قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل السادس عشر

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل السادس عشر

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل السادس عشر

احيانا ما ننخدع خلف تشابه وجوه من نحب. غافلين. غير مدركين مكنون الروح. فهناك نفوس تنتعش. تتغذى. على آلام الغير. وهناك نفوس رغم حرائقها. وبرغم الجرح الغائر بداخلها. تداويه بالعطاء. العطاء حتى نفاذ الروح.
وصلت حياة الى الشركة تشعر بسعادة غامرة، مفعمة بالحماس، حيث ستهديه اليوم تلك الهدية التي ابتاعتها امس، شعور ما له لذة خاصة. يدغدغ حواسها كلما مر ذالك المنقذ بخيالها...

حيتها سناء تتبعها الى داخل المكتب جلست حياة على مكتب منصور ترد التحيه، ثم اردفت قائلة
: هاتيلي الملفات ولو في اي جديد بلغيني يا سناء
ردت سناء قائلة في ابتسامة عملية
: تحت امرك يافندم. مافيش غير ظرف كان جاي لمدام حنان و سلمتهلها امبارح
نظرت لها حياة تضيق ما بين حاجبيها باستغراب قائلة
: ماما جت هنا امبارح.؟
اومأت لها سناء قائلة
: ايوة يا فندم. جت بعد ما حضرتك خرجتي من الشركة.

تذكرت حياة مكالمتها لحنان بعد خروجها من المتجر. لم تخبرها حنان قط انها ذاهبة الى الشركة.
اومأت لها حياة تؤجل التفكير في ذلك الأمر لمقابلة حنان و الاستفسار منها قائلة
: تمام يا سناء. في اجتماع انهاردة بخصوص شركة الزيني.؟
اومأت لها سناء ايجابا
: بالظبط يافندم.
ردت حياة قائلة
: اول ما باشمهندس قصي يوصل بلغيني.
اومأت لها سناء تخرج من الغرفة مغلقة الباب خلفها.

بينما هو جالس بسيارتة امام الشركة كان يتابعها اثناء نزولها حتى دخولها. ترجل من سيارته يتجه الى الباب الرئيسي للشركة وتلك الابتسامة تتراقص على شفتيه.
صعد الدرج وصولا الى المكتب، استقبلته سناء تحيه قائلة
: اهلا وسهلا باشمهندس قصي استاذة حياة فانتظارك يافندم.

اومأ لها يتجه نحو باب المكتب همت سناء باللحاق به ليشير لها بأن تظل مكانها يبتسم بداخله بخبث يحدث نفسه. دعونا نرى قليلا مما تخبأه تلك الفاتنة خلف رقتها وهدوئها، استغربت سناء لتصرفه لكنها اذعنت لرغبته،
طرق الباب ليستمع الى صوتها وكأنها كروانا يشدو تسمح له بالدخول قائلة
: ادخلي يا سناء.

المسكينة تظنه سناء. وقف يضع يديه بجيوب بنطاله يشاهدها وقد حضرت فورا تلك الفراشات واشرقت شمس بستانه الخاص. تنغمس هي بالأوراق امامها، نظرت اليه ثم الى الاوراق ثانيه بدون استيعاب لتستدرك وجوده سريعا، فانتفضت واقفة تنظر له بإحراج قائلة
: احم. اهلا وسهلا يا باشمهندس
تلك الغبية سناء لقد اخبرتها بان تخبرها فقط حين يأتي لا لتدخله عليها هكذا وهي بمفردها. هذا ما حدثت به نفسها تنهر سناء بداخلها.

تقدم قصي منها يرد لها التحية لكنه كان كريما في ردها بعض الشيء، حيث مد يده لمصافحتها قائلا بابتسامة
: اهلا بيكي
يا إلهي. هل لي ان تنشق الأرض الان وتبتلعني. هي لا تصافح الرجال. كيف تخبره. حدثت نفسها. ارجوك اسحب يدك فورا. لا اريد احراجك
مرر قصي نظره بينها وبين يديه الممدودة في الهواء.

لتتخضب وجنتاها بلون الجوري فورا. تتعرق وكأنها تنصهر بداخلها. تقبض على يديها وكأنها تمنعها من المصافحة، قائلة بصوت يكاد يكون مسموع
: اسفة. مش بسلم بالإيد.

ليرجع يديه بجواره خالية الوفاض، بينما بداخله تتسع ساحات وساحات للإعجاب بها. تتسلل سريعا لتتوغل بحواسه. بقلبه. نظر لها مزهول بداخله من ذلك النموذج الذي يراه ولأول مرة بحياته. لأول مرة يرى تلك القيم والمبادئ. والجمال. بفتاة، كل معا بفتاة واحدة، تخطف كيانه كلما رآها. بأي حظ قد فاز.؟، اي قدر رماه امامها.؟

نظرت له حياة بترقب لترى إن كان منزعجا من ردة فعلها تلك ام ماذا. وللعجب لمحت بعيونه الزيتونية نظرة لم تستطيع تفسيرها. لم تكن انزعاج ابدا. بل نظرة اقرب للفخر. الاعجاب.
تحدث قصي قائلا يحاول تغير الموقف وقد لمح احراجها
: قالولى انك منتظراني.
تنهدت حياة بتوتر تذدرد ريقها قائلة وهي تشير له بالجلوس
: صحيح. اتفضل استريح.

جلس قصي امامها بشموخ واضعا قدمه فوق الاخرى لتبتسم حياة في رقة لا تخلو من الخجل المحبب اليه بالمناسبة، لا تعلم كييف تبدأ الحديث معه. تتوتر. ترتبك
تنهر نفسها بداخلها. هيا تحدثي ياحمقاء. قدميها له فقط. مجرد هدية وفقط
لتتنحنح قائلة بارتباك و بابتسامة متوترة
: انااا. يعني بصراحة. كنت.
تنهدت بنفاذ صبر تخرج من حقيبتها لفة هدايا مستطيلة الشكل. تمد بها يديها تناوله اياها
نظر قصي لها قائلا باستغراب
: ايه ده.؟

لتجيبة حياة بابتسامة رقيقة وهي مازالت يديها معلقة بالهواء
: افتحها.

التقطها منها قصي مبتسما يفتحها سريعا، بداخله فضول لمعرفة ما بداخلها. وفجأه اختفت ابتسامته. ينظر بزهول شاردا لما بين يديه. ساد الصمت بينهم. شرد هو فيما بين يديه يريد تركه سريعا. وبشدة. لكن شيء ما يحثه على التمسك به. نور خافت. مجهول المصدر. و ربما بصيص امل. كل ما يحتاج اليه فقط ان يترك له الفرصة. فرصة التوهج ليملأ النور ما بداخله من ظلام. ساد صمت بينهم. وشارد هو فيما بين يديه ليقطع شروده صوتها الهاديء بابتسامة عزبة.

: ما لقتش هدية اعبر بيهااا عن، . قصدي اشكرك بها اغلى من كتاب الله وكلامه.
اذدردت ريقها مردفه
: خصوصا اني لاحظت. انك ما عندكش مصحف في البيت.

نظر لها وهو مازال على زهوله. كم يود الآن ان يتركه ويتركها. ويترك العالم. ويذهب في عزلة. عزلة للأبد. وهناك شعور آخر يتسابق. بل يتصارع مع ذالك الشعور وهو. البكاء. البكاء الان بأحضانها وهو يضمه الى صدره. متى سينتهي من ذلك الصراع بداخله. اذدرد ريقه بصعوبة ليستقيم ناهضا بملامح وجه جامدة. جعلتها تنظر له باستغراب تستنكر بداخلها ان تسأله الم تعجبك الهدية. ليأتيها رده يشكرها بإقتضاب قائلا
: شكرا. بعد اذنك.

ثم خرج سريعا لم ينتظر حتى ردها عليه. استغربت ردة فعله كثيرا. نظرت في أثره بتعجب منزعجة بداخلها من تصرفه.
هكذا فقط. ورحل بين يديه كتاب الله. هديتها...

وقفت يمنى تبكي وحيدة امام غرفة العمليات، حاولت مرارا الاتصال بعمر لكنه لا يجيب، وهاتف والدتها خارج نطاق الخدمة وكذالك قصي. خائفة لا تعلم ماذا تفعل، بينما عبد السلام بغرفة العمليات حيث نقلته سيارة الاسعاف فورا الى المشفى ولحسن حظه انه قريب من المطار. فتح باب غرفة العمليات تحت انظار يمنى الباكية، خرج عبد السلام ممدد على سرير نقال موصل به عدة اسلاك والجزء العلوي الأمامي من كتفه مضمد. نظرت له يمنى تكتم شهقة بكائها بيديها لتهدأها الطبيبة تربت على كتفها تخبرها ان الرصاصة سطحية بمكان غير حيوي وبالتالي لا وجود للخطر على حياته لكنه نزف الكثير من الدماء لذا عليه المكوث في العنايه المركزة لبضعة ايام.

شكرتها يمنى تتبعه الى غرفة العناية ومازالت تحاول الاتصال بعمر لكنه لا يستجيب...
ذهب اليه ككل يوم. لكن اليوم يختلف. اليوم سيظهر له ما يود. ما يريد. حيث اعطاه هو. والآن عليه ان يرد له ما أخذ. جلس امامه مراد يضع قدم فوق الاخرى، يتلاعب بالورقة المطوية بين اصابعه، تلك الورقة التي بداخلها ما يتعطش جسد عمر له حتى الموت.

يجلس عمر امامه يذدرد ريقه ينظر بلهفة الى الورقة بين يديه، انتبه فجأه عندما تحدث مراد قائلا بابتسامة جانبية خبيثة وبنبرة متمهلة
: دلوقتي بقى يا عمور. جه دوري.
اخرج من جيب سترته ورقة واحدة فقط يمررها اليه قائلا بابتسامة سمجة صفراء
: خد اقرا دي.
نظر عمر بالورقة ليلتقطها. اتسعت عينيه فجأة نظر له قائلا
: ايه ده.؟
اتسعت ابتسامة مراد بعيون واسعه وبنبرة صوت عالية قائلا
: مفاجأة مش كده.؟

لتدوي ضحكاته في الارجاء. من يراه يظنه مختل قد هرب توا من مشفى الأمراض العقلية. لتهدأ تلك الضحكات. وتهدأ معها معالم وجهه فجأة يكشر عن انيابه قائلا
: ده شيك على بياض. انت ماضي عليه وانت في كامل قواك العقلية.
نظر له عمر بزعر يذدرد ريقة بتوتر، ليردف مراد قائلا
: يعني اقدر اخليك تقضي شبابك كله في السجن
لتتسع عينا عمر ينظر له هلعا ليردف مراد بنبرة اهدأ قائلا
: إلا اذا. نفذت اللى هقولك عليه.

ثم نظر الى الورقة بين يديه والى عمر مرة اخرى بخبث قائلا ببطء
: قولت ايه.؟
نظر له عمر يومأ له بهيستيريا متلهفا لأخذ ما بيده
ليعطيها له مراد مبتسما بظفر وقد اقترب ذراعا من مبتغاه...

نزل من الشركة متوجها الى سيارته، يراوده شعور بالندم. الذنب. الخجل. والتمرد. جلس بسيارته وضع المصحف على الكرسي بجواره، وجهه جامد بينما بداخله حرب مشتعلة. بين شخصين احداهما يحثه على المضي وعدم الإكتراث بأي شيء حوله. وآخر لا يستطيع اسكاته. يخبره بأن راحته ها هنا. بجواره. بالقرب منه. دائما ما كانت بالقرب. لكن احيانا نحتاج لمن يشير لنا اليها. ادار محرك السيارة عائدا بها الى منزله مازال على شروده حتى وصل، صفها امام المنزل ونزل صافعا بابها، يمضي بخطوات سريعة نحو باب المنزل ليستدير مرة اخرى بخطوة تردد واحدة. ، فقط خطوة تردد واحدة حسمها بخطوات سريعة الى السيارة آخذا كتاب الله بين يديه متجها مرة اخرى الى منزله. ،.

صعد الى غرفته وضعه على الكومود واخذ يتحرك ذهابا وايابا يفكر. لم يلاحظ فعلا عدم وجود نسخة من كتاب الله بمنزله. ربما كان يحتفظ والده بعدة نسخ يضعها بمكتبه لكنه لم يفكر قط بفتحه و قرائته. و عند ذكر فتحه وقرائته. شعر بوخذات الدموع بعينيه. توجه الى الحمام الخاص بالغرفة، اغتسل. ثم وقف امام حوض المياة فتح الصنبور. يريد الوضوء. يعلم انه يجب عليه التطهر قبل لمس المصحف. ومضات مرت بمخيلته. طفل ما يقف امام حوض المياة. ووالدته تنظر له يابتسامة مشجعة. تتوضأ امامه ببطء ليفعل هو كما تفعل. ، اخذ يتوضأ يتبع ما تفعل والدته على تلك الومضات. حتى انتهى. خرج يرتدي ملابسه. ، ثم جلس على الفراش امام الكومود ينظر له برهبة بداخله، مد يديه يلتقطه. يذدرد ريقه بصعوبة. يخفق قلبه ببطء وهدوء. وما ان اخذه فاتحا اياه حتى اختلج خافقه اختلاجة حياة. ينبوع ماء صافي يغسل روحه. ما إن اخذ يقرأ ايات الله. يبكي. ينتحب. تتهدج انفاسه. لذه لا توصف. راحة لم يختبرها من قبل. تزرف عينيه دموع لها مذاق خاص غير معتاد. دموع لها لذه وكأنه يخرج ما بداخله من تعب. الى الله عز وجل. وحده. فقط هو ودموعه والله...

تمدد بعدها على فراشه واضعا اياه على صدره. و غط في نوم عميق...

اخذت سارة تبحث عن الكارت بحقيبتها لتخرجه بين يديها، فتجده الكارت الخاص بذلك الطبيب البيطري المسمى حمزة. ابتسمت ما إن تذكرته هو وجدته، وضعته مرة اخرى باحثة عن الكارت الخاص بابن عمها، وجدته اخيرا لتلتقط هاتفها الخاص. تطلب رقمه بتردد، انزلت يديها تزفر بضيق، تخلل اصابعها بشعرها، ثم ترفع يدها مرة اخرى بالهاتف تنهى ترددها بضغطة زر الاتصال بالهاتف لتستمع الى جرس الاتصال بتوتر يكاد يقتلها خوفها. اتنفضت فجأة. سثط الهاتف اثر انتفاضتها لتحاول التقاطه بين يديها عندما آتاها صوته يرد عليها من الجهة الاخرى.

لتذدرد ريقها تتحدث بشجاعة وكأنها لم تكن على وشك الموت خوفا منذ قليل قائلة
: ايوة. انا سارة. سارة فؤاد حافظ
قالتها بنبرة صوت واثقة وكأنها تؤكد له ما يتمنى نفيه
ليرد عليها من الجهة الأخرى وقد عرفها من صوتها وتلك العجرفة من وجهة نظره قائلا
: اهلا يابت عمى. كيفك.؟
ردت ساره تخبره سريعا بما في جعبتها لتنهي تلك المكالمة
: كويسة. انا قررت اني آجي اتعرف عليكم وعلى جدتي.

التمعت عينيه على الجانب الآخر بابتسامة جانبية قائلا
: يا مرحب. يامرحب بيكي
ردت سارة باقتضاب تنهي المكالمة
: شكرا، انا هاجي على الاسبوع الجاي.
اغلقت الهاتف تتنهد براحة تحدث نفسها. من مجرد مكالمة يا سارة تشعرين وكأنها جبل على صدرك. ماذا اذا بالعيش معهم. بملاقاتهم. ورؤية وجوههم كل صباح.
لكنها ستخوض التجربة. تجربة العائلة...
وقف اما آخر شباك لإنهاء اجرائات دخول البلاد.

خرج من المطار يتجه الى سيارته، بجسد عريض. طويل القامة. مفتول العضلات. عضلاته وكأنها حصن منيع يلتف حول جسده. علامة تدل على رسم وشم ما اسفل رقبته من الخلف، يرتدي نظارة شمسية تخفي خلفها جرتين من العسل الصافي يتشعب خلالها اوراق الزيتون الاخضر يعلوهما حاجبان كثيفان متصلان كخط واحد، تجعلانه يبدو بمظهر مصري خالص رغم هيئته الغربية، تقدم بخطوات ثابتة. رزينة. نحو سيارته.

ليركبها ملتقطا هاتفه يحدث شخص ما قائلا بابتسامة جانبية
: حققتلك امنية من امنياتك اهو. ونزلت مصر
ليأتيه الرد من الجانب الآخر وقد علمه من صوته على الفور قائلا بنبرة فرحة غير مصدقة
: مش ممكن. آدم.؟
: ضحك آدم ثم رد قائلا يؤكد له
: آدم. وحشتني يادكتور
ليرد عليه من الجهة الآخرى قائلا
: حبيبي. انت اكتر. نزلت امته.؟
رد آدم عليه قائلا
: حالا. لسه خارج من المطار
رد عليه من الجهة الاخري قائلا.

: تعالى فورا على عندي. انت مش عارف طوفي هتفرح اد ايه
ضحك آدم بخفوت ثم رد قائلا يشاكسه
: بوسهالي لحد ما اجي
ليرد حمزة من الجهة الآخرى يصطنع الغضب قائلا
: لاااء. التار ولا العار ياولدي
: لتدوي ضحكاتهم سويا على الهاتف فرد آدم قائلا
: هجيلك. هظبط اموري واجيلك. وحشتني مولوخية تفيدة
رد حمزة على الجانب الآخر باستنكار قائلا
: تعالى يا اخويا اغرق فيها.
ليضحك آدم ينهي اتصاله بأعز اصدقائة، ليرد حمزة قائلا.

: سلام يادكتور. مستنيك.
اغلق الهاتف ينظر من نافذة سيارته المغلقة شاردا فيما عزم على النزول الى مصر من أجله...
بعد انتهاء الدوام بالعمل...
خرجت حياة تتوجه بسيارتها الى المشفى القابع به منصور للإطمئنان عليه. وصلت تترجل من سيارتها، تدخل الى المشفى صعودا الى غرفة منصور.
وكما هي عادتها دائما وطبيعتها المشاكسة. ادخلت فقط رأسها يابتسامة محببة الى كل من منصور وحنان قائلة بمرح
: السلام عليكم...

ليبتسم لها كل من منصور وحنان يردان التحية، يتبادلان العناق لتجلس حياة برفقتهم وتطلع منصور على كل ما هو جديد بأمر الشركة، لتلتفت الى حنان باستذكار قائلة
: صحيح ياماما. ايه الظرف اللى حضرتك اخدتيه من الشركة.
لتنظر لها حنان بابتسامة متسائلة
: ظرف ايه يا حبيبتي.؟
نظرت لها حياة باستغراب قائلة
: سناء قالت ان حضرتك جيتي الشركة امبارح بعد الشغل. وسلمتك ظرف كان جاي لحضرتك مخصوص.
ردت عليها حنان قائلة باستغراب.

: انا ما روحتش الشركة بقالي مدة كبيرة اوي.
بينما بجوارهم عيون متسعة ونظرات غامضة من منصور، يخقق قلبه بشدة. يحدث نفسه. اي ظرف قد يأتي لحنان بالشركة. ايعقل. لا. لا يمكن. لا يمكن.
وحياة ما زالت تصر على قول سناء لها بان حنان قد اتت الى الشركة مساء امس بعد العمل. وحنان تنكر ذلك، ليقاطعهما منصور بنيرة حازمة قائلا
: خلاص يا حياة. اكيد انتي فهمتي غلط من سناء.

نظرت له حياة باستغراب لتأتيها نظراته وكأنه يخبرها. كفى رجاءً
أذعنت حياة رغم استغرابها
لكن هنالك بداخل عقل احد ما تسائلات. تريد تفسيرها...

جلست على احد المقاعد بتلك الشقة التي استأجرتها حديثا. تبتسم براحة. تنظر الى تلك الورقة بين يديها بظفر. بانتصار. انهت مهمتها على اكمل الوجوه. قطعت جميع الخيوط. بعد تخلصها من عليا، وبرصاصة واحدة فقط. وكأنها ضربت عصفورين بحجر واحد. حيث لن يستطيع عبد السلام السفر. ولن يترك قصي والده طريح الفراش بين حياة وموت من تلقيه لرصاصة غادرة اوشكت على ان تفقده حياته، بل سيأتي على اول طائرة مهرولا لأجله. نظرت الى الورقة بين يديها بسخرية مريرة. تلك الورقة المكتوية بخط يد عليا. اعترافا منها بذنب ارتكبته. من اجل بقاء ولدها على قيد الحياة. حدثت نفسها بسخرية، فتلك التائبة تكتب بخط يدها «اختك ناهد عايشة وهي اللى ورا اختفاء ابنك مازن. ابنك عايش. ». تلك الغبية كانت ستودي بما خططت له لسنوات. سنوات تحملت فيهما رجل آخر لا تحبه. تحملت رؤية نبتة. نبتة كانت من حقها هي من وجهة نظرها. تحملت رؤية روح حنان في عيون ولدها. مبادئها. اخلاقها. التي ورثها عنها ولدها. لم تأخذ هي منها أي شيء. ولا حتى على سبيل الجينات والتشابه. هما نسختان. ولدتا من رحم واحد. في لحظة واحدة. لكن لكل منهما مكنون مختلف. ارواح مختلفه. فطرة مختلفة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة