قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثامن والعشرون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثامن والعشرون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثامن والعشرون

وصلت إلى الشركة، وقفت متسمرة أمام البوابة بقلب وجل يخفق بشدة، ما الذي فعلته؟، لقد جنت وضربت بكلامه عرض الحائط..
حدثت نفسها بخفوت: أروح؟ ولا أطلع أشوف في ايه، ياربي ايه اللي عملته ده..؟ أستغفر الله العظيم، أنا هطلع وخلاص..
بالفعل صعدت وقد أصابتها إرتجافة خفيفة، أقبلت على مكتب السكرتيرة نسرين وولجت إلى الداخل حتى وقفت أمامها بشموخ قائلة:
عاوزة أقابل أستاذ كريم لو سمحتي..

نظرت لها نسرين وإبتسمت بمجاملة، ثم قالت بوقار: أهلا بحضرتك يا مدام فاطمة، آسفة حضرتك هتنتظري لحين إنتهاء المقابلة، ربع ساعه بس..
زفرت بضيق، ثم سألتها بفضول وحذر:
هو مين اللي في المقابلة دي؟ هي مهمة أوي كده؟
قالت نسرين هادئة:
جوه الأستاذة سهام وزوجها في شغل مهم لان استاذ كريم هيدخل صفقة جديدة معاهم، بس
فاطمة وقد إبتلعت ريقها بخوف ؛
هو، هو جوزها معاها؟، طيب وجوزها ده مين ومعاها ليه..
أجابتها نسرين:.

رجل أعمال وهي كمان بتشتغل معاه، هو في حاجة يا مدام فاطمة..؟
تمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها الآن، حمقاء هي تهورت في لحظة غيرة وإستسلمت لشيطانها لتتصرف بغباء..
حركت رأسها نافية وهي تتراجع للخلف وتتفاجئ بعمها إبراهيم يهتف بعدم تصديق:
إيه ده، فاطمة، إنتي هنا من إمتي..؟
إبتسمت له ببهتان، وقالت بشفتين مرتعشتين:
أنا، أنا جيت عشان..

لم تجد كلمات تنقذها، فصمتت وإنسابت عبراتها خوفا، إستغرب إبراهيم من حالتها تلك وما كان منه إلا أن جذبها إليه قائلًا بجدية: فيكي إيه يابنتي، طب تعالي نتكلم في مكتبي..
أخذها معه إلى المكتب، وما إن دخلا حتى قال إبراهيم بتحذير:
حاسبي عشان الإزاز المكسور اللي واقع في الأرض ده، أصل المرايا بتاعتي وقعت إتكسرت، فكرتيني أما أطلب عامل النظافة يجي ينضف الأرض..

أومأت فاطمة وهي تمسح دموعها، فإبتسم إبراهيم وتابع بحنان:
إحكيلي بقي في إيه وإيه اللي جابك ومالك زعلانة ليه، كريم زعلك؟
حركت رأسها بعلامة النفي، ثم قالت من بين بكاؤها:
لا خالص مازعلنيش، أنا هحكيلك كل حاجة يا عمي..

سردت على عمها كل شئ حدث في الفترة الماضية وتلك الرسائل المتتالية التي تأتيها يوميا، غيرتها وخوفها أيضًا أخبرته، ولم تتلقي منه سوي العتاب..
- غلطانة طبعا يا فاطمة، حاجة زي دي متستخباش، طالما إنتي واثقة في جوزك زي ما بتقولي يبقي كان لازم تعرفيه أو تعرفيني على الأقل، إنما تخبي غلط..
ردت بتلقائية وبساطة:
أنا مش عاوزة أعكنن عليه كفاية عليه الشغل، مكنتش عاوزة أشغل دماغه..

إبراهيم بعتاب: بس إنتي بتشكي فيه لانك لو مبتشكيش ماكنتيش نزلتي وجيتي هنا عشان تشوفي اللي الرسالة صح ولا لا..
طأطأت رأسها للأسفل بخجل وأجابت:
أنا واثقة فيه طبعا يا عمي، بس أنا إنسانة وعندي مشاعر وبحب جوزي وبغير عليه..
تنهد إبراهيم وهو يقول: يبقي تفهميه يا بنتي وتحلوها بالهدوء كده مع بعض..
أسرعت تقول بخوف: هو لو شافني دلوقتي مش هيعديهالي على خير، أنا خايفة..

كاد أن يضحك على برائتها، قبل أن يقول بحزم هادئ: ماتخافيش، أنا معاكي، خليكي هنا هروح أنده على عامل النظافة بس ينضفلي الأرض دي...
أومأت رأسها بإرتياح من إطمئنانه لها، تعلم أن كريم يحترم والده ولن يتطاول عليها في وجوده كما أنه يطيعه طاعة عمياء..
ظلت جالسة لعدة ثوانِ وقد هدأت قليلًا، ولكن سرعان ما إنتفضت في جلستها وهي تراه يقتحم الغرفة وهو يقول بلهجة سريعة:
بابا فين الملف آآ...

بتر عبارته وهو يحدق فيها بذهول تام، بينما هي هبت واقفة برعب وقد تراجعت للخلف بخطوات بطيئة..
إقترب ينظر لها بعدم تصديق وهو يقول بغضب:
إنتي إيه اللي جابك هنا وإزاي وليه؟
ردت عليه بصوت متقطع: ع عشان، عشان، إستني بس هفهمك..
إندفع نحوها بحركة سريعة، ففرت هاربة منه ولفت حول مكتب والده بخوف..
كز كريم على أسنانه هاتفا بصوت أرعبها:
إنتي بتستهبلي!؟ تعالي هنا إحنا هنلعب! بتعملي إيه هنا يومك أسود معايا النهاردة..

أشارت له بكف يدها قائلة برجاء: طيب بس ممكن تهدي أرجوك...
لم يسمعها وإندفع نحوها مرة أخرى بغيظ، لتركض منه مرة أخرى كطفلة صغيرة تركض خوفا من عقاب والدها..
تعثرت قدماها وسقطت على الأرض لتصطدم جبهتها بالزجاج المكسور المتناثر على الأرض..
أسرع إليها وقد خفق قلبه بخوف شديد، جثي على ركبتيه وهو يرفعها عن الأرض معنفا إياها:
يا نهارك إسود يا فاطمة..

أخذت تبكي بألم وقد تعالت شهقاتها حيث نبعت قطرات الدماء من جبينها أثر دخول الزجاج، وقف كريم منتصبا وجذبها لتقف هي الأخري وبحذر شديد نزع قطع الزجاج الصغيرة عن جبهتها ثم أخرج منديلا ورقيا من جيب بنطاله وأخذ يجفف الدماء برفق وهو يريد صفعها من شدة غيظه منها إلا أنه أشفق عليها ففيها ما يكفيها..
إستمر بكاؤها طويلا وهو لم يتحدث فقط مهتم بتنظيف جرحها ونظراته الجامدة تخبرها بمدي غضبه منها..

سمعها تهمس من بين بكاؤها الخافت: أنا آسفة..
إبتعد عنها وراح يلقي المنديل في سلة المهملات، وعاد إليها جازا على أسنانه:
تعرفي إن عاوز أقتلك دلوقتي؟
مسحت دموعها بظهر يدها وهي تكرر بصوت مختنق: أنا اسفه
هتف بها بحدة: ايه اللي جابك؟
كادت أن تتحدث ولكن قاطع حديثها الباب وهو يُفتح ويدخل إبراهيم الذي فغر فاه بذهول مرددا بصدمة:
ايه ده يا فاطمة، في ايه؟!
أجابه كريم بإقتضاب:
وقعت على الإزاز..

إبراهيم بجدية: أوعي تكون إنت زقتها..
كريم بضيق: لا يا بابا..
دخل عامل النظافة ليقوم بتنظيف الأرض فصمتوا لحين ينتهي، بينما نظرت فاطمة إلى العامل وقد تذكرته حيث أنه يسمي ب عم رضا تذكرت حين كان والدها يعنفه ذات مرة قبل رحيله..
قالت بإبتسامة حانية متناسية حزنها:
إزيك يا عم رضا، إنت فاكرني؟
رفع عم رضا نظره إليها وإبتسم بخفة:
إزيك يابنتي، أكيد فاكرك، ربنا يباركلك..
ردت عليه بإمتنان:.

شكرًا يا عم رضا ربنا يخليك ويديك الصحة يارب..
إبتسم العم إبراهيم من حديثها العفوي، في حين ضرب كريم كفا على كف ضاغطا على شفته السفلي بغيظ شديد من أفعالها، فكانت تبكي حزينة منذ قليل والآن تبتسم وتتحدث بعفوية...
خرج عم رضا من حجرة المكتب، فجذب كريم زوجته من ذراعها قائلا بجمود:
إتكلمي، إيه اللي جابك..
تدخل والده قائلا:
براحة يا كريم وبتفهم أحسن بلاش عنف معاها..
كريم بصوت حاد:.

براحة إيه يا بابا، الهانم بتكسر كلامي وبتنزل من غير إذني، لا وكمان جاية الشركة، إنتي مش طبيعية يا فاطمة في حاجة في مخك...
ردت عليه بحزن: ربنا يسامحك، مش هرد عليك..
رفع حاجبيه بإندهاش:
والله؟، هو إنتي كمان عاوزة تردي عليا..!
أردف إبراهيم بنفاذ صبر:
خدها معاك المكتب وإفهم منها بقي، أنا عندي شغل، يلا
سحبها كريم معه فنظرت فاطمة إلى عمها بإستغاثة، ليطمئنها بنظراته ويقول بجدية: كريم براحة مفهوم؟

أومأ كريم بإقتضاب وخرج بها من المكتب متوجها إلى مكتبه، وما إن دخلا حتى ألقاها على الأريكة وجلس جوارها، فهتفت بضيق من معاملته:
عمو قالك براحة، براحة لو سمحت..!
أمسكها من فكها وإقترب بوجه من وجهها هامسا بحزم:
ششش إخرسي وقولي إيه آآ...
قاطعته وهي تمازحه بمرح:
أخرس ولا أقول..؟
ضغط على فكها حتى أطلقت تأوهات متألمة، ليقول بغيظ:
مش عاوز إستظراف وإحكي على طول..
أومأت وقالت متذمرة:
حاضر..

كانت تجلس في غرفة نومهما وبيدها ألبوم الصور الخاص بهما في ليلة زفافهما، ومع كل صورة كانت تسقط دمعة تليها الأخري لتتدفق الدموع بغزارة من عينيها الذابلتين، ف آه وألف آه على حبيبٍ ضاع منها في لحظة، حبيب عمرها الذي تحمل سخافتها وتمردها كثير وكثير، يا ليتها قدمت له شيئًا يستحق بدلا من الخذلان الذي قضي عليه بقسوة..
أغلقت الألبوم ولم تجد بصيص أمل يخبرها بأنه سيعود إليها، أو يغفر..

إلتقطت هاتفها وأجرت إتصال على صديقتها داليا التي ما إن ردت حتى قالت سارة بضعف:
- داليا، أنا إنتهيت!
وعلي الجانب الآخر كان حسام في ملكوت آخر، يتناول سجائره التي أصبحت لا تفارقه مؤخرًا ومما زاد الأمر سوءا هي زجاجات الخمر المتناثرة بجواره!

-حبيبي سرحان في إيه..؟
شهقت هالة حين حاوطها أحمد بذراعيه وقد همس لها بتلك الكلمات، لتبتسم وتقول بصوت خافت:
خضتني يا أحمد..
طبع قبلة هادئة فوق جبينها وقال بحنان:
مالك زعلانة ليه؟
أجابته بتلقائية: يعني كل المشاكل اللي بتحصل دي يا أحمد ومش عاوزني أزعل، أنا مش عارفه إيه اللي حصل للكل وحياتهم بقت معقدة أوي..
أحمد بتفهم:.

مافيش حال بيدوم يا حبيبتي، دوام الحال من المحال يعني ربنا هيفرجها واكيد الحال هيتغير باذن الله..
هالة بتنهيدة:
ونعم بالله، بس أنا صعبان عليا سارة أوي، ماحدش فاهمها يا أحمد هي غلطانة بس هي معقدة نفسيا..
أحمد موافقًا: عارف، أنا كلمت حسام على فكرة بس هو كان في حالة وحشة جدا فسبته لحد ما يهدي وانا متأكد أنه هيرجع عشان بيحبها، أكيد هيديها فرصة تانية.
هالة بإبتسامة أمل:
تفتكر يا أحمد؟

بادلها الإبتسامة قائلا بمراوغة: طبعا يا قلب أحمد، ما تعرفيش إن الحب بيعمل معجزات، زيي كده لما إتجوزتك دي برضو كانت معجزة..
ضحكت بمرح وهي توكزه في ذراعه، ليتابع هو الاخر ضاحكا: بس ده مايمنعش إني بعشقك يا لولتي..

إنتهت فاطمة من الكلام أخيرًا وهي تلتقط أنفاسها وتتراجع بظهرها للخلف..
عنفها بما فيه الكفاية أثناء سردها عليه كل شئ، وبكت كثيرا، لكنه لم يشفق عليها وأكمل تعنيفه:
مش قولتلك قبل كده غبية وهتفضلي غبية..؟
تأففت بضيق وهي ترد:
يوووه كفاية بقي، أنا تعبت منك..
إستغفر الله مرارا وتكرارا، ثم قال وهو يستند بظهره على ظهر الأريكة:.

ده أنا اللي تعبت منك وجبت أخري، بقي دي أخرتها يا فاطمة؟ بتشكي فيا بعد العمر ده كله؟
رفضت بشدة:
لا طبعا عمري ما شكيت فيك، أقسملك بالله يا كريم..
لوي فمه بتهكم ؛:
وإنتي جاية ليه دلوقتي، مش عشان شكيتي ليكون معايا واحدة في المكتب؟
حركت رأسها رافضة بحنق: لا مش شك، هو تهور مش انت بتقول عليا متهورة، ده تهور، إنما أنا عمري ما أشك فيك والله العظيم، سامحني غصب عني..
أردف بجدية تامة:.

لا بجد أنا زعلان منك جدا، تشكي فيا وتخبي عليا وتخرجي بدون إذني كمان، زودتيها يا فاطمة، زودتيها أوي
إلتقطت كف يده بين راحتي يديها وهمست بصوت حزين:
طيب عاقبني بس بلاش خصام، لو عاوز تضرب إضرب..

نظر لها نظرة ذات معني وقال بجدية: وبعد ما أضرب..؟ إيه اللي هيحصل يعني؟ تفتكري إني لما أضربك وأشوفك بتتألمي ده هيريحني أو يرضيني؟، تبقي مجنونة بجد لو بتفكري كده لان كل خلافاتي معاكي خوف عليكي عشان ماشفكيش بتتألمي، عشان مخك وتصرفاتك المتهورة متضيعكيش، مش خلاف لمجرد إني عاوز أفرد سيطرتي عليكي..
إقتربت منه أكثر، ثم ألقت نفسها داخل أحضانه وهي تكرر إعتذارها..

- حقك عليا طيب عشان خاطري، أنا عملت كده عشان بحبك وإنت عارف كده..
- للأسف عارف، وأنا كمان بتنيل وبموت فيكي
ضحكت بشدة وهي تتشبث به أكثر، ليطبع قبلة هادئة فوق جبينها المجروح قائلا بمزاح:
شوفتي شلفطي نفسك إزاي؟، ولا العيلة الصغيرة!
قالت بغضب طفولي ؛:
إنت اللي خوفتني، ومشوفتش قدامي وأنا بجري، بس إنت كنت خايف عليا خالص صح؟
- أبدا، قالها بمشاكسه، فرفعت رأسها تنظر له بهدوء:.

كريم، أنا متأكدة إن مني هي اللي بتبعت الرسايل دي على فكرة...
ضيق عينيه وهو ينظر لها بتمعن:
وليه ماتبقاش نوارة...؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة