قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والأربعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والأربعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والأربعون

جلست على الفراش ونظرت حولي في يأس فسيجدونني هنا لا محالة انا الان في احد الفنادق الرخيصة في المدينة ليس بعيدا عن القلعة لكن هذا ما استطعت الوصول اليه فالطرقات كلها مليئة بدوريات الشرطة وهم غالبا يبحثون عني وان لن يكون امر ايجادي صعبا فهيثم معهم وهو بالتأكيد يعلم اني هنا، ارتجفت للحظة فهذه المرة الأولي في حياتي التي اشعر بها بكل هذا الخوف فدائما كان سيد شداد في صفي لكن الان انا حقا لا ادري، ماذا افعل؟ ما المفترض ان افعله في مثل هذه الأوقات؟ فأنا لست فقط غير قادرة على الهروب لكني اعلم عن ظهر قلب انه حتى لو امكنني فلن افعلها نعم الكل يعلم هذا ربما هذا هو احد اسباب وجودي هنا الان فأنا لا اريد ان اكرر الماضي مجددا، لقد مللت اجل مللت لم اعد اتحمل هذه الحياة لم يجب ان يحدث كل هذا لي؟ لم انا؟ لم اختارني القلب؟ لماذا يقبع التنين داخلي؟، انا لم اطلب هذا انا لا اريد هذه القوى فلم منحت لي؟ ماذا فعلت لأستحق كل هذه المعاناة بسبب قوة لا اريدها من الاساس فقط ليخبرني احدهم...

لماذا؟!
وضعت يدي على رأسي وانا انحني واهتف: -لماذا انا؟
في هذه اللحظة سمعت صوت الهواء يهب شديدا والنافذة تُغلق بقوة فرفعت رأسي وانا اعلم من سأرى يقف امامي ومع علمي التام ما هو هنا لأجله وقد استسلمت بالفعل الا اني لم استطع منع نفسي من التراجع قليلا على الفراش مستندة على يدي وقلت بتلعثم:
-ت. ريد، الروزين اليس كذلك؟

لم يرد فقلت: -اظن اني لا يمكنني الهرب بعد كل شيء؟ فمن انا لأهرب منك؟، لقد تمنيت فقط، نهاية افضل
نعم فأنا اعلم ان الشيء الوحيد الذي سأندم عليه هو ما لم استطع الحصول عليه شيء مستحيل المنال فرغم بساطته الا انه مستحيل فقد اردت قلب هذا الرجل لكن سيد شداد قد خسر ذلك الأخير في ذلك اليوم الذي هربت فيه فكيف لي ان احصل على ما لي موجودا...
رأيت شفتيه تتحركان لترسمان اعزب ابتسامة رأيتها في حياتي وهو يقول:.

-اهذا ما تعتقدين اني هنا لأجله؟
نظرت اليه بتساؤل فتابع: -ان كان هذا ما اريد فإنه كان بإمكاني الحصول عليه متى اريد
قلت بهدوء: -لكن ما الذي سيحدثه هذا من فرق ان كنت قد فعلته من قبل او الان او حتى في المستقبل فأنت تريد القلب في النهاية الا يعني هذا انه سيأتي يوما تقتلني لأجله انت فقط تنتظر. تنتظر ذلك اليوم
اتسعت ابتسامته وقال: -انه ليؤلمني كيف ترينني بعد كل هذه السنوات.

ثم اقترب من ومد يده ببطئ نحو وجهي وهمس: -انا لن افعل كل هذا فقط لأحتفظ بحامل القلب ان كان القلب ما اريد
قلت بحيرة: -ماذا تعني؟
حرك ابهامه تحت عيني ثم انحنى حتى صار في مستواي وقال: -كيسارا انا لن اؤذيك ابدا
عقدت حاجباي في عدم تصديق وقد زادت حيرتي اكثر وقلت بخفوت: -انا. لا افهم
ضحك وقال: -لو كنت اعلم ان هذا ما ستتوصلين اليه لأخبرتك بالحقيقة من البداية.

لم اشعر اني احلم هل سمعته للتو يضحك! فقلت في ذهول: -انك تتصرف بغرابة، ما الذي يحدث؟
-ما يحدث انك اسأت فهم ما يحدث بالكامل، انا بالفعل اريد القلب ولكن ليس الروزين فأنت يا عزيزتي لا تحملين قلبا واحدا بل اثنين
فغرت فاهي في بلاهة غير مصدقة بينما تابع هو: -واحد ملكك والأخر لم يكن يوما كذلك
قلت في بلاهة: -اما تقوله حقيقي؟
اومأ برأسه وقال: -ولم أحتاج الى الكذب
-انا داخلي قلبان. لكن اهذا ممكن؟

ابتسم مجددا واجاب: -فقط لو تعلمين كم انت مميزة انت لست مجرد حامل يا كيسارا انت تمتلكين من القوى ما يفوق تصورك فأنت البشرية الوحيدة القادرة على احتواء كميات لا نهائية من الطاقة دون ان يفنى جسدك لهذا اختارك الروزين ولذلك وضعت بداخلك ما اريده الان. القلب الأخر
كنت لا ازل احاول استيعاب كل هذا فرددت خلفه: -انت وضعت القلب الثاني
-اجل فحينها لم يكن امامي خيار فالقلب الثاني كان قلب الوكاردا.

اتسعت عيناي لا اعتقد اني استطيع الشعور بالدهشة من كل هذه الحقائق:
-اتعني الحديقة؟
-وكيف تظنين كانت الوكاردا قوية مدعمة تماما وحصينة لقد كان القلب يغذيها وهو اول قلب وجدته لذلك اسميت الحديقة على اسمه لكنك فصلت القلب عن الحديقة حينما قطفت تلك الوردة الزرقاء.

استكنت على الفراش بعدما اخيرا اصبحت املك صورة كاملة عن الحقيقة ولم افق من شرودي الا على اصبع سيد شداد يمسح دموعي التي بدأت تتساقط على وجنتي بلا وعي مني اشعر بأن حملا قد انزاح عني اخيرا فلم اتمالك ان اضمه إلى وانا اقول:
-اخيرا. لقد انتظرت كثيرا
فلف ذراعه حول جسدي الضئيل وهمس: -لقد انتظرت انا ايضا
قبل ان اسأله ما الذي يعنيه اتاني صوت اخر من مكان اخر يقول: -اذن فقد كنت هنا يا شداد.

نظرت الى المتكلم بدهشة وانا اقول: -س. سرجي؟ كيف وصلت الى هنا؟
-لنقل انه لم يكن صعبا لكن لندع هذه التفاصيل جانبا والان لا اريد اية حركة فجائية
قالها موجه نوحنا مسدس على ما اظن لأن منظره غريب وانا لست معتادة على رؤية الأسلحة الثقيلة لكن على كل تقدم سيد شداد امامي وهو يقول:
-انت تريدني انا فدعها خارج هذا
ابتسم سرجي بوحشية وهو يقول: -ليس بعد ان علمت ما الذي تعنيه لك.

عقد سيد شداد حاجبيه قائلا: -صدقني انت لا تريد مواجهتي
-سأخاطر اذن فأنا محصل وهذه مهمتي حتى لو كلفتني حياتي
-هكذا اذن
هنا انحنى سيد شداد على وقال بسرعة: -لا تستدعي التنين مطلقا مهما حدث
في نفس اللحظة التي اطلق فيها سرجي طلقة الى سيد شداد فأوقفها سيد شداد بعد ان اصابها بصاعقة كهربية لكن ما اتى بعدها كان كالمطر وقد شعرت بأن سيد شداد يواجه صعوبة في صد الهجمات وهو يحميني كذلك هنا قال سرجي:.

-ما بك يا شداد تستخدم قواك العادية الا تنوي استخدام القلب؟
-واكون احمقا؟ لا تمزح معي
-للأسف
-اظن ان هذا يكفي، كيسارا
نظرت اليه في تساؤل فقال: -كوني مجال حولك الأن وحولك فقط
علي الفور نفذت وفي عمضة العين تحرك سيد شداد بسرعة حتى اصبح خلف سرجي ثم قال:
-وداعا.

بمجرد ان انهاها كون مجالا مغناطيسيا حتى تلامس مع مجالى وبينهما سرجي ليحدث الانفجار، مريع كما هو معتاد تهدمت له الحوائط وصمت له الأذان وقد دفعني بعيدا وحين استطعت السماع من جديد حاولت الوقوف وانا اسعل من التراب الذي انتشر في كل مكان فهو ما تبقى من الحوائط تحركت وانا انظر حولي ولا اسمع احد هل يمكن ان سيد شداد قد تأذى فأنا لا اسمع شيء خطوت خطوتين وانا اهتف:
-سيد شداد؟!

توقفت اذ اصطدمت بشيء فنظرت الى قدمي لأرى جمثان سرجي وعلى جزئه السفلى انقاد فانحنيت نحوه لأتأكد اذا ما كان حيا في نفس الوقت الذي سمعت فيه صوت سيد شداد يقترب وهو يقول:
-انا هنا يا كيسارا
فرفعت رأسي ابحث عنه وحين التقت عينانا اتسعت عينيه وتحرك نحوي بحده وهو يصيح:
-ابتعدي عنه.

لكنها جاءت متأخرة. متأخرة جدا في رأيي فحتى قبل ان افهم ما قال شعرت فجأه بتلك اليد تقبض على ملابسي ثم بألم لا مثيل له يتبعها فنظرت الى سرجي لأجد يده تمتد نحو صدري لكنها لم تتوقف هناك بل اخترقته نعم تجاوزته كأنه لم يكن شيء، الالم يتزايد بشكل لا يوصف وقد شعرت بأن يده تقبض على قلبي ذاته وتعتصره شهقاتي تتعالى والعالم يسود من حولي ما الذي يحدث لي؟، اني اصرخ وكأن حياتي تنتزع مني وكأن هناك من ينتزع قلبي من مكانه لم اعد اشعر بالعالم من حولي، اني اموت بالتأكيد...

((لأول مرة في حياته يشعر بما بشعر به الأن لأول مرة في حياته يشعر انه عاجز ولا يملك زمام الأمور لأول مرة يشعر بالرعب وقف شداد يحدق فيما يحدث امامه غير مدرك ان الصدمة قد شلت تفكيره تماما وحين افاق على صرخاتها التي ملئت المكان صرخات شخص يحتضر بالتأكيد اسرع بكل ما يملك نحوها وهو لا يكاد يصدق ان كيسارا تموت امام عينيه وضع يده بأسرع ما استطاع على يد سرجي الممتده داخل كيسارا ويده الأخرى تلتف حول جسد كيسارا وبكل ما امتلك يوما من قوة وبكل ذرة في كيانه وكل ما احتواه من قوة للقلب الذي هو حامله وجهها نحو يد سرجي وموضع الرباط بينه وبين كيسارا وهو يصيح:.

-لن ادعك تفعلها ما حييت.

شعر بأنه يستنفذ قوته وان يدفعها لمرحلة لم يصل لها في حياته قط ولكنه يعلم انه ان توقف الان فأنه ليست حياة كيسارا فقط التي سيخسرها بل وكل ما بناه في حياته كلها سيتهدم وكأنه لم يكن، سيخسر كل شيء. سينتهي كل شيء في حياته في هذه اللحظات. هنا انطلقت صرخة تصم الأذان صرخة ليست ادمية لكن ما بها من الم ودمار يكفي لتدمي لها الأعين انها صرخة التنين، نعم انها المرة الأولى التي يشعر بها بتلك اليد تعتصر قلبه وبالرعب يملئ كيانه الى ان بلغ منتهاه)).

اخيرا بدأت شهقاتي تهدأ وبدأت اتنفس من جديد بينما الألأم يختفي وقد بدأ وعي يعود مجددا وبصري يعود لعيني وكان اول ما وقعت عليه عيني هو وجه سرجي الذي يبدو عليه الألم الشديد ولا ادري ان كان حيا ام ميتا ثم نظرت الى يده لأجدها في وضع مستحيا قد كسرت بالتأكيد دامية لا معالم لها فشهقت ثم نظرت الى صدرى لأجد يدا اخرى دامية مليئة بالجروح حتى اعلى المعصم فالتفت الى صاحبها لأجد سيد شداد جالسا خلفي ناظرا لي وعليه يبدو التعب الشديد لكن وقبل ان اتمكن من السؤال مد يده السليمة الى وجهي فشعرت بها ترتجف عليه وبعينين زائغتين قال بصوت مبحوح:.

-انت حيه
ثم ابتسم بشحوب وكرر: -انت حيه
عندها استوعبت ما قد حدث وانه انقذني حتى لو لم افهم مما فقلت بخوف:
-لم فعلت هذا؟
فاتسعت ابتسامته المرهقة وبصوت لم اسمع احن منه قال: -الازلت لا تفهمين الى الأن ماذا تعنين لي؟
ثم انحنى على اذني وهمس: -اني املك نفس مشاعرك يا كيسارا.

اقسم ان كل شيء قد توقف بالنسبة لي وقد اصبح العالم يتكون منه فقط لم استطع الرد بل فقط شعرت بأن التنفس قد اصبح صعبا وان قلبي يكاد ينفجر من شدة ضرباته لكنه اكمل:
-لقد كدت افقدك للتو فسرجي محصل والمحصل هو شخص يملك القدرة على انتزاع القلب من الحامل فليس اي شخص يستطيع حتى انا
اما انا فعقلي لم يكن على استعداد لسماع اي شيء مما يقال لكنه تابع:
-وهذا لن يتكرر مجددا طالما انا حي.

ثم انحنى على وجهي حتى تلاقت شفتانا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة