قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع والستون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع والستون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع والستون

احسست بدفئ غريب على شفتاي، مما ايقظني قليلا وجعلني ارفع يدي لأتحسس شفتاي قبل ان افتح عيني ببطء لأرى سيد شداد يقف امامي مباشرة لوهلة عجزت عن اتخاذ اي فعل في حين قال هو:
-ماذا تفعلين هنا يا كيسارا؟

سؤال وجيه، نظرت الى الطاولة امامي لأرى ان الساعة الأن هي الثالثة والنصف بعد منتصف الليل، هل نمت كل هذا؟ عدت بنظري الى سيد شداد لكن لسبب ما لم اجرؤ على ان اتحرك من مكاني وقد تذكرت كيف كانت اخر محادثة بيننا فشعرت بالغضب وانا اقول:
-انت تعلم لم انا هنا سيد شداد
عقد حاجبيه وقال وهو يشير الى غرفته: -لم انت هنا يا كيسارا؟

-انت ترفض مقابلتي وليس امامي خيار سوى انتظارك هنا ولابد ان افهم ما معنى اوامرك بالنسبة لراي؟
اجاب ببرود: -هذا ليس من شأنك
-بل هو من صميم شأني انت بالتأكيد تعلم اني قد نقلته الى مكان اخر
لكنه لم يرد فقلت: -اتعلم لقد تحدثت اليه وقد اخبرني انك تعرف شيئا لا تعرفه
اغمض عينيه للحظة ثم قال: -كيسارا ليس الأن.

هتفت بحدة: -بل الأن، متى إن لم يكن الأن؟ متى ستثق بي بالقدر الكافي لتخبرني بما تخطط له وما تريد كما تفعل مع غيري؟
ارتفعت نبرة صوته وهو يقول: -كيسارا
لكني لم اتوقف بل قلت: -انا لم اعد الطفلة التي انقذتها من قبل، أنا استطيع الدفاع عن نفسي لذا كف عن النظر لي هكذا، انا هنا منذ اكثر من سنتين وانت تعاملني بنفس الطريقة.

لسبب ما اشعر انه مدهوش من انفجاري هذا لكني حقا لم اعد احتمل خصوصا بعد محادثتنا الفائته، اجابني قائلا:
-ان الأمر لا يتعلق بالثقة
-بما يتعلق اذن؟ اخبرني بما يتعلق؟
قلتها بإنفعال فوجدته يضع كلتا يديه على كتفي الكرسي الذي اجلس عليه وانحنى على حتى اصبح وجهه في مستوى وجهي وقد ادركت للتو كم يبدو سيد شداد مرهقا وغاضبا:
-بك انت
قلت في حيرة: -بي انا؟ لم انت غاضب؟ ليس وكأنك لم تتوقع اني سأسأل.

صمت وهو ينظر لي ثم اعتدل لكني امسكت برسغه وقلت بصوت راجف: -لا تهرب مني. لا تفعل
لست ادري لماذا لكني وجدت الدموع تتلألئ في عيني وانا اكمل: -انا خائفة يا شداد، انا خائفة جدا
لم ينتزع يده لكنه قال ببرود: -انا لن اؤذيكي
هنا ادركت ما يعني فقلت بصوت غير واضح: -لا. لا، لست خائفة منك
ثم نظرت الى عينيه مباشرة وقلت بصدق: -انا لن اخافك ابدا.

توقفت لأمنع تفسي من البكاء: -انا خائفة عليك. انا خائفة من ان تتحقق نبوئة مالك الساعة. انا خائفة من انك ستفقد نفسك وتفقدنا نحن. لذا لا تدعني في الظلام ارجوك
حين قابلت عيناه رأيت الدهشة تملأهما لكنها عادت الى طبيعتها قبل ان يقول بمرارة:
-لم لا تستسلمين؟

ماذا؟ وقبل ان اتمكن من الرد عليه انحنى عليّ بحركة حادة قتلاقت شفتانا، اتسعت عيناي في دهشة محاولة ان افهم ما يحدث قبل ان اغلقهما ويدي تضغط على يد سيد شداد. لقد انتظرت كثيرا...
ابتعد عني ببطء وبينما انا احاول السيطرة على تنفسي سمعته يقول: - انت، انت هي مصدر غضبي
توقفت انفاسي في صدري ونظرت له في حيرة وعدم فهم وقلت بصوت مبحوح: -انا لا افهم ماذا تعني؟ ماذا فعلت انا؟، لكنك لست غاضبا مني انا اليس كذلك؟

انا السبب لكنه ليس غاضبا مني اذن، لاحت على شفتيه شبح ابتسامة وقال:
-الأن تفهمين مِمَن انا غاضب
انت غاضب من نفسك يا شداد. لدي شعور اني لو سألت فلن اجد اجابة سوى انني السبب حتى لو لم افهم، تنهدت في استسلام. لم لا تخبرني؟ لكن للأن سأقنع بهذا فقلت بعزم وانا اقف:
-انا لن ادع النبوءة تتحق، مالك الساعة لا يملك سوى التوقع مبنيا على الواقع لكنى سأغير الحقائق، انا لن ادعك وحدك ابدا.

ثم تخطيت سيد شداد الى الباب لكنه استوقفني قائلا: -ان راي والقلب واحد
التفت الى سيد شداد ورفعت حاجباي في ذهول وانا اسأل: -واحد؟

تقدم سيد شداد نحوي وهو يقول: -ان راي مجرد طفل شخصيته ضعيفة والقلب يتأثر بحاضنه لكن بما ان راي كان طفلا حين استخدمه القلب فقد تأثر هو بالقلب كما تأثر به القلب حتى لأصبحا الإثنين كأنهما واحدا كلاهما وجه لعملة واحدة لذلك راي ليس فتى عادي سترينه في بعض الأحيان يتصرف بغرابة يتحدث بغرابة لكن الواقع ان من يتحدث او يتكلم هو القلب وهما لا يتصارعان بل متحدين في نفس الجسد
<<فقط تذكري. هذه هي حقيقتي>>.

راي كان يعلم ان سيد شداد سيخبرني بهذا لهذا قال لي تلك الجملة التي لم افهمها سوى الأن، تابع سيد شداد:
-فتصوري اي خطر يمكن ان يشكله طفل ينصاع له القلب في كل رغباته لأنها رغباته هو ايضا، ونحن هنا في ابيس قد كنا يوما عدوا لباراديس لذلك هو خطر لذلك يجب ان يراقب
<<هذه هي حقيقتي>> سأؤمن بهذا يا راي سأؤمن بما تقول.

-لكن هذا يعتمد على راي ولو انه والقلب قد اصبحا واحدا فهو على علم بهذا، قد لايزال غير قادر على التحكم بقواه جيدا لكن كذلك كنت انا فلتمنحه فرصة كما فعلت معي
-انت لم تستطيعي حتى استدعاء التنين وقتها لكن هو اخطر مما تتصورين، تقلباته قد تكون مدمره وقد شهدتيها بنفسك في باراديس
-لقد اخبرني راي من قبل ان ذلك المكان هو اكثر ما تتجلى فيه قواه لذلك لا اظن ان هذا سيحدث عما قريب انا اثق براي سيد شداد.

فهل تثق انت بي؟
تنهد وقال: -كنت اعلم ان هذه ستكون اجابتك
-كان يمكنك اخباري من البداية. ربما لم اكن لأقبل الطريقة لكني كنت سأفهم
قلتها بمزيج من الحزن والمرارة. هل تثق بي لتخبرني؟، اشحت بنظري عنه وانا استدير نحو الباب حين قال:
-كيسارا
فرفعت بصري اليه في نفس اللحظة التي شعرت به يجذبني نحوه وهو يقول: -انه لم يكن يوما تشكيكا في ثقتي بك
تخللت اصابع يده الأخرى في شعري وقال: -انا لطلما وثقت بك.

رمقته غير مصدقة ما يقول لكنه تابع وهو يضمني اليه اكثر: -لذا سأطلق سراح الفتى لكنه سيكون مسؤليتك بالكامل
قلت بتردد: -ح. حقا!
ابتسم وقال: -والأن توقفي عن البكاء
قلت بدهشة: -انا لا ابك، اوه. سأفعل فقط.
لا تفقد نفسك. اردت ان اقولها لكني لم استطع فقلت: -كيف حال كتفك؟
ثم رفعت يدي لأتحسس موضع الجرح وهمست: -انا. اسفة.
-على ذاك تتأسفين ام على منادتك لي باسمي دون القاب؟

اه. صحيح كيف نسيت هذا، احمر وجهي قليلا ونظرت الى الأرض غير عالمة اين اوجه نظري لكني شعرت بيده على ذقني ترفعه لأنظر اليه ثم انحنى على اذني وهمس:
-سأود سماعه مرة اخرى
طيعا عجزت عن الرد، ازاح يده عني ثم قال: -انا لم انسى عصيانك المباشر لأوامري وذاك لا يمكن ان يمر دون عقاب، سأتصرف في هذا غدا اما الأن
ونظر الى الساعة ففعلت مثله لأجد انها الرابعة والنصف فاتسعت عيني وقلت وانا اتراجع بحدة نحو الباب:.

-انا اسفة سأخرج حالا
رد بسخرية: -تعلمين اني لا امانع بقائك هنا
ازداد اتساع عيني ونظرت اليه في عدم تصديق وقد تحول وجهي الى لوحة الوان وقلت كلام في توتر:
-م. اذا. ل. اعني. امم.
اتسعت ابتسامة سيد شداد وقال: -يمكنك الذهاب يا كيسارا.

يكفي القول اني قد طرت خارجة من الحجرة واشعر بخجل شديد يجب ان اهدأ لكي يكف قلبي عن الخفقان بهذه السرعة، لكني لم استطع ان امنع الإبتسامة البلهاء التي ارتسمت على شفتي وانا عائدة الى غرفتي.
غدا سأجعل شاهين يصدر اوامر بشأن راي اما الأن فالقلعة كلها تقريبا نائمة وكذلك يجب ان اكون انا فقط لو استطعت التخلص من كل ما اشعر به. من خوف يتملكني ويعتصر قلبي من النبوءة فلدي شعور قوي انه قد بدأت تتحقق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة