قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع والثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع والثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع والثلاثون

- أنا مش هتجوز البتاع اللي بتقول عليه ده!
أردفت مني بعصبية تامة وهي تنظر إلى شقيقها بتحدٍ سافر، في حين قال أحمد جازا على أسنانه:
هو أنتي لسه شوفتيه عشان ترفضيه؟، هتشوفيه الأول وهتوافقي وهتلمي نفسك بدل ما تاخدي بالقلم على وشك!
تدخلت هالة محاولة تهدئته:
إهدي يا أحمد الأمور ماتتخدش كده، سيبها تفكر الأول..
أحمد برفض قاطع ؛:.

لا، خلاص لا فيه تفكير ولا أي حاجة ولا هيكون ليها رأي واللي هقوله هو اللي هيمشي ورجلها فوق رقبتها..
بادرت مني تقول ساخرة:
لا يا بابا إنت مالكش حكم عليا، ومش هسمع كلامك..
كاد ليصفعها بقوة، إلا إن هالة أمسكت بيده وهي تتوسله:
يا أحمد مش كده عشان خاطري، الجواز مش بالغصب مهما كان..
دفعها أحمد بعيدًا ولم يصغي إلى حديثها، ثم جذب الأخيرة من شعرها وهو يضغط عليه فصرخت تتألم، ليخبرها بحزم وهو يهزها بعنف:.

وكمان بجحة وقليلة الأدب بعد كل اللي عملتيه، وحياة أمك يا مُني لهتسمعي كلامي غصب عنك وإبقي وريني إزاي مش هتسمعيه!
إنفجرت دموعها بكثافة وهي تحاول الفكاك من قبضته، ولم يتركها إلا حين صرخت به أمه:
كفاية، كفاية إرحموني بقي إنتوا الإتنين، إرحموني..
تركها أحمد وهو يتوعدها بعينيه المشتعلتين، لتقول رجاء بغضب:
أخرج إنت وسبني معاها يا أحمد..
أحمد بحنق:
ناوية تدلعيها برضو؟.

رجاء بحدة: وأنا كنت دلعتها إمتي يابني؟ ما على يدك طول عمري بواعيها بس الله يسامحها خلت وشي في الأرض..
نفخ أحمد بضيق وغادر الغرفة بصحبة زوجته، وما إن خرج حتى صاحت مني بتمرد:
شوفتي يا ماما إبنك بيعمل فيا إيه، هو أنا عشان ماليش أب هيتحكم فيا كده؟ أنتوا فاكرين نفسكوا إيه؟!
وتلك كانت الصفعة المفاجئة من والدتها، صفعة ألقتها على الفراش من خلفها وهتفت رجاء بنفاذ صبر:.

فاكرين نفسنا أهلك، أنا أمك وهو أخوكي، مش ماليين عينك يا بجحة..
مني وقد وضعت يدها فوق وجنتها بحزن:
حتى إنتي يا ماما بتضربيني؟
رجاء صارخة بوجهها:.

وأكسر عضمك كمان، ده أنتي خلتيني مش قادرة أبص في وشهم وماليش عين أدافع عنك، ياما نصحتك وأوعي فيكي وانتي زي ما إنتي، غبية وأنانية، مش عشان أنا أمك هطبطب عليكي، العريس ده لو طلع كويس الله في سماه لتتجوزيه غصب عنك، ولا أنا هفرح بيكي وأنتي عمالة ترفضي في العرسان وتخربي بيوت الناس وأنا قاعدة أتفرج عليكي، لا والله أبدا، ولتشوفي مني وش تاني يا مني..

أنهت كلماتها الصارمة وهمت بالخروج من الغرفة، تاركة إياها تبكي بحسرة على حالها، يبدو أن هذه المرة تختلف عن تلك المرات السابقة فلا أحد سيتعاطف معها بعد الآن..

كريم..
نطقتها فاطمة بهمس وهي تجلس إلى جواره، فرد عليها هادئا:
نعم، يا بطتي
سألته بجدية وهي تتطلع إلى عينيه:
لما أنا جيت ليك الشركة، لما كان عندك العملاء دول اللي هي اسمها سهام وجوزها..
قال بضيق نوعا ما:
مالهم، مش قفلنا خلاص على المواضيع دي ولا إنتي غاوية زعيق يا بطتي كل شوية..؟
حركت رأسها بعلامة النفي، ثم قالت بخفوت:.

مش هفتح مواضيع ولا حاجة، بس عاوزة أسألك هي فعلا مراته كانت عندك الأول لوحدها وبعدين جوزها جه بعدها؟
أجاب عليها بتأكيد:
مظبوط، فعلا هي كانت لوحدها وجوزها جه بعديها..
تنهدت بإرتياح وهي تعاتب نفسها على تلك اللحظة التي دخل قلبها الشك تجاه صديقتها نوارة، في حين قال كريم:
بتسألي ليه بقي..؟
ردت عليه بنبرة حزينة:
عشان نوارة قالتلي فعلا كده، وأنا شكيت فيها، الله يسامحك يا كريم شككتني فيها وهي مظلومة..

مط كريم شفتيه بعدم إهتمام:
ما خلاص بقي، متأفوريش يا بطتي، قومي إعمليلي حاجة أكلها بدل ما إنتي لازقة فيا كده والجو حر..
رفعت حاجبيها بإندهاش وهو تلكزه في ذراعه بغيظ:
مافيش أكل، وهفضل لازقة، وبعدين أنا تعبانة وحامل المفروض إنت تعملي أكل وتجبهولي لحد عندي، وتعلالي هنا فين الكفتة المشوية والريش والشاورما اللي هحلي بيها ولا إنت ما صدقت آآ...
بتر حروفها وهو يضع كف يده على فمها هاتفا بغيظ:.

بس يا ماما بس، إيه كل ده، رغاية رغاية، بطلي أفلام وقومي إمشي على المطبخ..
أزاحت يده عن فمها ثم حذرته بتذمر طفولي:
بطل تقولي رغاية، وبطل تزعقلي وبطل تعملي فيها سي السيد، فاهم ولا أفهمك بطريقتي؟
كتم ضحكاته وهو يقول بنبرة حازمة:
لا مش فاهم، أحب أفهم بطريقتك؟!
حملقت به لثوان، ثم تفوهت ببلاهه:
ها، سيبك إنت، إنت منور والله، ثواني ويكون عندك الأكل يا روح الروح..

قهقه ضاحكا بشدة وهو يتابعها بعينيه وهي تهرول إلى المطبخ بطريقة مسرحية كعادتها..

في اليوم التالي...
ذُهل حسام حين حركت سارة أناملها ببطئ شديد، لم يصدق نفسه فإقترب منها وهو يهمس لها بتلهف:
سارة، سارة إنتي فوقتي!؟
عادت أناملها وإرتخت مرة أخري وإستمرت لدقائق على نفس الوضع، فظهرت علامات الإحباط على وجهه جلية، ثم نفخ بضيق وهو يتوسلها بخفوت:
كفاية يا سارة..!

أغمض عينيه وإستند على ظهر الفراش بإرهاق، وعدة ثوانِ أخري حتى حركت رأسها يمينًا ويسارًا ببطئ شديد، وأخذ صدرها يصعد ويهبط ببطئ أيضًا، ، وقد فتحت عينيها، فتحت عينيها لتغلقهما مرة ثانية، ثم رمشت بخفوت وهي تصدر أنين خافت، إنتفص حسام على صوتها وراح ينظر إليها بعدم تصديق، ثم مال عليها وقلبه يخفق بعنف، حدق بها بفرحة طغت على ملامح وجهه، ثم قال بإبتسامة عريضة:
سارة، سارة إنتي سمعاني..؟

أخذت تغلق عينيها وتفتحها حتى توضح الرؤية أمامها، إلى أن إصطدمت عينيها بوجهه الحبيب وهي يطل عليها..
لتسمع صوته يسألها مرة أخرى بسعادة:
سارة، حبيبي، إنت سمعاني، شيفاني، حاسة بيا؟
إبتسمت ببهتان وهي تومئ رأسها وترفع يدها للأعلي تحاول لمس وجهه، فبادر هو يمسك يدها ويضعها فوق وجنته هامسًا بهدوء:.

أنا جنبك، ثم أطلق تنهيدة عميقة وتابع: حمدالله على السلامة، رعبتيني عليكي، بقالي تلات أيام في عذاب ومستنيكي تصحي...
للحظة تذكرت غضبه منها، صراخه عليها، جرحه، عذابه، هل سامحها، هل حقا غفر حبه لها..؟
وكان أول ما تفوهت به:
- س سامحتني..؟
إبتسم لها وهز رأسه مؤكدا، فتنفست بإرتياح وعادت تغلق عينيها بهدوء وشفتيها تردد:
الحمدلله، الحمدلله يارب..
لكنه همس بحزم: بس ده مايمنعش إن لسه ليكي عقاب عندي..

فتحت عينيها مجددًا، قائلة بخفوت وصوت مُرهق ؛
وأنا موافقة وراضية بكل اللي تعمله فيا، بس ماتسبنيش...
مسح على رأسها مازحا:
أنا على قلبك متخافيش..!
دلفت الطبيبة داليا بعد إن طرقت الباب عدة طرقات، لتفتح عينيها على إتساعهما بصدمة وهي تنظر إلى سارة بعدم تصديق:
سارة؟! معقول..
إبتسمت سارة وإكتفت بإيماءة خفيفة من رأسها، فإقتربت داليا تهتف بسعادة:.

حمد لله على سلامتك يا صديقتي العزيزة، ده على كده زوجك سره باتع بقي وقدر يحسسك بوجوده في الوقت المحدود ده..
ضحك حسام وهو يتطلع إلى زوجته، فقالت داليا بعتاب: كده برضو يا سارة، ده اللي كنا بنقوله مع بعض تضيعه في لحظة..
صمتت سارة بحزن، فتنهدت داليا وقالت بإبتسامة: على العموم حمد لله على السلامة، أنا هروح أبلغ الدكتور إنك فوقتي، عن إذنكم..

خرجت داليا، ليقترب حسام منها أكثر ويساعدها على الإعتدال، حيث رفعها برفق وأسندها على الوسادة من خلفها، ثم نظر لها بجدية وقال بحزم هادئ:
في حد يعمل اللي إنتي عملتيه يا سارة، كنتي عاوزة تموتي كافرة؟ طب كنتي هتقابلي ربنا تقوليله إيه؟
لمعت عينيها بالعبرات وهي تجيبه بضعف:
مكنتش متخيلة حياتي من غيرك، ماقدرش أعيش، هعيش ليه ولمين؟
تنهد حسام بثقل:
لكل الناس اللي بتحبك، إخواتك، صديقتك..
-وإنت؟

- أنا كنت مجروح منك يا سارة، كنت بنزف وجع منك!
- وأنا نفسي أعوضك عن ده، نفسي أكون زوجة زي ما إنت عايز، أنا ندمانة، وزي ما إنت كنت بتنزف أنا كمان كنت بتقطع عشان عملت فيك كده...
ظل ينظر لها لفترة، ثم قال بهدوء:
الدكتورة داليا قالتلي على كل حاجة، ليه يا سارة مقولتليش إنك بتتعالجي ليه؟
أجابته بصوت منخفض بالكاد سمعه:.

عشان أنا ضعيفة وكنت خايفة منك، فكنت بتظاهر بالقوة بس، بس صدقني أنا عمري ما خنتك ولا حبيت حد غيرك، عمري ما...
قاطعها وأردف بجدية:
أنا عارف كل ده..
ردت عليه بعتاب: بس إنت إتهمتني في شرفي لما كنت عندك في الشركة..
تمتم بخفوت:
مكنتش في وعيي، كنت ضايع..
- أنا آسفة..
قالتها وإنسابت دمعة حارقة فوق وجنتها، فمد أنامله ليمحيها قائلًا:
وأنا مسامح، وهنبدأ من جديد، على نضافة صراحة، صراحة يا سارة!؟

أومأت برأسها موافقة، ثم إلتقطت كف يده بين راحتي يديها وراحت تقبله قبلة حانية وهي تهمس بصدق: هعيش ليك إنت بس، حتى شغلي هسيبه، مش عاوزاه.
إعترض بجدية:
وأنا مش عاوزك تتخلي عن حاجة بتحبيها والشغل مش عائق، تصرفاتك هي اللي كانت عائق..
حركت رأسها نافية:
وأنا مش عاوزاه، هسيبه بإرادتي، أنا عاوزاك إنت بس، ممكن؟
أومأ مبتسما وعانقها بإشتياق وهو يهمس بمزاح:
وحشتيني على فكرة جدا خالص يعني!

وباليوم التالي حضر الجميع فرحين بعودة سارة للحياة وخاصة شقيقاتها...
إلتف الصغار حولها في جو مرح لتقول الصغيرة جودي بمرح طفولي:
خالتو سارة، مش خالتو فاطمة ضربت عمتو مني وشدتها من شعرها..
ضحكت سارة بخفوت قائلة بمزاح: وإيه الجديد ما هي نازلة فيها تلطيش من زمان..
تدخلت جميلة قائلة من بين ضحكاتها:
لا بس المرة دي علقة محترمة، وبصراحة بقي البت مني غلطانة اوي، وفاطمة ما تتوصاش..

سارة بتساؤل: عملتلك إيه يا بطوط..؟
فاطمة بهدوء: بعدين أحكيلك عشان دمك هيتحرق، وانتي تعبانة مش ناقصين تفرفري مننا دلوقتي..
ضحكت الجميع بقهقه، لتردف هالة من بين ضحكاتها:
إنتي ما حصلتيش يا فاطمة مجنونة مجنونة يعني..
فاطمة بتذمر:
أساسا إنتوا متقدروش تعيشوا من غيري، تنكري؟
قالت جميلة ضاحكة: بصراحة منقدرش يا بطوتي، ده إنتي فاكهة العيلة، إحم سامحني يارب..
إنفجر الجميع ضاحكين مجددًا، لتهتف فاطمة بغيظ:.

ماشي يا رخمين..!

خارج الغرفة..
إتجه حسام إلى كريم وجلس إلى جواره رابتا على كتفه قائلًا بجدية:
إيه يا أبو الكرم، إنت زعلان مني ياعم ولا إيه؟
أردف كريم بعد إن رمقه بنظرات تحمل العتاب:
ليه، إنت عملت حاجة تزعل؟
ضحك حسام، ثم قال مبتسما:
حقك عليا، عارف إني إنفعلت عليك كتير وإنت كتر خيرك إستحملتني، بس ده عشمي فيك، طول عمرك راجل وأجدع راجل كمان..
كريم وقد رفع أحد حاجباه بغرور مصطنع:
طبعا تقدر تقول غير كده؟

حرك حسام رأسه نافيا بمزاح: أبدا والله يا كبير، ده إنت سيد المعلمين، قصدي الرجال..
ضحك كريم وهو يوكزه برفق:
المهم إنك رجعت حسام، بدل ما كنت هتقلب على عبده الشمام كده..
قهقه حسام ضاحكا وهو يقول بمرح:
مش لدرجة يا صاحبي...

وبعد مرور ثلاثة أيام كانت مني تستعد لمقابلة ذلك الشاب المجهول رغمًا عنها، ومما زاد الأمر سوءا حين علمت أنه يُسمي ب عواد...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة