قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل السادس

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل السادس

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل السادس

وقف يرتدي ملابسه للذهاب للعمل، تململت هي في الفراش تفتح عيونها ببطئ تسأله
زهيرة: انت رايح فين بدري كده
التفت لها عبد السلام نصف التفاته يكمل ارتداء ملابسه قائلا
: الشركة
بدا عليها الاسغراب لترد متسائله
: الشركة؟ غريبة يعني بقالك فترة مش بتروح وسايب الشغل لقصي
فلم يرود عليها لتنتبه هي تضيق عينيها بشك تتمني الا يكون فعل ماتفكر به، تسأله
: انت مسافر مصر امته؟

وقف امامها وقد انتهي من ارتداء ملابسه ينظر اليها ببرود قائلا
: مش هسافر.
اتسعت عينيها تسأله وتخشي الاجابه
: ليه؟
عبد السلام ناظرا لها تتجسد بعينيه الحرب، التحدي
: ماقدرتش، تعبان
و كأن احدهم القى بدلو ماء بارد عليها حين اردف عبد السلام
: قصي سافر مكاني
ثم ولاها ظهره يخرج من باب الغرفه، لتنتفض هي وعينيها تحاكي شر، حقد، ولا تبالي اذا اقامت حرب
، وبنبرة يتطاير منها شرارات غضب حارقة
: ليه يا عبد السلام؟

توقف. التفت اليها يحدثها بلا مبالاة قائلا
: ليه ايه.؟، مش اول مرة قصي يسافر مصر
ابتسمت بغضب قائلة
: بس اول مرة يسافر مصر لوحده.
ضيقت بين عينيها بشك ثم اردفت
: وانت مش معاه
رد ناظرا لها يتحدى شرارات عينيها المتفجرة
: منا قولتلك ما قدرتش. ولحد ما اقدر، هبقي اسافر له
واجابته في قاموسها تحمل معنى آخر غير التعب، معني ربما كان عليها ان تحسب له الحسبان منذ زمن مضى.

ولاها ظهره يخرج مرة اخري لكنه توقف فجأة يغمض عينيه بشدة حين اتاه صوتها زاعقا
زهيرة بحقد: يسري...
ولاول مرة منذ زمن تناديه بذالك الاسم، ذالك الاسم الذي دائما ما يذكره بحقارته، تجرده من الانسانيه، يذكره بأنانيته، التفت لها ينظر والندم يتجسد بعينيه لتكمل هي محذرة بكل الوان العالم شراً
: بلاش تفتح في دفاتر قديمة. عشان انت اللي هتحاسب في الآخر.

نظر اليها يبتسم بسخرية مريرة، سخرية سوداء تحمل سرا وذنبا يثقل ظهره
: انا حاسبت من زمان اوي. دفعت التمن، لو قلبتي في دفاترك كويس هتلاقي عليكي انتي حسابات لازم تسدديها.

تركها وذهب، ترك خلفه ذكريات سوداء تعج بخيالها رفعت يديها في عصبية تشد شعرها للوراء تدور وكأنها على شفا جرف من الجنون اخذت تحطم كل ما يقابل يديها، تلهث وكأنها تعدو في سباق، جلست ارضا بعد ما افرغت جزء من غضبها، صدرها يعلو و يهبط تحترق انفاسها تفكر بشيطانية قاتمة، وما بعد تفكيرها، يأتي الدمار، تسحق كل جميل، تقلع قلوب، تنتشل منها الفرح والاطمئنان، السعادة، ويختصر كل ذالك في مكالمة هاتفيه وجمله واحدة.

زهيرة: احجزلي اول طيارة لمصر
وبالصدفة، اثناء نزوله الدرج، استمع إلى تلك المناقشة الحادة بين والديه، اتسعت عينيه عندما وصل إلى مسامعه صوت تحطيم والدته لمحتويات الغرفة، دارت برأسة عدة تسائلات.
من يسري، وما هي تلك الحسابات القديمة، ولما غضبت والدته كل ذالك الغضب، لمجرد معرفتها بسفر قصي، قطع حبل تسائلاته رنين هاتفه، اغلق الصوت واسرع يكمل نزول الدرج ليرد على الاتصال قائلا بابتسامة واسعه.

: يا هلا والله بالغالي
اتاه الرد بصوت ناعم يشبه مواء القطط
: لا انا زعلانة منك كتير انت ماتحبني
عمر بابتسامة: ما اجدر والله
الفتاه على الجانب الاخر
: طيب لو بدك صالحك بتيجي اليوم ع السهره
عمر باابتسامة واسعه ماسحا صدره بكف يده
: وماله اجي ياقمر ما اجيش ليه.
الفتاة: بنطرك يا حبي
واغلقت الهاتف تنظر للجالس بجوارها على الاريكة قائلة
: ايش رأيك عجبتك؟
رد عليها واضعا قدما فوق الاخرر.

: حلو اوي. اما يجيلك، نفذي اللي اتفقنا عليه
نفث دخان تبغه يخطط للإنتقام، للثأر لكرامته
. لكبريائه. لرجولته التي اهتزت تحت عرش عشق امرأة يريدها. لرجل أخر غيره,
ولم يجد الذ من الانتقام منه بأخيه،!

اغلقت عين المرحاض تجلس عليها تفرك يديها بتوتر، متوترة لكنها مطمأنه، لا تعرف لماذا لا تشعر بالخوف الان، شعور غريب بالاطمئنان يستحوذ عليها رغم انها ما زالت بدائرة الخطر، تحمد الله بقلبها، لا يمنعها سوى وجودها بالمرحاض عن حمد الله بلسانها، فلولا وجود ذالك الغريب الذي بعثه لها القدر لإنقاذها لكانت الان بين يدي ذالك الحقير باسم.

زحام. اصوات صاخبه. ، وصوت زامور سيارة الاسعاف الذي قبض قلبها، توقفت حركة المرور ليفسحو الطريق لسيارة الاسعاف.
لا تدري لما انقبض صدرها، قبضت بيديها على موضع قلبها لتسأل السائق الخاص بهم
: دي حادثة ياعم ابراهيم؟
رد قائلا
: ايوه ياست هانم تقريبا عربيتين دخلو في بعض
تأثرت معالم وجهها قائلة
: ياساتر يارب. ربنا ينجيهم
مرت سيارة الاسعاف بجانبهم تماما
لتسأل سارة السائق
: هو فاضل كتير على المطار ياعم ابراهيم.

رد عليها
: لا خلاص الطريق هيفتح اهو وكلها ربع ساعه بالكتير
زفرت في قلق لتربت حنان على قدميها تطمئنها،
بينما كان الطبيب المسعف بسيارة الاسعاف التي مرت بجوارهم يحاول جاهدا ابقاء منصور حيا حتى الوصول الى المشفى، ولا تدري هي بأنه على وشك فقد الحياة وبينها وبينه عدة امتار
وصل يوسف امام المطار، صف سيارته ثم اتجه إلى داخل المطار مسرعا يهاتف صديقه
: انت فين. انا في المطار.

اخبره قصي بمكانه، توجه يوسف اليه، لمحه قصي عن بعد فأشار له، دلفا سويا إلى المرحاض، يحتضنه يوسف قائلا باستنكار
: كان نفسي اسلم عليك في مكان الطف من كده
ثم نظر حوله واردف
: في ايه. وكنت عاوز الحاجات دي ليه
التقط منه قصي الحقيبة قائلا
: بعدين.

طرق باب المرحاض، فانتفضت حياة بالداخل مرتبكة , لاتدري اتجيب الطارق ام تصمت، دب الخوف بأوصالها اين هو ذالك الغريب الم يخبرها بأنه ينتظر بالخارج، تنفست الصعداء عندما اتاها صوته بعد لحظات قائلا بنبرة مطمئنة
: افتحي.
فتحت حياة الباب ببطء تنظر من خلفه،
نظر لها يوسف باستغراب، نظرت له حياة ثم نقلت نظرها لقصي، فاعطاها قصي الحقيبة قائلا
: البسي دول بسرعه.

اومأت له تلتقطت منه الحقيبة ثم اغلقت الباب، نظر له يوسف متسائلا
: مين دي؟..
نظر له قصي وبكل هدوء رد
: مش عارف.!
ليمط يوسف شفتيه قائلا بتهكم
: نعم؟
ليقاطعهم دخول رجل ما إلى المرحاض ينظر لهم في ريبة، فتحت حياة الباب فنظر اليها الرجل ثم وجه نظره إلى قصي ويوسف، نظر له يوسف يضيق عينيه يبتسم ابتسامة صفراء، ظل الرجل يوجه اليهم نظرات الشك حتى اغلق عليه باب المرحاض
مال قصي على يوسف قائلا
: استناني في العربية.

اومأ له يوسف وخرج، التفت إلى حياة وطلب منها ان تظل داخل المرحاض حتى يأتي خالها، عادت مرة اخرى إلى الداخل واوصدت الباب، اخرج هاتفه من جيب سترته
ليهاتف منصور فآتاه الرد ان الهاتف المطلوب مغلق او غير متاح، زفر قصي وعاود الاتصال ثانيه.
وفي تلك الاثناء كانت سيارة الاسعاف قد وصلت إلى المشفي، اضطربت حركه الطاقم الطبي لإسعاف المصاب واحدى الممرضات صعدت مسرعه لتخبر الطبيب ان عليه الحضور لينقذ حياة المصاب.

: دكتور الحقنا، في واحد حالته خطر مصاب في حادثة
انتفض الطبيب يلبي النداء، و خلفه الممرضة تحاول مجاراة خطواته، وصل إلى غرفة الطوارئ، تفحص منصور، ليأمرهم قائلا بجد
: جهزولي اوضة العمليات حالا...
اسرع كل منهم إلى ما عليه فعله، اعطي الطبيب المسعف الخاص بسيارة الاسعاف اشياء منصور الخاصة إلى الممرضة قائلا
: خدي دي محفظة وتليفون المصاب كانت جمبه في العربية.

لتأخذهم منه تتفحصهم لعلها تتعرف على هويته، على ما يبدو انه من احد رجال الاعمال فتحت هاتفه الشبه محطم اثر الحادثة تتمني ان يعمل، وبمجرد ان فتح اتاها اتصال احدهم لترد عليه قائلة
: الو. ايوه. الحقيقة صاحب التليفون عمل حادثة على الطريق وهو دلوقتي داخل العمليات. ربنا يقومهولكم بالسلامه ان شاء الله بس محتاجين حد يجي يبقي موجود معاه
وبروتينيه جامده اغلقت الخط بعد ما اخبرته بإسم وعنوان المشفى.

علي الجانب الآخر بهتت ملامح وجه قصي لما سمعه على الهاتف، نظر الى باب المرحاض المغلق بشرود متسع العينين، يالهذه المسكينة من كان سيأتي لينقذها على وشك الموت، كيف يتصرف، ماذا عليه ان يفعل...

اما خارج المطار وصلت سيارة حنان وسارة، نزلا منها سريعا دلفا إلى داخل المطار، سارة تلتفت يمينا ويسارا تبحث بعينيها عن حياة علها تراها، حنان تلتقط هاتفها تتصل بمنصور والهاتف خارج الخدمة، حاولت مرة اخري فانتبهت جميع حواسها للصوت الذي اتاها على الهاتف قائلة
: مين معايا.

لتتسع عيني حنان لآخرهما فجأه تتوقف اطرافها عن الحركه، تشوشت الروئيا اماما، تشعر وكأن قلبها توقف عن النبض، لاحظت سارة تغيرها وقفت امامها تسألها بترقب قلق
: في ايه ياطنط؟
لتنظر لها حنان وهي مازالت على وضعها تعطيها الهاتف وبمجرد ان اخذته منها، ارتطم جسدها بالأرض، سقطت فاقدة للوعي.

صرخت سارة تستغيث بمن حولها لا تعلم ماذا يجري ومن هاتفت لتفقد الوعي هكذا، توقف بعض المارة لمساعدتها لتنظر هي بالهاتف تجده رقم منصور وضعت الهاتف على اذنها تتحدث باكية
: ايوة ياانكل الحقني.
بهتت ملامحها تشهق بذعر عندما حدثتها الممرضة قائلة
: يافندم صاحب التليفون عمل حادثة وهو دلوقتي في العمليات، في مستشفى (، ).

طرق الباب ثم توجه إلى الخارج ينظر إلى تلك الجلبة في وسط صالة المطار، يبدو ان احدهم سقط فاقدا للوعي فتحت حياة الباب ووقفت تنظر اليه، التفت قصي للواقفة خلفه بارتباك متوترة، فقد لفت حجاب العبائة السوداء حول وجهها فبدى وجهها كالبدر وسط سماء ليل حالك السواد، اذدرد قصي ريقه ببطء ثم اقترب منها، توترت اعصابها اكثر فرجعت خطوة للخلف، اتسعت عينيها تنظر له، خفقات قلبها تدق كالطبول عندما وقف امامها مباشرة يمد يديه نحو وجهها ملتقطا طرف الحجاب يلفه حول وجهها، فبدت شبه ملثمة، لا يظهر من وجهها سوى عينيها الواسعتين باهدابها الطويلة، بدت وكأنها كأميرة هاربة، نظر إلى عينيها مباشرة واطال النظر، استدرك نفسه سريعا يذدرد ريقه قائلا.

: هاتي ايدك.
مد يده لها، فاطرأت برأسها ارضا ويبدو على الجزء الظاهر من وجنتيها آثار حمرة الخجل، فالتقط اناملها بلطف بين يديه واضعا اياه بداخل زراعه ثم خرج من المرحاض آخذا حقيبة ملابسه ذات العجلات يجرها خلفه متوجها إلى خارج المطار، اوقفته حياة تنظر له بعيون دامعة، كم بدت كطفلة بريئة. خائفة، تسأله
: احنا رايحين فين؟
نظر لها وبداخله شعور غريب يحتم عليه حمايتها، والبقاء بجانبها
اردفت حياة قائلة.

: خالو جاي،!
نطقتها. ولا تدري اتخبر نفسها، ام تسأله
اما هو، لايعلم ماذا يخبرها، ايقول لها ان من تنتظره لإنقاذها مصاب في المشفى على وشك فقد حياته،
ام يقول ان ذالك الرجل مازال يبحث عنها ويفتش في جميع الاتجاهات، حقا لا يعلم
: ماتخافيش، كلمته. وااا. قالي اخرج بيكي من المطار وبعدين اكلمه.
وجد نفسه يقول لها هكذا، وحقا لايعلم لماذا يريد حمايتها، كذب. كذب فقط لانه لا يريد احزانها،.

اغمضت عيونها تتنهد بارتياح، اكملت السير معه إلى خارج المطار، اثناء خروجهم لمحت حياة باسم يقف في اقصي صالة المطار يلتفت يمينا ويسارا يبدو عليه الغضب يوبخ احدهم حانقا على الهاتف، تلقائيا وبدون ان تشعر ضغطت بقبضتها على زراع قصي، وكأنها تستجدي منه الحماية او الامان، وكأنه فجأة اصبح مصدر امانها الوحيد بذالك المكان، وجد نفسه يطمئنها قائلا بصوته الرزين
: امشي عادي خالص.

تحرك باسم إلى باب المطار خارجا منه اثناء خروجهم، اقترب منهم، وخاصة اقترب اكثر من حياة، اشتدت خفقات قلبها خوفا، جميع ما بداخلها يرتعش، مر بجانبهم تماما خارجا من المطار متجها نحو احد رجاله، نظر قصي بطرف عينيه اليه، يتحدث غاضبا لرجاله، فقال لها بابتسامة وكأنه يحاورها بأريحية تامة
: زي ما انتي اي حركة مريبة منك هتكشفنا
نظرت يمينا ويسارا بعينيها واطاعته خائفة تردد بخفوت.

: وجعلنا من بيت ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون
شرد بها للحظات ثم اكمل سيره نحو السيارة
اخذت ترددها حتى وصلو إلى سيارة يوسف ففتح لها قصي الباب لتدخل، دلفت تنظر بجانب عينيها إلى باسم ورجاله، دار قصي حول السيارة ثم فتح له يوسق حقيبة السيارة وضع بها حقيبته ثم توجه للباب الامامي يجلس بجوار يوسف سريعا، قائلا
: اطلع بسرعه.
لينطلق يوسف بسيارته فرارا من امام المطار.

في احدى قرى الصعيد تحديدا في بيت من بيوت اكبر عائلات البلدة، يجلس بغرفة المكتب يحتسي قهوته، في انتظار مقابلة كبير العائلة، دلف إلى داخل المكتب بهيبة ووقار سالم حافظ يرتدي عبائة طرفيها على كتفه، يلف حول رأسه عمامة بيضاء، وبيده عصا ابانوسي قائلا باللهجة الصعيدي
: يا مارحب بالاستاذ...
استقام يرحب به معرفا نفسه
: اهلا يا سالم بيه. شاكر الدمنهوري المحامي الخاص لمنصور بيه المنياوي. اكيد حضرتك عارفه.

صافحه سالم يبتسم قائلا
: خابره زين. مين ما يعرفش اكبر رجال لاعمال في الحديد والصلب
اومأ له شاكر يجلس على الكرسي المقابل للمكتب بينما سالم جلس على كرسي المكتب
: منورنا يا استاذ شاكر
شاكر بابتسامة
: متشكر يا سالم بيه. الحقيقة انا جاي انهارده بأمر من منصور بيه شخصيا اني اتفاوض معاكم وبشكل ودي بخصوص موضوع بنت فؤاد بيه الله يرحمه واعلان الوراثه واظن ده حقها وشرع الله، خصوصا انها بنته الوحيده.

اشتعل الغضب بداخله لكنه اخفاه تحت ابتسامة ظاهرها ود وحقيقتها تكاد تفتك بشاكر ومن ارسله فتكا،
رد سالم يتسائل رغم علمه بالامر مسبقا
: عمي فؤاد الله يرحمه عنديه بت وانا ما خبرش
ابتسم شاكر ابتسامة جانبيه قائلا
: يعني انت مش عارف ياسالم بيه؟ على حد علمي ان امها الست ناديه الله يرحمها جتلك واترجتك تديها ورثها الشرعي وورث بنتها قبل ما تموت
اردف سالم يرفع حاجبيه مصححا.

: لاه يا استاذ شاكر. مرات عمي الله يرحمها جت تطلب مني ورثها في عمي وهو طلقها من زمان يعني بشرع ربنا مالهاش ورث
رد شاكر: على العموم عمك له بنت وحيده هي سارة فؤاد حافظ، وريثة شرعيه له
ابتسم سالم بأصفرار يومأ له قائلا
: اكيد طبعا احنا ما هنظلموش حد ولو شرع ربنا عنفذه على رجابينا،
التمعت عيناه بخبث مردفا
: وبت عمنا لحمنا. واحنا ما نرميش لحمنا وما هناكلوش حقها واصل.
اسقام شاكر منهيا الحوار.

: انا قولت بردو ان سيادتك هتتفهم وان مافيش داعي لمحاكم ولا قواضي. وده ملف في كل الاوراق اللي بتثبت ان سارة بنت فؤاد بيه، و وريثته الشرعية
استقام سالم بدوره يصافح شاكر قائلا
: اكيد. شرفتنا يااستاذ شاكر
خرج شاكر من غرفة المكتب، جلس سالم يفكر في تلك المعضلة قاطع تفكيره دلوف اخيه الاصغر سنا اسماعيل
علي وجهه علامات الاستغراب فقال بترقب
: مين ده اللي كان عندينا يا اخوي
نظر له سالم يبتسم بسخرية.

: ده محامي بت عمك اموكلاه عشان الورث
ضيق اسماعيل ما بين حاجبيه يتقدم من المكتب بخطوات غاضبة، عينيه تنطق بالشر قائلا
: ورث ايه وزفت ايه اللي عاوزاه بت المحروج دي. مش كفايه مصيبة الوصية بتاعت عمك اللي هتضيع منينا كل حاجه
سالم في تفكير لا يخلو من الشيطانية
: سيبك من الوصية دلوجتي ماحدش يعرف عنيها ايوتها حاجه، امرها مفروغ منيه، خلينا في بته
اسماعيل متذمرا بغضب.

: والله منا عارف عمك ده كان متجوز كام ولا مخلف كام
زفر بعنف ثم اردف
: طب وهنعملو ايه في بت المحروج دي
ابتسم سالم بشر ابتسامة جانيبة قائلا
: نعملو كل خير.
ثم نظر له نظرة شيطان يدركها اخيه جيدا حين يفكر فأردف سالم
: يبجى زيتنا في دجيجنا، وما نرموش لحمنا واصل.

نظر له اسماعيل يضيق عينيه غير مدرك لما يقول ثم اتسعت ابتسامته تدريجيا ينظر لأخيه بأعجاب حين ادرك المغزى من كلامه، غافلين تماما عن من تستمع اليهم خلف باب المكتب، بعيون تزرف دموع القهر و قلب ينبض بعشق عقيم و لسان يعجز عن البوح بذالك العشق، او بالأحرى يعجز عن البوح بأي شيء...
وقفت الحافلة على جانب الطريق واحد الركاب يرشدها قائلا
: انزلي هنا ياست هتلاقي الناحية التانيه الشركة اللي بتدوري عليها.

شكرته ام ورد قائلة
: طيب ياأخويا ان شالله تسلم وتعيش يارب
نزلت من الحافلة تتأوه وقد بلغ بها التعب مبلغه، فبعد عناء طويل بالنسبة إليها بالمواصلات وصلت اخيرا إلى مقر شركة المنياوي، وضعت يديها على حاجبيها تظلل على عينيها من لهيب الشمس الحارق تعبر الطريق إلى باب الشركة الرئيسي وقفت امامها بابتسامة بلهاء، مزهوله لما تراه لتحدث نفسها قائلة
: يالهوي باالي ده زي اللي بنشوفها في التلفزيون.

همت بالدخول، استوقفها احد رجال الامن مانعا اياها من الدخول قائلا
: على فين ياست انتي. هي وكالة من غير بواب
لتنظر له ام ورد بااستنكار قائلة
جرا ايه يااخينا. انا عايزة منصور بيه المنياوي في حاجه شخصية يااخويا
ضحك رجل الامن بسخرية قائلا
: منصور بيه؟ وحاجه شخصية مرة واحدة
ردت ام ورد وقد فهمت مغزي سؤااه
: لاء بقولك ايه اقف عوج واتكلم عدل انا بقولك اهو
ليأتي احد زملائه اثر صوت ام ورد يأنب صديقه بعينيه قائلا.

: خير ياامي. اؤمريني
ام ورد وقد تبدلت ملامحها للابتسام فجأة
: ان شالله ما يؤمر عليك عدو ياابني. انا كنت عاوزة منصور بيه صاحب الشركة دي. مش صاحبها بردو يبقي اسمه منصور المنياوي
اومأ لها فأردفت
: انا بقي عاوزاه في موضوع مهم وشخصي حبتين
رد عليها رجل الامن
: هو مش موجود دلوقتي مشي من بدري بس انا ممكن ادخلك لحد من السكرتاريا يمكن يساعدك
ردت ام ورد مبتسمة
ونبي انت ابن حلال وامير.

ثم نظرت إلى زميله الآخر باستنكار قائلة
: مش عديم الربايه
دلفت ام ورد إلى الشركه حيث وصف لها طريق الدخول إلى السكرتاريا ثم التفت لزميله قائلا
: انت غبي ياابني. انت مش عارف ان منصور بيه منبه علينا ان اي حد يسأل عليه شخصيا يدخلوه فورا. ولو مش موجود يحولوه لمدير الحسابات ويشوف محتاج ايه
رد عليه صديقه قائلا
: وانا ايش عرفني ياعم. خلاص حصل خير. منصور بيه ده الله يباركله ويزيده كمان وكمان.

امن صديقه على دعائه له بينما داخل الشركه
وقفت ام ورد تستجدي السكرتيرة قائله. : يااختي ابوس ايديك اديني العنوان بقولك موضوع شخصي، موضوع حياة او موت
ردت عليها السكرتيرة في عملية تامة
: اسفة والله يافندم الاوامر اللي عندي ممنوع اي معلومات شخصية خاصة بمنصور بيه تطلع لأي حد
زفرت ام ورد في يأس تسألها
: طب هو هايجي امتى.؟
ردت السكرتيرة
: بكرة هيبقي موجود يا فندم
اومأت لها ام ورد ثم عادت ادراجها خاليه الوفاض.

جلس بمكتب عيادته ينتظر مجيئها لتأخذ عصفورها، او ربما ينتظر مجيئها لشيء آخر لا يعلم ماهيته، زفر بضيق واستقام يخطو نحو العصفور حيث احضر له قفص وطعام خاص به وقف يداعب العصفور بسبابته من خلال فتحات القفص ليري في حركه العصفور لهفة للخروج. للحرية، والطير خارجا تنهد بضيق قائلا
: وبعدين بقي فيك انت وصحبتك. مااقدرش اخرجك استني لما تيجي بس وتقولي حكايتك ايه.

ثم نظر له يقترب يضع له بعض الحبوب بالمكان المخصص لها بالقفص قائلا
: بقولك ايه ما تقولي انت ايه الحكايه
اشار إلى الطعام برأسه ثم نظر للعصفور واردف
: احنا خلاص بقى بيننا عيش وملح
زقزق العصفور بصوت عال فبدا معترضا على ما قاله حمزة ابتعد حمزة فجأه يتصنع الخوف قائلا
: طب ياعم ما تتعصبش مش عاوز تقول خلاص
نظر اليه ثانيه قائلا باستعطاف
: طب اسمها ايه
ابتسم بشرود للحظات ثم اردف
: هبقى اعرف منها...

ابتعدو عن المطار بمسافة آمنه نزعت حياة طرف حجابها عن وجهها تتنفس الصعداء قائلة
: الحمد لله. الحمد لله
نظر يوسف إلى قصي بتسائل قائلا
: اروح فين...
نظر قصي إلى حياة بمرآة السيارة للحظات ثم وجه نظره خارجا من نافذة السيارة قائلا في ثبات
: اطلع على البيت عندي
انتفضت حياة قافذة من المقعد الخلفي للسيارة صارخه
: ايه،؟، بيت مين؟ نزلني هنا لو سمحت.

مسح قصي على وجهه بضيق، ليس منها بل من ذالك المأذق لا يعلم كيف يخبرها، بينما يوسف متسع العينين في زهول ينظر له تاره وللطريق تارة اخري،
اردفت حياة تسبقها دموعها قائلة ببكاء
: خالو فين.؟ انت قولت انه كلمك. وقالك خرجني من المطار.

نظر لها قصي في مرآة السيارة وبدا عليه التأثر الذي سرعان ما أخفاه، لا يدري ماذا يخبرها وإذا اخبرها ماذا ستكون العواقب عليها، لحظة. لماذا يفكر هو بالعواقب وما شأنه بها. سيخبرها و ستذهب وفقط، فقد فعل ما يتوجب عليه واخرجها من ذالك المأزق. ، لاشأن له بها بعد الأن، لكن ماذا لو لم يسافر ذالك ال باسم، وخالها على وشك فقد الحياة، او ربما فقدها بالفعل، ماذا لو عاد اليها مرة اخرى، ماذا لو اختطفها ثانيه.

كل تلك التسائلات فكر بها قصي واثناء غرقه بتفكيره ظنت حياة انها على وشك الاختطاف ثانية عندما صمت ولم يجيب سؤالها، فأسرعت ناحية باب السيارة تفتحه قائلة ببكاء صارخ
: وقف العربية. وقفها والا هفتح الباب وارمي نفسي من هنا.

ضغط يوسف على مكابح السيارة سريعا يوقفها لتصدر صوتا صارخا اثر احتكاك العجلات بالأرض، نزلت حياة مسرعه نظرت إلى الطريق، فارغ تماما لا وجود لاي بشر لا يوجد سوى السيارات تمر كالبرق، نزل قصي بدوره سريعا خلفها، همت بالركض لكنها وجدت يد من حديد تقبض على معصمها قائلا بنبرة كالسيف
: استني...
التفت له تبكي، وجهها غارق بالدموع، زفر قصي يدير رأسه للجانب الاخر لحق بهم يوسف وقف بجوارهم
حياة في بكاء وهي تنظر لهم.

: انتو عايزين مني ايه؟
يوسف وهو يحاول تهدأتها قائلا
: اهدي يا آنسة. احنا مش عاوزين حاجه والله
حياة وهي تنتبه إلى معصمها انه بين قبضة يد قصي لتنفضها سريعا قائلة
: طب لو سمحت انا عاوزة امشي دلوقتي
لتتحدث افكاره فجأه
: وافرضي باسم ما سافرش؟ ورجع تاني
استغرب مما نطق به خانه لسانه لأول مرة بحياته.
ردت حياة من بين بكائها
: حروح لخالو بس. وهو مش هيقدر يعملي حاجه.

هو يعني لها الكثير، بل يعني لها كل شيء، تنعم بالامان والدفء تحت ظله، تراه عالمها. دنياها، تراه هو من يستحق لقب الاب،
رد قصي متسائلا
: اللي انتي كلمتيه في المطار؟
ردت حياة وهي تمسح دموعها بظهر يديها كطفلة تبكي وقد فقدت حلواها المفضلة، او ان احد الاولاد المزعجين بعثر لها ضفيرتيها وفر راكضا
: ايوه.

وقفت كالصنم تتسع عينيها توقفت عن البكاء، عن زرف الدموع، وربما عن الحياة، خفقات قلبها تدوي كالطبول، شيء ما اعتصر قلبها، عندما آتاها صوت قصي قائلا
: اللي انتي كلمتيه. عمل حادثة وفي المستشفى.

ضغط على اسنانه يكاد يفتتها اثر الغضب، غضب من نفسه كثيرا عندما رأى ردة فعلها مسح على وجهه بعنف حانقا من نفسه، مازالت هي على نفس الوضع التفت متسعه العينين تخطو بخطوات بطيئة جدا، يتردد صدي الكلمة بداخلها عمل حادثة. هل سيتركها وحيدة؟ بلا حماية. بلا امان.؟!، لا حياة لها بدونه. ، هل سيتركها لوالدها يعرضها في مزاد علني لمن يدفع اكثر. كيف. كيف ستكمل حياتها بدونه. كيف تحيا بعيدا عنه. وعند تلك الفكرة دارت الدنيا حولها وكأنها تسقط بدوامة سوداء تلتهمها حتى تفنى، فقدت وعيها وقبل ارتطام جسدها بالارض كانت ذراعي قصي تلطقتها...

بعد بعض الوقت...
في المشفى، تحديدا امام غرفة العمليات، وقفت حنان تبكي بهيستريا تدعو الله ان ينجيه، مشتت قلبها جزء منه بداخل غرفة العمليات، والجزء الآخر مفقود، اما عن الروح. فأحدهم سلب منها روحها منذ زمن، تبكي بهستيريا تدعو الله
: يارب نجيه يارب احنا مالناش غيره، يارب ما تحرق قلبي ولا توجعه تاني يارب...

بينما سارة جالسه على احد المقاعد بالرواق الخاص بغرفة العمليات، مطرأة برأسها تبكي في صمت، تتساقط دموعها بروتينيه قاتمة، تبكي في صدمة فعلي ما يبدو انها فقدت صديقتها إلى الابد حيث منقذها الوحيد لم يصل إليها، ولم تجدي محاولاتهم للعثور عليها بداخل المطار، ولا امل إلا في الله ثم منصور، الذي تتعلق روحه الان ومصيره بين يدي الله،.

وصل يوسف بسيارته إلى فيلا والد قصي، فقد ابتاعها خصيصا لانه لا يحبز الإقامه بالفنادق او الاوتيلات اثناء عملهم بمصر، ترجل قصي من السيارة متجها ناحيه الباب الخلفي لها ليحمل حياة متوجها بها إلى داخل الفيلا خلفه يوسف اخذ منه المفاتيح، فتح الباب و دلف قصي فأسرع يوسف يزيل غطاء الأريكة العالق به بعض الاتربه ليمدد قصي حياة عليها ثم اشار مسرعا ليوسف ان يتبعه متوجها إلى غرفه المكتب دلف خلفه يوسف قائلا.

: فهمني ياقصي ايه اللي بيحصل. بالظبط ومين دي؟!
زفر قصي واضعا يده على وجهه ثم دار حائرا فأردف يوسف متسائلا
: مين دي ياقصي.؟
رد قصي مسرعا بنبره بها بعض الغضب
: معرفش. معرفهاش
نظر له يوسف بتسائل فأردف قصي جالسا يشير إلى احد المقاعد
: اقعد هفهمك.
ليجلس يوسف يستمع إليه حيث قص له قصي كل ما حدث في المطار
قصي: معرفهاش. معرفش اي حاجه عنها ولا اسمها حتي
يوسف وهو متسع العينين مزهولا لما سمع.

: طيب بعد ما خرجتها من المطار ما سبتهاش تمشي ليه، كنت ركبتها تاكسي او نزلتها اول الطريق
توترت حركة عيني قصي لا يعلم ماذا يجيبه فهو حقا لم يفكر في ذالك الحل كل ما فكر به هو انه يجب عليه حمايتها. البقاء جوارها وفقط، رد غاضبا اكثر من اللازم
: يوسف! الراجل كان واقف ورانا هستنى انا بقي لما افكر امشي بيها ولا اوقفلها تاكس
رد يوسف يهدأه
: طيب اهدى،
زفر قصي ينظر إلى الجانب الاخر فأردف يوسف
: هتعمل ايه دلوقت؟

نظر له قصي يفكر وبعد لحظات قال
: انا عاوز واحدة تكون ثقة تجيبهالي فورا.
ثم اردف ينبه يوسف
: تكون واثق فيها كويس يا يوسف
اومأ له يوسف قائلا
: ما تقلقش هبعتلك عنايات من عندي
قصي وهو يستقيم واقفا
: كلمها تيجي حالا
اخرج يوسف هاتفه يحادث عنيات، اعطاها عنوان الفيلا واخبرته انها ستأتي على الفور.

انتظر كل من يوسف وقصي حتى وصلت عنايات سيدة في عقدها الرابع يبدو عليها الطيبة والحنان وبعض الصرامه والحزم ومازالت حياة فاقدة للوعي
قصي محذرا
: تخليكي جمبها. اول ما تفوق تكلميني فورا
اومأت له عنايات تنظر لتلك النائمة كالملائكة قائله
: حاضر. ماتقلقش
نظر قصي إلى يوسف وكأنه يسأله عن مدى ثقته بها، ليومأ له يوسف يطمئنه انها محل ثقة قائلا
: عنايات بقالها معايا سنين، محل ثقة ماتقلقش.

نظر قصي إلى حياة للحظات ثم وجه كلامه إلى عنايات قائلا
: هتقفلي الباب من جوه وتخلي المفتاح معاكي لو فاقت وحاولت تمشي قولي ان الباب مقفول وماعكيش مفتاح وتكلميني
اومأت له في طاعة، ثم خرج خارج الفيلا هو ويوسف ركبا السيارة، ليسأله يوسف بترقب
: ناوي على ايه
رد قصي ناظرا امامه
: اطلع. على مستشفى (، )
ادار يوسف السيارة منطلقا بها اللي وجهته...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة