قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع بقلم آية محمد رفعت الفصل التاسع

رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع أسياد العشق

رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع (أسياد العشق) بقلم آية محمد رفعت الفصل التاسع

...فاض بي الحنين فأقتحمت الأشواق عالمي لتيقظ القلب المتغلغل على آنين لقائك! ...
تطلعت له بصدمة جعلتها كالصنم المتحجر لا تعي ما أستمعت إليه ؟! ...تمنت أن لو كانت فقدت السمع فلم تتمكن من سماع ما تفوه به!،أقترب منها ياسين بخطاه المتزن رغم ما أستمعت له فأشار بيديه للحارس الذي أنصاع له وخرج سريعاً،رفعت عيناه المتغلغة بالدموع قائلة بصوت مرتجف كحال قلبها !
_أيه اللي سمعته دا يا ياسين ؟

جذبها برفق حتى لا تنجرح قدماها فعاونها على الجلوس على المقعد ثم جذب المقعد الأخر ليكون مقابل عيناها
_وأيه الجديد ! ...أنتِ عارفة كويس أن حياتي معرضة للخطر ودا شيء طبيعي ! ..
طالت نظراتها إليه بألم كأنها تحاول جاهدة كبت ما بداخلها فظنت أنها ستتمكن كالعادة ولكن طاف بها الآنين ؛فوقفت ترمقه بنظرات ممزوجة بين اللين والضعف
_وأيه اللي كان ممكن أعمله غير أني أسكت وأكتم دموعي ؟...أيه اللي ممكن أعمله غير أني أقضي أغلب حياتي فى قلق وخوف عليك ؟! ...دي أسوء من حياة يا ياسين أنا بموت بالبطيء..

قالت كلماتها الأخيرة فكانت دمعاتها الونيس للمعاناة التي قضتها بينما تراقبها هو بنظرات ثابتة لا توحي بشيء ...أخترقت الدمعات أسوار قلبه فحطمت قناع الثبات الملازم له،نهض عن مقعده ؛ فأقترب منها بهدوء،أزاح يدها برفق ثم رفع وجهها لتنظر بعيناه،تطلعت له بأستغراب فما أن تأملت عيناه حتى توقفت عن البكاء ! ...
رفع يديه يزيح أثر ما تبقي قائلاٍ بنبرته الهادئة
_محدش بيختار طريقه يكون أزاي يا آية كلنا بيتفرض علينا ..

ثم أكمل بصوتٍ يحتضنه العشق
_الأكبر من التهديد بالموت هي دموعك ...
أحتضنها برفق وعيناه تغلف بذكريات الماضي
_طول ما أنتِ جانبي هعدي أي حاجه فى الدنيا ..
إبتسمت برضا لما سمعته فكأنه ينجح دائماً بأمتصاص أحزانها بكلماته الغامضة! ..

بالمشفى ..
بقيت كالبلهاء أمامه تتأمله بفضول منغمس بنظرات بدت بالأعجاب الطاغي،أما هو فكأن ما يفعله يجدي نفعاً فيدفعه بالأقتراب مما يريد ! ..
تقدم بخطاه المتزن غير عابئ بنظراتها الجريئة بعض الشيء ثم جذب المقعد المترأس للطاولة، جلس عدي بثقة ثم وضع المتعلقات من أمامه، أقترب منه الرجل سريعاً فلحقت بهم هالة بعد أن أستعادت جزء من الثبات بعد أن فقدت العقل لرؤياه،جلست جواره على الطاولة الصغيرة وأمامها يجلس الشرطي الذي أتي بناء على طلب عدي الجارحي ...

طال الصمت فيما بينهما بينما يسوده نظرات أهتمامهم لمعرفة لماذا طلب رؤياهم وبهذا المكان، وضع قدماً فوق الأخري بأسترخاء وعيناه البنيتان تتأملهم بنظرات غامضة
_شايف على وجوهكم فضول بدلطلبي ليكم ...
أجابه الشرطي بتأكيد والأحترام يسبقه حتى هى ترقبته بأهتمام فلاطالما كانت تود الأقتراب منه ولكنه كان يقذفها الأف الأميال حتى نسته تماماً وها هو يعيد ذكرتها من جديد ...

تعمد أن يطول بصمته فيتراقب ملامحهم بعيناه التي تفيض بالمكر ؛ فوجده ينظر له بفضول لسماع ما يود قوله أما هى فقرأ بعيناها تخمين لما يريدهما فكانت تظن بأنه يريدهم أن يعاونه بالقبض على هذا المجرم الخفي الذي صار محالا لأكثر من شرطي ! ..
إبتسم بمكر كأنه وصل لما يريد فقال بملامح جدية
_أنا عارف أنكم أقرب أتنين لمازن عشان كدا جبتكم النهاردة فى مكان بعيد عن المركز عشان نتكلم براحتنا
أعتدل الشرطي بأهتمام
_خير يا بيه مازن حصله حاجه ؟

أجابه وفحيح الخبث يصاحبه
_قريب هيحصله ..
تطلعوا له بذهول وعدم فهم فأكمل بغضب
_أنتوا عارفين كويس أن القضية اللي ماسكها مازن مش سهلة...المجرم دا خطير جداً والمشكلة الأكبر أن حياة مازن وعيلته فى خطر ...
أنهت صمتها قائلة بشيء من الحيلة
_المجرم فعلا خطير جداً مازن حكى لي عن موضوع الCD وأنا قولتله كذا مرة يبعد عن الموضوع دا ..
تأملها بنظرة غامضة ثم قال بجدية.

_مش هيسمع منك كنت فاكر أني لما أمسك القضية هو هيبعد عنها بس مفيش فايدة وأنا دلوقتي مش حمل صدمات تانية بعد وفاة رحمة
ثم أكمل بألم ترنح بين سطور الكلمات
_مش حابب أنه يمر باللي أنا مريت بيه عشان كدا طلبتكم النهاردة .
تطلع له الشرطي بأهتمام
_أحنا تحت أمرك يا عدي بيه
وزع نظراته بينهم بصمتٍ قاتل حتى خرحت الكلمات بتتبع
_القضية تتقفل ضد مجهول
تطلع له الشرطي النزيه بصدمة أما هى فأبتسمت قائلة بتأكيد
_أعتبره حصل .. ...
أستند بجسده على المقعد بنظرات تحمل ساكنة بشيئاً ما فربما الآن صار الطريق قصير لهدفه الثمين ! ...

بقصر الجارحي ...
صعد الدرج للأعلى فأقترب من مجلس الشباب قائلا ببعض التعب
_مساء الخير ..
أجابه جاسم ببسمة هادئة
_مساء الفل .
تطلع له أحمد بتفحص ثم قال بأستغراب
_كنت فين يا ياسين أنا طلبتك على الفون أكتر من مرة ؟
أجابه بوجهاً قاتم كأنه يحمل عبئاً ما
_كنت مع باباك ومسمعتش التلفون
أشار له بهدوء
_ولا يهمك
أغلق معتز باب غرفته فأقترب منهم بأستغراب
_أيه الأجتماع المفاجئ دا
جاسم
_أحنا بتوع المفاجئات
_أنت هنا يا ياسين ؟

قالتها مليكة بعدما أقتربت منه بنظرات غاضبة ..
نهض عن مقعده سريعاً ليعاونها على الجلوس
_لسه راجع حالا يا روحي ..
جلست ببطيء وهى تحتضن بطنها المنتفخة ببعض الألم
_طلبتك بالفون كنت عايزة أروح مع شروق للدكتور ولما مش رديت عليا أسيل راحت معاها ..
جلس جوارها قائلاٍ بأبتسامته العذباء
_أكيد مكنتش هرفض يا قلبي ..
معتز بمكر وهو يتأمل ياسين
_ما تهدى شوية يا أحمد وراعي أننا قاعدين
إبتسم أحمد بخبث بينما رمقه ياسين بنظرة نارية،تعالت ضحكات مليكة قائلة بصعوبة بالحديث.

_بلاش يا معتز ياسين غضبه وحش أقصد احمد
جاسم بسخرية
_سبيه عشان يتربى ويبطل يلقح على خلق الله ..
جذب معتز الوسادة فألقاها بوجهه بغضب
_بتقول أيه يا حيوان
تعالت الضحكات فيما بينهما بالمرح الذي تسلل للقلوب بعد فترة بائت بالحزن، صعدت شروق للأعلى بمعاونة أسيل فتطلعت لهم باستغراب
_أيه التجمع دا ؟ ..

أسرع معتز لمعشوقته فعاونها على الجلوس بينما أبتسم أحمد غامزا بطرف عيناه لزوجته كدليلاٍ قوي على جمالها، زفر جاسم بملل
_فى أيه يا جدعان أول مرة تشوفونا متجمعين ؟! ..
رمقته أسيل بنظرة سخرية
_لا وأنت الصادق بنقلق لما بتكون مع التجمع يا خفيف ..
تطلع لأحمد بغضب
_ما تشوف مراتك يا عم أحمد الله ..
جذبه أحمد بغضب
_لما تشوف لسانك أنت الأول
صعد عدي هو الأخر فكاد بالتوجه لغرفته ولكنه توقف على صوت أحمد
_عدي ..

أقترب منهم قائلا بهدوء
_خير
ياسين بطريقة ودية
_ما تيجي تقعد معانا شوية يا وحش
أجابه ببسمة صغيرة
_معلش يا ياسين راجع تعبان ومحتاج أريح ..
وكاد أن يغادر ولكنه أنتبه لصراخات شروق الخافتة ...
أسرعت إليها أسيل قائلة بحزن
_الوجع رجع تاني ؟
أشارت له بعينين تفيضان بالدمع،تطلع لها معتز بأستغراب
_مش كنتوا عند الدكتور ؟! ..

أجابته أسيل  بحزن
_ملقناش الدكتور والغريبة أن الممرضة بتقول أن أختفي من فترة حتى زوجته مقدمة بلاغ
جاسم بسخرية
_أتخطف مثلا ..
أشارت له بكتفيها بعدم العلم فتابع أحمد بتذكر
_مش دا الدكتور اللي رحمة كانت والدة عنده ؟
أشارت له أسيل بمعني نعم، أنقبض قلب عدي حينما تردد أسمها على مسماعه فأنسحب بهدوء حتى ينفرد بذاك الألم القاسي ...
تراقب ياسين حديثهم بغضب يتخفي خلف غموض عيناه،أفاق من شروده على صوت رانيا فأعادت ما كانت تقوله لعله يسمعها ..
_رائد مرجعش معاك ليه ؟ ..

صرخت فزعاً حينما أحتضنها أحداً من الخلف مردداً بعشق
_بجي على السيرة يا روحي ..
أستدارت فوجدته يقف خلفها بأبتسامته الفتاكة، زفر جاسم بغضب
_ما تحترموا نفسكم بقى يا جدعان ولا كأن فى بشر قاعدين ...
جذبه أحمد برفق فهمس له بسخرية
_أنا بقول تقوم تصالح مراتك بدل ما الغيرة هتحرق عيونك كمان شوية
تطلع له بضيق ثم زفر بجدية
_أنت شايف كدا ؟
أجابه مؤكداً
_ومش شايف غير كدا
أشار له بأقتناع ليتمتم بخفوت
_الليله كدا كبيرة
وتوجه لغرفته بتأفف فأبتسم أحمد وهو يتراقبه بمرح، توجه ياسين لغرفة المكتب قائلاٍ بضيق بدى بصوته
_عايزك يا رائد
تعجب لطريقته فلحق به ليري ماذا هناك ؟

خرجت من حمام الغرفة بعد أن أنهت تبديل ثيابها لتتفاجئ بظلام الغرقة الكحيل، أزدردت ريقها برعباً بدى على قسمات وجهها فقد تركت الأضاءة مفتوحة منذ قليل ! ...
تسلل لها بعض المقاطع من الأفلام الرعب التي تراها فألقت بالمنشفة ارضاً بصراخ
_لاااا متقتلنيش أنا عايزة أعيش أرجوك ..
شعل الضوء بذهول
_هو مين دا ؟ ..
تطلعت له داليا برعب فقالت بصعوبة بالحديث
_جاسم ! ..
رمقها بنظرة مميته
_كنتِ متوقعة مين ان شاء الله ؟ .

تحلت بذاتها فأقتربت منه بغضب
_يعني النور مقفول والجو ريحته كلها موت هيكون أيه غير الحنوتي
ضيق عيناه بسخرية
_طول عمري أقول عليكِ نكدية وهم محدش صدقني
تطلعت له بشرار من لهيب وهي تشير له بذراعيها
_واما أنت عارف أتجوزتني ليه ؟
أمسك بيدها بغضب
_ميت مرة أقولك لما تيجي تكلمني تلمي أيدك جانبك صباعك يا ماما هيدخل جوا عيني ..

دفشته بعيداً عنها بسخرية
_انت تطول يا حبيبي ..
_ الله أكبر ...الله أكبر ..
فزعت لصوته المرتفع فطلعت له بذهول ليسترسل حديثه بفرحة
_عم لطفي البواب نطق ياخونااااا ...
عاد لهيب الغضب بعيناها
_أنت بتتريق عليا تاني ؟
أقترب منها قائلاٍ بسخرية وهو يجذبها من تالباب البيجامة التى ترتديها
_بصي لنفسك يا حلوة وتعالي اتكلمي عليا النعمة الواد رائد أخوكِ أحلى فى البدل عنك ..
تطلعت له بصدمة فلم تتمكن من كبت غضبه فقالت بغيظ وهى تضغط على اسنانها بقوة
_بره ..أخرج بره أحسنلك ..

ودفشته بقوة فجذبها بغضب كمن مسك لصاً
_لا بقى أنا كل يوم هتطرد لا أسمعي أنا ساكت من الصبح أحتراماً لأنك بنت عمي لأنك أيه يا حلوة ؟ ..
اجابته برعب وصوتاً يكاد يكون مسموع
_بنت عمك
أسترسل حديثه بغمزة من عيناه
_وحبيبتي وأيه ؟
أعادت كلمته برعب
_حبيبتك ..
رفع يديها على كتفيها ببسمة مكر
_كدا تعجبيني ...
ثم تقدم من الطاولة قائلاٍ بضيق
_فكك بقى من الحوارت الرومانسية دي وتعالي ناكل التورته قبل ما تسيح ..
أنصاعت له وجلست لجواره ليكون المرح والعشق سيدهم ..

 

بغرفة عدي ...
كعادته حينما يشعر بالغضب يهاجمه يظل أسفل المياه الباردة لعلها تطفي جمرة النيران المتأججة بداخل القلب،ألقي بقميصه على المقعد المجاور لمياه المسبح ثم ألقي بذاته ببرودة المياه لعلها تتمتص ما يسري بجسده،كبت أنفاسه أسفلها لوقتٍ طال بجحيم الذكريات ...
(محبتش الحياة الا لوجودك فيها يا رحمة ) ...
(نفسي أحس بيك زي مأنت بتحس بيا يا عدي ) ..
(عشان خاطري متكنيش نقطة ضعفي ) ..
(البقاء لله ...)
(رحمة ماتت فووق بقااا من الجنان دا ) ..

طفي على سطح المياه يلتقط انفاسه بقوة، لم يحتمل تذكر تلك الكلمات القاسية فكيف له بالتعايش معها ! ..
أغلق عيناه بقوة يحاول الثبات قوياً كعادته فخرج من المياه ليتمدد أرضاً بجوار المسبح غير عابئ بتلك البرودة التى تنهش جسده،كأنه بحاول الأنتقام من ذاته للبعد عنها،كأنه يصفع هذا العقل الأهوج الذي تحمل البعد عنها ولو لدقائق بسيطة ...

على مسافة بعيدة للغاية ...مختلفة عن ذاك القصر الفاخر ولكن يوحدها ضوء القمر الخافت،كانت تجلس أرضاً وتتأمل ذاك الضوء الشارد من نافذة الغرفة المحطه، تحتضن جسدها الهزيل بيدها المرتجفه، دمعاتها تسري دون توقف، تتأمل الضوء بأمتعان لتذكر ذاتها بأنها على قيد الحياة، الأغلال تتناثر على يدها وقدمياها كأنها أسيرة حروب وليست من الأنس تنبض بالروح وتسرى بالدماء ...أهناك شيئاً لما تخسره بعد سوى ذاك النفس اللعين، كم تضرعت إلي الله لتكون جوار معشوقها لا تعلم بأنه حياً يرزق ...

بكت رحمة بضعف ثم إبتسمت بألم حينما تذكرت كلماته ..
(أنا بحس بيكِ يا رحمة بحس بكل نفس خارج منك ...بحس بكل دمعة وكل ألم وكل جرح كل شيء ممكن يلمسك بيعلم فيا أنا )
تزايد الدمع ومعه الجراح فكم ودت أن تكون مثله تشعر به مثلما يشعر بها ولكنها كانت تفشل بنهاية الأمر، أغلقت عيناها بيأس وهى تردد بكل ذرة خلقت بكيانها ودمعتها رفيقة المواساة ...
_...عدي ...

تهوى الدمع الشاهد على عذابها فكأنه أبي رؤيتها هكذا ...ظلت تناجي بأسمه كأنه بلسم لعذابها ...كأنه الدواء لجرحها ...كأنه الشفاء لمرضها ...كأنه الحياة لروحٍ زهقت ان تحيا دونه ! ...
فتح عيناه بفزع بعد أن غفل لدقائق،رفع يديه على رقبته كأنه يختنق،أنفاسه تتسارع بقوة كأنه على حافة الموت، أعاد خصلات شعره للخلف بفعل المياه ثم جلس على المقعد الخاص بالمسبح المجاور له بصدمة، بدى الآنين يتسرب من عيناه ما هذا الحلم المخيف ؟! ..رأها مكبلة بالأغلال وتبكي بقوة ...تلفظ أسمه بضعف والدموع تسرى بوجهها ! ..
أغلق عيناه بقوة فلم يعد يحتمل هذا الآنين لا يعلم أن ما راه حقيقة وليس حلماً بل نقلته له الروح العاشقة ليرى كم المعاناة التى تفيض بها، أما  رحمة فظلت تناجي ربها على أما الخلاص فحينها ستشعر بالراحة !

بغرفة المكتب ..
تطلع له بصدمة
_أيه اللي بتقوله دا يا ياسين  ؟
صاح بغضب
_اللي سمعته الدكتور اللي شروق بتتكلم عنه دا تحت تصرف ياسين الجارحي وهو بنفسه اللي طلب من الحرس يجبوه للمخزن
جلس رائد على المقعد بذهول
_طب هو هيعمل كدا ليه ؟
جلس الأخر مقابل إليه وهو يفرك جبهته بأرتباك
_معرفش ومش فاهم حاجه
أقترب منه سريعاً
_أكيد فى حاجه يا ياسين أنت أكتر واحد فاهم عمك أكيد فى شيء احنا منعرفوش
أجابه بتفكير
_أكيد ...

بغرفة نور
عاد عمر من الخارج ؛ فخلع جاكيته وعيناه تبحث عنها بأشتياق، إبتسم بعشق حينما وجدها غافلة على حافة التخت الصغير، أقترب منها فحملها برفق للفراش والبسمة تعلو وجهه الوسيم، تعجب حينما وجدها تحتضن بطنها بسعادة غامضة فسري الشك يتربص به، ظل يتأملها قليلاٍ فتذكر حينما دخل عليها الغرفة منذ ما يقرب الأسبوع كانت تخفي شيئاً ما بالخزانة حتى لا يراه، أغتنم الفرصة فتسلل لخزانتها ليرى ماذا هناك ؟ ...
وقعت عيناه على هذا الظرف الأبيض ففتحه ليجد بداية مبشرة بقطعة صغيرة ستحمل أسمه ذات يوماً وربما تحمل ملامح معشوقته ..
دارت به سعادة تكفى عالم بأكمله فأسرع للفراش يتأملها بسعادة فلم يشعر بذاته الا وهى بين أحضانه ...

رفع ذراعيه ليحتضنها فوجد الفراش فارغ،فتح عيناه بتكاسل يبحث عنها فنهض مسرعاً فأستقرت عيناه عليها بخارج الشرفة، رفع ساعة يديه ليجدها الخامسة صباحاً فأقترب منها بتعجب
_أيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي يا حبيبتي ؟
أخفت دموعها سريعاً بيديها
_ها ..لا مفيش بس مش جايلي نوم ..
فزع أحمد لرؤيتها ما تحاول أخفائه فأقترب منها بلهفة
_فى أيه ؟

وضعت عيناها أرضاً بيأس فهي تعلم بأنها لن تتمكن من الكذب فهو ينجح دائماً بكشفها، رفع وجهها بيديه بخوف
_مالك يا حبيبتي ؟ ..
هوى الدمع بألم فأستدارت بعيداً عنه ببكاء
_نفسي أكون أم يا أحمد
إبتسم بخفة
_وأحنا بقالنا ميت سنة متجوزين ؟! ...وبعدين يا حبيبتي أحنا لسه قدامنا الحياة بطولها وأكيد ربنا سبحانه وتعالى هيرضينا بس بالوقت المناسب
تطلعت له بدموع فقالت بلهجة ساخرة
_الحياة بطولها ! ...أنت مش عايز مني أطفال ؟

تطلع لها بصدمة
_أيه اللي بتقوليه دا يا أسيل أكيد حابب طبعاً بس ربنا مأردش لسه
تعالت بالبكاء الحارق
_أشمعنا كل البنات ربنا رضاهم اللي أنا ..
أقترب منها سريعاً قائلاٍ بغضب
_أستغفر الله هنعترض على قضاء الله ؟! ...ثم أنك مش حقودة يا أسيل وعمرك ما كنتِ كدا ! ..
تطلعت له بعينٍ ممزوجة بالندم لما تفوهت به
_أنا أسفة بس مش قادرة أسيطر على تفكيري ..
أحتضنها بقوة فتعالت بالبكاء بين أحضانه كأنها تشكو لها ما يكمن بقلبها وهو يرحب بها بصدراً واسع ليخفف عنها آلمها ...

بغرفة ياسين الجارحي ..
قال والتحذير يلحقه _المرادي لو فى غلط ولو بسيط أ...
قاطعه العميد _متقلقش يا ياسين بيه كله محسوب بعون الله ...
أغلق الهاتف وبداخله صراعاً عاصف يجوب به ...هل ما فعله سيقرب المسافات من عدي أم سيقذفه مئات الأبعاد ؟ ...
انتبه لها فأستدار بثبات ليجدها تنهي صلاتها، أقترب منها ببسمة ساحرة رغم تناثر الخصلات البيضاء بين شعره الأسود ولكنه ظل فتاكاً للغاية، أنحني ليكون على مستواها
_صباح الخير.

رفعت عيناها له ببسمة رضا
_صباح النور يا حبيبي .
إبتسم وهو يستمع لكلماتها الاخيرة
_دعتيلي
أشارت له بتأكيد
_عمري ما نسيتك بالدعاء يا ياسين ..
تمسك بيدها ليعاونها على الوقوف فوضعت سجادة الصلاة لجوارها وأنصاعت لجذبه له، وقف أمام الشرفة وهى لجواره تتأمل الحدائق بمظهر الشمس الصباحي بمظهر يبرز خلق الرحمن سبحانه وتعالى ...
تطلعت للخارج قائلة ببسمة إيمان
_سبحان الله شايف يا ياسين ..

وأشارت على الشمس النابعة بالحرارة على الزهور، أستدارت تتفحصه حينما لم يأتيها الرد فوجدته يهيم بها قائلاٍ بعشق يتربع بحديثه
_الكلمة دي بقولها وأنا بتأملك ..
تلون وجهها بالخجل فهى أمراة ذات ملامح عادية للغاية ولكن بعشقه لها تشعر بأنها ملكة حقاً، صدح هاتفه بالغرفة معلناً عن رسالة هامة فطبع قبلة مبسطة على جبينها ثم قال ببسمته الهادئة
_هرجع على الغدا ..
أشارت له برضا فغادر تحت نظراتها العاشقة ..

بغرفة يحيي
ساءت حالته كثيراً وهو يحاول جاهداً أخفاء حالته عن ملك ولكن لم يعد يتمكن من ذلك فعليه السفر لمكان بعيد كم قرر ولكن ربما لا يعلم ماذا هناك ؟ ..

بالأسفل ...
جلس مازن بأنتظار عدي كما طلب منه ذلك فعليهم الذهاب للعمل سوياً كما أخبره، بقى متردداً للحظات أيصعد ليراها أم يظل بعيداً ؟ ..
أنهى العراك الداخلي بأن ساقته قدماه للأعلى ففتح باب غرفتها بهدوء فوجدها تفترش التخت كالملاك الأبيض، أقترب ليكون على مسافة محدودة بين الفراش والباب يتطلع لها بنظرات طائفة بين الحزن والأشتياق ...
تبدلت ملامح وجهه حينما فتحت عيناها فحل الفزع ملامحها، نهضت عن الفراش لتخرج من الغرفة فأسرع بالحديث
_مفيش داعى أنا خارج ..

بدأت أنفاسها بالهدوء فتطلع له نظرة متفحصة ثم توجه للمغادرة ولكنه توقف دون أن يستدير لها قائلاٍ ببسمة ألم
_كنت فاكر أنها فترة وهتعدى بس طلع عكس اللي كنت فاكراه ...مش عارف أيه اللي وصلك للمرحلة دي أنتِ أكيد فاهمه شغلي كويس وعارفة أني بتعامل مع مجرمين ...كنت فاكر أنك هترجعيلي بس لما بشوفك كدا بموت ... ...
كبت باقي كلماته بألم فأخرج دبلتها من أصبعه ليضعها على الطاولة قائلاٍ بهدوء
_بحررك من العلاقة دي يا مروج ..
وقبل أن تستوعب ما تفوه به كان قد غادر من أمامها تماماً فهوت أرضاً تبكى بقوة كأنه قذفها خارج ذلك الكابوس المؤلم ولكن على حقيقة أبشع !

بغرفة عمر ..
فتحت عيناها بتكاسل فوجدت جواره باقة من الورود الحمراء، ألتقطتها بسعادة فأخذت تشم رائحتها العطرة بفرحة فرأت ما تحمله الورقة الصغيرة من مكان ودعوة فتردد بذهنها سؤالا ماذا هناك من مناسبة حتى يدعوها عمر للخارج ؟

هبط عدي للأسفل فوجده يقف بملامح غريبة بعض الشيء، رأه يقترب منه فقال بهدوء _يلا أتأخرنا
جذبه ليقف أمامه بتفحص
_مالك ؟
أجابه بألم
_مش حابب أتكلم يا عدي يلا نمشي من هنا .
لمس آلامه فلحق به بصمت وبداخله حزن لما هو به، قاد السيارة لمركز الشرطة الذي قدم الترحاب بعودة الوحش الثائر ...
نُفذ ما قاله عدي وتم تأييد القضية ضد مجهول بمعاونة هدي وذلك الشرطي الذي رفض ذلك ببدأ الأمر ولأموراً غامضة وفق بنهاية الأمر ...
بمكتب العميد ..
تطلع له بعدم فهم لما يقوم به فقال بستغراب
_أنا مش فاهمك يا عدي !

طافت بعيناه بسمة مكر
_قريب هتفهم يا فندم ...وأنا لسه عند وعدي بس للأسف فى تعديل بسيط
ضيق العميد عيناه بأستغراب
_اللي هو ؟!
رفع ساعة يديه بتفحص ثم أرتشف قهوته بتلذذ
_المجرم هيكون على مكتبك بعد 3ساعات من دلوقتي ..
تطلع له بذهول ولكن بسمته الغامضة جعلته يظن الكثير منه ..

تتابعت العنوان الذي تحويه البطاقة ؛ فولجت للمطعم المذكور ولكنها تفاجئت به فارغ لا يوجد به أنسياً ! ..
حملت طرف فستانها الوردي لتغادر ولكن تسللت رائحته العطرة لها فأبتسمت دون أن تستدير
_عمر
ظهر من خلفها ببسمته الساحرة بعدما أستند على الحائط بجسده
_عيونه
أستدارت لتجده يقف أمامها، يرتدي سروال أسود اللون وتيشرت بنفس اللون الذي ترتديه، أقتربت منه بأبتسامة واسعة
_جايبني هنا ليه ؟ ..

وضع يديه حول كتفيها ليقربها إليه
_مش عارف بفكر أخطفك ..
رفعت عيناه على المطعم الخالي بسخرية
_هنا ؟
أشار لها بتأكيد ثم كبت بسمته لتدفشه بغضب
_أنت جايبني هنا تتسلى عليا
تعالت ضحكاته ليجذبها مجدداً
_أنا أقدر برضو تعالي بس نفطر ونكمل كلامنا جوا ..

لحقت به للداخل فتصنمت محلها حينما وجدت طالة عملاقة تحوي ما أشتهي من الطعام،قالت بذهول
_أيه الاكل دا كله أنت عازم حد ؟
تطلع لها بصدمة
_لا دا عشانك
رمقته بنظرة نارية
_حد قالك أني فيلة يا أستاذ ..
وتركته وكادت بالرحيل فهمس بغضب
_الله يخرب بيتك يا ياسين على بيت اللي ياخد رايك فى حاجه ..

ولحق بها مجدداً قائلاٍ بضيق
_أنا جبت كل الانواع عشان تغذى البيبي
توقفت عن المشي بصدمة وقد تلون وجهها بحمرة الخجل فقالت بأرتباك
_عرفت منين ؟ ..
حملها بين ذراعيه بسعادة
_لا الموضوع طويل نفطر الاول وأنا أحكيلك ...وبعدين مين اللي يحكي لمين فوقي يا ماما ..
كبتت ضحكاتها وتناولت ما قدمه لها ببسمة عشق وخجل والشمس تتسلل بالمكان ورائحة المياه تحوم حولهم كالطائف ...

تلصصت حولها بترقب قبل أن تدلف لذلك المكان المخيف كالقبور، تأملها الرجل جيداً ثم صرح لها بالولوج ...
قطعت الأميال بين مئات من جيوش الرجال الحرس حتى تخطت الباب الأخير المودي للزعيم كم يلقبونه ...
وقفت أمام مقعده المخيف ببسمة فخر لما تحمله من معلومات هامه ..
خرج صوته وهو ينفث سجاره البغيض
_قولتي أنك عندك معلومات مهمه ..خير ؟ ..

رمقته بنظرة محملة بالطمع
_الحلاوة الأول
نفث سجاره ببرود
_لما نسمع اللي عندك
أجابته وهى تفرك يدها بفرحة .
_القضية الاخيرة اتقفلت ضد مجهول
نهض عن مقعده بأستغراب
_ومين اللي له دخل ؟

أجابته ببسمة غرور
_عدي الجارحي بنفسه اللي طلب كدا ..
القي بسجاره بغضب ليكون أمام عيناها بخطي سريعة ليهوى على وجهها بصفعة قوية أسقطتها
_غبية
أحتضنت وجهها المنثدر من الدماء
_أنا عملت ايه ؟
جذبها من شعرها بالقوة لتقف أمام عيناه القاتمة
_عدي الجارحي مش بيستسلم بالسهولة دي أكيد عمل كدا عشان ي...

_أمشي وراها وأجيبك زي الكلب
كلمات صاحت بالمكان كأعلان لوجود الوحش بذاته، صعقت هالة وهى تراه يقف خلف ظهر الزعيم بسلاحه المصوب له فأبتلعت ريقها برعبٍ ..
إبتسم عدي قائلاٍ بهمساً مميت
_أيدك ورا دهرك بهدوء واطلب من الكلاب دول ينزلوا أسلحتهم فوراً ..
أشار لهم فأنصاعوا له بينهم وضع هو يديه خلف ظهره بغضب شديد ...
أقترب عدي  منه ليقف أمام وجهه فأكتسحت الصدمة تعبيرات وجهه حينما شعر بأنه رأه من قبل نعم هو بذاته الذي خلص معشوقته منه منذ ما يقرب علي عامين ...
ردد بصدمة _أنت ؟! ..

معشوقته هنا ...جواره ...على بعد خطوات منه ...هل سيتمكن من الوصول إليها ؟
ماذا يخفي العميد وياسين الجارحي ؟ ..
وماذا لو اكتشفه عدي بذاته ؟! ..
ماذا ستفعل القلوب حينما تعود النظرات بالتشبع من بعضها البعض ؟ ..
هل سينتصر عدي كونه ضابط شرطي محترف أم سينتصر قلبه العاشق بالعثور على معشوقته ؟ ..
واخييرا ماذا يخفي القدر بعد ؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة