قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الثاني عشر

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الثاني عشر

رواية أربعة شكلوا حياتها (سنابل الحب ج2) للكاتبة منال سالم الفصل الثاني عشر

مددت لمار ساقها التي تؤلمها بحذر على الأرضية الباردة بعد أن إمتثلت لطلب ماجد وجلست عليها.
تشنجت قسمات وجهها وهي تقاوم رغبتها في الصراخ بسبب قدمها.
زفرت في ضيق وأردفت بتذمر: -يبدو أن يومي السيء قد إكتمل!
نظر لها ماجد بإستغراب دون أن يتفوه بكلمة، فقد كان يرغب في معرفة ما الذي يؤلمها تحديدا، لذا جثى على ركبته أمامها وسلط أنظاره على قدمها.

تابعت هي حديث نفسها بنبرة ضجرة ب: -ماذا فعلت لكي يحدث لي كل هذا، ألا يكفيني ما ناله صدرى من أتربة عفنة لكي ينتهي بي المطاف هكذا كسيحة لا أقوى حتى على السير
ظلت ملامح وجه ماجد خالية من التعبيرات وهو يرد عليها بهدوء ملوحا بيده أمام وجهها:
-إهدئي من فضلك، لا داعي للشكوى!

مطت شفتيها متذمرة ولم تنطق ببنس كلمة. ثم أسندت قبضتها على مقدمة قدمها وحاولت فركها بخفة، ولكن كان الآلم يزداد بمجرد لمسها. فتوقفت عن فعل هذا. وإكتفت بأخذ أنفاس عميقة لتحاول إستعادة هدوئها.
إبتسم هو لسكونها، ثم أردف قائلا بنبرة جادة: -حاولي أن تسترخي!
هزت رأسها نافية وهي تجيبه بإمتعاض: -لن أستطيع، فقدمي تقتلني من الآلم!

زم فمه للأمام قليلا، وهز كتفيه بحركة خفيفة وهو يرد عليها بإستسلام: -هذه مشيئة الله، مقدر لك هذا!
تشنج صوتها وهي تهتف محتجة ب: -لماذا أنا دونا عن باقي الناس يحدث لي هذا كله في يوم واحد؟
ابتسم لها وقال بمزاح محاولا إزالة جو التوتر المشحون: -ربما هذا قدرك!
نظرت له بضيق وهي تحاول منع عبراتها من الإنهمار بسبب تلك الوخزات المؤلمة التي تهاجمها، وأجابته بسخط:
-لا هذا سوء حظي!

هز رأسه معترضا، وهو يقول لها بثقة: -لا أتفق معك!
لم يكن لدى لمار أي رغبة في الجدال أو المناقشة، فيكفيها ذلك الإحساس الموجع الذي يباغتها بين لحظة وأخرى. وكذلك ما مرت به طوال اليوم من مواقف مخجلة مع هذا الذي لم تعرفه.
تنحنح ماجد بصوت خشن ليلفت إنتباهها بعد أن لاحظ شرودها، وتسائل بنبرة رجولية رخيمة:
-هل تمانعين إن قمت بفحص قدمك؟

وكأن سؤاله الأخير هذا قد أضاء شعلة اللهب بداخل جسدها، حيث توهجت وجنتيها بحمرة رهيبة، وإنبعثت حرارة حارة من جسدها، فنظرت له بإندهاش من عينيها المتسعتين وهي تجيبه بتساؤل حرج:
-ماذا؟
نظر لها بحنو وهو يرد عليها بنبرة واثقة: -لا تخافي لمار، فأنا لن أؤذيك
زفرت وهي تجيبه بحرج واضح: -ليس الأمر هكذا، ولكن آآ...

هز رأسه بقوة بعد أن قاطعها بصوت حازم قائلا: -إنها مسألة طبية بحتة، أنا فقط أريد أن أعرف موضع الآلم لأتأكد من شكوكي
مطت شفتيها للأمام معترضة. ولكن عدم قدرتها على تحمل الآلم أكثر من هذا جعلتها تستسلم قائلة:
-حسنا
جثى ماجد على ركبتيه معا، وإنحنى برأسه ناحية قدمها، ثم بحركات حذرة للغاية أمسك بكاحلها، وحاول نزع حذائها.
مع كل لمسة من أصابعه الخشنة على قدمها كان جسدها يرتجف، وتزداد حرارة وسخونة وجنتيها.

نعم فهذه هي أول مرة يضع فيها رجلا لا تعرفه يده على قدمها.
ولم تتخيل أن يصيبها هذا الإرتباك الواضح.
عضت لمار على شفتها السفلى متآلمة من محاولته تحريك كاحلها أثناء نزعه للحذاء. فصرخت بصراخ مكتوم:
-أوه
نظر لها بأعين متصنعة الندم وهو يهمس قائلا: -أعتذر منك
أغمضت عينيها وعاودت فتحهما وهي تجيبه بتشنج: -هذا ليس خطؤك، ولكن قدمي تؤلمني كثيرا
إبتسم لها إبتسامة هادئة وهو يجيبها بثقة: -صدقيني سيذهب الآلم سريعا.

هزت رأسها نافية وهي ترد عليه بصوت مختنق: -لا أظن هذا. يبدو أنها كسرت!
أشار لها بإصبعه وهو يأمرها بجدية غريبة: -إنتظري، سوف أفحصها
إتسعت مقلتيها بصدمة وهي ترد عليه بصوت متقطع من الذهول: -ما. ماذا؟!
لم يمهلها ماجد الفرصة للإعتراض أو التذمر، بل سلط عينيه على كاحلها بعد أن أمسكه بقبضتيه، وظل يتفحصه بدقة شديدة محاولا تحديد موضع الآلم.

ضغط هو بإصبعيه على بعد الأماكن فيه فتأوهت بصرخات مكتومة. وصرت على أسنانها بشدة.
تجمعت حبات العرق الحارة على جبينها، وكذلك تعرق كفيها من فرط الآلم والتوتر.
إستغلت لمار الفرصة في إختلاس النظرات إلى ذلك الوسيم الذي يمسك بقدمها. وأمعنت النظر في تفاصيل وجهه، خاصة وأنه منشغل في فحص قدمها، وبالتالي لن ينتبه لها.

لقد كان وسيما بحق رغم بشرته الخمرية التي تبرز من أسفل ذقنه الرفيعة التي أعطته مظهرا رجوليا جذابا. فالأعين تحب التطلع إليه.
أعجبها طريقة تصفيفه لشعره، وإعتنائه برائحة جسده. فقد لامس عطره أنفها، وترك أثره بداخلها. فتناست لوهلة الآلم وتبعاته.
أفاقت لمار من شرودها حينما تذكرت أنه ربما يكون باطن قدمها متسخا بفعل وقوفها حافية لمعظم الوقت، وتوهجت وجنتيها بحمرة الحرج
ظلت تدعو الله في نفسها ألا يراه.

رفع ماجد عينيه فجأة نحوها فوجدها محدقة به، فضيق عينيه مندهشا، في حين أجفلت هي عينيها في خجل، فإبتسم لها، وتسائل قائلا بخفوت:
-هل يؤلمك هذا الجزء؟
لم تكف دماؤها عن التدفق بغزارة في وجهها ليتحول إلى كتلة حمراء خجلة وهي تجيبه بتلعثم:
-آآ، أنا. آآ.
إزدادت إبتسامته إشراقا لتبرز أسنانه البيضاء وهو يتابع بنبرة متريثة: -حسنا، سوف أضغط على تلك الجزئية!

ثم أشار بإصبعه على منطقة الكاحل، وأكمل حديثه بنفس الثبات الانفعالي قائلا:
-وأرجو منك أن تخبريني أين موضع الآلم بالضبط
هزت رأسها عدة مرات موافقة وهي تجيبه بإيجاز: -حسنا
وبالفعل ضغط هو بقوة على الجزئية التي أشار إليها، فصرخت بصوت مكتوم وهي مغمضة العينين، وضغطت لا إراديا بقوة على كتفه بعد أن أمسكت به بقبضتها...
لم تدرك لمار أنها إعتصرت كتفه بقوة شديدة بسبب إزدياد الآلم فجأة وعدم قدرتها على التحمل.

تعمد ماجد أن يلوي كاحلها بطريقة طبية ليعيده إلى وضعه الطبيعي.
نظر هو لها بإستغراب، فقد كانت مغمضة العينين. تعض على شفتيها. قابضة على كتفه بقوة رغم تركه لقدمها. كذلك كانت قسمات وجهها متشنجة للغاية. وجفونها مشدودة، وحاجبيها مرفوعان للأعلى.
تأملها بهدوء وهو يبتسم لها، ثم برفق وضع يده على قبضتها.
أدركت لمار أن الآلم بكاحلها قد سكن تماما، ولم يعد له وجود. فإحتارت فيما حدث.

وشعرت بلمسته على قبضتها، ففتحت عينيها ببطء، ونظرت نحوه بخجل. فوجدته محدقا بها، ورأت قبضتها على كتفه
سحبت كفها على إستحياء، وشرعت حديثها بخجل قائلة: -معذرة. أنا. أنا لم أقصد هذا!
إبتسم لها بعذوبة وهو يرد عليها بهدوء: -لا يهمك، فقط أخبريني هل تشعرين بأي آلم؟
-لا
ثم ضغط بإصبعيه على جزء أخر من كاحلها، وتسائل وهو مسبل عينيه ب: -وماذا عن هنا؟
إبتلعت ريقها بتوتر، وأجابته بهمس: -لا شيء.!

إتسعت إبتسامته وهو يهتف ب: -عظيم. هذه أخبار جيدة
وضعت لمار يدها لتتحسس قدمها برفق، ثم نظرت بإمتنان له وقالت بخفوت: -لا أعرف كيف أشكرك على ما فعلته معي؟
لم تختف تلك الإبتسامة عن وجهه، وتابع بجدية: -لا داعي للشكر فهذا واجبي!
تنحنحت لمار بصوت خافت قبل أن تتابع حديثها قائلة: -حقا أنت تستحق الشكر والإعتذار معا، فأنا قد أساءت إليك وأنت رددت الإساءة بالإحسان.

ضيق ماجد عينيه، وأكمل بصوت جاد: -لمار لا داعي للإعتذار، وكما يقولون في الأمثال لا محبة إلا بعد عداوة!
قطبت جبينها في ضيق، وعبست ملامح وجهها، وهتفت معترضة: -ولكني لست بعدوة!
مرر يده في خصلات شعره الكثيفة بعد أن وضعها على رأسه، وقال مبتسما: -أنا أمزح معك!
إبتسمت له برقة، وأخذت نفسا عميقا، وزفرته على مهل لتسيطر على كمية الأدرينالين المتدفقة في جسدها بالكامل.

هي لم تعتد على مثل تلك المواقف الحرجة وخاصة مع الرجال. كما أن خبرتها الإجتماعية محدودة تماما.
فمجتمعها مقصور على والدتها وأقاربها، ووظائفها العادية. بعكسه فهو يبدو من هيئته أنه منخرط في الإجتماعيات، وليس لديه مشكلة في التعامل بحرفية مع أي موقف يواجهه...
حاولت أن تخفف من حالة التوتر والإرتباك المسيطرة عليها، فحدقت بنقطة ما بالفراغ، وتجنبت على قدر الإمكان النظر إليه، واقترحت قائلة:.

-دعني أساعدك كما ساعدتني
-لا داعي لمار، إرتاحي فقط، وأنا سأتدبر أمري
-لا يمكن فأنا، آآآآآ
-ما الذي يحدث هنا؟
عبارة قالها بنبرة غليظة وحادة رجل في منتصف الأربعينات من عمره إنتبه على إثرها الإثنين، فأدار كلاهما رأسيهما في إتجاهه.
حدق ذلك الرجل بهما بنظرات محتقنة، ثم عاود تكرار سؤاله بنفس النبرة الغليظة: -لقد سألتكما ما الذي يحدث هنا،؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة