رواية أرواح مشوهة للكاتبة شيماء أبو زيد الفصل السابع والثلاثون
Flash back:
حينما كان والدها مريضا طريح الفراش ذات مرة وهي طفلة صغيرة اقتربت منه بتردد واسندت رأسها على صدره ببراءة تتلو عليه بعض الايات علها تخفف المه رغم ان مرضه لم يكن خطيرا قبض على خصلات شعرها يبعدها عنه صارخا بغضب:
اطلعي بره وابعدي عني يا زفته انتي.
التمعت مقلتاها الصغيرتين بالدموع تقول وهي تقوم من على الارض:
ربنا يسامحك يا بابا انا بس كنت عايزة اقرب منك جايز اتعدي فانت تخف شوية.
خرجت بانكسار لكنه لم يوليها اي اهتمام.
Back.
ترقرقت الدموع من بين اهدابها على مافات ولم تتحرك من مكانها بعدها تحركت ببطئ تمسك يده تقبلها واعادت فعلتها مع اختلاف الوقت وحال القلب ربت هو على خصلات شعرها يتساءل بثقل:
سامحتيني يا بنتي.
مازعلتش منك عشان اسامحك مهما كان انت ابويا.
رفعت رأسها من عليه تقول بحزن وهي مبتسمة:
بنتك بجد معتبرني بنتك يا بابا.
اغمص عينيه بندم وهو يهز راسه بتأكيد:
اكييد انتي بنتي اسف على كل حاجة بجد.
ابتسم بمرارة حينما لثمت جبينه ورأت عينيه يمتدان الى خارج الغرفة فقالت بحزن:
مش هييجي مش هيقدر يا بابا كيان في المصحة مش عايز يقابل حد فيينا يا بابا شهرين بتراجاهم يخلوني اشوفو وهو رافض عايش بالمهدئات.
لا تعلم كم مر عليها من الوقت وهو يتأملها ويقول:.
انتي جميلة اوي يا وتين مكنتش اعرف انه بنتي حلوة كده كأنه يحاول جبر خاطرها ومحو تلك الكلمات الجارحة التي قالها لها اثناء خطبتها لبراء وكل مرة تدمع عيناه على ماكان يفعله بها ولكن ماذا يفيد الندم في النهاية
خليه يسامحني يا بنتي ارجوكي وفي صندوق في مكتبي وصليه لكيان ماشي.
مسحت على راسه وهي تتلو ايات القران الكريم هدات انفاسه وثقل لسانه ربط عن الشهادة حاول وحاول لكن بلا فائدة ذرف اخر دمعة وفاضت روحه الى بارئها بعد عناء.
صاحت بانهيار وقد شعرت بالوحدة احتضن جسده المسجى امامها تقول بتيه:
اسيد هو بارد كده ليه خليه يقوم والنبي.
دنا منها اسيد بيعدها عنه يحاول احتواء انهيارها.
تم العزاء وهي تشعر بالخواء احتضنها اسيد بحنو يربت على ظهرها طالبا منها ان تدعي له ترقرقت الدموع مرة اخرى من عينيها تقول بانهيار:
ليه يسبني بعد ماحسيت بحبه ليا لاول مرة اتحرمت منه بعد ماحسيت بحنيته مات من حسرته على كيان انا تعبانة يا اسيد كل حاجة جت ورا بعض حنى كيان ميعرفش انه بابا مات.
ظل يربت على كتفيها وقال بهدوء:.
نامي وارتاحي يا وتين بقالك كتير منمتيش يلا يا حبيبتي واخوكي انا هزوره وهقوله يلا يا حبيبتي ماتقلقنيش عليكي.
اتفضل يا اسيد ده نمرة الدكتور لي متابع حالة كيان خليه هو يقوله احسن انا خدتها من موبايله مش هيقبل يشوفك لحظة افتكرت ممكن توديني البيت بابا كان قالي على امانة مخبيها لكيان ارجوك جايز يقبل ياخدها عالاقل وعايزة نبات هناك الليلة ممكن.
اغمضت عينيها بارهاق تدعو لوالدها بالرحمة والحسرة تخنقها لما على كل شئ ان يكون معقد لهذه الدرجة ايقضها صوته العميق يضيف:
ماشي جهزي نفسك هاخدك دلوقتي ولو تحبي تقعدي هناك النهادرة جايز ترتاحي كده بس الاول هنروح بيت اهلي في ورق لقضية مهمة نسيته هناك.
تجهزت وانطلقوا في طريقهم وهي تائهة لاتدري ماذا تفعل.
داخل المشفى كانت متسطحة على سريرها بارهاق بعد خصوعها لجرعة كيماوي اخرى جامدة ووجهها شاحب شحوب الموتى تنظر للسقف بارهاق وعينيها ترمش لازاحة الدمع من على الاهداب راقبها بحزن
يرى مكابرتها وادعائها للقوة كي لا يرى تألمها
سار نحوها بهدوء يردف بهدوء:
روحيله يا شجون وكفاية عليكي كده كل يوم بتعيطي وتنادي باسمه حتى بعد مافهمك دكتوره انه ماسبكيش لكن غصب عنه.
ابتسمت بسخرية تجيبه:
وانت بدافعه عنه ليه يامازن.
مش بدافع عنه بس راحتك معاه ماتكدبيش عليا يا شجون كل اما يجي رائف بشوف لهفتك عشان تطمني عليه فأنا بقولك روحيله.
التخلي علاج وان كان اوله مر فسيمر
سار بثبات داخل الرواق حتى وصل الى غرفته ابتسم بهدوء
وهو يراه جالسا ينظر الى النافذة تحسن كثيرا خلال هذا الشهر
اصبح هادئا اكثر لا يتأثر او يغضب بسرعة دنا منه يقول بمرح:
لاء النهاردة وشك منور يا كيان للدرجادي مبسوط انك هتسيبنا مكنتش اعرف انه المكان هنا وحش اوي كده.
بادله كيان ابتسامته وهو يقول بهدوء:
فووق ماتتصور يا رائف.
ههه لاه كده فوشي طب جاملني عالاقل يا اخي انت هتطلع بكره بس هتكمل الجلسات معايا زي ماكنت زمان لفترة قليلة.
اومئ كيان باذعان وهو يقول بشجن:
هي عاملة ايه دلوقتي يا رائف.
نظر اليه بعتاب يجيبه:
ليه مش راضي تشوف حد يا كيان من غير اباء ليه لسه بتهرب من اي حاجة ليها علاقة بماضيك كفاية لحد كده هي بتموت من غيرك انت طلبت مني اطمنلك عليها بس هي من غيرك ولا حاجة.
تنهد بثقل يحاول ترتيب افكاره قبل ان يجيب بحزن يتذكر حالته في الشهرين الفارطين:.
بعد ماجيت هنا المصحة كنت كاره اقابل اي حد يفكرني بلي حصل بس اباء محتاجني زي ما انا محتاحه حتى هي مقدرتش اشوفها كنت نايم وبس بس بعد جلسات العلاج معاك بدأت اتقبل الوضع حتى بدأت اتعامل انه مرضي ده كان بسبب كدبة واول ما الكدبة دي اختفت هو اختفى معاها يعني عملت زيي ماانت قلتلي اتصالحت مع حالتي ومرضي وماضيي وده لي جاب نتيجة معايا انما شجون اتخليت عنها فاكتر وقت احتاجتني فيه انت مش عارف انا بتحرق من جوايا قد ايه وهي بعيدة عني بس ده لي كان لازم يحصل ومن بكره هروحلها كنت بستنى اخف الاول.
ربت رائف على فخده يقول بتشجيع:
طب اسألها دلوقتي بنفسك ثم همس له في اذنه:
جايز لقت حد تاني تتسند عليه يا كيان كلمها واشرحلها انت كنت فين هتفهمك ماتعقدهاش وهتتحل اكيد.
تعمد دس جملته تلك ولم يخب ضنه حينما راى اشتعال عينيه
يقول بتحفز:
هو الدكتور الزفت ده مش راضي يسيبها او يبعد عنها ليه وايه لي تقصده بأني اسألها دلوقتي
نهض رائف مبتعدا وهو يقول بتسلية:
جايز بيحبها مين عارف هتفهم يلا سلام.
ما ان خرج رائف حتى دلفت هي ورائه تمسح عبراتها بارهاق بعد انصياعها لما قاله مازن
نظرت اليه بحنين بينما هو رمقها باحتواء وقد اتسعت ابتسامته لايصدق انها امامه بدات ضربات ذلك القابع بين حنايا اضلعه تزداد تفرس في ملامحها المرهقة بحزن
ما زال صوتك في ثنايا مسمعي
والشوق في صدري يفتت أضلعي
والله إنّ الشّوق فاق تحمّلي
يا شوقا رفقاً بالفؤاد ألا تعي
يا امنيتي إن مرّ إسمك عابراً
يزداد من فرط الحنين توجّعي.
حاولت أن أخفي هواك وكلّما
أخفيته في القلب فاضت أدمعي
بالبين قد قضيت الليالي بيننا
لكنّ روحك لم تغب فهي دوماً معي.
دنت منه بحذر تقاوم الالام التي اجتاحت جسدها فقد خضعت لجرعة كيماوي اخرى هذا الصباح جلست بجانبه بهدوء
احاط وجهها بكفيه يتأمل هالة النور التي احاطتها بفضل ذلك الحجاب الذي احتضن وجهها بحب وزاد من جمالها جمالا.
كاد يتكلم لكنها وضع ابهامها فوق شفتيه ناظرة اليه برجاء لم يفهم ماالذي ترجوه فيه وكل ماكان منه انه سحبها نحوه يسحقها بعناق كاد يحطم اضلعها من فرط قوته ولم يبعده عنها سوى تأوهاتها فجسدها لازال يألمها بسبب العلاج ابتعد بقلق
يهتف:
اسف انتي كويسة.
اكتفت بابتسامة هادئة وسحبته من كفه جالسين على ذلك السرير تهمس بضعف:
مش عايزة نتكلم في اي حاجة دلوقتي اول ماتطلع بكرة خلينا نرجع بيتنا الاول وكل حاجة ليها وقتها.
اسكتته للثاني مرة
ارجوووك
واسندت رأسها على كتفه بارهاق باد على ملامح وجهها تريد ان تنام وبالفعل غفت حينها لثم رأسها يتمتم باعتذار مضني:
اسف على كل حاجة يا حبيبتي هعوضك صدقيني.
بينما كان رائف يسير اوقفه رنين هاتفه وقد كان اسيد واخبره بموت والد كيان نظر الى غرفة كيان بأسى يهمس:
ردة فعلك هتثبتلي اذا كنت خفيت او لاء او اذا كان لازم تطلع من هنا بكره او لاء.
كم مرة اقولهالك هي بتكابر بس بجد مش بخييير انت مابتفهمش ولا ايه.
لم تجد منه اي رد تابع عمله بهدووء فقد استطاع خلال هذه الفترة تطويير ورشته بشكل كبيير وقفت امامه بغضب تصيح بحده:.
ايه البرود لي انت فيه يا اخي من اول اسبوع جت نبض تقعد عندي فيه وجيت قولتلك انها عندي قولتلك هي مش كويسة وتعبانة لكن انت مادتنيش اي رد فعل غير البرود انتوا الاتنين اعند من بعض وهتجننوني معاكو مش فاهمة عايزين ايه كل واحد بيستنى التاني ييجيله.
نظر اليها اباء ببرود كحاله هذه الايام يهز كتفيه بلا مبالاة يجيب:.
اعمل ايه لو كانت عايزاني كانت رجعت وبابي مفتوح ليها فأي وقت انا سايبها على راحتها تفكر وهشوف اعمل ايه وانتي دايما بطمنيني عليها كثر خيرك بس لو مش عايزاها تقعد عندك فأنا مقدر ده وهتصرف انا بس عايزها تعرف بقيمتي.
نظرت اليه بغضب تقول:
انت عارف انه مش ده قصدي بس هي بتأذي نفسها من غير ماتحس لدرجة انه الحمل ده بقا خطر عليها ده لي انا شيفاه.
بقت جسم من غير روح طب قولي عالاقل مين لي كان السبب جايز لما تعرف هترجعلك هيفرق صدقني
تنهد بثقل يجيبها على سؤالها بجمود:
انتي قوليلها وتين هي السبب وهي هتعرف وبعد كده انا هاجي اخدها من عندك محتاج بس شوية وقت كان
ينظر في اثرها يتذكر يوم اتت تخبره بأن نبض عندها شعر بالفرح والالم في ان فرح من كونها بخير والم من كونها لا تريده فترك لها كامل الحرية في اختيار ما تريد فقد عجز عن فهمها.
هنشوف رسيتي على ايه يا نبض.
عادت رنيم الى المنزل بعد ان اخذت اجازة من عملها ودلفت الى الداخل وتحديدا الى غرفة نبض سمعت تأوهاتها فسارعت اليها بقلق:
مالك يا نبض في حاجة وجعاكي قوليلي.
ابتسمت الاخرى بألم:
ماتقلقيش انا كويسة انتي رجعتي بسرعة ليه.
فتابعت الاخرى بارتباااك:
خدت اجازة حاسة اني تعبانة شوية عايزة اقولك حاجة انا قابلت والدتك وهما قدرو يعرفه مين لي عملكوا العمل.
رمقتها نبض برجااء تهتف:.
قوليلي مين يا رنييم انا اعرفه انطقي.
وتيين هي قالتي انه اسمها وتين.
حملقت نبض بها بصدمة وسرعان ماصاحت بعدم تصديق:
مستحيييل وتين تعمل فيا كده ده كذب.!