قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الرابع والثلاثون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الرابع والثلاثون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الرابع والثلاثون

نظر لي مالك الساعة ولم يكن وجهه ساخرا لزجا كما هي العادة بل كان ملامحه جادة واكاد اقسم ان عينيه يملائهما الندم لكنه ورغم كل هذا ابتسم وقال:
-ارى انك تذكرتي اخير
قلت بغضب صارخة: -انا لا ادري كيف نسيت اصلا...
ثم تمتمت بصوت منخفض كأنما احدث نفسي: -وانا التي بدأت اعتبرك صديقا بل وشعرت بالإمتنان لك
كان على وشك قول شيء ما لكني اوقفته صائحة: -ما الذي تفعله هنا؟، اخرج انا لا اريد رؤيتك مرة اخرى ابدا.

<<اعتقد ان هذا وقت مناسب لإخباري ما يحدث هنا اليس كذلك؟ >>
نظر كلانا الى صاحب الصوت الذي اكمل قائلا: -قبل ان اعرفه بنفسي
نظرت الى سيد شداد عاجزة عن الرد بينما اعدت النظر الى مالك الساعة لأتذكر اللهب، الرماد، الأجساد المحترقة والصرخات المتألمة وبعينين دامعتين غاضبتين صرخت:
-قاتل، هذا الرجل قاتل.

حرك مالك الساعة شفتيه علامة على عدم الرضا لهذا اللفظ ونظرت له بدهشة فهذا ابسط ما قد يلقب به شخص كهذا ثم لماذا يبدوا منزعجا الى هذه الدرجة هنا قال سيد شداد لي:
-ما الذي تذكرتيه؟
نظرت له بتردد لكنه قال بصرامة: -الأن يا كيسارا.

قلت وانا احاول منع المزيد من الدموع من الفرار وبكل غضب وغل قلت: -لقد ولدت بمرض نادر ولعل نوباتي هي ما تبقت منه الأن لكني لم اكن لأعيش طويلا وهكذا حاول والداي انقاذي ومع كل ما سمعاه عن مالك الساعة من اساطير فلم يكن امامهم سوى اللجوء اليه لعقد وقد كان، نص العقد على انقاذي من مرضي بمقابل يأخذه بعد اربع سنوات انا لا ادري ما كان المقابل ولا اهتم ما يهمني ان والداي لم ينفذا العقد وعند انتهاء المدة، كلنا نعلم ان عقاب من يفر من الساعة هو الموت بلا رحمه لكنه لم يكتف بهذا لقد، لقد حرقهما حيين امامي...

قال مالك الساعة في لا مبالاة: -يا لها من ذكريات
فنظر له سيد شداد نظرة غريبة لم ارها من قبل على وجهه ولا ادري لها تفسير في موقفنا الحالي لكنه لم يقل شيئا كأنما كان يتوقع هذا اما انا فمسحت دموعي ثم رفعت يدي نحو مالك الساعة وقلت:
-انت لا تستحق سوى الموت.

ومعها انطلقت موجة ممن الطاقة نحو مالك الساعة الذي بالكاد تفاداها اما انا نظرت الى يدي بدهشة فهذا النوع من الهجمات ليس لي بل هو نفس الهجمات ونفس مصدر الطاقة التابعة للتنين لكنها اقل بكثير ماذا يعني هذا؟ لكني لم اتسأل اكثر فلقد كان الغضب يعميني وفي ذهني لا توجد سوى فكرة واحدة هو توجيه غضبي الى الشخص المسؤل عنه ولو انني رأيت كيف ابدو الأن لفزعت...

((نظر فيليب الى شداد الذي لم يتوقع ان يصل غضب كيسارا الى هذه المرحلة بحيث تريد القضاء على فيليب نظر اليها وهي في مرحلة شبه متحولة قد لا تدرك هي ما يحدث لها لكنها الأن لا تبدو كأدامية بتلك العينين الذهبيتين والمخالب على يديها انها الأن في مرحلة وسطى مزيج بينها وبين التنين يعتقد شداد ان هذا هو تأثير جانبي لم حاول اوراكل فعله بها فهذه ليست اول مرة يراها على هذه الهيئة بل هي المرة الثانية ففي الأولى كادت تقتل اوراكل مما يعني انه يجب ايقافها قبل ان تحدث كارثة خرج من افكاره على صوت فيليب يقول:.

-انها لا تعي ما تفعل اوقفها قبل ان اضطر لإيذائها
-تعني الساعة
اجاب فيليب بضيق: -لم تسأل مادمت تعلم
قال شداد وهو يقترب من كيسارا فهي لا تشعر به كل ما تراه هو فيليب: -يجب ان تخبرها بالحقيقة
رد فيليب في غضب: -اما هذا فلا، لن يحدث ابدا.

اكتسى وجه شداد بالسخرية فقد عاشر فيليب لفترة طويلة ولقد توقع مثل هذا الرد مما يعني ان عليه ان يتصرف لإنهاء هذه المهزلة كان قد اصبح خلف كيسارا تماما فوضع كلتا يديه على كتفيها ثم اقترب من اذنها وهمس))
-توقفي.

شعرت بوهن يسري في جسدي وبضف شديد مع ما همس به سيد شداد في اذني انه يستخدم قواه على مجددا هدأت قليلا واصبحت الرؤيا اوضح لقد اعماني الغضب حتى كدت افتك بمالك الساعة لكن هذا لا يعني اني لم اعد حانقة غاضبة فقد نظرت اليه وقلت وانا اجز على اسناني:
-حتى ان كنت لا استطيع فعل شيء لك فأنا لن اسامحك ابدا فلا يمكنني ان اغفر لشخص مريض مثلك يتسلى بقتل الناس وتعذيبهم بتلك العقود.

تصورت انه سيرد غاضبا لكنه ابتسم ابتسامة مريرة وبنبرة يغطيها اليأس الشديد:
-نعم انا مثلما قلت
ثم اختفى نظرت الى سيد شداد في دهشة فأنا لا افهم ما معنى ما قال بينما ضحك هو ضحكة قاسية ساخرة ثم نظر لي وقال:
-قد تظنين انك الضحية في هذا الموقف وان لديك الحق في قول ما تشائين لكن الحقيقة هي العكس ان الضحية ليس الا فيليب اما انت فقد قمت بدور الجاحد
نظرت له في عدم فهم وقلت بشفتين مرتجفتين: -ماذا تعني؟

صمت قليلا ثم تنهد وقال: -ربما حان الوقت لتعرفي بعض الأشياء عن الماضي والحاضر فأنا لا اريد المزيد من التأخير
لم ادر بماذا ارد فصمت حتى اكمل قائلا: -لنبدأ بما تعاقد عليه والداك مع فيليب
قلت بتعجب: -لكن كيف تعرف بأمر والداي؟
قال بمكر: -ان الأمر ليس بهذه الصعوبة فقد اتيحت لي الفرصة لأرؤية ذكرياته من قبل.

ثم عاد يتحدث عن والداي: - لقد اعطاهما فيليب مهلة وهي اربع سنوات حتى يأخذ ما يريد منهما ولعمري انها لأطول مدة سمحت بها الساعة على الإطلاق كان هدفه وراء هذا ان يمنحهما المدة الكافية لرعايتك فهذه هي المدة التي بعدها لن تحتاجي اليهما بل يمكن لأي شخص ان يكمل ذلك عنهما وهنا نأتي الى ما تعاقدوا عليه الا وهو انت
-ماذا؟

تجاهلني مكملا: -لقد علم فيليب عندما رآك انك حاملة التنين وقد ارادك انت بهذه الصفقة ولقد وافق ابواك لكن بعد انتهاء المدة ابو ان يسلمك لمالك الساعة
قاطعته قائلة في حدة: -فقتلهما امامي وبأبشع الصور
قال بغموض: -بل قتلتهما الساعة
هتفت باستهزاء: -وما الفرق؟

-فرق كبير الى حد لن تتصورية وهذا هو ثاني ما يجب ان تعرفيه، ان الساعة لها كيانها الخاص بها اما فيليب فهو بالكاد يتحكم فيها صحيح انه هو من يحدد العقد لكنها غالبا ما تحدد المهلة و هي من تنفذ العقوبات بأشنع صورها حتى لو لم يرد فيليب لقد شهد ذلك الأخير ما يمكنك تحمل سماعه
نظرت له في ذهول مما يقول كيف يمكن ان يكون لها كيانها الخاص بها؟ انها طفرة اليس كذلك؟ لكني رغم هذا قلت بعناد:.

-لم لا يقاومها اذن ان كان لا يريد فعلا
قال سيد شداد في شيء من السخرية: -لقد فعل مرة مع انه الأعلم لنتائج تصرفه وقد كاد يفقد حياته ففي النهاية هو والساعة حياة واحدة اذا دمر احدهما دمر الأخر
كأنها القلب والجسد تذكرت ما قاله كلارك لي من قبل وكيف ان قواي ليست مجرد طفرة عادية هل يعني ان هناك تشابه ما بيني وبينه كما افقد انا السيطرة على التنين نظرت الى سيد شداد في صمت فأكمل:
-اتعلمين في اي عقد قاومها؟

هززت رأسي ان لا فقال: -في عقد والديك
هنا هقت في هلع وقد بدأت استوعب ما يقول والأن فقط فهمت لم قال مالك الساعة، اعني فيليب تلك الجملة ثم اختفى ايعنب هذا اني ارتكبت خطأ بما قلت وفعلت؟ شعور من الندم بدأ يتسلل لي ثم شعرت بتلك الجمرات تنساب من عيني وقلت بصوت الى الهمس هو اقرب:.

-لكني لا استطيع ان اغفر له حرماني من والداي، فقط اخبروني لم على ان امر بكل هذا؟ لم يجب اَجرح واُجرح؟، ماذا فعلت كي استحق كل هذا؟، لم عدت بذاكرتي مرة اخرى ان الموت افضل لي، انا لا اريد المزيد، لا اريد المزيد من الألم. لا اريد.

اعتقد ان حرارتي لم تعد طبيعية و كذلك ضعط دمي ودقات قلبي التي تتسارع مع الثانية. انني امر بإحدى نوباتي بالتأكيد من شدة الأنفعال ربما تكون هذه هي اخر نوبة اجل ربما هذا افضل. ربما، فجأه شعرت بتلك اليدين تلتفان حولي لتحتضنني ثم تتحرك احداهما لتربت على رأسي ثم سمعت صوت سيدي يقول:
-اياك، اياك حتى ان تفكري بالموت ولو للحظة.

تساقطت المزيد من الدموع وتعالت شهقاتي فقال: -لازال هناك الكثير مما يجب ان تفعليه انا لم انقذك وحميتك كل هذه السنوات لتموتي الأن اتسمعين هذا شيء لن اقبله
وعندما لم يجد اي استجابة مني رفع رأسي اليه وقال: -انظري إلى يا كيسارا
رفعت عينان قد اصبحتا بحرا من الدموع ثم همس: -انا احتاجك.

اتسعت عيناي حين سمعت ما قال وافقت مما انا فيه هل فكرت في الموت للتو؟ انا التي انقت جراد من الإنتحار؟ انا التي تحملت كل هذه السنين من العذاب؟ فأجهشت بالبكاء ورفعت يداي لأحتضن سيد شداد بقوة وانا ادفن رأسي في صدره وهتفت:
-انا اسفة، اسف.

لم استطع ان اكمل من شدة البكاء ومع ذلك فسيد شداد لم يتركني بل انه زاد من قوته في ضمي وربت على شعري حتى بدأت اهدأ بالكمال وخف بكائي فرفعت رأسي نحوه وانحنى هو برأسه الى لتتلامس شفتانا.

((تركها شداد بعد غطت في النوم اخيرا لقد اقلقته بشده حتى هو لا يدري ما الذي حدث بالداخل بالضبط فهو لم ينوي للحظة بأخبارها كل هذا وبالتأكيد لا يدرك كيف اخبرها انه يحتاجها لكنه فعل على اية حال، هناك ما اقلقه بشدة فكيسارا لم تصل الى هذه المرحلة من الإنهيار من قبل رغم كل ما مرت به فهو ورغم ثبات اعصابه الشديد لم يتحمل رؤيتها تنهار هكذا حتى انه تصرف بتلقائية وبلا حساب مسبق حين فكر بهذا قال بمرارة:.

-الى اين تريدينني ان اصل اكثر من هذا يا كيسارا؟
ثم تذكر فيليب وهو لا يدري كيف سيتواصل معه الأن فغمغم قائلا: -سبب اخر لتأخير، يجب ان اجده قبل ان يرتكب كارثه
كان بالفعل شداد يتوقع كارثة لأنه يعرف طباع فيليب فقط هو يتمنى ان يجده قبلها))
مرت الأيام التالية بهدوء وقد تحسنت حالتي النفسية والصحية الى حد كبير خصوصا واني لم استطع التوقف عن التفكير فيما قاله لي سيد شداد ذلك اليوم و...

<<فقط اخبريني ما الذي بينك وبين الشرود>>
افقت على صوت شاهين يصيح في وهو يقوم بفحصه الدوري فقلت وانا ابتسم:
-اسفه
قال بغير اكتراث: -ارى انك سعيدة هذه الأيام
اتسعت ابتسامتي واحمر وجهي عندما تذكرت ما حدث مع سيد شداد وهذا لم يخفى على شاهين في الواقع الذي قال وكأنما قد خمن ما بذهني:
-لا تخبريني لا اريد ان اعرف
قلت مغيرة الموضوع: -اذن ما النتيجة؟
-تعنين نتيجة الفحوصات؟ جيدة اظنك ستخرجين من هنا قبل الحفل.

قلت بدهشة: -حفل؟
نظر لي لحظة ثم قال كمن تذكر شيئا: -اه صحيح لقد كنت في الجناح الصحي لأيام فلا تعرفين، هناك حفل ينظمه معظم اصحاب السلطات هنا في ابيس ويجمع الأثرياء والوزراء والسفراء وكذلك نظائرهم من الدول الأخرى
قلت وانا لم افق من ذهولي بعد: -وهل ستحضر هذا الحفل؟
-بالطبع فلا خيار امامي
قلت بلهفة: -وماذا عني ايمكنني حضوره
-لا فرتبتك ليست عالية الى هذه الدرجة
-ماذا عن سيد شداد؟

-بالطبع لا هو قائد دولة وليس بإمكانه تفريغ وقت لشيء بهذه التف...
توقف فجأه ثم عقد حاجبيه في ضيق ربما لأني سألت عن سيد شداد امامه، اقترب مني ثم امسك ذقني وقال:
-انت تصرين على ذكره امامي مع علمك التام بمشاعري انت قاسية يا كيسارا
ثم تلاعبت على شفتيه ابتسامة شيطانية وهو يحرك يده على وجهي يتحسسه حتى وصل الى شعري فأمسكه وقربه الى وجهه وقال:
-ما رأيك ان اجعلك تحضرين الحفل؟

قلت بوجه احمر كالطماطم وانا اتحاشى النظر إلى عينيه: -لكن كيف؟ لقد. لقد قلت للتو
قاطعني وقال وهو يداعب شعري بين انامله: -يمكنني ان اسمح بحضورك
انا اريد الحضور بالفعل بالتأكيد سفريا ستكون هناك كما ان الأمر يبدو ممتعا لكن لم ينتابني شعور بعدم الراحة، ربما بسبب الوضعية الغريبة التي انا فيها الأن مع شاهين فإحدى يديه على شعري والأخرى على وجهي لكني قلت:
-انا اريد الذهاب
اتسعت ابتسامته وقال: -اذن لدي شرط.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة