قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والثلاثون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والثلاثون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والثلاثون

نظر لي سيد شداد في دهشة بينما حدق في الجميع بذهول ثم قال: -انت تعرفين من انا ولا تعرفين من هؤلاء؟
اومأت برأسي ببطء في تعجب ثم قلت بتردد يغمره بعض الخوف: -هل. هل يجب ان اعرف من هم؟
(( كان البعض بدأ يفيق اخيرا من ذهوله وكان اول من تكلم هو شاهين الذي قال:
-ربما هو فقدان ذاكرة انتقائي؟
لكن هيثم لم يبتلع هذا الاستنتاج ففي طريقة كيسارا شيء غريب انها تنظر لهم في شيء من الخوف فقال وهو يشك في امر ما:.

-كيسارا كم عمرك؟
نظرت له تلك الأخيرة بتردد من الواضح انها لا تريد الرد لكنها نظرت الى شداد الذي اومأ لها بالإجابة فقالت بنفس الطريقة الغريبة وبصوت منخفض:
-تسعة اعوام
لم تستطع حلوقهم ان تمنع الشهقة التي خرجت من اشد الرجال وقال جراد:
-غير معقول ماذا قلت سنك للتو؟
قالها بحدة وهو يقترب منها فكان ردة فعلها ان انكمشت في الفراش وهي تنظر له في خوف فأبعده شاهين قائلا:
-اهدأ يا جراد انت تخيفها.

بينما قال كمال في فضول: -لكن لم هي هكذا؟
وقال شداد: -التاسعة؟! ما الذي يعنيه هذا يا شاهين؟
قال شاهين وهو يقترب من كيسارا في حذر محاولا عدم اخافتها: -انها حالة غريبة من فقدان الذاكرة لكنها ليست مستحيلة لابد من اجراء بعض الفحوصات على المخ وكذلك حالتها النفسية
مع اقترابه تراجعت كيسارا في خوف فقال شداد في غضب: -كفي عن التراجع ودعيه يأخذ فحوصاتك.

ارتجف جسد كيسارا ونظرت الى شداد الذي بدا عليه الغضب وقالت بصوت راجف وعين شبه دامعة:
-ح. حاضر سيد شداد
هنا لاحظ شداد ما فعله للتو كما تذكر شيئا فزفر في ضيق وقال: -التاسعة، لم التاسعة بالذات؟ ولماذا الأن؟
ثم توجه بكلامه الى شاهين: -اذن ما الذي يجب عمله لتعود ذكرياتها؟

قال شاهين: -لا شيء بالتحديد حتى نتائج الفحوصات ولكن في معظم حالات فقدان الذاكرة يكون الحل الأمثل هو التأقلم مع نفس الأشخاص الذين شكلوا حياتها الحالية و...
قاطع كلامه شهقة اخرجتها كيسارا وهي تنظر فيما خلفهم فنظر الكل الى ما تنظر اليه ليجدوا مالك الساعة يقف خلفهم وقد ظهر من العدم كالعادة وقبل ان يتكلم احدهم قالت كيسارا بعينين متسعتين:
-م. مالك الساعة!

ثم اخذت تبكي وترتجف بخوف وهم جميعا ينظرون لها في عدم فهم في حين قال فيليب وهو يلوى احدى شفتيه في انزعاج:
-كما توقعت
وقال هيثم لكيسارا: -اتعرفينه؟
قالت كيسارا: -ا. اجل
فنظروا الى بعضهم وقال كمال في دهشة: -كيف هذا؟ انا اتذكر جيد انه قبل حادثة هيثم لم تعلم شيئا عنه بل لم تسمع به من قبل فكيف؟
فسأل شداد كيسارا: -هل قابلته من قبل؟

لكنها لم ترد فقط نظرت لهم في حيرة وعدم فهم فأعادوا انظارهم الى فيليب الذي لم يحمل ابدا خبرا سارا لهم وقال شداد في حزم:
-اريد الشرح والأن
رد فيليب الذي لم يكن على طبيعته اللعوب بل بدا عليه الضيق: -حسنا ولكن ليس هنا.

قالها وهو يرمق كيسارا التي نظرت له في رعب كأنه الشيطان ذاته فأمامها الأنا صبحت تلك الذكرى واضحة النار والدمار اللهب يأكل الأجساد امامها وذلك الشعر القرمزي اللون قاع افكارها صوت شداد وهو يقول:
-حسنا
ثم اشار لهم بالخروج وحين فعلوا قال: -في مكتبي اذن، جراد اطلب حراسا لهذه الغرفة مع الأمر بعدم السماح لها من الخروج من غرفتها مطلقا.

وحين اصبحوا جميعا داخل مكتب شداد نظر ذلك الأخير الى فيليب وقال: -ابدأ بالتفسير الان
ابتسم فيليب بلزوجة وقال: -لم التسرع عليك ان تكون شاكرا لأني سأخبرك بدون مقابل
اجاب شداد ببرود: -لا تختبر صبري يا فيليب
-حسنا، لا اعتقد ان الأندماج مع من شكلوا حياتها سيفلح
-بمعنى؟
-ما اقوله هو ان كيسارا لا تريد استعادة ذاكرتها
قال جراد بدهشة: -ماذا؟ لكن كيف هذا؟
بينما قال هيثم: -ايعني هذا انها اختارت ان تفقد الذاكرة.

فرد فيليب وهو يمرر اصبعه على شفتيه بمكر: -بالضبط
سأل شداد وقد بدا عليه الضيق والإنزعاج الشديدين: -لكن لماذا التاسعة؟
قال مالك الساعة: -لأنه العمر الذي تمنت العودة اليه وارادته بشدة اي انها تمنت ان تبقى في التاسعة للأبد
تنهد شداد ثم قال بشك: -ومن اين عرفت هذا؟
-لقد تنبأت به الساعة
فقال كمال: -ماذا تعني بتنبأت به الساعة؟

ابتسم مالك الساعة في خبث وقال: -اعني انها استشعرت في كيسارا هذا وتنبأت ب هانا فقط لم ادرك ما عنته بتلك النبوعة في ذلك الوقت
سأله كمال مجددا: -اذن هل لساعة القدرة على التنبوء بما سيحدث
ضحك فيليب ضحكة قصيرة لعوب ثم قال: -بالطبع لا هي فقط تلاحظ كل شيء ثم تتوقع النتائج ونادرا ما تخطء خصوصا لو كان تكرار للماضي...
قاطعهما شداد قائلا: -على اية حال علينا ايجاد حل لم يحدث لذلك سنبدأ بما قاله شاهين.

هنا تكلم شاهين قائلا: -لكن الأمر اصبح اصعب اذا كانت لا تريد العودة الى عمرها الطبيعي والأمر كله يتعلق بالإرادة
-لكن سنحاول بما انها الطريقة الوحيدة المتاحة الأن وبما انكم اكثر من كان لهم تأثير على حياتها ستلازمونها بالتناوب.

قالها شداد ثم وجه انظاره اليهم جميعا وقال بجدية: -ولكي تتمكنوا من هذا هناك ما يجب ان تعرفوه عن كيسارا وبالذات في هذه المرحلة العمرية فكما لاحظتم جميعا انها بدت خائفة منكم بل وكانت ترتجف عندما حاول شاهين فحصها.

اومأ بعضهم فتابع شداد: -انها مختلفة تماما الأن عما تعرفونه ففي هذه الفترة وبعد قضائها خمسة اعوام في ابيس اراد اوراكل استعادتها منا وحاكم ابيس في هذا الوقت لم يهتم كثيرا كما اخبرتكم من قبل وبعد ان قمنا بتأهيلها تماما في معسكراتنا ادت تلك الحادثة الى عودة كيسارا الى ما كانت عليه حين اخذناها لأول مرة خائفة من من حولها غير قادرة على التأقلم مع شعور دائم بأن الكل يريد استخدامها والتحكم بقوها واجراء التجارب عليها لذلك لم تكن تستمع لأحد سواي ولهذا ستجدونها كتومة للغاية خائفة على الدوام وعدوانية لذلك لابد من ملازمتها.

كانت نظراتهم متابينة ما بين الدهشة والتعجب ولكن اغلبهم تسائل عن معرفة شداد بأدق التفاصيل عن كيسارا حتى انهم قد نسوا اجابتهم لم يقوله شداد الذي رفع احد حاجبية فتيقظ الجميع قائلا:
-حاضر سيدي
-والأن انصراف
فخرجو جميعا فيم عدا مالك الساعة الذي نظر الى شداد لتقابله نظرات شداد الثاقبة ظل الإثنين في صمت لفترة قبل ان يقول شداد:
-الا تنوي اخباري ام هل ستجعلني اعرف بنفسي؟

تلاعبت على شفتي مالك الساعة ابتسامة وهو يجيب: -ربما
لقد كان يبتسم لكن عينيه قالت غير هذا لقد كان واضحا لشداد انه ليس مبتهجا لهذه التطورات لكنه قرر عدم السؤال فهو يعرف فيليب جيدا ربما ان دفعه اكثر لإجابته فلن يجيبه ابدا، تنهد وقال:
-المزيد من المشاكل الا ترى هذا معي؟
-هذا سيؤخرك قليلا لابد انك حانق للغاية بعد ان اقتربت.

-نعم لكن اكتر ما يزعجني هو اختيارها لهذا السن بالذات كيف تكون هذه هي الفترة العمرية التي تريد المكوث فيها الى الابد لقد كانت تلك الفترة من اصعب الفترات بالنسبة لتدريباتها فهي لم تستجب لغيري مطلقا
قال فيليب لشداد وكأنما يحدث صديق قديما: -ربما هذا ما ارادته منذ البداية الم تفكر في هذا؟
نظر اليه شداد بتساؤل: -الا تستجيب لأحد غيرك )).

((نظروا لبعضهم لفترة فكان اول من تكلم هو جراد: -ما الذي يعنيه ملازمتها بالضبط؟
قال هيثم مازحا: -يعني رعاية طفلة في التاسعة من عمرها، ماذا الا تعجبك مهمتنا الحالية؟
فرد عليه شاهين قائلا: -لهذا ستبدأ انت بهذا غدا
قال هيثم محتجا بينما كمال وجراد يكتمان ضحكتاهما: -ماذا؟ ولماذا انا؟
-لأنك الأقرب سنا ستفهمه اكثر منا بالطبع ناهيك ان سيد شداد لم يقلل من اعمالنا المكتبيه اي اننا سنكون مشغولون بشدة.

-قد اكونا قربكم سنا لكن ليس عقلا بالتأكيد
قال كمال: -انه امر من الجنرال يا هيثم
نظر لهم هيثم بغضب ثم استدار راحلا فقال شاهين: -انه لمن الرائع ان تكون اعلى رتبة من غيرك
فنظر له كلا من كمال و جراد في حقد ثم استدارا راحلين في غيظ)).

لازلت في فراشي اشعر بملل شديد لقد منعني سيد شداد من الخروج من غرفتي ولا ادري لماذا؟ ومن هؤلاء الرجال الذين رأيتهم حين استيقظت؟ لماذا يعاملني سيد شداد هكذا؟ ما المختلف اليوم عن اي يوم؟ هنا تذكرت شيئا فقلت:
-لقد بدا سيد شداد مختلفا اليوم ام انها مخيلتي؟

علي اية حال هنا سأبقى حتى يُسمح لي بالخروج والذي اتمنى ان يحدث قريبا اغمضت عيني لأرى اللهب، الدماء انهم يحترقون يا كيسارا انهم يستنجدون بي لكن ماذا افعل وكيف اتصرف؟ ودون وعي مني وجدني اصرخ:
-لا لا لا لا لاااااااااااااااااا
قاتل، قااااااتل، ارتعد جسدي في رعب ان دوري قادم انه قادم بالتأكيد فأنا لم انقظهم لم افعل، تعالى صراخي وانا اتذكر ما لا اريد ما الذي يحدث لي؟ ما الذي يحدث لي؟
((-لقد هدأت اخيرا.

-انه مفعول المهدأ يبدوا انه قد بدأ الان
كان هيثم وشاهين يتحدثان فقال هيثم: -يبدوا ان مهمتنا اصعب مما نتصور لقد اخذ الأمر نصف ساعة لكي نهدأها دون ايذائها ها تذكر ما كانت تقول؟
رد شاهين وهو يتحسس جبهتها: -نعم شيء عن اللهب والجساد المحترقة لم افهم بالضبط لقد كانت كلماتها متخبطة للغاية
-هذه بداية مبشرة
-فقط هناك ما يقلقني
تسائل هيثم بإهتمام: -ما هو؟
-الم ترى ردة فعلها حين رأتنا كأنها ترانا للمرة الأولى.

اتسعت عين هيثم عن اخرها وهو يقول: -لا تخبرني انها...
-نعم اعتقد انها تنسى الأشياء ببطء مما يعني انه قد لا يمر الكثير من الوقت حتى لا تتذكر شيئا على الإطلاق. )).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة