قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل التاسع والأربعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل التاسع والأربعون

رواية أسطورة أبيس للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل التاسع والأربعون

قال لي كمال وهو يتلفت حوله في حذر: -خذي لو شك احد في امرك فدمري الأوراق بحيث لا يبقى منها شيء
قلت بنفس الحذر والكثير من القلق: -اعلم.

واخذت المظروف الذي دفعه لي شعرت بثقله في يدي وبثقل اكبر في صدري يجب ان اعود بهذه الكارثة دون اثارة الشكوك فهذه وظيفتي فأنا حلقة الوصل بين المجموعة انا الرسول بين المجموعات التي قسمها سيد شداد وبالتالي فأنا من يتسلم التقارير ويعلم مستجدات الأمور و اوصلها لسيد شداد وافتضاح امري يعني افتضاح الجميع وفشل المهمة وربما امساكي واعدامي بتهمة التجسس كذلك فقط ادعوا الله ان اصل الى سيد شداد حية: -اهذا كل شيء؟

-اجل
قالها باقتضاب فقلت: -ماذا عن جراد؟ كيف حاله؟
تقلص وجهه كمن تذكر امرا مؤلم: -عصبي جدا اكثر من الازم.

اومأت برأسي مخفية ابتسامتي ثم قررت ان هذا يكفي وان على العودة والتي هي عملية شاقة لكني استطعت ان امر منها بسلا دون ان يلحظني احد خصوصا اني اسافر من العاصمة الى حيث موقعي انا وسيد شداد تنفست الصعداء بمجرد دخولي الى المنزل المعزول قليلا واتجهت نحو المكتب لأسلم تقريري عن اليوم فطرقت الباب ثم دخلت كان عاكفا على عدد من الملفات فرفع رأسه لي وقال: -ضعيه هنا.

مشيرا الى طرف المكتب ففعلت ثم نظرت له وهو يتفحص الملفات ويدون بعض الملاحظات في ورقة جانبيه ثم برأسه يرتفع مرة اخرى لتقابل عيناي عيناه القرمزيتين الثاقبتين تلك الملامح الباردة الصارمة وتلك الخصلات الفضية التي انسدلت في نعومة على كتفه كم احب هذه الملامح وكم اعشق هذا الرجل رغم انه امامي واننا وحدنا الا اني اشعر انه بعيد، بعيد عني وكأنه لا يحق لي امتلاك الشيء الوحيد الذي اريد، انا اريد قلب هذا الرجل بأي ثمن، ربما لهذا انا هنا بالذات ربما لهذا انا انفذ اوامره واسير خلفه الى حيث يريد حتى وان لم اكن اريد هذا الطريق وحتى ان كنت ادرك انه كلما اقتربنا مما يريد كلما ابتعد هو حتى لأني اشعر ان اليوم الذي يخرجني فيه تماما من حياته لأت قريب، افقت من شرودي على صوت بارد يقول: -هل ستظلين تحدقين بي الى الأبد؟ وماذا عن تقريرك؟

شعرت بالدم يتصاعد الى وجهي حتى لأني اجزم ان الأحمرار قد وصل الى اذناي فقلت بخفوت وانا اطرق الى الأرض: -اسفة
لانت ملامحه وكاد يقول شيئا لكنه لم يلبث ان عدل عن ذلك وعاد الحزم الى وجهه وهو يقول: -التقرير
فأسرعت اخبره بالتفصيل ما جمعته اليوم من كمال كما الطرق الأمنه التي يمكن ان نتخذها حين ينتهون من مهمتهم في رودوس ثم سألني: -هل من جديد لدى هيثم وشاهين؟
-لا لم يتحركا بعد وان كانا يعتزمان على هذا قريبا.

ثم اكملت وقد بدأت اشعر بألم في عيني اليسرى والتي لا ارى بها لكنها تؤلمني ومع الوقت تزايد الألم لكني حاولت تجاهله فهذا ليس الوقت لهذا لكن هذا لم يمنع الألم من ان يشتد حين اوقفني سيد شداد فجأه عن الكلام وقال: -كيسارا
-اجل؟
-هل انت على ما يرام؟
قلت بصعوبة: -اجل
نظر لي لحظة بوجه خالي من التعابير قبل ان يعقد حاجبيه ويظهر الغضب جليا على وجهه ويقول بحنق: -حقا؟ اذن لماذا تتوهج عينك اذن؟

اتسعت عيني ثم اسرعت بوضع يدي على عيني في محاولة يائسة لإخفائها لكنه كان اسرع اذ امسك يدي بقوة وجذبني بقوة لأبعثر ما على المكتب في كل اتجاه قبل ان اسقط في حجره فتصلبت كل عضلة في جسدي في دهشة وقبل ان افكر في ان اتحرك رفع سيد شداد وجهي الى بعنف وتفحص وجهي قبل ان يقول: -الم امرك بإخباري اذا شعرت بأي شيء غريب؟ لم تكذبين؟

خفضت نظري وصمت لا اريد ان ارد لا اريد ان اخبره لا اريد ان يجعلني اخبره فشدد قبضته على ذقني وقال: -انظري إلى واجيبني
قلت بصوت لا يكاد يسمع: -انت قلت الأ اكون عبئا.

((لا يدري ما حدث له حين سمع ما قالت لا يدري كيف فقد السيطرة على نفسه او حتى كيف وجد شفتيه على شفتيها وقد نسي كل ما حوله او ما يفعله كأن المنطق لم يعد مهما فجأة هي وحدها قادرة على جعله يشعر بهذا الشعور هي وحدها قادرة على جعله يتوقف عن التفكير لكنه لا يمكنه ان يعيش هكذا لابد ان يحصل على ما يريد لابد ان يصلح ما اتلف، ببطء ابتعد عنها ليحدق في وجهها المتورد وانفاسها المتلاحقه وعينها المتسائلتين كأن هناك ما تريد ان تتيقن منه لكنها تخاف ان تسأل تخاف ان تعرف الحقيقة تخللت يده خصلت شعرها ثم همس: -لا تكذبي على ابدا.

-س. سيد شداد؟!
شعر بيدها تقبض على قميصه بتلقائية طلبا للأمان فتذكرها طفلة صغيرة بين يديه. فجأه شعر بالضعف لا يدري ما اصابه لكنه وجد نفسه يقول: -نادني باسمي
نظرت اليه بدهشة فكرر: -نادني باسمي
هنا انفرجت جفتيها لتقول بتردد وقد اخفضت ناظريها: -ش. شداد؟
تنهد في شيء من خيبة الأمل لكنه وجد نفسه يبتسم ويقول: -مجددا
فقالت بثقة اكثر هذه المرة: -شداد.

فقط لو تعرفين قالها لنفسه ثم عاد الى كيسارا المرتبكة على قدمية لتتسع ابتسامته فقط لو تعرفين، ))
كنت على وشك ان انفجر في لحظة من الإرتباك والسعادة معا لا ادري ما الذي يحدث بالضبط او ما معنى ما حدث لكن المهم انه حدث!، تنهد وقال: -بماذا تشعرين؟
عرفت على الفور انه قد عاد الى الموضوع الى الأصلي فقلت: -بعض الألم لكنه محتمل.

-كيسارا اسمعيني جيدا نحن لا نعرف بعد ابعاد هذه اللعنة كاملة عليك كحاملة وفيليب لا يتبرع بالمعلومات لذا سأكرر ان شعرت بأي شيء او استجد امر على عينك اليسرى فأخبريني اتفهمين؟
((قالها وهو ينظر اليها في ثبات وهي لا تزال في حجره لكنها لم تجبه بل تغير تعبير وجهها بالكامل وقد غطه لمحة عامة من الذنب فعقد حاجبيه وقال: -ام ان هناك ما حدث بالفعل وانت لم تخبريني به؟

اومأت برأسها ببطء وهي لا تجرأ على النظر الى عينيه اما هو فقد بدأ الغضب ينمو بداخله من جديد ان هذه مشكلة هو لا يريدها ان تخفي عنه شيئا قد لا يكون الأمر مهما الأن لكنه ان تركها تمر هكذا فقد تفعلها فيما هو اكثر اهميا واجل خطبا وكيسارا لن تميز ابدا مقدار اهميتها او اهمية ما تخفية بل ستفعل ما يمليه عليها قلبها هكذا كانت وقد ادرك انها هكذا ستظل بل لقد كان هذا احد الأمور التي جعلت السيطرة عليها سهلة فهي طوع امره يعلم انها ستفعل المستحيل لأجله وان طلب منها ما قد تموت في سبيل تحقيقه ورغم ذلك فهو عيب فادح في نظام عملهم فهي لا تنصاع لأوامر غيره بسهولة كما انه لو ارتكب خطأ يهز هذا القلب قد يتحول الأنتماء ويتغير الولاء، هو لا يدري متى ادرك انها كذلك لكنه يعلم انه استغل طبيعتها وان لم يكن قد خطط لحظ لهذا ولا لأن يقع هو ايضا قاطع افكاره صوتها يقول بخفوت: -لقد كان هذا قبل سفرنا من ابيس عند زيارتي الأولى لسفريا.

كل هذا الوقت ولم تخبره؟، عليه ان يهدأ لابد ان يهدأ ليعرف منها ما يريد فقال: -اكملي. ))
قصصت عليه ما رأيت وشعرت به وسفريا تحكي لي عن مغامرتها مرة اخرى ادركت على الفور انه غاضب وان كان نوع هادئ من الغضب لكنه يخيفنيعلى اية حال خصوصا وانا بهذا القرب منه وحين انتهيت صمت فترة ثم قال وهو يعتصر معصمي: -هذا لن يتكرر مجددا كما ان الأمر لن يمر هكذا عقابك سيُحدد عند عودتنا الى ابيس.

ثم حثني ان اعتدل ففعلت وانا اشعر بالحرج لكن قبضته الحديدية انستني اي شيء اكاد لا اشعر بيدي فتأوهت وقلت: -س. يد شداد؟!
فتركها وقال شيئا في مضمونه انه يمكنني الإنصراف.
((نظر شاهين الى هيثم الغارق وسط الخرائط ووضع كوب يحوي قهوة بجاوره وهو يقول: -انت لم تأكل شيئا تقريبا منذ وصلنا الى هنا انا لا اريد ان اعود بجثة هامدة هذا ان عدنا طبعا.

غمغم هيثم بكلام غير مفهوم وهو يحدق فيما امامه على الأرجح لم يسمع حرفا مما قاله شاهين مما استفز هذا الأخير وجعله يضع الكوب بعنف امامه على الخريطة فنظر له هيثم ثم مد يده الى الكوب مضطرا فقال شاهين: -هذا احسن، والأن اخبرني هل توصلت الى شيء؟
-تقريبا لكن الأمر يحتاج دراسة اكثر اريد ان اتأكد من خروجنا سالمين لابد ان يكون الطريق مؤمنا خصوصا وأنّا لا نستطيع استخدام قوانا.

-انت مرهق ولن تتوصل لشيء بهذه الحالة عليك ان ستريح وسأكمل انا
فرك هيثم عينيه وقال: -ربما تكون محقا
-بل انا محق
ثم استلم شاهين منه الملفات والخرائط ليكمل ما بدأه هيثم فهم على وشك الإنتهاء من مرحلة التخطيط والإنتقال الى العمل الفعلي فقد استطاع هيثم الوصول الى الطريقة التي سيتسللون بها الى المبني، ولم يتبق الا بضع ساعات حتى تحين ساعة الصفر واما ان ينجحوا او لا يغادرون ذلك المبنى إلا جثة هامدة)).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة