قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس والثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس والثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس والثلاثون

وضع القلادة حول عُنقها وراح يهمس جوار آذنها بنبرة عاشقة نابعة من فؤاده:
- كل سنة وإنتي حبي الأول والأخير يا فاطمة..
أذابتها جملته وأشعلت مشاعرها وهي تلتفت لتواجه عُمق عينيه الحبيبتين، تحسست القلادة بيد مرتجفة وهي تبادله الهمس بمحبة:
إنت لسه فاكر عيد ميلادي، مش كنت ناسي وقولت إن دي تفاهات..؟
إبتسم لها، تلك الإبتسامة الحانية الخاصة بها هي وحدها، :.

ماينفعش يكون في إيدي حاجة تسعدك ومعملهاش، المهم عندي تكوني سعيدة وفرحانة على طول..
إرتمت في أحضانه لتعانقه بقوة متملكة قائلة بسعادة عارمة:
لازم أكون سعيدة طول ما إنت معايا، ربنا مايحرمنيش منك يا أغلي حاجة في حياتي..
طبع قبلة هادئة فوق خصلات شعرها الناعمة، ليسمعها تهمس معتذرة:
أنا آسفة على كل حاجة عملتها زعلتك، مش هعمل حاجة تاني تزعلك خالص..

قهقه ضاحكا على برائتها المعهودة وبساطة كلماتها، دائما ما يغضب منها ولكنه يغفر سريعا هو أحبها طفلة بريئة ومازالت كما هي وتلك البراءة تجعله يعشقها أكثر..
أردف من بين ضحكاته الرجولية:
كل ده عشان خاطر الهدية؟، يا رتني كنت جبتها من زمان بقي!
ضحكت وهي ترفع رأسها إليه قائلة بتذمر:
لا والله، أنا بحبك من غير حاجة خالص، إنت رضي ربنا عليا في الدنيا دي يا كرميلة..
قرص أرنبة أنفها بغيظ وضغط عليها هاتفا بتحذير:.

طب بلاش الكلمة دي عشان متغباش عليكي..
ضحكت مقهقه بمرح وسعادة وهي تتطلع إليه بنظرة إمتنان واضحة لإهتمامه الدائم بها مهما فعلت ومهما غضب منها وثار عليها إلا إنه يعود ويحتويها، هي حبيبته وهو يهتم بها، ف الإهتمام يلد فوق الحُب حُبًا آخر..

بعد مرور يومان..
عاد حسام إلى عمله مجددًا بعد إن تعافت سارة وعادت إلى منزلها مرة أخرى، وتستقر حياتهما كالسابق وأفضل..
كان يتابع أعماله عبر حاسوبه، ف طُرق الباب فجأة ليهتف بنبرة جادة:
- إدخل...
دخل باسل بهيئته الشامخة المعتادة وهو يردف هادئا بإبتسامة وقورة:
تسمحلي أخد من وقتك دقيقتين يا أستاذ حسام؟
أومأ حسام موافقًا وهو يُشير له بيده ناحية المقعد المقابل له:
طبعا، إتفضل..

جلس باسل أمامه وقد إرتبك قليلًا لا يعلم من أين يبدأ حديثه، ف سأله حسام بهدوء:
خير يا باسل، في حاجة في الشغل؟
حرك باسل رأسه نافيًا وراح يقول بتوتر:
أبدًا والله الشغل تمام، بس أنا عاوز أتكلم في موضوع شخصي..
أردف حسام مستفسرًا بتعجب:
شخصي؟، قول يا باسل!
تنهد باسل بعمق وأجاب عليه بثبات:
بصراحة الموضوع يُخص فجر..
أدرك حسام ما ينوي قوله في الحال، لذا تابع مبتسما:
مالها فجر..؟
رد عليه مرتبكا:.

أنا معجب بفجر وبما إن حضرتك ولي أمرها فأنا يشرفني أطلبها منك..
إستند حسام بظهره على ظهر المقعد وهو يقول بحزم هادئ:
إنت فاتحت فجر في الموضوع ده..
باسل بصدق:
بصراحة آه وهي عندها قبول ودلوقتي مستنين موافقة حضرتك..
رد حسام بإبتسامة واسعة:.

إنت شخص محترم يا باسل، وطالما فجر موافقة أنا كمان موافق، لكن لازم تبقي عارف إنها هتفضل أمانة في رقبتي وأوعي تفتكر إني كده بسلمهالك وتخليت عنها، بإختصار في أي وقت هتزعلها هتلاقيني أنا في وشك، مفهوم؟
ضحك باسل وقال:
مفهوم جدا، وتأكد إني هحطها في عيوني الإتنين..
حسام بجدية:
على بركة الله يا باسل..

قضت مُني ثلاث أيام متواصلة في صمت دائم، تفكير عميق، إنعزال تام، ما الذي تغير في تلك المتمردة المتكبرة؟ هل أحيا عواد الجانب السليم منها الذي لم يتلوث بها رغم ما فعلت..!؟ أم إن كبريائها يؤلمها لإنتصاره عليها بمنتهي الذوق والعقلانية..؟
توجهت هالة إلى غرفتها وطرقت الباب برفق شديد، فآتاها صوتها الحانق يهتف:
ميييين؟
ردت هالة بخفوت:
أنا يا مني عاوزة أتكلم معاكي شوية من فضلك، ممكن؟

تأففت مني وفتحت الباب بعصبية وهي تقول بفظاظة: نعم، خير؟
تنهدت هالة بعد إن دلفت إلى الغرفة وجلست على طرف الفراش قائلة بهدوء:
طيب إقعدي الأول، مش هنتكلم وإحنا واقفين كده يا مني..
جلست أمامها على المقعد الصغير بضيق وعادت تسألها مجددًا بحدة: أفندم..؟
تابعت هالة بنفس الهدوء:
يا تري إيه هو قرارك بخصوص عواد يا مني؟ أحمد عاوز يعرف وإنتي مش راضية تردي على حد..
مني بتهكم سافر:.

أظن إن دي حاجة شخصية مالكيش دخل فيها..!
إحمر وجه هالة بحرج، لكنها تحاملت على نفسها وتابعت بجدية:.

خديها نصيحة مني، بلاش تبقي عدوانية، بلاش تكرهي الناس فيكي، عشان يوم ما تقعي في ضيقه تلاقي اللي يقف جنبك، بلاش كده ده شئ مش كويس، بلاش تكبر وغرور وأوعي تفتكري إننا عشان بنسكت ونعدي ليكي غلطات ده ضعف مننا أبدا والله ده عقل وإحترام إذا ماكنش ليكي، لامك واخوكي فإنزلي على الأرض وعيشي عيشتنا بقي وكفاية العمر عمال يجري منك في تفاهات وتكبر وغرور وإنتي مش صغيرة اللي زيك قربوا يجوزا ولادهم وانتي لسه قدامك فرصة ونعم ربنا كتير حواليكي، ركزي بدل ما تزول من قدامك وترجعي تندمي والندم ساعتها مش هيفيد بحاجة خالص!

لا تنكر مني إنها تأثرت بكلام هالة ودخل إلى أعماق قلبها مباشرة، ولكن تلك العجرفة لن تتخلي عنها بسهولة حيث قالت بتأفف:
إنتي عاوزة إيه وليه بتقوليلي الكلام ده؟
- بنصحك، قالتها هالة بحزم، ثم تابعت بنبرة هادئة:
أنا شايفة إن عواد شخص كويس، بلاش تضيعيه من إيدك وتعالي على نفسك مرة وريحي والدتك وأخوكي حرام عليكي كفاية بقي...

كشرت عن جبينها وهي تطرق رأسها للأسفل بضيق شديد، عليها أن تعيد حسابتها، عليها أن تتخلي عن التمرد جانبا..
قالت هالة بتنهيدة عميقة:
فكري كويس وعلي مهلك، وإبقي بلغي أحمد أو بابا بقرارك، ثم نهضت قائلة: عن إذنك...
خرجت وتركتها تائهة في دوامة من الأفكار...

بعد مرور إسبوعان..
كانت تجهز حقيبته الصغيرة ودموعها لم تتوقف تبكي كما لو أنها طفلة صغيرة ستبتعد عن والدها الحنون الذي دائما ما يدللها كثيرا..
كلما رأي كريم بكاؤها كلما إنفجر ضاحكا مقهقها بصوت عالِ، إستشاطت غضبا وغيظا منه لتهتف من بين ضحكاتها:
إنت بتضحك على إيييه، إنت مبسوط إنك هتسافر وتسبني..
إقترب منها قائلا بإبتسامة:.

والله أبدا يا بطتي، بس شكلك يضحك وإنتي عمالة تبكي زي العيال الصغيرة كده، وبعدين هما إسبوعين وأكون عندك يا حبيبي، متزعليش.
توسلته من بين بكاؤها:
طب خدني معاك عشان خاطري..
قال بحزم:
وبعدين يا بطتي، قولت ماينفعش تكوني معايا، معلش الظروف عاوزة كده نعمل إيه، هكلمك كل يوم إن شاء الله.
وكزته في ذراعه بغضب وهي تهتف متذمرة:
نعم، إيه كل يوم دي؟ إنت تكلمني كل ساعة وفيديو كمان..

أومأ ضاحكا بنفاذ صبر: حاضر، كل دقيقة لو تحبي!
تابعت بتحذير ؛
وإياك تكلم أي واحدة من هناك، أنا بقولك أهو، فاهم
غمز لها وقال بغزل:
هو أنا أقدر، إطمني يا بطتي..
كادت لتتكلم ثانية فقاطعها واضعا كف يده على فمها هاتفا:
هووووص، شششش خلاص كفاية رغي بقي يا بطتي، وبعدين إنتي مين قالك تلبسي اللون الموف ده وأنا مسافر!؟
تلونت وجنتاها بحمرة الخجل سريعا، فتابع ضاحكا بغمزة من عينه:
أموت أناااا...

أحكمت غلق الحقيبة وهي تحاول جاهدة في إحتجاز العبرات داخل مقلتيها، ومن ثم ساعدته على إرتداء سترته، ليستشعر هو ملمس يدها الحانية ودقات قلبها المضطربة القلقة...
جذبها إليه وهو يعانقها بقوة، بصمت، بخوف، بقلق، مشاعرهما واحدة، هي تخاف وهو أيضا ف آه لو لم تنجح تلك العملية، آه وآه من عذاب سيسكنه طوال عمره خاصة أنه يريد أن يري حبيبته وجميلته، يريد التطلع إلى عينيها كما كان يفعل.

تحرر أخيرا من صمته وهو يمسح عبراتها التي إنفجرت بتدفق على وجنتيها:
هتوحشيني..
قبلت باطن يده بهدوء وهي تقول من بين شهقاتها الخافتة:
أنا هعد الأيام، هدعيلك في كل دقيقة وكل ثانية، لولا إن رغبتك تسافر من غيري ماكنتش عمري سبتك تسافر وأنا هنا بعيدة عنك..
ضمها مجددًا إلى صدره بقوة أشد وهو يهمس بصوت مختنق من العاطفة:.

على عيني بعدي عنك، بس مش عاوز أبهدلك معايا، أنا هسافر وقلبي معاكي يا جميلة، بس إنتي إدعيلي عشان هموت وأشوفك..
همست له من صميم قلبها:
ربنا يحميك ليا ويرجعك مجبور الخاطر
أردف مبتسما:
أجمل دعوة من أجمل جميلة..
طبع قبلة أخيرة فوق جبينها وقال بإيجاز: يلا عشان متأخرش على الطيارة..
أسرعت تفتح خزانتها وهي تخرج منها خاتم للتسبيح، وراحت تضعه بين راحة يده قائلة بنبرة حانية:.

خليه معاك وماتسبهوش من إيدك، إستغفر كتير أوي عليه وبإذن الله ربنا هيجبر بخاطرك وخاطري..
أومأ برأسه مبتسما وهو يغلق يده على الخاتم، ثم خرجا معا ليصافح أبيه وأمه، ليتلقي دعوات والدته الكثيرة فتعطيه أمل أكثر، خرج من باب الشقة بمساعدة زوجته، ليخرج كريم أيضا من شقته قائلا بخفوت:
أنا جاهز..
الجميع صافحهما قبل إن يرحلا معا، متمنين لهما السلامة والحفظ من الله...

هبطا الدرج معا بصحبة حسام أيضا الذي سيوصلهما فقط إلى المطار، ليلتفت كريم وهو يلوح بيده لزوجته الغارقة في بكاء هستيري، إبتسم لها ورحل وكأن قطعة من قلبها هي التي رحلت مبتعدة..
تعانقتا الأختان لتواسان بعضهما، لتنضم إليهما سارة ليحتضن الثلاثة بعضهن بحنان بالغ...
وإكتملت الصورة حين إنضمت أنهار إليهن، وإستسلمن هن لحضنها هذه المرة دون نزاع أو غضب أو صياح فيكفيهن ما مضي من حزن وألم، يكفيهن..

في اليوم التالي...
- أنا موافقة..
قالتها مني بجدية تامة وهي تنظر إلى خالها إبراهيم الذي تنهد بإرتياح وهو يقول مبتسما:
الحمدلله، أخيرا، هتصل على عواد بقي أبلغه.
هزت رأسها موافقة بإيجاز، فإلتقط إبراهيم هاتفه وأجري إتصالا عليه وإنتظر حتى آتاه صوت عواد يقول بإحترام:
السلام عليكم..
رد إبراهيم: وعليكم السلام يا عواد، كيف أحوالك.؟
أجابه عواد بهدوء:
بخير والحمدلله في نعمة يا عم إبراهيم..

تابع إبراهيم بنبرة جادة:
يارب ديما نسمع عنك كل خير، عواد أنا بتصل عشان أبلغك قرار العروسه...
عواد بتساؤل: وإيه قرارها؟
أجابه إبراهيم متنهدا:
العروسة موافقة...
صمت عواد قليلًا ثم رد بثبات:
تمام، بس أنا لسه بفكر يا عم إبراهيم
إبراهيم بإستغراب:
يعني إيه..؟
أجابه عواد ببساطة: يعني لسه بفكر هوافق على العروسه ولا لاء أنا كمان يا عم إبراهيم، معلش دي هتبقي شريكة حياتي وأنا لازم أفكر كويس..

إستغرب إبراهيم قليلًا ولكنه قال بتفهم ؛:
تمام يا عواد وهتبلغني إمتي بقرارك؟
عواد بهدوء: أنا هكلم حضرتك بإذن الله..
أغلق إبراهيم معه الخط، لتسأله مني بقلق: هو بيقول إيه؟
إبراهيم بجدية: بيقول لسه بيفكر يوافق عليكي ولا لا.
إتسعت عينيها بصدمة وهي تهتف حانقة:
بيفكر!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة