قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والخمسون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والخمسون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والخمسون

نعتقد انه المسار الصحيح. فنخوض الدرب بمثابرة. ونكتشف بالمنتصف ضعفنا. نشتهي العودة ولا نعود. و في النهاية، نخاف. يتهشم المعتقد. تتبخر المثابرة. يتلاحم الخوف والضعف ليكونا ابا وام لمولود يملئنا التعلق به. الندم.

جلست تضم ركبتيها تحتضن جسدها ككل. في ظلام القاع كانت قاناديل عينيها جاحظة. جامدة دموعها كالجليد. تتمنى فقط لو لم تفعل. لو لم ترحل. خوف آخر طغى بقسوة على جميع مخاوفها. هي ليست وحدها وفقط. بل هي محتجزة من قبل قاتل مأجور على حد تعبيرها. وبكل سذاجة قدمت له الفرصة، برغبتها...

Flash back
انتباهة متأخرة. استفاقة عقل. لاحظت كبر فعلتها حيث وجودها بمنزل رجل غريب. وضع غير لائق، لكن دفعها اضطرارها وحاجتها لطلب مساعدته بدون نية مسبقة. حيث لا مكان لها ولا مأوى. استعدت للرحيل، اخذت الصغيرة من يديها بعد وقت طويل من الوداع والدموع
: ماتعيطيش بقى مش اتفقنا اني هجيلك تاني. وعد.

مسحت عينيها تحتضنها وقبلة أخيرة منها فوق وجنة الصغيرة الباكية. ثم خرجت من الشقة تطرق باب الشقة المواجهة. فتح الباب. ولم ترى اسنانه التي كاد يسحقها غضبا من اجباره على فعل ما لا يريد. خطت الصغيرة الباكية تقف جوار ابيها الذي ينظر إلى عيني الواقفة امامه بترقب غامض
: متشكرة جدا لحضرتك على مساعدتي. انا مضطرة امشي اتفضل مفتاح الشقة وشكرا مرة تانية يا باش مهندس.

بابتسامة شكر ممتنة باهتة ونظرات خجلة تتحولت إلى أخرى مستغربة. حيث نظر إلى ابنته وقد تغيرت نبرته. او ظهرت على حقيقتها
: استنيني في اوضتك يا حياة.
ركضت الصغيرة نحو غرفتها فسريعا اغلق الباب. قبض على معصم يديها بقوة يجرها خلفه بعنف ثم دفعها إلى داخل الشقة الاخرى. وجحوظ عينيها الذي بدا بوضوح انه سيرافقها لعدة ايام بين خوف واكتشاف وجوه أخرى.

: مافيش خروج من هنا، ومش عايز اسئلة كتير. وما تحاوليش تستغيثي بحد علشان احنا الشقة الوحيدة اللي ساكنة في المكان هنا.
لكنته باتت غير طبيعيه. عينيه بدت غريبة بشكل مخيف. لم يكن ذلك الرجل اللطيف الذي تمنت بداخلها ان يحمل قصي بعضا من لطفه. قصي. توقفت افكارها عند ذكر اسمه داخلها. لتتسائل. هل له ان يأتي الان فتختبئ من العالم بأسره داخل دفئ احضانه. بنبرة خائفة ردت
: ايه اللي بيحصل ده. انت مين.؟

زفر بغضب. حقا هو لا يريد إلحاق اذى بها. ويجهل السبب.
: قولت مش عايز اسئلة. وفري على نفسك وعليا حاجات مش عايزها تحصل ياحياة.
لفظ كلماته ببعض الحدة والمثير من الغضب، اذدردت ريقها تتحرك نحو الباب باندفاع
: انا عايزة امشي من هنا. انت مش خاطفني لو سمحت خرجني من هنا.

لحقها يحاصرها بين لمعة الشر والرفق بعينيه وبين الباب الذي اغلقه بالمفتاح جيدا. لم تمتلك القدرة الكافية من الجهد لدفعه. هي تغرق باعماق خوف الان. اخرج هاتفه يتحدث بروية ناظرا نحو حدقة عينيها مباشرة.
: روحي الشقة خدي حياة خليها عندك. لحد ما اجي اخدها.

حدث بها جليسة ابنته ثم اغلق الهاتف، قلبها يرتعد خوفا لم تعد تقوى حتى على الوقوف. تذرف دموع لها اكثر من مذاق. خوف. ندم. حسرة تلف فؤادها الذابل. نهاية. حيث هي بنهاية المسار ولا سبيل للعودة
: انتي فعلا مخطوفة يا حياة. مش عايز اي تهور، و تنفذي المطلوب منك.
في ظلام القاع فقدت شيئا ما. واكتسبت اشياء عدة. ربما ظلامها احلك، اكتشفت الحياة. الحياة كما لم تعرفها من قبل...
Back.

فتح باب الغرفة ليجدها تجلس فوق الفراش كما هي. شعور غير معتاد يلح عليه بفك أسرها و ضرب تعليمات مراد بعرض الحائط بل وتهشيم الحائط فوق رأسه. هي صغيرة. بريئة اكثر مما يجب. وفي عالمهم الضاغي امثالها يسحقون تحت الاقدام بلا دية في سبيل بلوف الغاية.
: بردوا مش عايزة تاكلي.

وهي لا تعاند. هي فقط بائسة بقدر بؤس محاولة هروبها نحو بقعة معتمة حيث اللا ضوء. اوليس كان بقائها بينهم افضل مما هي عليه الان. بنبرة متحشرجة تحدثت.
: مش عايزة.
بدت الحروف وكأنها تكره الخروج على لسانها. ونصف آخر يكتشفه مع طول مدة بقائه معها. نصف لاعلاقة له بالنبل او الحقارة. نصف يشمل ذلك الخافق بيساره فقط.
: اللي انتي بتعمليه ده مش هيغير حاجة. كلي يا حياة وبطلي دلع.

بشرود تنظر امامها وكأنها لم تسمع شيئا. باتت هي محاصرة في حلقة دائرية مكونة من عدة اشباح.
: هتقتلني امتى.؟
ارتجف شيئا ما داخله بقسوة ارتطام. هينيه مثبته عليها بغموض. بينما هي رفعت وجهها إليه مردفة
: اكيد في الآخر هموت. هتقتلني امتى.؟
: كل حاجة وليها وقتها.

اجابها وهو يحضر كرسي يجلس عليه بالعكس. كانت الخطة تسير في مسارها الطبيعي. حيث يضغط على اعصاب ذلك الشخص المسمى قصي بتلك الرسائل. والذي بالمناسبة لا يطيقه بدوره، ربما لو كان هو هدف الخطة وليس هي لكان استمتع قليلا. فيضغط بدافع خوفه، عليها، فيضيق بها الحال ذرعا وتتركه هاربة. تقدمت الخطة سريعا. حيث كان لسوء الفهم دورا كبيرا في تقدمها.
: نفسي اشوفهم. وحشوني اوي. نفسي اسمع صوتهم لاخر مرة.

حدثت بها نفسها باكية. رمش عدة مرات بتفكير. ليستقيم فجأة مغادرا دون لفظ كلمة اخرى. نظرت هي في أثره تتساقط دموعها بانتظار الهلاك. ليعود بعد دقائق يشرع في ارتداء سترته
: قومي.
انتبهت له بارتياع.
: هنروح فين،؟
لم يجيبها. فقط انحني جاذبا اياها إلى الخارج ثم إلى سيارته وهي تتبعه باستسلام يائسة...

اكتشف عدة راوابط اخرى تربطه بها. ابنة عمه. التي تعرفت عليها روحه وخفقات قلبه قبلا. كان يشعر بأنها جزء منه. من كيانه. حتمية وجوب حمايتها وكأنها عقيدة راسخة رابط الدم.
. خفقاته التي ما ان يراها تزداد وتيرة النبض بها. فكرة اقصائها عنه وطردها التي كان يمتنع عنها بشعور لم يكن يعرف تفاصيل هويته. رابط العشق.

وأخيرا رابط الزواج. حيث طلب من جميعهم الذهاب إلى سالم اولا، وتركها لانه يريد التحدث معها في امر خاص، جلست امامه بارتباك. هي وهو فقط وحدهما ولا ثالث لهما سوى العشق.
: مافيش بيات تاني في أوضة مرات عمي.
قالها بجمود لتميل رأسها بإيمائة هادئة
: ترجعي اوضتنا من انهاردة.

في الحقيقة هي اجابته بإيمائتها البسيطة. لكنه اراد اجابة تطرب اذنيه وتنعش نبضات قلبه بنغمة نبرتها الدافئة. استقام يشتعل غيظا لتنكمش هي باجفال ترفع يديها حول وجهها في نوع من انواع الحماية. الم ما نهش دواخلة لرؤية الخوف يسكن نظراتها. اقترب منها فظنت انها ستتلقى من كفيه صفعة او ما شابه. وما كان من كفيه سوى عناقا لوجنتيها يقربها إليه قائلا بجد يقطب حاجبيه بانزعاج.

: انتي خايفة ليه. ماتخافيش مني انا عمري ما هأذيكي.
وكونه مصدر خوفها ازعجه. لم تنسي تلك الصفعة التي تلقتها دون انذار منه رغم مسامحته في الوقت ذاته الا انها وبحسب ما ترعرعت فيه من قسوة. تخاف.
: انا مش خايفة منك والله. انا طول عمرى عايشة ومستنية ضربة من اي حد فيهم لحد ما بقيت اخاف كده.

تساقطت دموعها ليمسحها سريعا وفي حركة لا ارادية شملها بين ذراعيه في عناق له مذاق الجنة. شدد عليها وكأنه يطبعها فوق صدره يبدد ذلك الخوف منها. اما هي ومع دوامة مشاعر تدور حول قلبها لم تستطع سوى اغلاق عينيها بارتياح وشبه ابتسامة هادئة تغير مسار دموعها فوق خديها، تذوب في نعيم احضانة وحنان ذراعيه حولها. اخرجها برفق يذدرد ريقه ماسحا ما تبقى بعينيها من دموع، حتى استقرت يديه فوق تلك الوجنة التي صفعها من قبل.

: ما تزعليش. حقك عليا. يابت عمي
ابتسم لها ابتسامو عاشق. تعلقت نظرة عينيها به. مسكنها. هو بكل معاني العالم مسكنها وحصنها الامين، وهي جرة العسل خاصته. انحنى يقبل موضع الصفعة وكأنه يمحو آثار أصابعه بأخرى. لتتحد جميع الروابط معا في اسمى معانيها. حيث امتلك جرة العسل خاصته قولا وفعلا...
باعتراض منزعج دفع يدي الممرضة الممسكة بملعقة بينما الاخرى تحمل صحنا من الحساء.
: ياست الله يرضى عليكي مش عايز اتنيل اكل.

وتقنعه بنبرة عمليه مدمجه ببعض الرقة رديئة الصنع ان جسده رغم قوة بنيته يفتقر الكثير مم الفيتامينات الموجودة بذاك الصحن وتلك هي تعليمات الطبيب.
: ده باينه نهار ازرق. ما فاضلش غير الحريم توكلنا كمان
وهو شرقي متعصب. ذلك النوع من النساء لا يستسيغه. النساء عامة لا يكترث لوجودهن من الاساس. واحدة فقط بكل نساء الدنا يريدها بكل حواسه.
: مش جعان ريحي نفسك واتكلي على الله عالصبح.

لفظها بضيق منزعج لتنتبه معالم وجهه وتلتمع عينيه لتلك القادمة من الخارج. رآها عبر ذلك الزجاج الشفاف المطل على الرواق المؤدي لغرفته. ارتجف قلبه بجرعة سعادة زائدة. لينظر بلهفة نحو الممرضة التي تبدلت نظرات اليأس بعينيها إلى التماعة حماسية وابتسامة واسعة عندما هتف سالم وهو نصف ممدد.
: تعالي اكليني بسرعة انا جعان.

لتميل بدلال مصطنع نحوه تمد يديها بالملعقة نحو فمه وهو نظره معلق بباب الغرفة. سريعا بدل نظراته نحو عيني الممرضة عن قصد عندما لمح التفاف مقبض الباب. تصلبت تفاصيل اللحظة و الموقف ككل فقط بنظرة عينيها. نظرة اشتعال. احتراق، مصوبة من عينيها والهدف ممرضة شقراء. وقد ناله من نظراتها ما مرر له شعورا يدغدغ قلبه ناتجا ابتسامة عابثة فوق شفتيه. فيالسعادته من عليه محبوبته تغار. اقتربت منها ترمقها باستهجان.

: هاتي ياختي و رورحي شوفي شغلك.
قالتها بتهكم تريد تمزيق وجهها الملون ذاك او تلك الخصلات الشقراء بإصطناع ظاهر. حمحمت الممرضة بإحراج خارجة من الغرفة. بينما هو يتصنع التعب. حدجته باستنكار تمد له الملعقة نحو فمه بعنف طفيف ونظرات شراسة تحذيرية مترقبة.
: كل.
: مش عايز. شبعت.
وضعت الصحن والملعقة جواره بعنف تكتف ذراعيها بتهكم
: اناديها تكملك اكلك.؟ يمكن نفسك تتفتح.

ضم حاجبيه يتصنع الجدية مبررا يحاول اخفاء معالم العشق المتدفقه من عينيه.
: وفيها ايه.؟ بتساعدني اكل. كتر خيرها
ردت باستنكار غاضبة
: وانتي اتشليت وانا ما اعرفش؟ مالكش دعوة بخيرها وشرها يا حنين. عايز ايه.؟
نظراتها مشتعلة. ان كان يحتاج للمساعدة فليختفي صنف حواء من الوجود ولتكن هي فقط.
: عايزك.
اجفلت. اختلجت الخفقات واضطربت المشاعر والقلب بات صريع عشقة. اختبرت لحظة فقده بادراك كاذب فلم تتحمل محض فكرة.

: ما عدش ينفع يا سالم خلاص.
همت بالانصراف هاربة. ليقبض على معصم يديها جاذبا إياها نحوه بقوة. شهقت متسعة العينين، حيث تقترب منه حد الخطر. حد القبلة. انفاسهم اللاهثة تتلاطم كأمواج بحر ثائرة يحتضن ثورتها الشاطئ فتخر ذائبة بين حبيبات رماله باستسلام.
: عايزك جنبي على طول. ما تبعديش عن عيني دقيقة واحدة. انتي ما ينفعش تبعدي ياقمر. انتي عايشه جوايا. ما ينفعش تبعدي.

حواسها، مشاعرها والخفقات وجميعها في حالة تفاقم من السعادة. ليكبت ذلك التفاقم ألم. لم تنسى خروجه بتلك الحالة التي رأته عليها من غرفة سارة بمنزلهم. لن تنسى فعلته.
: سيبني يا سالم.
تنهل عينيه بنهم تفاصيلها التي يحفظها عن ظهر قلب. الان يراها بشكل مختلف. يذوب بين ادقها بعين عاشق...

استقامت تحاول الفرار من حصار نظرته التي تذيبها بدورها. لحظة واحدة وستخر باكية بين احضانه عشقا. اما عن معادلة العقدة والمنشار فألقت بها له وعليه حلها.
: شرطي الوحيد لجوازنا ان سارة تسامحك. ساعتها بس هبقى ليك.
ابتهجت عينيه بسعادة. اومأ موافقا لها. سيحل المعادلة وان لم ينجح سيهشم الطاولة بالمنشار، ويبلع العقدة ان لم يستطيع مضغها. ورغما عنها ستكون له. وهل للقمر ملجأً دون ليله...

قبلات. قبلات. قبلات. اغرقت وجنتيها، يديها وجبهتها. وقد نالت ايضا من الطبيب وطاقم التمريض. حيث فرحته لا تسع مشاعره.
: انت فرحان اني قومت بالسلامة ولا عايز تموتني يا حمزة.
تحدثت بها تفيدة باستنكار تبتسم له بيأس. ليهلل للمرة التي لا تعلم عددها.
: انتي عارفة انتي سايباني بقالك اد ايه. ومستخسرة فيا كام بوسه.

ليختم حديثه بقبلة طويلة فوق وجنتها. دوت ضحكاتها تطرب روحه قبل اذنيه. نجحت العملية بمعجزة في استئصال ذلك الورم الخبيث، اخبره الطبيب صباح اليوم عندما ذف له بشرى استيقاظها وضرورة حضوره.
: لاء، انا قايمة من تعب، مش حمل فرهدتك دي. شوفلك عروسة تريحني منك شوية.
: هو في حد زيك ولا في طعامتك انت يا بط.
قالها يقرص وجنتيها برفق وكأنها طفلته. لتلمع عينيها بشجن تنظر اليه بابتسامة حانية.

: نفسي اتطمن عليك ياحمزة. اشوفك متهني واشيل عيالك.
: طب يالا جهزي بقى فستان للفرح.
اتسعت ابتسامتها تختف بسعادة واضعة يديه على وجنته.
: بجد يا حمزة. الف مبروك يا حبيبي، هي مين اعرفها؟
اذدرد ريقه بقلق طفيف، فهي لم غير ملمة بتفاصيل ما حدث
: تعرفيها. سارة.
تيبثت الابتسامة فوق ملامحها. تضامرت سعادتها، فهي تعلم فقط ما حدث قبل غيبوبتها الطويلة
: ومين قالك اني موافق.

نظر كلاهما لمصدر الصوت حيث لم يكن لأي منهما. ابتسمت تفيدة بحب
: آدم.
تقدم منها لتردف قائلة بنظرة جانبيه إلى حمزة الذي اضحت عينيه موجهة نحو باب الغرفة ينتظر بلهفة دخولها.
: تعالى يا آدم يا ابني عقله.
التقط يديها ينحني ليقبلها مبتسما
: حمدالله على سلامتك يا طوفي. وحشتيني. عينك يا دكتور.
خرجت جملته الأخيرة محذرة ببعض الشماته يستقيم واقفا. لينتبه حمزة ينظر إليه بأسف وندم. تحدثت تفيدة.

: قوله يا ابني احسن ده متهور وهيضيع نفسه. ما بنات الناس كتير مش لازم سارة دي.
مرر نظره بين تفيده وآدم بقلق قائلا
: اهدي يا تيتا وصلي على النبي. نتكلم بعدين.
: لاء يا حمزة مش هنتكلم بعدين. انت لازم تشيل البنت دي من دماغك انا ما عنديش استعداد اخسرك، ماتتكلم يا آدم.
صفع حمزة جبهته لينزل بكف يده على باقي وجه بحسرة. جذب انتباهه حديث آدم.

: معاكي حق يا طوفي. حمزة فعلا متهور وبيضيع حاجات كتير من ايده. مش نفسه بس. بس مين قال اني هوافق اجوزه اختي؟
: نعم يا اخويا. وانت مالك انت.
هتف بها حمزة باستنكار. ليرفع آدم كتفيه قائلا بتحكم.
: اختي يا جدع الله. وبعدين مين قالك انها موافقة اساسا. ده اسبوع بحاله على ما اقنعتها تنزل معايا.

وبكل بساطة هو يكذب. حيث هو من عطل نزولهم لمدة اسبوع. اما هي. فمجرد اسم تمرير حمزة في خبر ماولة قتل ابن عمها، وافقت بلا تردد بل وأرادت السفر في نفس الوقت. فأيقن في تلك اللحظة انها عاشقة ل دكتور البهايم. يكذب وبللغة الدارجة بيغلّيها.
: ادم انا صاحبك. صاحب عمرك اقف جانبي وحياة ابوك.
قالها باستعطاف. بينما تمرر تفيدة نظرها بينهم بعدم فهم.

: الموضوع خرج من ايدي يا حمزة صدقني. هجبرها يعني. انا اساسا مش عارف ازاي طاوعتك انت والزفت التاني. لو سارة عرفت اني متفق معاكم مش عارف رد فعلها هيبقى ايه.
حيث هو الضلع الآخر في مثلث الخطة لإعادة الشمس.
: صلي على النبي في قلبك بس كده وان شاء الله ربنا هيكرمنا، ويقف جمبي و يجوزهالي.
: انتوا بتتكلموا على ايه ولا بتقولوا ايه ما تفهموني.

جلس آدم جوارها يحتضن بديها بين يديه، يسرد لها كل التفاصيل الخاصة بما حدث اثناء غيبوبتها...

بقلب الجبل بركانا منصهر. جائع لالتهام الكون. فقط يجدها وسيلقنها قوانين غضبه. وعشقه. يعلم من خلف اختفائها. رغم ذلك يجوب الشوارع والطرقات بحثا عنها. يود نبش صدره اختراقا نحو قلبه حيث مكانها الوحيد الذي يعلم انها لن تخرج منه ابدا. أخبره مراد أنه سيتركه لمدة يومين. ها هو على مشارف اتمام سبعة ايام ولم يتلقى منه اي اتصال. لعبة الاعصاب لعبة حقيرة. دنيئة. حيث المواجهة اكثر شرفا. يقتله العجز بعيون ابيه. وجفاء الفقد بقلب والدته الذي عاد لها من جديد.

فجأة. رنين هاتف ورقم مجهول. واختلاجة قلب. اذدرد ريقه بخوف لم يظهره لوالديه. رفع الهاتف نحو اذنيه بلهفة. ليتصلب جسده تتسع عينيه صارخا يخطو في حلقة مغلقة كليث غاضب.
: حياااة.

شهقت حنان تستند على المقعد متسعة العينين بلهفة. بينما منصور حاول باندفاع مشتاق الوقوف على احد عكازيه بنظرات مترقبه وقلب اب تتلهف خفقاته للاطمئنان عليها. بينما على الجانب الاخر من الهاتف، تجلس بالسياره جواره تكتم شهقات بكائها. ليخرج صوتها بكل احتياج. اشتياق. استغاثة.
: قصي.
ومع نبرة الاحتياج بصوتها. شت عقله. اشتعلت اوردته غضبا بنيران كاوية.
: انتي فين يا حياة،؟
وهي تصر ان تصيبه بالجنون. او الموت.

: قصي، انا اسفة. قول لخالو يسامحني. وقول لماما كمان اني بحبها اوي.
: حياة ما تخافيش. ما تخافيش يا حياة قوليلي انتي فين. قولي اي علامة في المكان اللي انتي فيه، هوصلك ما تخافيش.
واشارة بانتهاء المكالمة. وكانت الطامة التي اصابت لب خافقه، آخر كلماتها وكانها تخبره انها النهاية.
: قصي. انا بحبك اوي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة