قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الأربعون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الأربعون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الأربعون

هو يجيد الإنتظار. التمهل. بارع في اقتناص ثغرات الغير. في عرف الحرب هو القائد الذي لا يفضل الهجوم. ولا ينتظر حتى وقت الدفاع. هو فقط يلتقط انفعال العدو. شغف الانتصار بعينيه. استمالته إلى اظهار منهاج نصره. ثم ابتسامة ماكرة و يبدأ بالمواجهة...
دخل الى المنزل بخطوات ثابتة روتينية. الهدوء يعم المكان. وضع حقيبة عمله على سطح طاولة ما بالجوار برفقة أشيائه الخاصة يبحث عنها بعينيه.
: يمنى.؟

ناداها يقينا بلا شك من انها تسمعه. ولا جواب. أجازت افكاره وجودها بغرفتها. صعد الدرج المؤدي اليها. بخطوات ثابته. واحدة تلو الأخرى. مشى الرواق الخاص بغرفتها. خطوات ثابته كانت بمثابة عد تنازلي لتوقف خفقاتها العنيفة. ترتجف تحت غطاء فراشها. تغطي جسدها بالكامل. بشرتها شاحبة اللون وكأن احدهم أحدهم سلب دمائها من العروق. تكتم بيديها شهقات بكائها بذعر. ومع اقتراب صوت خطواته ببطء مرعب. توقفت انفاسها. طرقة هادئة على باب غرفتها تبعها فتحه.

: يمنى.؟
كانت اهدأ من الأولى وأرق. واكثر رعبا، اقترب منها يكشف الغطاء عن رأسها. بمعجزة استطاعت تصنع النوم. ابتسم بحنو يميل مقبلا جبينها. وكانت لإمالته وقبلته أثر الجاثوم. انتفضت بفزع جالسه دفعة واحده. وقد لاحظ هو تعرقها الشديد وتصلب عضلات وجهها فنظر لها بتعجب قلق يتحدث سريعا.
: مالك يا حبيبتي.؟ اهدي؟

صدى صوت شيطان ما يهمس الآن قرب أذنيها مذكرا اياها ببعض تعليماته. وربما شيطانة. لتذدرد ريقها تجيبه كاذبة وقد رأت نصف النجاة بكذبتها. ويحتمل حديثها الصدق ايضا
: ک ک كابوس. كابوس يا أبى.
قالتها بارتباك تجوب عينيها ملامحه برعب لم يخفى عليه. جلس جوارها جاذبا اياها بيد واحدة نحو صدره والأخرى يربت بها على وجنتها برفق يحاول تهدئتها.
: اهدي. انا جانبك.

قالها بدفء حاني. لتقع افكارها في شتات. نزاع. تصدق صدى ذلك الحديث منذ قليل بأُذنيها. لن تُكذبه. تصدق ما رأت في تلك الشاشة الصغيرة بعينها. لن تُكذبه. وتصدق ايضا ذلك الدفء الذي طالما اعتادت عليه بين ذِارعيه. تعرفه عن ظهر قلب. و للعبث ستُكذبه. حيث يمتلك الشيطان قدرة الخداع الاقوى. هدأت بعض الشيء او تصنعت الهدوء لتبتعد إلى اقصى الفراش. حيث ثغرة ما هو بصدد إقتناصها. لم تعتاد صغيرته الابتعاد هكذا. تحدث بابتسامة قابلتها هي بنظرات خوف مترقبة.

: انا عارف انك زعلانه مني عشان انشغلت عنك الفترة دي. حقك عليا. يالا اجهزي عشان نخرج سوا.
يرفرف قلبها الصغير كإنتفاضة عصفور كسير بلا حيلة. لترد سريعا.
: لا لا. انا تعبانة شوية. خليها وقت تاني.
التقط القائد انفعال عدوه بعينيها. بذلك الخوف فيهما. وخذة من ألم اصابت خافقه. لكنها حرب. قوانينها لا تبيح الانسحاب.
: تحبي اجيبلك دكتور.؟

نبرته معتادة الثبات. لكن النظرة تختلف. النظرة تجسد حسرة ما تنطق ب( إلا انتِ صغيرتي ). ردت بهروب، تتمدد جاذبة الغطاء فوقها كليا
: لاء، انا محتاجة انام وهبقى كويسة.
استقام ينظر اليها بشرود. أغلق عينيه بألم يتنهد بغضب. حيث التقط المنافس اول بيدق فوق رقعة الشطرنج. تحريكه خسارة فادحة بالنسبة إليه. حيث البيدق المقرب إليه رغم وجوده بجيش الملك...
هل للشيطان ان يحترق رغم كونه مخلوق ناري،؟

تشتعل دمائها داخل عروقها بنيران الإنتقام. الإنتقام المُصقل بقتل ولدها. ولدها الذي قتل على يد ابن حنان ومنصور. اطعمت و كست و أثقلت ظلامه ليصبح رجلا فيقتل ولدها. اي حسرة تشعر بها الآن. تجوب بخاطرها فكرة طباخ السم لا بد ان يذوقه. لتتذكر تلك اللحظة التي واكبت تأهب براكين الأرض لتحرق فُوئادها بنهم...

Flash back
يعلم جيدا كيف يصِيد فرائِسهُ. وكونه متعدد العلاقات والمصادر، الراقية منها و المشينة. علم مكانها خلال أيام فقط...

تتمدد براحة أعلى فراش متهالك بالكاد يكفي لفرد واحد. لتتفاجئ بمن يطرق باب الغرفة ببطء. انتفضت بذعر. تتسع عينيها قلبها يخفق بعنف وفكرة الفرار تَسطو على جميع حواسها. وللحظة انتبهت تتقدم من باب الغرفة بترقب. حيث ان الطارق بعيدا كل البعد عن كونه (الشرطه). والا لكانوا هدموا الباب محطمين اياه فوق رأسها.
: مين.؟
قالتها بخوف رغم ثبات نبرتها. ويأتيها الجواب بصوت رجولي هادئ قائلا
: افتحي ما تخافيش.

اذدردت ريقها ترفع ذلك المزلاج الصدأ من الداخل. وما ان فتحت الباب حتى دخل مغلقا اياه ثلاث رجال بحجم الباندا تقريبا. رجعت إلى الوراء بخوف شديد لهيئتهم المهيبة. تمرر نظرها بينهم بقلق قائلة
: انتوا مين.؟ عايزين ايه.؟
بيسر رد احدهم قائلا
: احنا جايين نساعدك. الباشا بتاعنا عنده علم انك هربانة. وعنده مكان آمن من ده. بيقولك زي ما هو عرف يوصلك بسهولة. الحكومة تقدر توصلك بردوا بسهولة.

التمعت عينيها تُفنّط كلماته داخل افكارها لتسأله قائلة
: باشا مين. وعرف مكاني ازاي.؟
رد باطمئنان يشير بذراعه إلى الخارج قائلا
: اتفضلي معانا وهتفهمي كل حاجه. ما تقلقيش.
نظرت اليهم قليلا ترتب افكارها. يبدو الصدق واضحا بنبرتهم. لتتحرك الى الخارج باتجاه سيارتهم حالكة السواد. تماما كما اللحظات القادمة عليها...

بعد مرور بضع ساعات. توقفت السيارة امام منزل صغير يتوسط مزرعة تماثله صغرا في مكان فارغ يشبه الصحراء لاوجود لأي بناء حوله. نزلت من السيارة تتبع اشارة احدهم إلى الداخل بتوجس داخلي ظاهره ثبات.
ما ان ولجت حتى تركها مغادرا يلقي لها بكلمات مقتضبة
: استني هنا و راجعلك تاني.

بعد وقت ليس بقليل. كان كافيا ببلوغ توترها إلى اعلى ذروته. عاد الرجل يخطو نحوها بثبات. يحمل بين يديه هاتف خلوي ذات حجم كبير. استقامت تهتف بغضب قائلة
: ممكن افهم في ايه بالظبط. انتوا مين وانا هنا فين.؟
ناولها الرجل الهاتف بين يديه. بدون نطق كلمة واحدة. نظرت إلى شاشته لتجد صورة شخص ما لأول مرة تراه بحياتها. التقطت الهاتف تنظر اليه ليتحدث مراد قائلا بابتسامة واسعة سعيدة كمن يعرفها منذ زمن.

: اهلا اهلا مدام زهيرة الزيني. ولا اقول ناهد عثمان احسن.؟
ضيقت عينيها بشك تعلوا وتيرة نبضاتها المتسارعة. لتدوي ضحكاته امامها على الشاشة بصخب. وما ان هدأت حتى اخذ يكمل قائلا
: ما تستغربيش كده. انا عارف كل حاجه عنك من طأطأ. لسلامعليكم.
بنبرة ممطوطه مراوغة وكأنه يداعب طفل صغير اردف
: ولا تحبي اقولك من خطفك لابن اختك زمان. لحد قتلك الست الخدامة بتاعتها وهروبك بعد ما اتقبض عليكييي.؟

بهتت ملامح وجهها باتساع طفيف بحدقتيها. لتردف قائلة بتسائل وقد ايقنت انها بصدد مقايضة ما. لا تدرك انها بصدد انهيار. خبر رغم قسوته. هي تستحق1.
: انت مين.؟ وعايز مني ايه.؟
ابتسم مراد بخبث قائلا
: انا مين.؟ انا مراد مختار
خرجت الأخيرة بغرور مبالغ فيه. ثم اردف
: وعاوز منك ايه.؟ هتعرفي بعد ما تشوفي الفيديو ده.

وقبل ان تتسائل بعينيها وجدت احد رجاله يمد يديه لها بهاتف آخر يبدأ على شاشته عرض ما. اهتز كيانها تعصف خفقاتها بعدم اتزان. تتسع عينيها بترقب. بذعر تنفي توقع المشاهد المتتالية. عندما شاهدت عمر ولدها يهتف بهيستريا باكيا داخل غرفة ما يطرق بابها صارخا يتوسل احدهم الخروج. ينتقل الى مسامعها صوته عبر المقطع قائلا.
: ابوس ايدك افتح. افتح الباب. انا مش قادر. افتح وهعمل كل اللي تقول عليه.

ومقطع آخر له يستنشق شيئا ما بلهفة جنونية ونهم. احدهم يقف امامه لا ترى سوى ظهره لتتسع عينيها شيئا فشيئا مع سقوط عمر ارضا و سكون حركته وهتافه الأخير باسم الواقف امامه الذي وازى رؤيتها لوجه عندما اعتدل جانبا عبر المقطع.
: الحقني يا قصي.
بحرفة شيطان ماكر. اجاد تركيب صيغة الاستغاثة برفقة وجه قصي مع مقطع وفاة عمر.
: لاااااااء، لااااااااء. ابني لااااااااء.

صرخت بجنون. بلوعة. تنظر إلى شاشة الهاتف بين يديها يتصلب جميع جسدها حتى بدت وكأنها خارجه من احد افلام العائدون بعد الموت. خارت قوى قدميها تسقط جالسة على ركبتيها ومازالت على تصلبها صارخه ب (لا) امام شاشة الهاتف بين يديها وجسد عمر الهاوي ارضا، التقط منها احد رجاله الهاتف فاستقامت بالهجوم عليه ليقيدها آخر من الخلف. تتلوى بعنف ولا تردد سوى (ابني لاء ) بصراخ كاد يبلغ صداه عنان السماء. على مرئى من عينيه من خلال تلك الكاميرا امامه. جثت جالسة تنبش الأرض بأظافرها حقدا وقهرا. براكين الكون تسلط الآن جميها نحو قلبها مباشرة. تلهث لهاثا عنيفا وكأنها على وشك الانفجار. تنظر حولها وبجميع الاتجاهات تندلع شرارات قاتلة من حدقتيها. لو كانت النظرات تحرق لكان المكان برمته الآن رمادا. يعلو صدرها ويهبط متأججاً. والغريب انها لم تذرف دمعة واحدة رغم ما تشعر به من ألم. ليتحدث مراد من خلال شاشة الهاتف قائلا. ولم تستمع هي لأي شيء سوى لكلماته.

: اظن دلوقتي عرفتي كويس انا عايز منك ايه. انا كمان ليا عنده تار قديم. قتل مراتي. يعني هدفنا واحد.
يكذب. حيلة شيطانية لإستملتها ولو ادرك فهي لا تحتاج اليها. حيث الثأر لا وجود له من الأساس. ولم يكن القاتل احد سواه. والقتيلة لم تكن زوجته. ولكل شيطان نهجه الخاص. حتى اذا تساوا جميعهم باختلاق الأكاذيب...
Back.

عادت من تلك الذكرى القريبة تسن قوانين حربها الخاصة. تلتقط الهاتف بين يديها ترسل الى شيطانها الروحي رسالة تنص عن اتمام نصف مخططهم...

حيث قبل وقت ليس بقليل...

ارتجفت الصغيرة باكية بين اثنين من الثيران وربما ترجع سلالتهم إلى احدى سلالات وحيد القرن المنقرضة. توقفت السيارة امام منزل صغير قرب مزرعة تقريبا لم تستطيع التحديد حيث دموع عينيها المتكادسة. كل ما تفكر به. ماذا سيفعلان بها قبل قتلها المؤكد لا محالة. جذبها احدهم من ذراعها نحو ذلك الباب الخاص بالمنزل. تضم يديها الى صدرها ببكاء حار. وما ان ولجت حتى لاقت معالمها الصدمه. تنظر لتلك الجالسة امامها متسعة العينين بعدم فهم. تركها الرجل محررا ذراعها. لتنهض تلك الجالسه تقترب منها بلهفة وشوق تحتضنها. تدمع عينيها باكية. تحتضن وجنتيها بيد واحدة. تنظر إلى ملامحها بشوق مقبلة اياها وكأنها لم تكن معها منذ ايام فقط. ومن بين لهفتها تتحدث بجنون تارة تحتضن رأسها وتارة تنظر إليها تقبلها قائلة.

: يمنى حبيبتي. انتي كويسة.؟ وحشتيني. وحشتيني اوي يا حبيبتي.
تصلبت الفتاة امامها كالتمثال. تمرر نظرها باستغراب بين هذان الضَخمان خلفها وبين والدتها المبالغ في شوقها ولهفتها لها. ذراعها المجبرة. لتجذبها من يديها مسرعة نحو اريكة متهالكة بالجوار. اجلستها امامها لتتحدث يمنى تسألها بزهول.
: ماما انا مش فاهمة حاجه. مين دول وايه المكان ده. انتي بتعملي ايه هنا ومال ايدك.؟
مسحت دموعها ترد ببكاء حار مصطنع.

: هفهمك. هفهمك كل حاجه يا حبيبتي. هفهمك كل حاجه يا يمنى.
وتنتظر الصغيرة ان تفهم. تنصت إليها بإصغاء. بينما هي بنبرة ملائكية يتوارى خلفها شيطان مارد ردت تختلق الأكاذيب. تمرر صدقا واحدا كأساس. وإثبات لما ستدعيه بعد ذلك من كذب
: قصي يا يمنى. مش اخوكي. ومش ابني...
عقلها الصغير يمرر الأمر كمزْحة سخيفة. تبتسم بيقين من كونه احد مقالب عمر الفارغة ذات الطابع السمج. تنفست الصعداء تنظر اليها بجانب عينيها قائلة.

: ماما.؟ ده مقلب من مقالب عمر صح.؟ انتوا كنتوا هتموتوني من الرعب على فكرة وبعتين...
: عمر مات.
قاطعتها بها ولم تكن النبرة ملائكية. حيث قرر الشيطان الخروج وصوتها دفعة واحدة. ومن جديد تتجمد نظرة يمنى باستنكار. هيئة والدتها. ملامحها. نظرة عينيها القاتمة. نبرتها. لا تمرر مزاح. مطلقا.

كون فقده فقط فاجعة. ألم حارق يسيطر على مشاعرها وأفكارها. همس خافت غير مصدق لما تقول خرج من بين شفتيها وتتمة الصدمة لأفكارها.
: عمر.
و تنتفض الفتاة شاهقة تنفي برأسها بعنف ما ان أكملت والدتها بنيران حقد مشتعل وقد تحولت معالمها في ذات اللحظة إلى شيطان حقيقي. فقط شيطان يصرخ بصوت حاد تنتفخ عروق وجهه ورقبته بزُرقة داكنة
: قصي هو اللى قتله. هو اللي قتل عمر. قتل أخوكي.

تكاد عينيها تخرج عن محْجرها بصدمة. تنهار باكية تنفي بنشيج صارخة
: ماما. مستحيل انتي بتقولي ايه. فين عمر.؟
التفتت تمسح دموعها بعنف تلتقط هاتف ما بجوارها. فتحته تضعه بين يديها قائلة بقهر حقيقي
: مش مصَدقاني يا يمنى. خدي. خدي شوفي.

والأخيرة خرجت منها صارخه. لم تكترث بشأن الصغيرة لمشاهدتها بشاعة الكون تتجسد في شاشة الهاتف امامها. حيث اخ يقتل اخاه بدم بارد. وكلاهما أخويها. ما ان شاهدت سكون جسد عمر في آخر المقطع. حتى انهارت صارخة بجنون.
: عمرررر. لااااء، عمرررر
وكأنه المشهد يجسد امامها. وكأنه سَيستجيب لصراخها
. نظرت اليها متسعة العينين باكية تكمل باستغاثة وانهيار.
: عمر ياماما. عمر.

تحترق أنفاسها لاهثة. بنظرات مشتعلة تنظر إلى اللا شيء امامها. لم تَعبء باحتواء انهيار صغيرتها. لم ترأف بعجز استيعاب افكارها للصدمة. فقط شدت على ذراعها بقسوة تتحدث من بين اسنانها جاذبة اياها نحو الأريكة مرة أخرى
: اسمعيني يا يمنى كويس. احنا لازم نجيب حق عمر. لازم نجيب حق اخوكي منه.

تحسن استخدام الأشخاص من حولها لصالحها. في طور انهيار وصدمة ابنتها اخذ الشيطان بداخلها يروي باكيا عن قصة مأساتها، ينسج خيوط خطته. في انفراد خاص من نوعه. حيث يتجسد لأول مرة بهيئة ملائكية. قصة لا تمت للحقيقة بأي صلة. يروي عن اخت محبة لتوأمها ونصف روحها. ضحت هاربة وزوجها نحو بلد غريب بطفل ليس بولدها. لتكون ساتر لما اقترفته أختها من فعل فادح و شنيع. خطيئة. نتج عنها طفل صغير ورفض الاب الزواج منها و الإعتراف به. وكونها حديثة الزواج كان هذا هو الحل الأمثل اخذه إلى خارج البلاد كما لو كان ولدها دون الإفصاح عن مكان وجودها لأي شخص آخر. وهكذا تضحي الأخت المثالية لتبدأ الأخرى حياتها من جديد. فتكتشف انها لا يمكنها الانجاب مرة اخرى. فيعترف بها عشيقها كزوجة مشفقا على حالها. وتبدأ البحث عنها لسنوات ثم استرداد ابنها الوحيد. والانتقام منها بقتل ولدها (عمر )...

في حقيقة الأمر. ناسبت أكذوبتها عقلية الصغيرة كثيرا. ختمت قصتها مردفة ببكاء مرير. ولا داعي لذكر التصنع
: استغلت الشبه ما بيننا و لبستني جريمة قتل ما عملتهاش. ده غير انهم اتهموني انا و عبد السلام بخطف ابنهم. عبد السلام إللي اختفى ومش عارفة راح فين. مش بعيد يكونوا قتلوه.

تفقد القدرة على التفكير. مشاعرها في حالة اقتلاع ما. تنتحب كطفلة صغيرة في استنكار. او هي بالفعل كذلك. وتنتهز هي الفرصة. و بلهجة أخرى دق على الحديد و هو سخن...
: انتي لازم تساعديني اظهر برائتي. ونرجع حق عمر.
انتفضت الصغيرة برعب تلقي بنفسها داخل احضان والدتها تتشبث بها ببكاء قائلة
: ما تسيبنيش يا ماما ارجوكي. انا خايفة خليني جانبك. انا موافقة اقعد معاكي هنا...

تضحية كونية كبيرة من وجهة نظرها البقاء جوارها بذلك المكان المقبض، افضل من مساعدتها والرجوع اليهم مرة أخرى، وهي تكاد تفتت الحديد. تجبرها على الموافقة بِأحقر الطرق. المساومة. حيث ردت تخرجها من أحضانها تمسح دموعها المتساقطة كالشلال بيد واحدة ثم تحتضن بها وجنتها قائلة بإستجداء تستعطفها ولا ضير من وجود بعض من دموع التماسيح قائلة
: هيتقبض عليا يا يمنى.

تشير الى ذراعها المجبر مردفة بنبرة منكسرة لا حيلة لها
: انتي ما تعرفيش انا عملت ايه علشان اهرب. و دراعي كان التمن.
هي تستفيد بجميع الظروف حولها. تحسن استخدامها
: لو ساعدتيني نثبت برائتنا انا وبابا هنفضل جمبك على طول هنرجع نعيش مع بعض تاني. ولو فضلتي معيا هيقبضوا عليا في اقرب وقت وساعتها هيعدموني ظلم يا يمنى وهتبقي لوحدك...

اشتد بكاء الصغيرة بقلة حيلة. او هي لا تملكها من الأساس. تحملها ما يفوق طاقة عمرها الذي لم يتعدى السادسة عشر. في نهاية المطاف. ابتسمت بنيل فرصة ذهبية لزرع عين لها وسطهم. حيث حصلت على إيمائة مرغمة منها بالموافقة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة