قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثامن عشر

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثامن عشر

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثامن عشر

مرر نظره بعينين متسعتين بين الطريق وبين تلك التي تكاد تموت رعبا بجواره. حيث لم يحالفه الحظ. فتفاجأ بتلك السيارة تسير بجواره تماما. مباشرة. واحدهم يوجه فوهة سلاحه نحو رأسه. السيارتين على نفس السرعه تقريبا.

والسلاح موجه اليه. وبضغطة واحده تستقر الرصاصة برأسه. ليتوقف فجأة صوت اطلاق النار. ثم ماذا.؟، ثم صوت رصاصة واحدة. دوى كلحن موت يصم الآذان. و دماء تبعثرت قطراتها على وجهة تلك التي سكنت سكون الموتى تنظر اليه متسعة العينين...

وباستدارة منه لعجلة القيادة. يميل الى جهة اليمين انحرفت السيارة الى خارج الطريق. وإستطاع تفادي الرصاصة عن رأسه لتستقر بكتفه اعلى ذراعه. بينما انسحبوا هم بالسيارة فورا عندما انتهوا من مهمتهم. وهي الانهاء على حياة قصي.

نظرت له متسعة العينين رغم صوت الرصاصات حولها. لكن تلك الرصاصة التي ما زال صداها يتردد بأذنها وهي ترى دمائه حولها. لا تستطيع تميز مكان الرصاصة. وهو ممدد امامها على جنبه الايمن فاقدا للوعي. هل انتهى الامر هكذا. هل فقد حياته. ساكنة. تتردد تلك الافكار فقط بداخلها. وخفقاتها عبارة عن قرع طبول. تكاد تصم اذنيها. لتتفاجأ به يفتح عينيه من بين دمائه التي تلطخ وجهه. صرخت صرخات متتالية. اصابته هو بالفزع. وكأنها تخرج صدمتها. خوفها. وربما فرحتها بأنه على قيد الحياة. على هيئة صرخات باكية. تحدث اليها يطمئنها قائلا بصوت متألم.

: ما تخافيش. مشيوا.
نظرت له ودموعها بدأت بالتساقط واحدة تلو الأخرى. تشير الى الدماء عليه ولا تستطيع النطق. ترتيب كلماتها. ابتلعت غصات متتاليه تكاد تخنقها بكائا قائلة
: الدم. دم.
نظر الى ذراعه ليعتدل بصعوبة بالغة يشعر وكأن ما يتدفق من ذراعه براكين مشتعلة وليست دماء لتردف. بنبرة صوت متلهفة تخرج من تحت كرسي السيارة قائلة بهلع
: انت كويس.؟ الرصاصة جت فين.؟

وضعت يديها على ذراعه تتفقده بدون قصد منها آلمته. ليصرخ صرخة دوت بين جنابات قلبها ألما. لتردد بفزع وعيون متسعة تتساقط منها الدموع
: اسفه. اسفه والله.
نظر اليها بتعب يتصبب العرق من جبهته. قائلا بنبرة متقطعة ثقيلة الانفاس.
: انزلي. تعالي مكاني.

لتنزل سريعا تنظر حولها بخوف تتجه نحو باب السيارة من ناحيته تفتحه. فنزل منه قصي متألما وما زالت دمائه تنزل كالشلال من ذراعه لا تتوقف. دار حول السيارة فجلس مكانها وجلست هي امام عجلة القيادة مرتبكة تشهق ببكاء قائلة
: لازم نروح مستشفى.
وكان آخر كلمة قالها بصوت يكاد يكون مسموعا لها.
: اطلعي على البيت.
نظرت الى عجلة القيادة حائرة اعصابها في ورطة لا تستطيع التماسك. قائلة وهي تنظر له بدموع عينيها المتساقطة.

: مش هعرف اسوق كده.
لتتفاجأ به قد فقد وعيه. انتفضت تحرك السيارة وقد حثها خوفها عليه على تماسك اعصابها وبدأ القيادة. وما الهمه له عقلها. الذهاب الى البيت. الى حنان.
جلس تعلو ضحكاته صخبا. يحدث الماثل امامه قائلا بسخريه
: قال ايه. كان عملي فيها حامي الحمى.
ليضحك رشدي ينظر له بأعجاب قائلا.

: بس انت معلم. عرفت تلعبها ازاي. اتقتل قدام شركة منصور. شوف بقى الشوشرة اللي هتحصل له لما الخبر يتنشر في السوق. سمعته هتبقى في الحضيد.
نظر له باسم وعيونه تقطر شرا قائلا
: ده قليل ما يخسر الصفقة اللى المرحوم كان عاوز يشاركه فيها.
علت ضحكاتهم مرة اخرى كهراء ضباع جرباء.
ثم صمت رشدي تلتمع عينيه ببريق الشر قائلا.

: انا من بكره. هروح اجس جو العملا واشوف ايه النظام. لو لاقيتهم مزمزأين من ناحية منصور. هدق على الحديد وهو سخن واعرض عليهم يتعاقدوا مع شركتي وتدخل معايا انت شريك.
نظر له باسم بتفكير يبتسم ابتسامة جانبية قائلا
: دي هتبقى القاضية لمنصور...
ثم تابعوا وصله الضحك. وصلة الشر. وصلة الجحيم...

وصلت حياة في دقائق. وربما ساعات لا تدرك الوقت الذي استغرقته. عقلها مغيب تماما سوى عن فاقد الوعي بجوارها. اوقفت السيارة امام المنزل تنظر حولها بارتباك لتتأكد من عدم وجود احد. نزلت تدور حولها وصولا الى الباب ناحية قصي. فتحته تأخذ ذراعه الغير مصاب لتسنده. فتح هو عينيه بتيه. بين غياب واستيعاب. اغمضها ثانية عندما رآها امامه تحاول اسناده. فتحمل على نفسه يحرك قدميه الى الخارج ورغما عنه غاب مجددا عن الوعي. اخذت حياة تخطو خطوات قصيرة لثقل وزنه. تلف ذراعه الغير مصاب حول رقبتها من الخلف. بصعوبة بالغة وصلت الى الباب لتطرقه سريعا بلهفة. بينما في الداخل انتبهت سارة الى طرق الباب. فأقتربت تخفق ضربات قلبها بشدة فحنان ليست موجودة بالمنزل لا تعلم اين ذهبت. وحياة بالشركة الان. اذا من الذي يطرق بهذا الذعر. تسائلت قائلة بتردد.

: مين،؟
ليأتيها صوت حياة متألما باكيا
: افتحي بسرعة.
فتحت سارة الباب سريعا لتتسع عينيها تتلقف منها قصي من الجهة الأخرى تسئلها بفزع.
: ايه ده. ايه اللي حصل.؟
دخلا يمددانه على الأريكة. لترد حياة بلهفة مسرعة
: مش وقته. كلمي دكتور بسرعة.
نظرت لها سارة ثم نقلت نظرها الى قصي تتسائل بداخلها.

طبيب.؟ اي طبيب.؟ ثم لفت نظرها العصفور بداخل القفص. وفجأة تذكرت. الكارت. حمزة. اسرعت مهرولة الى غرفتها تفرغ محتويات حقيبتها لتلتقط الكارت سريعا تدون الرقم على هاتفها وتضغط على زر الاتصال...

علي الجانب الأخر يجلس حمزه رافعا قدميه على كرسي آخر امامه شبه ممدا بعدما ذهب صديقه آدم. يراقب غروب الشمس. ترى متى ستشرق شمسك مجددا ايها الطبيب. زفر بثقل. يبدو انها لن تشرق ابدا. «لا يعلم انه بعد بضع ثوان فقط سيتلقى اتصالا من. شمسه »
ارتفع رنين هاتفه برقم غير مسجل. فإلتقطه يرد بلا مبالاة. حتى آتاه صوتها قائلة
: الو. دكتور حمزة. انا سارة اللي كنت بعالج عندك العصفور.

انتفض من على الكرسي فسقط ارضا جالسا. تحدث سريعا يبتسم بعدم تصديق
: اه طبعا فاكرك.
وهل لمثلك ان تنسى...
تحدثت سارة بلهفة قائلة
: لو سمحت يا دكتور محتاجه حضرتك ضروري جدا. ممكن تيجي.
: اديني العنوان فورا. بس ايه المشكلة.؟
قالها سريعا بدون تردد
نطقت سارة بكلمة واحدة. بدون توضيح آخر قائلة
: رصاصة.
املته بعدها العنوان. اغلق الخط ليتفاجأ بصوت جدته آتيا من امام باب الشرفه قائلة بزهول تنظر اليه مستغربة.

: حمزة. ايه اللي مقعدك على الارض كده.؟
نظر الى نفسه بإحراج. نهض سريعا يتخطى جدته قائلا
: بعد اذنك ياتيتا عندي حالة مستعجلة.
نظرت له تفيده بعدم تصديق. ليتوقف مستديرا لها قائلا باستنكار
: انتي بتسألي اسئلة غريبة جدا. قال ايه اللي مقعدك على الارض قال.
ثم انطلق الى غرفته يبدل ملابسه وبداخله فرحة عارمة. معلومة المصدر...

جلست في مكتب منصور تنتظر سناء وفد تعمدت ان تأتي بعد خروج حياة من الشركة. لم يمر عليها نبرة صوت منصور الحاسمة بشأن امر ظرف ما واصرار حياة على انها ذهبت الى الشركة واخذته. تعلم زوجها تماما. تعرفه عز المعرفة. وتعلم ايضا انه من طبيعة عمله ان ينسخ اي ورقة تورد الى الشركة اثناء غيابة الى نسخة اضافية تحفظ بأرشيف الشركة. ريثما يعود. وهذا ما ينفذه الموظفين أثناء غيابه. لهذا السبب أتت اليوم الى الشركة آمرة سناء بإحضار تلك النسخة من ذالك الظرف على اعتبار انها قد اضاعته.

طرقت سناء الباب تدخل وبيدها نسخة الظرف. التي اعطته سابقا الى زهيرة باعتبارها حنان. الحقيقة. التي تبحث عنها. ويدركها قلبها جيدا. اقتربت ثناء تمد يدها اليها. خطوة واحدة. وستكون الحقيقة بين يديها. خطوة واحدة. وسترد روحها الى جسدها. خطوة واحدة وازت رنين هاتفها برقم حياة. لتلتقطه ترفعه الى اذنيها فيأتيها صوت حياة باكية تستغيث بها قائلة
: ماما الحقيني.
ردت حنان بخوف وعيون متسعه ناهضة من مكانها قائلة.

: مالك يا حياة. فيكي ايه.؟
ردت عليها حياة من الجانب الآخر بشهقات بكاء متتالية
: ارجوكي تعالي على البيت بسرعه.
اغلقت حنان الهاتف تخرج مسرعة تهرول الى خارج العرفة ملتقطة الأوراق من يدين سناء تلقيها سريعا بحقيبة يدها متجهة الى خارج الشركة تحت عيون سناء المستغربة...

في منزل حافظ كبير العائلة يعمل كل من الخدم على قدم وساق. يجهزونه لإستقبال الحفيدة المنتظرة. وقف سالم اعلى الدرج ينظر اليهم يضيق عينيه مفكرا فيما سيفعله. لتأتي قمر من خلفه تنظر بإنبهار مبتسمة الى تلك الحركة الجديدة بالمنزل. اشارت لسالم بمعنى ماذا يحدث. لينظر اليها بابتسامة محببة الى قلبها قائلا
: بت عمك فؤاد. هتاجي كمان يومين.

تلاشت الابتسامة من على شفتيها شيئا فشيئا. تنظر الى عينيه مباشرة. بعدم تصديق. من ستأتي.؟، ولما كل تلك التجهيزات اذا. خفقاتها كزلزال يصيب قلبها بشروخ يصعب عليها مداواتها. وانشطر نصفين عندما تحدث سالم قائلا
: عايزك تستجبليها زين ياجمر. هي من سنك تجريبا. واما تشوفيها عتحبيها.
كفى ارجوك. احبها.؟ لا مكان يتسع لغيرك بقلبي يا سالم. متي وأين رأيتها انت.؟ وهل احببتها كما سأحبها انا.؟

تركها هكذا تحدث نفسها ونزل الدرج خارجا من المنزل. ترك خلفه قلبا صارخا بعشقه. يصم هو آذان قلبه عن استماع صرخاته...
وصلت حنان الى المنزل بسرعة فائقة. دخلت سريعا تنادي حياة بلهفة
: حياة. يا حياة.

ليأتيها صوتها من غرفة الجلوس جوارها دلفت لتتسع عينيها من هول ما رأت. شخص ما ممدد على الأريكة غارقا بدمائه. وكذلك حياة تلطخ ثيابها ببعض الدماء. ليختل توازنها تستند الى الحائط بجوارها. فنهضت حياة مسرعة تقترب منها قائلة
: ماما. ما تخافيش انا كويسة.
نظرت حنان لها كليا تتفقدها ثم ردت قائلة
: ايه اللي حصل.؟ ومين ده.؟
ردت حياة تتساقط دموعها
: هفهمك كل حاجه بس نلحقه الاول.

نظرت حنان الى ذلك الممدد على الاريكة ترى جسده فقط. اقتربت بينما رن جرس الباب فذهبت حياة مسرعة تفتحه. لتتقدم حنان بخطوات بطيئة. تقترب منه. يظهر وجهه اليها شيئا فشيئا. لا تعلم ما سر تلك الوخذات بداخل قلبها. اقترب منه حتى باتت تعلو وجهه تماما. ليفتح هو عينيه بشبه نعاس، بين استفاقة وغياب. ينظر لها ثم يغلق عينيه يحرك رأسه يفتحها مرة اخرى ينظر اليها بابتسامة صغيرة شبه واعيا ونطق بما جعلها تفقد القدرة على الوقوف ثانيه.

: امي.
عاصفة. عاصفة عصفت بخفقات قلبها. يكاد يخرج عن ضلوعها من شدة خفقاته. وكأنه ارتوى برشفة بعد تشقق جدرانه عطشا. وللأسف. لم تزده الرشفة سوى آلام.
اغمض قصي عينيه مرة اخرى غائبا عن الوعي. جلست حنان امامه تنظر اليه بعيون متسعة. محاصرة هي بداخل نبرة صوته. لون عينيه. محاصرة هي بداخل تلك ال «امي » الخارجة من شفتيه. لتتفاجأ بسارة وحياة تدخلان وخلفهما شخص آخر لا تعرفه.

بينما دخل حمزة مبتسما ليتفاجأ برجل ممدد غارق في دمائه نظر له متسع العينين ليتنحنح قائلا باستنكار يوجه كلامه الى سارة يبتسم بلا تعابير وجه قائلا
: ايه ده.؟
رمشت سارة تنظر الى حياة ثم تعاود النظر اليه مجددا قائلة
: بني آدم.
رد عليها قائلا بتهكم
: منا عارف. هو انا قولتلك اخطبوت.؟
نظر الى قصي ثم اردف قائلا
: ده محتاج دكتور.
ردت سارة باستنكار
: اومال انت ايه.؟
صك حمزة اسنانه غيظا يرد عليها قائلا.

: محتاج دكتور بشري. انا دكتور بيطري. بعالج الحيوانات.
ثم اردف بنبرة ذات مغزى. يقصدها
: اللي مش بتفهم.
نظرت له شذرا. لتتقدم حياة والدموع عالقة بعينيها تترجاه قائلة
: ارجوك الحقه. اعمل اي حاجه.
زفر حمزة بيأس ليتقدم من قصي يفتح حقيبته الطبية
يتفحص مكان الرصاصة ويعمل على اخراجها
تبادل كل من سارة وحياة النظرات. وحنان شاردة في ذلك الذي اسر نظراتها اليه بمجرد كلمة...

بعد بعض الوقت انتهى حمزة من إخراج الرصاصة العالقة بكتف قصي. استقام يتجه الى خارج الغرفة ليطمئنهم. نهضت كل من حنان وحياة ينظرون له بلهفة. فرد حمزة قائلا
: انا اديته حقنة هتنيموا للصبح.
ثم اخرج ورقة قائلا ونظره معلق بتلك الواقفة خلفهم
: ياريت تجيبوا الدوا ده. لازم ياخدوا ضروري.

شكرته حياة فاستأذن منهما يتجه الى باب المنزل لتتبعه سارة. التفت اليها عندما وصل الى الباب. ينظر اليها بمعالم وجه مبهمة. يتسائل بداخله. من هذا.؟ ما مكانته عندها.؟ نظرت له سارة قائلة
: انا متشكرة اوي. تعبت حضرتك معايا.
فرد عليها بما جعلها تنظر له باستغراب. تحدثت افكاره تسئل الإجابة
: مين ده.؟
تغاضى عن نظرتها المستغربة بنظرات اصرار على معرفة من هذا. بالنسبة لها. ردت سارة بعد تفكير بنبرة مقتضبة.

: قريبنا.
: وما وديتهوش مستشفى ليه.؟
قالها سريعا فارتبكت هي لا تدري بماذا ترد. وما زاده ارتباكها الا اصرارا على المعرفة. تفاجأت بصوت حنان خلفها فزفرت بارتياح
: لو سمحتي يا سارة هاتي العلاج ده بسرعة. من الصيدلية اللي في آخر الشارع
لتتسع عينيها تمط شفتيها بيأس. عندما رد حمزة قائلا
: اتفضلي اوصلك. ده طريقي.
نظرت له حنان مبتسمة بامتنان قائلة
: شكرا يا ابني. تعبناك معانا.

رد عليها يفسح لسارة الطريق يشير لها بالخروج
: مافيش تعب ولا حاجه. اتفضلي يا انسة سارة.
خرجت سارة تصك اسنانها غيظا من ذلك المتطفل.
يتبعها حمزة. وقفت امام سيارته فاقترب منها يفتح باب السيارة. ركبت سارة بإنزعاج لاحظه هو ليدور حول السيارة يركب امام عجلة القيادة بخفقات متراقصة. و شبه ابتسامة كي لا تلحظ سروره بمرافقته لها...
قصت حياة الى حنان ما حدث لترد حنان بزهول قائلة.

: يعني اللي جوه ده هو اللي ساعدك في المطار. وهو كمان اللي اتبرع لمنصور بالدم.
اومأت لها حياة قائلة بحزن
: ومش بعيد يكون اتصاب كمان بسببي. ده كان ممكن يموت يا ماما
ارتعش قلبها. انقبض. استنكرت الفكرة بإنزعاج داخلي قد بدى على ملامحها. زفرت بحزن. تربت على قدم حياة قائلة بتأثر
: الحمد لله هو بقى كويس دلوقتي. اطلعي غيري الهدوم دي ياحبيبتي.

اذعنت حياة صاعدة تتجه الى غرفتها تمسح دموعها بظهر يديها. تحمد الله سرا على سلامته.

بينما تجلس حنان شاردة فيما حدث. لتجد قلبها يحثها على النهوض والذهاب اليه. دخلت الى الغرفة فوجدته عاريا جزئه العلوي، مضمد كتفه بصدره. تألمت لرؤيته هكذا فأسرعت بإحضار شيء ما تغطيه به. دثرته بالغطاء جيدا ثم توجه نظرها الى حقيبتها الموضوعة على الكرسي. متذكرة تلك الارواق التي اخذتها من يد سناء قبل خروجها من المكتب. التقتط حقيبتها تنظر نظرة أخيرة الى قصي ثم اسرعت الى غرفتها تغلق الباب جيدا. جلست على الفراش تخرج الأوراق. لتقرأها. استغربت في بداية الأمر. تتذكرة من عليا.؟ ذلك الاسم يبدو انها تعرفه. لتتذكرها فجأة. ومع قرائة باقي اسطر الحقيقة. اتسعت عينيها تكاد تخرج عن محجرها. ترجرج قلبها وكأنها على وشك الموت. تشوشت امامها الرؤية قليلا. تقرأ السطور. وكأنها ومضات قنديل على وشك الإنارة في ظلام حالك. ولدها. ولدها على قيد الحياة. كادت تتوقف ضربات قلبها عن الخفق. عندما قرأت اسم اختها. ناهد. على قيد الحياة هي الأخرى. كيف.؟ لا يمكن. صرخ فيها قلبها وعقلها في حالة نادرة من التوافق معا في رأي واحد. انهضي. لملمت شتاتها بجسد مرتجف. وعيون تتحجر بها الدموع خارجة من المنزل. حيث بآخر الخطاب. عنوان وجود الحقيقة.

اوقفت سيارة اجرة حيث اختصار وقت. املته العنوان تترجاه ان يسرع.
: بسرعه يا اسطا الله يكرمك.

تحركت السيارة متجهة الى عنوان عليا. وصلت في وقت قياسي بدا لها وكأنه دهرا من الزمن. القت الى السائق بعض النقود التي لم تنظر الى عددهم ونزلت تنظر حولها بحيرة. اخذ السائق النقود بسرور وحرك السيارة خارجا بها من تلك المنطقة. وقفت حنان في منتصف تلك الحارة نادت الى احد الفتيان الذين يلهون بجوارها تسأله عن منزل عليا فأشار لها. وهناك عيون صغيرة تنظر اليها متسعة على آخرهما. ليسرع راكضا نحو البناية المجاورة لمنزل عليا يصعد درجات السلم بتعثر ثم ينهض مرة آخرى حتى وصل الى الباب يطرقه بقوة. ليأتيه صوت ام ورد زاعقة من خلف الباب.

: ايوة جاية ياللي بتخبط. هتطربق الباب يوه.
لتفتحه تستغرب من منظره قائلة
: مالك يا واد يازلطة. بتتخانق مع حد ولا ايه
وقف الصبي يلهث من أثر الركض قائلا من بين انفاسه المتقطعة
: الحقي يا خالتي. الست اللي قتلت. اللي قتلت خالتي عليا. جت تاني.
اتسعت عيني ام ورد تصفع صدرها تركض مهروله صارخه غير عابئة تلك المرة بإحضار خمار رأسها. نزلت من المنزل صارخة. ليتبعها جميع الحي متسائلا ماذا يجري.

بينما تقف حنان تطرق الباب الذي اشار لها الصبي عليه. لا أحد يستجيب. عزمت على البقاء الى ان تلتقي بها. لتتفاجأ بأمرأة صارخة تتشبث بتلابيب ملابسها وجمع غفير يهمهم بما لا تفقهه. وصبي. صبي صغير يصرخ قائلا يشير اليها
: هي دي. هي دي الست اللي جت قبل كده وقتلت خالتي عليا.

لتتسع عينيها هلعا. من قتل من.؟ هل ماتت عليا. ماتت قبل ان تخبرها بمكان ولدها. ليقرر عقلها الرئفة بها فيغرق في سبات. سقطت فاقدة للوعي. فاقدة للأمل. فاقدة لبصيص نور ظنت انه شعاع شمس على وشك السطوع...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة