قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل التاسع والثلاثون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل التاسع والثلاثون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل التاسع والثلاثون

: انت بتعمل ايه منك ليها هنا.؟
قالها منصور بزهول زاعق متسع العينين. لتختبئ حياة خلف قصي تشخص عينيها بخوف و حرج. نظر اليه قصي قائلا ببرود يشير الى المنديل بين يديه
: بمسحلها وشها من العجين.
: نعم.؟ عجين.؟
زعق بها منصور مستنكرا ما يقول. وترتجف الواقفه خلفه حرجا كالفرخ المبتل. ليتحدث قصي يحجّم من الأمر يومأ له باطمئنان
: ماتخافش. ده مسح في سياق الطبخ.

نظر له منصور شزرا. اقترب منهم ينظر الى تلك المرتجفه بسخط قائلا باستغراب.
: وانتي ايه اللي بهدلك كده.؟
تسارعت نبضاتها تذدرد ريقها بارتباك ترفع سبابتها امام وجهها تقسم بنبرة متوترة دفعة واحدة
: والله يا خالو هو. هو اللي خضني ورد عليا وانا بكلم العجين.

رفع قصي حاجبيه باستنكار ينظر اليها يجاهد بصعوبة في اخفاء ابتسامته. بينما منصور ينظر اليها بدون تعابير وجه يحاول فهم ما تفوهت به والموسيقى التصويريه (صوت صرصور الحقل). ليتحدث قائلا بتسائل مازال على تعابير وجهه
: بتكلمي العجين ازاي يا حياة.؟

إلى هنا وينتقل (صرصور الحقل ) بداخل اذنيها. تنظر اليه ضاغطة على شفتيها حرجا حد البكاء وفكرة تطرح نفسها داخلها. سيظنون الان انها بلهاء. كيف تتحدث إلى العجين.؟ ، فقط مجرد ظن. لم يتأكدوا بعد.!
: زي اي انسان طبيعي من حقه يتكلم مع العجين ويسأله.
قالها قصي مدافعا عنها يصطنع الجد ظاهريا بمرح مبطن. نظر منصور اليه باستغراب. يتقاسم الآن وحياة صوت صرصور الحقل ذاته. تحدث منصور ساخرا.

: سؤال في سياق الطبخ بردو.؟
ضيق قصي ما بين حاجبيه يومأ له ايجابا تتراقص الابتسامه على وجهه محاولا اخفائها. ليردف منصور قائلا بغيظ شديد.
: اتفضل استناني في مكتبي وانا جاي وراك.
التفت لها قصي يناولها المنديل خارجا يتجه نحو مكتب والده ليطلق العنان لضحكاته الكبوته. بينما نظر منصور إلى هيئه حياة يكز على اسنانه قائلا
: على اوضتك امسحي المهزلة دي حالا وكلامي معاكي بعدين.

اومأت حياة عدة مرات راكضة بخطوات متسارعة نحو غرفتها.
نظر منصور في اثرها يزفر بيأس. لترتسم على شفتيه ابتسامة هادئة سرعان ما تحولت إلى ضحكة خافتة. ثم نظر نحو باب المكتب يحمحم بصوت عال يتصنع الغضب على ملامح وجهه متجها اليه...
ابتسم بتكلف ينهي المكالمة قائلا.
: متشكر اوي يافندم. هنكون عند حضرتك في المعاد.
نظرت اليه في اهتمام تام. تتوهج جرتي العسل بعيونها. تعكس احتراق ما بداخل روحها.

اغلق الهاتف يبتسم اليها بهدوء مردفا
: ما تقلقيش. هيمسك القضية اكبر محامي هنا.
تنهدت بشرود تومأ له بصمت معاكس لفوضى افكارها ومشاعرها. نظرت إلى اللا شيء تتجمد العبرات بعينيها تتحدث وقد التمس اسى نبرتها
: ماكانش باين خالص اول مرة لما قابلتهم انهم بالبشاعة دي. او يمكن انا اللي ما كنتش شايفة. حبيتهم وحسيت وسطهم بالامان والدفا اللي اتحرمت منه طول عمري وكنت بحلم بيه.

لم تدرك ان حقيقة الدفء بين احضانهم. ماهي سوى جحيم. نال منها حد الهلاك. أذابت النيران المشتعلة بداخلها عبراتها المتجمدة تنساب على وجنتيها. نبرتها بمذاق الجحيم ذاته مردفة.
: لدرجة اني فكرت افضل وسطهم. اعيش معاهم على طول.

. شدد آدم على قبضة يديه بغضب عاصف يؤلم داخله. يدمر قوى التحمل لديه. كم كانت بحاجته وهو لايعلم بوجودها من الاساس. اقترب منها وكان اقترابه اشبه بنسمة هواء جليديه تبيح لروحها التنفس من جديد. شدد من احتضانها قائلا
: انسي كل اللي فات ياسارة كأنه ما حصلش. هنبتدي ايام وحياة حلوة من جديد.
اخرجها من احضانه ينظر إلى عينيها مزيلا قطرات دموعها مردفا بابتسامة
: مافيهاش حزن ولا دموع.

اهدته ابتسامة رائقة وايمائة هادئة ليردف تتسع ابتسامته أكثر.
: ما فيهاش غير ضحكتك الحلوة.
القت بنفسها بين ذراعيه تعانقه بامتنان ليبادلها العناق بدوره. تركها قائلا
: هسيبك تجهزي عشان معادنا مع المحامي.
ابتسم يغمز لها بعينيه مردفا
: بعد كده بقى عايزك تسيبيلي نفسك خالص. هخرجك خروجه ما خرجتيهاش في حياتك.
ابتسمت. سرعان ما اختفت ابتسامتها تسأله بحزن
: تفتكر هنعرف نجيب حقنا.
اهداها نظرة اطمئنان قائلا.

: الورق اللي معانا ونتيجة التحليل بعد ما يظهر يضمن لنا كسب القضية. آه كانت شهادة اللي اسمه اسماعيل ده هتفرق بس الاوراق اللي معانا تكفي. مش عايزك تقلقي خالص...
تنهدت تومأ له متذكرة ما حدث منذ ساعات...

Flash back.

علي الطريق المؤدي إلى خارج البلدة كانت سيارة آدم تشق طريقها نحو نور الغد تاركة خلفها ظلام الماضي. تجلس سارة جواره شبه شاردة. صورته لا تبارح مخيلتها. تستعيد ذكرى مقابلتهم القصيرة و المعدودة. اللتي كان لها تأثير حفر اسمه بجدران قلبها. اجفلت على صوت صراخ عجلات السيارة نتيجة إحتكاكها بالارض. حيث ضغط آدم على مكابح السيارة بقوة في الوقت المناسب عندما قاطعت سيارة ما الطريق متوقفة امامه. تحولت ملامحه إلى الغضب. واخذت خفقاتها تشتد بعيون متسعة عندما رأت سائق السيارة اللتي قطعت طريقهم. هم آدم بالنزول يشتعل غيظا لما يحدث. لتتشبث سارة بذراعه تحملق امامها بفزع تذدرد ريقها تتحدث بخفوت.

: اسماعيل.
نظر اليها بعدم فهم. لتشتعل عيناه بغضب حارق يشد على قبضة يديه تعطشا للكم احدهم. عندما اردفت سارة قائلة بنفس نبرتها الخافتة.
: اخو سالم.

نزل آدم سريعا يتوجه نحوه. بينما ينزل اسماعيل يتقدم منه بثبات. توقفوا سويا في وضع مواجهة. نزلت سارة واقفة جوار السيارة تشهق بخوف عندما رأت أخيها يباغت اسماعيل بلكمة قوية تتبعها ضربة رأس ترنح الاخير بعض الخطوات إلى الوراء أثرهم. هم آدم بالهجوم عليه مرة أخرى ليسرع اسماعيل بفرد كفيه امامه مهدئا اياه بكلمات متسارعة.
: وجف يا واد عمي صبرك بالله انا ماعايزش اتعارك معاك.

توقف آدم ينظر اليه بحدة غاضبا. تحترق انفاسه. بينما الآخر اخرج منديلا من جيب عبائته يمسح تلك الدماء النازفة من انفه وفمه لاهثا كمن كان يركض. بعد لحظات توقف اسماعيل ينظر إلى سارة الواقفة خلف آدم بأسف. ليتحدث قائلا بحزن وندم.

: اني عارف ان اللي حصل ما هينفعش فيه اسف ولا اعتذار. حجكم تعملوا اكتر من اكده بكتير. وعارف كمان ان اللي هعمله دلوجت هدفع تمنه كبير جوي. لكن هبجى راضي من جوايا عن نفسي. او اجل ما فيها ابجى كفرت هبابه من ذنبي.
نظر كل من سارة وآدم اليه بعدم فهم.
يينما تبع حديثه بمد يديه داخل عبائته يخرج ظرف ما يقدمه لآدم قائلا.

: دي وصية عمي الله يرحمه. اللي عيجول فيها ان ليه بت و واد من صلبه. وان الورث يتجسم بناتهم بما يرضي الله. ومكتوب فيها اساميكم واسامي امهاتكم. عشان اكده خفيناها انا وسالم بعد ما ابونا باع نصيبه لعمي في الورث ومابجاش لينا ايتها حاجه.
نظر آدم اليه بزهول لا يختلف كثيرا عما يتجسد بعيني سارة من صدمه. التقط آدم منه الوصية. ليخرج بعدها ورقة اخرى مردفا.

: وده العجد العرفي اللي سالم خلاها تمضي عليه. كان نفسي اجيب معاهم ورجة التنازل اللي مضت عليه غصب مع العجد. لكن مالجيتهاش
: تشهد بالكلام ده.؟
قالها آدم بنبرة حادة. ليرخي اسماعيل عينيه إلى الارض ممسكا عن الكلام. وقد تلقى آدم اجابة سؤاله. رفع اسماعيل رأسه قائلا بحزن
: اني عملت اللي يرضي ضميري جدام ربنا. لكن مش هجدر اجف جصاد اخوي الكبير في المحاكم.

ختم حديثه ناظرا نحو سارة يتجسد الندم بعينيه مردفا برجاء تستجديها نبرة صوته قائلا
: سامحيني يا بت عمي.
ثم التفت يركب سيارته عائدا إلى البلدة...
بعد مرور عدة ايام...

جمع رجولي غفير. من كلتا العائلتين. يجلس كبار البلدة في حلقة نصف دائرية. ومين بينهم يجلس هو بشموخ صقر. وغضب ليث يشتهي افتراس ذلك الشاب الذي يجلس قبالته. يجلس بجواره اخيه. مجلس تصالح. وضع حد لإراقة دماء ابرياء والذريعة ثأر. نزاعات ومشادات بين مؤيد ومعارض لبعض الحلول. ليتحدث الشاب باندفاع غاضب يصوب نظرات الكره إلى سالم كأسهم من نار.
: اني ماجصدهاش هي. اني تاري معاك وانت المجصود بالرصاصة.

رغم اشتعال غضبه. والرغبة الملحة عليه بقوة في الفتك به. نظر اليه سالم بسخرية يرفع رأسه بشموخ قائلا بنبرة ذات مغزى يتكئ على احرف جملته الأولى
: اني لما جتلت ابوك. جتلته وانا باصص في عنيه. ما ادارتش واتخبيت وسط الناس. عشان كنت صاحب حج. خدت حجي واني واجف جدام البلد كلاتها. انما اللي يتخبى كأنه هيسرج ويضرب ويجري. مابجاش راجل ومايبجاش له حق. ومالوش عندي ديه.

اشتعلت عينيهم غضبا مما تفوه به سالم. ليتحدث أحدهم يحاول ايجاد حل ما وهو في موضع محايد لا ينتمي لكلتا العائلتين.
: يا جماعه بكفاية دم عاد. انا شايف ان النسب هو الحل الوحيد بينكم. ان يبجى في عيال جذورها مشتركه بين العيلتين.
عم الصمت ومفاده في عرفهم موافقة. ليلتفت الرجل إلى سالم يكمل بما اخرج الليث عن غضبه الى حافة الجنون.
: خلاص يا سالم. اول ما بت عمك تشد حيلها وتجوم بالسلامه يكتب الكتاب عليها طوالي.

حافة الجنون. ربما حافة الجحيم. جنون العاشق. ثورة المحب. صراخ القلب معترضا عن مجرد نظرة احدهم لصغيرته. هب واقفا يزئر بغضب. من يراه يترقب تحول هيئته إلى وحش ما على وشك الفتك بجميعهم ولا يبالي
: يكتب كتابه على مين يا واد المحروج انت. انت واعي عتجول ايه. يطخها واجوزهاله كيف يعني. ناجص تجولي نلبسوا طرح كيف الحريم.
ليرد الرجل باعتراض حاد قائلا
: جرى ايه يا سالم.؟ اني اجصد خير. بشوف حل يرضي الجميع.

: ما تشوفش. ماحدش طلب منك تحلها. ياتجول كلام موزون يا تجفل خاشمك ما تنطجش.
قالها سالم زاعقا تنتفخ أوداجه. تحترق دمائه بداخل عروقه كمرجل متقد.
عم الهرج والمرج بين الحاضرين. ليطرق كبير المجلس بعصاه الأبنوسية الأرض عدة مرات. قائلا بصوت شامخ له ما له من هيبته و وقاره ينهرهم.
: جرى ايه. مافيش احترام لوجودي ولا ايه.
عم الصمت احتراما له. ليجلس سالم يزفر بغضب فوهة بركان على وشك الانفجار.

تحدث كبير البلدة قائلا بتروي حازم يوجه حديثه اليه قائلا
: سالم ياولدي. هو ما غلطش في حاجه. اني كمان شايف اكده. و ان ده الحل المناسب بينكم هو النسب.
بينما ابتسم كبير العائلة ينظر إلى حفيده بخبث نظرات ذات مغزى. ليتحدث مصطنع الوداعه ينظر إلى سالم بتشفي قائلا.
: واني موافج. اللي تجوله ياكبيرنا نمشيه على رجبينا.

وقبل ان ينفجر البركان مدمرا ما يقابله تحدث كبيرهم قائلا بنبرة قاطعة لا حديث بعدها. يوجه كلامه إلى الجد وقد ادرك نظراته ونواياه الخبيثة قائلا.
: حدد معاد نجيلكم فيه واني بنفسي اللي هاجي اطلب يد بنتكم لاسماعيل اخو سالم الصغير. وما عايزش اسمع اعتراض من حد فيكم.

تنفس قلبه الصعداء وقد اخمد قرار شيخهم نيران عشقه المشتعلة، بينما يضغط الجد ومن معه على اسنانهم غيظا. حيث لا يمكنهم الاعتراض. فمعارضة قرار كبيرهم تعد حرب أخرى ضد جميع البلدة...
جلست في حديقة المنزل بملل. زفرت تلتقط هاتفها يتذمر تطلبه. وما ان رد حتى تحدثت تعاتبه بحزن قائلة.

: كده يا ابيه.؟ بقالك كام يوم بتسبني طول النهار وتخرج تيجي وانا نايمة. مش بتقعد معايا ولا تخرجني. وكمان مش عارفة ماما اشوف ماما بتخرج وانا نايمة وتيجي بعد ما انا. وعمر وبابا مش بيردوا على تليفوناتهم خالص ولا بيجوا البيت.
ابتلع غصته على الجانب الآخر من الهاتف. يعلم انه اهملها في الآونة الأخيرة. لكن رغما عنه. مفعم هو بالأشغال حد الغرق في اتجاهات عدة. ليتحدث قائلا.

: معلش يا حبيبتي حقك عليا. الايام دي عندي ضغط شغل كبير هحاول اخلصه واجي بدري.
أيقن انه لا مفر من المماطلة في عدم اخبارها الحقيقة. ليقرر اخبارها قائلا.
: في موضوع مهم عاوز اتكلم معاكي في لما اجيلك.
قطبت حاجبيها بتسائل. ترد قائلة
: موضوع ايه ده يا ابيه.؟
رد عليها منهيا المكالمة بعجلة.
: لما اجيلك يا يمنى انا مضطر اقفل دلوقتي ومش هتأخر عليكي.

اغلقط الهاتف بتذمر متجهة نحو تلك الارجوحه الصغيرة. جلست عليها تتصفح هاتفها بملل. بينما على بعد امتار. بجانب سور الحديقة الخلفي. يقفز شخص ما قوي البنية متسلقا السور. يتبعه قافزا شخص آخر. يتسلل كل منهم بحذر. يشير الاول إلى تلك الجالسة في هدوء. ليتبعه الثاني مستجيبا لإشارته. وعلى حين غِرة منها طبق احدهم على فمها كاتماً صرخاتها يحملها من خلف ذراعيها. يينما اسرع الآخر يحمل قدميها. تتحرك بين ايديهم بعنف وفزع تتسع عينيها بذعر تتساقط دموعها خوفا عندما اتجه كلاهما نحو باب المنزل. يلقيانها بداخل سيارة ما بانتظارهم. لتنطلق السيارة مغادرة في هدوء كما لم يحدث شيئا...

اوقف سيارته يصفها امام ذلك المشفى الذي ترقد فيه جدة صديقه. نزل يدخل إلى المشفى صاعدا إلى الغرفة الخاصة بها. طرق الباب داخلا. ينظر اليها بحزن. يكن لها معزة خاصة. طالما اعتبرها جدته تماما كحمزة. اقترب منها يتنهد بحزن بحالها. ومن بين غفوة ويقظة فتحت عينيها تبتسم ما ان راته. ليبتسم لها بدوره قائلا بمرح لم يجدي في اخفاء نظرة الحزن بعينه.
: الف سلامة ياطوفي. يتعرفي معزتك عندنا ولا ايه.؟

اتسعت ابتسامتها بيقين. وكأنها تعلم ان النهاية آتيه لا محالة. ليردف آدم مازحا.
: يالا قومي بقى. وحشني اكلك اوي.
ومع اقتراب غيابها مرة اخرى اختفت ابتسامتهت. تحدثت تلقي كلماتها قبل الغرق في ظلام دوامتها توصيه قائلة.
: حمزة. حمزة يا آدم.
هكذا فقط و غفت. تأثر آدم ينحني مقبلا يديها. يرد عليها رغم غياب وعيها قائلا.
: مش هسيبه ماتقلقيش.
: انت ايه اللي جابك هنا.؟

بغضب حاد وقلب يتألم نازفا. يحتضر. زعق بها ذلك الواقف جوار باب الغرفة. بعيون غائمة يتلون بياضها بلون الدماء. معالم وجهه مجهدة. ومتألمة رغم الغضب البادي عليها. تقدم آدم خارجا من الغرفة يقف امامه قائلا بلوم.
: مالك يا حمزة. ايه اللي غيرك؟
انثنى فمه بابتسامة ساخره يرفع يديه حركة مسرحية قائلا
: ابقى اسئل اختك المصون. ربة الصون والعفاف.
احتدت نظرة آدم يحذره بنبرة زاعقة.

: حمزه. انا ساكت بس تقديرا للحالة والظرف اللي بتمر بيه. مش هسمحلك تعدي حدود انت مش قدها.
ضحك حمزة بخفوت ساخر. يقترب منه مربتا على صدره بجفاء قائلا باستهانة
: لاء دكر. ابقى خلي بالك بقى واعمل حدود لاختك.
ثم اقترب من اذنيه هامسا باشتعال يحرقه هو اولا
: عشان الحدود عندها سايبه.
جز آدم على اسنانه يحاول كبح جماح غضبه. ليتركه حمزه متجها نحو غرفة جدته ثم يعود خطوة للوراء يتصنع التذكر قائلا.
: اه صحيح.

نظر له آدم ليردف بنبرة قاسية.
: مش عايز اعرفك تاني. واحسنلك ما اشوفش وشك تاني بعد كده. عشان مش هبقي على اللي بينا يا آدم.
ثم دخل و اغلق باب الغرفة. زفر آدم بقلة حيلة ينظر إلى اعلى ثم نظر إلى باب الغرفة المغلق بيأس خارجا من المشفى. بينما خلف الباب. بعيدا عن عيون البشر. يستند اليه برأسه باجهاد. تنطمش معالم وجهه بألم. وكأن احدهم يمسك بنصل ما ينتصب بحدة. ينخر به في صميم قلبه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة