قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحفاد الجارحي ج5 (ترويض الشرس) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

رواية أحفاد الجارحي ج5 (ترويض الشرس) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

رواية أحفاد الجارحي ج5 (ترويض الشرس) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

لم يعتاد أبدًا على تلك النظرات الجريئة التي تحيط به بمجال عمله، ربما كان يحظى بنظرة اعجاب، وصفقات محمسة حينما كان يحقق نجاحًا ساحقًا في اداء احدى الجراحات المعقدة، وما يعيقه هو كيفية التعامل مع الأمر؟

يعجز حقًا عن استكمال عمله وهو يرى تلك الفتاة تتعمد التدلل دون حياء أمامه، وكأنها فتاة ليل أتت لتوقعه بشباكها، وليست سيدة أعمال من الطبقة الراقية، حرك جرفاته بتوترٍ، يهاجم تلك الأحاسيس المتضاربة التي تهمس بفحيحها إليه بالهرب من مكتبه وليحدث ما يحدث، وأثناء تلك النقاشات السرية بينه وبين ذاته أخرج عمر هاتفه ثم أرسل ابن عمه برسالة نصية
«ياسين مينفعش تيجي مكاني ساعة واحدة. ».

ولم يتواني سوى ثوانٍ معدودة حتى أتاه الرد
«خير يا عمر؟ »
منحها نظرة سريعة، قبل أن يعود للعبث بأزرر هاتفه
«مش عارف اتعامل مع مسؤولة الشركة اللي كلمتني عنها، شكلها مش تمام كده! »
اتاه رده سريعًا، وكأنه بقائه بالمحادثة يحمل قلق رؤية ماذا هنالك؟
«أنت بتهزر يا عمر يعني في كل مرة هيجيلك شغل مرتبط بواحدة هتسيب مكتبك وشغلك لحد. شوف شغلك يا دوك أنا ورايا meeting مهم. ».

وضع هاتفه على مكتبه باحباطٍ من عدم نجاح خطته البديلة، لذا لم يجد أي حلول سوى الانتهاء مما وُكل به، ففتح الملف الموضوع من أمامه ثم بدأ يمارس عمله بمهنيةٍ باحتة، محاولًا التغاضي عن نظراتها وطريقة جلوسها المستفز، عل تلك الساعة تمر عليه مرور الكرام.

تطلعت للجهاز الصغير بتمعنٍ، وسعادتها تتدفق عبر تلك الدمعات الرقيقة، وهي تتأمل جنينها الذي يحرك أطرافه الصغيرة بحريةٍ، فإتكأت بيدها على السرير حتى استقامت بجلستها، فتحسست بأصابعها شاشة الجهاز من أمامها بحنانٍ وكأنها تلامس جنينها لحمًا ودمًا، احتفظت نور بالصور المصغرة بحقيبتها حتى يتمكن عمر من رؤية صور ابنهما الذي على وشك دق باب الحياة، فما أن رأتها داليا تخرج من غرفة الطبيبة حتى دنت منها تسألها باهتمامٍ: ها طمنيني حددتلك ولا لسه؟

أجابتها وهي تغلق حقيبتها الصغيرة: قالتلي بعد اسبوع هنحدد.
ببسمةٍ صغيرة قالت: إن شاء الله تقومي بالسلامة يا حبيبتي.
بتمني نبع بنبرتها، رددت: يا رب يا داليا.
رأتها تنظر لهاتفها بترقبٍ واهتمام غريب، فسألتها بدهشةٍ: عمر متصلش بيكِ ولا أيه!
ردت باندفاعٍ، وكأنها كانت تنتظر سؤالها: لا ودي أول مرة يعملها.

وتحلت بالصمت لدقيقةٍ اتبعها قرار مفاجئ: ايه رأيك تيجي معايا المقر. حابة اوري لعمر صور البيبي هيفرح أوي لما يشوفها.
تعلم إنها حتى وإن رفضت الأمر ستجذبها نور عنوة لأي مكان تود الذهاب إليه، لذا قالت باستسلامٍ: أنا خارجة معاكي من الصبح، فأكيد وراكِ في أي مكان.
غمزت بعينيها بمشاكسةٍ: كده تعجبيني.

بالمقر الرئيسي لشركات الجارحي. وبالأخص بقاعة الاجتماعات الرئيسية.

انتهى ياسين من طرح القواعد على موظفي فروع وشركات آل الجارحي تجاه المناقصات الأخيرة وبعض الحسابات المتعلقة بالمصانع والمكينات، فختم اجتماعه الطويل بكلمات أنهى بها خطابه المستفيض: بتمنى تكونوا استفادتوا من المعلومات اللي قدمتها ليكم، وياريت لو في أي مشكلة ترجعوا لحد من المدراء لأن الغلط مش مسموح لحد بعد ما وصلنا للمكانة اللي بقينا فيها.

وأغلق حاسوبه المتصل بشاشة العرض الرئيسية الضخمة، وانخفض للميك الصغير الموضوع على الطاولة المطولة من أمامه، قائلًا بتهذبٍ: الاجتماع انتهى. تقدروا ترجعوا لشغلكم.

فور نطقه لتلك الكلمات حمل الجميع الأوراق الموضوعه من أمامهم، ثم انسحبوا تباعًا خلف بعضهم البعض في سباقٍ للعودة للشركات التي تبعد عن المقر بمسافاتٍ، ولم يبقى بالقاعة سوى ياسين الذي يلملم متعلقاته بينما يحمل بعض العاملين أكواب القهوة الفارغة من المقاعد الشاغرة، وحينما هبط ياسين الدرج الجانبي المتصل بالاستيدج المرتفع انتبه لعدي الذي يجلس باسترخاءٍ بأول صفوف المقاعد، واضعًا قدمًا فوق الأخرى ويتابعه بنظراتٍ ثاقبة، ضيق الاخير عينيه بحيرةٍ من اساكشاف الغموض خلف صفونه ووجوده هنا بهذا الوقت بالتحديد، فجذب أحد المقاعد ثم قربها منه وجلس وهو يتساءل بذهوٍ: بتعمل أيه هنا؟

بثباتٍ اعتاد الاخير عليه من معاشرته لياسين الجارحي وها هو يتواجد مع نسخته المصغرة، قال: جاي أشوفك.
رمش بعينيه بتوترٍ من القادم: يبقى أختارت!
هز رأسه بتأكيدٍ، فتساءل ياسين بلهفة: مين؟
أجابه دون صمت غير مستحب قد يطيل اجابته: رائد وأحمد.
ضيق ياسين عينيه بصدمةٍ، بدت لعدي الذي تساءل باستغرابٍ: مالك؟ مش مقتنع باختياري!

احتضن مقدمة انفه بين يده وهو يحكها بارتباكٍ طفيفٍ: لا مش دي الحكاية. بس أنا أعتقد أن الاختيار ده مش منطقي يا عدي، لأن رائد صعب في شغله ومش هيسمح أن أحمد ياخد منه الصفقة وأحمد كمان ذكي وشاطر فبالتالي موجهتهم لبعض مش هتكون في محلها.
تجعد جبينه بذهولٍ اتبع حديثه: وده المطلوب. رائد هيكسب المناقصة وأحمد كمان هيكسبها.

واسترسل بحدةٍ: ثم اني مش حاططهم في مواجهة بعض يا ياسين، كل واحد منهم لازم يقدم العرض اللي محدش هيقدر يرفضه وبالتالي المناقصتين هيرسوا على شركات الجارحي.
زفر بيأسٍ وهو يحاول تقبل فكرته المحاطة للأمر: مش عارف يا عدي. بس الأفضل من وجهة نظري اننا نلجأ لعمي هو أكيد عنده الحل المثالي اللي هنقدر بيه نكسب الصفقتين بدون ما نحط حد في مواجهة التاني.

أخفض ساقه بقوةٍ جعلتها تحتك أرضًا مصدرة صوتًا مزعجًا: انت ليه مضطر تنرفزني قولتلك مستحيل هطلب منه مساعدة!
واستطرد بغضبٍ جامح: هو اختار اللعبة دي من البداية عشان عايزني ارجعله واطلب مساعدته وده مستحيل هيحصل يا ياسين.

نهض ياسين عن المقعد ووقف قبالته وهو يحاول أن يجعله يستوعب ما يود قوله: أنا فاهم كل اللي بتقوله ده ومش معارضك فيه، بس أنا عايزك تفهمني يا عدي لو رائد أو أحمد قدم عرض أقل من التاني وحد فيهم كسب المناقصة هتخلق عداوة وكره بين الاتنين.
ابتسامة ساخرة تشكلت على طرفي شفتيه وتسللت عبر نبرته المستهزئة: أنت فاكر أننا ممكن نخسر بعض بعد السنين الطويلة دي عشان شغل!

جابهه بما يود طرحه في محاولة لجعله يفهم النقطة البعيدة عنه: لما تقارن قدرات ومهارة كل واحد فيهم يبقى بتخلق شيء عمره ما اتولد بينا يا عدي.
أغلق بنيته بقوةٍ يحارب ما يهاجمه من صداعٍ يخلق من فرط حديثه الذي لم يعتاد عليه، فتحلى بالصمت لقليلٍ من الوقت ثم قال بهدوءٍ يعاكس ما بداخله: طب قولي أنت شايف مين الأنسب انه يمسك الصفقة دي؟

صمت بحيرةٍ قرأها الأخير بحرافيةٍ، فهمس ساخرًا: شوفت بقى إني صح. لأن هما الأفضل بين الشباب كلهم.
وتركه وكاد بالرحيل، ولكنه تعمد التراجع عن أخر خطاه ليخبره ببسمة ماكرة: على فكرة فكرت أحطك بدال رائد بس حسيت إني محتاجاك لشيء أفضل من التفاهة دي.
وغمز بخبثٍ فتعالت ضحكات الأخير لفهمه ما يود الوحش ايصاله له، فهمس بيأسٍ فور رحيله: وبعدين بقى في الحرب اللي عمالة تكبر دي!

قطفت احدى الزهرات من الحديقة الخارجية للمقر، ثم صعدت بالمصعد لمكتب زوجها، ومازالت الزهرة قريبة من أنفها تشم عبيرها الزاهي، وصلت داليا للمكتب بعد أن توقف المصعد، ففتح لها السكرتير باب المكتب فور رؤياها، فولجت للداخل وعينيها تهتدي بمن يتابع عمله بتركيزٍ لم يسعفه بالشعور حتى بصوت الباب، اقتربت منه والابتسامة تحفز خلاياها حتى جلست على المقعد المقابل إليه، فوضعت الزهرة على الحاسوب الذي يضغط على أزرره وصوتها الرقيق يتناغم لمسمعه: تسمح تقبل مني الوردة دي يا فندم؟

انتبه لها جاسم فرفع عينيه تجاهها باهتمامٍ سلب مع تلك الابتسامة التي انتقلت تلقائيًا لشفتيه، فحملها اليه وهو يخبرها بمشاغبةٍ: مقدرش أصلي مرتبط يا جميل!
ضحكت على نبرته المطولة بالحديث، وخاصة حينما أضاف: بس لو جبتي كمان وردة مش هضحي بجوازي بس لا هضحي بكل ما أملك!
أثنت على كلماته ولكنها لم تتناسى طبعها الأنثوى: ويا ترى بقا ضحيت بجوازك كام مرة يا بشمهندس!

نهض عن مقعده، ثم أبعد حاسوبه عن الطاولة، وصعد من فوقها ثم دنى منها زحفًا بشكلٍ أضحكها رغمًا عنها، فانحنى بجسده تجاه مقعدها وعينيه تتفحص ما ترتديه بإعجابٍ اتبع نبرته الخطيرة: أنا قلبي كل مرة مش بيقع في حب حد غيرك، كأنه اتخلق بس عشانك يا داليا.
خفق قلبها اضطرابًا لسحر كلماته، فتراجعت للخلف وهي تشير له: طب ابعد شوية. لو حد دخل هيقول علينا ايه؟

أخفض ساقه عن الطاولة وهي يشير بعدم مبالاة: يقولوا اللي يقولوه. أنا مصدقت انك جيتي لحد هنا برجليكي.
بخوفٍ تغلب على سؤالها قالت: قصدك أيه!

تركها تطرح سؤال تلو الأخر، وهرول تجاه باب مكتبه فأغلقه جيدًا بمفتاحه الخاص ثم وضعه بجيب بنطاله وهو ينظر إليها بخبثٍ جعلها تتراجع للخلف، فاقترب منها وهو يردد بمكرٍ خطيرٍ: قوليلي يا داليا هو انتي ليه بتحلوي اوي لما بتخرجي بره. وطول ما انتي قاعدة في البيت قالبة على الوش الخشب.
جحظت بعينيها وهي تستمع لما يقوله، وصاحت بعنفوانٍ: قصدك ايه!

جذبها لذراعيه وهو يشير لها بالتوقف عما ستفعله: لا احنا لسه هنتعارك! عايزين ننجز قبل ما حد من ولاد عمك يجي.
تساءلت بصدمة: يجي فين؟!
انحنى تجاهها بنظرةٍ فهمت مغزاها جيدًا، فدفعته للخلف وهي تشير له بصدمة: أنت اكيد اتجننت، افتح الباب ده لا أصوت وألم عليك خلق الله.

عاد ليندفع تجاهها وهو يخبرها ببسمة عريضة: لمي ولا هيهمني. يعني في البيت لزقة في بنتك ليل نهار ولما تيجيلي هنا برجليكي اسيبك ده قمة الجنان بحد ذاته يا حبيبتي!
رمشت بعينيها بعدم استيعاب لما يفعله، فصاحت بعصبية: اعقل يا جاسم. انت حصلك ايه!
اجابها ساخرًا: حصلي اللي محصليش وأنا عازب وخاطب جديد. أنتي مبقتيش شايفة غير تولين بنتك وحبوب الصداع.

كبتت ضحكاتها وهي تحاول ابعاده عنها، كانت تظنه يمزح ببدء الأمر ولكن الأمور الآن تسري بجدية تامة، فطلبت منه مجددًا: جاسم افتح الباب احسنلك، متندمنيش اني جيتلك هنا!
قبل يدها التي تبعده عنها وهو يخبرها بتصميمٍ: غيري جملة افتح الباب دي، حاولي تركزي في ديكور المكتب هتلاقيه رومانسي وشاعري!
دفعته بقوة وهي تصيح بانفعالٍ: ديكور أيه انا مستحيل هجيلك هنا تاني.

واستطردت بصدمة: الحمد لله ان السكرتير راجل والا كنت هشك فيك وهقلب اليوم نكد على دماغك.
وضع يده على خديها وهو يردد: ولو واحدة قولتلك محدش بيحرك مشاعري غيرك. لانك اللي ساكنة جوه القلب!
ابتسمت وهي تتأمل عينيه التي تتطلع إليها بكل شغفٍ، وفجأة عادت لتدفعه بحرجٍ حينما استمعت لصوت اخيها يطرق باب المكتب وهو يردد باستغراب: مين اللي قافل باب المكتب!

اتاهم صوت السكرتير يجيب: معرفش والله يا فندم. بس استاذ جاسم جوه!
حك ذقنه وهو يسأله بتفكيرٍ: حد معاه جوه.
ايوه المدام داليا.
اتسعت حدقتيه فور سماعه بوجود شقيقته، فطرق الباب وهو يصيح بغضب: افتح الباب.
انصاع له من بالداخل ففتح باب المكتب، فما ان ولج الاخير حتى وزع نظراته بينه وبين شقيقته بشكٍ اندفع خلف ثورة حديثه: أنت بتعمل أيه مع اختي يا حيوان!
استند جاسم على سطح مكتبه باحباطٍ: لا اطمن ملحقتش أعمل حاجة!

اشتعلت مقلتيه غضبًا: ليه انت كنت ناوي على أيه في مكان زي ده!
احمرت وجنتها من فرط خجلها لما وُضعت به، فلكزته بعنفٍ وهي تحثه على الحديث: ما ترد.
أبعد يدها عن صدره بألمٍ ثم انتصب بوقفته وهي يصرخ بوجهه: ناوي اللي ناويه يا عم. هو في نية هتم بفعل طول ما أنت وبنت اختك ورايا. وادي ام المكتب اللي شاغلك اهو اقعد فيه بقى لوحدك سيبهولك.

وتركه واتجه للباب ثم توقف وعاد بعد تفكير عميق، فجذب معصمها وهو يناطحه بعنف: مراتي وتخصني ليك شوق في حاجة!
اطبقت معالمه بدهشةٍ من الحالة العجيبة المسيطرة عليه، فخشى ان تخرج زمام الامور العائلية الحرجة للخارج لذا اخفض صوته وهو يخبره: لا خالص، تقدر تاخد باقي اليوم اجازة وتخرج انت ومراتك في اي مكان تهدوا فيه اعصابكم.
بنفس نبرته الحادة قال: والبنت!

رمش بعينيه بعدم فهم: بنت مين! آآآه. قصدك تولين لا سبها أنا هكلم رانيا وهخليها تهتم بيها المهم انت تخرج وتنبسط يا حبيبي وياريت متبقيش تيجي تاني هنا يا داليا. حلوا اموركم الخاصة دي في البيت مش هنا في المقر.
كادت بالاعتراض عما قاله، فربت رائد بذراعيه على كتفيها وهو يهمس لها بخفوتٍ: اخرجي مع جوزك بدل ما يطربق المكتب على دماغي ودماغك انتي متعرفيش جاسم لما بيتعصب بيبقي شكله عامل ازاي!

أومأت برأسها عدة مرات في اقتناع تام وانصاعت من خلفه بابتسامة مشرقة، وهي تراه يشدد على يدها بحبٍ وشوقٍ لتلك الأيام التي قضوها بالتنقل بالمطاعم والخروج طوال فترة الخطبة.

جذب رائد الحاسوب الخاص بجاسم ثم اتجه لمكتبه، ففتحه ليتاكد من اتمامه لعمله قبل أن يبدأ بعمله الخاص، فولج العامل للداخل ليضع كوب الشاي الأخضر على مكتبه، فمنحه رائد بسمة صغيرة وهو يشكره: شكرًا يا مصطفى. تعبتك معايا.
حياه الشاب باحترامٍ: تعبك راحة يا باشا.
تعجب رائد حينما وجده يحمل كوب من المشروب، فتساءل باستغرابٍ: ايه اللي معاك ده؟
ارتبك العامل قليلًا قبل أن يجيبه: ده آآ. ويسكي.

توارت معالمه دهشةٍ، وبغضب سأله: لمين القرف ده؟
أسرع في اجابته: للمسؤولة اللي جت النهاردة تبع شركة الصفا في مكتب الاستاذ عمر. لما دخلت اشوفها تشرب ايه صممت على اللي طلبته.
طرق مكتبه بقبضة يده القوية غضبًا: ان شالله ما عين اهلها شربت. القرف ده ميدخلش المقر تحت أي ظرف من الظروف، سامع!
هز رأسه ببعض الخوف: اللي تؤمر ببه. هرجعه حالا.
خرج رائد وهو يصيح بهسيس خافت: ناقص نقلبها كبارية أحسن!

بالطابق العلوي.
استكانت بجلستها على المقعد المقابل لمكتب السكرتارية بعد صعودها للدرج ببطنها المنتفخ، وحينما شعرت بأنها أصبحت أفضل من زي قبل نهضت واتجهت للمكتب بعد ان علمت بأنه ليس بالمكتب الذي يجمع الشباب ببعضهم البعض، حررت مقبض الباب المعدني وهي تردد ببسمة واسعة: مفاجأة مش كدا!

تلاشت ابتسامتها وهي تتطلع بفمٍ يكاد يصل لاسفل قدميها من الصدمة، شعرت لوهلة بأنها دخلت للمكان الخاطئ، ربما فتحت باب شقة خاصة بفتاة تجلس بحريتها، نهشت نظرات نور تلك الفتاة التي تجلس مقابل زوجها بملابس لا تكاد تخفي شيئًا من مفاتنها، وبالرغم من ثقتها القوية به الا ان عقلها استشاط لمجرد تخيلها له يجلس قبالتها بتلك الحالة، فدنت حتى صارت قريبة منهما، حيث يقف عمر وهو يردد بدهشةٍ لوجودها بالمقر للمرة الاولى: نور!

لكمته بالحقيبة وهي تشير له دون أن تحاصره نظراتها التي تقابل من تقف امامها: اركن أنت على جنب.
وتساءلت باستهزاءٍ: مين القمورة!
قال وهو يجذبها برفق: تعالي نتكلم بره.
صاحت به: لا يا حبيبي انت اللي هتطلع بره لحد ما اشوف المزة دي وهحصلك.
رمقها بدهشة وخاصة وحينما قالت بحدة: اطلع بره قولت.
اجلي صوته بخشونة: نعم!

تجاهلته ودنت من الفتاة، فقربتها اليها ببعض العنف حتى اصطدمت الفتاة ببطنها المنتفخة، ومع ذلك رسمت نور بسمة بدت لعمر مخيفة للغاية وخاصة حينما قالت: هو تقريبًا كده يا حبيبتي في سوء تفاهم. انتي اكيد اتلخبطتي بين فساتين الخروج وقمصان النوم صح!
حاولت الفتاة تحرير نفسها من بين يدها المفترسة، وهي تنهي ما تقوله: لا ده فستان.

جحظت عينيها في صدمة مضحكة: احلفي! وعهد الله افتكرته ملاية سرير وانتي لفاه لزوم الحشمة يعني.
ابتعدت عنها الفتاة بخوف فعادت نور تجذبها مجددا والابتسامة تغزو على وجهها: طب يصح نخرج بحاجات زي دي قدام شباب زي الورد. هيغضوا بصرهم عنك ازاي اذا كان انا نفسي مش قادرة اغض بصري.
جذبها عمر من خلفها وهو يناديها: نور!
التفتت له وهي تصرخ بحدة: غض بصرك.

ولاها ظهره وهو يسترسل حديثه: نور بطلي جنان وخلينا نرجع البيت. الانسة خلصت وتقريبًا كانت ماشية صح ولا ايه يا آنسة تالا؟
هزت رأسها عدة مرات لتنجو من تلك المفترسة التي تحاصرها، فحاصرتهما الاخيرة حينما تعالى صراخها: وكمان حافظ اسمها! نيلة عليا وعلى بختي الاسود...
استدار اليها وهو يحاول تهدئتها: حبيبتي ده شغل انا مالي باسمها وباللي لابساه.

جذبت اقرب ما التقطته يدها، فكان نصيبها بلافتة تحمل اسم زوجها بالبنط العريض «عمر الجارحي»، فركضت خلفه وهي تصيح من بين اصطكاك اسنانها: مش قولتلك استنى بره انت بالشنطة. واقف هنا ليه!

حمل عمر الحقيبة واسرع للخارج على الفور، ثم اغلق المكتب جيدًا حتى لا يشعر الموظفين بما سيحدث بالداخل، فجلس على المقعد ودفع حقيبتها على المقعد الذي يجاوره بمللٍ، فوجد من يقترب منه وهو يسأله بدهشة: أنت بتعمل ايه بره مكتبك؟
اجابه بكل برود: زي ما أنت شايف مطرود.
صاح رائد بتعجبٍ: نعم!
هز الاخير رأسه وهو يسترسل بنفس نبرته: نور حابة تنفرد بالعميلة شوية.
جحظت حدقتي رائد بصدمةٍ جعلته يقتحم الغرفة على الفور.

بالداخل.

كانت تصرخ الفتاة وهي تخبرها بأنها لن تعيد الكره مجددًا، بل كانت تقسم لها بأنها ان اردت سترتدي الحجاب في الحال في سبيل أن تحررها، ومع ذلك اصرت نور على وضعها وظلت كما هي، اسرع رائد ومعتز الذي هرع من خلفه فور سماعه ذلك الصوت العجيب من الغرفة التي تجاوره واتبعه حازم، فاتبعوا الصوت ليصعق كلا منهم حينما وجدها تستغيث من اسفل نور التي تجلس من اعلاها، اسرع تجاهها رائد وهو يشير لها: نور البت هتموت تحت ايدك، مش عايزين فضايح.

اجابته وهي تقذف قشور التسالي بعنفٍ: تستاهل عشان تبقى تميز بين اللبس اللي ينفع يتخرج بيه واللي مينفعش.
وجذبت حبات من الكرز تلتهمه وهي تسترسل: خارجة ومتمكيجة ومفكرة نفسها هتوقع جوزي. متعرفش اني هكرهها في صنف الرجالة والحريم كله.
دنا منها حازم وهو يشير لها بتأييد: برافو يا نور اديها، بس ابعدي شوية لما اشوفها تستحق الموت ولا لا.

منحه معتز نظرة محتقنة جعلته يرفع يده باستسلامٍ، فجلس على سطح المكتب يراقب ما سيحدث هنا، تدخل معتز تلك المرة فقال بهدوء: نور سبيها تمشي هي خلاص اخدت اللي فيه النصيب.
باصرار قالت: ولو مش هسبها لازم تكون عبرة لغيرها عشان بعد كده لما تشوف راجل متجوز تخش الحجر متطلعش منه الا لما يبقى ارمل وساعتها شبح مراته برضه هيطاردها تبقى لا طالته حي ولا ميت.

كبت معتز ضحكاته بصعوبةٍ، فظل على نفسه حالته الثابتة المستكينة في محاولة لفض النزاع: طب كفايا عليها كده عشان شوية كمان وهتلاقي المقر كله واقف هنا!
مش هسبها قولت.
اقترح حازم عليها وهو يتناول المقرمشات الموضوعه من امامها: طب ايه رأيك نلملها كام ملف على طفيتين ونطلع على أقرب قسم نعمل فيها بلاغ.

أشارت له بالنفي وهي ترتشف قطرات المياه، ثم قالت: مبفكرش في كده. انا بحاول حاليًا اكسب وقت في التفكير باللي ناوية اعمله.
جز رائد على اسنانه بغضبْ جعل معتز يقبض على قميص حازم ويجذبها للخارج، بينما ظل رائد في محاولاته لتخليصها وحينما فشل لجأ لياسين الذي كاد بالانهيار من فرط تحكمه بضحكاته، وخاصة بتقبل عمر الصريح لما يحدث من زوجته، وحينما سأله بذهولٍ: ايه سر الهدوء العجيب ده! أنت كويس يا عمر؟

قال ومازال يجلس بهدوئه المريب: أنا آه. هرموناتها لا.
واستكمل قبل أن يترك له المجال: اتقبل اللي تعمله في الوقت ده افضل بمراحل من اللي هيجي بعد كده. أنا مجرب مرتين قبل الحمل ده وتقدر تقول بقيت خبير تعامل.
تعالت ضحكات ياسين الرجولية، وهو يهز رأسه بعدم تصديق، فقال من بين ضحكاته الجذابة: تمام. خليك انت هنا وأنا هدخل أحل الموضوع ده وهرجعلك.
أشار له بكل ترحاب: أكون ممنون ليك.

احنى رأسه بتحية ساخرة تكاد تليق بالملوك، ثم اتجه للداخل، ليجد رائد يبذل قصارى جهده لفض النزاع المتحكم بين يد نور، فدنا منهما ثم قال: نور. عاملة مشاكل ليه مع البنت الغلبانه دي؟
توقفت عن مضغ الطعام بصدمة: مين البنت الغلبانه دي؟!

اشار بعينيه لمن تجلس اسفلها تستغيث من ثقل ما تحمله فوق صدرها، فعادت نور تتطلع تجاهه ببرودٍ: والنبي انت اللي غلبان يا ياسين. انت متعرفش الاشكال دي بس انا اعرفها كويس وكويس جدا.
اشار رائد لياسين بأنه لا جدوى من التصدي لفتاة مثل نور، ومع ذلك اشار له بالجلوس والحصول على قسط من الراحة. وان يترك زمام الامور اليه، فاصبح ياسين قريبًا منهما فهمس لنور قائلًا: أنا خايف على مصلحتك.

زوت حاجبيها بعدم فهم، فاسترسل ياسين همسه الخبيث: اللي بتعمليه فيها الكل هيعرفه هنا ولو واحدة كانت ناوية تلعب بديلها هتقطعه وساعتها مش هتقدري تعرفي مين هنا لسه ناوية تكرر نفس تجربة المرحومة اللي مهروسة دي!
هزت رأسها باقتناعٍ وهي تردد: أنت صح. ما أنا لازم اعرف ايه اللي بيحصل من ورا دهري!
هز رأسه بتأييدٍ: بالظبط. عشان كده محتاجة كل فترة تعملي حضور مفاجئ لمكتب عمر.

اتسعت ابتسامتها وهي تفكر في حديثه الساخر وأخيرًا نهضت عن الفتاة التي انتشالها ياسين من اسفلها فهرولت للخارج بساق تتعركل كمن دعسها سيارة وجعلتها معاقة، خرجت بخطوات غير متزنة حتى اصبحت بالخارج فاخذ عمر يراقبها بشماتةٍ وهو يهمس بضحكةٍ اصطحبت حديثه: أول مرة نور تعمل حاجة عدلة!

بمكتب أحمد الجارحي
وقع على الأوراق من أمامه بدقةٍ لاختيار مكان التوقيع، فحاول الاسراع من الانتهاء بالاوراق ليجيب على هاتفه الذي يدق للمرة الرابعة في حضور احدى موظفيه، فما أن انتهى حتى حمل الموظف الاوراق وغادر على الفور، فأجاب احمد على الهاتف وهو يبرر: آسف يا حبيبتي كان عندي شغل مستعجل ومقدرتش أرد على الموبيل.
اتاه صوتها الباكي الذي مزق نياط قلبه تباعًا: أحمد.

تساءل بلهفة هزت الهاتف بين يده: في أيه يا أسيل؟
قالت بصوتٍ متقطع من فرط بكائها: ليان من وقت ما رجعت من المدرسة وهي قافلة اوضتها على نفسها ومش راضية تفتحلي. أرجوك تعالى يا أحمد انا خايفة ومش عارفة أعمل أيه؟

فور سماعه لبكائها، نهض وهو يحمل هاتفه ومفاتيحه واسرع لسيارته من قبل أن تطالبه بذلك، فليذهب العمل للجحيم بذلك الوقت، قاد مسرعًا ومازالت على الهاتف يحاول تهدئتها، ويفترض بعض الامور التي قد تساعد في تهدئتها، فاخبرها بأنه من المحتمل أن تكون هناك مشاجرة بينها وبين زميلة لها، ولربما لم تحصل على درجة موفقة باختبارها فهو يعلم اهتمامها الشديد بتعليمها ولما تود الوصول اليه، نجح أحمد في الهائها حتى تمكن من الوصول للقصر، فهرع مسرعًا للاعلى حتى وصل امام غرفة ابنته فوجد أسيل تجلس ارضًا امام الغرفة وابنه الصغير متعلق بها ويبكي بشدة مثلما تبكي والدته، عاونها على الوقوف وهو يقربها اليه، فانفطرت بالبكاء وصوتها المبحوح يردد: بنتي...

احتضنها وهو يحاول احتوائها: اهدي حبيبتي. انا هدخلها وهحاول اعرف فيها ايه.
ثم حمل الصغير ووضعه بين يدها مشيرًا لها على غرفته المجاورة لغرفة ابنته: الولد مفزوع من الحالة اللي انتي فيها. ادخلي هديه وانا هشوف ليان.
اشارت له بالرفض وقالت: مش هدخل، لازم اعرف مالها.
مسح دمعاتها باطراف اصابعه، ثم قال بهدوءٍ لا يتناسب مع ثورة قلبه المرتجف لحال ابنته المقبض: خدي أويس وادخلي. أنا هنا متقلقيش.

أومأت برأسها باستسلامٍ، وحملت الصغير لغرفته على الفور.

تسلل صوت أبيها اليها من وسط صوت بكائها الصاخب، سمعته وهو يطالبها بفتح باب الغرفة الموصود، ومع ذلك لم تتوقف دمعاتها عن الهبوط، وكأنها تجلد ذاتها بنفسها حتى لا تسمح لاحدٌ بجلدها مجددًا، وفجأة وجدته يلح عليها وهو يناديها عاليًا: ليان حبيبتي افتحي الباب، أنا عارف انك سمعاني.
واسترسل بحنانٍ: أنتِ متعودتيش تكسري كلامي او تتجاهليني. من فضلك افتحي الباب.

انصاعت الصغيرة إلى كلماته، فدنت من الباب ثم حررت مفتاحه العالق بجسده، فولج احمد للداخل ثم اسرع تجاه فراشها بوجعٍ طال جسده باكمله حينما رأى عينيها المتورمة، فجثى على ركبتيه امام فراشها وهو يسألها بقلقٍ ولهفة: أيه اللي حصل في المدرسة؟
رفعت عينيها الباكية اليه، وكأنها تشكو اليه قسوة هذا العالم الجلاد، وفجأة انطلقت كلماتها بألمٍ يخترق جسده كالسكين العشوائي: أنا مش بنتك؟

ابتلع ريقه بمرارةٍ وهو يحاول التعامل مع الأمر المتوقع مع نضوجها الطبيعي، فقال بهدوءٍ: أيه الكلام الغريب ده!
نوبة بكاء اصابتها فصاحبتها ما كبت بصدرها طوال هذا اليوم القاسي: صاحبتي قالتلي انك مش بابي. وان أويس مش اخويا. اسمنا مختلف عن بعض هي معاها حق!

تدفقت دمعة خائنة من عين أحمد وهو يستمع اليها، وفجأة خانه صبره وقوة تحمله، فضمها اليه بقوةٍ وهو يردد بصوتٍ طغى عليه البكاء لمرته الاولى: انتي بنتي. واللي يقول غير كده اقطعله لسانه.
وبوجعٍ استطرد: يا ريت بايدي اغير اسمك لاسمي، يا رريت بايدي اقدر اعملها. اللي رجعني عن قراري ده هو خوفي من ربنا.

وأبعدها عنه وهو يتطلع لها بحب ابوي لم يحمل قدره حتى لابنه الذي يحمل دمه: متسمحيش لحد يقولك الكلام ده. انتي بنتي ومفيش قوة في الدنيا كلها هتقدر تثبت عكس ده.

وعاد ليحتضنها من جديدٍ حتى سكنت بين يده، فاخذ يربت بحنان على ظهرها حتى غلبها النوم من فرط بكائها، حملها أحمد ووضعها بفراشها ومازال يجلس لجوارها حزينًا، لا يعلم ماذا يفعل حتى لا يعذبها تلك الحقيقة، شعر بتلك اللحظة بأنها قادر على مجابهة العالم باكمله لاجلها ولكنه ضعيف على ارتكاب معصية قد تدينه أمام الله عز وجل، لذا صعب عليه ارتكاب خطيئة مثل تلك، اسند رأسه للفراش وأغلق عينيه بالمٍ يحارب تلك الاحاسيس المنفرة التي تهاجمه، وفجأة استمع لصوت بكاء مكتوم يأتي من أمام باب الغرفة، فقال بصوته الدافئ: آسيل!

طلت من خلف الباب فعلم بأنها كانت تستمع لحديثهما منذ البداية، ولجت للداخل بخطواتٍ بطيئة، ثم جلست أرضًا جوار فراش ابنتها التي تغفو بين ذراع احمد، فمالت براسها على الفراش جوار رأسها واحتضنت صدغها بأصابعها، ثم قالت بدموع: اعمل اي حاجة يا احمد؟
رفع يده عن ابنته ثم مررها على شعر زوجته وهو يجيبها بحزن: مفيش بايدي حاجة اعملها يا آسيل.

رفعت رأسها تجاهه وصرخت بعصبية: اكيد ربنا ميرضاش بالظلم لطفلة زي دي. ذنبها ايه تعيش بالعذاب ده. حرمانية اختلاط الانساب هتخص مين لشخص عمره ما هيسأل على بنته في يوم من الايام.
وأشارت على ابنتها قائلة: ليان بنتنا ومحدش له فيها حاجة.
وعادت لتتطلع اليه تترجاه بدموع: ارجوك يا احمد انقلها لاسمك. انا مش هقدر اتحمل اشوفها كده.

شدد على معصمها ليجبرها بالنهوض بعيدًا عن الارض، فصعدت لجواره على الفراش، فضمها اليه ومازالت عينيه مستيقظة تأبى الرحيل عن عذاب يجلد روحه بسواطٍ قاسٍ.

صعد لسيارته ليستعد لعودته للقصر، فبحث في تابلوه السيارة عن هاتفه الذي تناسى امره منذ الصباح لانشغاله بالعمل، فوجد عدة مكالمات منها، فجذب الهاتف يدق لها ويده تحرك المقود، وجدها تجيبه بصوتها الناعس: قلقتني عليك!
=أكيد انتي حاسة بيا وعارفة اني كويس.
ده مبرر يخليك تتجاهل مكالماتي يا عدي؟
ابتسم وهو يبرر لها بالمرة الرمزية التي تذكر بعلاقتهما: الموبيل مكنش معايا. وبعدين لو قلقانه عليا فانا راجع اهو.

طب اعمل حسابك في كمين منصوب ليك.
تعالت ضحكاته وهو يخمن: رحمة؟
اكدت له: أيوه مستنياك من بدري. ومش راضية تقولي عايزاك في أيه. بتقولي حاجة خاصة وشكلي كده هغير منها!
بصوته الرخيم اجابها: طب اعمل ايه بس. في أكتر من اني سمتها على اسمك!
مهي مقسماني فيك اهي!
محدش يقدر يعملها.
ثم قال وهو ينجرف عن الطريق: شوفتي عشان تعرفي اني راضي عنك عديت اجبلك الباستا اللي بتحبيها.
بعثت سعادتها عبر الهاتف: بجد، هيحصل امته ده؟

انعقد حاجبيه بذهولٍ وهو يراقب مرآة السيارة، فقال بجدية: هكلمك تاني.

وأغلق الهاتف ثم استدار برقبته للخلف وهو يراقب تلك السيارة التي تلاحقه منذ لحظة خروجه من المقر، فظن بالوهلة الاولى بأنها تسلك الطريق الرئيسي ولكن حينما انعرج عن طريقه تأكدت شكوكه بأنه المقصود بالمراقبة، ومن غيره ادرى بأمور المراقبة ان كان شرطيًا محترفًا، لم يكن أبدًا بالهين حتى وان ابتعد عن الشرطة، هبط عدي من سيارته برزانة وثبات استقبط خطاه الثقيل، فاتجه لداخل المطعم دون أن يثير الشكوك لمن يراقبه ويلتقط له عدد من الصور، ولا يدري الابله بأن الادوار الآن صارت منعكسة فبات هو الرقيب!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة