قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل التاسع والخمسون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل التاسع والخمسون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل التاسع والخمسون

لا يمكنني ان اصف شعرت به حين تلامس التنين والأيزن جي سوريتيه ولا يمكن لأحد ان يصف تلك المشاعر لأنها ببساطة ليست ادمية ولأول مرة اشعر بشيء غير الغضب من التنين لقد جعلني هذا ادرك ان التنين ليس كما ظننت وانه كيان يملك قوة وغضب بلا حدود، بل قلب نعم قلب له مشاعره الخاصة، افكاره الخاصة ربما لذلك سموا بالقلوب، ذلك اليوم كان تدريبي مع القلب مختلف فقد احسست بالتناغم الشديد مع التنين لم يكن الأمر يحتوي على السيطرة التي يحاول كلا منا الحصول عليها على الأخر بل كانت حركاتنا متوافقة وافكارنا متقاربه وهذا في حد ذاته كان ممتعا لكلانا ولسبب ما جعلني اريد حماية التنين وانه ليس مجرد اداة استخدمها للجهوم. لست ادري اذا كانت تلك فكاري ام افكاره لكن في لحظة ما لم يعد ذاك مهما في الوقت الذي كنت فيه اتقدم في تدريباتي كانت الأوضاع بين افراد الفرقة الخاصة تحتد وتتفاقم.

((-توقفا الأن!

هتف بها شاهين بلهجة امره لكنها لم تؤد غايتها فقد استمر جراد وكمال في مهاجمة بعضهما بقوة وكأن كل منهما يسعى لقتل الأخر فعلا وان هذا ليس مجرد تدريب بينما حاول شاهين وهيثم ايقافهما دون فائدة ورغم ذلك فقد هبت الرياح عاتية باتجاه جراد كأنها شِفرات حديدية اصابت جراد في مواضع مختلفة فمزقت اكثر من ملابسه وسال الدم من وجهه فرفع يده يتحسس موضع الجرح ثم نظر الى الدماء على يديه وابتسم بوحشيه وهو يقول:.

-اذن تريد اللعب؟ سأعطيك ما تريد بكل حبورا
ورفع يده الى السماء لتتحول الى نصل سيف عملاق وبه انقض على كمال يقاتله وكأن حياته تعتمد على ذلك.
نظر شاهين الى هيثم وهو عاجز عن فهم ما يحدث فقال الأخير: -هل جنا؟ علينا ان نوقفهما قبل ان يقتلا بعضهما
بدا على هيثم القلق خصوصا وان كلاهما اصبح يحمل جروحا قد لا تكون خطيرة الأن لكنها لسيت سطحية وعليهما ان يتوقفا، قال شاهين:.

-انهما لا يصغيان للأوامر ولم يتركا لي سوى حل واحد
انتظر شاهين اللحظة التي ابتعدا عن بعضهما فيها ليتحكم بظلهما ويمنعهما عن الحركة عقد كمال حاجبيه وهو ينظر ظله المكبل بينما قال جراد ضاغطا على اسنانه:
-شاهين!
رد شاهين بغضب: -هل جننتما؟ اخبروني ما الذي كنتما تفعلانه لللتو
لكن جراد تجاهله ووجه كلامه الى كمال: -هل تظن اني اعمى؟ ما الذي تظن انك تفعله؟

اتى الرد على هيئة موجة عارمة من الرياح كادت تكسر ذراع جراد الذي زمجر متألما وهو يهتف:
-ايها الحقير
عاجزا عن الحركة او الهجوم كان الغضب يعميه لو لم يكن ظله مقيدا لقتل كمال الأن ولنسي ما يريده بالفعل قال بغضب:
-شاهين اطلق سراحي
رد شاهين: -لا لن افعل
في حين قال هيثم لكمال: -توقف او سؤقفك بنفسي
لكن كمال لم يبعد عينيه عن جراد وكأنه لم يسمع ما قاله هيثم، صاح جراد:
-انا اعلم ما تريد.
همس كمال: -انت لا تعلم شيئا.

زأر جراد: -بل اعلم ولكنك ستفسده ولن تحصل عليه لأنك غبي
-توقف
-ماذا اتكره سماع الحقيقة الى هذه الدرجة؟
قالها جراد في سخريا ثم اكمل: -ربما تظن نفسك اذكى لكننا متشابهان لذلك انا اعرف واعرف ايضا انك لن تحصل على ما تريد
ارتجفت شفتا كمال للحظة قبل ان يقول: -توقف
لسبب ما شعر هيثم ان هذا الحديث لن ينتهي على خير وتوتر شاهين لكن جراد لم يفعل وإنما اكمل:
-اتعلم لماذا؟ لأنك غبي. انت غبي يا كمال.

كأن بركانا بداخله قد انفجر عند سماعه لهذه الجمله فصرخ بكل قوته بكل القهر الذي يشعر به:
-لقد قلت توقف!
ومعه اهتزت الساحة بأكملها من شدة الرياح والأعاصير التي تكونت حولها وتعالت صرخة جراد الذي حاول حماية نفسه بسيفه خصوصا مع عجزه عن الحركة، اتسعت عينا شاهين الذي قال:
-هذا يكفي
وقبض على ظليهما في قوه في حين اتجه هيثم نحو كمال قائلا: -اوافقك في ذلك.

ولمس بيده كف كمال مخلخلا قواه والذي ارتجف جسده كله قبل ان تهدأ الرياح حول الساحة وختفي الأعاصير ثم ابعد يده سريعا وهو يتماسك ليقف متحملا العائد من استخدام تلك القوة فقال شاهين ويعاونه على الوقوف ويتميز غضبا:
-لابد وانك تمزح لقد خرجت للتوك من المستشفى
وقبل ان يصبح الوضع اكثر سوء قاطعهم جميعا شهقة انثاوية ثم صوتا متفاجئا يعرفون صاحبته جيدا يقول:
-ما الذي يحدث هنا؟

اتجهت عيونهم جميعا الى كيسارا الواقفة امامهم وعلى وجهها اعتى علامات الجزع قبل ان تتحرك مسرعة نحو جراد الذي كان اغلب جسده ينزف ورفعت رأسه اليها وهي تقول:
-جراد؟ جراد هل انت بخير؟ ما كل هذه الدماء
ثم دارت عيناها الى كمال لترى عدة جروح على جسده ابرزها جرح في منتصف صدره ينزف وبدا لها عميقا فصاحت:
-كمال!

واخير وقع بصرها على شاهين الذي يعاون هيثم على الوقوف وكان هذا كل ما تطلبه الأمر لتصرخ والدموع تنهمر على وجهها:
-اخبروني ما الذي حدث هنا!

لكن احدهم لم يرد هناك من صمت لجهله بما يحدث وهناك من صمت لعدم المقدرة على الجواب امام تلك الدموع التي تُذرف لأجلهم، نظر كلا من جراد وكمال الى كيسارا ليشعرا بالندم لرؤيتها لهم في هذه الحالة فمهما بلغ خلافهما إلا انها كانت سبب وجودهما هنا وربما بقائهما على قيد الحياة حتى الأن هما مدينان لها بالكثير حتى وإن لم يعترف احدهما بذلك لذلك فقد اثرت ردة فعلها فيهما اكثر من غيرها لكن التأثير الأكبر كان على كمال الذي قال وهو يعتدل محاولا الا يفقد الوعي فهذه اول مرة يستخدم عليه هيثم مثل تلك القوى:.

-لا شيء لقد خرج تدريبنا عن السيطرة اليس كذلك يا جراد؟
صمت جراد للحظة ثم قال لكيسارا: -اجل لا داعي للقلق
لكنها قالت في حدة: -خرج عن السيطرة؟! اتمزح معي انكم جميعا جرحى كأنكم كنتم تحاولون قتل بعضكم البعض
قاطع الحوار شاهين قائلا: -يكفي حديثا، كمال وجراد اريدكما في مكتبي بعد ان تعتنيا بتلك الجروح في العيادة ولا تتأخرا.

ثم ساند شاهين هيثم واستدال متوجها الى مكتبه حتى وصله كان هيثم قد استعاد توازنه وجلس على الكرسي المقابل للمكتب في حين وقف شاهين امامه متسائلا:
-اين الجرح هذه المرة؟
قال هيثم وهو يتحاشى النظر الى شاهين: -لا تقلق انه مجرد خدش بسيط
تنهد شاهين وهو يضع يده على رأسه فكل ما حدث اليوم كان كافيا لإصابته بالصداع وقال:
-فقط ارني اياه يا هيثم.

ادرك هيثم على الفور الحالة التي يمر بها شاهين وان هذا هو اقصى ما قد يتحمله هذا الأخير قبل ان ينفجر فلم يرد ان يتعبه اكثر فكشف عن رقبته ليظهر جرح صغير ليس عميقا او خطرا لكنه بالتأكيد مؤلم تفحصه شاهين قبل ان يقول وهو يعد العدة لتضميد الجرح:
-اريدك بعد ان ننتهي من امرهم ان تذهب الى كلارك ليتفقد الجرح عن كثب.

اومأ هيثم برأسه دون معارضة فلن يضع هما جديدا الى عاتق شاهين صمت فترة ثم بعد هينة تذكر امرا فقال:
-لا تخبر سيد شداد
تلاقت عينا شاهين بعينيه وقال: -لا ليس هذه المرة لقد فعلتها من قبل لكن حالتك تسوء ثم كيف سأفسر ما حدث اليوم، لابد ان يصله التقرير كاملا
-لكن الأمر ليس وكأني استخدمتها لأني اريد...

قاطعه شاهين: -اعلم انك فعلت ذلك لكي لا استخدم قواي فقد تعرض حياتهما للخطر لك بالنسبة لي ذلك كان سيكون حلا افضل لأنك قد تفقد السيطرة على تلك القوة بالتحديد اما انا فلا
-انا استسلم اخبره بما تريد لكن لنعد الى المشكلة الحقيقية هنا
-تعني كمال وجراد؟ لست ادري ما حل بهما فجأه هل جنا؟ ما رأيك فيما حدث؟

قال في تفكير عميق: -الأمر ليس مفاجئا في الواقع لقد لاحظت تصرفاتهما مؤخرا والعدائية بينهما لكني لم افكر في الأمر بجديه وكذلك اذا عدنا لِم حدث منذ قليل هل لاحظت ردة فعل كيسارا لقد كان اول ما قالته وهي تنظر الى جراد وكمال ولم تكد تمنحنا اكثر لمحة بسيطة حديثها لم يكن موجها الينا اجمعين بل لهما بالأخص كأنها على علم ان شيئا بينهما ليس على ما يرام لكنها لا تدري ما هو وقد بدا جليا في اسئلتها وحالة الهلع التي اعترتها انها تجهل السبب انا في الواقع اظن ان هذا متعلق بما حدث في رودوس.

نظر اليه شاهين للحظة ثم ابتسم وضحك ضحكة صغيرة فتعجب هيثم وقال: -ما هو المضحك؟
ابتسم شاهين وهو يقول: -فقد احيانا عندما اسمع هذه الإستنتاجات الذكيه واتذكر قدرتك على عدم النسيان كل هذا يخرج من فم صبي في السادسة عشر من عمره
عقد هيثم ذراعيه على صدره وقال متبرا: -انا لست صبيا ربما حين التحقت بنا كيسارا منذ سنتين لكني لست الأن
اتسعت ابتسامة شاهين: -انه لمن الجيد رؤيتك تعاود العمل بهذا النشاط يا هيثم.

قالها بإخلاص وتنهد حين تذكر لقد مرت الان سنتان منذ ان قابلوا كيسارا للمرة الأولى لتتغير حياتهم بالتدريج وحتى شداد تغير، عاد بأفكاره مجددا الى المشكلة المطروحة امامهم ثم قال لهيثم:
-اتعتقد ان الأمر سيتفاقم؟
-حقيقة لست ادري لندعوا الا يفعل خصوصا واننا على وشك الدخول في مهمة اخرى والوقت لا يسمح بهذه الخلافات. )).

تبعت كمال الى العيادة وانا اساعد جراد على الوقوف في صمت تام حتى وصلنا اليها فأجلست جراد وبدأت اعبث يمينا ويسارا عن ما احتاجه لتضميد جراحهما فالمفروض ان يعتني كل منهما بنفسه لكني لا استطيع تركهما بمفردهما وهما بهذه الحالة. الأسئلة تتصارع في ذهني دون اجابة وبصمت بدأت بتضميد جراد اولا فحالته اسوء ومع الوقت لم اعد اتحمل الصمت او كل هذه الدماء فهتفت بعصبية:
-الن يخبرني احدكما ما الذي حدث؟

فكان الصمت هو من اجابني وقد تحاشى كلاهما النظر إلى مما زاد غضبي وجعلني اهب واقفة وانا اصيح:
-انا اتحدث اليكما اريد جوابا الأن
هنا اجاب جراد بشراسه: -اسئليه هو
نظرت الى كمال الذي ظل صامتا فتحركت نحوه لأجذب انتباه فقال: -لا استطيع ان اخبرك وكذلك هو
هتفت بغيظ: -لماذا؟
رد بهدوء: -لأنك لن تفهمي
كان هذا دوري في الصمت من الدهشة هل قال ما ظننت انه قاله؟ مما دفعني للقول بعنف:.

-اترك هذا لي انا لأحكم ان كنت سأفهم ام لا
قاطعني جراد قائلا خشونة: -هذا يكفي يا كيسارا، يكفي تدخلا منك
الامتني كلماته، احسست بأن يدا تقبض على صدري لكن هذا لم يوقفني (كالعادة):.

-حسنا لا تخبراني لا اريد معرفة السبب لكني لا اريد رؤية اي منكما مصاب بسبب الأخر نحن فريق واحد واغلبنا لا ينتمي الى اي مكان لا نملك سوى بعضنا كيف سيحمي كلا منكما لاأخر اذا كنتما لا تستطيعان حماية بعضكما، ستصبحان عبئا على غيركما وإن كنتما لا تهتمان لهذا فأنا اهتم. انا اهتم لكلاكما وما رأيته للتو يقتلني من الدخل ويفزعني ربما يبدو كلامي ساذجا لكما لكن انا لا اعتبر ايا منكم جميعا مجرد زملاء بل انتم عائلتي التي لم احظى بها يوما اتفهمان؟

حدقا فيا ببلاهة قبل ان ينفجر كمال ضاحكا واهتز جسد جراد بالضحك الصامت فنظرت لهما باستغراب وحين هدأ اخير كمال:
-هل سمعت ما قالته للتو؟
ثم قهقه قليلا و جراد يقول: -اجل للأسف
قلت بحيرة ممتزجة بالعصبيه: -ما المضحك ها؟ عما تضحكان؟ انا اتكلم بجدية
اخيرا قال كمال: -احم، اسف يا كيسارا لكني لم استطع منع نفسي ان الموقف كله مضحك
في حين قال جراد بسخرية: -خصوصا تلك الخطبة الجديرة ب...

لم يتابع حين لاحظ نظراتي المغتاظة وقلت: -لقد عنيت كل حرف مما قلت
اجاب كمال محاولا تهدأتي: -نحن نعرف لم نشكك في هذا للحظة ونحن اسفان للضحكنا
-لا انا لست اسفا حقا
نظرت بغل الى جراد الذي قابلني بإستخفاف ثم قال بخفوت: -لكنني ممتن لم قلت
بينما قال كمال: -سنكون اكثر حذرا في حل مشاكلنا بطريقة سلمية
ثم همس: -شكرا
قلت وانا انظر اليهما في عدم فهم: -حسنا انا لا افهم ما الذي يحدث لكني سعيدة بالنتيجة على اية حال.

ثم تابعت تضميد جراحهما في صمت والإبتسامة لا تفارق مُحياي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة