قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل التاسع عشر

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل التاسع عشر

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل التاسع عشر

جلس جوارها يسوق ببطء سلحفاة يبدو انها مشلولة.
نظرت له تزفر بضيق قائلة
: ممكن تسرع شوية.؟
نظر لها بجانب عينيه ثم نظر امامه يزيد من سرعة السيارة قليلا. قليلا فقط.
وبنبرة متسائلة تحدث قائلا
: مامتك.؟
جزت على اسنانها ترد باقتضاب بنبرة باترة لأي حوار آخر
: لاء.
وأمام فضولة الذي يتآكله لمعرفة كل شيء عنها لم ييأس عن سؤالها مرة أخرى
: اومال ايه. تقربلك ايه يعني.؟

ردت تذكر نفسها بأنها ممتنة له، قد ساعدها كثيرا. هدأت من حدة نبرتها لكن مازلت على اقتضابها
: مامت صحبتي.
ثم اذدردت ريقها بحزن. مردفة
: و زي مامتي بالظبط
لم تخفى عليه نبرة الحزن بصوتها ليسألها باستغراب
: زي مامتك.؟
ردت وقد غامت عينيها بسحابة حزن سوداء سرعان ما اخفتها. فلو تركت لها مجالا للظهور لابتلعتها داخل سوادها
: ماما متوفية.
وبما ان فضوله لا آخر له معها هي فقط. رد قائلا
: و بابا.؟

ابتسمت ابتسامة جانبية بسخرية ثم ردت قائلة
: مات. مات من زمان
مات منذ ان قرر التخلي عنها. مات قبل ان تأتي هي للحياة. وليس مننذ اقل من سنة تقريبا.
نظر لها حمزة بصدمة. مع من تعيش اذن.؟، لتتحدث افكاره قائلا
: عايشة مع مين.؟
لم تكن النبرة فضولا بقدر ما كانت قلقا. بات امرها يهمه بشكل خاص، دون اي مبررات بالنسبة له.

اما هي لم ترى سوى فضوله الذي فاق الحد بالنسبة اليها. غافلة عن قلقه المبطن من مغزى سؤاله. لترد بحدة وكلمات متسارعه.
: دكتور حمزة. مش معنى اني احتاجت حضرتك في مساعدة خاصة انك تدي نفسك الحق تسألني اسئلة شخصية زي دي. ياريت تنزلني هنا من فضلك.

نظر اليها. الى عينيها مباشرة. ليلاحظ تلك الدموع المتحجرة تلتمع كالماس بداخل عينيها. تأبى الظهور. وتلك النظرة المنكسرة. والقوية في ذات الوقت. ليرد بنبرة هادئة فعلى ما يبدو انها لم تتحمل كلمة اخرى. وستنفجر باكائا.
: انا اسف. مش قصدي.
ليعم الصمت في الأرجاء، بعد دقائق قليله كانت كافية لتشعر بالندم لحدتها تلك في الحديث معه وصل بها امام الصيديلة. فتحت سارة باب السيارة وهمت بالخروج ليتحدث حمزة قائلا.

: مستنيكي هنا.
زفرت سارة داخلها بارتياح يبدو انه لم يحزن لاسلوب حديثها معه. نزلت متجهة الى الداخل لتحضر الدواء. وعيونه تنظر لها بشرود. قد لمس شيئا من الفقد بصوتها. بداخله عزم على ملئ ذلك الفراغ بداخلها...
في المشفى...
جلس شاكر امام منصور بعدما اخبره بالحضور يسأله
: خير يامنصور في ايه.؟

رد منصور بغضب عتيق ينبع من قلب اب فقد ولده الوحيد. ينبع من اعماق روحه المعذبة بمعرفة ان ابنه على قيد الحياة لكن لا يعرف له مكان. قائلا
: ناهد.
كلمة واحدة. اسم واحد. كان كفيل بانتفاضة شاكر متسع العينين بصدمة، ليكمل منصور حديثه قائلا
: ناهد شكلها رجعت. ومش عارف ايه السبب
ثم نظر الى شاكر يتحدث ببطء يؤكد على كل حروفه قائلا.

: مش عايزها تخرج من البلد تاني. ولا حتى ب مية اسم مزيف. اعمل اي حاجه يا شاكر. انا لازم ألاقيها.
رد شاكر قائلا بزهول.
: انت متأكد يامنصور من اللى بتقوله ده.
ليقص له منصور ما حدث في آخر زيارة بين حياة وحنان من حديث. ثم اردف قائلا
: عايزك تروح الشركة تاخدلي كل الفيديوهات من الكاميرات في اليوم ده.
اومأ له شاكر بجد وهو مازال على زهوله، ليقاطعه رنين هاتفه. رد شاكر بهدوء سرعان ما اتسعت عينيه زاعقا.

: انت بتقول ايه.؟ في اسم ايه.؟
لينتبه له منصور وقد استقام جالسا. يبدو ان المصائب لا تأتي فرادا. اغلق شاكر الخط ينظر الى منصور بصدمة
بينما الأخير ينظر له بترقب سرعان ما تحول الى صدمة. صفعة حقيقة. حقيقة وجود تلك الشيطانة بينهم. بجوارهم. عندما تحدث شاكر يذدرد ريقه قائلا بنبرة متقطعة
: مدام حنان. مقبوض عليها بتهمة قتل. في قسم (، ).

انتفض منصور يرتدي ملابسه رغم آلام جرحه الذي لم يندمل بعد. قائلا بنبرة كالموت
: مش هسيبها المرة دي ياشاكر. لسه عايز تتأكد من وجودها.؟
ساعده شاكر في إرتداء ملابسه. لا يقوى على ان يحثه على البقاء لسوء حالته. من تلك اللحظة ستسوء حالتهم جميعا بوجود تلك الحرباء اللتي تتلون كيفما شائت بينهم...

احضرت سارة الدواء ثم اوصلها حمزة الى المنزل بدون اضافة كلمة واحدة. نزلت من السيارة تشكره باقتضاب ثم توجهت سريعا نحو باب المنزل. نظر في اثرها بابتسامة صغيرة محركا السيارة ينظر الى هاتفه في حالة سعادة بالغة. ليدون رقمها. عازما على محادثتها لاحقا للإطمئنان على قريبها ذلك. وربما لسماع صوتها فقط مرة اخرى...
-+++++.

بينما في الداخل وبغرفة حياة تحديدا اخذت حماما سريعا ثم ارتدت اسدالا للصلاة. صلت لله شكرا وحمدا على سلامته. ثم نزلت سريعا لتتفقده. دخلت الى الغرفة وجدته يغط في نوم عميق. اقتربت منه بخطوات متمهلة. لتتفاجأ بجرس الباب. ذهبت لتفتح وجدتها سارة، اخذت منها الدواء سريعا تقرأ مواعيدة تحفظها عن ظهر قلب. سألتها سارة عن حنان قائلة
: اومال طنط حنان فين.؟
جاوبتها حياة تنظر حولها ثم ردت تلقائيا قائلة.

: اكيد في اوضتها.
نظرت الى احد الأدوية مردفه
: الدوا ده معاده دلوقتي. تعالي معايا يا سارة
توجهت الى الغرفة مرة اخرى لتعطيه الدواء في وقته المحدد تتبعها سارة لتقف فجأة امامه بتوتر تذدرد ريقها ماذا تفعل. كيف ستعطيه الدواء. نظرت الى سارة قائلة
: هاتي كوباية ماية بسرعه.

ذهبت سارة سريعا تحضر كوب المياة. وهي ما زالت واقفة امامه بارتباك. اخذت قرص الدواء بين يديها ثم جلست فوق رأسه ترفعها للأمام بصعوبة بالغة. حتى رفعته مستندا عليها شبه جالسا، خلف رأسه على كتفها. وضعت القرص بداخل فمه قائلة توجه كلامها الى سارة
: هاتي الماية بسرعة.

ناولتها سارة كوب الماء. وما إن لامست اناملها شفتيه حتى فتح فتح قصي عيونه بنعاس ينظر اليها. الى عينيها مباشرة. ابتسم. لترفع حياة كوب الماء قرب فمه. ارتشف منه القليل. لتتناول منها سارة الكوب سريعا. وتتسع عيني حياة بصدمة. يخفق قلبها بشدة وكأن خفقاته عبارة عن قرع طبول. تعرقت. احمرت وجنتاها. بل وجهها بأكمله عندما التف قصي بجسده ينام مستقرا بداخل احضانها. رمشت بأهدابها مرات متتاليه اذدردت ريقها بإحراج شديد. تنهض ببطء تضع رأسه بحذر على الأريكة مرة أخرى. تخرج سريعا من الغرفة تتبعها سارة ليتفاجأ الإثنتين بوجود منصور وشاكر امامهما. اتسعت عيني حياة فرحا تتجه اليه قائلة.

: خالو. حمدالله على سلامتك. خرجت ازاي.؟
نظر لها منصور بتعب قائلا
: لسه خارج حالا.
ثم وضع كفه على وجنتها برفق قائلا
: ماما حنان محتجاني.
مررت حياة نظرها تلقائيا بينه وبين اعلى الدرج ليردف منصور بما جعل سارة و حياة في حالة زهول
: حنان في القسم. مشكلة صغيرة وهتخرج. عاوزكم تخلوا بالكم من نفسكم. لحد ما ارجع بيها.
نظرت له حياة بزهول قائلة
: ماما كانت لسه هنا. قسم ايه ومشكلة ايه يا خالو.؟ انا مش فاهمة حاجه.

رد عليها منصور قائلا
: هفهمك لما ارجع كل حاجه.
ردت حياة سريعا.
: انا هاجي معاك.
لتتحدث سارة ويبدو ان اندفاعها ليس فقط في اوقات فرحها. بل في حزنها ايضا.
: واللي جوه ده هنعمل فيه ايه.؟
لينظر لها منصور باستغراب متسائلا
: هو مين.؟

جاوبته حياة تقص عليه ما حدث اليوم. لتتسع عينيه ينظر الى شاكر. حقا لا تأتي المصائب فرادا. حتما من فعل ذلك ليس سوى رشدي او باسم. توجه سريعا نحو الغرفة يتفقد ذلك الذي لم يكن له ذنب ابدا ليتدخل في شئونهم. يتأذي بسببهم. قد طفح الكيل مما يفعله كل منهم سينهي امرهم في اقرب وقت، فقد حاصرهم واعد لهم ما لم يستطيعوا الخروج منه ابدا. خرج من الغرفة يوجه كلامه الى حياة يحمد الله على قرار اخذه مسبقا لم يندم عليه.

: خلي بالك منه كويس.

اومأت له حياة مستغربة بداخلها. ليتوجه منصور الى داخل مكتبه. يفتح قفل ما لدرج صغير. آخذا منه مفتاح ما. متوجها الى خزانته يفتحها ثم يفتح بذلك المفتاح باب آخر بداخل الحائط داخل الخزانه. باب صغير لا يتعدى حجم كف يده. يخرج منه عدة اوراق. وضعهم على سطح مكتبه. ثم أغلق الخزانة مرة آخرى. ينظر الى الاوراق امامه بغضب يخرج ورقة من بينهم شبه مهترئة. شهادة ميلاد. ينظر اليها يتمنى بداخله لو لم تكن لها وجود. شاهدة ميلاد لأنثى. ناهد عثمان الخولي. ترافقها شهادة أخري. لحنان عثمان الخولي. وخطاب. خطاب عمره 25 عاما تحديدا في اليوم التالي لليوم الذي فقد فيه وحيده. خطابا ينم عن كاتبه. او بالأحرى كاتبته. خطابا كتب بحروف من نار تكشف جزئا صغيرا مما بداخلها. اخفاه هو كل تلك السنوات. رفقا بقلب محبوبته المنفطر على ولدها. اخذ كل تلك الأوراق، لا فائدة من وجودهم داخل الخزانة. فالحقيقة على وشك الظهور. خرج من مكتبه ليتفاجأ بالضابط شريف امامه قائلا.

: منصور بيه. الظابط اللي مكلفه بمراقبة البيت بلغني ان آنسة حياة وصلت ومعاها قصي كان بينزف
نظرت له حياة بزهول. اي ضابط. واي مراقبة. وما علاقة قصي بخالها. ليتحدث منصور سريعا قائلا
: تعالى معايا يا شريف وانا هفهمك كل حاجه.
ثم نظر الى حياة قائلا
: ما تفتحيش الباب نهائي لأي حد لحد ما اجي.
اومأت له حياة بدموع باكية ليخرج كلا من منصور وشاكر وشريف يتوجهون الى القسم الذي توجد فيه حنان...

جلست في المكتب الخاص بضابط المباحث على الكرسي المقابل للمكتب. بعدما تم افاقتها والقبض عليها واحضارها الى القسم. تنظر الى اللا شيء. دموعها تتساقط بلا توقف. دخل الضابط يشمر اكمام قميصه ينظر اليها بتفحص تام. قائلا
: قولتيلي بقى اسمك ايه.
نظرت له من بين دموعها بنظرات تائهة ليردف هو يمسك ببطاقتها بين يديه
: حنان عثمان الخولي.
قاطعه طرق احد العساكر لباب المكتب يدخل قائلا يمسك بيد السائق المسمى خليل.

: تماما يافندم.
لتوجه حنان نظراتها الى المتحدث تلقائيا. وتتسع عيني خليل فزعا يهرول ناحيتها زاعقا
: هي دي يابيه. هي دي. هي دي اللي ركبت معايا التاكس واستنتها قدام البيت يا بيه.
ليزعق فيه الضابط ان يتوقف عن تقدمه ناحيتها قائلا
: اقف مكانك مش عاوز دوشة.
ليتوقف خليل سريعا ينظر الى حنان شزرا وغيظا يرفع يديه الى السماء قائلا
: الحمد لله يارب انك ظهرت الحق. الحمد لله.

ثم يوجه نظره اليها مرة اخرى بكره تغلفه بعض الشماته قائلا
: حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا شيخه.
بينما حنان تبتلع خصتها كالجمر. تتسع عينيها بخوف. ينجذب تفكيرها نحو متاهات لا تستطيع الخروج منها. تسائلات لا تجد لها اجابات وافيه. لينتشلها من تفكيرها صوت الضابط قائلا بعدما نظر الى الجهة الخلفية ببطاقتها الشخصية قارئا اسم الزوج.

: مدام حنان الخولي. انتي متهمة بقتل السيدة عليا السيد احمد مع سبق الأصرار والترصد. ردك ايه؟
لتبكي هي كارثتها. ألا وهي موت عليا. فقدت مفتاح أغلال من نار تقيد روحها المحتبسة. الأمل الأخير لمعرفة مكان ولدها. غير عابئة بتهمتها في جريمة قتل. ربما تودي بما تبقى من حياتها. والتهمة ثابتة. ليتفاجأ الضابط بأحد العساكر يطرق الباب ويدخل يعطيه كارت ما. جلس الضابط على مقعده يتناول منه الكارت لينتفض قائلا.

: خليه يتفضل يا ابني.
ليدخل شريف. يرحب به الضابط بحرارة قائلا
: شريف باشا. نورت مكتبي يا سيادة العقيد
بادله الضابط شريف التحية ثم تبعه شاكر و منصور. يبحث عنها بقلبه رغم ثبات نظراته. نهضت تركض اليه تتشبث بملابسه تنظر الى عينيه ببكاء. والنبرة رجاء. رجاءً ان ينتشلها من تلك المتاهة بداخلها قائلة بنشيج باكية
: منصور. عليا. عليا يا منصور كانت عارفة مكان مازن. مازن ابننا.

ترقرقت عينيه بالدموع يحتضن وجهها بين كفيه. ماذا يقول لها. بماذا يخبرها. انه يعلم ان ابنهما الوحيد على قيد الحياة لكنه يجهل مكانه. ان من انتشلت روحهم قسرا. هي اختها. نصفها الآخر و نسختها الثانية. عجز فعليا عن الرد وكأن احدهم قد ربط لسانه، ليأخذ رأسها يضمه الى صدره بصمت وهي ما زالت على بكائها وكأنها تهزي قائلة بعيون متسعة
: مازن يامنصور. مازن عايش. مازن عايش يامنصور.

لينظر شريف الى الضابط صديقه يهمس له بأذنيه ليترك الضابط المكتب فورا خارجا برفقة شريف آمرا احد العساكر بإرجاع خليل الى الحجز. تاركا كل من منصور وحنان وشاكر بالغرفة. اخذ منصور حنان يجلسها على احد المقاعد يسألها بروية قائلا
: احكيلي بالظبط ايه اللي حصل.

ثم ضغط على كف يديها بين راحة يده. يريد اخبارها. وعدها بأنه سيعيده اليها. الى احضانها. لكنه لا يعلم اهو على قيد الحياة ام انهت تلك الملعونة حياته كما اخبرته بالخطاب. لا يريدها ان تتعلق بأمل واهي. ونور حقيقة. سيصبح حريق مواجهة...
بينما بالخارج قص شريف على صديقه كل مايحدث، و وضح له الأمور. ليرد الضابط بصدمة قائلا
: معقولة اللي بتقوله ده يا شريف.؟
نظر اليه شريف قائلا.

: ايه اللي يخلي قاتل يروح المكان اللي ارتكب فيه الجريمة تاني بعد ما فلت اول مرة. مدام حنان بريئة يا طارق. ياريت تساعدني نساعدهم في اظهار القاتل الحقيقي.
نظر له طارق يومأ له بتفكير قائلا
: اسم اللي كانت في الفندق مشتبه فيها زهيرة حسان ودي مش مصرية. نقدر كده نمنعها من السفر بره البلد مرة تانيه.
مط شريف شفتيه يزفر بيأس عندما اردف طارق قائلا
: لكن للأسف مش هقدر افرج عن مدام حنان.

بينما بداخل المكتب انتهت حنان من قول ما حدث ليتألم لها قلب منصور ينظر لها بتأثر عازما بداخله يتوعد لتلك الملعونة بأشد العذاب.
دخل كل من طارق وشريف ليتحدث طارق يوجه كلامه الى منصور قائلا بأسف
: شريف باشا حكالي كل حاجه. انا للأسف مش هقدر افرج عن مدام حنان ولا حتى بكفاله على الأقل في الوقت الحالي. في شاهد عيان على وجودها اثناء ارتكاب الجريمة. ده غير حي بحاله شاهد عليها.

انا وانتم متأكدين من برائتها. بس مافيش دليل. ولحد ما يبقى هنضطر نخليها معانا هنا.
نظرت له حنان بضياع ثم نظرت الى منصور دامعة العينين. ليرد منصور قائلا وهو ينهض من مكانه
: انا عندي الدليل.
نظر له جميع من بالغرفة بترقب. فأردف منصور قائلا بثبات.

: الظابط اللي انت معينه يراقب البيت يا شريف باشا نقدر نستشهد بيه في وقت ارتكاب الجريمة بالظبط ونطابق اقواله بفديوهات كاميرات المراقبه اللي قدام البيت. اللي بتحسب بالساعة والدقيقة.
رد الضابط طارق على منصور قائلا
: علشان ننفذ اللي حضرتك بتقول عليه ده محتاجين اذن النيابة بتفريغ كاميرات المراقبة. يعني مدام حنان كده او كده لازم تبات هنا.

جز منصور على اسنانه غضبا. يضغط على قبضة يديه بشدة. لا يمكن ان يتركها وسط المجرمين والمتشردين بداخل الزنزانة. لترتخي قبضة يديه قليلا عندما اردف طارق قائلا
: انا هفتحلها مكتبي تبات فيه. تقعد فيه براحتها مش هنزلها الحجز.
ثم اردف بأسف
: انا آسف جدا. ده اللي انا هقدر اعمله.

نزلت بمعالم وجه مشمأذة من ذلك الشيء الذي يعد وسيلة من وسائل المواصلات المسمى تكتوك يكاد رأسها ينفجر اثر الموسيقى الصاخبة التي تنبعث من كل نواحية. فلم توافق سيارة اجرة واحدة على الدخول الى تلك المنطقة بصعوبة وجدت سيارة اجرة لكن بشرط ان تنزلها على الشارع الرئيسي لتلك المنطقة ومن ثم تأخذ شيئا آخر الى الداخل. نزلت في إحدي تلك الأحياء الشعبية التي يمكنك ان تجد بها كل انواع الجرائم. مخدرات. بيع وشراء. بيوت مشبوهة. سرقة اطفال. سرقة اعضاء. تزوير اوراق رسمية.

و مبتغاها هي تلك الفئة الأخيرة. اعطت النقود الى سائق التوكتوك ليرد عليها قائلا بنبرة فوضاوية وكأن شيئا ما عالق بفمه. غير عابئا بكبر سنها
: خشي اليمين الجاي تاني بيت يقابلك ع الشمال يا حتة. قولي فين شفرة الف مين هيشاورلك عليه.

وانطلق بمكوكه الفضائي ذلك. لتتجه هي بخطوات متعثرة إثر الارض المتعرجه تحتها. تنظر حولها باستكشاف لذلك المكان المريب. طرقت باب ذلك الجحر الذي لا يمت ابدا للمنازل الآدمية بأي صلة. لتخرج اليها من شراعة الباب رأس اصلع وعيون حمراء وفم ينفث دخانا اسود قائلا
: أؤمري.
اذدردت زهيرة ريقها ترد بثبات رغم ريبها من تلك المنطقة التي لا تتماشى نهائيا مع هيئتها
: عاوزة شفرة.
رد عليها بترقب يسألها
: عاوزة منه ايه.؟

لترد زهيرة بعيون يلتمع بها الشر
: باسبور. بأسم مزور.
ليبتسم لها ذلك الأصلع بلهفة يراها امامه رزمة من النقود يفتح لها الباب الحديدي مصدرا صوتا صارخا تشمأذ له الآذان لتدلف هي زهيرة. تخرج شخصا آخر. بإسم آخر. وربما جريمة أخرى...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة