قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الأول

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الأول

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الأول

تجلس على سجادة الصلاة تبكي في وضع السجود. لن تمل ولن يكف لسانها ولاقلبها عن مناجاة ربها فهو من بيده ملكوت كل شيء هو القدير الذي اذاا اراد شيئا قال له كن فيكون واثقة تماما كل الثقة برب العباد لمداواة جرح لم يندمل بعد، جرح مازال يشعل بقلبها نارا بل تحول قلبها إلى رماد وما زال يحترق كلما تذكرت ذالك اليوم المشئوم، انهت صلاتها واعتدلت جالسة تدعو الله والدموع رسمت لها مسارا على صفحة وجهها البشوش قائلة: - يارب. يارب برد قلبي سنين وانا مستنية اليوم اللي اشوفه فيه. انا قلبي بيقولي انه عايش انا حاسة بيه.

عايش. رده ليا يارب نفسي اشوفه قبل ما اموت نفسي اخده في حضني واسمع صوته، نفسي اشوف ضحكته. ضحكته اللي مافرقتنيش25 سنة.
وتعود بذاكرتها للوراء حيث ان قلبها اصبح يقتات على ذكري ضحكات صغيرها الوحيد ليبقي على قيد الحياة.

Flash back
في بيت يتكون من طابقين تحاوطه حديقة خضراء واسعة، وفي تلك الحديقة ذالك الصغير الذي لم يبلغ بعد سنته الرابعة يركض ضاحكا وخلفه امه تعلو ضحكاتها، توازي ضحكات الصغير.
تصنعت التذمر قائلة: -يا ميزو يلا بقي قبل ما بابا يجي خلينا نلحق نجهز لو بابا جه ولقانا لسة بنلعب كده وما جهزناش هيزعل اوي.

ليتوقف الصغير ويركض اللي احضان امه، حملته هي بدورها تقبلة ثم ترفعه للهواء بين يديها وتدور به وصوت ضحكاته يطرب اذنيها، حمدت الله في نفسها على ما اعطى وعلى ما اخذ، لا يحزنها سوي ذالك الصغير الذي سيعيش طوال حياته بلا اخ يكون له السند والصديق.
Back.

عادت من ذكرياتها تمسح دموعها بيديها وتستغفر ربها ثم تنهض تطوي سجادة الصلاة وتخرج من الغرفة
علي فراش متهالك بداخل غرفة بحي شعبي ترقد سيدة يبدو عليها المرض الشديد عليا، وتجلس امامها سيدة اخرى من سكان الحي نظرت اليها في شفقة قائلة: - طيب سيبيني اواديكي مستشفي مش عايزة تسمعي الكلام ليه بس، صحتك بقت في النازل ومانتيش راضية تيجي تقعدي عندي اراعيكي حتي.

نظرت لها عليا تتحدث بصعوبة شديدة قائلة: -سيبك من صحتي دلوقت واسمعيني الاول ياام ورد.
قاطعتها جارتها ام ورد قائلة: - ونبي ماانا سامعه حاجه غير لما تقومي معايا دلوقت اهو نروح اي مستشفي.

سعلت عليا بشدة حتى قامت جارتها مسرعه تحضر اليها كوب ماء لترفضه منها قائلة: -ابوس ايدك اسمعيني العمر ماعادش فيه بقية وانا عاوزة اكفر عن غلطتي يمكن ربنا يسامحني ويغفرلي انا اخدت عقابي في الدنيا ومش قد عقاب ربنا في الاخرة.
سعلت مجددا ثم ردت عليها جارتها قائلة: - وحدي الله يااختي ربنا كريم وان شاء الله تبقي زي الفل.

- اسمعيني كويس الكلام اللي هقولهولك ده امانه، امانه شيلاها على ضهري 25 سنة، وذنب اتمني اكون كفرت عنه وربنا يسامحني عليه
ثم اخرجت من تحت وسادتها مظروف اعطته لام ورد، واخذت من على الكومود بجوار الفراش مصحف قائلة: - احلفي على كلام ربنا انك هتوصلي الامانه، انا عارفة اني بشيلك مسؤلية مالكيش فيها وموضوع ماييخصكيش
بس اعتبريه عمل خير هتعمليه وامنية لواحدة مفارقه الحياة.

ربتت ام ورد على كتفها قائلة: - ايه الكلام اللي بتقوليه ده بس أأمريني انا عنيا ليكي ده انتي خيرك مغرقنا كلنا ياام مصطفى.
لتغيم عيني عليا بالدموع عند ذكر ولدها الراحل، نظرت إلى ام ورد قائلة: -اقفلي باب الاوضة وتعالي...
استيقظت على تغريد عصفور قرب نافذة غرفتها،
نهضت تستند برأسها على حافة الفراش، اتجه نظرها نحو مكتبها لتبتسم حينما رات صورة لها بمفردها يوم نجاحها بالسنة الدراسية الاولي بالجامعه،.

واخري بصحبة اصدقائها لنجاحها بالعام الثاني وثالثة برفقة والدتها الحبيبة، فقد حصلت على تقدير الامتياز للسنة الثالثة على التوالي بكلية الهندسة،
غامت عينيها بسحابة حزينة من الدموع حيث توفت والدتها منذ شهور وكانت تحلم ان تراها بعد تخرجها كما كانت تقول دائما باش مهندسة،
نهضت من الفراش تتجه نحو مكتبها الصغير التقطت تلك الصورة بين يديها قبلتها قائلة بنبره يملئها الحزن: -حققتلك حلمك ياامي.

ثم تغيم عينيها بقسوة لا تناسب رقتها ونعومتها قائلة: -الحاجه الوحيدة اللي منعنتي اني اخد طارك وانتقملك هو تحقيق امنيتك لاني مش عارفة بعد مااخد حقي وحقك مصيري هيبقي ايه.
ضمت الصورة اللي صدرها متنهده تنهيدة اختناق مكبلة هي بوعد قطعته لأعز واغلي انسانة في الوجود امها ووجب عليها الوفاء به.

انتبهت فجأه على صوت العصفور مرة اخري، وضعت الصورة بمكانها على المكتب واتجهت نحو النافذة على اطراف قدميها تحرص على عدم اصدار صوت لكي لا يصاب العصفور بالزعر فيطير بعيداً، تريد ان تستبشر به في هذا اليوم تحديدا، فاليوم هو اخر اختباراتها للسنة الاخيرة بكلية الهندسة وهي في غاية السعادة حيث التخرج والوفاء بوعد قطعته لغاليتها المتوفيه، تقترب من النافذة شيئا فشيئا وتغريد العصفور يعلو شيئا فشيئا، ابتسمت لاطمئنان العصفور وعدم طيرانه، رغم خطواتها الرقيقة اصدرت رغماً عنها صوت، لتتبدد ابتسامتها وتتسع عينيها ويخفق قلبها بشده. صدمة لم تكن في الحسبان. حيث عصفور جريح. وصقر ضاري.

يحاول بكل قوته النيل من ذالك المسكين المختبأ خلف اصيص الزهور خاصتها يحاول جاهدا ان ينقذ روحه يختبأ خوفا ليتفادا وخزات منقار تلك الصقر اللعين.
المسكين لم يكن يغرد. بل يستغيث، اخذت تبحث عن شيء لتبعد به ذاك الصقر عن العصفور حتى وجدت مسطرتها الخشبية واسرعت لانقاذ تلك الصغير المسكين،.

نجحت في ابعاد ذالك الصقر، اتجه نظرها نحو العصفور لتجده طريح خلف اصيص زهورها يأن الماً حيث ذالك اللعين جرحه برأسه ويبدو ان جناحيه مصابين. التقطته بين يديها تنظر اليه في اشفاق وتأثر، تقول في نفسها كم هو صغير ووحيد مثلها تمام، انتفضت فجأة من تلك الفكره لتمحوها في لحظة لا هي ليست ضعيفة ولا تحتاج من يساعدها مثل ذالك المسكين.

وضعته على سطح مكتبها واسرعت تهرول لارتداء ملابسها وحجابها التقطت حقيبتها واسرعت في الخروج من المنزل.
فغالبا وعلى حسب تذكرها يوجد في نفس الشارع الذي تسكن به عيادة بيطرية، تمشي في الشارع والعصفور بين يديها ينتفض وكانه يحتضر اخفق قلبها بين ضلوعها بشده هناك شيء ما يربطها بذالك العصفور لا تريده ان يموت لا تريده ان يستسلم عليه بالصراع من اجل البقاء عليه ان يكون على قيد الحياة ليثأر من ذالك اللعين.

وهي لاتدري انها تري نفسها في ذالك العصفور او بالاحري تدري لكنها لا تريد ان تري
تستجدي العصفور بعينيها ان يصمد قليلا قائلة في تأثر وكانه يسمعها ويفهم ماتقوله: - خلاص اهو قربنا استحمل شوية،
لترفع بصرها إلى السماء قائلة: -يارب ما يموتش.
وقف امام باب منزله يحمل سلسلة مفاتيحه، يتخبط من حائط إلى آخر لا يستطيع ايجاد المفتاح الخاص بمنزله حيث عائد هو من سهرة الفسق والفجور المعتادة لديه،.

فتح الباب اخيرا بعد محاولات كثيرة، دلف إلى منزله اغلق الباب واخذ يترنح حتى وصل اللي اريكة غرفة المعيشة خاصته، تمدد عليها وفي ثواني معدوده غط في نوم عميق غير عابئا بتغير بملابسه او على الاقل نزع حذائه.

استيقظت على مداعبة شعاع الشمس المتسلل من نافذة شرفتها لاهدابها حياة فتاة كالقمر المنير، بشرتها بيضاء، وتمتلك عيون سوداء واسعه وجميلة، وشعر اسود به تموجات بسيطة تزيدها فتنة وجمالا يصل إلى ما بعد كتفيها وشامة اعلى شفتيها العلوية، نهضت من الفراش واخذت حمامها ثم توضأت وادت صلاتها، خرجت من غرفتها تنزل على الدرج متجهه إلى المطبخ حيث المكان الدائم لوالدتها، وقفت على باب المطبخ تنظر اليها تتسللت من خلفها واضعة يديها على فمها لتفزعها كما عادتها دائما، لتتفاجأ بها قائلة في ثبات: -مش هتبطلي بقي حركاتك دي.

اطلقت حياة ضحكة رقيقة وهي تحتضنها من الخلف قائلة: - نفسي اعرف بتحسي بيا ازاي
نظرت اليها بجانب عينيها مبتسمة قائلة بمرح: - يمكن امك ولا حاجه.
ارتفعت اصوات ضحكاتهما سويا ثم جلست الفتاة بجوارها على طاولة المطبخ لتترك الام مابيدها وتلتفت اليها تأخذها بين احضانها قائلة: -صباح الخير ياحياتي.

اسقرت حياة بين يدي تلك المرأه التي جمع الله حنان العالم كله ليتجسد بين يديها في ضمه، حيث نالت من اسمها ما تستحق به ان توصف حنان زوجة خالها،
حياة: - صباح النور يااحلي حنون في الدنيا.
ابتسمت حنان قائلة: -نمتي كويس ولا سهرتي كالعادة.
اعتدل حياة جالسة.
-لا مانمتش كويس. وخايفة اوي من امتحان انهارده حاسة اني مش هعرف احل حاجة.

لتبتسم حنان ابتسامة مطمئنة قائلة: -ان شاء الله ياحبيبتي تحلي وتنجحي بتقدير كمان، شدي حيلك بقي كده واتخرجي خالو محتاجك معاه في الشركة.
لتبتسم الفتاة وتتسع عينيها بحماس قائلة: -انا مش مصدقه نفسي اني خلاص هتخرج واشتغل،
لترفع راسها عاليا في كبرياء وفخر تربع يديها قائلة: لا ومش مع اي حد مع خالي صاحب الشركة شخصيا.

لتضحك حنان قائلة: -لا ياقلب ماما ماتتعشميش اوي كده انتي عارفة خالك في حتة الشغل دي مايعرفش قريب من غريب.
لتنكمش ملامح حياة متصنعة الاحباط قائلة: انتي هتقوليلي ده هيطلع عيني.
ابتسمت لها حنان وهي تربت على كتفها قائلة: -ده معندوش في الدونيا دي كلها اغلي منك،
ثم تردف محذره.
بس ده ما يمنعش بردو انك لازم تلتزمي في شغلك.
نهضت حياة واقفة قائلة بفخر: - شوفي يا ماما هبهرك اتخرج انا بس وشوفي انا هعمل ايه.

لتعلو ضحكاتهم سويا لتردف حنان ضاحكة.
-طب قومي بقي صحي خالو عشان مايتأخرش كان بيقولي امبارح ان عنده اجتماع بدري، وانتي كمان يلا عشان عندك امتحان وانا هقوم احضر الفطار.
نهضت حنان واقفة فبرغم من سنوات عمرها التي قاربت الخمسين الا انها تتمتع بجسد نحيل بعض الشيء.
نهضت حياة تقبل وجنتيها قائلة: -حاضر ياحنون.

لتضحك لها حنان وتتابعها بشرود وهي تخرج من المطبخ قائلة في نفسها: يالهذه المسكينة ترى ماذا كان سيحدث لها لو لم يكن خالها بجوارها.
تنهدت حنان في اشفاق وشرعت في اعداد الفطور.
بينما على الجانب الاخر صعدت حياة لتوقظ خالها طرقت على باب الغرفة بنقرات رقيقة وبصوت يوازي نقرات الباب رقة: -خالو انت صاحي؟

لم تستمع لاجابة، فتحت باب الغرفة فلم تجده ابتسمت بيأس لعادته التي لن يتوقف عنها ابدا وهي الاستيقاظ باكرا للقرائة، حتى في ايام العطلة، توجهت نحو غرفة المكتب خاصته طرقت الباب فاذن لها بالدخول، فتحت الباب وادخلت فقط راسها تبتسم قائلة: -صباح الخير
لا اراديا ترتسم على ملامح وجهه ابتسامة واسعة لرؤيتها، صغيرته، وقطعة من روحه، شمسه التي اشرقت على ليل حياته لتنشر نورها في الارجاء.

-ياصباح النور. الناس اللي بتصحى متأخر.
توجهت نحوه لتلف زراعيها حول رقبته تقبل وجنته قائلة: - كنت سهرانه بذاكر وحضرتك عارف بقي ده اخر امتحان وانا بصراحه خايفه جدا
استقام ليقف امامها قائلا: - طالاما مذاكره وعمله اللي عليكي ربنا هيوفقك متخافيش.
انحني يقبل جبهتها، ثم أردف قائلا وهو يلملم اشيائه من على سطح المكتب يالا اجهزي بسرعة عشان تفطري و اوصلك في طريقي.

اسبلت له عينيها في استعطاف قائلة: -طب ممكن نعدي على سارة نخدها في طريقنا.
كتم ابتسامته بصعوبة فتلك الصغيرة تلعب على اوتار قلبة ثم رد قائلا: - هتأخريني كده. بش ماشي ياستي ممكن.
وقفت على اطراف قدميها لتقبله من وجنته وتتجه إلى خارج المكتب، نظر اليها وشبح ذكرى اخته الوحيدة يلوح في ذاكرته غامت نظرة عينيه وسيطر الحزن على قلبه ليتذكرها.

Flash back
جلست امامه تنظر ارضا، متوترة بل تكاد تموت من التوتر تتعرق و تفرك يديها بشدة، نظر اليها اخته بل طفلته الجميلة كما كان يلقبها دائما ب قطعة السكر ليرق لها قلبه قائلا بصرامه وثبات لا يخلو من بعض المكر كما هو دائما: - يعني افهم من كده انك موافقة.
ردت مسرعه: - لاء، اه. ااااا، قصدي يعني إلى تشوفه
ابتسم لبرائتها، ثم وقف فاستقامت هي بدورها احتراما له فهو بمثابة ابيها.

-ربك يسهلها. هحدد معاه معاد واشوفه.
اومأت له وقد لاحظ لمعة عينيها بالفرحه فانشرح قلبه لسعادتها
Back.

تجمعت الدموع بعينيه، ثم دعا لها بالرحمة والمغفرة، وهو يتوعد بالجحيم لمن كان سببا في موتها او بالأحري انتحارها.
وصلت اخيرا اللي البناية التي بها تلك العيادة البيطرية لتتنهد بارتياح، لم تسطتع انتظار المصعد فصعدت الدرج حيث علمت من اليافطة ان العيادة تقبع بالدور الثالث،.

صعدت الدرجات درجة تلو الاخري وخفقات قلبها تكاد تسمعها اذنيها، وصلت اخيرا اللي العيادة، لحظة. فقدت فيها الاستيعاب، حيث العيادة مغلقة، تشعر وكان الهواء يسحب من رأتيها وكانها هي المصابة وتحتاج إلى الطبيب وفورا. لحظة. لن تترك لعقلها فكرة الاستسلام وترك العصفور ليلقي حتفه وحيدا،.

توترت والعرق يتساقط من جبهتها قلبها يخفق يكاد يخرج عن صدرها لا لن تدعه يموت يجب ان يبقي على قيد الحياة يجب عليه الا يستسلم، بل هي التي يجب عليها الا تستسلم، وضعته في يد واحدة وباليد الاخري اخذت تطرق بشده على باب تلك العيادة، تارة تطرق وتارة تضرب الجرس هي تعلم انه لا يوجد احد بالداخل لكنها لن تستسلم، ربما يظنون من بالبناية انها مختلة اذا رأوها تطرق هكذا لاكنها لا تأبى، لن تستسلم ولا تأبى ايضا باذعاج السكان فهناك من يفقد حياته.

نعم هو عصفور لاكنها لا تراه عصفورا بل تراه هي، يمثلها وبشدة ولا تريد تصديق ذالك هي قوية حتى اذا كانت وحيدة، بفردها مثله. لكنها قوية، او ذالك هو اعتقادها.

فتح احد السكان باب شقته وخرج لتلك المزعجة غاضبا حانقا من تصرفها المختل الغير لائق الذي لا يمط للتحضر بصلة، الشرر يتطاير من عينيه فهي لا تمتلك اي حيوان برفقتها اذا هي مختلة او عديمة الذوق، سيلقنها درسا لن تنساه ليتكلم زاعقا قائلا: - عاوزة ايه. وبتخبطي كده ليه انتي حمارة.

انتفضت زعرا اثر الصوت التفت له لتجد شاب يبدو عليه التحضر والاحترام الذي يتعارض مع اهانتها منذ قليل استشاطت غضبا من اهانتها لترد عليه بشراسة قائلة: -انا حمارة ياحيوان انت؟ ثم انت مالك انت ايش احشرك هو انا بخبط على دماغك.

لتتسع عينيه في صدمة كبيرة مؤكد تلك الفتاة مختلة حيث اخذ يفكر ويتذكر رقم المشفي الخاص بالامراض العقلية، حسنا لن يسمح لها باهانته سيرد لها الاهانة مضاعفة، وقف في استقامة يربع يديه امام صدره قائلا في هدوء مستفز: - اللي احشرني ان انا الدكتور صاحب العيادة اللي سيادتك بطربقي الباب بتاعها دي، مش حيوان انا بعاالج الحيوانات لو حضرتك حاسة بحاجه او عندك مشكلة ممكن افتح دلوقتي عشان خاطر سيادتك مع ان ده مش معاد فتح العيادة.

ثم اختتم قوله بابتسامة صفراء.
اما هي فلم تستمع لاهانتها المباشرة منه بل لم تستمع شيئا بعد قوله دكتور وصاحب العيادة لتتحول تلك الملامح الشرسة اللي ملامح رقيقة خائفة وتلك العيون الغاضبة إلى عيون دامعة مستعطفة قائلة: - طب الله يخليك اللحلقه هيموت.
وتمد قبضة يديها امام عينيه لتتسع عينيه في صدمة اخري. من تلك؟ اذا كان يظن انها مختلة ف الان هو متأكد تماما من ظنه ليقول بتهكم: -مين ده اللي هيموت؟

حسنا! هي تبكي لا هي منهارة. ، فتحت قبضة يديها امامه والدموع تتساقت من عينيها الخائفتين ليتفاجأ بعصفور صغير ينزف من راسه ويبدو انه كسر احد جناحيه حسنا لقد ظلمها لم تكن مزعجة هي خائفة. ولم تكن عديمة الذوق فهناك طائر جريح لكنها حتما مختلة وهذا ما اقتنع به الان ولن يتراجع عنه، فبنظرة واحدة للعصفور علم انه من النوع الذي يعيش بالاشجار لا المنازل واذا كان عصفورها لماذا لا تاتي به في قفصه الخاص وما الذي جرحه هكذا هل وجدته في طريقها فقررت ان تنقذ حياته؟! حسنا ربما يفضل ترك تلك التسائلات الان فالعصفور على وشك فقد الحياة ليقول في احراج محمحما: - احم. لحظة واحدة هجيب المفتاح واجي...

استيقظ على رنين هاتفه لينهض بصعوبة اثر الام راسه الشديدة يبحث عن هاتفه ليسكت ذالك الصوت المزعج، ليتفاجأء بنفسه على اريكه غرفة المعيشة بملابسه، تذكر ليلة امس حين قامر احد اصدقائه وخسر كل ما بحوزته من مال، وجد هاتفه ففتحه ليجيب قائلا بصوت اجش ناعس: - الو.؟!، مين؟
لياتيه صوت مدير اعماله الخاص.
-استاذ رشدي حضرتك فين كده هنتأخر على اجتماع انهارد
فرك جبهته يحاول التذكر.

ليأتيه الصوت من الطرف الاخر: -اجتماع الصفقة الجديدة مع شركة المنيااوي يافندم حضرتك نسيت ولا ايه.
رد قائلا: - ايوه ايوه. لا مش ناسي مسافة السكة وابقي عندك.
اغلق الهاتف ونهض يتوجه لياخذ حمامه ويذهب إلى العمل. جمع الاموال وانفاقها على سهراته وطاولات القمار والمعاصي هو كل مايشغله في الحياة غير عابئا ب حياة اخرى.
ارتدت حياة ملابسها وتناولت افطارها ثم ركبت السيارة برفقة خالها متجهين إلى منزل صديقتها.

منصور: - عاملة ايه دلوقت سارة. مش احسن
ارتسمت معالم الحزن على وجه حياة ثم ردت قائلة: - شوية. بس عيشتها لوحدها دي قلقاني عليها اوي،
ومش راضية تيجي تعيش معانا زي ما حضرتك قولتلها
رد قائلا: -ربنا معاها. هحاول اكلمها تاني في الموضوع ده
حياة: -ياريت ياخالو تقدر تقنعها دي بعد وفاة والدتها الله يرحمها مابقاش ليها حد خالص، خصوصا انها مش راضية ترجع عن اللي في دماغها
اومأ لها في اطمئنان واكمل سيره بالسيارة،.

وصل اللي البناية التي تسكن بها صديقتها، توقف بالسيارة قائلا: - يالا انزلي اندهيلها بسرعه اتاخرت ع الاجتماع
نزلت من السيارة متجه نحو باب المنزل طرقت الباب ورنت الجرس ولا احد يجيب قلقت على صديقتها فهي لا تترك المنزل الا للضرورة، اتجهت إلى السيارة والقلق يسيطر على ملامح وجهها
-خالو؟..
انتبه لها قائلا باستغراب
- اومال فين سارة؟
ردت وهي على وشك البكاء
- مش بترد خبطت كتير ومش بترود انا خايفة يكون فيها حاجه.

رد قائلا وهو يفكر في الاحتمالات الواردة لعدم اجابتها او عدم وجودها في المنزل
-طب مايمكن سبقتك على الجامعة
ترقرقت الدموع بعينيها
-لا انا كلمتها بليل ومتفقين اني هعدي عليها نروح سوا
نزل منصور من السيارة متجها اليها
-طب كلميها على الموبايل يمكن خرجت تجيب حاجه او تتمشى
نظرت اليه
- ايوة صح هكلمها.

بينما على الجانب الآخر وامام العيادة البيطرية وقفت سارة بانتظار الطبيب، خرج وفتح باب العيادة ثم دخل واضاء النور وهي مازالت بالخارج نظر لها باستغراب
- اتفضلي
دخلت ثم امرها بوضع العصفور في المكان المخصص للكشف حتى ينتهي من تحضير ما يلزم،
وضعته بايدي ترتجف وقلب يخفق بشدة نظرت إلى الطبيب تسأله بنبرة تستجدي الامل.
-هيعيش؟
نظر لها يستغرب بداخله، مابها تلك الفتاة انه مجرد عصفور لا اكثر، سألها.

-ايه اللي عمل فيه كده
تجمعت الدموع وعلى وشك النزول متساقطة من عينيها.
سارة: عشان ضعيف ولوحده مش قادر يدافع عن نفسه في عالم القوي فيه بياكل الضعيف.
نطق بها عقلها وليس لسانها، وقبل ان ترد آتاها اتصال صديقتها فاستاذنت وردت عليها.
: السلام عليكم
حياة: انتي فين يا سارة
سارة: انااا...
ماذا تقول لا تعرف
-بجيب حاجه وجاية
نظر اليها الطبيب بااستغراب انها حقا مختلة
ردت حياة من الجهة الاخرى.

-حاجه ايه هنتأخر على الامتحان.
صفعت سارة جبهتها بيديها الاخرى قائلة
-نسيت. انا جايالك حالا
وانهت المكالمة، وهو يقف متسع العينين حقا لم يرى في حياته المهنية نموذج مشابه لهذة الكارثة الصغيرة.
قالت وهي تضع الهاتف بالحقيبة
-انا اسفه جدا لازم امشي دلوقتي
نظر لها ثم نظر للعصفور ثم نظر لها مرة ثانية لا يصدق ايهيأ له مايحدث قائلا
-مش فاهم حضرتك يعني اعمل ايه
ردت قائلة.

-ارجوك عالجه اعمل اي حاجه. انا مضطرة امشي وهاجي تاني اخده السلام عليكم.
وخرجت مسرعة تكاد تركض نحو منزلها
اما هو متسع العينين ناظرا لمكان خروجها، ضحك ضحكة خافته ومازال يحاول اقناع نفسه ان ما يحدث غير حقيقي، نظر إلى العصفور الذي على مايبدو يلتقط آخر انفاسه، ليبدأ في مداواته.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة