قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السادس والخمسون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السادس والخمسون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السادس والخمسون

الألم يزداد بشكل غريب ومعه تزداد مقاومتي بينما عقلي يحاول الوصول الى طريقة للخروج من هنا بدون فائدة، تنهدت وانا انظر الى هيثم الفاقد للوعي لقد تركنا كريستوفر دومينو منذ قليل بعد فقدانه الأمل في استيقاظ هيثم قريبا وهذا مقلق في الواقع ولا يبدو انهم ينون ان يجلبوا طبيبا لجرحة هذه، اه يا الهي، الا يمكن ان يتوقف هذا الألم للحظات. لماذا الأن اصلا؟ اليست هذه اللعنة؟ اوليس من يتحكم فيها هو القلب؟، هل يعني ذلك ان القلب يعبث باللعنة؟ ام انه يريد الإتصال بي؟، ان كان هذا صحيحا فكل ما فعلته انا الى الأن يصبح غبائا. اذا فكرت بلأمر فألألم يتزايد بإلحاح مريب ربما يجب ان اترك نفسي واكف عن المقاومة.

فجأه اسودت الدنيا امام عيني اليسرى ولم اعد ارى شيئا على الإطلاق شعرت بالتوتر على الفور اغمضت عيني وفتحتها في قلق لكني لم ارى شيئا حركت رأسي يمينا ويسارا فكانت النتيجة واحدة:
-ما الذي يحدث؟
المشكلة اني عاجزة بالكامل ولا ادري حتى ماذا يحدث لعيني واحاول الا افزع. اخذت نفسا عميقا و. :
-يجب ان. اهدأ!

اتسعت عيناني في دهشة فأمامي رأيت هواء الغرفة ينشق وكأن هناك شرخا في مجال رؤيتي ثم ظهرت يد من داخل الشرخ اتبعها جسد كامل كنت في حالة عامة من الذهول وعقلي ما يزال يحاول ان يستوعب ان الواقف امامي هو جراد وبنفس الطريقة اتبعه كمال وقبل ان اتفوه بحرف وقف خلفهم القلب. الأيزن جي سوريتيه!، احتاج الى شرح سريع لما يحدث لكن اول من تحدث كان جراد الذي قال:
-هذا لم يكن سهلا بالمرة.

اذن انا لا اتوهم انهم امامي بالفعل فتحت فهمي لأتكلم فقاطعني صوت صفارات الإنذار التي انطلقت في كل مكان فقال جراد بإنزعاج:
-ليس امامنا الكثير من الوقت
واتجه نحوي يفك قيودي لكني صحت بعد ان استطعت التحدث اخيرا: -هيثم...

كان هذا كل ما استطعت قوله فاتبه كمال الى هيثم الفاقد للوعي واسرع نحوه بينما وقف القلب يراقب ما يحدث دون ان يتدخل، تخلص جراد من قيودي وعاونني على القيام فحالتي لا تسمح كاد يقول شيئا حين جذب اتباهنا صوت تحطم الباب ودخول بعض الجنود مسلحين بالبنادق مسرعين على رأسهم كريستوفر الذي قال:
-حاصروهم انا اريدهم احياء.

كمال لم ينته بعد من فك قيد هيثم والجنود يسرعون باتجاهنا فقال جراد وهو يخرج من جيبه مسدس صغير قديم الطراز:
-كمال اسرع
-انا احاول بالفعل.

واطلق النار على من اقترب محتميا وراء الكرسي الذي كنت على بينما القاني انا ارضا والجنود يردون الهجوم وإذا بوابل من الرصاص يتجه نحونا، هذه هي النهاية كنا اثنين الأن سيحصلون على خمسة بالتأكيد اغمضت عيني لكن شيئا لم يحدث فقط بعض الشهقات ففتحتها مجددا لأرى امامي عازل من نوع ما يصد الرصاص ومن خلفي رأيت القلب موجها يده الى العازل وهو يقول:
-ادخلوا البوابة.

فأسرع نحوي جراد يلتقطني ومن خلفه كمال بهيثم عبر بي الشق او البوابة كما اطلق عليها القلب لأجد اننا في مكان مختلف تماما، في نفس المنزل الأمن الذي كنا فيه قبل ان يحدث كل هذا. نظرت خلفي لأري كمال وهيثم ثم تبعهما القلب واغلق البوابة خلفه حسنا انا احتاج الى بعض الشرح هنا لكن اولا هيثم:
-ان هيثم مصاب بشده لا ادري اين لكنه ايضا لا يري يجب اسعافه بسرعة
-لا يرى؟

نظرت الى صاحب الصوت لألحظ وجوده لأول مره يقف امامي وبجانبه سفريا التي اسرعت نحوي اما شاهين فكان جالسا على الأريكة خلفهم بسبب جراحه التي ارى انها اصبحت اسوء ثم عدت الى سيد شداد وانا اجيب:
-لقد تحدثت اليه قبل ان يفقد الوعي واكتشفت انه لا يراني
عقد سيد شداد حاجبيه وقال موجها حديثه لشاهين: -هل تعتقد انك قادر على تفحصه؟

اومأ شاهين برأسه ولم يرد تحرك كمال بهيثم ليضعه على احد الأرائك قبل ان يتحرك نحوهما شاهين في حركات متثاقله لا تنبأ بالخير في حين اسرعت سفريا نحوي تتفقدني وهي تسأل العشرات من الأسئلة لكني لم اجد في نفسي الطاقة لأجيبها، تخاذلت قدمي وكدت اسقط من قبضة جراد لكنه استطاع امساكي قبل انا اقع وهو يقول:
-تماسكي
قبل ان يضعني على احد الكراسي وسفريا تقول بقلق: -ماذا بها؟ هل هي بخير؟

رد جراد: -بعض الكدمات وارهاق شديد لا شيء جاد
تنهدت سفريا في ارتياح بينما قال سيد شداد: -جيد
اما انا فلم اركز فيما كانو يقولون. انا بحاجة الى الراحة. الى النوم. لا ادري متى لكني قد اغمضت عيني مستسلمة لنوم عميق.
كررت للمرة الألف: -انا بخير
-يمكنك قول هذا للصباح لكني لن اطمئن قبل ان افحصك بنفسي
-شاهين ارجوك انظر الى نفسك انت هو الذي بحاجة الى الفحص اتركني وشأني.

لكنه تجاهل تذمري واستمر في تفقد الكدمات فقررت انه لا فائدة ونظرت الى سيد شداد بعد ان اخبروني كيف انقذوني وقلت:
-اذن حين لم اعد ارى شيئا بعيني اليسرى كان القلب يرى بها؟
-اجل لكن هذا لن يتكرر فسيخلصك من اللعنة بعد ان ينتهي منك شاهين
الأن وانا متيقظة واشعر بتحسن يمكنني رؤية التعب والإرهاق على وجه سيد شداد وعلى كتفيه المتصلبين:
-لقد كدنا نفقد الأمل بسبب مقاومتك.

ابتسمت ببلاهه دون ان اعلق ليس وكأنه كان يجب ان افهم على الفور انهم يحاولون الإتصال بي تجاهلني سيد شداد قائلا:
-الأن اخبرينا ما الذي حدث في الإستجواب؟
ابتلعت لعابي بصعوبة فهذا هو اصعب جزء كيف سيكون موقفي وانا اخبرهم اني اعترفت؟ اخذت نفسا عميقا ثم بدأت اقص عليهم ما حدث بالتفصيل الممل، بعد ان انتهيت قوبلت بالنظرات والصمت قبل ان يسأل سيد شداد:
-وكيف استطاع كريستوفر استخدام قوته؟

-انها الغرفة التي كنا بها فحسب ما قاله اريان انها بالتدريب والتركيز الشديد تمكن اصحاب الطفرات من استخدام قواهم فيها يطلقون عليها الغرفة الحمراء
-اذن هم يعرفون من انت وهوية هيثم
اومأت برأسي بصعوبة فبإمكاني رؤية الغضب يتواثب في عينيه وتابع: -وبالطبع يعلمون ان القلب معنا اليس كذلك؟
اومأت برأسي وشعور بالعار يغمرني. بإمكاني ان ارى الغضب على وجهه وان كان يحاول ان يخفيه قال بهدوء ادهشني:.

-اذن يجب ان نخرج من هنا بسرعة. شاهين كيف حال هيثم الأن؟
-من الصعب القول اعني جراحه سيئة لكنها غير مميته وقد اعتنيت بهذه ما يخيفني هو غيبوبته هذه فلست ادري هل هي ناتجة عن ارهاق او ما هو اسوء ربما هناك تأثير او اصابة تعرض لها المخ كما اني اخشى ان تكون هناك نزف داخلي ان لم يستيقظ في غضون بضع ساعات سيحتاج الى عناية فائقة وربما لن يمكننا انقاذه لأننا سنكون بالفعل قد اهدرنا الكثير من الوقت.

هذه ليست اخبارا جيدة ويبدو ان سيد شداد لم يتقبلها بصدر رحب. ماذا الأن؟ حتى سفريا ظلت صامته. اخيرا قال:
-اذن اريدك بجواره طوال الوقت فمن الخطر الذهاب به الى اي مستشفى هنا خصوصا وانهم يبحثون عنا في كل ركن الأن
نهض شاهين ببطء ثم قال: -حسنا.

ثم وهو في طريقه الى باب الغرفة اوقفه سيد شداد وهمس بشيء ما لم اسمعه لكن شاهين تعجب له للحظة ثم اسرع خارجا وهو يومأ برأسه بعد خروجه عاد نظر سيد شداد الينا ثم قال لسفريا:
-اين الخادم الذي كان معك؟
قالت بحده: -اولا هو ليس خادما وثانيا له اسم وهو جبرائيل ثالثا واخير انا على اتصال معه وهو قادم.

تجاهل سيد شداد طريقتها مجيبا: -سنحتاجه للخروج من هنا وحتى وصولنا الى الميناء اريده ان يساعد جراد في ايجاد طريق سريع ليخرجنا من هنا دون مشاكل
هزت رأسها وقالت وهي تتجه للباب: -سأرى ما يمكنني فعله
كاد يتبعها جراد لكن سيد شداد اشار اليه ان يبقى حتى خرجت وقال: -لا تنس التقرير
-لن افعل
-اريد كل شيء انت تعرف التفاصيل لا داعي لتكرار ما حدث من قبل
جز جراد على اسنانه وهو يقول: -اعلم
-حسنا يمكنك الإنصراف الأن.

خرج هو الأخر من الغرفة وهو يغمغم بشيء ما لم اسمعه لكني متأكدة من انه ليس شيئا احب ان اسمعه. الأن وقد اصبحت الغرفة خالية الا مني وسيد شداد بدأت اشعر بالتوتر والإرتباك لا ادري لماذا لكني وجدت نفسي اعتدل وبصوت متردد قلت:
-انا اسفة.
عقد حاجبيه وقال: -انت اسفه؟ على ماذا تعتذرين؟ هل تظنين انها كانت غلطتك انك اعترفت بشيء ما؟
قلت وانا انظر الى الأرض: -لكن. لكن انت غاضب!

رد بحده مندفعا نحوي: -وانت تعتقدين ان هذا ما يغضبني؟
انتفض جسدي لوهلة وتراجعت للخلف وانا لا افهم لم اغضبه اعتذاري فتابعت:
-ربما ليس الإعتراف لكنها كانت غلطتي منذ البداية اعني ان لم يتم الإمساك بي لما حدث ايا من هذا
حدق بي لفترة طويلة ثم تنهد بعنف واقترب اكثر وهو يغمغم: -انت حمقاء.

نظرت له رافعة احد حاجباي علامة على عدم الفهم فتنهد مرة اخرى قبل ان يجذبني اليه لأرتطم بصدره ثم يحوطني بذراعيه ويضع كفه الأيمن على شعري مريحا رأسي على صدره وهو يقول بخفوت:
-لقد كنت قلقا
اتسعت عيني فلم اتوقع جوابا صريحا ثم لم يلبث ان لان جسدي بين ذراعيه واحضنه انا الأخرى وهو يكمل:.

-لقد كنت قلقا جدا ان يقتلكما ارايان او ما هو اسوء لمجرد انكما تنتميان الى ابيس او بالأحرى تعملان تحت امري وإن كان اعترافك قد فعل شيئا فقد انقذ حياتكما يا كيسارا كان لابد ان يعرف من انتما فعلا ليبقيكما على قيد الحياة.

شعرت بقبضته تشدد حولي وهو بنبضات قلبه تتسارع وهو يقول: -انا غاضب لأني لم استطع فعل شيء ولولا وجود القلب لكنا فقد كل امل للوصول اليكما. انا غاضب من نفسي ولما وصل اليه الأمر. غاضب لحالة هيثم واني عاجز حتى على توفير العناية الازمه له وهو قد يفقد حياته ونحن حتى لا ندري. غاضب اني لا يمكنني رد الصاع صاعين لأريان بحالتنا هذه. انا غاضب من نفسي يا كيسارا.

رفعت رأسي لأراه وجه لوجه ثم ابتسمت وانا امد يدي لتتحسس وجهه قبل ان اقول:.

-لكني لست غاضبه ولا اظن ان احدنا غاضب مما حدث او يلقي اللوم على احد لقد سرنا على ما خططنا بأنفسنا بعد ان راجعنه بحرص وعناية وما حدث ليس خطأ احد وبالتأكيد ليس خطؤك. لقد اخبرتني من قبل انك ستفعل اي شيء وستقبل بأي تضحيات لتصل الى ما تريد لكن يمكنني القول بوضوح انك لا تريد ان تضحي بأي شيء. لكنك تعلم وكل واحد منا يعلم اننا لو لم نكن نريد ان نتبعك ونعطيك ولائنا ونحن على علم تام بما يعنيه هذا من مخاطر وتضحيات لنسحبنا من البداية. ربما تختلف اسباب الولاء لك قبل ابيس فهي ليست وطن اي منا لكن كلنا بطريقة او بأخرى ندين لك بشيء ما. انا ادين لك بحياتي كلها وانت تعلم اني لست نادمة على اي قرار اتخذته كما اني اعتقد ان هيثم سينجو هو اقوى من هذا وان كانت جراحه مميته لتصرف دومينوا فقد كان بحاجة اليه.

نظر لي لبرهة قبل ان يلوح شبح ابتسامة على وجهه لم يلبث ان تحول الى ابتسامة كاملة وهو يقترب بوجهه نحو وجهي:
-ارى انك قد نضجت دون ان اشعر
ضحكت ثم وقفت على اطراف اصابعي لأزيد من طولي ولأصل الى وجهه قبل ان اطبع قبلة سريعة على شفتيه واعتدل مرة اخرى وانا ابتعد فقد تخلت عني قبضته خلال دهشته من فعلى وانا اسرع نحو الباب قائلة بإبتسامة واسعة:
-سأتفقد هيثم.

خرجت وانا اشعر بوجهي كله يحمر بالتدريج غير مصدقة ما فعلت للتو او حتى كيف وجدت الشجاعة للحديث او للفعل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة