قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحفاد الجارحي ج5 (ترويض الشرس) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس

رواية أحفاد الجارحي ج5 (ترويض الشرس) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس

رواية أحفاد الجارحي ج5 (ترويض الشرس) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس

إهداء الفصل للقارئة الجميلة بوسي الاكونت باسم بوسي ماي واي ?، شكرًا جزيلًا على دعمك المتواصل لي، وبتمنى أكون دائمًا عند حسن ظنك يا جميلة، قراءة ممتعة ??).

صوته اقتحم جلستهم الشبة سرية، فنهضت الفتيات جميعًا وأسرعن بالإلتفاف من حوله على الطاولةٍ المستديرة، الا زوجته بقت محلها جوار يحيى الذي يحاول فهم ما يحدث هنا، فمن المؤكد بأن عدي يدبر لأمرٍ خطيرٍ، وريثما سيناجي ثورة عارمة ستكن الفتيات من ضحاياها لا محالة، لذا فضل الاستماع إليه وترك ساحة النقاش للفتيات التي لم تقصر بعملها، فقالت مليكة بفضولٍ: هترجعهم ازاي ومحدش يعرف مكانهم؟

نظرة خبيثة تهاوت من حدقتيه العسلية، اتبعها قوله الثابت: ازاي دي بتاعتي أنا.
تساءلت أسيل بعد تفكير: طب كده هنلحق نحضر القصر يا بنات، مفيش معانا غير يوم واحد بس!
ردت عليها داليا بتأكيدٍ: هنلحق إن شاء الله بس لازم نتأكد بس من ان عدي هيقدر فعلًا يوصلهم.
اتكأت رانيا بجسدها تجاه الطاولة لتكن قبالتها: لو قسمنا الشغل بينا كلنا هنلحق.

طرقت نسرين بيدها على الطاولة لتلفت الانتباه لما تود قوله: الشباب يساعدونا، احنا لوحدنا مش هنلحق نعمل حاجة.

تشاورت الفتيات فيما بينهمن والأخير يتناول طعامه في صمتٍ تام، يختطف النظرات السريعة لزوجته التي تجلس على بعد منه وترفض الاقتراب والانضمام للفتيات، قاطعت نور الهرج والمرج المتبادل بين أطراف الطاولة، حينما تساءلت بشكٍ وعينيها تراقب من يرتشف عصيره بثباتٍ: طب وأنت مستفاد أيه من كل الليلة دي يا وحش!

رفع وجهه ليقابل لقائها ببسمة ارتسمت على طرف شفتيه، ومن ثم وضع الكوب عن يده ببرودٍ اتبع نبرته: مش لازم يكون في دافع متبادل يا نور. المهم إن هدفكم هيتحقق.
أبعد المقعد للخلف بقدميه وانتصب بوقفته وهو يخبرهن: وبدل ما بتحاول تعملي معايا تحقيق أكدي على أقرب صديق لياسين الجارحي لانه ببساطة ممكن يبوظ مخططاتكم.

ورفع نظارته لعينيه، ومن ثم جذب مفاتيح سيارته، وغادر بخطاه المتزن تاركًا من خلفه نظرات تلاحقه بغيظٍ من تجاهله المتعمد، وفشلها القاطع بتنفيذ الجزء المتعلق بالتجاهل، وكأنه يسبقها بخطوة!

انتهى من وضع حاسوبه الخاص وبعض الملفات الهامة بحقيبته السوداء، دوى رنين هاتفه ليصل له مكالمته الهامة مع أبيه، فوضعها جانبًا ثم التقط هاتفه وهو يجيب بترحابٍ: يا أهلًا برعد باشا اللي من ساعة ما سافر وهو مش سأل في ابنه الوحيد.
أتاه ضحكة والده تسري لآذنيه، ختامًا بنبرة صوته الرخيم: مخلف قطة أنا عشان أنساك!

وانهى مزحه بتبرريه الجاد: انت عارف يا حبيبي إن الشركة هنا في ايطاليا واقعة من ساعة ما أحمد ويحيى سابوها ورجعوا مصر، فلازم حد مننا يكون موجود يباشر بنفسه الشغل.
رد عليه رائد بتفهمٍ: عارف ومقدر ده. بس مش مبرر يخدك من قلة الرد عليا
وبعتاب يحمل طابع السخرية قال: سبحان الله بترد على داليا ليل نهار وتيجي عليا وتبقى مشغول.

وتمتم بغيظٍ: البنات عندكم حاجة واحنا حاجة تانية. العنصرية دي هتولد فتنة بين طوائف الشعب!
انتابه الملل من الجدال الذي يتخذ مسار يخالف غايته: سيبك من شغل العيال ده وركز معايا، كنت بكلم يحيى النهاردة وعرفت باللي حصل بين عدي وياسين والصفقتين اللي عايز ياخدهم.

أكد له كناية الحرب التي ستجرى لا محالة: الموضوع مش سهل خالص. واللي مش قادر أفهمه لحد دلوقتي أيه سبب الخناق اللي اتخلق فجأة كده بين عدي وعمي بعد ما الامور كانت ابتدت تبقى تمام بينهم!
أجابه رعد بحيرةٍ: مش هتفهم ولا هتقدر تستوعب حاجة، ده سر عسكري بيدور في راس ياسين الجارحي بس.
واستطرد بهمسٍ منخفض لم يكن مسموع للاخر: أنا حاسس ان ياسين وراه حاجة تانية بيدريها ورا اختباره لمنصب عدي.

رفع رائد صوته متسائلًا بعدم فهم: حضرتك بتقول أيه!
عاد صوته مسموعًا من جديد: لا متخدش في بالك. المهم انكم بخير. انا كلها يومين وهخلص الاوراق اللي معايا وهرجع انا وعز بإذن الله.
توصل بالسلامة. هكون باستقبال حضرتك بالمطار.
إن شاء الله يا حبيبي. مع السلامة.

أغلق رائد هاتفه، ثم عاد ليحمل الحقيبة التي وضعها على مكتبه الخاص، فانعقد حاجبه بذهولٍ حينما لم يجدها، فبدأ رحلة بحثه التي انتهت بأسفل المقعد والطاولة، وقبل ان يستقيم بوقفته استمع لصفيرٍ يأتي من اعلى فراشه، وحينما رفع رأسه وجد ابنه يرقص أعلى الوسادة وهو يشير له بالحقيبة: بتدور على دي يا بابي!

كبت غيظ العالم بأكمله، وإختبأ خلف قناع الأب الرزين الذي يتعامل بحرفيةٍ مع ابنائه، فقال ببسمةٍ مصطنعة: أسورة حبيبي، أنا محتاج الشنطة دي جدًا عشان أنا فعلًا متأخر ولازم أنزل حالًا.
هز رأسه بالرفض الصريح وهو يبرر موقفه: مش قبل ما تسمع طلباتي كلها وتوعدني انك هتنفذها.
كز على أسنانه بقوة جعلت اصطكاك اسنانه مسموع كنغمة مزعجة: أنت ليه دايما طلباتك بتيجي بالضرر على شغلي.

عاد ليهز جسده الصغير على الفراش، مستغلًا حشية القطن التي ترفعه بكل سهولة: استغل وقتك بالتفكير لو مستعجل.
رفع احد حاجبيه بسخطٍ: قلبك حنين وبتفكر ازاي توفرلي وقت!
وبنفاذ صبر تساءل: قول وخلصني.
توقف عن الاهتزاز ودنا ليصبح قريبًا منه، وأشار له بأن ينحني بقامته تجاهه ليتمكن من سماع ما سيقوله: خليك أب جنتل واحجزلي رحمة من انكل عدي عشان حاسس ان يحيى حاطط عينه عليها.

جحظت عينيه في دهشةٍ عارمة لما يستمع إليه، ولكن لم يصل به الحال للصدمة، فهو يعلم بأن ابنه استمد الوقاحة من احد ابناء اعمامه، على اعتراف كامل بأنه بعيدًا كل البعد عن تلك التهمة الخطيرة التي لا تمس باخلاقه السامية، ومع ذلك اجابه باستهزاءٍ: مش شايف انها مش هتناسبك!
حك جبينه بتفكيرٍ طال به، فعاد ليهمس له من جديد: خلاص شوفلي حلا أو يارا بنت انكل معتز.

اتسعت ابتسامته المخادعة، فرفع ساقه عن الارض ليحرر حذائه، ثم قال وهو يرسم وجه المحبة: كبرت يا حبيبي وبقيت بتتشرط في اختياراتك. لا وما شاء الله مختار وش القفص. عين عند عدي وعين عند عمر ومعتز والله اعلم الدور عند مين تاني من الاجيال اللي هتشرف دي، وطبعًا محدش هيسدد فواتيرك الا أنا.
ورفع الحذاء عاليًا ومن ثم تلقفه بغلظةٍ، فاندفع به تجاهه وهو يردد بعصبيةٍ: انت محتاج اعادة تربية من اول وجديد.

ترك الصغير الحقيبة وهرع للخارج يصرخ بطلب النجدة، ومن خلفه يركض رائد بالحذاء وهو يصيح: أربيك انا أحسن ما أنا اللي اتربى!

هبط للاسفل سريعًا باستخدام الدرج فتفاجئ بهم الجميع، وقف الصغير يختار وجهة للحماية من غضب أبيه بحذرٍ، فكان اختياره سريعًا حينما أسرع خلف ظهر جاسم الذي هبط للتو من أعلى، فمنع يد رائد من الامساك بمن يحتمي به فدفعه للخلف بتعصبٍ: هو أحنا معتش ورانا غير معركتك الصباحية بينك وبين ابنك يا رائد. يا عم احترم سنك وطولك بقى. هيبتك بقت في الارض وانت بتجري وراه شبه الطور السايب كده!

ترك غيظه وتاره عن صغيره في تلك اللحظة، وانتصب بطوله بكل كبرياء لمن يهاجمه بفظاظةٍ: أما أنا ابقى طور أنت تبقى أيه يا همجي!
جحظت عينيه في صدمة: انا همجي! تصدق بالله انا لو مكان ابنك لكنت اتبريت منك من زمان. انا حقيقي معرفش هو مستحملك على أيه؟
وجذب الصغير من خلفه ثم دفعه تجاهه وهو يصيح: عندك ابنك اهو. اصطفل معاه.

وقبل ان تطوله ذراع رائد حال معتز تلك المرة بينهما وهو يشير له برفقٍ: صلي على النبي يا جدع. احنا لسه على الصبح وورانا يوم طويل عريض في المقر. بلاش تفقد طاقتك كلها هنا صدقني هتحتاجها بعدين وخصوصًا مع عدي.
تأمله ساخرًا، وكأنه لم يقتنع بحجته، فركل معتز حازم المنشغل بتناول الشطائر الشهية بالعسل الأبيض، قائلًا بغضبٍ: ما تقول حاجة يا زفت!

جذب احدى ثمرات التفاح، فقضم قطعة بفمه كله، ومن ثم نهض عن مقعده ليستدير به تجاههم، فقال وهو يمضغ ما بجوفه بشكلٍ مقزز: مبحبش اتدخل في خناقات من النوع ده. وخاصة مع ابن رائد السقيل.
وضعت نسرين القهوة التي تحملها على الطاولة بحدةٍ سبقت حديثها: انت ليه عندك كل الاطفال سقيلة ولا تطاق!

جذب حازم القهوة ليختم بها طعامه وهو يجيبها بلا مبالاة: أي طفل فيه عرق الجارحي هيبقى سقيل لانه شارب من نسل ابويا. اذ كان انا نفسي ورثت منه كل حاجة مع اني مبحبهوش لله في الله وبالرغم من كده طلعت زيه!
شوف ازاي! دي حاجة تحير فعلًا انك تطلع شبه باباك، دي معجزة الكوكب!

كلماتٍ ساخرة تحررت على لسان عمر الذي يهبط خلف أحمد وياسين المتفرج بملل لما يحدث بالطابق السفلي الذي بات يمقت الهبوط اليه كل صباح، اكمل احمد طريقه لاقرب مقعد، فوضع صغيره أويس الذي يحمله بين ذراعيه بكل حب، ومن ثم وضع عدد من الوسادات من حوله حتى لا يسقط أرضًا، بينما استند ياسين على الدربزين وتمايل بجسده ليشاهد ختام المعركة، وقف أحمد مقابل رائد ليسأله بخوفٍ: حازم هو سبب الفوضى دي؟

اتاه رد اخيه يستنجد: كل حاجة تتهموها فيا، انا بريء من مصايب العيلة، خلاص بقا في اجيال جديدة تخلص على جتتكم القديم والجديد يا حبيبي.
وجذب مفتاح سيارته وهو يشير لهم بعنجهيةٍ: انا مش عارف ايه مقعدني هنا لحد دلوقتي، انا ورايا اجتماع مهم جدًا ولو حازم باشا الجارحي محضرش كل حاجة بنفسه الدنيا كلها هتقف.

وترك ساحته وغادر في هدوء مريب، كارثي لمن حوله، مال جاسم تجاه الدرج حيث يقف ياسين وهمس بسخطٍ: التفاني ده وراه نسوان اسمع مني.
والتزم بالصمت لدقيقةٍ يحسم امره الذي انتهى بقوله: طب يا شباب حد عايز مني حاجة. هسبقكم انا وانتوا حلوا مشاكلكم كلها وحصلوني.
وتركهم وهرول لسيارته ليتبع الاخير.

مرت ساعة كاملة يحاول فيها أحمد معرفة سبب الخلاف العصيب بين رائد وابنه الذي يعود لفتح حسابات الماضي وما حدث منذ ولد حتى تلك اللحظة، وكأنه يتعشم بأن أحمد سيقتل اباه وسينهي صداع رأسه، فقال عمر بملل: خلاص بقى يا آسر. بابي قالك انه هيجبلك هدية حلوة يصالحك بيها عدي بقى اللي حصل واتأسفله.
نظر له الصغير بلطفٍ خبيثٍ اتبع نبرته الماكرة: بشرط يوعدني انه هينفذ اللي طلبته منه.
تساءل عمر بفضولٍ: اللي هو!

وزع الصغير نظراته بينه وبين ابيه بارتباكٍ، فاشار له رائد بسخرية: ما تقول لانكل كنت عايز ايه يا حبيبي.
طال صمته لدقائقٍ قطعها حينما قال بتردد: يجوزني حلا.
توقع الجميع طوفان من الغضب سيموج بالصغير وربما سيطولهم، ولكنهم وجدوا ابتسامته تزداد حتى كادت بأن تصل للأذن: بس كده. عيوني.

ونهض عن مقعده ثم اقترب من نور التي تراقب ما يحدث وهي تحمل ابنتها بين يدها، فحملها عنها وعاد للصغير ووضعها بين يديه: كده حلينا المشكلة.
بدهشة ردد أحمد: بالبساطة دي!

اجابه بسعادة غريبة: انتوا فكرني دقة قديمة من بتاعت الا بناتي اوعوا تقربلهم وجو الاسلحة والكلام ده، يا عم الدنيا ابسط من كده بكتير. هتعمل حظر على بنتك ومهما تعلي سور المراقبة هيجي اليوم اللي هتقولك فيه باي وتختار شريك حياتها يبقى كل ما تتقبل ده أسرع كل ما كان هيعود عليك بالفايدة.
واسترسل بخبثٍ يطول من حوله: خليكم عاملين حراسة على بناتكم وفي الاخر نصيبهم هيكون هنا في البيت ده.

وانحنى وهو يلتقط تولين ابنة جاسم بين يده، فطبع قبلة على خديها وهو يستطرد: احنا مش هيبقى عندنا الجمال ده كله واولادنا هيبصوا بره ولا ايه!
لف احمد يده حول ابنته وهو يرمق عمر بتعصبٍ شديد يخرج عن اطار هدوئه، واتجهت نظراته تجاه ياسين وكأنه يحثه على التدخل بالامر فابتسم وهو يشير له: معنديش بنات. اذن انا في آمان.
وتابع وهو يتجه للخروج: وإن كان على يحيى ابني فربنا معاه ومعايا في اللي حاططها في دماغه.

اتبعه احمد الذي استدار لاسيل وهو يشير لها بتحذير: خلي بالك من البنت. سامعة.
كبتت ضحكاتها بصعوبة وهي تشير له بتأكيدٍ، فجذب معتز جاكيته واتبعه وهو يقلد نبرته بمشاكسة: شروق اوعي البنت. يارا امانة في رقبتك عما ارجع.
اتجه جاسم للاريكة بكل ببرود فجذب جاكيته هو الاخر ثم تطلع لداليا قائلًا بسخرية: لا انا هوصي تولين عليكي يا داليا. ارجو اني لما ارجع الاقيكي على قيد الحياة انتي واللي في بطنك.

صعد كلًا منهم لسيارته استعدادًا للذهاب للعمل، فاخرج ياسين سماعته الخاصة ثم طلب احمد الذي اجابه وهو يتجه خلفه بسيارته: في حاجة ولا ايه!
اتاه رده متعجبًا: انت مش قولت ان عدي سبقنا على المقر؟
أيوا. عمي يحيى قالي انه نزل من بدري، بتسأل ليه؟
لاني شوفت عربيته قدام البوابة الخارجية
يمكن نسى حاجة.
معتقدش. ربنا يستر.

انسحبت من الأسفل دون أن يشعر بها أحدٌ، رغبت في الجلوس بمفردها قليلًا فصعدت لغرفتها على الفور، بقت لدقائق أمام النافذة تتطلع للفراغ بشرودٍ، ومن ثم تحركت لخزانتها لتخرج ما يناسبها علها حينما تنعم بحمامٍ دافئ يعاونها على الخروج مما تجابهه في تلك اللحظة، انكمشت تعابير وجه رحمة في دهشةٍ جلية حينما وجدت خزانتها فارغة تمامًا من أغراضها الشخصية، فبحثت مرارًا بصدمةٍ اتبعت سؤالها المتردد: هيكونوا راحوا فين!

مكان ما أنا أكون.

انتفضت من محلها بفزعٍ من الصوت الرجولي الذي اقتحم سكون غرفتها، فاتجهت عينيها باحثًا عن مصدره، لتهتدي بمن يجلس قبالتها على المقعد، واضعًا قدمًا فوق الاخرى بتعالي وكبرياء يمتد بنظراته التي تتعمق بها بتحدٍ صريح لما أصبحت عليه نتيجة المبارة التانية التي انقلبت للتعادل، نهض عدي عن المقعد ثم اقترب حتى استند على الخزانة المفتوحة على مصرعيها، فوضع يده بجيب سرواله وهو يتمعن بها بصمتٍ، اطبقت باسنانها على شفتيها السفلي فخرجت كلماتها متقطعة: مين سمحلك تقرب لحاجتي.

ابتسامة حملت شر مخيف ارتسمت على شفتيه القاسية، ومن ثم قوله الثابت: خلي بالك من لهجتك معايا يا رحمة لانك مش هتقدري تقفي قدام ردودي.

اشتعلت مقلتيها بغضبٍ بارز، فأغلق الخزانة واقترب حتى أصبح لا يفصلهما الكثير، فاختنقت انفاسها بعطره الذي بات هوسها، رمشت بعينيها بتوترٍ، وحاولت الابتعاد، فلم يسمح لها بذلك حينما حال بذراعه الأيمن بينها وبين الهروب، وانحنى برأسه تجاهها وهو يلقنها كلماته العميقة: أنا ممكن أكون متهور وعصبي، وضيفي عليهم اني متملك وغيور. والعيوب دي حاولي تتفاديها بينا عشان صدقيني هكون معاكي حد مختلف عن اللي انتي حبتيه!

ابتلعت ريقها بخوفٍ بدأ يزيل قناع شجاعتها الزائف رويدًا رويدًا، فرفع يده يحتضن وجنتها وهو يسترسل حديثه: خليكي بعيدة عن مشاكلي انا وياسين الجارحي يا رحمة، انا مش عايز اي مخلوق يتدخل في علاقتي بيكِ، لأن مستحيل حد يفهم اللي بينا.
احنا مش مجرد اتنين متجوزين وبينهم اولاد وبس. احنا بينا الف قصة مستحيل عقل أي حد يستوعبها.

دنا مجددًا حتى استند بجبهته على جبهتها، وأغلق عينيه وهو يخبرها بصوتٍ أجج رغبة حبهما العميق: اللي بتعمليه ده بيقتلني. متحاوليش تختبريني وانا متهور لان انا اللي هدفع التمن مرتين...
وفتح عينيه وهو يردف: انا بتوجع قبل ما الوجع بيطولك يا رحمة!

تَجَوَّلَ قوتي أمام هيبتك وغرورك، فأحاول جاهدة التشبث لصد طوفان ثورتك القاحلة، فأجدني ضعيفة، تائهة في بحرٍ صب به الشوق صباه، وبات بكِ ولهان!، قلبها يتراقص في قربه، وعينيها تفضح ما لم تبوح هي به، ابتسم وهو يتعمق بنظراتها الصامتة فقال وهو يميل تجاهها: وأنا كمان بأحبك.

اصطبغ وجهها بحمرةٍ فاضحة، طالت مشاعرها التي ينجح في قرائتها كالكتاب المكشوف، وجدته يفتح لها ذراعيه فلم تجد ذاتها الا غافلة على صدره تتمسك به بقوة وكأنها تطالبه بالا يرحل لغباء ما ارتكبته بحقه، استسلمت وتركت ما ودت الاحتفاظ به في حربها معه، تركت كل شيء في باحة العشق!، غَبَشت سمائها بدونه، فلم يعد يلمع بها سوى سهم عشقه الذي يلوح لها بالأفق، فأرشد طريقها الحالك، وكأنه مصباحٍ سحري لا يخص بضيائه الا من إمتلكته قلبًا وقالبًا!

بالامارات العربية المتحدة، وخاصة دبي.

جلس يستمع للهاتف ببسمة شيطانية ترعب من يسقط عينيه عليه، يخترق بسكينه مقعده البني المصنوع من الجلد، وفي كل مرة يلهو بالسكين كان يتخيل بأنها تصل لصدر عدوه بسعادةٍ ازدادت ريثما يستمع من المتصل قرب نجاح مخططه بلقاء عدوه اللدود وجهًا لوجه، ربما حالته المخيفة حقت لها بالتشكل بتلك الطريقة ربما لان عدوه ليس بالهين بالمرة. عدي الجارحي. لا يستهان به، ولكن قمة نقاط قوة قد تكون لصالح العدو الخسيس ربما لأن الأخر لا يعلم بما يخطط له وربما لأنه حتى وإن رأه لن يتعرف عليه ولو ظل عهدًا كاملًا، ذاك الأحمق رسم خطوط عريضة لخطته ونسي تمامًا وجود الشاه. ياسين الجارحي!

يتبع...
#الجارحي5، #ترويض الشرس!، #بقلمي ملكة الإبداع آية محمد رفعت.
#الأقوى قادم، #ترقبوا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة