قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والثلاثون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والثلاثون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والثلاثون

بعض الأقدار اللتي تبدو لنا سيئة في بعض الأحيان. في حقيقة الأمر. هي رحمة. نجاة. فرصة. تتيح لك الرجوع إلى الصواب.
وقفت تتجسد الصدمة بجميع ملامح وجهها. بعدما استمعت لما تفوه به خالها. فأكمل مردفا ينظر اليها بحزن.

: صدقيني انا عملت كده لأني كنت خايف عليكي. كنت خايف رشدي او باسم ينتهزوا فرصة اني عاجز عن حمايتك. ويكرروا اللي فشلوا فيه اول مرة. مالقتش قدامي غيره استأمنه بعد ما عرفت اللي عمله عشان يساعدك في المطار.
: خالو. انت بتقول ايه.؟
قالتها بتيه كمن لا تفقه شيئا. ليقترب منها منصور يحيط وجهها بين يديه بحنو يبتسم بحزن قائلا
: يشاء القدر. انه يطلع ابني اللي ما شوفتهوش من 25 سنة. وده اللي اكتشفته متأخر.

مازالت نظراتها في طور الصدمة. تنفي برأسها ببطء في عدم تصديق لتلك المفاجآت من حولها. ليردف منصور
: حياة. هو ابني اللي ما خلفتش غيره. واللي ما صدقت لقيته. وانتي بنتي اللي ما خلفتهاش. واللي عمري ما اجبرتها على حاجة. ولا هقدر اعمل كده.
نظرت اليه بتأثر وقد التمعت ماسات عينيها توا. فأكمل منصور
: انتي عارفة معزتك عندي انا وحنان ايه. لكن اللي عايزك تعرفيه كويس. ان ما حدش هيقدر يرجعه تاني غيرك.

كل ما مر على مسامعها عبارة عن صدمات متتالية. اما ما نطق به منصور لاحقا كان اشبه بصاعقة سماوية اصابت خافقها مباشرة. فخر الأخير بداخلها واهناً في حالة صدمة من نوع آخر. صدمة مربكه. بعثرت كل ما بداخلها. صدمة تحتاج فيها إلى عزلة تامة لتعيد فيها ترتيب افكارها. مشاعرها. خفقاتها، عندما اردف منصور بيقين تام قائلا
: قصي بيحبك يا حياة.

ودخول الخادمة تنوه عن وجود ضيف ما. اتاح لها فرصة العزلة. ليتركها منصور قائلا بابتسامة محبه.
: عايزك تفكري في كلامي كويس. و القرار في الاول وفي الاخر ليكي.
اي قرار.؟ واي تفكير.؟ عذرا فجميع الأفكار مشغولة الآن. في عزلة!
ضيف غريب. بانتظاره في مكتبه. يطلب رؤيته في أمر شخصي. دخل منصور مرحبا بذلك الضيف. استقام آدم يصافحه بابتسامة هادئة معرفا بنفسه.
: آدم محمود المصري. دكتور امراض نفسية وعصبية.

رحب به منصور جالسا على مقعده الخاص ينظر اليه باستفهام. ليتحدث آدم لا يعرف من اين يبدأ حديثه.
: اسف اني هاخد من وقت حضرتك. لكن الأمر حقيقي يستدعي.
نظر له منصور بتركيز وقد استشعر اهمية ما سيتحدث به قائلا
: اتفضل. خير يا دكتور.
اذدرد آدم ريقه يتحدث قائلا بابتسامة هادئة لا تتعدى شفتيه.
: انا درست و عشت طول عمري في امريكا.
لاحظ نظرة منصور المتعجبة لحديثه بلهجة مصرية بحتة. فأردف آدم يجيب تسائل نظراته.

: جدي والد والدتي كان مصري. وهو اللي أصر يعلمني اللهجة المصرية. محمود المصري.
ونظرة مستغربة من منصور اليه مرة ثانية سرعان ما خفضها إلى سطح مكتبه يحمحم حرجا. قد ادرك آدم ما يدور برأسه الآن. ليتحدث مردفا يوضح له الأمر
: والدي كمان مصري. و ده اللي عرفته تقريبا من شهرين بعد وفاة والدتي. سارة محمود المصري.

وهنا لم يفهم منصور ما المخزى من حديثه. ما شأنه هو بتاريخ اسرته. ليردف آدم بعدما تلاشت ابتسامته يحل محلها علامات الأسى.
: اتجوزت والدتي راجل مصري كان عايش وقتها بأمريكا واللي بالمناسبة يبقى والدي من حوالي 28 سنة وأكتر. بعد سنة من الزواج ده قرر ينفصل عنها ويرجع مصر. وبعدها طبعا اكتشفت حملها. وقررت ما تقولوش كنوع من انواع الانتقام.
وهنا حاز هو على نظرات اهتمام وإصغاء من منصور فأردف.

: اللي للأسف انا وأختى بندفع تمنه حاليا.
قطب جبينه باستغراب. يسأله قائلا
: أختك.؟
اومأ له آدم بحزن يناوله ورقتين قائلا
: اتفضل. دلوقت حضرتك هتفهم كل حاجه.
التقط منصور منه كلتا الورقتين ينظر اليهما يبدو عليهما القدم. احداهما عقد زواج، والأخرى قسيمة طلاق. اتسعت عينيه بصدمة. يعيد قرائة ما دون بهما
الزوجة، سارة محمود المصري، الزوج، فؤاد حافظ.

نظر إليه بزهول. ثم نقل نظراته إلى الورقة ثانية. الآن ادرك قوله. انا و اختي. سارة فؤاد حافظ هي اختا له. ليتحدث منصور بنبرة متفاجأة متقطعة خافتة.
: معقول.؟ سارة. تبقى اختك.؟

اومأ له آدم بحزن يقص عليه ما حدث قبل وفاة والدته وجده. من إصرار جده على وجوب اخبار والده بوجوده كحق له. حتى ذاك الخطاب الذي تركته له والدته مدمج بصورة والده بعد وفاتها مع صديقتها العجوز إيلين. والذي كان سببا رئيسي في قدومه إلى مصر بحثا عن والده. ولم ينسى اخباره بتلك المصادفة. وربما مشيئة القدر. اللتي قابلته بها في ذلك اليوم بالشركة. واسمها اللذي لفت انتباهه. وتأكده فيما بعد من كونها أخته، يالا تدابير القدر. اسبل منصور عينيه بحزن متنهدا بثقل. ليخبره آدم برجاء.

: ياريت حضرتك تديها خبر اني هنا. افضل اقولها بنفسي.
نظر له منصور بأسف قائلا
: للأسف هي مش موجودة هنا...
وبنظرة استفسار من آدم رد قائلا
: اومال فين.؟ هي مش المفروض عايشة هنا.؟
شرد منصور للحظات. الورث. اولاد اعمامهم. الأمر بات معقد الآن. ثم أردف
: هي فعلا عايشة معانا من فترة صغيرة. لكن سافرت من 3 ايام تقريبا.
قطب جبينه بعدم فهم يسأله
: سافرت.؟ سافرت فين.؟
رد منصور يجيبه بتلقائية.

: سافرت (، ) مع ابن عمها. جدتها طلبت تشوفها.
وهنا تسارعت خفقاته متلهفة. يذدرد ريقه. يخشى طرح سؤال ما. او يخشى اجابته.
: للأسف كان في مشاكل على الورث قبل ما والدة سارة تتوفى. وبعد وفاتها قررت تطال بحقها في الميراث.

اجابه منصور دون ادراك بما يخشاه. حسرة لا حد لها. غصة مريرة توقفت بحلقه كادت تخنقه. كم كان يتمنى ملاقاته ولو ساعات قليلة. كم كان يود ان يراه. يرى ولده. حقا لا يدرك المرأ كل ما يتمنى. لكنه سيحظى بنصف الكوب الممتلئ. ما تبقى له في الحياة. اما ذلك الحيز الفارغ من الكوب. سيجيد إشغاله...
: بعد اذنك عايز العنوان بالظبط...

غرفة صغيرة في احدى البنايات المتهالكة. بأحد الأحياء التي لامسمى لها. الأحياء الشعبية بجوارها هي رفاهية في العيش، ملحق بها حمام بدائي الصنع. وفراش. هكذا فقط. ونافذة تطل على اتلال من القمامة. مطلبها. ان تبتعد عن الأعين في مكان شبه نائي. إلى حين استرداد قواها كاملة. تدرك ان مكنون قوتها داخل رأسها. تماما كالأفعى. لكنها احيانا تحتاج الجسد للهروب. للتملق. لخلع جلد واستبداله بآخر. لذلك عليها الانتظار. التريث قليلا. ليس لتخطيط خطة ما. او قطع خيط او ما شابه. لا. بل تخطت تلك المستوايات سلفا. هي الآن قرب المرحلة الأخيرة. ستواجه الوحش. ستصنع كلمة النهاية. و تنهي اللعبة...

تضارب افكار. وزحام مشاعر. وهي بين ذلك و ذاك في زهول تام. يخفق قلبها بعنف. تستعيد كلمات منصور بداخلها. او بالأحرى جملة واحدة. سرعان ما اتسعت عينيها تشتد خفقاتها اكثر مستعيدة ذاكرتها ذلك الحديث الذي دار بينها وبينه منذ يومين بمكتب خالها. متزوج.!، زوجته كالقمر.! يعشقها.! سؤاله لها عن مسامحة زوجته.!، يطرح عقلها النتائج، هي زوجته. هي تلك اللتي كان يقصدها. شهقة خافتة. وابتسامة صغيرة ولدت على شفتيها. سرعان ما اتسعت اكثر حينما فطنت الآن تلك الإجابة اللتي اعتبرها هو وعدا بمسامحة زوجته له اذا كانت تحبه، ايعقل كل ما يحدث لها الآن. تنهيدة حارة وايدي مرتعشة وارتباك تام. وابتسامات يخالطها شرود قصير. ثم فكرة و قرار. وجرئه لم تعتاد عليها. هيا انهضي سريعا للذهاب إليه. كان ذلك النابض متحدثا، لكن للعقل رأي آخر. كيف ستذهبين بمفردك إليه. لا يصح، وعديم الفكر رد معللا. هو بحاجتك الأن. إذهبي إليه. ولو حتى من أجل خالك و تلك التي تناديها امي. زفرة. و. حسنا، فلتذهبي ولتأخذي معك امك. هكذا أفضل. استقر ثلاثتهم على الذهاب اليه برفقة حنان وإعادته، وثلاثتهم لم يدركوا عواقب الأمر...

تسلل خائف. وروح تنزف. وقلب يشهق منتحب. وتشبث مريب لا تفسير له بقفص العصفور فارغا. خرجت من الباب الخلفي للمنزل. تجر أذيال الندم. السقوط. الخذلان. حرب كانت اضعف من خوضها. اصغر من مواجه حتى موجه ترابها. حرب لم تنل فيها شرف الموت او الخروج خاسرة. تتساقط دموعها. منكسرة. تركض مبتعدة عن المنزل. عن تلك البقعة السوداء. كابوس مزعج. حتما هو كابوس مزعج عليها ان تفيق منه الآن. وإلا فالموت اهون، تنظر خلفها تتأكد من ابتعاد المسافة شيئا فشيئا بينها وبينه كلما ركضت. شياطين تحول حول المنزل تضحك بصخب تلوح لها مودعة. ومن بينهم يقف هو يناظرها وقد مهد لها طريق الهروب. سبقها بخطوة. يحسب كل شيء بميزان غير عدل. يرفع هاتفه متحدثا.

: اوعاك تغفل عنيها. خليك وراها و أول ما توصل خبرني. ما تبانش ليها الا اذا لجيتها في خطر.
اغلق الهاتف. ينظر امامه من خلال نافذة مكتبه بجمود. يعلم انها لن تبقى منتظرة لحظة عقد الزواج. لذا قد سبقها بخطوة. افرغ لها طريق الهروب بمفردها. وسيكون رفيقها في العودة...

نزلت من السيارة بسعادة بالغة. بعد نزهة استغرقت ما تبقى من نهار اليوم. نزل بدوره يتجه نحو باب المنزل يبتسم لتلك السعادة التي ترسم على ملامح وجهها كلوحة مبهجة الألوان. ولسوء حظه. كان هو الرسام الذي يخشى تلطيخ تلك السعادة بلون داكن.
: اكيد بابا وماما زمانهم جم. اه صحيح، عمر في مصر. هو انا ما قولتلكش.؟

قالتها بمرح فطري. بينما بالقوة. حاول ان يكبح جماح انفعاله امامها. وكأن عيناه تزرف دموعا لكنها تسير عكس مسارها الطبيعي. وكأنه شخصان. احدهما يتألم باكيا بغير حيلة. والآخر يبتسم بكل هدوء مجيبا اياها وقد تسلل الألم او القليل منه عبر نبرة صوته. ولم تلاحظ هي
: اه. منا عرفت.
: قابلته.؟
قالتها بغضب حانق. فهي دائما ما كانت على خلاف معه. لكنها تحبه. وكان هو كذلك.

اذدرد ريقه ينفي برأسه لها ببطء. لم اقابله. لم اودعه حتى للمرة الأخيرة. لتتحدث يمنى بضجر عفوي.
: تخيل يا ابى. ما رضيش يستنى لما اخلص امتحانات وننزل سوا.
ابتلع غصة ما بحلقه. يحاول رسم ابتسامة صغيرة مربتا على أعلى رأسها. دخلا إلى المنزل فأغلق الباب خلفه ليتفاجأ بها تنادي من لن تراهم مرة أخرى أبدا.
: ماما. بابا.
ثم تلتفت اليه بيأس قائلة
: شكلهم لسه ما جوش. انا جعانة اوي.

اخرج هاتفه سريعا قائلا بلهفة وكأنه وجد مخرجا ما.
: هنطلب اكل حالا. اطلعي غيري هدومك على ما يجي.
اومأت له صاعدة تتجه إلى غرفتها. ليزفر بارتياح. يجب عليه ان يجد حلا ما. بشكل او بآخر ستدرك عدم وجودهم بحياتها. تنهد بتعب. يطلب احد المطاعم هاتفيا لإحضار تلك الوجبات سريعة. انتهى يجلس بإنهاك على احد المقاعد. يستند برأسه مائلا للوراء. يغمض عينيه بتعب
بعد بعض الوقت...

رن جرس المنزل فاستقام بخطوات روتينية ليفتح الباب. ظنا منه انه فتى توصيل الطعام. ألجمته صدمة رؤيتهما امامه. تسارعت خفقاته خشية مما قد يحدث اذا رأتها اخته امامها الآن. وقفت حياة في خجل تام. اين هي تلك الجرأة التي اتت بها الى هنا.؟ اين ذهبت. بينما تنظر له حنان بعتاب. يبدو على ملامحها الحزن الشديد. تبتسم له بشحوب. وخذات دموعها تؤلم عينيها. تقدمت خطوة حتى باتت تقف امامه. داخل المنزل. و نظرة جانبية منه نحو الدرج يتأكد من عدم وجودها. هو في مأزق. تحدثت والدته بنبرة صوت منكسرة تصحب معها الكثير من دموع عينيها. تتوسله.

: انت زعلان مني.؟ حقك عليا. انا مش هكلمك في حاجة تاني والله. مش هتدخل في اي حاجة تخصك. بس عشان خاطري ارجع. ما تسبنيش تاني.
الآن بات يختنق. الأمر اصبح اصعب من ان تصفه مجرد كلمات. اشبه بمن تضيق عليه جدران غرفة ما من جميع الاتجاهات. وانهارت حصون ثباته. تتقافز العبرات من عينيه. عندما القت هي بجميع قوانين المعقول وأللا معقول عرض الحائط. تنحني مائلة تلتقط يديه تقبلها متوسلة.
: ابوس ايدك ياابني ترجع.

نفض يده من بين يديها بقوة يجذب رأسها نحو صدره يقبلها باكيا.
: مش هسيبك. هرجع. بس في حد مش هقدر اسيبه. حد ما لهوش غيري دلوقت. ما يعرفش غيري.
ابتعدت قليلا تنظر اليه من بين دموعها بعدم فهم. اما حياة فتضغط على فمها بيديها باكية بدورها تأثرا بما يحدث امامها. ولحظة فارقة. نظرة فزع منه. وعدم فهم منها. وصدمة من حياة. ونداء لهفة من تلك التي تقف أعلى الدرج بابتسامة مشتاقة. وخطوات راكضة تجاه حنان.
: ماما.

يمرر نظراته بينهم بترقب فزع. يذدرد ريقه بصعوبة. يأبى المرور. خفقاته تضرب صدره بعنف. مازالت حنان على عدم فهم. من هذه التي تناديها امي. شهقة صامته بعيون متسعة من حياة قد فطنت الأمر. عناق حار. تلف ذراعيها الرفيعتين حول جسد حنان تضمها اليها بشدة متشبثة بها تدفن رأسها بداخل صدرها.
: وحشتيني اوي اوي.
ثم رفعت رأسها بنظرة عتاب ونبرة لوم. وجهتها الصغير نحو حنان مردفة.

: كده ياماما تسيبيني من غير حتى ماتقولي انك مسافرة.
اتسعت عينيها بزهول تضع يديها على فمها. ابنة أختها.! أدركت الآن من هو الشخص الذي لن يستطيع ولدها الرجوع من أجله. ادركت ان قطعة مِن روح مَن سلبت روحها تقف بين يديها. تمر جميع آلامها الآن على مر سنوات ماضية امام عينيها. كشريط سينمائي اسود. رتيب حد الموت.
بين فطرة سلام. وانتقام. هي في صراع الآن.

بين هزيمة ونصر. هناك سقوط لم يلتفت له أحد. هي بصدد ارتطام. اشبه بطير يحلق نحو السماء بخفة. ثم يفقد احدى جناحيه فيترك سمائه الحالمة هابطا يحتضن صلابة ارض قاسية. وهي لم تفقد جناح. بل فقدت الطير كله. مازالت في مرحلة الهبوط. بخطوات تائهة. هيئتها شبه مبعثرة. اتجهت نحو ذلك الشارع الذي تسكن فيه. مازالت في مرحلة الهبوط. تتفقد ارضا تحتضن انشقاق روحها. تزمه. تود فقط احتضان ما وتنام في سلام. نحت جانبا فكرة ذهابها لمنزل منصور. فالأمر بات سيئا كما علمت من مكالمة صديقتها صباح اليوم. بتيه تام وجدت قدميها تنجرف نحو بناية ذلك الطبيب. لا ترى امامها شيئا قط. سوى تلك السيدة. جدته، وهي تستكين بين ذراعيها. في تسليم منها بكل حواسها لتتولى الأمر. خطوات. وفكرة واحدة. تحول مسيطرة على جميع اقرانها. خطوات. ثم خطوات. ثم وقوف ونداء على هيئة طرقات خافتة. تطرأ برأسها أرضا بانكسار. تمسك بالقفص بين يديها. رفعت رأسها ببطء عندما فتحت لها تفيده مبتسمة. وقد تلاشت ابتسامتها تدريجيا. عندما لاحظت تلك الحالة المزرية اللتي تبدو عليها. اما هي ومع رؤيتها امامها. فتحت فمها لتتحدث. سرعان ما انثنت شفتيها بارتعاش. صمت الكلام تتحدث عيونها بفيضان من الدموع. تلقى نفسها بأحضان تفيده باكية. تنتحب بنشيج مكبوت. تتأوه. ربتت تفيده على ظهرها بلهفة حانية قائلة.

: مالك يابنتي.؟ بس يا حبيبتي.
لتصرخ فجأة باستغاثة. عندما ارتخى جسد سارة فاقدة لما تبقى لها من وعي بين يديها
: حمزه. الحقني يا حمزه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة