قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الرابع والأربعون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الرابع والأربعون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الرابع والأربعون

لا تنخدع خلف جمود قلبك. فالعشق مقصلة. تصتف امامها القلوب. فقط لم يحن دورك بعد...

من المفترض وصولهم الى المنزل منذ وقت. لكن السيارة اتخذت المسار المعاكس. تماما كما احلامها. امنياتها. التي سلكت الطريق المعاكس للتحقيق منسحبة بخذي تلملم اشلاء عشق لم يتاح له الظهور، بصوت هادئ ونبرة مستغربة سألته.
: انت رايح فين.؟ ده مش طريق البيت.!
بابتسامة عاشق لم تلاحض تصنيفها اجابها في حالة من الحنين.
: عارف.
نظرت اليه للحظة ثم نظرت إلى الطريق امامها متنهده.

بعد وقت قصير. انحدر بالسيارة إلى جانب الطريق على ما يشبه الحافة. وتلقائيا ارتسمت على شفتيها ابتسامة رائعة مغلفة بالشغف. تلتمع عينيها بحماس طفلة. ابتهج قلبه مسرة بابتسامة مهللة لتلك النظرة بعينيها. نزلت من السيارة بِتوق و صبوة. تتجه نحو تلك الحافة تنظر إلى القرية من عِلٍ. ابتسامة حزينة ونظرة أسف ظهرت على ملامحها. تغيرت. اختفت معالم البساطة بأنحائها. تبدلت بمعالم معقدة موحشة. ظلمة. وربما ما تبدل هي نظراتهم. اغمضت عينيها تستنشق ذلك الهواء الطلق تستعيد احتضانا ما على هيئة ذكريات ماضية. وقف خلفها مباشرة يغمض عينيه بدوره. يبتسم بانتشاء. تحتضن انفاسه خصلاتها المتراقصة والهواء سويا. التفتت ووازى التفاتها فتح عينيه. تتحدث ببحة صوت رائقة تخصها وحدها قائلة.

: عارف ماجيتش هنا من قد ايه؟
تقدم خطوة حتى وقف جوارها ينظر بدوره إلى القرية مبتسما
: من يوم ما عمي الله يرحمه اتوفى. انا كمان ماجيتش من يومها.
ابتسمت بحزن تتنهد متذكرة اببها. ردت بشجن هامس
: الله يرحمه.
: فاكرة لما كنت اخرج بالليل بعد ما ابوي ينام والاقيكي في وشي واقفة في وسط الدار مستنياني.؟
اطلقت ضحكة خافتة ترد.

: فاكرة. وكنت بساومك إما تاخدني معاك او اطلع اصحي عمي و أقوله انك خارج في نص الليل، وفي الاخر بتاخدني مغصوب وعينك بطلع شرار.
ختمت قولها بضحكة صغيرة. ضيق هو ما بين حاجبيه بابتسامة
: انا كنت بستغرب ازاي عيلة صغيرة ماتخافش من الضلمة وتحب تيجي هنا؟
نظرت اليه بصمت. بينما نظرتها تحكي الكثير. ارادت قول ( لم أكن لأخاف ابدا ما دمت معي )...
: اقولك على سر.؟

ولا تحبذ هي الاسرار. حيث الاسرار مخيفة. مؤلمة حد الاختناق. نظرت إلى عينيه مباشرة ليكمل
: اول مرة اقول الكلام ده. كنت ببقى عاوز اخدك معايا. وكل مرة اقول يارب الاقيها مستنياني.
اللحظة بينهما حالة. لحن ناعم. نسمة هادئة. ربما لن تتكرر. حتما لن تتكرر. حيث تلاشت ابتسامتها وشيء من الألم اصاب خافقها. وخذة. تذكرها بعشق منحور مازال ينزف. اكمل قائلا ينظر امامه
: البلد اتغيرت. ما بقيتش زي الاول.

بقتامة واقعية اجابت متنهده بأسف.
: كل حاجة اتغيرت.
: انتي ما اتغيرتيش.!
العاشق يتحدث. حان دوره. تعانقت نظراتهم في حالة شاردة وكل منهما يتمنى لو يدرك الآخر مكنون قلبه. المقصلة ترد.
: بس انت اتغيرت.
واقعية مظلمة حد القبور. حقيقة وحق. نظرتها مواجهة. ونظرته خذي. شرد بعينيها. تفاجئ بردها. اذدرد ريقه بارتباك. عينيها حقيقة. مرآة يري بها ما يخشى البوح به. و إن تعلمه هي ما يخشاه أكثر.
: كيف اتغيرت.؟

الاجابة هنا هي بمثابة اعتراف. اللوم والمعاتبة وجلده. هي رجفة احتضار عشق اخيرة. وبعدها لا شيء. ما الفائدة. قررت الانسحاب. الاستسلام للصمت رغم تركه اياها. والاستسلام سقطة. تحسست ذراعيها كناية عن شعورها بالبرد.
: مش يالا بقى. انا بردت.

تركته تتجه نحو السيارة تتخطى الحصاوي الصخرية بحذائها ذو الكعب الرفيع. فانزلقت شاهقة. كادت تسقط لولا ان تلقفها قلبه قبل ذراعه. غامت عينيه سابحا بخمر عينيها. نظراتها مسكره. تبيح الغرق. الغرق حد الثمالة. اعتدلت وقد أربك كيانها كله. ترجع خصلاتها خلف أذنيها بخجل. وغضب. وتلك المرة بخطوات حذرة اكثر حرصا على عدم السقوط مرة أخرى. اتجهت نحو السيارة. وبمجرد وصولها وفتح الباب ناداها.
: قمر.

كان ندائه هادئ. خافت. بلغة أخرى هو بمثابة رجاء. وهي لن تلتفت. اغمضت عينيها وندائه قد اخترق حصون صمودها. لتتفاجئ بدفئ محبب يلف جسدها. دفئ يحمل عبقه. معبأ برائحته. حيث نزع عبائته يلف بها جسدها الصغير من الخلف فاتحا لها باب السيارة. والسقطة هي النظر بعينيه الآن. لذا القت بنفسها سريعا داخل السيارة. دون التفاتة. او نظرة واحدة. ولو فعلت لكان السقوط له...
الحق نور، والكذب ظلمة.

ماذا لو كانت الحقائق مظلمة. ماذا لو كان ما نحيا به من نور هو مجرد كذبة...

تندثر تحت غطائها بخوف. تهدأ أنفاسها بفكرة قدوم والدتها لأخذها. بينما خارجا يرتب القدر مقابلة. مقابلة تأخرت لسنوات. مواجهة كشف الستار عن حقائق تجهلها تلك الصغيرة التي هي بصدد ظلمة ربما لن تستطيع الخروج منها. صدمة من العيار الثقيل...
مكالمات عدة وهاتفه لا يجيب. بنهاية الامر حادثت منصور تسأل عنه بطريق غير مباشر. ومن بين حديثها تسأله.
: مازن معاك.؟ ولا روح.؟

ترى نظراتهم المشفقة اليها. تلاحظ نعتها بهوس الجنون. ربما كانوا على حق. هي ام. بكل تعقيدات العالم هي ام فقدت ولدها الوحيد لمدة 25 عام. ما المنتظر من ام مكلومة كل تلك المدة سوى الجنون، اجابة منهكة القاها منصور وانهى المكالمة.
: مشي من بدري.

اغلقت الهاتف والشوق يقودها إليه. في قرار صارم دون تفكير مسبق. ستذهب إليه. حيث اشتاق قلب الام متعطشا للإرتواء برؤية صغيره. اما عن التوقيت. فكارثة. تشبه وجود قداحة مشتعلة قرب قنطار من القطن...
: ماتروحيش. في خطر. واحتمال يكون كمين.
هو لا يكترث لها. في الحقيقة هو لا يكترث لأحد. هي فقط احدى وسائل الوصول إلى وجهته. وبالنسبة إليه هي اقل الوسائل فائدة.
: انا مش همنعك. لكن واجب عليا انصحك.

قالها بنبرة ثعبانية مغلفة بالبرائة.
بينما هي تنظر إليه عبر شاشة الهاتف التي لم تفي بإظهار نواياه العفنة. والتي تناسب كثيرا نواياها. بنبرة حانقة ردت بنفاذ صبر
: يمنى ممكن تبوظ الدنيا. انا عارفاها. لو ما روحتش وهديتها كل حاجة هتبوظ.
: خلاص هبعت الرجالة معاكي بالعربية عشان لو حصل حاجه.
اومأت له بتفكير. سرعان ما ردت تسأله
: عملت ايه في الموضوع التاني. عرفت توصل لحاجة.

لحظات صامتة. يضحك فيها الشيطان بداخله فخرا. بينما بكلمة مقتضبة كاذبة رد
: لسه.
انهت المكالمة تنظر امامها بإصرار عازمة على الخروج. تتبعث من عينيها شرارات خبث بألف فكرة وفكرة. كلها في نقطة واحدة. قصي. وتدمير حياته...
استقامت خارجة بعدما تخفت خلف ملابس لا تناسب هويتها. تبعها رجلين نحو سيارة وسائق يتحدث هاتفيا قبل وصولهم إليه. يأتيه الأمر من الجانب الآخر
: تخلوا المكان. اول ما توصلوها تمشوا.

انهى المكالمة. تظهر تدريجيا ابتسامة ساخرة. كان منذ دقائق فقط يسدي لها نصيحة. الآن يلفظها ككيس قمامة لا رغبة له فيه. وتحية يرفع الشيطان له القبعة...
دخلت إلى الغرفة وأغلقت الباب خلفها. كشفت عن وجهها مزيلة ذاك الوشاح الابيض. تنظر حولها باكتشاف. ورهبة. تقدمت جالسة على طرف الفراش. ومازالت عينيها تجوب انحاء الغرفة. تنهدت بحزن. تهمس لنفسها بخفوت عندما آلمها ذراعها آثر تلك العلامة الداكنة به.

: منك لله يا جدي. كان مستخبيلك كل ده فين يا حور.
استقامت تبدل ملابسها للنوم. هي عروس. والليلة ليلة زفافها. و ببرائة قاتلة ظنت ان الغرفة لها بمفردها.

بدلت ملابسها بشيء مريح تلقي فستانها على الأرض بتذمر. ثم تشوطه بقدميها غير عابئة به. جلست على الفراش. تودع الدموع عينيها متساقطة ببطء في وصلات متتالية. تتذكر تلك الساعات الماضية. تتذكر كل ما مضى من عمرها. الذي بالمناسبة ليس بكثير. نشأت بين جدها واعمامها. وابناء عمومتها. فكرة واحدة ترسخت بداخلها. ولاتزال حتى الآن. هي غير مرغوب بها. دائما ما كانت مهمشة. معاملة جافة. إهانات لفظية. على عكس المفترض، انها الفتاة الوحيدة بالعائلة. اما عن الاب. لم تراه قط. واما عن الام. لم تذق يوما طعما لحنانها. حيث ماتت منذ ولادتها، وقد لحقها الاب بعد ايام فقط. هذا ما اخبروها به. انها نذير شؤم، وختاما يطلبون منها شيئا فوق قدرات استطاعاتها. وبكل اصرار لن تفعل. نهضت جالسة تربع قدميها بأرق. لا تستطيع النوم. تبكي. هي خائفة. وجائعة.

انتفضت واقفة بذعر. عندما فتح باب الغرفة وظهر هو. نظر إليها بتمعن. تبدو كالسارق الذي ضبطه احدهم متلبسا بجريمته. شعر بالغضب تجاه زعرها الغير مبرر. اعتقد ساخرا انها مدللة العائلة المصون. وما اكد له قولها
: انت ايه اللي جابك هنا. مش دي اوضتي.؟
قالتها بخفوت هامس. و عذرا. انتهى وقت التدليل.
اندفع تجاهها بمعالم وجه غاضبة. يقبض على ذراعها يهزها بعنف.

: ياكش تكوني مفكراه بيت ابوكي. انا حر. انتي عارفة انتي موجودة هنا ليه. مش مرغوب فيكي واعرفي ده كويس.

صرخت أثر ألم قبضته على ذراعها بقسوة تمحي قسوة سوط جدها وتتولى هي المهمة. آلام كلماته لم يكن اقل من السوط بشيء. صرختها من وجهة نظره مبالغ بها. دفعها ناظرا اليها بإزدراء. ينفض عبائته خارجا من الغرفة يصفع بابها بعنف، جثت ارضا تضع رأسها بين قدميها باكية. غير مرغوبا بها من الجميع. لم تفعل شيئا قط كي يكرهها الجميع هكذا...

بينما هو خارجا بخطوات غاضبة إلى خارج المنزل. زفر حانقا للحظة. ثم عاد ادراجه مرة أخرى يصعد الدرج بخطوات تتسارع غضبا. طرق باب غرفة فاطمة. زوجة عمه. فتحت له تتسع عينيها باستغراب لهيئته الغاضبة.
: سايب عروستك ليه يا ولدي. في ايه.؟
اجابها بإستياء.
: لا عروسة ولا زفت. انا ما كنتش عايز اتجوز من الاساس.
استعاذت فاطمة في ردة فعل معتادة كما باقى الامهات قائلة.

: انتوا خدتوا عين ولا ايه. دي عروستك طيبة وبت حلال. ايه اللي حصل بس.
زفر بغضب تاركا اياها متجها نحو الدرج مرة اخرى.
: ابقي روحي شوفيها انا ماعايزش دلع ماسخ. عرفيها ان في بيت ابوها شيء وهنا شيء تاني والا هتشوف وش ما تحبوش.
وفر غاضبا يخرج من المنزل لم يستجيب لنداء فاطمة له. ضربت كفا بكف تحوقل بأسف تتجه نحو غرفة العروس الحزينة...

جلس شاردا بظلام الليل تلك الليلة يختلف كثيرا. سمائه داكنة بلا قمر. بلا نجوم. يستعيد صورتها امامه باكية. زافرا بنفاذ صبر. كم اراد اختطافها واعادة تأهيلها وتلقينها درسا لن تنساه. كم اراد بقائها لكنه ينكر ذلك. استمع إلى جرس باب المنزل. احدهم يطرق بإلحاح. استقام بلا رغبة في الحياة ليفتح. وبمجرد ان فتح. واجهته موجة غاضبة. غضب فتاك. لكمة قوية سددها له آدم بمجرد رؤية وجهه امامه. وركلة عنيفة تبعها دفعه اياه حتى تناثرت شظايا بعض التحف متهشمة أرضا. قبض على تلابيبه متحدثا من بين اسنانه بهسيس غاضب.

: ما لكش دعوة بسارة يا حمزة. قسما بالله لو اتعرضتلها تاني. ما هرحمك. وانا بقى اللي مش هبقي ساعتها على اللي بيننا.
قال ما قاله ثم دفعه تاركا اياه ينظر اليه بيأس. مسح حمزة قطرات الدماء المنبعثة من انفه وشفتيه بأكمامه يبتسم ساخرا.
: هي قالتلك.؟ ايه. بتشتكيلك.؟
نظر اليه آدم باحتقار يرد.
: سارة ما قالتش حاجة. انا اللي شوفتك وانت مستخبي في الجراج. يا دكتور يا محترم. يا صاحبي.

وخرجت الأخيرة منه رغم السخرية مغلفة بعتاب لاذع.
سعل حمزة عدة مرات يبصق تلك الدماء اللتي ملئت فمه. ليتألم صديقه لأجله. فيكمل صارخا
: انت ليه بتعمل كده، بتعمل في نفسك كده ليه.؟
ومن بين لهاثه منحنيا نطق بما يعوق اكمال حياته. نطق بمكنون جرحه. نطق باعتراف كان يود كثيرا لو كان لها.
بصوت لاهث وانفاس ثقيلة.
: عشان حبيتها.
اذدرد آدم ريقه زافرا بأسف. ليكمل حمزة.

: عشان لسة بحبها. ومش عارف مااحبهاش. عشان هي وما تستهلش...
: حمزااااه.
قاطعه بها آدم غاضبا رغم شعوره بالألم تجاه. يعرفه تمام المعرفة. لن يجدي مع قولا ما دام يقتنع بشيء. هو يحتاج إلى دليل قطعي ليبريء اخته وللأسف لا يملك.
: سارة انضف وانقى بنت في الدنيا.
كان رده ضحكة ساخرة مريرة، ليكمل آدم
: انا مش محتاج اقولك. مصيرك هتعرف. بس اتمنى تعرف قبل فوات الأوان يا صاحبي...

ثم تركه خارجا وقد ايقن تماما ان اخته تكن لذلك الأحمق مشاعر الحب. هي ايضا تحبه، حيث لم تتفوه بحرف من اسمه عندما الح عليها معرفة سبب حالتها تلك، خرج صافعا الباب خلفه. بينما العاشق الجريح أخذ يضمد جروحه وجرح واحد فقط لن يستطيع مداواته...
توقفت سيارة الاجرة امام الفيلا. نزلت منها تتقدم إلى الداخل. تطلب منصور هاتفيا قائلة
: ايوة يا منصور انا عند قصي في البيت، عدي عليا خدني.
من الجهة الأخرى رد منصور.

: هو قصي رجع؟ كان مع حياة...
اجابته محبطة بحزن.
: يعني هو مش في البيت؟ ده واحشني اوي قولت اجي اشوفه.
تنهد منصور يجيبها.
: خلاص انا هكلم حياة واكلمه يجي على البيت. وانا جاي في الطريق. استني. عندك مش هتأخر عليكي.

انهت المكالمة. تدخل إلى المنزل. تعجبت عندما رأت الباب مفتوحا قليلا. دفعته برفق تنظر إلى الداخل باحثة عن تلك الصغيرة. نادتها لم تجيب. اما عن كارثية الوقت. فتوقفت السيارة الخاصة برجال مراد امام الباب الخلفي لحديقة المنزل. نزلت منها ناهد. ترفع طرف الوشاح حول رقبتها إلى نصف وجهها. التفتت إليهم قائلة
: استنوني هنا انا مش هتأخر.
اومأ لها السائق وما ان تقدمت داخلة. حتى رفع هاتفه يجري مكالمة ما بأمر شيطان.

: الو. لو سمحت عاوز ابلغ عن مكان واحدة هربانة من عندكم، اسمها ناهد عثمان. موجوده في (، . )
ثم اغلق الهاتف. متحركا بالسيارة من امام المنزل بسرعة فائقة...
ولجت فاطمة إلى داخل الغرفة. وقعت عينيها على تلك المسكينة التي تتكور على نفسها أرضا يرتجف جسدها من البكاء. آلمها قلبها بشدة لرؤيتها في ذلك الوضع. سريعا خطت نحوها ترفعها من ذراعيها قائلة...

: اسم الله عليكي يا حبيبتي. ليه بس كده. ليه. اجلستها على الفراش ولم تدع لها الفرصة للحديث. حيث أخذتها داخل أحضانها مربته على ظهرها بحنو. وبسرعة فائقة هدئت تلك المسكينة وكفت فجأة عن البكاء من مجرد ضمة. زحفت يد فاطمة تربت بها ذراعها. فتأوهت حور تستقيم جالسة تمسك ذراعها. سريعا قالت فاطمة بتعجب
: مالك يابتي. بتتوجعي ليه.؟

تسألها وتخشي ان تجيب بما يدور ببالها. ايعقل ان يكون اسماعيل، نظرت حور إلى الأرض بانكسار وحرج تمتنع عن الإجابة. فسريعا اخذت فاطمة تكشف ذراعها قسرا لتتسع عينيها ألما مما رأت. شهقت تلطم صدرها وقد آلمها قلبها بعنف قائلة.

: يامصبتي. ايه ده. هي حصلت يمد يده عليكي. لا بنات الناس مانعملش فيهم اكده وديني ما انا سايبهالك يا اسماعيل. وهبت خارجة تندفع إلى خارج الغرفة بغضب وجميع افكارها تضع تلك المسكينة بمكانة ابنتها قمر. هرعت حور توقفها مانعة اياها تمسك ذراعها قائلة بلهفة.
: استني بس يا خالة. مش هو اللي عمل اكده. مش هو.
اتسعت عيني فاطمة أكثر تنظر اليها مباشرة.
: اومال مين يابتي اللي عمل اكده.؟

انخرطت حور في البكاء مرة ثانية. فدخلت فاطمة إلى الغرفة تجذبها في عناق حاني مغلقة الباب خلفها.
علمت فاطمة دون كلام مافي الأمر. ان لم يكن هو. فحتما احد اعمامها او جدها. يبدو انهم ارغموها على الزواج. اجلستها قائلة بحنو.
: بس يا حبيبتي. ما تبكيش. ده جوزك والله ما في احن منه. انتي لسه ما عرفتيهوش. طب ايه قولك انه جه صحاني من النوم عشان اجيلك. ماهونتيش عليه تبكي ويسيبك ويمشي، بس يا ضنايا اهدي.

مسحت حور عينيها بظهر يديها كالأطفال قائلة.
: لا. هو جال كلام شبه انه مغصوب عليا. انا كمان ما عايزاش اقعد هنا.
بتفهم اجابتها فاطمة. بقلب ام تشير إلى ذراعها.
: بعد اللي انا شفته ده. اني اللي ما هسيبكيش تمشي من اهنه. اوعي تفكري ان عشان الجوازة جوازة صلح بين العيلتين يبقى هنعاماك معاملة شينه لا سمح الله يابتي.
نظرت اليها حور وكأنها ليست من بني البشر. لتردف بابتسامة وتربيته على قدميها.

: لا. ده انتي هتعيشي وسطينا معززة مكرمه. وان ماشالتكيش الأرض نشيلك جوا عنينا. قومي يلا اغسلي وشك ياحبيبتي. في عروسة تعيط اكده ليلة فرحها قومي يلا.
دون سابق إنذار قبلتها حور من وجنتاها ملقية بنفسها داخل احضانها. ضحكت فاطمة بخفوت تربت على ظهرها بحنو. ادركت ان تلك الفتاة مكسورة الخاطر. مخدوشة الروح. بحاجة فقط إلى ترميمها...

دخلت تخطو ببطء في الحديقة إلى باب المنزل. وجدته مفتوح إلى نصفه تقريبا. الغبية يمنى لقد أخبرتها ان تفتح فقط جزء صغيرا منه. دخلت نظر بحذر تبحث عن ابنتها. لتتفاجئ بمن تقف قبالتها مستديرة. توايها ظهرها. شريعا عرفتها دون ان تلتفت. تحفظ تفاصيلها كاملة. وكيف لا وهي نسخة منسخة منها. تحسست جيبها بابتسامة جانبية. ابتسامة جحيميه. تخرج سلاح ما اعدته قبل خروجها. تخرجه ببطء وازى التفاتة الأخرى. شهقة ملائكية. عينين متسعتين. واجهت ضحكة شيطانية خافته. صوبت السلاح إلى منتصف صدرها. تماما نحو قلبها. تتحدث بنبرة بركانية. تشتعل عينيها بشرارات حقد قاتمة. وحروف تقطر سُما.

: اهلا اهلا. اختي العزيزة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة