قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والخمسون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والخمسون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والخمسون

((تقلص وجه شاهين في الم وهو يضغط على جرح عميق عند مفصل كتفه لم يكن الجرح الوحيد لكنه الأعمق وقد ادرك من حالة الإعياء التي يشعر بها انه خسر الكثير من الدماء وقد اوجب عليه هذا التوقف عن الحركة التوقف عن الهرب والإختباء وهو امر لم يعتاده في حياته من قبل لكنه يعلم انه لو قتل هنا فما هي الا البداية لحرب سيموت فيها الملايين وهو على يقين ان شداد سيكون هو من بدأها فما يهدف اليه شداد مستحيل بدونه، اغمض عينيه وحاول تهدئة نفسه وتجاهل الألم فكان اول ما خطر على باله هو وجه كيسارا فابتسم بمراره وهو يتمتم:.

-لا اصدق.

فلولا انه يختبأ وانه مصاب لضحك سخرية من نفسه، نعم انه لمن ان السخرية ان يفكر بها الأن وهو يعلم انه لا يمتلك حتى قيد انملة من قلبها فهو بالفعل مُمتلك من قبل اخر ان قلبها وفكرها وربما حياتها كلها تتمحور حول شداد ومع الوقت ادرك انه امر لا يمكن تغييره، ولاء لا يمكن زحزته وحب هو اقرب للعشق في نظره، اذن ما المفترض منه ان يفعل بتلك المشاعر التي يحملها؟ كم يود ان يتخلص منها لكنه لا يستطيع وكيف يفعل وهذه اول مرة في حياته يجرب مثل تلك المشاعر ولكم يشعر بالسخافة من الموقف كله قطع تفكيره صوت ضجة قريبة من موضعه فأسرع يقبض على سيفه وهو يأمل ان مطاردوه لا يملكون اسلحة ثقيلة فرغم انه يحمل واحدا الأن الا ان عددا كبير يحمل اسلحة ثقيلة سيجعل المواجهه فكرة عبثية لا داعي منها فالنتيجة واحده اقتربت الخطوات اكثر وسمع من يقول بالرودوسية:.

-لقد حاصرنا المنطقة يا افري وهو هنا بالتأكيد
عند هذه اللحظة ادرك شاهين انه لا فائدة من الإختباء وان عليه التحرك فإما الموت وإما الحياه لن يجعل امساكه حلا هو بالتأكيد سيعمل على ان يُقتل قبلها فهو لا يمكن ان يمسك فستكون النهاية لهذه اللعبة الطويلة فاعتدل من مكان اختياءه ليجد نفسه محاطا بالجنود وامامه يقف افري مبتسما وفي يده بندقيه قائلا وقد اتسعت عيناه للحظة:.

-من كان يدري اننا نطارد وزير الدفاع بل من كان يظن انه سيأتي بقدمه الينا لقد كان دومينو محقا ان شداد لن يقاوم الإغراء.

عقد شاهين حاجبيه في صمت وهو ينظر الى افري فإفري ليس شابا عاديا بل هو عقيد لكن هذا ليس سبب شهرته انما خبثه واستراتيجياته في ادارة كفة المعركة جعلت اسمه معروفا لدى قيادات الجيوش في كل مكان رغم صغر سنه الا انه خصم لا يستهان به لكن شاهين قد عزم امره على عدم الإستسلام فرفع سيفه في وجه افري الذي رفع احد حاجبيه وقال:
-استقابل بندقيتي بسيفك؟، جدير بالإعجاب لم اتصور اقل من الجنرال...

القى ببندقيته ارضا واستل سيفه وهو يتابع: -حسنا وها انا اقبل التحدي
قاطعه احد الجنود: -يمكننا تولي امره الأن يا سيادة العقيد ليس هناك داع...
اوقفه افري بحركة من يده وقال: -لقد تحداني شاهين بنفسه فكيف لي ان ارفض التحدي.

اخذ شاهين نفسا عميقا ثم تحرك بسرعة البرق نحو خصمة وهو حتى لا يمكنه ان يتصور ما قد تؤول اليه هذه المعركة، هكذا تلاقا السيفان لينبأ عن قوة وضراوة القتال وقد توالت الضربات ولم يُسمع سوى صوت المعدن عن التحام السيفين والعيون تراقب في ترقب الى النتيجة فهذه ليست اية مبارزة بين اثنين من اكبر القيادات في العالم. بين رجلين على اعلى مستوى من التدريب والمهارة، لكن الجدير بالذكر هنا ان شاهين مصاب وليس في موضع واحد بل في اكثر من موضع وهو نفسه يدرك انه لن يصمد كثيرا فما العمل؟، وقف شاهين يلهث وهو ينظر بعينين زائغتين الى افري الذي قال في سخرية:.

-هل انهكك التعب يا شاهين ام انها جراحك؟
قبض شاهين على سيفه انه يدري انه لا يستطيع الإستمرار عليه ان يج طريقة يخرج بها من كل هذا، لاحظ شاهين ان الجنود حوله مسلحون بالسيوف ثم وقع بصره على البندقية الملقاة على بضع خطوات منه فرفع بصره الى افري وقال مبتسما:
-اعتقد اننا قد تسلينا بما يكفي لكنه وقت رحيلي.

فأدرك افري على الفور ما ينتوي شاهين فعله فأسرع نحو البندقية لكن شاهين كان اسرع واقرب حيث عليها تعتمد حياته امسكها وصوبها نحوهم بطلقات سريعة فاصاب من اصاب لكن افري تفادى الطلقات في براعة لكن شاهين لم يكن هدفه القتال بل الهروب وقد احدث اختلال الموازين هذا فجوة بين الصفوف فجوة صغيرة لكنها كافية للهروب)).

استطعت التواصل مع هيثم وبنجاح استطعت ايصاله الى مكاننا بأمان فأنا اكثرهم دراية بمواقع الدوريات ورقابة المواصلات وبالطبيعي اعلم اكثر الطرق امانا لكنه كان منهكا جدا لذا فقد اضطررنا الى انتظار تحسن حالته حتى نتحرك من موقعنا الى نقطة اللقاء بسفريا.

رودوس العاصمة: في احدى اصغر الشقق التي رأيتها في حياتي تمركزنا وهو ما لم يكن مريحا على الإطلاق فلقد كانت عبارة عن غرفة وصالة فقط مما جعلها اقرب الى القبر بالنسبة لي. كان سيد شداد و جراد في تلك الغرفة معا يتناقشون في امر ما بينما جلست انا وهيثم في انتظار قدوم كمال لأنه هو من سيجلب سفريا الى هنا وقد وجدتها انا فرصة جيدة للإطمئنان على هيثم فقلت:
-هل انت بخير الأن؟

رفع بصره عن الأوراق التي كانت بيده، نعم لقد كان يقرأ شيئا ما ونعم انا الوحيدة التي لا تمتلك عملا حاليا لذا كان لابد من تضيع الوقت بأي طريقة، قال:
-الى حد ما
-من الجيد انك لم تصب لقد كدت اموت قلقا عندما قابلتني وانت مطارد
ابتسم وقال: -انا بخير من يجب القلق عليه الأن هو شاهين ذلك الأخرق لا ادري ما فعل لكن الكل يطارده الأن.

قلت بقلق: -نعم لقد كانو يبحثون عن السائحين من باراديس وكادوا يعتقلونني فقط اتمنى لو كان هو من يبحثون عنه ان يتمكن من الهرب...
استوقفني صوت طرقات على الباب فأسرعت نحوه وقبل ان افتحه فُتح من الخارج وقبل ان اتساءل كيف اظلمت الدنيا امامي وشعرت بثقل يجثم على جسدي وسقطت ارضا وحين ادركت ما يحدث شهقت لكن هيثم اوقفني واغلق الباب بسرعة لأني انفجرت صارخة:
-شاهين شاهين اجبني!

حركت جسده من فوقي وادرت رأسه نحوي واضعتا يدي على وجهه وانا اهتف: -شاهين رد علي
لكني وجدت عينيه مغلقتين لابد انه فقد الوعي بمجرد ان فتح باب الشقة رفعت يدي عن وجهه لأجد علامات دامية على وجهه فنظرت الى يدي فإذا بها مليئة بالدماء فاتسعت عيني حين نظرت الى ملابسي ويداي لأجد الدماء تغرقها فقلت في هلع:
-يا الهي. يا الهي.

دماء. دماء، الكثير من الدماء اخذت اشهق بعنف وانا انظر الى يدي المرتجفتان والى شاهين الفاقد للوعي على قدمي.
((نظر هيثم الى شاهين وقد ادرك على الفور ان حالته سيئة جدا وانه فقد ولا يزال يفقد الكثير من الدماء لكن اكثر ما يقلقه هو ردة فعل كيسارا، هذا ليس طبيعي بالتأكيد لكن هذا ليس وقته عليه ان يسرع الى شاهين هنا سمع صوت جراد يقول:
-ماذا يحدث هنا؟

فالتفت ليرى جراد وشداد يقفان خلفه بوجوه متسائلة قلقة فانحنى نحو شاهين وهو يشير الى جراد كي يساعدة على حمله ليداو جراحه وهو يقول:
-كما ترى لقد استطاع الوصول الى هنا لكن بجراح تكفي لقتله
فتحرك كلاهما يحملان شاهين لكنهما توقفا في دهشة وتعجب الى كيسارا التي كانت تشهق وهي تنظر الى يدها بعينين متسعتين وعينها اليسرى تلتمع بضوء اخضر يكاد يضيء الغرفة بإكملها فقال هيثم:
-ما الذي يحدث؟

بينما اسرع شداد نحو كيسارا وهو يقول: -ليس مجددا، كيسارا، كيسارا
لكن نداءه كان بلا جدوى ثم وجدوها فجأه تقول: -لا. لا لاااا، لينقذني احد، ليساعدني احد
فهتف هيثم: -انها تتحدث بالرودوسية لكن كيسارا لا تتكلمها، اهي اللعنة؟
رد شداد وهو عاجز عن فعل اي شيء خوفا من تأثيره عليها: -نعم يبدو انها جعلتها على نوع ما من الإتصال بالقلب
ثم سمعوها تبكي والدموع تنهمر من عينيها وجسدها يرتجف بشدة بين يدي شداد:.

-لماذا؟ لماذا؟، لماذا لا يساعدني احد؟..
واتبع قولها بصرخة مكتومة ثم همد جسدها تماما فعقد شداد حاجبيه وهو يقول:
-لقد فقدت الوعي))
لا. لا انا لا اريد هذا، المذبح، ارجوكم، نظرت حولي في رعب الى من يحملني وانا اصرخ:
-لا. ارجوكم، لا، لينقذني احد، ليساعدني احدا
لكنهم تابعوا تقدمهم نحو المذبح حتى وضعوني عليه. لا. لا اريد ان اموت، ماذا فعلت؟، قلت وانا ابكي:
-لماذا؟، لماذ؟، لماذا لا يساعدني احد؟

قبض احدهم على شعرى مرجعا رأسي لخلف بعنف فأصبحت رقبتي واضحة، ارتجف جسدي بعنف في خوف ورعب، ثم رأيت خنجرا يوضع على عنقي ومن يقول:
-الأن نطهرك من اللعنة.

فصرخت بأقصى ما استطعت قبل ان احس بألم المعدن الحاد يخترق عنقي، فتحت عيني وانا اشهق بعنف لأرى العيون ترمقني وان الجميع حولي فأجهشت بالبكاء واضعتا يداي على وجهي وانا اتكور في مكاني وجسدي يرتعد لا ادري كيف اصف شعوري حينها او راحة لأنهم حولي واني حيه ام الم وحزن مما رأيت لكني احسست بمن يضع يده على كتفي وصوت ناعم يقول:
-كيسارا عزيزتي هل تسمعينني؟
كانت هذه سفريا بينما كمال يقول بصوت قلق: -هل انت بخير؟

لكني لم استطع التوقف عن البكاء إلا حين شعرت بيد على رأسي اعلم صاحبها تمام العلم وهو يقول:
-اهدأي
سيد شداد؟، ثم سمعت من يقول: -كيسارا؟
شاهين؟ هل استيقظ؟ هل هو بخير؟، اخذت نفسا عميقا ثم رفعت يدي عن وجهي واعتدلت وسفريا تعاونني مسحت دموعي وانا التفت لهم ثم قلت بصوت مرتجف:
-ش. اهين. أ. أنت بخير؟
فابتسم وقال: -اجل يا كيسارا انا بخير.

كان عاري الصدر لكن كتفه وصدره مضمدين بعنايه ويبدو عليه الإرهاق فتنهدت ونظرت اليهم لأجد العديد من النظرات الحائرة وسيد شداد يسأل:
-ماذا رأيت بالضبط؟
تذكرت فقبضت على كتفي في الم وخوف وانا اول بصوت راجف اقرب الى الهمس:
-لقد رأيتهم يقتادونني الى المذبح...
ثم وضعت يدي على رقبتي وانا اهمس: -ليذبحوني، ليطهروني من لعنة ما، لم يكن جسدي لم تكن حياتي، لكن الألم والحزن كانا حقيقين.

طبعا قُبلت بعدم الفهم فأنا نفسي لا ادري ما رأيت لكن ان كنت على اتصال بالقلب كما يعتقد سيد شداد فهذا بالتأكيد شيء ارادني القلب ان اراه قالت سفريا:
-هل يرغب احد بشرح ما يحدث هنا؟
فتنهد سيد شداد وقال: -اعتقد ان القلب على اتصال بكيسارا لذلك تأيها تلك الرؤى
فقال كمال: -رؤى؟
-نعم فهذه ليست المرة الأولى لكنها المرة الأولى التي تكون فيها بهذه القوة
قال شاهين: -اتعني ان القلب يريها هذه الرؤى؟
رد سيد شداد: -ربما.

كنت انا قد هدأت تماما حينها لاحظت اننا جميعا هنا بل ان جبرائيل موجود في ركن الحجرة وهو ينظر لي بعينين متسعتين مرتعبتين فقلت:
-الى كم من الوقت غبت عن الوعي؟
فقال هيثم: -احدى عشر ساعة لقد كدت تصبيني بسكتة قلبية
فضحكت وقلت: -ارى ان الكل هنا
قال سيد شداد: -اجل لقد اخرتنا حالتك يوم بأكمله لذا سنتحرك اليلة فليستعد الجميع
قلت بتعجب وقد لاحظت اننا في منتصف اليوم وقد فقدت الوعي ليلا: -ماذا عن شاهين؟

-لا نستطيع تركه هنا بهذه الحالة ثم ان ما نحن موشكون على فعله سيحتاج اكبر عدد ممكن لذا لابد ان يأتي
فنظرت الى شاهين فأشار لي مبتسما انه بخير والا اقلق عندها دوى صوت سيد شداد:
-الأن نبدأ مهمتنا الحقيقة لنحصل على ما نحن هنا لأجله لنحصل على القلب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة