قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الثاني

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الثاني

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الثاني

ارتسمت علامات الحيرة الممزوجة بالإندهاش حينما رأت لمار هذا الذي لامس قلبها – نادر - واقفا أمامها. لم يطرأ ببالها أن يجمعهما القدر مجددا.
ظلت ترمش بعينيها عدة مرات لتستوعب أنها لا تتوهم ما تراه، خفق قلبها حينما سمعت صوته، وإزداد صدرها اضطرابا حينما سمعت ضحكاته التي تأسرها...
عاد عقلها سريعا لذكريات عام قد مضى حينما رأته أول مرة في المصيف...

لقد تم دعوتها هي وعائلتها لقضاء عدة أيام بصحبة خالتها إيمان وعائلتها بالمصيف الخاص بهم في مدينة رأس البر الساحلية، ولكن لم يستطع أبويها الحضور بسبب ظروف العمل، واتفق كلاهما على إرسال لمار إلى هناك لترفه عن نفسها قليلا، وتكون في رعاية خالتها وبصحبة بناتها. وهناك إلتقت به مصادفة...
لم تتمكن لمار من إخراج حقيبة سفرها العالقة من السيارة، وظلت تزفر في ضيق وتجاهد لكي ترفعها، و...

-لمار لنفسها بنبرة منزعجة: يا الله، كم هي ثقيلة، ماذا وضعت بها؟! لا يمكن أن تكون ثيابي فقط!
انتبهت هي إلى ذلك الصوت الرجولي الذي جاء من خلفها، و...
-نادر بصوت خشن: دعيني أساعدك آنستي
تنحنحت هي في إحراج، ثم تنحت جانبا لتفسح المجال لذلك الشاب الغريب، و.
-لمار بخجل وهي تتأكد بيدها من وجود حجابها على رأسها: شكرا لك.

ثم استدارت بعينيها لتنظر إلى ذلك الشاب الذي وقف إلى جوارها، فوجدت نفسها أقل حجما بالمقارنة به، فهي لم تصل إلى كتفيه العريضين، كما رفعت عينيها للأعلى لتختلس النظرات إلى قسمات وجهه، فوجدت بشرته تميل للبياض، وعينيه تختبئان خلف نظارة شمس قاتمة، وشعره أملس رغم قصره. وشفاهه غليظة، أما ابتسامته فهي ساحرة.

لم تتوقع أن يخطف هو قلبها، أن يوقعها في أسر عشقه، أن يجعلها تحبه كما لم تحب أحد من قبل، نعم هو ( حب من أول نظرة ) كما يقال بالنسبة لها...
لم يلاحظ نادر إرتباكها الذي ظهر على ملامحها البسيطة، فقد كان مشغولا بإنزال جميع الحقائب الموجودة بالسيارة.
وما إن انتهى نادر حتى التفت برأسه ناحيتها، و.
-نادر متسائلا بنبرة رخيمة: هل تحتاجين لمساعدة أخرى؟
-لمار بنبرة خافتة: لا. شكرا لك
-نادر بإيجاز: عفوا.

ثم تركها وانصرف، فحدقت هي به، وتابعته إلى أن اختفى تماما عن ناظريها.
لم تعرف لمار ما الذي أصابها، ولكن هناك هالة ما حول ذلك الشاب جذبتها نحوه.
لاحقا، استقرت لمار مع بنات خالتها في غرفة واحدة، وبالطبع لم تسلم من تعليقاتهن الساخرة حول عدم اهتمامها بإرتداء الملابس الحديثة، وجهلها بخطوط الموضة الشهيرة وبالماركات العالمية لمساحيق التجميل.

ورغم كل هذا، هي لم تهرهن الانتباه، واكتفت فقط بالرد بكلمات مقتضبة إن وجهت إحداهن السؤال لها.
دلفت الخالة إيمان إلى الغرفة، و...
-إيمان بنبرة عالية ودافئة: الغذاء جاهز، احضرن يا أميرات
-رشا بتلهف: حسنا أمي
-رنا متسائلة بفضول: ماذا أعدت لنا أمي؟
-إيمان بتنهيدة إرهاق: لقد طهوت لكن الدجاج مع الحساء، وكذلك الأرز بالشعيرية، وهناك البطاطا المقلية، والملفوف وآآ...

-راندا مقاطعة بتشوق: ياله من طعام شهي، حتما سألتهمه كله
-رشا متسائلة بنبرة ماكرة: هل سيحضر نادر يا أمي؟
لفت ذلك الإسم انتباه لمار التي ظلت صامتة، ولكنها كانت تتابع الحوار بفضول شديد.
التفتت الخالة إيمان إلى ابنتها رشا، و...
-إيمان بنبرة دافئة: بالطبع. هو أول الموجودين، ولا تنس خاله - زوج عمتك وفاء - وأبنائه الصغار
-رنا بنبرة مراوغة وهي تغمز لأختها رشا: اذن سنجد طائري الحب يرفرفان عاليا.

لكزت رشا أختها في كتفها، ثم رمقتها بنظرات محذرة، و...
-رشا بنبرة جادة: كفى مازحا، أنا لا أحب هذا
ضيقت رنا عينيها، ورمقتها بنظرات دقيقة و...
-رنا متسائلة بنبرة لئيمة: حقا؟ إذن لماذا تصدعين رأسي بحديثك الدائم عنه؟!
-رشا وهي تلوي شفتيها في ضيق: لا يخصك
إزداد فضول لمار حول هوية المدعو نادر، هل هو حقا من رأته قبل برهة؟ أم أنهن يتحدثن عن شخص أخر.
زفرت راندا بتعب، ثم تململت بجسدها قليلا، و...

-راندا بنبرة جادة: أنا جائعة، لا وقت لدي لتلك الهراءات، هيا يا أمي، أنا أريد أن أكل، ومن ثم أرتاح قليلا
-إيمان بنبرة صافية: كل شيء جاهز، إذهبن حالا
نهضت الفتيات عن الفراش، ثم دلفن إلى الخارج في حين بقيت لمار في مكانها تحاول إخفاء ارتباكها، فاستدارت الخالة إيمان لها، و.
-إيمان بجدية: هيا بنيتي
-لمار بنبرة متلعثمة: لا داعي خالتي، فأنا. أنا لست جائعة.

-إيمان وهي تعقد حاجبيها بإستغراب، وبنبرة شبه آمرة: كيف هذا؟ أنت لم تتناول أي شيء منذ الصباح، تعالي وكفى عنادا. وإلا سأبلغ والدتك، و.!
-لمار مقاطعة على مضض: حسنا، سوف أتي. ولكني سأجلس في الشرفة
-إيمان متسائلة بحيرة: لماذا؟
-لمار بنبرة رقيقة: من فضلك خالتي. دعيني على حريتي.

-إيمان بنبرة دافئة: غاليتي لمار، أنا أريدك أن تستمتعي بوقتك هنا، ولا تشعري بالحرج من وجودك بمفردك، فأنت ابنتي، وأنا أصررت على وجودك معانا
-لمار مبتسمة في هدوء: أعلم هذا جيدا
-إيمان بنبرة جادة: إذن تعالي معي الآن
-لمار بنبرة أقرب للرجاء: خالتي، أرجوك، أنا أحب أن أظل بمفردي
تنهدت إيمان في تعب، ثم رمقتها بنظرات ناعمة قبل أن تردف ب...

-إيمان بعدم اقتناع: حسنا، ولكن ريثما تنتهين من تناول طعامك ستنضمين إلينا
-لمار مبتسمة في رضا: اتفقنا.!
تجمع أفراد العائلات الثلاث حول طاولة الطعام، ولأن العدد كان كبيرا، فلم تكف المقاعد لهم جميعا، لذا تم تقسيم المتواجدين إلى مجموعتين، إحداهما تجلس على طاولة الطعام في الصالة، والمجموعة الأخرى تمكث في الشرفة الواسعة.

منذ البداية اختارت لمار أن تجلس في الشرفة لتتجنب التواجد مع من لا تعرفهم، وحتى تكون على طبيعتها، دون الحاجة إلى التصنع أو التظاهر أمام أي أحد.
ولكن ما لم تضعه في الحسبان هو أن يتواجد معها ذلك الذي آسر قلبها قبل عقلها في الشرفة.
هي لم تنتبه له حينما دلفت إليها، فقد كان يجلس منزويا خلف ذلك العمود الذي يبرز من أحد الجوانب.

إستندت هي على حافة الشرفة العريضة وأخذت تدندن مع نفسها بكلمات تلك الأغنية الرومانسية المسموعة حولها.
انتبه هو إلى صوتها، واستدار برأسه ناحيتها، وسلط عينيه عليها، وأمعن النظر فيها. لقد كانت غير متكلفة في كل شيء، ترتدي زيا رياضيا – من اللون الأزرق السماوي - يبرز نحافتها الرشيقة، وحجابا يغطي شعرها بالكامل ما عدا جزءا من عنقها.

ظهرت ابتسامة خفيفة على ثغره. وظل يتابع عفويتها دون أن ينبس بكلمة واحدة حتى لا تتوقف عما تفعل...
دلفت الخالة إيمان إلى الشرفة وهي ممسكة بصحنين ممتلئين بالطعام الشهي، فرأها نادر، فاعتدل في جلسته، وأرخى ذراعيه المعقودين خلف رأسه، كان على وشك النهوض حينما صاحت إيمان ب...
-إيمان بنبرة عادية: هيا يا لمار تناولي طعامك.

ابتسمت لها لمار وهي تستدير بجسدها، ثم سارت في اتجاهها، ومدت يدها لتمسك بالصحن، ورمقتها بنظرات ممتنة، ثم استدارت بجسدها لتتفاجيء به واقفا خلفها ويبتسم لها بعذوبة أربكتها، وجعلت وجنتيها تتوردان للغاية.
أطرقت رأسها على الفور في خجل واضح، وأسرعت في خطاها ناحية زاوية الشرفة البعيدة، و...
-لمار لنفسها بتوتر شديد: يا الله، أكان متواجدا منذ البداية؟ كيف لم أنتبه له؟ ياله من موقف مخجل.

بينما تبادل نادر الحديث مع الخالة إيمان و.
-نادر بنبرة ممتنة: شكرا لك، لقد أرهقتك
-إيمان بنبرة هادئة: لا داعي للشكر، فأنا لم أفعل شيء
ثم صمتت الخالة للحظة قبل أن تستأنف حديثها ب...
-إيمان متسائلة بفضول: هل ستتناول طعامك هنا في الشرفة مع لمار؟ أم أنك تفضل العودة إلى الداخل مع باقي الفتيات
-نادر بنبرة واثقة: أنا أحبذ البقاء هنا، فالجو رائع، وأنا أهوى مشاهدة البحر مع الجمال الطبيعي.

-إيمان مبتسمة ابتسامة رقيقة: لديك حق. وأنا من رأيي لا تضيع تلك الفرصة
-نادر بنبرة واثقة: بالطبع
ثم رمقت لمار - والتي انزوت سريعا على نفسها - بنظرات ذات مغزى، فاستدار نادر هو الأخر برأسه ناحيتها، وابتسم ابتسامة هادئة لها.
تركتهما الخالة إيمان بمفردهما في الشرفة، ووقف نادر حائرا في مكانه يفكر في طريقة ما لتجاذب الحديث مع تلك الفتاة الغير متكلفة.

وفي النهاية سار في اتجاهها وهو عاقد العزم على التعرف إليها.
مع كل خطوة كان يخطوها هو للأمام، كانت دقات قلبها تزداد سرعة. لقد عجزت هي عن مضغ الطعام بطريقة ملائمة، ومعدتها بدأت تضطرب.
حاولت هي أن تسيطر على كم التغيرات الإنفعالية التي سيطرت عليها، ولكن ليس هناك أي وقت لهذا. فوجوده يشتت إنتباهها، ويجعلها على غير طبيعتها الهادئة والمستكينة.

وقف نادر قبالتها، وأمسك بملعقته، وبدأ يتناول الطعام وهو ينظر إليها عن كثب، ثم تشدق ب...
-نادر بصوت رخيم: الطعام شهيا، أليس كذلك؟
أومأت هي برأسها موافقة، وظلت مجفلة لعينيها، عاجزة عن النظر مباشرة إلى عينيه رغم شوقها الحار للتطلع إليهما. وحاولت أن تلهي نفسها بتناول الطعام
تابع هو التحديق بها بنظرات متفرسة تريد سبر أغوارها، و.
-نادر بنبرة خافتة: أنا أدعى نادر، ومن أنت يا صاحبة الصوت الرقيق؟

شرقت لمار على الفور عقب جملته الأخيرة، وبدأت بالسعال الحاد، وأولته ظهرها حتى لا تثير اشمئزازه. فهي لم تتخيل أنه قد سمعها بالفعل وهي تدندن.
انزعج هو مما أصابها، وبدت ملامح وجهه قلقة، و...
-نادر متسائلا بتوتر: هل أنت بخير؟ هل أحضر لك الماء؟
أشارت هي بيدها له بالرفض، وكذلك هزت رأسها نافية. وحاولت أن تتحدث لتطمئنه، ولكن تحول لون وجهها للأحمر سريعا، وبدأت وكأنها تختنق بالفعل.

جذب نادر صحن الطعام من يدها، وأسنده على حافة الشرفة العريضة، ثم وضع يده على ظهرها، وأخذ يربت عليه بقوة حتى تتمكن من التنفس وطرد بقايا الطعام العالق برئتها.
لم تتوقع هي ما فعله معها، فإرتجف جسمها على إثر لمسته لها، وإزداد تورد وجنتيها، وخجلها، وإرتباكها الغير مبرر.
-نادر بنبرة متوجسة: هل تحتاجين إلى مساعدة؟ من فضلك أخبريني، أنا أريد أن أطمئن عليك يا لمار.

لقد لفظ لأول مرة اسمها، فحبست أنفاسها، وأغمضت عينيها لتستمتع بوقع صوته العذب على آذانها.
في نفس التوقيت دلفت رشا إلى داخل الشرفة لتتفاجيء بما يفعله نادر مع ابنة خالتها، فاستشاطت غضبا، واحتقن وجهها بالدماء، وظنت بهما الظنون، و...
-رشا بنبرة غاضبة وهي مقطبة الجبين: ماذا تفعلان؟

انتفضت لمار فزعا في مكانها، وفتحت عينيها، وأخذت ترمش لا إراديا، وتراجعت مبتعدة عن نادر، ونظرت إلى ابنة خالتها بنظرات مذعورة. في حين لم تكف الأخيرة عن التحديق بها بنظرات نارية متوعدة.
بينما ظل نادر واقفا في مكانه، وحدج رشا بنظراته الدقيقة و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة