قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الرابع عشر

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الرابع عشر

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الرابع عشر

عادت لمار إلى عملها بعد أن قطعت وعدا لوالدتها بعدم الوقوع في مثل هذا الخطأ مجددا، والحذر كل الحذر من مواضع الشبهة. حتى لا يلذغ مؤمن من جحر مرتين. فهي جوهرتها الغالية، التي أفنت عمرها في الحفاظ عليها.
لم تتخيل هي أن توافق والدتها على عودتها لمعترك الحياة بعد ما حدث، ولكن ثقتها في نوايا إبنتها البريئة برر لها فعلتها، واعطاها العذر لتمضي في حياتها.

وبالفعل أولت لمار الإهتمام الكامل لعملها، وفي أقل من أسبوع كانت قد إنتهت من تجهيز الغرفة وإعدادها لتستقبل الأطفال الصغار المشتركين في نشاط الحاسوب الآلي.
لم تستعن بأي مساعدة خارجية، فيكفيها تعرضها للحرج مرة واحدة.
كم لم يعاتبها الأستاذ مصطفى على أي شيء، فهو قد ظن الأمر مجرد سوء فهم للموضوع منذ البداية.

وقفت لمار على باب غرفتها وهي في قمة فخرها وإعتزازها بنفسها، فقد تبدل الحال بهذا المكان الخرب ليصبح أكثر ملائمة للنشاط الجديد.
حدثت نفسها بثقة وهي تجوب بعينيها المكان: -لقد فعلتيها حقا يا لمار
دلف الأستاذ مصطفى إلى الداخل فإستمع إلى ما تقول، فتبسم ضاحكا وأردف قائلا:
-عندك حق، فأنا لم أختر إلا الأكفا.

إلتفتت لمار برأسها للخلف لتجده ينظر إليها وإلى محتويات الغرفة، فإرتسمت إبتسامة خجلة على محياها بعد هذا الإطراء، وأجفلت عينيها وهي تجيبه ب:
-شكرا لك على تلك الثقة
مط فمه للأمام في إعجاب وهو يتابع بفخر: -أتوقع أن ينضم الكثير لهذا النشاط
أومأت برأسها موافقة وهي تهتف بحماس: -أتمنى هذا أستاذ مصطفى، فقد تعبت في تجهيز كل شيء.

أشار بكف يده وهو يحدثها بجدية: -لا تقلقي إبنتي لمار، سأتركك الآن، واستعدي للعمل الحقيقي غدا مع الأطفال، فأنا سأعلن عن فتح باب الإشتراك في نشاط الحاسوب اليوم.
-بالتوفيق لنا جميعا أستاذ مصطفى
ثم تركها وإنصرف إلى خارج الغرفة، بينما إستمرت هي في وضع اللمسات الأخيرة على المكان...

حاولت لمار أن تصنع صداقات مع زميلاتها في العمل، وبالفعل تعرفت إلى فتاة شابة تصغرها بعامين تدعى مريم تعمل في نشاط الرسم - ذات ملامح عادية، وبشرة خمرية، ترتدي الحجاب الطويل، والملابس الفضفاضة وتضع النظارات الطبية على وجهها بإستمرار - وصارت كلتاهما مقربتين بدرجة مقبولة.

كانت الإثنتين تلتقيان في أوقات الفراغ الخاصة بهما في كافيتريا النادي لتتناولا المشروب البارد أو تتشاطران الشطائر الساخنة مع ثرثرة رهيبة من مريم عما دار في النادي.
استمتعت لمار بصداقتها الجديدة معها، و التي كانت تتذمر دوما من كل شيء ولكن بطريقة ساخرة. فهونت عليها الأمور كثيرا.
كذلك كانت لديها من المعلومات والأخبار الحصرية ما تسرده يوميا لها عن كل ما يخص غالبية الأعضاء.

ورغم هذا لم تهتم بتلك الأخبار، فالفضول ليس من طبعها.
شعرت سمية بالسعادة لإندماج إبنتها في العمل وتكوين صداقات مناسبة لها، وتمنت لها كل التوفيق.

ترامي إلى مسامع لمار - بمحض الصدفة - عن إنضمام معالج رياضي للفريق الأساسي لكرة القدم الخاص بالنادي، فذهب تفكيرها إلى ماجد. فهو الوحيد الذي تعرفه يعمل في تلك المهنة.
ولكنها سريعا ما نفضت عن عقلها تلك الفكرة، ولم تحاول إعطاء الأمر أهمية كبرى.

تم فتح باب الإشتراك في نشاط الحاسوب، وتوقعت لمار أن يكون الإقبال محدودا، خاصة وأن معظم الأنشطة الترفيهية للأطفال قد بدأت منذ فترة، والغالبية يفضلون الأنشطة الحركية والمهارية كالركض والسباحة ولعب الطابة.
ولكن على عكس توقعاتها، تفاجئت بوجود عدد لا بأس به من المشتركين الصغار، فإرتسمت الفرحة على محياها، وإزدادت حماسة وعزيمة على تعليمهم شيء مفيد.

شرعت لمار في توضيح المباديء الأساسية لإستخدام الحاسوب، ووجدت إهتماما وشغفا حقيقيا من الأطفال. فإكتملت سعادتها بوظيفتها، ولم تدخر وسعها في إعادة الشرح لمن لم يستوعب ما تقوله.
أشاد الأستاذ مصطفى بجهودها المضنية في تعليم الصغار، وأثنى على تفانيها في العمل. فشعرت بالرضا عن حالها.
لم تلتفت لمار إلى بعض الشائعات الخاصة بوجود علاقات محرمة بين بعض أعضاء الفرق الرياضية والمعجبات بالنادي.

فما يهمها أن تكون بمنأى عن تلك المسائل البغيضة. وأن تظل كما هي بعيدة عن شراك الحب. يكفيها ما لاقته من قبل.
كما بلغها عن تعلق بعض الفتيات بهذا الوسيم الذي إنضم مؤخرا للنادي، وتهافتهن عليه.
لم تعر الأمر أي أهمية، رغم حديث مريم الغير متناهي عن مغامراته.
قطمت هي قطعة من شطيرتها الساخنة، وإبتلعتها على عجالة وهي تنطق بفم ممتليء بالطعام:.

-أه لو رأيت الفتيات حوله يا لمار، حقا ستندهشين من تجاهله المتعمد لهن، وهن يتصارعن من أجل الحوز على إبتسامة منه
إرتشفت لمار بضعة رشفات من مشروبها المفضل وهي ترد عليها بعدم إكتراث: -لا يهمني يا مريم، كفاك حديثا عنه
هزت رأسها نافية وهي ترد عليها بإعتراض جلي: -لا مستحيل، فهو خبر الموسم يا صديقتي، وأخباره تستهويني حقا، أتدرين، لقد بت أحلم به!

نظرت لها لمار بإستغراب وهي ترفع حاجبها للأعلى، وأردفت بفتور: -أنت حقا غريبة! شخص لا تعرفين عنه أي شيء يصبح فجأة محور الإهتمام بالنسبة لك؟
ضيقت مريم عينيها من خلف نظارتها الطبية، وقالت بحماس عجيب: -يا لمار، إنه يستحق كل الإهتمام، فبجانب كونه وسيما، فهو أنيق ورياضي، وشخصيته مرحة، وفارس أحلام غالبية الفتيات هنا
-ألا تبالغين، أنا لا اظن وجود احد بتلك المواصفات هنا!
-بل يوجد ولكنك لا تهتمين.

-نعم، لأنها أمور تافهة
-أنت فقط معزولة عن العالم، ولكن صدقيني آآآ.
توقفت مريم عن إتمام جملتها، وإعتدلت في جلستها، ورمشت بعينيها في عدم تصديق، وهتفت بتلهف:
-أوه، يا الله، لا أصدق عيناي!
إندهشت لمار من تبدل حال رفيقتها المفاجيء، وسألتها بإستغراب وهي عاقدة لحاجبيها:
-ما الأمر؟
أشارت برأسها وهي تهتف بحماس زائد: -انظري هناك، لقد جاء إلى هنا!
نظرت لمار حولها بريبة، وسألتها بعدم فهم: -من؟

أجابتها مريم بنبرة والهة وهي تتنهد بحرارة: -فارس الأحلام، سارق قلوب العذراوات
-مساء الخير عليكما، كيف حالك لمار؟
قالها ماجد بصوته الرخيم وهو ينظر إلى لمار بنظرات مشرقة
إنتاب لمار التوتر فور أن رأته أمامها، وتوردت وجنتيها قليلا بعد أن لفظ إسمها على شفتيه.
ثم وزعت نظراتها بينه وبين رفيقتها التي كانت تغمز لها بطرف عينها.
ردت هي عليه بإستحياء واضح في نبرة صوتها وهي تقول: -بخير، وأنت؟
-أنا في أحسن حال.

تهللت أسارير مريم وهي ترى فتى الأحلام واقفا أمامها بشحمه ولحمه، ورمقت صديقتها بنظرات ماكرة، ثم أردفت بتلهف:
-أنا مريم، صديقة لمار
تنحنح ماجد بصوت خشن قبل أن يتابع بجدية: -أهلا بك مريم
ثم صمت لثانية قبل أن يسألهما بتردد: -أتمانعان أن. أن أنضم إليكما قليلا؟
هتفت مريم دون تردد وهي تشير بيدها: -لا بالطبع، تفضل بالجلوس
حانت نظرات معاتبة من لمار لرفيقتها، وإزداد حرجها من وجود رجل بطاولتهما.

وكيف لا تشعر بالخجل وهي قد وعدت والدتها بألا ترتكب أي حماقة أو تضع نفسها في موضع شبهة.
إبتلعت ريقها في توتر، وحاولت ألا تنظر في إتجاهه. وفركت أصابع يديها التي تعرقت سريعا في قلق.
سلط ماجد أنظاره عليها، واستغرب من تجاهلها إياه. وحديثها المقتضب معه. فقد كان يظن أنها ستسعد لرؤيته. ولكن وجهها ذي التعبيرات المتشنجة، ونظراتها الزائغة تشير إلى إنزعاجها من وجوده، لذا سألها بصوته الجاد دون تردد:.

-هل وجودي يزعجكما؟
أجابته مريم بتلهف وهي تبتسم له: -لا بالعكس، أنت شخص مميز جدا
إبتسم لها مجاملا وهو يجيبها قائلا: -شكرا لك
كانت مريم تنظر إليه بهيام عجيب. ولما لا، فحلم جميع الفتيات أن يكن بصحبة هذا الوسيم، وها قد تحقق أول أحلامها. أن تجلس بالقرب منه، وتتطلع إليه.
عضت لمار على شفتها السفلى، وفكرت مع نفسها في طريقة للهروب منه.
هي تريد الحفاظ على وعدها، وعدم الإنسياق وراء تلك الهواجس التي تطاردها.

لذا أردفت بجدية وهي تنهض عن مقعدها: -أوه، لقد حان موعد إنصرافي، أراكما لاحقا
نظرت لها مريم بذهول عجيب، وفغرت شفتيها مصدومة وهي تنطق قائلة: -ماذا تقولين؟ مازال الوقت مبكرا
تجهمت لمار بوجهها، وتابعت بصوت جاد: -أعتذر منك مريم، ولكني نسيت أمرا هاما سأفعله مع أمي اليوم
نهض ماجد هو الأخر عن مقعده، وأردف بصوت حزين: -يبدو أن وجودي أزعجك لمار.

شعرت بمار بالحرج لأنها تعمدت الكذب، وحاولت أن تبدو هادئة، وتبرر إعتذارها بحجة مقنعة لذا هزت كتفيها نافية وهي تجيبه بتلعثم:
-لا ليس الأمر هكذا، ولكني آآ...
قاطعها بصوت فاتر وهو يشير لها بيده: -لا داعي للتبرير، سأرحل الآن
ثم إستدار بجسده للخلف وإنصرف بخطوات أقرب للركض مبتعدا عنهما.
أمسكت مريم بذراع لمار، وعاتبها وهي تنظر لها بضيق: -لماذا فعلت هذا؟
زمت شفتيها وهي تجيبها بصوت خافت: -أنا لم أفعل شيء.

رمقتها مريم بنظرات ساخطة وهي ترد عليها بتهكم: -حقا، لقد أحرجتيه للغاية، ألم تشاهدي نفسك؟
-مريم! من فضلك
تنهدت مريم في إنزعاج وهي تجيب بصوت شبه متعصب: -لقد أضعتي فرصتي في التعرف إليه
زفرت لمار بخفوت، وردت عليها وهي تشير بيدها: -هو موجود أمامك، إذهبي إليه
-يا للحظ السيء!
ضيقت مريم عينيها أكثر، ونظرت بإستنكار إلى رفيقتها، ثم زمت شفتيها وهي تسألها بعتاب:.

-وأنت لماذا لم تخبريني أنك تعرفيه، وأنا ليل نهار أحدثك عنه؟
-لأني لم أظن أنه هو نفس الشخص
رفعت حاجبها للأعلى في إستهجان وهي تهتف: -أتمزحين؟!
-بل أتكلم بجدية
تمعنت مريم في وجه لمار وأدركت أن العتاب معها لن يفيد حاليا، فقد رحل فارس الأحلام، لذا تشدقت قائلة:
-إنتهينا لمار، دعينا ننصرف، فقد ذهب الوسيم
نظرت لها لمار بأعين معاتبة وهي تسألها بضيق: -لماذا تعاتبني وأنا لم أفعل شيء؟

-كنت أود أن أتحدث معه، ولكن آآ. لا يهم لمار دعينا نذهب
-حسنا
حينما عادت لمار إلى منزلها، لم تنم قط طوال الليل، فقد قام عقلها بدوره في تذكيرها عمدا بلحظاتها القليلة مع ماجد، وكأنه يجبرها على عدم النسيان
تنهدت في إنهاك، وحدثت نفسها قائلة: -لماذا أفكر فيه؟ لقد كان مجرد موقف عابر في حياتي!
وضعت الوسادة على رأسها، ودفنت نفسها أسفلها وهي تغمغم: -أريد أن أنام!

لم يغمض لها جفن حتى لاح الفجر في الأفق، فغفت من الإرهاق، ورغم هذا كان نومها متقطعا مما سبب لها الصداع حينما حان موعد إستيقاظها.
لاحظت والدتها الإرهاق البادي على وجهها، فسألتها بتوجس: -ما الأمر غاليتي؟ هل أنت مريضة؟
ردت عليها بصوت خافت وهي تتناول لقيمة صغيرة: -لا أمي، أنا بخير
سألتها مجددا وهي تتفرس ملامحها ب: -ولماذا يبدو وجهك شاحبا؟
-لم أنم جيدا. هذا هو الأمر
-لماذا؟

إحتارت لمار في الإجابة عليها، هل تخبرها بأنها رأت ماجد الليلة الماضية وأنه جلس إلى طاولتها، وإنسحبت هي من أمامه، فعاتبها قلبها على ما فعلت، وعمد عقلها على تذكيرها بموقفها معه حينما رأته أول مرة، فعجزت عن النوم بسهولة، أم تخترع لها سببا أخرا.
هي تخشى أن تظن بها السوء، فهي لم ترتكب شيء. مجرد تفكير بريء في مواقف سابقة، لذا ردت بدبلوماسية:
-أفكر في العمل كثيرا.

ربتت والدتها على ظهرها، وهي تحدثها بصوت دافيء
-أعانك الله عليه، هل تعلمين أن الأستاذ مصطفى سعيد جدا بحماسك وشغفك بالعمل؟
-حقا؟
-نعم، فرفيقتي في العمل أبلغتني بهذا
-الحمدلله
-أتمنى لك النجاح دوما بنيتي، هيا، تناولي طعامك، وسأصنع لك بعض الشاي
نظرت لها بإمتنان وهي تدس لقمة أخرى في فمها: -شكرا يا أمي.

تابعت لمار والدتها بعينيها إلى أن توارت عن أنظارها، فغمغمت لنفسها قائلة: -لا أعتقد أن مسألة وجود ماجد معي في النادي ستحدث مشكلة، فكلانا له وظيفته، ولا ضرر من رؤيته بالصدفة، لا حاجة لي لأعقد المسائل وأصنع منها مشكلات من لا شيء، سأكون على طبيعتي، وليحدث ما يحدث!

تعمد ماجد يوميا أن يأتي في وقت فراغ لمار للجلوس بصحبتها هي ومريم في الكافيتريا، وإختلاق أي مواضيع للحديث. ثم التطرق لمواضيع مرحة لتتعالى ضحكات الثلاثة.
ولم تكف لمار هي الأخرى عن إبداء رأيها فيما يقول بالدعم المطلق له. حتى وإن لم تقتنع كلية. ولكن يكفيها أنها تتسامر معه.
لقد إستطاع بأسلوبه اللبق والشيق أن يجعل الاثنتين تتلهفان لرؤيته يوميا.

ورغم تخوف لمار من تمادي الأمر معها إلا أنها كانت سعيدة بتلك الدقائق اليومية.
فقد أعاد البهجة إلى حياتها الرتيبة. وتعلقت هي بلحظاتها المميزة معه
كذلك حرصت على الإنصراف في ميعادها حتى لا تثير شك والدتها
ورغم هذا فقد لاحظت الأخيرة تغيير الحالة المزاجية والنفسية لإبنتها، وأنها باتت أكثر إشراقا وسعادة.

مرت الأيام، وإزداد تقرب مريم من ماجد، وأصبح الاثنين يلتقيان كثيرا داخل النادي وخارجه. ولاحظت لمار إزدياد حديثهما الهامس، وكذلك استخدام رموزا خاصة في الحديث أمامها، فشعرت بالضجر منهما.
عبس وجهها. وإكتفت بالصمت وهي تتابع دلال مريم عليه، وإهتمامه الواضح بها.
وسألت نفسها لماذا لا يكون من نصيبها ذلك الإهتمام.

هل تبدي إنزعاجها منهما، وترحل مبتعدة؟ أم تكتفي فقط بالمشاهدة والبقاء في الصف الخلفي لتترك لهما الفرصة؟
تنهدت في حزن، وجاهدت لتبدو سعيدة أمام كليهما.
عاتبت نفسها على هذا الشعور الموجع الذي لم ترد أن تتذوقه مرة أخرى...
فقلبها من حقه الحب، وقلبه من حقه الإختيار، وهي رأت من اختار، فلماذا تعترض على ما يحدث؟
مالت مريم على ماجد وهي ممسكة بهاتفها النقال، وهمست قائلة: -لا ليس هذا اللون؟ فنظارتي ستصبح بشعة.

نظر لها مطولا وهو يجيبها بصوته الرخيم: -مريم إنه جميل عليك
تدللت أكثر عليه، وهي تجيبه بنعومة زائدة: -ماجد، أنت تسخر مني
إزداد ضيقها من تصرفات مريم، وشعرت أن بقائها سيحزنها أكثر لذا أثرت الإنسحاب.
نهضت من على المقعد، فنظر لها الإثنين بإستغراب، وسألها ماجد مندهشا: -لماذا نهضت لمار؟
نظرت له لمار بنظرات ممعنة وكأنها تملي نفسها به لأخر مرة قبل أن تنطق بصوت به لحمة حزن:.

-أشعر بالإرهاق، سأتركما تكملان السهرة سويا
ضيقت مريم عينيها، وأردفت بتوسل زائف: -لمار حبيبتي، إبقي قليلا
إبتسمت لها وهي تجيبها بإصرار: -مرة أخرى مريم، فأنا حقا مجهدة
تنهدت مريم وهي ترد عليها بإستسلام: -حسنا كما تريدين
ثم أضافت بحماسة مفاجئة: -ولكن سأراك غدا، اتفقنا؟
أومأت لمار برأسها وهي تجيبها على عجالة: -بالطبع
لوحت هي بيدها لهما، وهي تقول بصوت خافت: -تصبحان على خير.

رد عليها ماجد قائلا بإبتسامته التي أسرتها: -وأنت كذلك لمار
علقت لمار حقيبتها على كتفها، وسارت بخطوات أقرب إلى الركض وهي تسير في إتجاه البوابة مقاومة تلك العبرات التي رفضت الإنصياع لرغبتها، وإنهمرت على وجنتيها حسرة على حالها، فقد إنتهى حلمها سريعا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة