قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والعشرون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والعشرون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والعشرون

كانا يجلسان في شرفة المنزل وهما يحتسيان الشاي، بينما كان إسلام شاردًا بذهنه بعيدًا، فالعملية الخاصة بعينيه بعد شهر من الآن، فهل يا تري سيري النور مرة أخري أم سيظل آسير الظلام طوال عمره؟
هكذا راح إسلام يفكر وقد طغت علامات القلق على قسمات وجهه الحزينة، في حين كانت جميلة تتابعه بعينيها وهي تعلم جيدًا ما الذي يدور برأسه، تعلم أنه قلق، خائف مما هو آت..
أردفت بصوت حنون وهي تضغط على يده برفقٍ:.

حبيبي مالك؟
أخذ نفسا قويا قبل أن ينتبه لها ويجيب:
مافيش حاجة يا جميلة شردت شوية بس..
جميلة بتفهم:
في العملية صح؟
أومأ هادئا، فتابعت جميلة بهمس: ممكن متفكرش كتير وتسيبها على ربنا يا سولي؟ أنا مستبشرة خير ولازم نستعين بربنا ونتوكل عليه واللي مكتوبلنا هنشوفه مهما كان صح!؟
قال موافقًا: طبعا، ونعم بالله يا حبيبتي، أنا راضي بأي حاجة، الحمدلله.

جميلة بمرح: أيوة كده، ده أنا إتعلمت الصبر منك يا إسلام إوعي تيأس وخليك زي ما إنت جميل كده
ضحك بخفوت وهو يصوب عينيه نحوها:
مش أنا اللي جميل، الجميلة هي إنتي، إسم على مسمي، جميلة جمال ملوش مثال..
ضحكت بخجل وقد توردت وجنتاها، في حين قال إسلام مشاكسا:
يا سلام، أموت وأشوفك دلوقتي
وضعت يدها على فمه قائلة بحزم: بعد الشر عنك متقولش كده بقي..
رد ضاحكا وهو يلتقط يدها ويقبلها برفق: حاضر سكت أها..

-إنت بتقول إيه يا كريم؟ مش ممكن طبعا..
قالتها فاطمة بعدم إقتناع وبدفاع عن صديقتها، بينما قال كريم بثبات:
وليه مش ممكن، ما هو اللي بيبعت الرسايل عارف كل تحركاتي ومن ساعة ما إشتغلت عندي والرسايل جاتلك تاني يوم، يبقي ده معناه إيه..؟
حركت فاطمة رأسها بصدمة:
مش ممكن، طب نوارة ايه مصلحتها في كده؟
رفع أحد حاجبيه بغرور وهو يعدل من ياقة قميصه:
يا بطتي ده إنتي بتفهميها وهي طايرة!

توسعت عينيها بغيظ وهي تلكمه في صدره تليها لكمة أخري في ذراعه هاتفة بحنق:
إتلم يا كريم بجد هقتلك..
قهقه بشدة وهو يقول من بين ضحكاتهُ:
وأنا مالي أنا الله!
تأففت فاطمة وهي ترمقه بنظرات ناريه قاتلة:
تفتكر نوارة كمان معجبة بيك؟ لا لا مستحيل أنا كده هموت بجد..
برقت عينيه بتحذير:
بعد الشر، وبعدين إنتي مخنوقة ليه ما يولعوا كلهم المهم أنا قلبي مع مين وبيدق لمين..

أنهي جملته بغمزة من عينهُ، لتتورد وجنتيها بحمرة الخجل وهي تبتسم بعفوية، فضحك لتحولها السريع ونقائها ذاك..
طبع قبلة حانية على وجنتها وهمس ضاغطا على كل حرف: أنا لفاطمة، لفاطمة وبس، بعشق بطتي، بطتي وبس، مفهوم؟
هزت رأسها موافقة بسعادة وهي تقول برقة: مفهوم يا قلب فاطمة وروح وعقل فاطمة..
ثم صمتت وقد إندلعت نيران الغيرة مجددًا بداخلها:.

بس إزاي يا كيمو نوارة ممكن تعمل كده، نوارة دي صاحبتي وانا بحبها جدا، كيمو أظن إنك غلطان وظلمتها..
مط شفتيه متابعا بهدوء: يمكن بس كله هيبان سبيلي الموضوع ده ومش عاوزه يشغل بالك، والنهاردة هشتريلك خط جديد غير الخط اللي معاكي ده والقديم ترميه مش عاوزينه تمام؟
قالت بشرود ؛: ها..
قطب حاجباه قائلًا بجدية: سرحانة في ايه؟
فاطمة بحيرة:
مش عارفه، ياتري هي نوارة فعلا؟ انا هتجنن..

رد بعدم إهتمام: متشغليش دماغك بقي، كله هيبان..
نهضت فاطمة واقفة وقالت بإيجاز: طيب أنا هروح أتكلم معاها شوية
كريم رافضا:
إقعدي مش عاوز جنان
توسلته بخفوت: والله متخافش يا كريم، أنا هقعد معاها عادي مش هجبلها سيرة حاجة خالص أوعدك..
رمقها بشك: لا يا فاطمة مش بطمنلك وهتخربي الدنيا
قالت نافية بإصرار:
والله ما هعمل حاجة يا كريم..
كريم بنفاذ صبر:
طيب بس بسرعة..

خرجت من المكتب وذهبت إلى مكان نوارة، لم تصدق نوارة أنها هنا بالشركة وأمامها فنهضت من مكانها وصافحتها قائلة بإبتسامة:
إيه ده فاطومة؟ إنتي هنا
إبتسمت فاطمة وهي تنظر لها بتمعن:
اها، ازيك يا نوارة وعاملة ايه في الشغل؟
أجابتها:
الحمدلله كله تمام..
سألتها فاطمة بجدية: نوارة لما سألتك كريم معاه حد قولتيلي معاه عميلة بس مش قولتي ان هي وجوزها معاه؟
نوارة بثبات:.

اللي أعرفه انها كانت لوحدها، مش عارفه جوزها ده جه إمتي!
فاطمة وقد ضيقت عينيها بشك:
طب وانتي عرفتي منين أصلا إنه معاه العميلة دي يا نوارة..
بدأت علامات الإختناق تظهر جلية على وجه نوارة لتقول ؛:
من نسرين يا فاطمة، بتسألي ليه هو فيه حاجة؟
إبتسمت فاطمة قائلة:
لا أبدًا مافيش بس أنتي عرفاني بغير على كريم وكده..
- اه، ربنا يهدي سركم..
فاطمة بجدية: آمين يا نوارة..

ذهبت نسرين إلى مكتب كريم بعد أن أبلغها أنه يريدها في شئ ما، وقفت أمام المكتب قائلة بإبتسامة:
أفندم يا أستاذ كريم..
إعتدل كريم في جلسته وراح يستند بمرفقيه على سطح المكتب قائلًا بجدية تامة:
قوليلي يا نسرين، الموظفين منين يعرفوا كل تحركاتي، عندي إجتماع خارج داخل عندي ناس، كل ده مين اللي بيعرفهم؟
نسرين بإرتباك ملحوظ:
م، معرفش أكيد كله بيكون عارف كده لوحده..
إحتدت نبرته وهو يقول:.

من إمتي الكلام ده..؟ ماحدش بيركز أوي كده، ومافيش غيرك يعرف تحركاتي يا نسرين، وصلني كلام ان في حد من الموظفات يعرف كل حاجة عني، وطبعا مافيش غيرك أكيد إنتي اللي بتقولي صح؟
أطرقت رأسها للأسفل وهي تفرك كلتي يديها في بعضهما بتوتر بالغ، بينما تابع كريم بصوت أجش: ها!؟
رفعت رأسها وهي تجيب بإيماءة من رأسها..

- والله يا فندم أنا مش بنقل أخبار بس لما بنتجمع أنا والبنات في وقت البريك ممكن أقول إن حضرتك مش موجود في الشركة، أو عندك إجتماع كده بس..
كريم بتساؤل:
يعني مافيش حد معين بيسألك؟
إزدردت ريقها بصعوبة وهي تمسح جبينها بتوتر:
لا..
لم يقتنع كريم بردها فحركتها أوحت له أن هناك شئ تعلمه وتخفيه، هناك شئ عليه أن يكشفه..
تراجع كريم بكرسيه للخلف وهو يشير لها محذرًا:.

تمام، بس لو عرفت غير كده يا نسرين تأكدي إنك مش هيكون ليكي مكان تاني في الشركة، إتفضلي على شغلك دلوقتي..
أومأت رأسها سريعًا وخرجت من المكتب بخطوات سريعة، وما إن خرجت حتى دخلت فاطمة تسأله بتذمر طفولي:
هي ست نسرين دي مش وراها غيرك طول النهار؟ داخلة خارجة كده، إيه البت المسهوكة دي!
إبتسم لها وقال:
بطلي رغي يابطتي، ويلا عشان نروح..
هزت رأسها موافقة، فنهض قائلًا: انتي سبتي العيال فين يا بطتي يا مجنونة.؟

أجابته ببساطة: عند هالة..
أمسك طرف ذقنها وقال مازحا بتوعد:
لسه ليكي عقاب عندي، عشان أنا لسه متغاظ منك..
تمسكت بذراعه وهي تجبره على السير:
إنت أصلا المفروض تصالحني عشان أنا زعلانة وتعبانة ودايخة وخايفة و...
كتم فمها بيده ضاحكا: كل ده في وقت واحد
أومأت بتذمر، ثم قالت:
والله دايخة يا كيمو ومش متلمة على نفسي كده..
قهقه بشدة وهو يجذبها نحوه ماسحا على رأسها:.

مش متلمة على نفسك؟ إنتي مشكلة يا بطتي، تعالي أما أشوف بابا قبل ما نروح..
ذهبا معا إلى مكتب والده، ما إن دلفا حتى قال كريم متسائلا: عاوز مني حاجة يا بابا؟، أنا خلصت كل حاجة
إبراهيم نافيا: لا أنا مستني واحد صاحبي من زمان مشفتوش روح انت يا أبو الكرم..
أردفت فاطمة في مزاح:
أووووه مين صاحبك ده يا عمو؟ إحنا فينا من الحركات دي؟
ضحك إبراهيم هاتفا:
يابت بطلي لماضة، هو بعد مراتي حبيبتي الله يرحمها أقدر أبص لحد..

فاطمة بإعجاب ؛:
ما شاء الله على الاخلاص يا عمو، شايف يا كيمو!؟ إتعلم بقي..
خبطها كريم برفق في رأسها:
تصدقي إنك نصابة بجد يا بطتي..؟
فاطمة ضاحكة بمرح:
بهزر يا رمضان والله.

توالت الأيام خلف بعضها إلى أن مر إسبوعا كاملا، قد ذهبت سارة إلى حسام ذات مرة وصُدمت من حالته التي أصبحت سيئة للغاية، حيث أنه لا يعمل كما كان ويحتسي الخمر والسجائر في محاولة منه للهروب من الواقع المرير الذي أصبح فوق طاقته، حاولت مساعدته ولكنه رفض رفضا قاطعا، وطردها كما فعل مسبقا فلم تجد سارة حلا ولا معين سوي كريم، عله ينقذ صديقه من هذا الوحل..

بالفعل أخبرته وما إن علم كريم وقرر أن يذهب إليه دون تردد..
كان جالسا في مكتبه ليلا كعادته، فيما تفاجئ كريم فلم يتوقع أن حسام ذو الأخلاق والمبادئ هو ذاك الشخص الجالس وسط تلك النجاسة..!
إقترب كريم هاتفا بصوت جهوري لا يحمل ذرة رفق:
إيه ده، إيه الأرف والنجاسة دي يا حسام؟ مالك ايه اللي بتعمله في نفسك ده؟.
رفع الأخير رأسه إليه، وإبتسم بهذيان:
أهلا يا كريم، خطوة عزيزة..
إقترب منه أكثر:.

إنت بتعمل في نفسك كده ليه يا حسام، كل ده عشان مشكلة حصلتلك في حياتك، للدرجة دي إنت ضعيف ومش قادر تتحمل، هو ده الحل يعني، ده ضعف وهروب وذنوب..
ضحك بلا وعيٍ:
وايه كمان..
ضغط كريم على على أسنانه، وراح يجذبه من تلابيبه بقوة ليجبره على الوقوف، ثم هزه بعنف بين يديه هاتفا: فوق بقي فووووق، إنت بتدمر نفسك وبتموت بالبطيئ..
دفعه حسام بيديه صارخا:
ملكش فيه يا كريم، دي حياتي أنا، انااااا حررررر إمشي من هنا..

إعترض بقوة:
لما تبقي تتصرف صح هبقي أمشي، إنما أنا مش هسمحلك تعمل كده وهتبطل الزفت ده يعني هتبطله فااااهم!
حرك حسام رأسه بعنف: مش بمزاجك، قولتلك أنا حر، إبعد عشان هزعلك بجد مني بلاش يا صاحبي بلاش
نزع كريم زجاجة الخمر من بين يده، ثم راح يدفعها بالأرض قائلا بتحدي: لا بمزاجي ومش بمزاجك إنت، إنت مع اول موقف بتهرب، فين القوة فين الرجولة فين الايمان بالله، بدل ما تدور على حل بتوحل نفسك أكتر غبي غبي!

إستفزته كلماته وأصابت قلبه، ربما أيقظه من غفلته واجهه بحقيقته الضعيفة..
كاد حسام أن يصفعه حيث رفع يده للأعلي ليمسكها كريم قبل أن تهبط على وجهه وضغط على أسنانه بقوة، ثم صاح به:
كل حاجة عندك بالدراع، كل حاجة بتعملها بغباء وده اللي هيرجعك لورا أكتر، شغل مخك وفكر، بدل ما تعمل ذنوب وربنا يغضب عليك، استعين بيه يا اخي عشان ينور بصيرتك، إعقققل إعقل..

أخذ صدره يهبط ويرتفع بقوة وهو ينظر له بضعف، تأثر بكلماته، فهو محق نحن إذا إستعنا بالله كان لنا خير معين..
دفعه بعد ذلك بيده ليسقط على الكرسي مطأطأٍ رأسه للأسفل، في حين قال كريم وهو يعود منتصبا في وقفته:.

أنا همشي وعارف إن هاجي المرة الجاية ألاقيك رميت الأرف ده ولجأت لربنا، عارف إنك هتعدي الأزمة دي وهتقوم منها، ، مش هقولك حاجة غير إن ربنا مطلع عليك وشايفك وانت بتعصيه، فكر بقي مع نفسك سلام يا صاحبي!..
رحل وتركه يفكر ويفكر في كلماته ولعلها تكون جرس إنذار له، لينهض من جديد..

وصل بعد مدة من الزمن إلى البيت، دخل بإرهاق تام وملامح الضيق تعتلي وجهه، جلس على أقرب كرسي قابله، أقبلت عليه زوجته وهي تبتسم كعادتها، سألته بحنان: ايه مالك؟ عملت ايه مع حسام؟
كريم بضيق:
حالته زفت، يارب يكون كلامي جاب نتيحة معاه والله كنت على وشك اخبط دماغه في الحيطة، تخيلي انه كان عايز يرفع ايده عليا؟
شهقت وهي تخبط على صدرها:
ايه، ينهار اسود وبعدين يا كريم.

كريم بإيجاز: هو مش في وعيه كان محتاج حد يفوقه، ربنا يهديه..
أومأت فاطمة بإرهاق، ثم نهضت وهي تتحامل على نفسها قائلة بصوت خافت: أعملك حاجة تاكلها؟
أردف بنفي: لا، ثم سألها بقلق: مالك يا فاطمة؟ وشك أصفر ليه؟
أجابته بصوت واهن:
مش عارفه أنا تعبانة من الصبح يا كريم ومش طايقة نفسي..
نهض متجها إليها بقلق:
طب تعالي إرتاحي يا بطتي، ولا نروح نكشف أحسن..
حركت رأسها نافية، ثم قالت وهي تضع يدها فوق معدتها:.

اللي بيحصلي ده حصلي قبل كده وأنا حامل في إبراهيم وبسملة، ثم صمتت قليلا لتستكمل بخفوت ؛
أنا حاسة إني حامل يا كريم..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة