قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثالث والخمسون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثالث والخمسون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثالث والخمسون

العواصف، المطر، تقلب المناخ. جميعها عوامل قد تؤدي إلى حُمى. لكن ان يصاب قلبه بحمى من مجرد جملة.؟ ( قصي انا بحبك ). كانت له اسبقية اكتشاف ذلك. اجتياح ناري. حمى وحمية. وربما سهم غائر. غصة مريرة. لا يعلم. هو انزعج. فقط غضب ما ان تفوهت بتلك الكلمات لآخر. بصوت خافت مرتعش تحدثت و قد استمع إلى الحزن المرافق لحروفها.
: شكرا.

امعن النظر اليها. مائة وستون سنتيمتر من البرائة. النقاء المعاكس لتهتك انسانية عالمه. تنهد بحزن. بعض خفقاته تعلقت بوجودها. جزئا ما من قلبه يشعر بالألم. وكونه يشعر من الاساس شيء يغضبه. هل احبها.؟ لا يعلم. او بالأحرى لا يملك حرية الاجابة. هي تفعل كارثة. تقلب دفوف جميع الموازين. هي بكل بساطة تظهر النبيل بداخله.
: لو كلتي، هخليكي تكلميهم تاني.
النبيل.؟
ام العاشق.؟

الاجابة. ان ثمة شعور وليد صارخ ينمو بداخله. سيؤده. بكل ما اوتي من قوة سيقتل ذلك الشعور. حيث دروب الشوك لا تخطوها الوردات...
تصلبت نظرة عينيه. تجمدت عبراته كالجليد. هو ذلك الاسير الذي نال الهزيمة والأسر دون حرب. نال موت، ومازالت انفاسه تقايض هواء الكون. هو الجندي المجهول للحكاية...

قص له ديفيد تفاصيل 25 عام من الخدعة. الاخوة المزيفة التي لن يعترف بزيفها ابدا، اما عن دور البطل، فهي امه المحروقة. واما عن الضحية او الضحايا ان صح التعبير. فجميعهم. تعجبت نظرات ديفيد يضيق عينيه ليس استفهاما وانما باستكشاف.
: لماذا لا تبكي.؟
شق ثغره ابتسامة حزن مطعمه بسخرية
: الرجال لا تبكي. هكذا قالت لي يوما ما.
ابتسم ديفيد ابتسامة جانبية، هو رجل يمتلك من الحكمة بقدر عدد ضحايا اسوده.

: خطأ فادح. البكاء للجميع. قد نختلف في الطريقة، لكننا بالنهاية نبكي. البكاء فطرة نولد عليها كما الألم. ابكي. فالبكاء يا صديقي هو اشارة الوجود.
نظر عمر إليه وقد بدت عينيه صارمة مستعرة
: اريد ان آراه، لن استطيع مهما اثبتت من قوانين ان انفيه انا من داخلي. هو اخي ديفيد، . اخي الذي لم ارى اخ غيره.
وهو الوحيد الذي اتاح له مناداته ديفيد فقط بدون سيدي. ارتشف رشفة من كأس النبيذ بيديه يسأله.

: قل لي اولا، كيف اتيت إلى هنا. بينما انت في عداد الموتى ببلدك.
شرد عمر متذكرا تلك الأيام التي مر بها. ايام بمثابة قطعة من الجحيم.

Flash back
بعدما استنشق ذلك الكم من المخدر الذي ناوله اياه مراد في لحظة احتياج خلايا جسده لكل ذرة بتلك الورقة المطوية. تصلب جسده. وتصلبت نظرة عينيه فوق عيني مراد باستغاثة. وهو صريع اللحظة وخاسر المعركة. و لأحدهم هو الورقة الرابحة.

الهدف مقطع. و الوسيلة عقّار شيطاني مسحوق يعطيه تفاصيل الموت بلا موت. تفاصيل الموت لعدة ساعات لن تحتاج خطته لأكثر منها. فقط اراد مقطع مصور لا يتعدى دقيقة يمرر وهم الموت لمشاهده. موت عمر. وهو كل ما يحتاجه لاستدراج وسيلة اجدر تعزز من خطته. والتتمة لجثة مشوهة تتبادل وعمر الاماكن وتواطئ الطبيب النوباتجي بالمشرحة معه كان اسهل مما يمكن حدوثه. ومع ارتفاع محركات الطائرة وهبوطها ببلد آخر. كان دور رجاله في تهريب عمر فوق سطح احدى السفن التجارية الذاهبة لبلد آخر. وبإسم جديد وجنسية جديدة وبشكل ما وقع عمر بين دهاليز خلله والنجاة مستحيلة، النجاة شرسة لا تعرف اارحمة. النجاة كانت عندما زهد مراد في الاحتفاظ بالورقة الرابحة. اسود ديفيد...

Back.

غامت عينيه بوحشية اثارت لمعة الاعجاب بعيني ديفيد. ليتحدث بغموض
: يبدو انني لم احسن انتقاء اصدقائي.
لم يكن بحاجة لاستماع القصة. فهو على علم ودراية بأدق التفاصيل عن كل ما يدور حوله وحول غيره.
: مراد لا تجدي صداقته نفعا. مراد عدو نفسه. و عدوي
قالها عمر بسخرية انتقامية لها دكنة القبور وحمرة الجحيم.
: برأيك ما الذي يليق به.؟

شرد قليلا بتفكير. ثم انتشى بمجرد التخيل. اظلمت عينيه بدكنة قاتمة. يبتسم ابتسامة بمذاق الدماء.
: طعام الاسود.
ضيق ديفيد عينيه بتفكير. هو فنان تشكيلي بشكل ما. مختلف. يتفنن في ابراز وحشية الاخرين. و عمر بجعبته الكثير. سيستمتع بصناعة ذراعه الايمن كيفما يريد. هو ماهر في انتقاء اسوده. و حذر في انتقاء طعامهم. ابتسم بتلذذ يتجرع كأس النبيذ من بين يديه.
: لنرى.

( انا بحبك اوي ). هل له الان باسكات صوتها الذي يتردد صداه داخل عقله وقلبه يرفعه نحو السماء بجنون عشق، ثم يقذفه إلى جوف الجحيم بلوعة فقد.
ليتها لم تنطق بها ابدا. الا يكفي ما يشعر به من نيران مندلعة كالبراكين بين اوردته. الان هو جميعه يحترق. قلبه كتلة جمرية تضخ براكين منصهرة لجميع خلاياه. وما زادته نبرة صوتها واعترافها سوى جحيم.
: عايز مكان المكالمة يا شريف فورا.

: قصي. انا مقدر اللي انت فيه بس اللي احنا بنعمله ده مش هيعمل حاجة. احنا بنجري في دايرة مقفولة.
شظايا. فقط بعض الشظايا انطلقت تعبر عن لمحة مما يشعر به. ليصرخ بعجز. او بالاحرى انكار عجز يتجرع مرارته في كل لحظة هي بعيدة عنه بها.
: هلاقيها. لازم الاقيها يا شريف. هتشوفلي مكان الرقم ولا اتصرف انا.

اذعن شريف فورا ليلبي طلبه. تلك الفوهة البركانية بعينيه التي على وشك الانفجار ما ان خدشها احدهم يجب الحذر معها...

لم تكف دموعها عن التساقط من نبع عينيها الصافي. تصلي وتدعو الله بان يقر عينيها برؤيتها سالمة. ابنتها التي لم تنجبها قط. ابنة قلبها وروحها. تذرف الدموع داعية و عيون صغيرة تقف خلف الباب بحذر ولمحة حزن مستغربة منها تصوبها إليها. علمت ان حياو والتي هي زوجة اخيها الذي بدوره ليس اخيها، ليست ابنتها. اذا كيف لها ان تهب كل ذلك الحب لمن هي ليست بابنتها.؟ وسؤال ولد على حد افكارها. نتيجة افتقار مشاعرها لاحضان ام. هل يمكنها ان تحبها مثلما تفعل مع حياة تلك؟ هل يمكنها منادتها أمي.؟ وفي لحظة التقت عيونها الصغيرة المتعطشه للارتواء برشفة حنان مع تلك العيون الباكية. مسحت دموعها تناديها.

: تعالي يا يمنى.
ارتبكت. عادت خطوة للوراء ثم تلجلجت بكلمات مبهمة وفي النهاية خطت بارتباك وتردد نحوها. مسحت حنان دموعها سريعا تسألها
: محتاجة حاجة يا حبيبتي.؟
جلست امامها وكأنها تهبط من السماء. او آتت لتوها من عالم آخر. بنظرات متسائلة تحدثت
: انتي ليه بتعيطي عليها كده وانتي مش امها.؟ ازاي بتحبيها كده وهي مش بنتك.؟
ابتسمت حنان من بين بكائها الذي سرعان ما عاد لها.

: مين قال انها مش بنتي. مين اللي قال اني مش امها. ا لما كانت بتخاف كانت بتجري تستخبى في حضني انا. حضني انا اللي كان ديما امانها وسكنها. انا اللي علمتها وربيتها وكبرت قدام عيني وجوه قلبي. صحيح هي مش واخدة دمي ولا ملامحي. بس واخدة من روحي. واخدة حتة من قلبي ازاي ما بقاش امها. ازاي.؟
ابتلعتها مجددا دوامات البكاء. ليجفلها سؤال يمنى المفاجئ. ارتجف قلبها وتنشطت ذاكرتها السوداء في خلق الزرائع.

: هو انا ينفع اقولك يا ماما.؟ ولا مش هترضي.؟

ناهد. ومجددا ناهد حتى بعد موتها ترهق مشاعرها ككل. من المؤكد انها ماتت لكنها تركت أثرا. حواجز عدة تنتصب بمعاندة بين قلوبهم. حواجز لا تهدم سوى بالانسانية. الرحمة. و الحنان. تمثلت الاجابة بجرعة امومة افتقدتها الصغيرة. وربما لأول مرة تختبر صدق عناق ام. عاطفة امومية اجتاحت خلايا مشاعرها فلم تجد الصغيرة بدا من البكاء. شددت حنان من عناقها تغدقها بفيض حب خالص، دون رتوش ماضي سقيم.

: طبعا ينفع. ينفع يا يمنى.
رغم المحيط الداكن من حولنا. هناك دائما طاقات من نور قادرة على محو ظلام العالم...
ان يطلب مسامحة تقليدية هو مجرد عبث. ليأخذ الابتكار دوره. والابتكار يتمثل بأفكار حمزة.
: لاء ما انا مش هسيبها معاك لوحدها، انسى. انتوا تقولولها ان سالم جوة وتدخل تلاقيني انا ومالكوش دعوة بعد كده
هتف بها حمزة بتهكم معترض عندما اقترح سالم ان يطلب مسامحتها بمفردها. ليتحدث آدم باستنكار ساخر.

: وانا بقى اللي هسيبها معاك لوحدها.؟ انا مش عايزها تتصدم. لازم يبقى عندها فكرة.
تنهد سالم بيأس يوجه حديثه لآدم.
: اختك دماغها جزمة قديمة، انا عارفها، مش هتيجي لو اديتها فكرة عن اللي هيحصل.
انقض حمزة يمسكه بيد واحدة من تلابيبه هاتفا بغضب.
: انا مش قولتلك مالكش دعوة بيها. ما تتكلمش عليها خالص.
دفعه سالم يبادله الهتاف والغضب.
: انت ايش حشرك، انا وولاد عمي مالك انت.؟
ليفتح الباب فجأة وتظهر قمر قائلة بلهفة.

: سارة جاية.
انتفض ثلاثتهم ليتحدث حمزة بمعاندة.
: آدم انا مش هسيبها مع الحيوان ده لوحدهم، تتصدم ما تتصدمش انا مش منقول من هنا
جز سالم على اسنانه غيظا ولم يرد. ليتحرك آدم بخفة يجذب حمزة قائلا.
: هنقف ورا الاستاند ده، تعالى.

ليختبئا خلف ساتر طبي بنهاية الغرفة. لحظات وطرق الباب. ليستشعر القابع خلف الستار دفئ شعاع شمس اشتاق لها كثيرا. لا اراديا اخرج رأسه من خلف الستار ليراها. جذبه آدم يحذره بعينيه ليمط حمزة شفتيه بضيق مذعنا لتحذيره. ، استمع إلى خطواتها الرقيقة تتقدم بثقل. دخلت تحدج سالم بنظرات كارهة واجهها هو بالندم. رفعت رأسها متحدثة بسخرية قاتمة.

: جيتلك زي ما طلبت. عاوز تساومني على ايه المرة دي.؟ على الورث بردو مقابل برائة حمزة.؟
: طب مش تقولي حمدلله على سلامتك يا ابن عمي الاول.
وخلف الستار يعض عاشق برتبة مجنون على شفتيه غيضا، يشد من قبضة يديه بغضب هامسا لآدم
: بص الحيوان.
ليشير له بالصبر. فانصت كلا منهما لما يدور خلف الستار.
: ايه المطلوب عشان حمزة يطلع.؟

وهي لا تفاوض، هي تكره وجودها معه، تخرج حروفها قسرا مذعنة لرجاء خفقاتها فقط من أجل حمزة. بينما في حقيقة الامر، تريد شحذ أظافرها لتمزيق وجهه.
: تسمعيني. تسمعي اللي عايز اقولهولك وجايبك عشانه.

زفرت بنفاذ صبر تنصت لما يريد قوله. قص عليها الحقائق كاملة. انها لا تعد زوجة له. لا شرعا ولا قانونا. والاهم انه لم يحدث شيئا قط مما يوجب الزواج. هي كما هي لم يمسها بسوء. لتتسع عينيها بلمحة فرح تتعلق بصدق كلماته. وخفقات تضرب صدرها تخشي احتمالية الكذب بقوله. بصوت متهدج ونبرة تائهة سألته.
: الفيديو.؟
الندم يلف حروفه ونبرته ونظرة عينيه بل يملئ الهواء من حوله. يتنفسه.

: ما كانش اكتر من اللي انتي شوفتيه. صدقيني يا سارة انا عرفت غلطي في حقك ومستعد لأي حكم تحكميه عليا بس تسامحيني.
وخلف الستار قلب أخ بروح اب يذدرد ريقه متأهبا لامتصاص صدمتها بقلق. وعاشق. عاشق حد النخاع، يجز على اسنانه اشتعالا، تصور له مخيلته اخذ عذاء سالم مساء اليوم.

: مش هنكر ان كان كل همي الورث واني احافظ عليه. بس والله ما كنتش عايز افرط فيكي. كنت عايزك تعيشي وسطينا. صدقيني انا اتعيرت دلوقت مش عاوز اي حاجة غير انك تسامحيني يا سارة. رجعت كل حاجة بأسمك تاني ووصية عمي الله يرحمه اتنفذت زي ما كان عاوز.
التسامح سمة. قدرة لا يمتلكها الكثير من البشر. ابتسامة ساخرة شقت ثغرها بينما عينيها بلون الغروب.

: لاء ما هو واضح انك اتغيرت. جايبني علشان اسامحك مقابل برائة الانسان الوحيد اللي حبيته. زي ما ساومتني اوافق على الجواز منك مقابل حياته قبل كده. نفس مبدأ لوي الدراع.
ابتسامة بلهاء ارتسمت على وجهه بينما خفقاته تتراقص طربا على ايقاع جملتها. ( الإنسان الوحيد اللي حبيته).
نظر لها سالم نظرة لم تفهمها. نظرة غامضة ثم هتف مناديا ومازالت نظرته معلقة بعينيها
: حمزة.

نظرت إليه تقطب حاجبيها بعدم فهم. سرعان ما اتسعت عينيها بصدمة وجوده في الغرفة. خفقاتها تهدر بعنف. تتسائل عينيها كيف له ان يكون هنا. تمرر نظرها بين سالم وبينه بحيرة وعدم فهم وفجأة تلقفها بين ذراعيه آدم الذي ظهر من العدم يدعمها قائلا.
: اهدي يا سارة انا جنبك.
نظرت إليه بتيه.
: ايه اللي بيحصل. انا مش فاهمة.
ليهتف سالم بنبرة انكسار.

: انا ما بلويش دراعك يا بنت عمي. الدكتور حمزة خرج اول ما فوقت وقولت انه مش هو اللي حاول يقتلني. من غير اي حاجه اهو بطلب منك بس تسامحيني.
اما هو. فانفرد بعينيها وكفى. الكون من حوله فراغ، هو وهي فقط. تقترب خطواته لا اراديا منها وكأنه تحت تأثير سحر ما. سحر عينيها الذهبية.
وفجأة. حجرا ما سقط فوق رؤسهم. التسامح سمة لا يتصف بها الكثيرون. وهي احدهم.
: لاء. مش مسمحاك.

ساد الوجود معالم وجه سالم، وقمر التي تقف عند باب الغرفة. ثم نظرت إلى من يذدرد ريقه بقلق امامها. ولمحة عتاب لاحت بنظرتها له
: مش مسامحة اي حد جرحني حتى لو بكلمة.
هم ان يتحدث، يبرر
: سارة انا. اا
: انا ماشية يا آدم.
قاطعته توجه حديثها لآدم تخرج من باب الغرفة. ومقلتيها ينابيع فائضة على وشك الانفجار
مرحبا بالحرب...

هو مندوب الشيطان وتلميذه ومساعده. هو مختلق الوسائل ومتعدد الاهداف. لا تغريه النهاية بقدر خوض المعركة. رفع الهاتف نحو اذنيه بابتسامة شيطانية تتأرجح رأسه مع موسيقى تدور فقط بمخيلته. موسيقى النهاية. آتاه صوت علاء بإجابة مترقبة. ليشعل النيران فوق العلم في اشارة لبدأ الحرب.
: علاء. خلص عليها. فلوسك هتوصلك زي كل مرة.

هكذا فقط ثم اغلق. الآن. يجري اتصالا آخر. من رقمه الخاص. حيث سيظهر الرقم الخاص بالبلد المقيم فيها. بل وسيرسل له العنوان بالتفصيل بكل رحابة. اخترق صوت قصي اذنيه عبر الهاتف. ليتحدث بأريحية تامة. بانتشاء. بشيطانية تجاور مخارج حروفه.
: قدامك مهلة 3 ايام. تكون اخدت فيهم عزاها و تيجيلي عشان ابعتك ليها. اصلها بتخاف تبقى لوحدها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة