمين ما يعنيه مصدر جديد في وقت نضب فيه اغلب مصادر الطاقة المعروفة لقد كان اكتشاف العصر، مصدر لا ينضب ابدا وقابل للتحول الى اي صورة اخرى هذه المصادر اعطت الدول التي اكتشفتها قوة واكتفاء جعلهم يريدون المزيذ وجعلت الدول التي لا تملك تلك المصادر تريدها وهكذا بدأت الحرب التي امتدت لعشر سنوات ثم انتهت بالقنابل النووية.

-انت لا تعني القلوب اليس كذلك؟
ابتسم ابتسامة صفراء: -بالضبط، اتدرين ما حدث عندما انفجرت الرؤس النووية؟

هززت رأسي فقال: -ما يعجز البشر عن تفسيره حتى الأن، لم يكن من المفترض ان يعيش احد كان من المفترض ان يفنى البشر فقد امتدت النيران حتى غطت البحار لكن البلاد التي كانت فيها تلك المصادر حمت جزء من البشر حولها لكنها ايضا تفاعلت مع الإنفجار وانتشرت اجزاء من تلك الطاقة المهولة مع الإشعاع النووي لتغير العالم اجمع ولتتعدل الجينات البشرية فتظهر الطفرات. الطفرات من المفترض ان تكون تشوهات بشعة اصبحت قوى تُميز حاملها، اصبحت مرغوبة ويتمناها الجميع. وفقط بالصدفة البحتة كنت انا اقرب بشري الى قلب الساعة فأصبحت حامله منذ ذلك اليوم.

هذه اجابات لأسئلة حيرت البشرية لوقت طويل هذا كثير على لأستوعبه الأن لكن فيليب لم يترك لي فرصة واكمل:
-لقد تنبأت الساعة ان هذا سحدث مجددا. ان الحرب ستقع من جديد. وان الدماء ستغرق الأرض حتى تصبح البحار والأنهار بلون الدم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة