قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والخمسون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والخمسون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والخمسون

خلال دقائق كنت امام المكتب طرقت الباب وعندما سمعت الإذن بالدخول فعلت، وقفت امام مكتب سيد شداد واديت التحية ثم نظرت له في تساؤل عما يريد؟ رفع بصره لي ببطء تفحصت عينيه كل شبر في جسدي حتى اخمص قدمي ثم لتعود عينيه لتصطدم بعيني قبل ان يغلقهمل للحظة وهو يتنهد ثم يعاود النظر لي، كان التعب واضحا في ملامحة حتى انه لم يحاول اخفائه وهو يكور قبضته على الورق الذي يمسكه. هذا غير طبيعي! سيد شداد يتصرف بغرابة. في نفس اللحظة التي فتحت فيها فمي لأتكلم قال:.

-ارى انك بخير
عقدت حاجباي وقلت: -ماذا تعني؟
-الم تلاحظي بعد؟ بالطبع لم تفعلي.
-سيد شداد انا لا افهم ما الذي تتحدث عنه؟
قال بصوت متعب: -انت هنا الأن لأني احتاج جسدك.
جسدي؟ ماذا يعني؟ قلت بدهشة: -انا. لا افهم.
قال بإبتسامة مرهقة وهو يسند رأسه لمقعده ويغمض عينيه في ارهاق: -احتاجك لتأخذي بعض القوى التي احتويها. لا استطيع التحكم بها لأكثر من هذا.

اتسعت عيناي في ادراك حين فهمت ما يريد ثم بتردد قلت: -ل. لماذا الأن؟
حدق بي بعينين مرهقتين: -انها رودوس ذهابنا اليها وبقاؤنا فيها لتلك الفترة فاقدين كل قوانا ثم بمجرد خروجنا منها تعود تلك الأخيرة بكل قوة مما يخل بسيطرة الجسد عليها لكن هذا لا يحدث مع الكل بل مع من يحملون طفرة قوية جدا تفوق قدرات حاملها.
-اتعني.؟
-اجل هذا ما يحدث معي والذي لن يحدث لأي منكم.

ثم اشار لي لألتف حول مكتبه ففعلت ببطء حتى وقفت امامه انتظر فمن انا لأعترض ما يريد؟ ليس وكأني سأعترض اصلا. مد يده لي فوضعت يدي في يده. الوهن يسري في جسدي مسرى الدم، اخذت نفسا عميقا وانا اتماسك فقدمي لا تكاد تحملني. ارتجف جسدي فجأه ولم اعد استطيع الوقوف فانهرت ارضا ويدي لا تزال بيده. هناك شيء مختلف هذه المرة انا اشعر بالضعف والوهن حتى اني لا استطيع رفع يدي فرفعت بصري اليه دون ان احرك رأسي ونظرت اليه في حيرة فحتى التنفس اصبح صعبا رمقني هو الأخر دون ان يحول نظره عن عيني. شعرت كأن الوقت لا يمر واننا لم نتحرك لساعات. ان استمر الوضع لأكثر من ذلك لا اعتقد اني سأستطيع المحافظة على وعيي، اغمضت عيني لكني اعدت فتحها عندما شعرت بتلك الضمة على كفي ومعها توقف الإنتقال لكنه استهلك الكثير من قوتي فلم اعد قادرة على الحركة فقلت بصوت مهتز:.

-لا. است. طيع الحر. اك
بهدوء اجاب وهو يجذبني من يدي: -اعلم
لأجلس على قدمه في حين التفت يده حولي ضاغطا بجسدي على صدره توتر جسدي كله كرد فعل طبيعي ونظرت له في تساؤل دون ان اتكلم فرد على رافعا يده الأخرى حتى استقرت على رأسي ثم بشيء من القوة حرك رأسي لتستقر على كتفه:
-استريحي حتى تستطيعي الحركة من جديد.

اتسعت عيني ثم ابتسمت وارحت رأسي على كتفه وببطء هدأ جسدي حتى استرخيت تماما واغمضت عيني شاعرة بالأمان والراحة. لو فكرت في موقفي الأن فهذا كان احد احلامي منذ سنتين لم اكن لأتصور ان علاقتي مع سيد شداد ستطور الى هذا الحد. في مثل هذه الأوقات اتمنى ان يتوقف الزمن واتمنى لو استطيع ان انسى ما نحن فيه او ما يريده ولأبقى معه هكذا طوال الوقت فهذا. فهذا كل ما اريد. كلما اقترب مما يريد كلما ابتعدت انا عما اريد. كيف لي ان اكون بهذا القرب احس بأنفاسه على شعري واسمع دقات قلبه واشعر بيديه تضمني اليه اكثر. كيف لي ان اكون بهذا القرب من جسده من شخصة وبكل هذا البعد عن روحه واهدافه واسراره. كل ما يمكنني فعله ان اتمسك به اكثر ان اسير على نفس طريقة وان احافظ على حياته. وان اعطيه ما يريد رغم انه يتعارض مع ما اريد، تنهدت بعمق على كتفه فشعرت به يضمني اليه اكثر وكأنه شعر بإضطرابتي مطمئنا لي. لا ادري لماذا لكني شعرت برغبة عارمة في البكاء. اريد البكاء لكني لن افعل. لأنه ان سألأني فلن اجيب اعدتني طرقات هادئة على باب المكتب الى الواقع فحاولت التحرك لأعتدل لكن سيد شداد ضمني اليه اكثر نظرت اليه في صمت فحرك رأسه يمينا ويسارا ان لا اتحرك بينما قال هو بصوت مرتفع: -ادخل.

سمعت الباب يُفتح فلم اجروء على النظر الى القادم وغرزت رأسي في كتف سيد شداد اكثر مغطية وجهي الأحمر عندما سمعت سيد شداد يقول:
-ماذا هناك يا شاهين؟
اتسعت عيناي بعنف ومرة اخرى حاولت الإعتدال لكن قبضة سيد شداد حولي تمنعني، سمعت شاهين يتنحنح في توتر قبل ان يقول:
-لقد وصلني جديد من باراديس و. وهيثم اصبحت حالته مستقرة.
توقف عن الكلام فجأه ثم سمعت صوت حركة عصبية نحو الباب قبل ان يُفتح وشاهين يقول:.

-سأبعث باقي التقارير غدا
قبل ان يُغلق الباب بعنف خلفه، يا الهي. هذه كارثة والأسزء ذلك الحوار الذي قمنا به منذ ساعة، شاهين انا اسفة. رفعت رأسي ونظرت الى وجه سيد شداد وانا اقول:
-لماذا؟
قال ببساطة: -انت لازلت لا تستطيعين الحركة
وكأنه سبب كاف لكني صمت واستسلمت فرغم شعوري بالقسوة تجاه شاهين إلا ان هذا ما اريد ولن اتخلى عنه لأحد ليس حتى لأجل شاهين.

((نظر شداد الى شاهين وقال ببرود: -اريدهم مستعدين لم هو قادم خصوصا واننا لا ندري ماذا نتوقع عند وصولنا
اومأ شاهين برأسه في صمت فتابع شداد: -من خلال ما ارى فجميعهم في صحة جيدة وهذا يشمل هيثم لكن هذا لا يكفي للقادم سيحتاجون الى التدريب كفريق
قال شاهين بجمود: -اتعني لأن بعضهم لا يستطيعون العمل كفريق.

-اجل عليهم ان يتواصلوا جيدا مع بعضهم كما اريد ان تكون قواهم في اعلى مراحلها فهي ما سيعتمدون عليه لحياتهم ووجودونا في رودوس لتلك الفترة التي اقتربت من الشهر عبثت بقوانا ربما لم يتأثروا لدرجة ملموسه لكن اي خلل قد يسبب مشكلة فيما بعد
-حسنا سأبدأ معهم غدا
-لديك اسبوع سأقلل من اعمالك لكي تتمكن من متابعتهم.

فجأه وقف شداد ووثب شاهين ليقف امامه معطيه ظهره حاميا شداد في نفس اللحظة التي غُلفت فيها الغرفة بالظلال في حالة استعداد كاملة للهجوم فقد شعرا بتلك القوة التي تحوم حول الغرفة حين تجسد في الغرفة الأيزن جي سوريتيه ليقف في منتصف الغرفة فتنهد شاهين وارتخى جسده وهو يقول:
-اعطنا انذارا في المرة القادمة لقد كنت على وشك الهجوم دون معرفة القادم.

نظر القلب حوله وقد رأي الظلال المرتسمة على الحوائط ثم قال: -لم اقصد
ثم نظر الى شاهين: -المتحكم في الظلال هذه موهبة خطيرة ايها الشاب طفرة قد تستحوذ على مالكها
قال شاهين بهدوء: -اعلم لكني اسيطر عليها جيدا
عاد شداد الى مقعده وهو يقول: -ان لم يفقد السيطرة عليها سوى مرة واحده وحتى تلك لم تكن بسبب اهماله هو يعرف كيف يتعامل مع قواه جيدا، اما الأن فلماذا انت هنا؟
-ان لدي طلب )).

مرت الأيام التالية بلا احداث تذكر ولكن ما استطيع تأكيده هو تجاهل شاهين لي وهذا لا الومه عليه اما بالنسبة لسيد شداد فلم اقابله منذ تلك الليلة يبدو انه مشغول واخيرا كمال وجراد لا يتكلمان تقريبا وكلاهما في اسوء مزاج قد تجده خصوصا جراد لقد جعل الإقتراب منه مستحيلا اما الأخبار الجيدة هي ان هيثم يتحسن ولله الحمد واصبح بصحة جيدة وقد خرج البارحة من مستشى القلعة، كل هذا لا يفسر موقفنا الحالي الا وهو وجود افراد الفرقة الخاصة في احدى ساحات القلعة بما في ذلك هيثم وبالإضافة الى الجي سوريته الذي منذ ان دخلنا القلعة وهو في هيئة قط، وقف امامنا شاهين ثم قال:.

-بداية من اليوم ستخضعون لدورة تدريبة وحتى نهاية الإسبوع سنركز فيها على...
قاطعه جراد قائلا في ضيق: -ماذا؟ انا لا احتاج شيئا كهذا
اجاب شاهين ببرود: -انت اكثر من يحتاجها فما سنركز عليه هو العمل كفريق واحد وسنركز ايضا على استخدام قواكم فقد مكثتم فترة لا بأس بها في رودوس
قال هيثم وهو يشير الى الأيزن جي سوريتيه: -اذن ما الذي يفعله القلب هنا
-هذا لأن كيسارا لن تخضع لنفس الدورة بالضبط.

نظر لي الكل ثم اعادوا نظراتهم الى شاهين الذي اكمل: -سيتم تقسيمكم الى فرق مبدأيا ثم سأغير القسمة مع الوقت
جراد وهو يجز على اسنانه: -لازلت لا ارى الفائدة من هذا
لكن شاهين تجاهله: -هيثم وكمال سيكونون فريقا، فهيثم يمكنه العمل مع الفريق وسيقوم بمراقبة كمال وتصحيح ما قد يراه سلبيا بينما انا وجراد سنكون فريقا خصما لكلاكما حيث يمكنني متابعة جراد عن كثب.

كدت اسأل عني لكن شاهين لم يترك لي فرصة: -وكيسارا سيتولاها الأيزن جي سوريتيه وهذه اوامر لا اريد سماع اي اعتراضات من اي منكم وسيُعاقب من يعترض
طبعا كنت على وشك السؤال لكن جملته الأخيرة قضت على اي سؤال خصوصا انه لم ينظر لي منذ ان بدأ متجاهلا وجودي تماما. بالطبع انا اعلم السبب لكن طريقته تؤلمني فأنا اعتبر شاهين شخصا مهما في حياتي فقط ليس بالطريقة التي يريد سمعت كمال يقول بصوت خافت:
-احدهم غاضب جدا.

شاهين لم يضيع لحظة وبدأ التدريب على الفور الجميل هنا اني شعرت انه على وشك الفتك بالفريق الأخر هذا ليس تدريبا بالنسبة له انما هو تفريغ لعصبيته وغضبه اخرجني عن شرودي الأيزن جي سوريتيه وقد تحول الى هيئته البشرية:
-الظلال انها لطفرة قوية جدا
نظرت الى القلب وقلت: -اعلم كدت اموت على يديه من قبل
قال وهو يرمقني بوجه خال من التعابير: -نعم لكنها لا تساوي شيئا امام قوة القلب.

واجهته وقلت: -حينها لم اكن استطيع حتى استدعاء التنين...
لم ادري بما انادية فالأيزن جي سوريتيه اسم طويل جدا في رأيي فابتسم للحظة وقال:
-يمكنك منادتي بجيسور
-جيسور؟
رد وهو ينظر بعيدا: -هذا هو اسم اخر حامل لي.
لم ارد ان اتعمق اكثر فقلت: -اوه، حسنا.
ادار رأسه نحوي وقال بنظرة ثاقبة: -التنين، هذا ما اريد
رفعت احد حاجباي في تساؤل فأجاب: -اريد ان ارى التنين
-الأن؟
-الأن.

اخذت نفسا عميقا واغمضت عيني سيكون هذا صعبا انا لم استدع التنين منذ فترة. فيض من الطاقة يسري في عروقي. قوة هائلة تكاد تمزق جسدي كله. احاول السيطرة عليها بقدر الإمكان لسبب ما فإن الإستدعاء مختلف هذه المرة. يحمل الكثير من الطاقة، الكثير من العنف. كأن التنين يهتاج وكأنه يحتج لإحتوائي له لفترة كبيرة لإحتواء جسدي كل هذه القوة دون وجود سيبل لتفريغها اكاد اسمعه يقول اخير اشعر بضحكاته تملئ وجداني وبوجوده الخاص يفرض كيانه على روحي وافكاري تمتزج بأفكاره حتى لنكاد نكون واحدا فلا يدري ايا منا اهي افكاره ومشاعره هو ام الأخر. فتحت عيني ببطء. فلم ارى إلا الدم. اللون الأحمر يغزو كل شيء وانا اشعر ان التنين يقودوني وني افقد السيطرة لكني اقاوم حين احدث صوت الإيزن جي سوريته شرخا في افكاري:.

-مرحبا ايها القلب الأثمن، ايها الروزين، ايها التنين.

انحنى وهو يقولها ولسبب ما فقد هدأ هذا من روعي قليلا ثم اعتدل ورفع يده للتنين عندها غمرتني مشاعر لم اعرفها من قبل واشهد لها مثيلا في قوتها. هي الى الشوق اقرب لكنها اقوى اكث اخلاصا وانتماء مشاعر تغلبت على الغضب الأعمى الذي يصحب دائما استدعائي للتنين. مشاعر انا واثقة انها لا تخصني بل تخص التنين. وبحركة هادئة احنى التنين رأسه حتى لامست يد القلب. عندها ادركت الفرق بين البشر والقلوب. هذه القوة وهذا التدفق لا يمكن ان يتحملها او يحملها بشر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة