قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الخامس عشر

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الخامس عشر

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الخامس عشر

طرق باب الغرفة ودلف، وجدها تبعثر اشيائها بحثا عن شيء ما، ليتحدث قائلا
: يمنى. بتدوري على حاجه.؟
نظرت له يمنى قائلة في حزن و حيرة
: السلسلة بتاعتي، مش لاقياها.
يعلم والدها مكانة تلك القلادة بالنسبة اليها، فقد أهداها اليها قصي في عيد مولدها على شكل اسمها مرسوم بالخط الكوفي. ، اقترب منها قائلا
: طب دوري كويس. يمكن تكوني شلتيها في مكان ونسيتي.
زفرت الصغيرة بحزن ليجلسها والدها قائلا مبتسما بمرح.

: تسمحيلي اخد من وقتك شوية. عاوز اقولك حاجه.
انتبهت اليه يمنى ليردف قائلا وقد تبدلت ابتسامته المرحه لاخرى حزينة، لا يريد تركها بمفردها. لكنه مضطر.
: انا لازم اسافر بكره ضروري. حاجه مهمة جدا ما ينفعش تتأجل.
نظرت له يمنى بتفاجئ ثم ردت قائلة
: طب ماما هترجع امتى.؟
نظر لها بألم. لا يدري بماذا يجيبها. لن تعود.؟ وإن عادت هي. هو لن يعود. ، تنهد عبد السلام يجيبها.

: انتي وعمر هتحصلونا على طول بعد ما تخلص الامتحانات.
نظرت له يمنى بفرحة قائلة
: بجد.؟
ابتسم لها والدها بحنان بالغ يومأ لها قائلا
: بس عاوزك تركزي وتذاكري كويس.
اومأت له يمنى قائلة
: حاضر يا بابا
اخذها عبد السلام بين ذراعيه في عناق متنهدا. لا يعلم ماذا سيكون بانتظاره في تلك السفرة...

انتهت حياة من تسوقها، خرجت تتجه الى سارة بالسيارة مبتسمة بفرح، تحمل بين يديها حقيبة ما ويبدو ان بداخلها هدية، ركبت السيارة لتسئلها سارة قائلة بانزعاج
: كل ده يابنتي.؟ انتي كنتي بتجيبي ايه.؟
تنحنحت حياة بإحراج قائلة
: كنت بشتري شوية حاجات يعني مش حاجة معينة
ثم اردفت سريعا قائلة تغير الحديث
: هاروح لخالو اتطمن عليه وحشني اوي.
شردت سارة تتذكر مقابلة سالم وطلبه الذي قلب كيانها رأسا على عقب...

انتشلها من شرودها صوت حياة قائلة
: هتصل بماما اشوفها هناك ولا مشيت
اومأت لها سارة، لتلتقط حياة هاتفها تحادث حنان، تبادلا التحية فردت حياة قائلة
: حضرتك في المستشفى ولا مشيتي.؟، كنت عاوزة اروح اتطمن على خالو انا و سارة
ردت حنان قائلة من الجهة الاخرى
: انا لسه خارجة من المستشفى. هاروح اجيب حاجات وراجعة تاني.
ردت حياة عليها قائلة
: خلاص يبقى نتقابل هناك
ثم اغلقت الهاتف تتجه بسيارتها الى المشفى...

وقف بسيارته الأجرة امام القسم التابع للمنطقة التي حدثت بها الجريمة، مترددا. حائرا، يعلم انه بمجرد دخوله والإدلاء بما في جعبته سيورط نفسه، وربما يلصقوا به التهمة المنسوبة إلى تلك السيدة اللعينة، لكن ذالك الذي يسمى «الضمير» يكيل له الوخذات بداخله، يحثة على الدخول وقول ما حدث، ترجل من السيارة يسأل الله بداخله العون وقد حسم امره بالدخول،.

دلف الى داخل القسم يوقف احد امناء الشرطة قائلا بإضطراب و خوف مما سيواجه
: بعد اذنك ياباشا. كنت عاوز اقابل حضرة الظابط، بخصوص جريمة القتل اللي حصلت امبارح...
وقفت امام الشركة بسيارتها تترجل منها متجهة الى الداخل، ليحيها افراد الامن بابتسامة واسعة، صعدت الدرج وصولا الى مكتب منصور لتستقبلها سناء بابتسامة واسعة مرحبة بها بحرارة
: اهلا اهلا مدام حنان. الشركة نورت يا فندم
اومأت لها مبتسمة، لتردف سناء قائلا.

: حمدالله على سلامة منصور بيه. باذن الله يقوم بألف سلامة وينور الشركة تاني
اختفت ابتسامتها من على وجهها تنظر اليها بمعالم وجه جامدة، شردت للحظات لتنتبه مستدركة نفسها، اومأت لها في حزن ثم استردت قائلة تتجه الى المكتب
: باذن الله. لو في اوراق مهمة هتيهالي على المكتب
نظرت لها سناء قائلة
: الحقيقة يافندم انا قدمت لآنسة حياة كل الاوراق قبل الاجتماع.

نظرت لها للحظات حتى اردفت سناء متذكرة تبحث بين الأوراق و الملفات امامها
: ياخبر. لحظة واحدة يافندم.
نظرت لها بترقب، لتسحب سناء ظرف ابيض قائلة بأسف
: اسفة يافندم والله نسيت خالص اسلمه لاستاذة حياة.
نظرت باستغراب متسائلة
: هو ايه ده.؟
ردت سناء قائلة
: الحقيقة يافندم في ست جت هنا الشركة اكتر من مرة تسأل عن منصور بيه. وكانت بتقول عاوزاه في حاجه شخصية مهمة. ولما عرفت بالحادثة وانه في المستشفى.

سابت الظرف ده وقالت اوصله لحضرتك.
انتفض قلبها فجأة. تنظر لها بمعالم وجه غامضة. شاردة
لتسألها سناء بقلق
: مدام حنان. انتي كويسه يافندم.؟
رمشت باهدابها منتبهة بإيماء لتردف سناء قائلة
: تحبي اجيب حاجه لحضرتك تشربيها في المكتب.؟
نفت برأسها تلتقط منها الظرف تضعه داخل حقيبتها بلا مبالاه قائلة
: لاء متشكرة. انا مضطرة امشي دلوقت.
ابتسم لها سناء بإيمائة صغيرة.

خرجت من الشركة متجهة الى سيارتها مرة اخرى تقودها متجهة بها بعيدا. وفي رأسها عدة تسائلا حتما ستبحث لتعرف اجابتها...
ذهبتا سارة وحياة الى المشفى للإطمئنان على منصور وإخباره بالمستجدات التي حدثت لكل منهما.
جلست حياة بالقرب منه تقص عليه ما حدث بالشركة و قرارها الذي اتخذته بدون إذنه وما دار بينها وبين باسم بعد الاجتماع وحضور قصي الغير متوقع، لتختتم حديثها بأسف قائلة.

: انا اسفة يا خالو. ما قدرتش استحمل وجودة معانا في الشركة بعد اللي حصل.
نظر لها منصور بفخر وإعجاب. وبداخله يحمد الله. يشكره الف مرة لوجود شخص مثل قصي لحمايتها ريثما يتعافى و يعود من جديد، اشار لها بذارعه يدعوها للإقتراب، لتقترب منه ويضمها برقة كما يليق بها داخل احضانه قائلا
: انتى عملتي الصح يا حبيبتي. ولو انك كان لازم تاخدي رأيي الأول. لكن انا فخور بيكي وبشجاعتك ياحياة.

تنهدت حياة مبتسمة تضمه بدورها، ثم رفعت نظرها اليه تسبل عينيها بأسف مبتسمة قائلة
: انا اسفة.
نظر لها وما زالت تلك الابتسامة ونظرة الفخر لا تفارقه قائلا
: ولا يهمك.
اتجه نظره الى تلك الشاردة بجوارهم ليسألها قائلا
: سارة. مالك.؟
انتبهت له تتنهد بثقل قائلة
: مافيش يا انكل.
اشار الى حياة بالنهوض قائلا يوجه كلامه الى سارة
: تعالي.
نهضت سارة تجلس بجواره بمعالم وجه حزينة، ليحثها منصور على الحديث قائلا.

: قولي مالك. في حاجه حصلت.؟
نظرت له سارة ثم نظرت ارضا قائلة تقص عليه ما حدث امس
: امبارح. قابلت ابن عمي. وطلب مني اني اروح ازورهم و اتعرف عليهم
ثم صمتت تذدرد ريقها مردفة
: وعلى جدتي. بيقول انها عايشة.
رفعت نظراتها الى منصور. نظراتها تتحدث. حائرة. تسأله. ماذا افعل.؟
ابتسم لها منصور بحنان قائلا بنبرة صوت محتوية.

: شوفي ياسارة. انتي زي بنتي. معزتك عندي ماتفرقش عن حياة. وانا ما اقدرش امنعك، دول مهما كان اهلك. وتأكدي تماما ان اي قرار هتاخديه. هتلاقيني جمبك. في اي وقت تحتاجيني فيه
نظرت له سارة بامتنان شديد وقد طمئنها حديثه قليلا بأنها ليست بمفردها، شردت عازمة على اتخاذ القرار و التحدث الى ابن عمها واخباره بمجيئها اليهم والتعرف على مشاعر عدة لم تختبرها يوما. و لاتدرك. ما هي مقبلة عليه...

تمدد على الفراش بعدما اخذ حماما دافئا، يسحب سيجارا من على الكومود بجواره ليشعله، نفث دخانه. ينظر اليه. الى ذلك اللون الذي يشبه كثيرا ما بداخله من رماد. جلس يفكر. يتعجب لكل تلك الخطوط التي بنهايتها. تكون هي. ، ابتسم. لا يعلم سر تلك الابتسامة كلما مرت بخاطره. سرعان ما تندثر خلف جمود وجهه عندما يتذكر نقائها. وما هو عليه الآن. يشعر انها شيء كثير. ثمين. وجوده في حضرتها يمثل له احتواء مجهول المصدر. لا يستحق ان تكون برفقته. صراع ما بداخله يرهق مشاعره. بين راحة وسكن. وبين استفاقة. وانتباه على دق ناقوس يذكره بأنه. لا يستحق. نظر بجواره حيث رنين هاتفه فالتقطه ليرد قائلا.

: ايوة. ايه الاخبار.؟
ليأتيه الرد من الجهة الاخرى
: راح هناك يومين ورا بعض. وبعد كده راح مكان جديد
بيقعد جوه حوالى ساعة واكتر. و يخرج
سحب قصي انفاسه مستنشقا احتراق تبغ سيجارته، نفث دخانها ينفضها بالوعاء الزجاجي الصغير بجواره قائلا
: بتاع مين المكان ده.؟

اشتعلت بداخله براكين الغضب تنهش بجنابات قلبه قلقا على اخيه، دهس السيجار بالوعاء حتى احترقت اصابعه. عندما آتاه صوت المتحدث على الجهة الاخرى من الهاتف قائلا
: واحد اسمه مراد مختار.

يعرفه جيدا. يعلم بأنه شخص غير سوى، لم يكن يحمي اخيه من تلك الفتاة كي يتركه يقع فريسة سهلة بين يدي ذالك المختل. اتسعت عينيه يشعر وكأنه مقيد بأغلال شائكة عن انقاذ اخيه من ذلك الوباء. اغلق الهاتف ثم ضغط على زر الاتصال برقم اخيه ليرد قائلا بنبرة صوت هادئه تعارض تماما تلك النيران المشتعلة بداخله، يحاول السيطرة على لهفته لحمايته
: عمر. عامل ايه.؟

آتاه صوت اخيه من الجانب الآخر به شيء ما غريب. مضطرب، رد عليه. لكنه بعالم آخر وكأنه يتحدث بنصف استيعاب.
: ااا. الحمد لله.
تسارعت دقات قلبه. تحترق انفاسه غضبا. وربما عجزا
قائلا يسأله
: مالك ياعمر.؟ انت تعبان.؟
رد عليه عمر بنبرة ناعسه زادت من قلق قصي
: اناااا. زي الفل. انت عامل ايه.؟
انتبه فجأة. ارتبك. يذدرد ريقه بتوتر عندما آتاه رد قصي
: انا عايزك معايا. في الشغل. محتاجك هنا
قالها قصي بنبرة حازمة مسيطرة.

رد عمر بارتباك من الجانب الآخر
: اا. انا مش فاضي ياق...
قاطعه بنبرة آمره كالسيف. كالنهاية. لا يأتي بعدها شيء آخر
: تفضى. هحجزلك على اول طيارة نازله مصر...

جلس امام ضابط الشرطة بمكتبه يقص له كل ماحدث، جلس الضابط امامه مستندا الى ظهر كرسي المكتب، يستند بذقنه الى ابهامه وسبابته ينظر الى الماثل امامه بتركيز تام، نظراته تكاد تخترقه اثناء حديثه، لمعرفة سواء كان كاذبا ام صادقا. ولسوء حظه لمس الصدق بحديثه. ، لكن ما الذي يورط رجل ما بالإبلاغ عن مرتكب جريمة قتل هو ساعده دون ادراك او علم. ابتسم بداخله بسخريه ايعقل ان تكون تلك الفئة من البشر ما زالوا على قيد الحياة. تلك الفئة من اصحاب الضمائر اليقظة. يعلم انهم على وشك الانقراض.

انتهي الاسطى خليل من الإدلاء بشهادته قائلا بخوف من القادم
: والله العظيم ياباشا هو ده كل اللي حصل. انا ما ليش اي ذنب.
استقام الضابط ينظر له قائلا
: الفندق اسمه ايه.؟
اجابه الاسطى خليل بإسم الفندق ومكانه ثم اردف قائلا بحماس
: وعارف شكلها ياباشا. اطلعهالك من وسط مليون.

رد عليه الضابط بعدما زعق ينادي بأحد العساكر يأمره بإخبار ضابط الشرطة المساعد له وباقي القوات بالتجهيز بالذهاب الى الفندق، و القبض على مرتكب الجريمة، ثم وجه كلامه الى الاسطى خليل قائلا
: تعالى معايا.
استقام خليل يتبعه، بداخله يسب ويلعن تلك الشمطاء المتسببة له في كل مايحدث. وما سيحدث...

همت سارة بأخذ العصفور الى موعد زيارة الطبيب بعدما وصلت هي وحياة الى المنزل واخذت حماما دافئا، ابدلت ملابسها تلتقط قفص العصفور، وبداخلها تردد في الذهاب، حيث ستضطر آسفة ان تطلق سراحه. وهي لا تريد. خرجت من المنزل توقف سيارة اجره بعدما اخبرت حنان بأمر خروجها لكي لا تقلق عليها...

علي الجانب الآخر، في عيادة الطبيب، وقف بالقرب من النافذة، ليس من الامر الطبيعي ان ينتظر الطبيب المعالج الحالات الوافدة اليه. بل العكس. لكن هو. هو غير
هو لا ينتظر فقط. بل يبحث عنها بعينيه من خلال النافذة، وقد بدا اليوم أكثر وسامة حيث زاد من معدل اناقته، وكأنه على مشارف دخول حفل ما. دلفت تفيدة بحذر تنظر اليه مبتسمة، لتباغته بسؤالها المشاكس قائلة
: واقف عند الشباك ليه يادكتور.؟

ها قد اتت هادمة اللذات ومفرقة الجماعات. حدث نفسه بها، يلتفت اليها قائلا بتهكم
: بتشمس. بتشمس يا تيتا
جلست تفيدة امام المكتب ضاحكة تنظر له بكل حب قائلة
: بتخبي ليه يا دكتور، فكرك انا مش واخده بالي يا ابن بنتي.؟ عنيك فضحاك.
ارتبك حمزة لكنه اخفى ارتباكه ببراعة قائلا بلا مبالاه
: واخدة بالك من ايه يا طوفي.؟
لترد تفيدة عليه مبتسمة تضيق عينيها بشك
: طب عيني في عينك كده.
ضحك حمزة يائسا يقترب منها قائلا.

: عيني ايه بس وعينك ايه.؟
ردت تفيدة بابتسامة حنون وعيون يلتمع بها الدمع قائلة
: نفسي افرح بيك يا حمزة. نفسي اشوفك متهني يا حبيبي قبل ما اموت
التقط حمزة يديها يقبلها قائلا بلهفة
: ايه اللي انتي بتقوليه ده يا تيتا. بعد الشر عليكي.
ثم اردف بمرح قائلا وهو يغمز لها بعينيه
: وبعدين ده انا بفكر اجوزك يا جميل. واجيبلك صف عرسان تنقي منهم وتشاوري بس على اللي يعجبك، وانا اجوزهولك في الحال.

ضحكت تفيدة بشدة حتى دمعت عينيها
قائلة بعدما هدأت ضحكاتها تنهره بتأنيب مصطنع
: اتأدب يا ولد جواز ايه وبتاع ايه. اما قليل الأدب صحيح.
اخذ حمزة يشاكسها مدغدغا اياها وهي تعلو ضحكاتها في الارجاء.

غافلين عن تلك التي تنظر لهم بعيون متسعة وفم منفرج قليلا بشبه ابتسامة تتابع ما يحدث، التفت حمزة تتسع ابتسامته وفجأه رآها تقف قرب باب العيادة اتسعت عينيه ومازالت الابتسامة على وجهه فبدا مضحكا للغايه، وضعت سارة يديها على فمها تكتم ضحكاتها، فتنحنح حمزة ينظر الى تفيدة بقهر يحدث نفسه يتوعد لها. حسبي الله. حسنا سأزوجكي قسرا بأول شخص يأتي لطلبك، رغما عنكِ. ضاعت الهيبة، ماذا ستظن به الان تلك التي تقف خلفه تكاد تنهار ضحكا عليه، التفت لها مرة اخرى، تنحنح يدعوها للدخول قائلا.

: اهلا يا فندم. اتفضلي
اقترب سارة تعض على باطن وجنتيها كاتمة ضحكتها لتتفاجأ بنفسها بقوة ما سحبت داخل احضان تفيدة تضمها بحنو ترحب بها، استغربت سارة كثيرا لكنها رفعت يدها تبادلها تحية العناق، تلك السيدة عناقها له مذاق الجنه. ذلك الذي حدثت به نفسها اثناء احتضانها وكأنها ترتشف جرعة من الحنان، وللغرابة ارادت المكوث اكثر باحضانها.
نظر لها حمزة بغيظ يحدث نفسه. كفى جدتي. هل ارحل واترككم بمفردكم ام ماذا.

ابتعدت سارة عن احضان تفيدة يتبادلان التحية فنهضت تفيدة تستأذن بالخروج
نظرت سارة في اثرها بابتسامة لتلتفت الى حمزة، تغبطه بداخلها على جدته وحنانها
اشار لها حمزة بالجلوس فجلست امامه، استقام مرتبكا يأخذ منها العصفور يتفحصه. بعد عدة دقائق وضعه بالقفص مرة اخرى قائلا
: هو كده بقى تمام اوي. لكن لسه جناحه محتاج يومين على الأقل علشان يقدر يطير
اومأت له بداخلها فرح شديد لمكوثه اكثر برفقتها.

اخذ حمزة يدون بعض الأدوية للعصفور يغتلس النظرات من حين لآخر اليها دون شعورها بذلك، انتهى فأعطاها الورقة، اخذتها منه ثم استقامت تفتح حقيبتها تسأله عن ثمن الكشف
: متشكرة جدا. الكشف كام.؟
استقام يدور حول المكتب حتى وقف امامها ينظر لها قائلا بابتسامة صغيرة
: مش هاخد تمن الكشف.
نظرت له باستغراب قائلة
: ليه.؟

نظر حمزة الى العصفور بحزن و كل ما يفكر به. انه لن يراها ثانية، ثم نقل نظره اليها قائلا بابتسامة حزينة
: اعتبريني شاركت في انقاذه معاكي.
اذدردت سارة ريقها تنظر اليه ثم اومأت بإحراج قائلة
: متشكرة. بعد اذنك
همت بأخذ القفص والمغادرة، لينظر اليها حمزة يفكر في زريعة ما لرؤيتها مرة اخرى يحدث نفسه. انتظري قليلا.
ليتحدث سريعا يناديها قائلا
: لحظة واحدة. التفتت تنظر له بتسائل.

ليأخذ الكارت الخاص بأرقام عيادته وارقامه الشخصية قائلا يشير الى العصفور
: ده الكارت بتاعي. لو في اي مشكلة كلميني.
و ان لم يكن. فحدثيني ايضا.
مررت سارة نظرها بينه وبين الكارت بين يديه، لتلتقطه منه تتوجه الى خارج العيادة.

لا يعلم ما سبب ذلك الضيق والانزعاج الذي انتابه بمجرد رحيلها، نهر نفسه بداخله يعود الى مكتبه، فوجد قدمه تتجه به نحو النافذة. وربما شيء آخر هو من قاده الى النافذة، نظر اليها من خلالها، تنهد بحزن لعدم رؤيتها مرة اخرى. لا يدري ان مقابلتهم مرة اخري ستكون قريبة. قريبة جدا...

وصلت قوات الشرطة الى الفندق برفقة خليل، دلفوا الى الداخل يتحدثون الى موظف الاستقبال لمقابلة مدير الفندق، الذي اتى سريعا ليري ما في الامر، تحدث اليه الضابط يشرح له ما حدث ويطلب منه كشف اسماء المقيمين بالفندق ويياناتهم ليروا اي منهم المطابق للمواصفات التي أدلى بها سائق الاجرة، ليرد مدير الفندق قائلا.

: تحت امرك يا فندم، لكن ممكن تكون لغت حجزها ومشيت. او مش مقيمه اساسا في الفندق، يعني من زوار المطعم او الجيم مثلا.

اومأ له الضابط يفكر بتركيز تام، من الصعب معرفتها بمجرد مواصفات شكل غير دقيقه، لا اسم لا علامة مميزة بشكلها. ، وبعد فحص جميع الوافدين الى الفندق تبين لهم سيدتين بمواصفات مشابهة، احداهما اتت صباح اليوم فاستبعدها هو، وأخرى لغت حجزها بالفندق امس، في نفس اليوم الذي وصلت به، نظر الضابط لخليل، يبدو انها الفاعلة، وان ذلك السائق محق، نظر الى المدير مرة اخرى قائلا
: عاوز كل بيانتها.

بعد بعض الوقت، امسك الضابط بين يديه ورقة مدون بها بيانات زهيرة، الاسم والسن، والجنسية غير مصرية
، نظر الى خليل قائلا
: للأسف. هتفضل معانا شوية. لحد ما نشوف هنعمل ايه
ثم نظر الى احد العساكر مردفا
: خدوه على القسم
ليأخذوه الى سيارة الشرطة وكأنه هو المذنب، ركب خليل يفكر بأبنائه وزوجته، نظر الى السماء يناجي الله بعينيه، يدعوه ان يخرجه من ذالك المأذق...

حل المساء بظلمة تعكس سوادا ما بداخل البعض. وربما كان ما بداخلهم اشد ظلمة وسوادا من سماء ليل حالك.
جلس كل من باسم ورشدي يكاد الشرر يتطاير غيظا من اعينهم. نظر باسم الى رشدي قائلا
: انا مش هسكت. واللي دفعتهولك هاخده. ومش هيكفيني فوقيه روحك يارشدي، لو طلعت انت اللي ورا كل ده.
نظر له رشدي قائلا بانزعاج
: قولتلك ما قولتش حاجه. خلينا نفكر الأول في المصيبة اللي طلعتلنا دي.

نظر له باسم وما زالت عينيه كشعلتان متقدتان قائلا بنبرة تحمل بين طياتها براكين حارقة
: سيبهولى. انا عارف هخلص منه ازاي...
انتهى اليوم بزوال الظلام وكأن شعاع النهار ينظف مزيلا ما يخلفه الليل من سواد.

في صباح اليوم التالي ترجل من السيارة يودع يمنى التي اصرت ان تأتي معه الى المطار فأذعن لرغبتها حيث السائق الخاص بهم سيوصلها مرة اخرى الى المنزل، نزل من السيارة، ونزل السائق بدوره يخرج له حقيبته، فدار عبد السلام حول السيارة يقترب من يمنى، يدنو قليلا حتى يصل الى مستوى نافذة السيارة قائلا بابتسامة واسعة يؤلمه قلبه لتركها بمفردها. لكنها ضريبة ما يجب عليه دفعها.
: خلى بالك من نفسك كويس.

اومأت له يمنى بابتسامة، قبلها على جبهتها. وما ان استقام حتى استمع الى صوت رصاصة يدوي صداها بأذنيه. وازى دويها صراخ يمنى في الارجاء. ونار حارقة تتدفق من صدره. ثم لا شيء. سكون تام.
ارتطم جسده بالأرض تتلطخ ملابسه بالدماء...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة