قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل العشرون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل العشرون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل العشرون

برغم كل ما يحيط بك من سواد. دائما ما يكون هناك امل. نور خافت. يولد من رحم الظلام. اما ان يوئد قبل توهجه. واما ان يسطع. يضاهي سطوعه اشراق الشمس...
خرج من المطار متوجها الى السيارة التي بانتظاره. يرفع ذراعه الى صدره بالرافعة الطبية المخصصة. ترك كل شيء غير عابئا بجرحه الناضج. وعاد الى حقيقة يرغب بإظهارها. ركب السيارة وبدأت في التحرك. التقط هاتفه يرفعه الى أذنه قائلا
: انتي فين.؟ انا في مصر.

اتسعت عينيها على الجانب الآخر. يتأجج غضبها بداخل عروقها زاعقة
: بردوا عملت اللي في دماغك يا عبد السلام.
تحولت نبرتها الى توعد مردفة
: انت اللي بدأت. اشرب بقى من اللي هيحصل
استغربت عندما آتاها رده قائلا ببرود
: مافيش حاجه هتحصل. كل اللي انتي عاوزاه هيتنفذ. قصي مش هيعرف حاجه.
لتتنهد هي براحة. صوت انفاسها الذي وصله عبر الهاتف وكأنه دخان حريق بعد اطفائه
: كويس انك عقلت عن اللى كنت ناوي تعمله.

رد شاردا بكلمة واحدة
: عقلت
املته عنوانها على الهاتف، ثم اغلق الخط ينظر امامه بغموض. لن يخبر قصي بشيء حقا. لكنه حتما سيخبر والديه.
: اطلع على شركة المنياوي
قالها بتصميم رهيب. بعزم قد يدفع له حياته مقابل اظهار الحقيقة...
وقف كل من آدم وحمزة في وسط ارض واسعة، ليتحدث آدم قائلا برضا
: موقعها ممتاز. ها. ايه رأيك.؟
رد حمزة وهو يضع يديه بجيوب بنطاله. ينظر حوله الى ارضه قائلا بتفكير.

: ما عنديش مانع. طوفي كمان موافقة. شوف شركة كويسة تتولى المشروع وانا معاك في اي حاجه.
رد آدم وهما يتوجهان سويا الى سياراتهما
: في شركة اترشحتلي من كذا حد. هشوفها واحدد معاد نتقابل هناك
اومأ له حمزة موافقا ثم ركب كل منهما سيارته. غافلين عن ذاك المشرع الذي سيجمع كل منهما بما يبحث عنه...

جلست امام ضابط المباحث الجنائية. بمعالم وجه مرهقة فعلى ما يبدو انها لم تذق طعم النوم منذ امس. وما عساها ان تغفل وقلبها تتقلب جناباته على جمر محترق. وقف كل من الضابط المكلف بمراقبة منزل منصور، يدلي بشهادته حسب وقت ارتكاب الجريمه وبوجود حنان بمنزلها في ذلك الوقت. وقد وافق شهادته تسجيلات الكاميرات المحاطة بجميع مداخل ومخارج منزل منصور المنياوي.
تحدث شاكر يوجه كلامة الى وكيل النيابة قائلا.

: ارجو الإفراج عن موكلتي بالكفالة اللى تحددها سيادتك لعدم ثبوت الأدلة الكافية التي تثبت إدانتها.
نظر له الضابط قائلا بمعالم وجه غير مقرؤه
: حضرتك عاوزني افرج عنها. واصدق ان واحدة ميته بقالها اكتر من 25 سنة، هي اللي ارتكبت الجريمة. في شهود على الواقعة يا استاذ شاكر.
رد شاكر قائلا.

: الأوراق اللى قدام سيادتك. بتثبت وجود ناهد عثمان الخولي توأم موكلتي على قيد الحياة. ده غير اسمها اللي نزلت بيه مصر وحجزت بيه في الفندق وكاميرات الفندق اللي بتثبت نفس الكلام مقارنة بنفس التوقيت اللي تواجدت فيه موكلتي ما بين منزلها والمستشفي اللي زوجها كان بيتعالج فيها. كل ده بيدل على برائة موكلتي. ده غير ان اللى انا و انت عارفينه كويس. ان مافيش مرتكب جريمة هيروح بنفسه بعد ارتكابها بأيام لموقع الجريمة مرة تانيه. ده غير الورقة اللي مكتوبة بخط ايد القتيلة. و اللي احد جيرانها شهدت بأنها هي اللي وصلتها لشركة منصور بيه ولمدام حنان شخصيا، واللي بتنص عن ثبوت ان ناهد الخولي هي مرتكبة الجريمة. وانها على قيد الحياة.

نظر الضابط له لبعض الوقت، زفر يرجع الى الوراء مستندا على كرسي مكتبه قائلا يوجه كلامه الى الكاتب بجواره
: قد امرنا نحن، وكيل نيابة قسم (، ) بالإفراج عن المتهمة حنان عثمان الخولي. وذلك بكفالة قدرها (، )
علي ذمة التحقيق. بضمان عدم جواز سفرها خارج البلاد حتى انتهاء التحقيقات. والى حين ثبوت حياة ناهد عثمان الخولي والقبض عليها.

خرجت حنان برفقة شاكر ومنصور من ذلك المكان المعتم. الى عتمة اعمق. عتمة لا يمكنها الخروج منها ابدا. امسك منصور بيديها يتجه بها نحو السيارة. ينظر اليها بنظارت شفقة متأثرا بحالتها. ركبت السيارة بنظرات تائهة. كالتي على اعتاب الجنون. صدمة حياة اختها. توأمها وانها سبب في اختطاف ولدها الوحيد. شيء لا يصدق. لماذا.؟ كيف.؟ لا يمكن. ما الذي يدفع شخص الى ادعاء الموت وهو هلى قيد الحياة. ما الذي يدفعها هي على وجه الخصوص لفعل كل هذا بها. مستحيل، اخذت افكارها تعصف داخل رأسها فأسندتها على نافذة السيارة تنظر الى الطريق بشرود...

فتح عينيه فجأة. رفع رأسه قليلا ينظر حوله بإستغراب. ما هذا المكان. اين هو.؟، ليتذكر فجأة الطريق. السيارة السوداء. إطلاق النار. حياة. اتسعت عينيه لآخرهما. هم ان ينهض. ليرجع مرة اخرى متألما يمسك ذراعه المصاب. ينظر اليه. من ضمده هكذا.؟ امسك به بمعالم وجه متألمة ليستقيم جالسا بصعوبة. ينظر حوله مرة اخرى. تفاجأ بدخولها عليه تمسك بين يديها عدة عبوات من الدواء. تقرأهم غير منتبهة اليه. نظرت له فجأة. انتفض قلبها. و اشتدت خفقاته. اطرأت برأسها مستديرة تنظر ارضا، نظر لها بعدم فهم. لماذا لا تنظر اليه.؟ انتبه الى انه عاري الجذع. التقط قميصه بجواره، يحاول ارتدائه بيد واحدة. بصعوبة بالغة وألم مضاعف قد استطاع ارتدائه. لكن مازالت ازراره مفتوحه لم يستطيع اغلاقها بيد واحدة. وربما يستطيع. وتعمد عدم إغلاقها. لينطق قائلا بنبرة مشاكسة.

: لبست خلاص.
لتستدير هي ببطء. تذدرد ريقها. تنظر ارضا على استحياء. تقدمت تقترب منه. قائلة
: حمدالله على السلامة.
: الله يسلمك
قالها بنبرة ناجيا من على اعتاب الغرق باليل عيناها الخالي من النجوم.
وضعت عبوات الدواء على الطاولة امامه ثم اخذت احداهم تفتحها قائلة بارتباك
: معاد الدوا. دلوقتي.
. هلا اغلقت قميصك رجاءً.

اخذ من يديها حبة الدواء ثم اعطته كوب الماء ليناوله منها يرتشف منه القليل ثم وضعه على الطاولة مرة أخرى همت بأعطائه الدواء الآخر. ليتصنع هو المعناة في اغلاق ازرار متأففا بانزعاج، نظرت اليه بجانب عينيها باستغراب. لتذدرد ريقها بصعوبة فجأة تتخضب وجنتها بالحمار. يتصبب من جبهتها العرق. عندما آتاها صوته قائلا
: ممكن تساعديني.

مجرد مساعدة انسانية. فذراعه مصاب. لا يقوى على تحريكه. اقتربت منه بخفقات قلب لم تدرك بعد مغزى شدة خفقها ذاك. و الماثل امامها يحاول ان يخفى ابتسامته المتراقصة على شفتيه بصعوبة. و بأطراف اصابعها. الإبهام والسبابة لكلتا يديها امسكت طرف قميصه والزر بحرص شديد من ملامسته. تتنفس بصعوبة. ترمش بأهدابها التي تزيد عينيها جمالا. تبتلع لعابها بصعوبة مع اشتداد خفقاتها. شهقة فزع خرجت منها عندما تصنع قصي الترنح وعدم الإتزان. لتسنده بكلتا يديها فيحاول الوقوف ثانية. الماكر. لم يستطيع هنا كبح ابتسامة عينيه لرؤيتها بذلك القرب. رفع يده يلامس بأطراف اصابعه وجنتها. يقترب منها. لتتسع عينيها تدفعه فجأة. سقط على ذراعه المصاب صاراخا. ركضت الى الخارج صعودا الى غرفتها تغلقها عليها جيدا. اخذت تلهث. يعلو صدرها نزولا وهبوطا بقلب يكاد يتوقف اثر اشتداد خفقاته. ماذا فعل. بل ماذا كاد ان يفعل.؟ عديم الحياء هذا. لن تذهب اليه مرة آخرى. هذا ما كانت تردده بداخل عقلها.

اما بالأسفل، فبرغم النار الحارقة اللتي تندلع ألما من ذراعه إثر السقوط عليه. إلا انه ابتسم باتساع بخفقات قلب متراقصة. التقط هاتفه يتصل بالضابط شريف من المؤكد انه قد علم امر مطاردته واطلاق النار امس. يعلم تماما من المتسبب في ذلك. تبادلا التحية. و بدأ قصي يقص له ما حدث امام الشركة. رد شريف قائلا
: ما فيش غيرهم. قابلني بعد ساعه في (، ).

اغلق قصي الهاتف سرعان ما ظهرت ابتسامته يكمل ارتداء قميصة. خرج من المنزل لمقابلة شريف. اوقف سيارة اجرة ثم ركب بداخلها متحركا بعيدا عن المنزل. بينما بعد ثوان معدودة. توقفت سيارة منصور امام المنزل. نزل منها يمد يده الى حنان ليسندها. بدا على وجهه معالم الحزن الشديد يتنهد بضيق عندما مدت حنان له يديها تنظر اليه نظرة لوم. عتاب مغلف بانكسار. دخلا الى المنزل. لتهلل سارة بفرحة ما إن رأتهن تنادي على حياة قائلة.

: طنط. حمدالله على السلامة. يا حياة. طنط رجعت
نظرت لها حنان بصمت. وكأنها غائبة في عالم آخر.
لتنظر لها سارة بعدم فهم. بينما حياة تنزل الدرج مسرعة بابتسامة تحتضن حنان. لتلاحظ تلك الحالة الغريبة اللتي عليها. نظرت اليها بقلق قائلة
: ماما انتي كويسة.؟
ثم نقلت نظرها الى منصور بتسائل وكذلك سارة قائلة
: خالو. هي ماما مالها.؟
رد عليهم منصور والحزن يفيض من عينيه قائلا
: تعبانة شوية. هترتاح وهتبقى كويسة.

ثم تركهم يصعد بها الى غرفتهم تحت نظراتهم المتسائلة بعدم فهم...
توقفت السيارة امام شركة المنياوي. نزل منها يقف قليلا يرتب افكاره. كيف سيخبره بأمر ولده.؟، دخل الى الشركة صاعدا الى مكتب منصور. قابل السكرتيرة قائلا
: لو سمحتى عاوز اقابل منصور المنياوي.
ردت السكرتيرة قائلة بعملية
: للأسف منصور بيه مش موجود في اجازة يا فندم. اي خدمة اقدر اقدمها لسيادتك.؟
تنهد عبد السلام بتفكير ينظر اليها قائلا.

: ممكن تديني عنوان بيته. انا يسري عزيز الخولي. ابن عم مراته. مدام حنان الخولي.
استقامت سناء ترحب به قائلة
: اهلا وسهلا يا فندم. اتفضل استريح.
جلس عبد السلام امامها قائلا نصف الحقيقة
: في الحقيقة انا بقالي سنين عايش بره مصر. ومن مدة كبيرة اتقطعت الإتصالات ما بيننا. وكنت حابب اقابلهم
ردت سناء قائلة
: الحقيقة يافندم منصور بيه في اجازة مرضية. لكن انا ممكن ادي حضرتك رقمه وممكن تتواصل معاه بنفسك.

اومأ لها عبد السلام بتفهم. لتعطيه ارقام منصور الخاصة به وبمنزله. اخذهم شاكرا اياها عائدا الى سيارته.
جلست على الفراش. توجه اليه سهام اللوم والعتاب بنظراتها. دنا منها يجلس على ركبتيه امامها وقد تلقى قلبه سهام نظراتها التي ادمته. نظرت اليه وقد تحولت عينيها الى شلالات من الدموع قائلة
: عاوزة افهم. ابني فين. و ازاي ناهد عايشة السنين دي كلها وانت ما تقوليش.؟ وايه علاقتها بخطف مازن ابننا.؟

نظر اليها يحتضن وجهها بين يديه وقد تجمعت الدموع داخل عينيه بدوره قائلا
: هفهمك. هفهمك كل حاجه.
استقام يجلس جوارها بحزن قائلا
: ناهد عايشة وده اللي انا عرفته بعد اختفاء مازن. وعرفت ان هي اللي خطفته من الجواب اللي بعتته تاني يوم الحادثة.
نظرت اليه بعيون دامعه وكلماته تسقط على مسامعها كالسوط. قائلة بصوت خافت متألم
: ليه.؟ ليه تدعي الموت. وتخطف ابني ليه؟

نظر لها منصور بوجوم. ماذا يخبرها. فقد اصبحت روحها مهترأة اثر كل تلك الصدمات. لينطق بما جعل عيونها تتسع زهولا عندما قال
: انا السبب.
الجمتها الصدمة. نطقت بعد وقت كافي لالتقاط انفاسها وابتلاع غصات ألم متتاليه قائلة
: ازاي انت السبب.؟
ليرجع بذاكرته للوراء يقص عليها ما دفع ناهد لفعل كل تلك الأشياء.

Flash back.

اقام حفل هائل. ضخم. لنجاتها بعد اجراء احدى عمليات استئصال الرحم. محبوبته. عشقه الأول والأخير. قد استجاب له الله من فوق سبع سموات. استجاب لدموعه ورجائه لنجاتها من موت محقق. هي وفقط لا يريد شيئا آخر. لا يريد أولادا مرة ثانية وليبارك الله لهما في ولدهما الوحيد. مازن، اشرف على كل شيء بنفسه. ولو طال قطعة من السماء لأحضرها لها. ولو طلبت روحه فداء لما تأخر للحظة عشقا لها. ، كتب لها خطابا بخط يده. يعبر به عن مدي سعادته بوجودها في حياته. يبث لها فيه عشقه. عل تلك الكلمات تعبر عن القليل من الكثير الذي يدخره لها بقلبه. وذكر فيه انه بانتظارها في غرفتهم. فالتترك الصغير لخالته. وتترك الاستعداد للحفل الآن وتأتي فورا. أرسله مع اخته الصغيرة. بداخل غرفة الإستعداد. تستعد للحفل برفقة الصغير واختها ناهد. اللتي كانت ترتب نفسها لحضانة الصغير بعد وفاة والدته فمن سيهتم به سوى خالته ونسخة والدته الثانية. لن يجد منصور فرصة افضل من تلك حتى ولو كان من اجل الصغير فقط. المهم ان تناله. ليأتي امر الله بنجاة حنان. يضرب بجميع ترتيباتها عرض الحائط. بينما تقف حنان تمسك بفستانها الذي احضره لها زوجها قطعة الروح كما تسميه. تنظر له بعشق. تتحدث قائلة توجه كلامها الى اختها ناهد.

: شوفتي يا ناهد الفستان حلو ازاي. انا مهما قولت مش هقدر اوفي حق حبه في قلبي.
لو كانت النظرات تحرق. لكانت حنان الآن تشتعل برفقة فستانها المرصع بالآلئ بين يديها. تحدثت بنبرة حقد مغلفة بنعومة صوتها قائلة بابتسامة لم تتعدي شفتيها
: ادخلي البسيه قبل ما مازن يصحى. وما تعرفيش تعملي منه حاجه.

قبلتها اختها على وجنتها بسعادة ودخلت مسرعة الى الحمام الخاص بالغرفة لترتدي فستانها. بينما هي تحترق انفاسها غيظا. لماذا يدللها بهذا الشكل. لماذا يحب اختها كل ذلك الحب. وهي لا. مع انهما نسخة واحدة. لم تكن تدرك ان ما يعشق هو الروح. وليس الشكل. هما نسختان متشابهتان شكلا. متضادتان روحا. انتشلها من عضبها طرقات صغيرة على باب الغرفة. فتحت الباب بتأفف وجدت الصغيرة تنظر اليها مبتسمة قائلة وقد علمتها من ملابسها.

: فين ابلة حنان. عاوزة اديها ده
ورفعت يديها بالخطاب. ردت ناهد بتسائل قائلة
: ايه ده.؟
لتشير لها الصغير ان تقترب. ثم همست بأذنيها بسعادة قائلة
: جواب من ابيه ليها.
تنظرت الى الصغيرة بوجوم وقد تأججت بداخلها نيران الغيرة. غيرة ليست من حقها. تصنعت الابتسامة قائلة
: هاتيه انا هديهولها.

اعطته الصغيرة لها ثم ذهبت، اغلقت ناهد الباب تمسك بين يديها الورقة المطوية. فتحتها تقرأ كلماته الموجهة الى حنان. لتتخيلها لها هي. وفجأة التمعت برأسها فكرة شيطانية. اخذت فستان اختها التي كانت ترتديه منذ قليل. ارتدته سريعا واخفت ملابسها تحت الفراش. ثم قرصت الصغير النائم في سلام. قرصة عقرب وفرت خارجة من الغرفة. ليصرخ الصغير صرخة بكاء جعلت امه تخرج مهرولة إليه ترتدي نصف ملابسها...

اما بالخارج توجهت الحرباء المتلونة بلون الطيبة ونظرة الحنان اللتي لا تليق بها ابدا. بعثرت شعرها تجمعه على كتفها الأيمن. كي تخفي الفرق الوحيد بينها وبين اختها.

. همت بطرق باب الغرفة فوجدته يفتح ببطء. دخلت بخطوات متمهلة تغمض عينيها باستمتاع وقد تسلل الى انفها رائحة عطره النفاذ. دخلت الى الغرفة تنظر حولها بنظرات متسائلة. لا وجود له. شهقت شهقة فزع. عندما تفاجأت به يحتجزها بذراع واحده بينه وبين باب العرفة بعدما اغلقه. ينظر لها بنظرات عاشق متيم. قائلا بنبرة هادئة وهو يمسد على خصلات شعرها بابتسامته المدغدغة للحواس
: كده. طول اليوم مش سأله فيا.

نظرت الى عينيه. أتنعم حنان بكل ذلك الحب.؟، . وحدها.؟
وبنبرة مبحوحة اردف منصور قائلا
: وحشتيني.
لتغمض هي عينيها تتذوق وقوع تلك الكلمة منه على مسامعها. امتدت يديه يزيح شعرها الى الوراء.

مال الى الأمام يقبل وجنتها. تصلبت يديه على اسفل خلف رأسها. بل تصلب جميع جسده. متسع العينن ينظر اليها بزهول. عندما رآى تلك الشامة البنية التي تعلو رقبتها من الخلف. تلك العلامة التي اخبرته حنان يوما انها العلامة الوحيدة اللتي تفرق بينهما شكلا. لتتفاجأ بصفعة قوية على وجهها اهتزت لها جدران الغرفة. صفعة انتشلتها من حلمها الوردي. بل حلمها الأسود. لتسقط على الأرض اثر قوتها.

وهو يقف ينظر لها متسع العينين. لا يصدق ما يحدث. ليتحدث قائلا بنبرة كزئير غاضب
: انتي بتعملي ايه هنا.؟
رفعت له نظراتها تضع كف يديها على وجنتها اثر الصفعة. ثم استقامت تقترب منه قائلة بدموع
: انا بحبك يا منصور. بحبك.
دفعها بعيدا عنه ينظر لها بصدمة قائلا بغضب
: انتي اتجننتي. اتجننتي
لتقترب منه ثانية وقبل ان تنطق. باغتها بالصفعة الثانية قائلا بإشمئزاز
: اطلعي بره. بره يا مجنونة.

اخرجها مغلقا الباب خلفها. نظرت الى الباب المغلق امام وجهها بحقد. يعلو صدرها ويهبط شرا لتتوجه سريعا الى الغرفة الجالسة بها اختها وجدتها تهدهد الصغير بين يديها. نظرت لها بكل الوان العالم شرا لتشرد بالصغير بين يديها متسعة العينين تقرر الأنتقام فيه من كليهما...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة