قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثلاثون

- بجد؟
قالها بإندهاش وعلامات الفرحة ظاهرة بوضوح على ملامح وجهه، في حين تابعت فاطمة بإرهاق:
حاسة بكده يا كيمو بس عاوزة أتأكد..
كريم بتساؤل:
طب وإزاي هتتأكدي؟
أجابته مبتسمه ؛: لازم أعمل إختبار حمل، إخطف رجلك لحد الصيدلية وهاتلي واحد..
فتح فمه مذهولا من طلبها: نعم!
فاطمة ضاحكة: وفيها إيه يعني الله..
حرك رأسه نافيا:
مستحيل طبعا، انا مالي أنا ومال اختبار الحمل ده يا بطتي..

قالت بجدية: طيب أنا هروح أجيب عشان أتأكد..
رفض مجددًا: لا إنتي تعبانة يا بطتي، وقت تاني بقي
ردت بتصميم: لا دلوقتي، عاوزة أتأكد عشان خاطري، طب ننزل مع بعض؟
هز رأسه موافقًا:
أوك يا أم العيال..
ضحكت بشدة وهي تتجه إلى الغرفة لتبدل ثيابها، في حين حدث كريم نفسه بمرح:
بطتي هتجبلي نونو!

قام حسام بالوضوء، ثم بالصلاة والسجود والخشوع، لحظة ندم ولحظة هداية..
جرس إنذار في الوقت المناسب، لينهض من جديد ويعود إلى شخصه، إلى حسام..
سجد طويلا جدا وهو يستغفر مرارا ويتضرع إلى الله، فما أجمل السجود مع دموع الندم على ذنب إقترفته في لحظة ضعف منك، لتذهب إلى الله طالبا العفو من بحر جوده الذي يروي الجميع ولو وصلت ذنوبهم عنان السماء..
أخذ حسام يردد إستغفاره بعد أن أنهي صلاته...

كان يتنهد بعمقٍ وهو يرفع رأسه للأعلي ناظرًا إلى السماء الصافية من نافذة مكتبه، ليتفاجئ بيد حانية تربت على ظهره، تلك اللمسة التي يعرفها جيدًا..

جلسوا في جو أسري مرح جدا بعد إن قامت فاطمة بعمل إختبار الحمل، لتتيقن من شكها وتأكد لهم الخبر، فرح الصغار لذاك الخبر
لتهتف الصغيرة بمرح طفولي:
ماما أنا عاوزة نونو بنت عشان تنام معايا في الأوضة ونبقي إصحاب..
ليقول الصغير بمشاكسه:
لا يا ماما، هاتيلي ولد عشان نلعب بيلاستيش مع بعض..
ضحك كريم ليتشارك معهما بمزاح:
وأنا يا بطتي عاوز توأم ويكون ولد وبنت، عشان العيال متزعلش..
ضحكت فاطمة هاتفة بغيظ:.

ده على أساس إني هروح أنقيهم من السوبر ماركت؟ اه ما انتوا هيخس عليكم ايه ما أنا اللي هتعب ويطلع عيني..
كريم بجدية: خلاص يا بطتي، انتي هتذلينا ولا إيه، المهم تخلي بالك من نفسك ومش عاوز جنان خالص، مفهوم؟
حركت كتفيها بدلال: لا مش مفهوم، وبعدين أنا بتوحم ونفسي في كفتة مشوية..
رفع حاجبيه مندهشا: كفته مشوية؟ مش عاوزة شوية ريش بالمرة؟

هزت رأسها بالموافقة، وقالت ضاحكة ؛ ياريت وياريت تبقي تجبلي سندوتشين شاورما أحلي بيهم...

تألقت عيناه بوميض حزين وهو ينظر لها من علو وتلك المرة ظل محافظا على هدوئه معها، يبدو أن العنف لم يأتي بنتيجة...
لقد طردها مرتان وألقاها خارج مكتبه بقسوة، وها هي تأتي المرة الثالثة تطلب العفو منه مجددًا، حيث أنها أقسمت أنها لن تيأس ولن تستسلم وأيضا ستعوضه..
تقبل الله يا حسام..
نطقت بها في هدوء تام وهي تطالعه بنظرات مشتاقه، فلم يرد عليها وولاها ظهره كما كان ليعود ينظر من النافذة بصمت..

إقتربت منه أكثر وهي تقف خلفه لا يفصلهما سوي خطوة واحدة وهمست بصوت ناعم:
هترضي عني إمتي وتسامحني؟
إبتسم ساخرًا وآتاها صوته الجادي:
إنسي، حكايتنا خلصت، وفري على نفسك أي محاولة لأني نفيتك من حياتي وعمرك ما هتدخليها تاني..
تنهدت بضيق:
بس أنا عندي أمل إنك لسه بتحبني، وعايشة على الأمل ده، أرجوك إنت كده هتضيعني وبتحكم عليا بالموت..
قال بعدم إهتمام وقسوة:
عادي، مش فارقة تموتي أو تعيشي ميهمنيش..
سارة بإنكسار:.

لدرجة دي كرهتني يا حسام..؟
رد عليها ببرود تام:
لا، إنتي ولا حاجة لا بكرهك ولا بحبك ولا تلزميني في شئ، صدقيني إنتي خرجتي من حساباتي وكأنك مكنتيش فيها من الأساس..
أوجعتها كلماته ومزقت نياط قلبها الحزين، لتنفجر دموعها سريعًا من عينيها المعذبتين، لم يلتفت حسام إليها فهو يعلم مدي تأثير كلماته عليها ومدي قساوتها، ولكن لم يشفق فلتذوق جزءا صغيرا من معني القسوة...

ظلت تنظر إليه بوجوم ودموعها تهبط بلا توقف، لتقول بصوت خافت:
أنا مش هعمل كده تاني، وكمان هسيب شغلي، مش عاوزة حاجة غيرك من الدنيا، صدقني أنا إتعذبت كتير وكنت بتصرف بغباء وأنانيه بس الغباء والأنانيه ليهم اسباب قوية، أنا مكنتش أتمني أجرحك في أي يوم من الأيام..
قاطعها برفض قاطع:
إنسي يا سارة، إنسي حاجة إسمها إحنا، إنسي إني حبيتك في يوم من الأيام، متحااااوليش.

فقدت الأمل مجددًا بعد إن زرعته بها صديقتها داليا التي أوصتها بعدم اليأس والخضوع وأن تصر عليه مهما وجعتها كلماته، ولكنه لا يبشر حقا لا يبشر بالغفران..
قالت قبل أن تذهب وتتركه:.

يبقي حياتي كلها ضاعت وهستني أموت وأرتاح، خلاص معدش فيه حاجة أعيش عشانها، كله راح حتى إنت، بس خليك عارف إني عمري ما حبيت حد قدك ولا عمري خنتك وطول عمرك مالي عيني وغلطة زمان انا ندمت وتوبت عنها وبرضو الغلطة دي انا توبت وندمت عليها، تمنيت العفو من ربنا وربنا بيغفر واتمنيت منك العفو انت مش بتغفر، سلام يا حسام..
أنهت كلامها وإتجهت صوب الباب مباشرة وخرجت بضياع، فيما قال حسام بصوت متألم:.

يارتني أقدر أغفر يا سارة، ويارتني أقدر أنساكي!

وتتوالي الأيام على أبطالنا..
واصل حسام عمله مجددًا في محاولة منه لنسيانها ولكن هيهات فهو لم يعشق غيرها فكيف يخرجها في غمضة عين؟!
في حين كانت سارة تزداد تدهورا وحزنا كما الوردة التي مات صاحبها فلم يسقيها أحدٍ بعده..
وتظل الجميلة بجانب زوجها دوما تمنحه الثقة والأمان كما يمنحها الحب والدفئ..

قررت جميلة ذات يوم في مفاجأة لزوجها لذكري ميلاده، أبلغت والده بذلك وتلقت منه الترحيب، كما أبلغ والده زوجته السيدة عفاف وتوسلها بأن تشارك في هذه الفرحة حتى ولو بكلمة صغيرة طيبة...
تأخرت كثيرا وهو ينتظرها بالمنزل، لقد تركته نائم..
بدي الإنزعاج ظاهرا بوضوح عليه منذ أخبرته والدتها أنها خرجت في مشوار صغير..
ليتفاجئ بها بعد قليل تدخل بصحبة والديه، إستمع إلى صوتها الحنون وهي تركض إليه معتذرة:.

إسلام حبيبي أنا آسفة إني خرجت بدون إذنك، بس النهاردة حبيت أعملك مفاجأة..
سألها بضيق: مفاجأة؟
أمسكت كف يده وهي تهمس بحب:
كل سنة وإنت طيب وكل سنة وأنت معايا ومنور حياتي..
وأخيرا تذكر، لا ينكر أنه شعر بسعادة لإهتمامها به ولكنه لم يتخلي عن ملامح وجهه الصارمة، وقال بجدية تامة:
بس دي مفاجأة وحشة أوي وأنا مش فرحان إنك فاكرة عيد ميلادي!

زوت ما بين حاجباها بإستغراب من معاملته الجافة، بينما قال والده بعتاب: ليه كده يا إسلام، على فكرة هي كلمتني مخصوص عشان تفرحك..
صاح بغضب: مش عاوز أفرح، ولا عشان أنا عاجز هتفضل تشفق عليا ديما؟
شهقت جميلة بخفوت: أشفق عليك؟ إسلام أنا بحبك من قلبي!
ضحك بتهكم: مبقاش فيه حب، أنا مبقتش عارف إنتي بتعملي إيه من ورايا، الله أعلم كل شئ جايز!
إتسعت عينيها بصدمة مما يقول، ماذا حدث له؟
إستكمل متعمدا زيادة الأمر سوءا:.

ممكن أوي تزهقي مني وتدوري على حد تاني، ليه لا؟ هو إنتي يعني ملاك ما إنتي بشر ومن حقك تعيشي مع راجل مش عاجز وانا مبقتش أحس منك إنك بتحبيني زي الأول مهما عملتي، أنا مش مصدقك..
حركت رأسها بعدم تصديق، وإنسابت العبرات حزنا على ظنه السئ بها، ماذا يقول ذاك؟ أين حبيبها الحنون؟.

الجميع صدم من حديثه المتوقع حتى والدته التي لا تحبها، فكلماته قاسية وهي قد إستشعرت حبها له في تلك اللمعة المضيئة بعينيها الجميلتين وهي تنتقي له هدية لتفاجئه وليتها ما فعلت..
أردف بقسوة لم تعهدها في نبرة صوته من قبل:
إحنا لازم ننفصل يا جميلة، وكل واحد يروح لحاله..
هتفت بعدم تصديق: إنت إيه اللي بتقوله ده إسلاااام إنت في وعيك..؟
في حين تدخلت عفاف للمرة الأولي بكلمة حق:.

مالك يابني مش دي مراتك اللي كنت بتزعل مني عشانها ليه بتعمل فيها كده، دي جات تتحايل عليا عشان نفرحك..
وتلك كانت مهمته، لقد نجحت الخطة خاصته، وحان الاوان ليرق قلب أمه...
إسلام ساخرًا: وده من إمتي يا ماما؟ لو سمحتي إخرجي من الموضوع، وأنا هريحك طالما مبتحبهاش، يبقي كل واحد يروح لحاله..
عفاف بحنق:
هو إنت هطلقها عشان مبحبهاش؟

أومأ إسلام برأسه متابعا بجدية: أكيد عشان متلاقيش حد تتخانقي معاه وكمان أنا مكونش حمل عليها..
إيه الجنون ده؟
قالها والده بعصبية، لتتابع عفاف هي الأخري بغضب:
يا سيدي أنا مش هتدخل ولا هكلمها بعد كده..
إسلام بهدوء: مش كفاية..
لم تصدق جميلة ما يقوله زوجها، لم تستوعب، لتقول بضعف من بين دموعها:
إسلام إنت بتعمل كده ليه، إنت مش طبيعي..
وكأنها إستشعرت خطته الجهنمية تلك، بينما تابعت عفاف: يعني إيه مش كفاية..

إسلام وقد نهض واقفا بهدوء: يعني يا تبقوا حبايب يا بلاش، قولتي إيه يا أم إسلام؟
نظرت له بعدم تصديق، في حين إبتسم والده بإعجاب من موقفه وتيقنت جميلة من خطته، لتقول عفاف بنفاذ صبر:
هو إنت بتعمل كل ده عشان كده؟
إسلام بجدية: جاوبي عليا وبس، هتبقوا حبايب ولا لا؟ أنا مش هرتاح إلا لما ده يحصل، من فضلك يا ماما..

نظرت إليها بحيرة، ثم تقدمت منها خطوة وتليها أخري حتى وقفت أمامها، ثم قالت متنهده: لو ده اللي هيريحك فأنا هعتبرها بنتي وأعتذرلها عن أي حاجة حصلت مني غصب عني، لان النهاردة بس إتأكدت قد ايه هي بتحبك وبتخاف عليك قد ايه عاوزة تفرحك وتبسطك، النهاردة بس عرفت انت ليه بتحبها..

أنهت كلماتها وعانقتها بود ومحبة، ليقف الجميع في حالة صدمة ممتزجة بالذهول، لا يصدقون ما يحدث كيف يتغير الحال في دقيقة واحدة؟ من عداوة إلى محبة! وتلك هي تدابير الله...
إبتعدت عفاف عنها قليلًا وهي تقول بهدوء:
سامحيني ماكنتش أعرفك كويس ولا كنت اعرف بعاملك ليه كده كتر خيرك إستحملتيني وعمرك ما رديتي عليا أبدًا
شعرت جميلة بالسعادة تغمر قلبها، وإتسعت إبتسامتها بمحبة لتقول بصوتها الدافئ:.

وأنا مش زعلانة منك، وفرحانة أوي إنك رضيتي عني
تنهد إسلام بإرتياح وهو يحمد ربه سرًا، في حين هتف والده بمزاح:
قلبتوها دراما ليه يا بشر، يلا جميلة خلي جوزك يقطع التورتة اللي هتحمض دي..
ضحك الجميع بسعادة، وحينما إقتربت منه جذبها إليها هامسًا بحب جارف:
أنا آسف على كل الكلام اللي قولته من شوية ده، ده أنا كذاب خالص أوي..
ضحكت وهي تتوعده: بس والله حسابك معايا بعدين يا إسلام إنت رعبتني بجد..

همس مجددًا: حقك عليا بقي المهم انها جابت نتيجة، المهم دلوقتي فين هديتي؟

علقت سترته بعد إن آتي من عمله كعادة كل يوم، ولكن اليوم تفاجئت بشئ لم تتوقعه أبدا..
لحظة ما هذا، ما الذي سقط من جيب سترته للتو!.
إنحنت بجسدها تلتقط ذلك المنديل الورقي المطبوع عليه شفتين بأحمر الشفاه!
توسعت عينيها بوميض غاضب وهي تحدق بالمنديل..
لم تنتظر كثيرا وصرخت بغضب عارم:
كريييييييييم..!
كان يجلس على طرف الفراش فنظر لها بصدمة وهو يسألها بضيق من صراخها المفاجئ:
في ايه يا فاطمة؟

أجابته وهي ترفع المنديل أمام وجهه: إيييه ده!؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة