قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثامن والعشرون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثامن والعشرون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثامن والعشرون

ركبت سيارتها تشتعل غضبا. هل هو نفسه ذلك الشهم الذي انقذها. لم ترى منه ما يدل على دنو أخلاقه بهذا الشكل. زفرت تعيد ذلك الموقف بذاكرتها مرارا. تحدث نفسها. كان يجب أن ترد. ماكان ينبغي ان تذهب دامعة العينين من أمامها. لم تكن زوجته. من تكون إذا.؟ بأي حق او هوية تلتصق به هكذا. استغفرت بسرها تلتقط هاتفها مقررة الإتصال بصديقتها للإطمئنان عليها وما إن استمعت إلى صوتها حتى تأكدت من كونها سعيدة. فبعد ان تبادلا كلا منهما التحية ردت سارة بسعادة وفرح تصف لها مدي سعادتها.

: مش مصدقة يا حياة. بجد مش مصدقة انى خلاص هيبقالي أهل وعيلة بتحبني الحب ده. انتي ما شوفتيش سلموا عليا إزاي. كلهم كلهم. مش عارفة اقولك ايه.
وتضحك وتتلعثم فرحا من بين كلماتها. وتفرح لها حياة بدورها قائلة
: ياحبيبتي يا سارة. انا مبسوطة اوي من موقفهم ده. ربنا يسعدك يا حبيبتي ويخليهم ليكي.
ثم أردفت تتصنع الحزن قائلة
: ولو انك وحشتيني اوي من دلوقتي. بس يالا بقى كله يهون طالاما انتي مبسوطة.

تبادلا الضحكات سويا. لتلمح سارة في نبرة صديقتها لمحة من الضيق والحزن. فتسألها قائلة
: انتي كويسه يا حياة. في حاجه مضيقاكي.؟
تنهدت حياة بحزن تروي لها ما حدث منذ قليل، وما ان انتهت حتى آتاها صوت صديقتها من الجهة الأخرى زاعقة
: وانتي سكتلها.؟ ما تكون مراته ولا حتى انشالله تكون امه. تسكتلها ليه.؟
ردت حياة سريعا نبرر وكأنها تدافع عنه قائلة
: ما هو بصراحه خرج ورايا جري. وقالي. قالي
: قالك ايه انطقي.

قالتها سارة بنفاذ صبر
لترد حياة تذدرد ريقها بحزن
: قاللي انها مش مراته.
: اوباااااا
قالتها سارة بزهول من الجهة الأخرى بالهاتف لتردف
: أومال كانت في حضنه بصفتها ايه.؟ و إزاي اصلا تخليه يمضي العقود بعد ما عرفتي أخلاقه دي.؟
لتشتعل النيران بداخلها تتألم ولا تدري لما.؟ فردت بحزن
: قالي بعد ما مضى العقود انها مش مراته.
وتحدثت النيران على هيئة حروف تخرج من فمها مردفة بغضب.

: بس أنا مش هسكت. لازم أقول لخالو يتصرف ويفض معاه الشراكه دي.
زفرت سارة على الجهة الأخرى بحيرة قائلة
: انا مش قادرة افهم. ازاي شخص بالشهامة والجدعنه دي وأخلاقه بايظه كده.
ثم أردفت سريعا بتفكير. تفهم جيدا غضب وحزن صدقيتها. تفهم مشاعرها تجاهه. اللتي لاحظتها منذ يوم الحادثة.
: بقولك ايه. مش يمكن تكون اخته.
اغمضت حياة عينيها بقوة مردفة بحنق والمشهد يتكرر أمام عينيها.

: بقولك كان حضنها وأول ما شافني زقها. مش أخته يا سارة.
ثم أردفت تنهي المكالمة عندما اقتربت من المنزل
: بقولك ايه انا قربت خلاص على البيت هقفل دلوقت واسيبك تنزلي لجدتك. وادخل أقول لخالو على اللي حصل. وهو براحته بقى يعمل اللي شايفه صح.

ثم أنهت المكالمه بعدما ودعت صديقتها تتزعم اللا مبالة. صفت السيارة امام المنزل بعقل مشتت وقلب يتألم. تسئل نفسها. لما هي حزينة هكذا. ما شأنها به. ستخبر خالها فقط بما حدث وليحدث ما يحدث. دخلت الى المنزل تنادي حنان فلم تجد إستجابة منها. فظنت انها تزور إحدى جيرانها كما عادتها. وخالها على موعد وصوله الآن فقررت تبديل ملابسها وأخذ حمام دافئ. وتأدية صلاتها لتستعيد بها هدوء روحها. إلى ان يأتي خالها وحتما ستخبره بكل شيء...

صعدت بسعادة تغمرها كليا. إلى الغرفة اللتي سبق وحجزتها منذ قليل بالفندق. تبتسم باتساع فقد اوقعت بقصي الزيني داخل شباك عشقها. ذلك الكيان الكبير كله أصبح ملك يديها الآن. من وجهة نظرها. غافلة عن ذلك الذي يخطو خلفها كالظلال. بخطوات صامته يتبعها حتى وصلت إلى غرفتها. همت بفتح الباب والدخول لتتفاجأ بمن يكمم فمها كاتما صرخة إستغاثة لم تجد الوصول إلى مسامع منقذ. ليدفعها إلى داخل الغرفة يغلق الباب بقدمه مقيدا يديها خلف ظهرها بيد واحده واليد الأخرى على فمها. يهمس بجوار أذنيها يبتسم بخلل غاضب.

: لو صرختي. مش هيلحقوا يلحقوكي.
أومأت له بعيون متسعه وقلبا يخفق بشده خوفا. دفعها أمامه لتسقط أرضا سرعا ما استقامت واقفة تلهث يعلو صدرها ويهبط تتنفس بصعوبة ترجع خطوات إلى الوراء قائلة
: عايز ايه.؟ ابعد عني.

ابتسم ابتسامه جانبه. ينظر إليها مباشرة. يتقدم بخطوات متمهلة نحوها. يعشقها. و يدرك جيدا مدى حقارتها. وحقارته. لذا لا يراها تليق بأحد سواه. لا مانع لديه من قتلها إذا وصل الأمر ان تتركه وتذهب لشخص آخر. مختل وهذا مؤكد. ظلت ترجع إلى الوراء حتى اصتدم ظهرها بالحائط خلفها. وهو مازال على تقدمه نحوها. اقترب حتى بات يفصل بينهما بضع سنتيمترات فقط. تتنفس هي سريعا. نظرة عينيه تحاكي جنون. تبث بداخلها رعب رهيب. رافقته لسنوات. لنفس السبب وهو جمع المال. رفاهية العيش. وصورة الغلاف الحب الخالص. بينما المضمون نفاق من أجل المال. تحدث بثقة وكأنه يمتلك بين يديه زمام جميع الأمور.

: انتي بتحلمي. هفضل أحوم حواليكي زي الكابوس. اللي هتتمني تصحي منه. ومش هتعرفي.
ثم تحولت نظرات الجنون. إلى نظرات متألمة. عاشقه وبنبرة عاتبة. تحدث مردفا يقترب منها لا يفصلهما سوى انفاسه المحترقة اللتي تلفح صفحة وجهها.
: محدش هياخدك مني. انتي مش لحد غيري. قولي عاوزة ايه. فلوس؟ دهب؟ اطلبي وانا انفذ. فيه ايه هو زياده عني. انا عارف انك بتجري بس ورا الفلوس. انتي مش بتحبيه. صح؟

وفي لحظة تهور منها. لم يكن الوقت لصالحها لتشعر بالندم. ندم ما بعد التهور حيث واجهت جنون شيطان. شيطان من نوع آخر عندما ردت قائلة
: لاء بحبه. بحبه هو مش انت...
ولم تستطيع ان تكمل حديثها. التصق بها بقوة يدفعها اكثر إلى الحائط ممسكا رقبتها بإحدى يديه وقد تصلب على هذا الوضع. تتسع عينيه بهيستيريا. يصرخ بها وهو يهز رقبتها بعنف بين يديه
: لااااء. بتحبيني انا. قولتيلي قبل كده انك بتحبيني انا. إفتكري.

جحظت عينيها تخرج لسانها خارج فمها في محاولة منها لإلتقاط انفاسها. تحول وجهها إلى اللون البنفسجي المائل للسواد. اخذت تضربه بكلتا يديها. تخدش بأظافرها بشرة وجهه ويديه في محاولة منها للفكاك وهو مازال على جنونه صارخا.
: انطقي. قولي انك فاكرة. قولي.

لحظات مرت. فقط لحظات. وسكنت حركة عينيها. وارتخت يديها تسقط بجوار جسدها. وتوقف صدرها عن اللهث بل توقفت أنفاساها تماما. ولم يتركها بعد. مازال يهز رقبتها بعنف. ليشرد قليلا مستعيدا وعيه ينظر إلى تفاصيل وجهها امامه كليا. نظرات مهزوزة. غير متزنه. يذدرد لعابه ببطء ينكر عقله حقيقة تتجسد بين يديه. قتلها. هدأت نبرته. واخذ قلبه يخفق بعنف. ليردف مناديا إسمها بهدوء
: ديما. ردي عليا. ديما.؟

ليتركها مبتعد عنها. فيرطتم جسدها أرضا وقد سكنت تماما عن الحركة. جحظت عينيه. يجلس على ركبتيه أرضا امام جثمانها. يهزها برفق مناديا أياها
: ديما.
لم تبدي اي رده فعل. توقف قلبه عن الخفق لثوان معدودة. لتتضح امامه حقيقة انها قُتلت. لكنه لم يكن الفاعل من وجهة نظره. ليصرخ بأسمها صرخة ذبيحه اهتزت لها أرجاء الكون.
: ديماااااااااااااا.

نزلت إلى الطابق السفلي. حيث تجمع العائلة. وتلك الصورة اللتي أمامها. كم تمنت ان تراها. تعيشها. تختبر شعورها. نزلت درجات السلم امامهم وفاطمة تضفي على الاجواء الكثير من المرح. تضع على مائدة الطعام ما لذ وطاب. وسالم يجاور جدته ومن الجهة الأخرى يجلس إسماعيل يضحكها بدوره. وتلك الشاردة في ركن بعيد تنظر الى سالم بحزن. تعجبت سارة من ابتعادها عنهم وعدم مشاركتها لهم ذلك الجو المرح. لتتذكر حديث والدتها صباحا انها كانت مريضة او ما شابه. بابتسامة واسعة لم تستطيع اخفائها. فهي حقا سعيدة. تكاد تقفز كطفلة فرحة. القت عليهم التحية. ليلتفت لها الجميع. ما عادا هي. أغمضت عينيها بقوة تنظر أرضا وكأنها تتألم من شيء ما. لم تلحظها سارة. ولم يلحظها اي منهم. سواه. وقد اسرت أنظاره. وحبست أنفاسه. اختلج قلبه بلهفة. وكاد يهم بالنهوض راكضا إليها لظنه أنها تعاني من مكروه او ألم ما. لكن سرعان ما هدأ خافقه. واطلقت انفاسه الحبيسه. عندما فتحت عينيها متنهدة. تنظر الى سارة بنظرات لم يستطيع فهمها. دعت الجدة سارة إلى جوارها. بينها وبين سالم قائلة بابتسامة.

: تعالي يا حبة جلبي اجعدي جاري اهنه.
تقدم منها سارة تجلس على كرسي المائدة بجوارها وما إن جلست حتى أخذتها الجدة بين أحضانها تقبل وجنتها قبلات متتاليه بحب. وما إن انتهت حتى أخذت تضع أمامها من كل طعام المائدة تقريبا مردفة
: كلي يا ضنايا. كلي واتغذي. شايفاكي هزيلة أكده.
لتتسع عيني سارة مردفة بزهول وابتسامة رقيقة تداعب شفتيها
: ايه ده كله. انا هاكل كل ده.
لتنظر لها الجدة بحزن تترقرق الدموع بعينيها. قائلة.

: سامحيني يا بتي. سامحيني ماكانش بيدي حاجه. جدك الله يرحمه ويسامحه. هو اللى عمل أكده.
أطرأت سارة رأسها بحزن تتنهد بثقل لتتفاجأ بسالم يتحدث بجمود قائلا
: مالوش لزوم الحديث ده عاد. يالا بسم الله.
لتمسح الجدة دموعها قائلة
: ايوة. احنا هنبتدو زي ما بتجولوا صفحة جديده. يالا كلي يا حبيبتي.

نظرت سارة الى سالم وقلبها ينبض بشدة. نبرته لم تكن تلقائية. نبرته القت بداخلها خوف. خوف شديد. لتنقل نظرها ألى الجدة. تبتسم لها قائلة
: حاضر ياتيتا. هاكل أهو
لينظر لها سالم متهكما يعيد كلمتها بابتسامة ساخرة
: تيتا؟
نظرت له بعدم اهتمام. فلم يسمعه غيرها.
بعد بعض الوقت انتهت سارة من طعامها قائلة تضع يديها على بطنها
: كفاية ياتيتا مش قادرة احط لقمة تانية في بوقى والله شبعت.
نظرت لها الجده بزهول قائلة.

: وانتي كلتي حاجه يا بتي. وكلك بحاله عاد
لتشير الى قمر اللني تجلس بجوار والدتها تتصنع انها تأكل بينما جوفها يرفض انزلاق الطعام ألى داخل معدتها. مردفة
: مش شايفه جمر مليحه كيف. جمر وهي جمر بصحيح
ابتسمت قمر ابتسامة مرتعشه صغيرة. لتردف سارة قائلة عن قصد
: لاء انا بحب أخلى باللي من أكلي. واحافظ على جسمي.

ازدردت قمر ريقها ببطء ثم نهضت مبتعدة عن المائدة. توقفت تغمض عينيها بألم عندما آتاها صوته الذي هو بمثابة لحن شجي يطرب قلبها قبل أذنيها. عندما ناداها قائلا بتعجب
: على فين يا جمر واكلك لساه بحاله. كلتي أكده؟

ألتفتت تخفي ألمها خلف ابتسامة صافيه تخصه وحده. تومأ له عدة مرات متتاليه ثم تتركه صاعدة إلى غرفتها. لتشتعل سارة غضبا من تلك المتعجرفة. من وجهة نظرها. فتحدثت بإندفاع كعادتها. قائلة تشير إليها توجه حديثها بحنق إلى الجدة
: هي مابتتكلمش. كل ما حد يكلمها تشاورله وتمشي كده.
وقد انتقل صوتها إلى مسامع قمر فتوقفت قليلا على الدرج ثم اكملت الصعود دون الإلتفات خلفها.

ظهر الوجوم على وجوههم جميعا. لتترك فاطمة المائدة ناهضة قائلة بحزن.
: عن إزنكم أني وكل.
نظرت سارة لها باستغراب بينما الجالس بجوارها يشتعل غضبا. وقد ظهر هلى معالم وجهه الغضب فبدا مخيفا. ألقى بملعقته على المائدة بعنف ينهض بخطوات سريعة تعبيرا عن غضبه يتجه إلى مكتبه دون التفوه بكلمة واحده. مررت سارة نظرها بين إسماعيل والجدة قائلة باستغراب
: فيه إيه.؟
ليتبادلا كل منهم نظرات الحزن فترد الجدة قائلة.

: جمر ماعتتكلمش صح يابتي.
شهقت سارة تضع يديها على فمها بصدمة. تنهر إندفاعها للمرة اللتي لا تعرف عددها. لتكمل الجدة مردفة بحزن
: صوتها راح من يوم ما ابوها ما إتجتل جصاد عينيها. ومن وجتها وهي ما عتتكلمش.
تأثرت ملامحها. تشعر بالحزن عليها. وعلى ما تفوهت به بتلك الطريقة المحرجه. والمجرحه. لتتحدث قائلة بأسف
: انا آسفه والله. كنت هعرف منين طيب.
لتربت الجدة على كتفها برفق قائلة
: عذرك معاكي يابتي.

تنهدت سارة بحزن تميل هامسه بجوار أذن جدتها قائلة
: هي اوضتها فين.؟
لتبتسم الجدة بسعادة تخبرها بمكان غرفة قمر. فاستأذنت سارة تصعد مقررة اصلاح ألأمر...

وصلا جميعهم امام المنزل بسيارة واحدة كما طلبت هي. فاليوم هي تطلب ويستجاب لها كل شيء. اليوم فقط وكأنها ولدت من جديد. نزلت تتمسك بيديه بشدة. تخاف تركه وكأنها طفلة صغيرة. نزل معها يبتسم لها بحزن. مستغربا بداخله. فهي وأختها الشيء ونقيضه. نقيضه تماما. كالضوء والظلام. كالنار والنور. كالحياة والموت. دخلا سويا ألى داخل المنزل ينظر منصور اليهما ببهجة وسعادة ملئ الكون. ليتحدث ما إن دخلا قائلا بمرح يوجه حديثه إلى ولده.

: امك عليها بقى شوية أكل. ولا أجدعها شيف في الدنيا
ابتسم قصي له يقف بينهما يشعر وكأنه عاد سنوات الى الوراء. طفل صغير. مطعتشا إلى المزيد والمزيد من حنانهما. وهي خجلت تتورد وجنتاها تتحدث مبتسمة لاتنفك نظراتها عنه
: ماتصدقهوش. انا بطبخ على قدي يعني
ليغوص بأجواء المرح مع والديه مندمجا بينهما. ينظر إلى والدته بتفكير قائلا بابتسامة
: طب ما تسبيني أنا أحكم بنفسي.

ضحك منصور فرحا. ونظرت هي إليه تدمع عينيها ويبدو انها لن تنتهي من البكاء أبدا. تتحدث بتيه بين تفاصيل وجهه
: من عنيا. هعملك الأكل بإديا. هوا.
وتركته ذاهبة بخطوات سريعه ناحية المطبخ. لتعود بخطوات أسرع تنظر إلى وجهه ثانية تبتسم ببكاء. تحتضن وجهه بين يديها قائلة من بين دموعها
: أوعى تمشي. اوعى تسيبني تاني.

ثم انزلت يديها على كتفيه تقبلهما وصولا إلى يديه. لينزع هو يديه سريعا منها يلتقط رأسها بين يديه يقبلها بعمق. يضمها بعد ذلك إلى صدره بقوة. قائلا وقد دمعت عينيه بدوره
: ماتخافيش. مش هاسيبك تاني.

لتتركه ذاهبة تتعلق نظراتها به تترك معه قلبها وروحها. تتحمس بداخلها لتتفنن في صنع ما لذ و طاب من أجله فقط. نظر منصور إليه يقف بجواره. إلتفت له قصي يمسح عينيه. ليحتضنه منصور سريعا بين يديه في عناق حار. ثم يتركه مربتا على صدره قائلا ينهل من تفاصيل وجهه هو الآخر
: تعالى معايا. عايز اتكلم معاك.

أومأ له قصي مبتسما فوضع منصور يديه فوق كتفه. وكأنهما أصدقاء منذ الضغر أو ما شابه. متجهان معا إلى غرفة المكتب...

بعد بعض الوقت. نزلت هي درجات السلم تتجه إلى غرفة المكتب فحتما سيكون خالها جالسا بها كما عادته بعد عودته من العمل. طرقت الباب برقة مماثلة لها. ثم فتحته تدخل إلى الغرفة. فوجدت خالها يقف جوار مكتبه. وكما عادته. يبتسم لها كلما رآها. لكن تلك المرة الإبتسامة تختلف. الابتسامة باتت اوسع. وأسعد. تقدمت حياة منه بحزن ظاهر بليل عينيها. والواقف خلفها. أهتز كيانه وقد أبتسم بدوره لمرآها. توزع أبتسامات للجميع. وكأنها كالشمس. توزع أشعتها بأرجاء الكون تحي نفوس. وتمحى ظلام. وقفت أمام منصور تناوله الأوراق الخاصة بالعقود. قائلة بتردد.

: خالو انا عاوزة أقولك حاجه.
: قولي ياحياة.
قالها بابتسامة. لترد عليه بخجل تفرك ما بين يديها قائلة بكلمات ألقتها دفعة واحدة
: انت لازم تلغي الشراكه مع الشركه دي.
نظر إليه مباشرة من خلفها. فأشار له ان يكمل حديثه معها.
فرد منصور قائلا باستغراب يسألها
: ألغي الشراكه ليه يا حياة.
نظرت إليه بحزن داخلى وتوتر ظاهر على معالم وجهها
: بصراحه كده يا خالو. باش مهندس قصي مدير الشركة. مش ااا. يعني.

ليرد خالها بنفاذ صبر قائلا
: مالو يابنتي. ما تتكلمي
: شوفت معاه واحده انهارده وكانت قريبه منه اوي في المكتب.
حاول كنصور كبح إبتسامته ليرد عليها يجلس على كرسي مكتبه يتحدث بمكر لم تلحظه هي
: العلاقات الشخصية ملهاش علاقة بالشغل. وبعدين انتي مدايقة ليه.؟ مش يمكن تكون مراته.
لتنظر له بزهول غاضب. قائلة.

: خالو. يعني ايه العلاقات الشخصية ملهاش علاقة بالشغل. طالاما اخلاقه كده في علقاته الشخصية يبقى مش ببيتقي ربنا. يبقى أكيد معندوش ضمير في شغله.
تتسارع انفاسها غضبا. وابتسامة واسعة تظهر على محياة خلفها. وقلب قد ألقى أعترافة بالعشق عبر خفقاته المتراقصة أثر أستماعه لكلماتها.
لتردف تكمل حديثها قائلة
: ثم إن دي مش مراته. هو قال كده. قال انه مش متجوز.

اتسعت عينيها. تشعر وكأن لوحا من الثلج ألتصق بظهرها فجأة. قلبها اخذ يخفق بشدة كقرع طبول الحرب. عندما آتاها صوته بنبرة مشاكسة. مراوغه من خلفها
: انا ما قولتش اني مش متجوز على فكرة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة